بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد حديثه عن اذكار التوجه للمسجد ودخوله والخروج منه وبين يدي ذلك اقدم بذكر شيء من اداب التوجه للمسجد يستحب للمسلم اذا خرج من بيته للمسجد ان يخرج متطهرا فعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تطهر في بيته ثم مشى الى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطوتاه احداهما تحط خطيئة والاخرى ترفع درجة. رواه مسلم والا يشبك بين اصابعه فعن كعب بن عجرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا توضأ احدكم فاحسن وضوءه ثم خرج عامدا الى المسجد فلا يسبكن بين اصابعه فانه في صلاة. رواه والترمذي والا يسعى سعيا بل يمشي مشيا فعن ابي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال اذا نودي بالصلاة تأتوها وانتم تمشون وعليكم السكينة. فما ادركتم فصلوا وما فاتكم فاتموا رواه مسلم ثم اذا وصل الى باب المسجد استحب له ان يقدم قدمه اليمنى لان النبي صلى الله عليه وسلم يحب التيمن فعن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله في طهوره وترجله وتنعله. متفق عليه ثم يأتي بالاذكار المأثورة لدخول المسجد وسيأتي ايرادها واذا دخل المسجد يبادر الى اداء تحية المسجد فعن ابي قتادة ابن ربعي الانصاري رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا دخل احدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين رواه البخاري ثم اذا جلس في المسجد عليه ان يجلس متأدبا باداب المسجد وان يشغل وقته فيه بما يقربه من الله عز وجل وينال به رحمته لانه قال وهو يدخل مع باب المسجد وافتح لي ابواب رحمتك وابواب الرحمة تحتاج الى عمل وتقرب وحسن تعبد وحسن صلة بالله وقيام بطاعته بان يعنى بالاعمال التي تدنيه من رحمة الله كتلاوة القرآن وكثرة الذكر والصلاة وحضور حلق العلم ومجالس الذكر وان يحتسب خطواته التي خطاها الى المسجد وجلوسه فيه منتظرا الصلاة فعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الا ادلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا بلى يا رسول الله قال اسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى للمساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط رواه مسلم ويستحب له اذا خرج من بيته متوجها الى المسجد ان يدعو بما ورد في حديث عبد الله ابن عباس رضي الله الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم خرج الى الصلاة وهو يقول اللهم اجعل في قلبي نورا وفي لساني نورا واجعل في سمعي نورا واجعل في بصري نورا واجعل من خلفي نورا ومن امامي نورا واجعل من فوق بينورا ومن تحتي نورا اللهم اعطني نورا. رواه مسلم والدعاء بهذا الدعاء العظيم عند الخروج الى المسجد في غاية المناسبة. لان النبي عليه الصلاة والسلام اخبر عن الصلاة انها نور. قال صلى الله عليه وسلم والصلاة نور. رواه مسلم وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم انه ذكر الصلاة يوما فقال من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وابي ابن خلف رواه احمد فلما كانت الصلاة نورا استحب لمن خرج الى هذا النور ان يسأل الله النور في طريقه اليها وان يكون ايضا سؤاله النور سؤالا تفصيليا بحيث يشمل النور كل اجزائه وجميع اعضاءه ويحيط به من كل جانب قال ابن القيم رحمه الله فسأل ربه تبارك وتعالى ان يجعل النور في ذراته الظاهرة والباطنة وان يجعله محيطا به من جميع جهاته. وان يجعل ذاته وجملته نورا وعن ابي حميد او عن ابي اسيد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا دخل احدكم المسجد فليقل اللهم افتح لي ابواب رحمتك واذا خرج فليقل اللهم اني اسألك من فضلك رواه مسلم قوله اذا دخل احدكم المسجد هذا يفيد ان هذه الكلمات تقال حال الدخول عند باب المسجد وقوله عند الدخول اللهم افتح لي ابواب رحمتك لعل الحكمة في ذلك ان الداخل المسجد داخل للعبادة والطاعة والصلاة والذكر وهذه الامور امور تفعل طلبا لرحمة الله. فناسب عند الدخول ان يسأل الله ان يفتح له ابواب الرحمة وهذا يتضمن ان يهيئ له من العبادة والطاعة وحسن الخشوع التذلل في بيت الله ما ينال به رحمة الله ويدخل في سؤال الله جل وعلا ان يفتح ابواب رحمته ان يفتح له ابواب البر التي بها تنال الرحمة بان يشرح صدره للصلاة بخشوع وطمأنينة وان يشرح صدره للجلوس في حلق العلم والاستفادة فيها من الفقه في دين الله وان يشرح صدره للجلوس لقراءة القرآن وتدبر معانيه والجلوس لذكر الله عز وجل دون سآمة او ملل. فكل هذه المعاني تدخل تحت هذه الدعوة فهي ابواب وليست بابا واحدا ونيل هذه الابواب يحتاج ايضا الى اشياء مساندة تقدمت الاشارة اليها الا يأتي وهو يسعى بل يأتي مشيا وهو ملازم ولا يشبك بين اصابعه الى غير ذلك من الاداب التي تهيئ له مجالا رحبا لينال من هذه الابواب العظيمة للرحمة ثم عليه بعد ذلك ان يبذل السبب الذي ينال به رحمة الله بمجاهدة نفسه على فعل الطاعات والقرب التي ينال بها هذه الرحمة واما عند الخروج فالمشروع ان يقول اللهم اني اسألك من فضلك لان المسلم اذا خرج من المسجد سيخرج لحاجاته ومصالحه من امور دنياه فناسب ان يسأل الله تبارك وتعالى ان يفتح له ابواب الفظل وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا دخل المسجد قال بسم الله اللهم صلي على محمد واذا خرج قال بسم الله اللهم صلي على محمد رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة وعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اذا دخل احدكم المسجد فليسلم على النبي وليقل اللهم افتح لي ابواب رحمتك واذا خرج فليسلم على النبي وليقل اللهم اعصمني من الشيطان رواه النسائي وابن ماجة والحاكم وجاء في بعض رواياته اللهم باعدني وجاء في بعض رواياته اللهم باعدني من الشيطان والتسمية استعانة بالله. والباء في قول بسم الله باء الاستعانة فاذا قلت بسم الله عند دخول المسجد فالمعنى ادخل مستعينا بالله طالبا مده وتوفيقه تبارك وتعالى والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الدخول. هذا حق من حقوقه المتأكدة. لان الله قد جعله واسطة وسببا في معرفة هذه الطاعات العظيمة التي تنال بها رحمة الله وعن عبد الله ابن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان اذا دخل المسجد قال اعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم قال فاذا قال ذلك قال الشيطان حفظ مني سائر اليوم. رواه ابو داوود وهذا الحديث يدل على مشروعية التعوذ بالله من الشيطان الرجيم عند دخول المسجد والحكمة في ذلك ان الشيطان احرص ما يكون على اغواء العبد في صلاته واشغاله فيها. حتى تنتهي وما عقل شيئا منها وتأمل هذا الفضل العميم الذي يناله من يأتي بهذا التعوذ وهو ان يحفظ من الشيطان سائر اليوم اي يومه كله وقد افاد هذا الحديث مشروعية التعوذ بالله من الشيطان عند الدخول وقد تقدم مشروعية التعود من الشيطان عند الخروج من المسجد والحكمة من التعوذ بالله من الشيطان عند دخول المسجد ان يسلم العبد من وساوسه في الصلاة والذكر ومجالس العلم واما عند الخروج فالحاجة ماسة الى هذا التعود لان العبد اذا خرج من بيت الله مصليا راكعا ساجدا تاليا ذاكرا محصلا ابواب الرحمة فان الشيطان يريد ان يمحو اثر هذا الخير وان يوقعه في المساء فهو كما انه حريص على العبد في دخوله للمسجد ليفوت نصيبه من الرحمة فهو كذلك حريص عليه عند خروجه من المسجد ليأخذ به الى ابواب الشر ثم ان مجموع ما دلت عليه هذه الروايات ان يقول المسلم عند دخوله المسجد بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله. اللهم افتح لي ابواب رحمتك اعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم وان يقول عند الخروج بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم اني اسألك من فضلك اللهم اعصمني من الشيطان فهذه اكمل الصيغ من مجموع الادلة التي وردت في هذا الباب. واسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان ينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما انه تبارك وتعالى سميع الدعاء وهو اهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل والى لقاء اخر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته