بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فان الاذان وهو الاعلام بدخول وقت الصلاة نداء عظيم مشتمل على التوحيد والتكبير والتعظيم لله والمناداة للصلاة والمناداة لثوابها وما يترتب عليها من الخير فهو نداء مبارك كلمات ايمان وتوحيد واخلاص لله وقد ورد في فضله احاديث عن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يسمع مدى صوت المؤذن ادني جن ولا انس ولا شيء الا شهد له يوم القيامة. رواه البخاري قوله الا شهد له يوم القيامة اي شهد له بذلك كل من يسمع صوت المؤذن بان ينطقه الله تبارك وتعالى يوم القيامة بالشهادة له فتشهد له الجبال وتشهد له الاشجار ويشهد له الجن والانس وكل من يسمع صوته يشهدون له يوم القيامة بهذا النداء الطيب والصوت المدوي الذي ينادي للصلاة تهليلا وتكبيرا تعظيما لله تبارك وتعالى وقوله مدى صوتي اي قدر ما يبلغه صوت المؤذن ومن فضائل الاذان ما رواه البخاري ومسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو يعلم الناس ما في النداء والصف الاول ثم لم يجدوا الا ان يستهموا عليه لاستهموا ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا اليه. ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لاتوهما ولو حبوا والاستهام الاقتراع والتهجير التبكير الى صلاة الظهر وقيل الى كل صلاة والعتمة صلاة العشاء ومن فضائل الاذان ما رواه البخاري ومسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا نودي للصلاة ادبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع تأبين فاذا قضي التأدين اقبل حتى اذا ثوب بالصلاة ادبر حتى اذا قضي التثويب اقبل. حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول له اذكر كذا واذكر كذا لما لم يكن يذكر من قبل حتى يظل الرجل ما يدري كم صلى وقد دل الحديث على ان الاذان يطرد الشيطان وانه اذا سمع ولى هاربا حتى لا يسمع التأذين فهو حينما يسمعه يهرب نفورا عن سماعه فاذا قضي يرجع موسوسا ليفسد على المرء صلاته وقوله حتى يخطر بين المرء ونفسه اي حتى يمر بين المرء ونفسه فيحول بينه وبين ما يريده منها من الاقبال على صلاته والخشوع فيها وظبط ما قظى منها او ما بقي عليه فيقول له اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن ذكره في صلاته فيشغله بذلك عنها حتى يبقى متحيرا لا يدري كم صلى والنصوص في فضل الاذان كثيرة وعن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول المؤذن. رواه البخاري ومسلم هذا يشرع في حق كل من سمع النداء ايا كان عمله وقت النداء فكل شيء يتوقف وينشغل المرء بسماع النداء وبالاجابة اذا كان يلقي علما او يقرأ قرآنا او يسبح ويذكر الله فكل هذه الاعمال تتوقف فافضل عمل تقوم به وقت النداء سماع الاذان وان تقول مثلما يقول المؤذن وهو افضل من تلاوة القرآن وافضل من قول سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر. التي هي احب الكلام الى الله وافضل من الكلام في مسائل العلم وبيان الدين. فكيف بما هو دون ذلك وهذا مبني على قاعدة ذكرها العلماء. وهي وهي ان الافضل في كل وقت الاوفق للسنة في ذلك الوقت فاذا نادى المنادي للصلاة فافضل شيء تفعله ان تستمع وتقول مثل ما يقول وهذا فيه فائدة عظيمة وثواب عظيم. وسيأتي في الحديث ان من فعل ذلك دخل الجنة. وفيه ايضا ثمار مباركة على المسلم وهذا يجده العبد من نفسه عندما يحسن الاستماع للمؤذن ويردد معه وفرق بين من كان كذلك وبين من يشتغل باموره غير مبال بالمؤذن وغير مردد معه ومن ينظر الى حال نفسه اذا احسن الاستماع والترديد مع المؤذن وحاله اذا لم يفعل ذلك يجد الفرق شاسع تاسعا لان هذا السماع والترديد يكسب القلب سكونا وطمأنينة وحبا للمسجد وتحركا وشوقا له وتبكيرا في الذهاب اليه الى غير ذلك من الخيرات الكثيرة التي تنشأ عن هذا الاستماع والترديد ولهذا فان غالب من يأتون الى المساجد والامام راكع او في نهاية الصلاة لم يرعوا للاذان اهتماما ومن يأتون المساجد مبكرين فلسماع الاذان ترديد مع المؤذن اثر في ذلك فما ينبغي للمسلم ان يفرط في هذه الخيرات العظيمة التي يحصلها عندما يستمع للمؤذن ويردد معه ومما ينبه عليه في هذا المقام ان المشروع للمسلم عندما يسمع النداء ان يقول مثل ما يقول المؤذن تماما بدون زيادة ولا نقصان الا عند الحيعلة يقول لا حول ولا قوة الا بالله لكن بعض الناس يكلف نفسه بعض الزيادات فيقول مثلا عند قول المؤذن الله اكبر عز وجل او حقا او نحو ذلك من الالفاظ فيفرط في المشروع ويشتغل بما لم يشرع ويحسن بالمسلم عندما يردد مع المؤذن كلمات الاذان ان يستحضر معانيها والا تكون معاملته مع هذه الالفاظ معاملة لفظية مجردة بل عليه ان يستحضر المعاني فلا اله الا الله توحيد والله اكبر تعظيم لله وحي على الصلاة نداء للصلاة وحي على الفلاح نداء لنيل ثوابها ليجمع في هذا الذكر بين ذكر القلب وذكر اللسان وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قال المؤذن الله اكبر الله اكبر فقال احدكم الله اكبر الله اكبر ثم قال اشهد ان لا اله الا الله قال اشهد ان لا اله الا الله ثم قال اشهد ان محمدا رسول الله قال اشهد ان محمدا رسول الله ثم قال حي على الصلاة قال لا حول ولا قوة الا بالله ثم قال حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة الا بالله ثم قال الله اكبر الله اكبر قال الله اكبر الله اكبر ثم قال لا اله الا الله قال لا اله الا الله من قلبه دخل الجنة. رواه مسلم هذا الحديث فيه تفصيل للاجمال الذي تقدم في حديث ابي سعيد رضي الله عنه وقوله الله اكبر هذا فيه تكبير الله عز وجل واعتقاد انه لا اكبر منه سبحانه وتعالى ومعنى الله اكبر اي من كل شيء. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعدي رضي الله عنه ما يفرك يا عدي ايفرك ان يقال الله اكبر؟ وهل شيء اكبر من الله والبدء بالتكبير في الفاظ الاذان وكذلك البدء بالتكبير في الصلاة يذهب عن القلب الاشياء التي كبرت في القلب. وملأته واشتد انهماكه بها فاذا اطمئن المرء عند سماع الاذان وردد مع المؤذن مستشعرا المعاني والدلالات خرجت هذه الاشياء من قلبه وحل محلها الطمأنينة والتعظيم لله والانشغال بذكره سبحانه كما حبوا من عباده وقوله اشهد ان لا اله الا الله اي اقر واعترف بان الله عز وجل هو المعبود بحق ولا معبود بحق سواه فلا اله الا الله فيها نفي واثبات نفي عام في اولها للعبودية عن كل من سوى الله واثبات خاص في اخرها للعبودية بكل معانيها لله وحده. وهذا هو التوحيد وقوله اشهد ان محمدا رسول الله الشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة تعني طاعته فيما امر وتصديقه فيما اخبر والانتهاء عما نهى عنه وزجر. كما قال الله سبحانه وتعالى وما ارسلنا من رسول الا وطاعة باذن الله وقوله حي على الصلاة اي هلموا اليها. دعوا اعمالكم واتركوا مصالحكم واقبلوا على هذه الصلاة ولهذا يشرع لمن سمع النداء ان يترك اعماله وان يقبل على صلاته ويشرع في حق السامع ان يقول هنا لا حول ولا قوة الا بالله وهي كلمة استعانة يطلب قائلها عون الله عز وجل الا يمكن ان يصلي وان يتم صلاته الا اذا اعانه الله وقوله حي على الفلاح المراد بالفلاح الثواب والاجر والخير المترتب على اداء الصلاة والفلاح كما قال العلماء اجمع كلمة لحيازة خيري الدنيا والاخرة وهذا فيه اشارة الى ان الصلاة يترتب عليها خيرات لا حد لها ولا عد دنيوية واخروية ثم ختم النبي عليه الصلاة والسلام هذا الحديث بان من قالها من قلبه دخل الجنة فينبغي ان يكون القلب حاضرا لا ان يقولها المرء بلسانه والقلب غافل فليس المطلوب ان تردد هذه الالفاظ باللسان مع انشغال القلب وانصرافه عنها بل عليه ان يقولها من قلبه. وذلك بالاجتهاد في طرد الغفلة وحسن السماع للاذان. وان يجمع قلبه للسماع لهذه الدعوة التامة العظيمة المباركة وان يقول مثل ما يقول المؤذن مجاهدا نفسه على استحضار معاني هذه الكلمات العظيمة وهداياتها القويمة محققا في قلبه ما تقتضيه من التوحيد والتكبير والتعظيم والشهادة لله بالوحدانية ولنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة والاستعانة بالرب تبارك وتعالى على تحقيق هذه الامور. باخلاص لله تبارك وتعالى وصدق معه ففي قوله من قلبه دلالة على اشتراط الاخلاص. لانه اصل لا بد منه في قبول الاعمال والاقوال كلها وقوله دخل الجنة يفيد ان سماع الاذان والعناية به بوابة عظيمة ومدخل كريم لنيل الجنة بما يفتحه على العبد من اقبال على الاعمال الصالحة والقربات النافعة التي يدعو اليها حسن سماع الاذان والقول كما يقول المؤذن واسأل الله عز وجل ان يمن علينا اجمعين بتحقيق ذلك وحسن العناية به وان يوفقنا لما يحبه ويرضاه من سديد الاقوال وصالح الاعمال. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته