بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما اما بعد فان اصدق الحديث كلام الله تبارك وتعالى وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار نسألك اللهم ان تجيرنا من النار بمنك وكرمك هذا درسنا الاول من هذه الدورة التمهيدية التي نعقدها باذن الله عز وجل تمهيدا بما سيأتي من تدارسنا للفقه المالكي على بعض المتون المختارة التي سيأتينا درسها في وقته ان شاء الله تبارك وتعالى وهذه الدورة التمهيدية نود من خلالها ان نؤهل طالب العلم المتابعة لهذه الدروس لكي يكون عنده معرفة بالفقه المالكي بالمذهب المالكي بالامام ما لك بخصوصيات هذا المذهب فيكون بذلك مقبلا على دروسه على بصيرة عارفا بما هو مقدم عليه متمكنا ان شاء الله تعالى من خصوصيات هذا المذهب وما يتميز به عن غيره من المدارس والمذاهب الفقهية فسنجعل في هذه الدورة مجالا لدرس افتتاحي هو درسنا لهذا اليوم اذكر فيه بعض المباحث المتعلقة بالفقه من حيث هو بتعريفه بفضله بتطوره بالمدارس التي فيه بطرق دراسته ونحو ذلك من المباحث ثم نتطرق ان شاء الله لترجمة الامام مالك في درس خاص بذلك وبعد ذلك نذكر تطور وانتشار الفقه المالكي والمدارس التي تكون هذا الفقه وهذا المذهب وخصوصياتي نذكر خصوصيات هذه المدارس ثم نذكر الاصول المالكية اي الاصول التي يعتمد عليها الامام مالك ويعتمد عليها فقهاء المالكية تسكنات الاحكام الشرعية وهذه الاصول منها ما هو مشترك بين المالكية وغيرهم ومنها ما هو من خصائص المذهب المالكي ونخصص ايضا درس ان شاء الله تعالى لمصادر المذهب المالكي اي للكتب التي يعتمد عليها في دراسة هذا المذهب فهي كتب كثيرة جدا ولكن سنقتصر على ذكر اهمها والاشارة الى ما تختص به هذه الكتب بحسب المراحل التي تنتمي اليها اما اليوم فكما ذكرت لكم نبدأ درس تمهيدي عن الفقه ونشأته وتطوره و فضله والاختلاف الواقع فيه ونحو ذلك من الامور تأمل فقه في اللغة فهو الفهم كما في قول الله عز وجل يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول اي ما نفهم واما في الاصطلاح فقد تعارف واصطلح علماء اصول الفقه على تعريف الفقه بتعريف شامل جامع مانع على طريقة المناطق في هذا الباب وهو التعريف الذي وذكره جماعة من اهل الاصول واشتهر اشتهارا بالغا حتى صار عمدة عند المتأخرين وهو الذي ذكر صاحب جمع الجوامع في الاصول تاج الدين السبكي وغيره من علماء اصول الفقه وهو الفقه هو العلم بالاحكام الشرعية العملية المكتسب من ادلتها التفصيلية الفقه هو العلم بالاحكام الشرعية العملية المكتسب من ادلتها التفصيلية فقولنا العلم بالاحكام. العلم بالاحكام العلم هذا واضح. بعض العلماء يقولون معرفة الاحكام. بعضهم يقول العلم بالاحكام لا نخوض في هذا الخلاف اذ فائدته قليلة لكن الذي يهمنا الان الاحكام فالاحكام جمع حكم والحكم هو النسبة بين الشيئين قولنا مثلا الشمس مضيئة هذه فيها نسبة فيها حكم حكمنا على الشمس بكونها مضيئة حكمنا على الشمس بالاضاءة وبعبارة اخرى نسبنا الاضاءة الى الشمس وكقولنا الفاعل مرفوع هذا عند النحات فنسبنا الرفع الى الفاعل وحكمنا على الفاعل بكونه مرفوعا وفي قولنا الصلاة واجبة فحكمنا على الصلاة بالوجوب او نسبنا الوجوب الى الصلاة وهكذا كل نسبة بين شيئين تسمى حكما وقد يكون هذا الحكم شرعيا او غير الشرعي لكننا وهذا الحكم الذي نسميه الان الحكم قد اذا اردنا ان نيسر الامور او ان آآ نجعل شيء من العلائق بين العلوم المختلفة نقول ان ما نسميه الان الحكم يمكن ان يصطلح عليه بالاسناد في علم البلاغة المسند والمسند اليه ال يمكن ان يصطلح عليه بالموضوع والمحمول عند المناطق او بدرجة اقل ان يبتدئ والخبر عند النحات اه ولكن على كل حال اه ليس مترادفين. لا يوجد ترادف بين المعنيين من كل وجه هذا الحكم لكن كما ذكرت لكم الاحكام قد تكون شرعية وقد تكون غيرة الشرعية فلذلك اخرجنا كل ما ليس شرعيا بقولنا العلم بالاحكام الشرعية فاخرجنا ما ليس شرعيا من الاحكام اخرجنا الاحكام الاصطلاحية كقولنا الفاعل مرفوع هذا اصطلاح النحاس واخرجنا الاحكام الحسية كقولنا الشمس مضيئة فان هذا ما عرفناه من جهة الشرع لم نعرفه من جهة الشرع وانما عرفناه بالحفظ فنظرنا بحاسة البصر الى الشمس فرأيناها مضيئة فحكمنا على الشمس بالاضاءة واخرجنا الاحكام العقلية كقولهم مثلا الجزء اصغر من الكل هذا الحكم او هذه النسبة مسألة عقلية لا تدرك بالحس ولا بالاصطلاح ولا بالشرع وانما هي من المدركات العقلية فاخرجنا هذا كله وبقي لنا الاحكام الشرعية كقولنا الصلاة واجبة مثلا ولكن هذه الاحكام الشرعية منها ما هو اعتقادي ومنها ما هو عملي بتعبير اخر منها ما هو متعلق بعلم العقائد والتوحيد والذي قد يسميه بعض الناس علم الكلام ونحن نفضل علم التوحيد او علم العقائد او علم العقيدة ومنها ما هو متعلق بإذن الفروع بالعمليات بعلم الفقه فنخرج كل ما ليس من العمليات كل ما ليس من الفروع نخرجه بقولنا العلم بالاحكام الشرعية عملية فاخرجنا الاحكام الاعتقادية كلها اذا هذا هو التأليف وصلنا فيه الى العملية. ثم قالوا في التعريف المكتسب من ادلتها التفصيلية. قالوا المكتسب اخرجنا بذلك العلم غير المكتسب كعلم الله عز وجل وكعلم الملائكة ونحو ذلك مما لا يحدث عن اكتساب ولا يكون عن جهد انا اذا اردت ان اعرف ان مثلا ان الشيء الهنانية نجس او غير نجس ابذل لذلك جهدا استنباطيا من الكتاب او من السنة او غير ذلك من الادلة لاكتسب هذا العلم هذا دور الفقيه اما العلم الذي لا يكون عن اكتسابي فهذا لا يدخل في هذا الباب ثم هذا الاكتساب وهو الذي قد يسمى اجتهادا او استنباطا يكون من الدليل التفصيلي لا من الدليل الاجمالي فان الادلة نوعان دليل ادماني ودليل تفصيلي مسال الدليل الاجمالي الامر حقيقة في الوجوب هذا تعبير المحققين من الاصوليين. او الامر يفيد الوجوب. او الامر يقتضي الوجوب هذا دليل اجمالي يندرج تحته من الادلة التفصيلية ما لا يحصى من الفروع اما الدليل التفصيلي فهي مثلا اية قرآنية اقيموا الصلاة جزء من اية او حديث نبوي صلوا كما رأيتموني اصلي او قياس او الى غير ذلك من الادلة التفصيلية فالفقيه يستنبط الحكم يكتسب العلم بالحكم من الدليل التفصيلي. ولكن لابد ان يستعمل الدليل الاجمالي فهو اه الفقيه لابد له ان يستند في فقهه على علم اصول الفقه كما لا يخفى عليكم فاذا استقيه يأخذ الادلة الاجمالية التي هي نبحث علم اصول الفقه ويستعملها في اكتساب الاحكام الشرعية من الادلة التفصيلية وبالمثال يتضح هذا المعنى مثلا هذا فقيه يريد ان نستنبط حكم الصلاة كيف يفعل يأتي الى الدليل التفصيلي الذي هو مثلا واقيموا الصلاة فيقول هذا دليل تفصيلي. اقيموا الصلاة هذا امر ثم يستعمل دليلا اجماليا عرفه من علم اصول الفقه وهو مثلا الامر يفيد الوجوب ويستنبط من هذين ان يجعلوا الدليل التفصيلي مقدمة اولى ويجعل الدليل الاجمالي مقدمة ثانية ويجمع بين هاتين المقدمتين في قياس منطقي من الشكل الاول فيستخرج بذلك الحكم الشرعي الذي هو الصلاة اقيموا الصلاة امر والامر يفيد الوجوب. اذا الصلاة واجبة هذا هذا وجه الاختصار طريقة عمل الفقيه تلتقيه لابد ان يستعمل علم اصول الفقه لان فيه الدلائل الاجمالية بخلاف الاصولي بخلاف الاصولي والاصل فيه يعني نظريا نظريا والا عمليا العلوم كلها تختلط ويستفيد الناس يستفيد اهل بكل علم من علوم الاخرين. ولكن نظريا الاصولي لا يحتاج الى فقيه لان الاصولي يأتي بالدلائل الاجمالية وهذه الدلائل الاجمالية يأتي بها مثلا من العقل او من اللغة او نحو ذلك لكنه لا يستعمل الدلائل التفصيلية لتحصيل الدلائل الاجمالية هذا الاصل وهذا اه الذي ينبغي ان يكون بخلاف الفقير فانه يحتاج الى كلام الاصولي ويحتاج الى ادلة الاصول التي هي الادلة الاجمالية. هذا تعريف الفقه بعد ذلك ينبغي ان نعلم بان الفقه من اجل العلوم الشرعية. الحقيقة كل العلوم الشرعية مفيدة نافعة ولا يكون طالب العلم ناقصا في علمه من هذه العلوم الشرعية الا ظهر الدين على علمه بشكل من الاشكال فاذا نقص طالب العلم في التفسير ظهر العيب اذا نقص في علم اصول الفقه ظهر العيب اذا كان ضعيفا او كانت معرفته بالحديث سطحية ظهر عيبه اذا كان ضعيفا في النحو او في الصرف او في علوم اللغة بصفة عامة ظهر عيب وهكذا. العلوم الشرعية كلها ينبغي ان يعتني بها طالب العلم لكن لا شك انه يتخصص في بعض العلوم. لكن ينبغي ان يكون مشاركا ملما مطلعا على كل العلوم الشرعية فكل العلوم مفيدة نافعة لكن لا شك ان الفقه من اجل هذه العلوم واعظمها واكثرها نفعا بل لو قلنا ان حاجة الناس الى علم الفقه اكثر واكبر من حاجتهم الى غيره من العلوم لما ابعدنا فانت شاهد هذا من نفسك انظر الى عوام المسلمين من حولك فلن تجدهم يسألونك عن مسائل النحو او الصرف او حتى عن مسائل التفسير او دقائق علم مصطلح الحديث او عن علم اصول الفقه. اغلب اسئلة العوام واغلب حاجاتهم اليومية هي في مسائل فقهية فرعية لذلك ينبغي ان يلبي هذه الحاجة في الناس وينبغي ان يكون طالب العلم آآ على دراية بعلم الفقه ليستطيع ان يدعو الى الله عز وجل على بصيرة ويستطيع ان يفتي الناس بحسب ما يعني يتأتى له من ذلك ويستطيع ان اذا وصل الى درجة معينة يستطيع ان يجتهد في النوازل التي تظهر كل يوم وتستحدث كل دقيقة هذه النواجز كثيرة في معاملات وفي اشياء كثيرة لا تكاد تحصى فهذا كله لا يدرك الا بعلم الفقه والله عز وجل يقول وما وما كان المؤمنون لينصروا كافة فلولا نصر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين لم ينذروا قومهم اذا رجعوا اليه لعلهم يحذرون فجعل الله عز وجل ولاية الانذار جعلها لاهل الفقه. للذين تفقهوا في الدين وهذه هي الانذار والدعوة هذه في الاصل هي مهمة الانبياء فالفقيه اذا يقوم بشيء هو من عمل الانبياء. ولذلك جعل العلماء والفقهاء ورثة الانبياء والله عز وجل والنبي صلى الله عليه وسلم يقول من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ولا شك ان هذا من اعظم الادلة على فضل علم الفقه من حيث هو على اننا لا شك اننا نفهم من الفقه في الدين شيئا اعم من الفقه بالمعنى الاصطلاحي ولكن لا شك ان الفقه بالمعنى الاصطلاحي داخل دخولا اولويا في هذا الحديث لان الفقه بالمعنى الاصطلاحي هو من اعظم الفقه في الدين ثم يكفينا في فضل الفقه ان انه علم نبوي وان كل ما ورد من الادلة في فضل العلم في فضل طلب العلم وفي فضل تعليم العلم ونشر العلم كل ما ورد من ذلك فانه متناول للفقه على وجه الخصوص يشمل العلم على جهة العموم ويشمل الفقه على جهة الخصوص فكل الادلة الدالة على فضل العلم دالة على فضل الفقه وايضا مما يدل على فضل الفقه انه مهمة الصحابة رضوان الله تعالى عليهم فقد كان جمع من الصحابة فقهاء مفتين وقد ذكر ابن حزم رحمه الله تبارك وتعالى الذين حفظت عنهم الفتوى من الصحابة من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم آآ ذكرهم يعني فكانوا نحو مئة وثلاثين من الصحابة لا شك ان يلهم المفسدين ومنهم المتوسطين ومنهم دون ذلك فطبقة المكثرين يجعلها ابن حزم آآ يجعل فيها ابن حزم سبعة من الصحابة هم عمر وعلي رضي الله عنهما وعبدالله بن مسعود وعائشة رضي الله عنها ام المؤمنين وآآ عبدالله بن عباس وعبد الله بن عمر والانصاري زيد ابن ثابت هؤلاء سبعة يذكرهم ابن حزم فتاوى كل واحد يمكن ان تجمع في مجلد كما يقول ابن حزم رحمه الله ثم بعد ذلك هنالك المتوسط وهؤلاء الجماعة ثم المقلون من الفتوى وهم الذين يعني المقلون حين نقول انهم مقلون اي بحسب ما وصل الينا بحسب ما نقل الينا فالذي يروى عن الواحد منهم مسألة او مسألتان ونحو ذلك ولكن لا شك انه اذا وصلنا من ذلك مسألة او مسألتان فلا يعني ان كل فتواه في حياته كلها لا تتجاوز هذه المسألة او هاتين المسألة ليس الامر كذلك. لكن آآ هذا كله امر نسبي فهم يقلون بحسب ما نقل الينا وهم مقلون بالاضافة وبالنسبة الى من هم اكثر منهم فتيا نعم فالفقه اذا نشأ من عهد الصحابة رضوان الله عليهم و مرة باطوار متعددة منذ عصر النبوة وعصر الصحابة رضوان الله عليهم الى وقتنا هذا فكان عصر الصحابة اولا وكان الصحابة ابتداء المجتمعين في مهبط الوحي في المدينة النبوية في زمن ابي بكر وفي زمن عمر وكان عمر رضي الله عنه يضل بهم فلا يقبل ان ينتشروا في الانصار فكان الفقه والحديث كله مجتمعا في المدينة لكن بعد وفاة عمر رضي الله عنه وارضاه انتشر الصحابة في البلاد فكان منهم من ذهب الى العراق وكان منهم من بقي في المدينة وكان منهم من ذهب الى الشام وهكذا فاذا انتشار الصحابة في البلدان نتج عنه انه انتشرت انتشرت المدارس الفقهية وانتشرت الفتوى المختلفة او المتباينة فاجتهد اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بلدانهم التي استقروا بها بحسب النواجز التي رأوها امامهم فاهل المدينة اجتهدوا كعب الله بن عمر مثلا واهل العراق اجتهدوا كعبدالله بن مسعود وكعلي بن ابي طالب وهكذا وكان لكل واحد من هؤلاء الصحابة تلاميذ كثيرون فنشأ من تلمذة التابعين على هؤلاء الصحابة المتفرقين في الانصار مدارس فقهية بينها شيء من التباين والاختلاف اذا كان هذا اول ما وقع من الاختلاف آآ في الفقه ومن ظهور المدارس الفقهية المختلفة والاختلاف في الفروع له اسباب متعددة و قد ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تبارك وتعالى في كتابه الموسوم برفع الملام عن الائمة الاعلام مجموعة من الاسباب التي ادت الى وقوع هذا الاختلاف بين الائمة المجتهدين لا نريد ان ندخل في تفاصيل هذه الاسباب يمكن الرجوع اليها في هذا الكتاب او ايضا في الكتاب الاخر كتاب الانصاف في بيان اسباب الاختلاف وهو معتمد الى حد كبير على كتاب رفع الملام لكن يمكن ان نذكر بعض الامثلة وبعض الاسباب فمن ذلك مثلا ان يكون صحابي قد سمع حكما في قضية معينة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول الصحابي الاخر لم يسمع الحكم او لم يسمع الفتوى فيجتهد برأيه فاذا اجتهد برأيه يمكن ان يكون اجتهاده موافقا للحديث الذي سمعه الاول ويمكن ان لا يكون موافقا له فينشأ من ذلك اختلاف بين هذين الصحابيين وينشأ منه اختلاف بين تلامذة الصحابيين اذ كل واحد منهم ينتهي اذا ما سمع هذا سمع صحابيا يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذاك سمع صحابيا يجتهد رأيه في تلك المسألة وقد يقع غير زلك يمكن ان يبلغ الصحابي الحديث ولكن لا يقع على وجه يحصل له به يقينا او غلبة ظن كما حدث في حديث آآ فاطمة بنت قايس حين شهدت عند عمر ابن الخطاب رضي الله عنه آآ في قضية ان المطلقة الثلاث ثلاثا ان المطلقة ثلاثا آآ لم يجعل لها النبي صلى الله عليه وسلم نفقة ولا سكنى لكن عمر ابن الخطاب لم يقبل هذا ويمكن الرجوع الى بعض الكتب المفصلة التي تذكر الاسباب لمثل هذا ومن اسباب الاختلاف ايضا ان يرى وبعض الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فعلا معينة فيحمله بعضهم على انه طاعة من الطاعات وقربة من الكربات ويحمله الاخرون على انه من قبيل المباحات لذلك امثلة وتعرفون ان عبد الله ابن عمر ان هذه المسألة من آآ مواطن الاختلاف بين عمر وابنه رضي الله عنهما فان عبدالله بن عمر كان يتحرى بعض المنازل التي نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وان لم يظهر لغيره من الصحابة وجه كون ذلك النزول سنة او قربة وكان عمر على خلاف مذهب ابنه في مثل هذه الامور ولشيخ الاسلام آآ رحمه الله بيانا جيد للفرق بين هذين المذهبين فهنالك اسباب اخرى للاختلاف كالسهو والنسيان هذا موجود ويقع قد وقع لي بعض الصحابة اه كما وقع مثلا لعبدالله ابن عمر انه كان يقول ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب وانكرت عليه عائشة ذلك وكما وقع في قضية حديث ان الميت ليعذب ببكاء اهله ما وقع بين ابن عمر وعائشة في الموضوع فقد حكمت عائشة على قول ابن عمر في المسألة بانه وجد في ذلك او قد يقع الاختلاف في الجمع بين المختلفين فمثلا في قضية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة الذي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن استقبال القبلة عند قضاء الحاجة فذهب جماعة الى تعميم هذا الحكم ورأى اخرون من الصحابة ومن تبعهم من العلماء الى التفريق بينما كان في اه في العمران اذا كان داخل البنيان وما كان خارجه وجمع بين الاحاديث لانه رأى هذا النهي يتعارض مع حديث ابن عمر رضي الله عنهما لما رقى لما صعد الى بيته حفصة اخته فوجد فرأى النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستكبر القبلة مستقبل الشام فجمع بعضهم بين الحديثين التفريق يقولون النهي مختص بالصحراء و ما كان من المراحيض داخل البنيان فانه لا بأس بالاستقبال والاستنزاف. هذه المسألة سنراها ان شاء الله تعالى في موضعها ونذكر ما قاله العلماء فيها. لكن المقصود عندنا هنا ان هذا من اسباب الاختلاف والاسباب الاخرى متعددة يمكن الرجوع اليها في مظانها تفرق التحالف اذا في الانصار واختلفت مناهجهم في في الاجتهاد وفي الفتوى واخذ عنهم التابعون فظهرت اتجاهات فقهية مختلفة لكن اشهر هذه الاتجاهات اسمع الاتجاه الاول هو مدرسة الحجاز والثاني هو مدرسة العراق. الحجاز يشمل مكة والمدينة والمدينة على وجه الخصوص ومدرسة العراق تشمل الكوفة والبصرة والكهفة على وجه الخصوص ومن هذين الاتجاهين كان الفقه كله فظهر من تلامذة عبد الله ابن مسعود في الكوفة جمع من العلماء من التابعين ومن تبعه الى ان استقرت اغلب مذاهبهم واقوالهم وفتاواهم عند الامام المجتهد ابي حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله تبارك وتعالى وقد ولد سنة ثمانين وتوفي سنة مائة وخمسين للهجرة وهو اول الائمة المجتهدين في ترتيب الوفاة في الترتيب الزمني وبالمقابل ظهر بالمدينة امام اخر يمثل فقه الحجاز وفقه المدينة على وجه الخصوص واشتهر اشتهارا بالغا وهو الامام ما لك بن انس ما لك بن انس بن آآ بابي عامر الاصبحي الذي ولد سنة ثلاث وتسعين على الاشهر وتوفي سنة مائة اه وتوفي سنة مئة نعم تسع وسبعين الى هذا الحد وجد عندنا مذهبان فقهيان احدهما يمثل العراق وفقهه والثاني يمثل الحجاز وفقهها ثم جاء امام اخر رأى ان اهل الكوفة او اهل العراق قد يستطيلون بعض الشيء على حجازيين لانهم اهل مناظرة وجدل ولان اهل الحجاز في الغالب يكتفون باتباع الاثار ووجد هذا الامام ان طريقة الضبط لهذا الفقه ولهذه الفروع انما تكون ببطء الاصول التي تبنى عليها هذه الفروع فجاء الامام الشافعي محمد ابن ادريس اه المولود في سنة وفاة ابي حنيفة. المولود سنة مائة وخمسين والذي توفي سنة مئتين واربعة للهجرة جاء الامام الشافعي تقاعد القواعد ووضع الاصول لهذا الفن وليس معنى ذلك ان الفقهاء قبله لم يكن لهم اصول ولم تكن لهم قواعد. هذا غير صحيح ولكن لم تكن مدونة على الصحيح وان قيل بان آآ ابا حنيفة تدون في ذلك لكن الصحيح والمشهور عند العلماء ان اول من دون في علم اصول الفقه انما هو الشافعي الشافعي اذا كانه جاء ليوازن بين هذين الجناحين للفقه جناح اهل العراق وجناح اهل المدينة وليضع الاصول والمناهج والقواعد التي تضبط هذا الفن ثم جاء الامام المبجل الذي احيا الاستدلال بالاثار واحيا فقه الصحابة وهو الامام احمد بن حنبل ابن هلال الشيباني رحمه الله تبارك وتعالى الذي توفي سنة مئتين وواحد واربعين للهجرة فهذا الامام اه كان هو الامام الرابع وبه ختمت هذه السلسلة الذهبية من الائمة المجتهدين فلا يعني ذلك ان الاجتهاد كان مقصورا على هؤلاء الاربعة قد كان في زمنهم جماعة من المجتهدين وحتى بعده جماعة من المجتهدين كسفيان الثوري و الامام الاوزاعي بالشام سفيان الثوري بالعراق وهو الامام الاوزاعي بالشام وكان ليث ابن سعد في مصر وعبدالله بن مبارك والامام الطبري المفسر فيما بعد وخلق من المجتهدين لكن الله تعالى وضع القبول لاربعة منهم تندمجت في مذاهبهم مذاهب الائمة الاخرين كما تجد مثلا ان كثيرا من اقوال اسحاق داخلة في مذهب الحنابلة لانها مشابهة في كثير من الاحيان اقوال الامام احمد انقرضت مذاهب الاخرين لان تلامذتهم لن يقوموا بها ولأن الله عز وجل لم يكتب لها البقاء يعني اهم شيء في الحقيقة واهم سبب انما هو ان الله عز وجل يكتب القبول لبعض المذاهب ولبعض الائمة ولبعض الكتب تجد الشخصين يكتبان او العالمين يكتبان كتابين في وقت واحد في موضوع واحد بدرجة متقاربة من العلم ومن الكفاءة يضع الله القبول على احدهما فيشتهر اشتهارا بالغا ولا يشتهر الاخر بل قد ينقرض بل قد يضيع ولا يوجد له آآ نسخة واحدة فيما بعد هذا من توفيق الله عز وجل. الله عز وجل وضع القبول لهؤلاء الاربعة وبمذاهبهم. فانتشرت انتشارا بالغا وكثر التلاميذ والمجتهدون المقيدون فيما انقرضت المذاهب الاخرى. ولم يوجد من المذاهب مذهب يمكنه ان ينافس هذه الاربعة. حاشا المذهب الظاهري وفي الحقيقة كان المذهب الظاهري سينقرض لولا ان قيد الله عز وجل له الامام ابن حزم الاندلسي فانه احياه وذب عنه والف في اصوله وصنف في فروعه حتى صار لهذا المذهب نوع وجودي اه بين المذاهب الاخرى ونوع منافسة وان كان يقل عن المذاهب الاخرى في كثرة الكتب والمصنفات في الاشتهار وغير ذلك من الامور فاذا بعد مرحلة الاجتهاد المطلق هذه وجدت مراحل اخرى لان الاجتهاد كما يذكر الاصوليون درجات فقد يكون مطلقا كاجتهاد ابي حنيفة ومالك والشافعي واحمد وقد يكون غير مطلق فالمجتهدون كما يقولون على درجات وهي وفي الحقيقة ست درجات الدرجة الاولى من الدرجات الاجتهاد هي اه المجتهد المستقل وهم الذين يستقلون بوضع قواعدهم لانفسهم يبنون عليها الفقه كائمة المذاهب الاربعة اذا هم مجتهدون يستقلون بوضع القواعد اها ثم الدرجة الثانية المجتهد المطلق غير المستقيم وهو المجتهد الذي فيه شروط الاجتهاد المطلق ولكنه لم يبتكر قواعده لنفسه وانما سلك طريق امام من ائمة المذاهب ابي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني اذا قارنوا مع ابي حنيفة فهؤلاء الثلاثة عندهم ادوات الاجتهاد المطلق ولكنهم ليسوا على درجة المجتهد المستقل. لما؟ ليست لهم ضوابط وقواعد خاصة بهم وانما هم ينتسبون مجملا الى ابي حنيفة وكما في المذهب المالكي كما سيتم ان شاء الله تعالى كحابة ابن القاسم واشهد وغيرهما من ائمة المالكية وكم هويطي مثلا والمزني من الشافعية وهكذا هذه الدرجة الثانية واما الدرجة الثالثة فهي درجة المجتهد المقيد وهو المجتهد في المسائل التي لا نصطفيها عن ايمان المذهب اهو يجتهد في المسائل التي لا نصطفيها عن صاحب المذهب وقد يسمى مجتهد تخريج لانه يخرج على اصول امامه فيخرج ما لم ينص عليه الامام على الاقوال التي نص عليها الامام ويسمى ذلك وجها في المذهب. فلذلك قد يسمى هذا المجتهد من اصحاب الوجوه اه وهذا كثير في عند الشافعي والحنابلة ولكن ايضا يمكن ان نعد منهم في المالكية ابن ابي زيد الملقب ابن مالك الصغير صاحب الرسالة ابن ابي زيد القيروان وفي الازهري وغيرهما وفي كل مذهب يمكن ان نجد اصحاب هذه الدرجة ثم الدرجة الرابعة هي درجة مجتهد الترجيح وهو في الحقيقة الذي همه ان يرجح بين الاقوال المتعارضة داخل المذهب يرجح بين اقوال الامام المتعارضة المرجح بينما قاله الامام وما قاله غيره من الائمة داخل المذهب ونفضل بعض الاقوال على غيرها ويشهر بعض الاقوال كما يفعل الخليل ابن اسحاق عند المالكية يرجح بعض الاقوال ويشهر بعض الاقوال داخل المذهب. نعم ثم الدرجة الخامسة مجتهد الفتيا وهو الذي يحفظ المذهب ويفهمه ويميز بينما كان منه قويا وما كان ضعيفا وبين الراجح والمرجوح منه ولكن يضعف عن زكر الادلة. نحن نتجه الان نحو التقليد هذا يضعف في ميدان الاستدلال وفي ميدان القياس والاستنباط فهذا هو حال المتأخرين كاصحاب المتون عند المتأخرين اهو ثم اخيرا الطبقة او درجة المقلدين هم الذين لا يفرقون بين اه قويا وضعيف ولا يميزون بين راجح ومرجوح هؤلاء هم المقلدون على كل حال هذا هو التفريق او هذا التقسيم هو المشهور عند العلماء ولكن ليس مجمعا عليه عندهم فانما هذا هو المشهور نفهم من ذلك اذا ان مرحلة الاجتهاد المطلق تلتها مراحل فوجد بعد مرحلة المجتهدين من الائمة الاربعة وجد بعد ذلك مرحلة فيها التلامذة المباشرون المجتهدون المقيدون وبعد ذلك اصحاب الوجوه والتخريج يدخل خلق من الائمة يمتد زمانهم تقريبا على وجه التقريب لا على وجه التحديد الى القرن تقريبا السابع او الثامن وبعد ذلك بدأت مرحلة الجنود وصار الناس يجترون متونا معينة وكتبا مختصرة لا يجاوزونها الى غيرها وصاروا يقلدون بعض المتأخرين من مجتهدي الترجيح كما فعل المالكية عند تقليدهم للامام خليل رحمه الله تعالى فلا تكاد تجد المتأخرين يرتفعون الى من هم اعلى من خليل في المرتبة لا تجدهم يرجعون مثلا الى ابن رشد او الى اللخم او الى ابن ابي زيد فضلا عن ان يرجعوا الى امثال اشهب وابن وهب واصدق فضلا عن الرجوع مباشرة الى اه الامام مالك فضلا عن الرجوع الى الكتاب والسنة. فصار الناس جانبين على فقه المختصرات وفقه المتون والشروح والحواشي وكانت هذه مرحلة كئيبة في تاريخ الفقه الاسلامي مرحلة الجنود وليست خاصة بالفقه في الحقيقة. كل العلوم الشرعية توقفت تقريبا في القرن السابع او الثامن في هذه المرحلة تقريبا ولم يعد فيها ابداع لا في الحديث ولا في التفسير ولا في الفقه ولا في الاصول الولد في علوم العربية لا يوجد شيء جديد وانما هو متون تعاد وتكرر ولذلك دخل علينا الداخل من هذه الناحية ففي هذه الفترة وفي هذه المدة الزمنية الاوروبيون وتطور الغربيون وساروا قدما في الاخذ باسباب بالاسباب الكونية المفضية الى التقدم والرقي والحضارة. ونحن جمدنا على علومنا الاولى حتى ما كان ما كان من اه اه احتلال اجنبي ومن تغرب ومن بعد عن المعين الصافي الذي يؤخذ منه هذا الدين فجاء هذا العصر لا يمكن ان نقول ان هنا ان هنالك اه احياء حقيقيا للفقه ولكن هنالك محاولات للخروج من الجمود وبعد هذه المحاولات اه تحتاج الى شيء من الاصلاح ومن الترتيب ومن التشذيب لكي لا تؤدي الى عكس المقصود بها فمثلا لما كانت بدعة التعصب المذهبي طاغية في الازمنة المتأخرة وجدت بدعة اخرى اه ترد عليها وهي بدعة تصدر جاهل ردا على تعصب المتعصب ففي القرون الماضية كان عندنا التعصب لهذه المذاهب الاربعة وقد كان يصل التعصب الى درجات قبيحة من عدم صلاة اه المنتسب الى مذهب وراء المنتسب الى مذهب اخر بل قد يصل الى العداوة والخصام بل الى القتال. خاصة اذا اجتمع مع الخلاف الفقهي خلاف عقدي كما يحدث في مسألة الاستثناء في الايمان وهي مسألة عقدية بين الحنفية والشافعية او في مسائل الاسماء والصفات بين بعض المنتسبين الى المذهب الحنبلي وبعض المنتسبين الى المذهب الشافعي وهكذا والمالكية ابعد الناس عن هذا لانهم كانت لهم آآ دولهم واماكن وجودهم التي يسيطرون عليها سيطرة تامة ولا يزاحمهم فيها احد كما وقع في الغرب الاسلامي مثلا لكن هذا موجود. هذا التعصب المقيت اراد بعض الناس في هذا الزمان ان يردوا عليه لكن بعض المتصدرين من استنباط مباشرة من الكتاب والسنة وبالاجتهاد المطلق قد يكونون لم يصلوا بعد الى الدرجة التي تؤهله لهذا الاستنباط ولهذا الاجتهاد المطلق فحدثت امور شائنة وفتاوى شاذة وجرأ ذلك بعض العلمانيين وبعض المتغربين والليبراليين على وبعض الذين يسمون مفكرين يقال مفكر اسلامي فجرأهم هذا على ان يتصدروا ايضا. وان يفتوا كذلك. وان يكتبوا في الفقه كذلك مصيرنا نرى المفكر الاسلامي الذي هو في الفقه لا يعد لا في العير ولا في النفير يحكي ويكتب ويحرر ويستنبط وما جرأه على هذا الا وجود بعض العلماء الذين فتحوا هذا الباب على مصراعيه فنحن نقول ان هذه المذاهب الاربعة فيها خير كثير بل نقول انه من النادر ان يكون الحق خارج هذه المذاهب الاربعة لا نقول ان ذلك محال ولكن قبيل ونادر كما في مثلا مسألة الطلاق الثلاث آآ او الحلف بالطلاق الطلاق في لفظ واحد والحليف بالطلاق ونحو ذلك قد يكون الحق فيها خارج المذاهب الاربعة ولكن مع ذلك الغالب ان الحق يكون داخل هذه المذاهب الاربعة وهذه المذاهب بكل مذهب منها خصائص تميزه بحيث ما نقص عند هذا المذهب واهله تجده موجودا في المذهب الاخر فمثلا نجد الحنفية من خصائصهم استعمال القياس القوة في القياس واستعمال الاستحسان والاستنباط الحسن في الفقه وقد يكون عندهم نقص مثلا في ابواب الاثار والاحاديث وغير ذلك نجد المالكية يختصون بعمل اهل المدينة يختصون بالمصلحة. المصلحة المرسلة على وجه الخصوص. هذا من اقوى ادلتهم عندهم مثلا قوة في مجال القضاء والوثائق والشروط لان مذهب المالكية من المذاهب التي حكمت كثيرا واستعمل في القضاء كثيرا نجد المذهب الشافعي من اكثر المذاهب حرصا على ابطال الادلة المختلف فيها فهو بعد المذهب الظاهري مباشرة في هذا المجال عند الشافعية الكتاب والسنة والاجماع والقياس فقط ولا يزيدون على الظاهرية الا بالقياس ويبتلون ما سوى ذلك من الاستحسان ويسدد الذرائع مصلحة المصوت وغير ذلك فعندهم قوة في هذا المجال وقوة في استعمال الحديث ايضا وفي الاستنباط منه نجد عند الحمادلة قوة في الاعتداد باقوال الصحابة وبالآثار السلفية عن الصحابة والتابعين وغيرهم وايضا يستعملون المصلحة مثلهم مثل المالكية نجد عند الظاهرية تعظيم الحديث النبوي واه تعظيم السنة واصلا ما نفق مذهب الظاهرية وكلام ابن حزم الا لتعظيمه للسنة واذا لو لم يكن عنده من تعظيم السنة ما كان لما اه نفق علمه عند العلماء مطلقا. لكن الرجل عنده تعظيم للسنة وعنده تعظيم للاحاديث وللاثار عن الصحابة والتابعين. فباجل لذلك آآ استمر فقهه وآآ صم لحد الان ما نزال نستفيد من فقهه. فالمقصود ان هذه المذاهب كلها يستفاد منها ولا ينبغي آآ ان يحملنا التعصب لمذهب من المذاهب على ان نقول انه الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ابدا وايضا لا نقول ان هذه المذاهب كلها لا تسوى شيئا ابدا وانما نتوسط سنقول ان الحق لا يعدو هذه المذاهب الاربعة الا لما ما وهؤلاء الذين اخطأوا من اهل هذه المذاهب ما اخطأوا عمدا وانما اخطأوا بسبب من الاسباب التي من اجلها يكونون معذورين ان شاء الله تبارك وتعالى امام الله عز وجل ونستفيد من هذه المذاهب ولا نبطلها وآآ نأتي ان شاء الله تبارك وتعالى بي الادلة التي يستدل كل واحد اه كل قول مذهب بها سنجد انهم لا يوجد عندهم قول غفل من الدليل لكن قد يكون هذا الدليل اه ضعيفا في بعض الاحيان وايضا هنا مسألة نريد ان نذكر بها انفسنا واخواننا من الطلبة وهي التفريق بين المحدث والفقيه فليس كل محدث فقيها ولا كل فقيه نحدثه في المحدث الاصل فيه انه يجمع الاحاديث يجمع السنن ويحققها وينقصها ولكن لا يلزم من ذلك ان يكون قويا في الاستنباط منها وفهم دلالاتها والفقيه الاصل فيه انه يعتمد على كلام المحدث يقول له المحدث هذا الحديث صحيح يستنبط منه الفقيه ما يلزم من المسائل والاقوال والاحكام وغير ذلك اشتهر عن ابن وهب اه رحمه الله تعالى تلميذه مالك انه قال لولا مالك والليث هلكت كنت اظن كلما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم يعمل به ف هذا يدل على ان المحدث محتاج الى الفقيه نجد بعض المحدثين الذين لم يكونوا فقهاء وقد نجد الفقيه وهو ليس قويا في الحديث. فلابد ان نفرق بين الامرين. مع انه قد يوجد من يجمع بينهما فمالك كان محدثا اذا هو فقيها لكن ليست هذه قاعدة مضطربة وانما هذا قد يكون استثناء ولا يلزم ان يجتمع الامران وايضا مسألة نذكر بها في معنى الدليل وهو ان الدليل لا يلزم ان يكون من السنة فقط وهذه من اعظم الاخطاء التي تقع لبعض طلبة العلم يقول المسألة الفلانية قال بها الفقيه الفلاني وليس له عليها دليل سبحان الله. فاذا قالها بالتشهي قالها بالهوى ما يمكن الا ان يكون عدوا لله الا ان يكون الهنديق يحكم في دين الله عز وجل بمحض هواه ابدا اذا هو عنده دليل لكن ماذا قال هذا الطالب؟ انه ان ذلك الفقيه ليس له دليل في المسألة لانه يظن الدليل حديثا فقط والادلة ليست هي السنة فقط وليست من السنة فقط هنالك ادلة متفق عليها اجمالا وهي الكتاب والسنة وان كان يعني طريقة الاستنباط منهما ليست متفقا عليها يعني الظاهر والنص وغير ذلك هذه فيها اخذ ورد بين العلماء والمفهوم ودلالة المفهوم والمفاهيم التي يؤخذ بها ويحتسبها من المفاهيم التي لا يحتج بها هذا مع اننا في اطار الكتاب والسنة لكن يعني المسألة ليست بهذا بهذه السهولة بعد ذلك هنالك الاجماع هنالك القياس وينكره الظاهرية ثم هنالك ادلة اخرى والاستحسان وقول الصحابي والعرف والمصلحة المفشلة وغير ذلك. فهذه الادلة موجودة والمذاهب متفاوتة في الاخذ بها. وكالحتجاج مثلا في الحديث المرسل كثير من الفقهاء المتقدمين يحتجون بالحديث المرسل بعض الطلبة في هذا العصر لما استقر لديه في درس علم الحديث ان الحديث المرسل حديث ضعيف واستقر النبي انه لا يجوز الاخذ بالفقه لا يجوز آآ استنباط الفقه من الحديث الضعيف شعر ينكر على من يستدل الحديث المرسل. والحق ان كثيرا من الفقهاء المتقدمين يستدلون بالاحاديث المرسلة. والامام الشافعي لهم في ذلك ضوابط معروفة ذكرها في كتابه الرسالة وفي غيرها فاذا آآ لا ينبغي ان نهمل هذه الادلة والذي وقع لبعض المعاصرين انه حين اهمل الادلة الاخرى صار الدليل عنده الحديث فقط فاذا جاء الى مسألة ولم يجد فيها حديثا ماذا يقول؟ يقول نستصحب البراءة الاصلية فنتج عن ذلك تضخم دليل استصحاب الاصل تتضخم هذا الدليل الذي هو الاستصحاب لعدم وجود الادلة الاخرى. هذه طريقة الشوكاني مثلا ومن تبعه من المعاصرين. يقول المسألة ليس فيها حديث نستصحب الاصل. نستصحب البراءة الاصلية الشيء الفلاني انه بقى هذه هي طريقته. وهذه الطريقة ليست مسلوكة عند فقهائنا وعلمائنا المتقدمين. ليس الامر كذلك بل قد قرر الاصوليون ان الاستصحاب هو اضعف الادلة بل هو اخر الادلة لما تمر على الادلة كلها ولا يبقى لك منها شيء عند ذلك تلجأ الى استصحاب الاصل ونتج عن هذه الطريقة لبعض المعاصرين والمتأخرين اقوال شاذة كثيرة لا داعي الى ذكرها نختم اذا بذكر بعض الطرق التي يمكن ان نتعلم الفقه بها فهنالك طرق غير سليمة يتبعها بعض الطلبة في هذا العصر من ذلك الطريقة جرب الموسوعات الفقهية. يعني هذا طالب يتبع مباشرة ما عنده علم بالفقه فيبدأ مباشرة بكتاب المغني لابن قدامة لانه يسمع ان هذا كتاب عجيب عظيم جامع مانع وهذا كله صحيح كتاب مغني من افضل ما الف في الفقه الاسلامي يسمع ذلك من بعض العلماء فيبدأ القراءة في المغني وهذه الطريقة لا تفيد شيئا وغاية ما في الامر انه يحصل نكثا من العلم. لانه لن يستطيع ان يحفظ المغني وهو في مجلدات ضخمة كثيرة وغاية الامر انه سيأخذ نتفة من هنا واخرى من هناك ولن يحصلوا علما. يعني ستمر عليه شهور فيسأل عن مسألته لا يبقى له منها شيء بكثرة الاقوال وكثرة المدارك المختلفة. والمآخذ المتباينة سيبقى له في ذهنه شيء واحد عن هذه المسألة. ما هي؟ في المسألة خلاف. هذا الذي سيبقى له سيبقى له في المسألة خلاف. طيب نعم فيه خلاف لكن ما قولك في المسألة لن يبقى له شيء. هذه طريقة لا تلائم المبتدأ. المبتدئ عليه ان يتدرج في العلم ليس هذا خاصا بالفقه في كل العلوم عليه ان يتدرج اذا وصل مرتبة عالية يمكن ان يقرأ المغنية والمجموعة وما يشاء من الكتب المتقدمة. لكن ان يبدأ بالمغني خطأ ايضا من الطرق غير السليمة انه يدرس الفقه عن طريق متن من متون المتأخرين غير في الدرر البهية للامام الشوكاني رحمه الله تعالى وهذا فيه نظر لا لان الشوكانية ليس عالما وليس اماما بل هو عالم وامام ولكن متنه هذا وهذا متن الدرة البهية مثلا الشوكاني انا درسته درسته ودرسته في منذ سنوات بعيدة ولكن ظهر لي ان هذه الطريقة ليست ملائمة بنافورة يزعم الامام الشوكاني رحمه الله انه يأخذ متنه من ما صح من الحديث فقط يعني يزعم انه يترك الاشياء غير الصحيحة وغير السليمة وغير الراجحة. ولكن هذا غير صحيح في حقيقة الامر لا نعدوا ان نكون قد تركنا متون المذاهب واخذنا متنا مذهبيا اخر هو مذهب الشوكاني تركنا مذهب مالك والشافعي واحمد وابي حنيفة واخذنا مذهب الشوكاني لان ما في الدرر البهية ليس ما صح من الحديث وانما فهم الشوكاني اعاني من الحديث ما فهمه الشوكاني رحمه الله من الاحاديث هو الذي دبج وجمع في متنه الضرر البهيجة. ولذلك ما ننصح ايضا بهذه الطريقة ولا ننصح بطريقة اخرى يسلكها بعض الناس يأخذ متنه المذهبية فتمنتهم الرسالة ويدرسه لكنه في الحقيقة لا يدرسه على طريقة المالكية ولا يذكر ادلة المالكية. وانما همه يعني الرسالة عنده فقط اه كالركيزة يأتي يقول قال ابن ابي زيد كذا وكذا ولا يهتم بما قاله ولما قاله ومن اين اتى به؟ وما دليله والخلاف داخل المذهب؟ هذا كله لا يهمه وانما يقول الراجح كذا وكذا. اين الراجح؟ الراجح هو الذي رجحه الصنعاني او الشوكاني او فلان او علان اهو هذه طريقة غير سليمة لانه في الحقيقة في مظهرها فقه مذهبي وفي باطنها ليست فقها مذهبية. وهذه الطريقة تقع الكثير من الذين يدرسون المتون الحنبلية في بلاد الشرق. نرى كثيرا من الناس يدرسون باب المستقنع مثلا ولكن عند التحقيق قل من يدرس زاد المستقنع على طريقة الحنابلة على الطريقة المذهبية السليمة التي تؤتي اكلها. عندهم ذريعة فقط لدراسة الفقه. وهو هو يدرس الراجح عنده او الراجح عند شيخه. ولكن مرتبا على ابواب وهنالك طريقة لا نقول عنها انها باطلة. ولكنها طريقة مكملة للفقه المذهبي وهي طريقة التفقه عن طريق احاديث الاحكام كشرح عمدة الاحكام او شرح بلوغ المرام او شرح ملتقى الاخبار وغير ذلك من الكتب من الكتب الجامعة لاحاديث الاحكام هذه طريقة لا نقول باطلا ابدا. يعني فيها فوائد ولكن اظنها لا تناسب المبتدئ بل عليها ان تكون مكملة لما يدرسه المبتدئ. المبتدأ عليه ان يدرس متنا مذهبيا بدليله لاننا لسنا متعبدين بكلام الرجال وانما نحن متعبدون بالدليل الشرعي فيدرس المتن بادلته ويكمل دراسته بدراسة متن من متون احاديث الاحكام كعمدة الاحكام او بلوغ المرام او غيرها فاذا الطريقة المثلى التي نحبها ونرجو الله سبحانه وتعالى ونسأل الله سبحانه وتعالى ان ييسر لنا سلوكها هي الدراسة المتون الارهابية بالتدرج. مثلا نحن اخترنا المذهب المالكي. ندرس المتن المختصر الذي كان يدرسه الناس يدرس الناس للاطفال مثل ابن عاشر بعد اهبة الرسالة ثم ننظر فيما بعد الله اعلم هل سنزيد متنا اخر ام لا ونتدرج ونذكر لا نخوض في الخلاف الطويل العريض وانما نذكر كلام صاحب المتن ونذكر دليله ونشير الخلاف مجملا ونحفظ المتن لان الحفظ لان العلم ذهب به الحفاظ والذي يحفظ حجة على الذي لا يحفظ وهكذا نستمر ونطعمه آآ دراستنا بالادلة من الكتاب من السنة من القياس من الادلة الاخرى المختلف فيها وهكذا نتدرج ونسير خطوة تلو الاخرى الى ان نصل الى مرادنا ومبتهانا باذن الله سبحانه وتعالى اسأل الله عز وجل ان ينفعنا بما علمنا وان يجعل هذه الكلمات نافعة لي ولكم وان شاء الله تبارك وتعالى غدا درسنا الثاني نخصصه ان شاء الله آآ ترجمة الامام مالك رحمه الله تبارك وتعالى. اسأل الله عز وجل ان يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه. واقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والحمد لله رب العالمين