بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فالحديث عما ينبغي ان يقوله المسلم اذا عرظ له الشيطان همزا او نفثا او نفخا او وسوسة والذي يقال في هذا المقام هو ذكر الله تبارك وتعالى لان ذكر الله عز وجل طارد للشياطين ولهذا قال الله تعالى ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وانهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون انهم مهتدون فالشيطان قرين لمن لا يذكر الله ومصاحب له واما من يذكر الله تبارك وتعالى فان الشيطان لا يقربه ولا يأتي حوله عن الحارث الاشعري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله امر يحيى ابن زكريا عليهما السلام بخمس كلمات ان يعمل بها ويامر بني اسرائيل ان يعملوا بها وانه كاد ان يبطئ بها فقال عيسى عليه السلام ان الله امرك بخمس كلمات لتعمل بها وتأمر بني اسرائيل ان يعملوا بها فاما ان تأمرهم واما ان امرهم فقال يحيى عليه السلام اخشى ان سبقتني بها ان يخسف بي او اعذب فجمع الناس في بيت المقدس فامتلأ المسجد وقعدوا على الشرف فقال ان الله امرني بخمس كلمات ان اعمل بهن وامركم ان تعملوا بهن اولهن ان تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وان مثل من اشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ما له بذهب او ورق فقال هذه داري وهذا عملي فاعمل وادي الي فكان يعمل ويؤدي الى غير سيده فايكم يرظى ان يكون عبده كذلك وان الله امركم بالصلاة فاذا صليتم فلا تلتفتوا فان الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت وامركم بالصيام فان مثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرة فيها مسك فكلهم يعجب او يعجبه ريحها وان ريح الصائم اطيب عند الله من ريح المسك وامركم بالصدقة فان مثل ذلك كمثل رجل اسره العدو فاوثقوا يده الى عنقه وقدموه ليضربوا عنقه فقال انا افتيه منكم بالقليل والكثير ففدى نفسه منهم وامركم ان تذكروا الله فان مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في اثره سراعا حتى اذا اتى على حصن حصين فاحرز نفسه منهم كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان الا بذكر الله. رواه الترمذي فهذا مثل الذي يذكر الله كمثل الذي دخل في حصن حصين وحرز مكين فلا سبيل الى عدوه ان يصل اليه او ان يتعرض له بشيء من الاذى والشيطان عدو بني ادم. الله سبحانه اخبرنا بذلك. وامرنا ان نتخذه عدوا وارشدنا سبحانه الى ما يكون به اتقاء الشيطان. والسلامة من كيده وشره واعظم ما يكون في هذا الباب الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم قال الله تعالى وقل ربي اعوذ بك من همزات الشياطين واعوذ بك ربي ان يحضرون وقال تعالى واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه هو السميع العليم وقال تعالى قل اعوذ برب الناس ملك الناس اله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في بالناس من الجنة والناس والاستعاذة اعتصام بالله والتجاء الى الله ومن يعتصم بالله فقد هدي الى صراط مستقيم ومعنى اعوذ بالله او استعيذ بالله اي اطلب من الله ان يعيذني والجأ اليه ان يعصمني من الشيطان. وان ينجيني من كيده ومكره ونفثه ومن استعاذ بالله اعاذه ومن اعتصم بالله هداه الى صراطه المستقيم والاستعاذة طاردة للشيطان. وتعد حصنا حصينا للعبد يقيه باذن الله من الشيطان الرجيم والشيطان يلقي الوساوس على العبد وذكر الله والتعوذ به منه يطرده كما وصفه الله تبارك وتعالى في اخر سورة من القرآن بانه وسواس خناس قال ابن عباس رضي الله عنهما في معنى هذه الاية قال الشيطان جاثم على قلب ابن ادم فاذا سهى وغفل وسوس فاذا ذكر الله خنس. وكذا قال مجاهد وقتادة فبالاستعاذة بالله وذكره تبارك وتعالى يخنس الشيطان ويبتعد عن الانسان ولا يقترب منه وقوله تعالى وقل رب اعوذ بك من همزات الشياطين واعوذ بك ربي ان يحضرون هذا امر من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة من الشياطين ومن شرورهم لانهم لا تنفع معهم الحيل ولا ينقادون بالمعروف فالنجاة منهم بالاستعاذة بالله وفسرت همزات الشياطين بنفخهم ونفثهم وفسرت بخنقهم وهو الموتة التي تشبه الجنون وفسرت بنزغاتهم ووساوسهم قال ابن القيم رحمه الله فهمزات الشياطين دفعهم الوساوس والاغواء الى القلب قال وقد يقال وهو الاظهر ان همزات الشياطين اذا افردت دخل فيها جميع اصاباتهم لابن ادم واذا قننت بالنفخ والنفث كانت نوعا خاصا كنظائر ذلك ومعنى قوله وان يحضرون اي ان يحضروا المكان الذي انا فيه فهو تعود منهم وتعود من اتيانهم للمكان الذي هو فيه قال العلامة الشنقيطي رحمه الله. والظاهر في قوله تعالى واعوذ بك ربي ان يحضرون ان المعنى اعوذ بك ان يحضرني الشيطان في امر من الامور كائنا ما كان سواء كان ذلك وقت تلاوة القرآن كما قال تعالى فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم او عند حضور الموت او غير ذلك من جميع الشؤون في جميع الاوقات وقد جاءت السنة باذكار يشرع للمسلم ان يقولها اذا عرظ له الشيطان لها اثرها العظيم في طرد الشيطان والسلامة من شره عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا نودي للصلاة ادبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين فاذا قضى النداء اقبل حتى اذا ثوب بالصلاة ادبر حتى اذا قضى التثويب اقبل. رواه البخاري ومسلم قوله اذا نودي للصلاة ادبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين ادبر اي ولى هاربا لان صوت الاذان يزعجه ويصك مسامعه. ولا يستطيع ان يبقى في المكان الذي فيه الاذان وهذا فيه فضيلة التوحيد والتعظيم لله فالفاظ الاذان الفاظ توحيد وتكبير وتعظيم لله تبارك وتعالى وهذا اعظم طارد للشيطان ولهذا جاء في الحديث ان من قرأ اية الكرسي التي هي اية التوحيد لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح قال ابو الجوزاء رحمه الله ما للشيطان طارد عن القلب غير لا اله الا الله ثم تلى واذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولو على ادبارهم نفورا التوحيد يطرد الشيطان ويبعده من المكان تماما الحاصل ان الشيطان عندما يسمع الفاظ الاذان مدوية يولي هاربا حتى لا يسمع التأذين ثم انه يبقى بعيدا الى ان ينتهي الاذان ثم يرجع وهذا فيه ان الشيطان لا يكل ولا يمل في اداء مهمته الاغواء فمع ان الاذان يؤذيه هذا الاذى ويضايقه هذه المضايقة الا ان عنده جلد وصبر على الاغواء والصد عن دين الله. ولذا يرجع مباشرة ولهذا قال فاذا قظى النداء اقبل اي مجرد ما يفرغ من الاذان ذلك الصوت الذي يؤذيه ويضايقه فانه يرجع الى المكان مباشرة فاذا ثوب بالصلاة اي اقيمت ادبر حتى اذا قظى التثويب اقبل اي رجع فهو يرجع في هذه الفترة بين الاذان والاقامة ولا ينتظر بعيدا حتى يفرغ من الاذان والاقامة معا لانه حتى هذه الفترة التي هي بين الاذان والاقامة التي يتهيأ فيها المسلم للصلاة. ويعد نفسه فيها لصلاة مطمئنة لا يريد ان تبقى له بل يريد ان يخطر له فيها بالوساوس التي تضيع عليه تهيؤه واستعداده للصلاة مع انه بين امرين مزعجين له. الا انه يرجع ويبقى ويتحمل ثم اذا اقيمت الصلاة ادبر ثم رجع اخرى بعد الفراغ من الاقامة وعن سهيل بن ابي صالح قال ارسلني ابي الى بني حارثة ومعي غلام لنا او صاحب لنا فناداه مناد من حائط باسمه قال واشرف الذي معي على الحائط فلم يرى شيئا فذكرت ذلك لابي. فقال لو شعرت انك تلقى هذا لم ارسلك ولكن اذا سمعت صوتا فنادي بالصلاة فاني سمعت ابا هريرة رضي الله عنه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال ان الشيطان اذا نودي بالصلاة ولى وله حصاص رواه مسلم يذكر سهيل ابن ابي صالح هذه القصة وهي ان والده ارسله الى بني حارثة ومعه غلام لهم اي خادم فنادى مناد من حائط باسمه اي باسم ذلك الغلام فاشرف الذي معي على الحائط اي نظر بحثا عن هذا الذي ناداه فلم يرى شيئا ولحقه بسبب ذلك خوف. لان هذا شيء يخيف ان يسمع صوتا ولا يرى شخصا قال فذكرت ذلك لابي فقال لو شعرت انك تلقى هذا لم ارسلك اي تلقى هذه الشدة او الخوف ولكن اذا سمعت صوتا فنادي بالصلاة لان النداء بها كما تقدم يطرد الشيطان قال فاني سمعت ابا هريرة رضي الله عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الشيطان اذا نودي بالصلاة ادبر. هذا الدليل فذكر له التصرف المناسب واتبعه بالدليل وقد اخذ من هذا اهل العلم ان الانسان اذا كان في طريق او في مكان وعرضت له الشياطين وخوفته او سمع اصواتا او نحو ذلك فانه ينادي بالصلاة فانها تبتعد عنه ولا تبقى في المكان الذي هو فيه قال مالك رحمه الله استعمل زيد ابن اسلم على معدن بني سليم وكان معدنا لا يزال يصاب فيه الانسان من قبل الجن فشكوا ذلك الى زيد ابن اسلم فامرهم بالاذان وان يرفعوا به اصواتهم ففعلوا فانقطع ذلك عنهم واسأل الله عز وجل ان يحفظنا اجمعين وان يوفقنا اجمعين وان يصلح لنا شأننا كله انه سميع قريب مجيب والى لقاء اخر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته