ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره. ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا بجهده الله فلا مضل له. ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اما بعد فان اصدق الحديث كلام الله تبارك وتعالى وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. يقول الله وتعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته. ولا تموتن الا وانتم قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه حق تقاته ان يطاع فلا يعصى وان يذكر فلا ينسى وان يشكر فلا يكفر. فالتقوى اصلها ان تجعل بينك وبين عذاب الله تعالى وقاية. تقيك من غضبه ومقته وعذابه. وانما يقول ذلك بفعل ما امر. والازدجار عما عنه زجر. ولا تكونوا التقوى الا بتحقيق فعل الطاعات وترك المعاصي. وجماع ذلك ما ذكره ابن مسعود حين قال ان يطاع فلا يعصى. اي ان تطيع ربك سبحانه وتعالى ولا تعصيه وتمام ذلك يكون بالالتزام بما امر الله به في كتابه او امر به نبي الهدى صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فالمطيع هو المتقي. واما الذي يدعي انه من اهل التقوى وانه من المتقين. ولكنه مسرف على نفسه في المعاصي. وغاية حاله انه قد يصلي قد يصوم وقد يفعل بعض العبادات ثم اذا جاء الحلال والحرام فانه لم يلتزم بذلك لم يكن هذا متقيا. المتقي انما يعلم حاله عند الحلال والحرام. فاذا جاء الحرام اتقاه وابتعد عنه واجتنبه. سبيل ذلك كما قيل لابي هريرة رضي الله عنه قيل له ما التقوى؟ فجعل لهم مثالا على ذلك قال هل اخذت في ارض شوك من قبل؟ يعني هل سبق لك ان مشيت في ارض عليها اشواك مثلا على جانبيها او فيها اشواك. قال نعم. قال فما صنعت؟ قال كنت اجتنب شوكة فاتجاوزه او انحرف عنه او اتأخر عنه. يعني هذا كالشوك الموجود في هذه الطريق اجتنبه باية طريقة اما ان اتأخرت لكي لا ليلمسني الشوق واما ان انحرف في الطريق واما ان اتجاوزه بسرعة المقصود الا يصلني شيء من اذى الشوك فقال ابو هريرة فذاك التقوى هذه هي التقوى. التقوى اذا ما هي؟ هي ان تترك الاشواك والاشواك ما هي؟ هي الذنوب. كما قال الاخر الذنوب صغيرها وكبيرها فهو التقى. واصنع كماش فوق ارض الشوك. يحذر ما لا تحقرن صغيرة ان الجبال من الحصى. اذا لب القضية هي ان تجعل تلك الذنوب التي تصادفها في حياتك مثل الاشواك التي يصادفها الماشي على ارض به شوق. فانه تلك الاشواك ويجتنبها ويبتعد منها ثم هو لا يفقر منها شيئا صغيرا لا يقول هذا انما هو صغيرة من الصغائر صحيح ان الله سبحانه وتعالى قد ميز بين كبائر الذنوب وصغائر وجعل لكل شيء قدرا. فليست الذنوب كلها على نفس المرتبة ولا في نفس المكانة. هذا صحيح ولكن هذه الصغائر اذا كثرت من العبد المسلم. وتجمعت عليه اوشكت ان تفتح له باب ولذلك قالوا قديما الصغائر بريد الكبائر. هذه الصغائر التي تستحلها وتكثر منها يوشك ان يأتي الوقت الذي تقع فيه في الكبيرة بسبب تجمع الصغائر. فلذلك لا تحقرن صغيرة ان جبال من الحصى الجبل الكبير انما هو تجمع للحصى. الحجارة الحجارة الصغيرة. وكذلك انما السيل اجتماع النقط ذلك السيل الواسع ذلك البحر ذلك النهر. ما هو في حقيقته الا تجمع لنقاط من الماء صغيرة جدا فالمسلم يكون حكيما ولذيذا وفطنا ويتجنب هذه الصغائر كي لا تؤدي به الى الكبائر. ويتجنب الكبائر كي لا تؤدي به الى الخروج عن دين الله عز وجل من حيث يدري ومن حيث لا يدري. فاذا قول ابن مسعود ان يضاعف لا يعصى. وايضا قال وان يشكر وان يذكر فلا ينسى اي ان يكون الله عز وجل حاضرا في قلبك. دائما فتتذكره على جميع احوالك. ولا تكون ان من الذين اذا جاءوا الى المسجد ذكروا الله كثيرا. فاذا انطلقوا الى اسواقهم واشغالهم مدارسهم لم يعد لهم من ذكر الله اي شيء او اقل القليل. ليس الامر كذلك. بل تذكر الله على جميع احوالك في نومك ويقظتك تذكر الله في حال مخالطتك للناس وفي حال انفرادك عنهم تذكر الله في اماكن العبادة كالمساجد وفي الاسواق والمتاجر. تذكر الله بلسانك جوارحك اذ العبرة ليست بالذكر اللساني الذي لا يستتبع عملا كما يفعله بعض الناس فيحمل سبحة يذكر الله باصابع يديه ولكن قلبه غافل. قلبه لاهي قلبه مشغول بالدنيا قلبه متفكر في احوال بعيدة عن ذكر الله عز وجل. فهل يكون هذا ذاكرا؟ اما باللسان فهو ذاكر. واما القلب والجلال فليس ذاكرا. ومرتبة الذكر باللسان مرتبة حسنة لا ينازع فيها. ولكنها لا تكفي لابد من ان يحصل الذكر بالقلب وبالجوارح كلها. فمعنى قوله وان يذكر فلا ينسى ان تذكر واذا ذكرته عصمك ذلك من المعصية. وعصمك ذلك من الوقوع في الذنوب. لانك لا تستطيع ان تذنب وانت تذكر الله. اذا ذكرت الله افتر ورجعت وانبت وتبت الى الله سبحانه وتعالى لكن انما يذنب المسلم اذا غفل عن ذكر الله سبحانه وتعالى. اسأل الله عز وجل لان يجعلنا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات وان يجعلنا من المتقين والحمد لله رب العالمين الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه والتابعين. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين ثم قال بعد ان يذكر فلا ينسى وان يشكر فلا يكفر. اي ان تشكر الله سبحانه وتعالى والشكر له انواع منها شكر اللسان اي ان تقول الحمد لله اشكر الله عز وجل على نعمه وهذا الشكر هو احد اهم انواع الذكر. اذ الحمد لله من افضل انواع الذكر. ولكن هذا الشكر ليس اذ المطلوب ان تشكر الله على نعمته باعمالها فيما يرضي الله عز وجل. فقد انعم بنعمة البصر فلا تنظر الى ما حرم الله وانعم عليك بنعمة السمع فلا تسمع ما حرم الله وانعم عليك باليد والرجل فلا تبطش ولا تمشي الا فيما يرضي الله عز وجل وانعم عليك بالعقل فاجعله في مرضات الله عز وجل. وابعده عن الشبهات التي تصرفه عن ذكر الله وعن طاعة الله سبحانه وتعالى وانعم عليك بما لا يحصى من النعم الظاهرة والباطنة عن انتهى او جهلتها. فاجعل ذلك كله في رضا الله عز وجل فان ذلك من تمام الشكر. ولو ان العبد منا تفكر في نعمة واحدة من نعم الله عليه ثم تفكر فيما يعبد الله به لعلم ان الميزان فيه تطفيف. كما قال بعض السلف لو ان بالله لو انك سجدت لله سبحانه وتعالى منذ ان وقع عليك التكليف سجدة واحدة مستمرة الى يوم مماتك ما قمت بنعمة واحدة من نعم الله عز وجل عليك كنعمة البصر مثلا او نعمة السمع او غيرها من النعم. وانما تعرف ذلك اذا نظرت الى حال من حرم تلك النعمة فأنت حين تكون في تلك النعم المتبحبحا بها متنعما بها متلذذا بها كأنك تحسب ان ذلك حق لك وانه واجب على الله ان ينعم عليك به فلاجل ذلك لا تنظر الى هذه النعم نظرة الشاكر انما تنظر اليها على انها من الاشياء المضمونة التي لابد من حصولها وهي موجودة ولا شك. فاذا حرمتها والعياذ بالله قال حلمت حلمت اهمية النعمة وعظمتها وضرورة شكرها واذا نظرت الى حال المحرومين منها وما وراهم حينئذ تعلم ان الواجب عليك ان تشكر الله ولا تكفره ولا تجحد نعمه عليك. فهذا شكر النعمة وشكرها مؤذن بالازديادها وشكرها مؤذن بازديادها واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم فاذا اردت ان تزداد نعمك وان تكفر وتتوافر في في حياتك كلها فما عليك الا ان تشكر الله على النعمة وان تكثر من ذكره وان تكثر من عبادته كي يزيدك من النعم ويحقق لك صلاح القلب وصلاح الجوارح بالعبادة وذلك هو اعظم مطلوب في هذه الحياة الدنيا ثم ان التقوى لا تكون الا بالعلم اذ لما قلنا ان تقوى الله عز وجل لابد فيها من ترك المحرمات. فكيف تترك المحرم اذا كنت لا اتعلمون كيف تدرك انها كيف تطرق هذا الشيء لانه محرم وانت لا تعرف الحلال من الحرام ولا تميز بين فهذا من اعظم المفاسد الواقعة عند الكثيرين انهم يقعون في المحرمات المختلفة جهلا بكونها محرمة وقلة حرص على التعلم. لان الجهل ممكن. كل واحد منا يجهل الكثير بل ما نجهله اكثر بكثير من ما نعلمه ولكن نسأل الله عز وجل ان يجعلنا من المتعلمين من الحريصين على العلم. الواجب على كل واحد منا لا يقول هذا خاص بطلبة العلم هذا خاص بالعلماء لا احرص على تعلم دينك فان ذلك هو الذي يعصمك من الوقوع في المحرمات. احرص على تعلم دينك. فان ذلك طريق الدعوة الى الله على بصيرة. احرص على دينك فإن ذلك هو الذي يحميك من هذه الفتن ومن هذه الشبهات ومن وطأة الشهوات العلم نور والجهل ظلمات والعياذ بالله تعالى. فلذلك احبة الاسلام اعلموا ان من اراد التقوى ومن احرص على ان يكون من المتقين فمن الواجب عليه ايضا ان يكون من الذين يتعلمون دينهم فهذا التعلم هو الذي يوصلك الى مرادك. وايضا فمن الاشياء التي ينبغي ان تذكر في مجال التقوى. ما ذكره بعض السلف الصالح رضوان الله عليهم انهم قالوا لا تبلغوا ان تكون متقيا حتى تتقي ما لا يتقى. وما معنى ذلك ان المتقي حقا هو الذي يحرص على ترك بعض الاشياء غير المحرمة اصلا فقط من من باب حماية نفسه من الوقوع في المحرمات الصريحة. فهو يترك الكثير من الاشياء المباحة فقط لان ذلك ان يكون فيه شبهات والنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال الحلال بين والحرام بين وبينهما امور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس. المتقي هو الذي يتقي هذه الشبهات فيستمرئ لدينه وعرضه وغيره هو الذي يقع في هذه الشبهات حتى يقع بعد ذلك في المحرمات الصريحة. وهذا كالذي يحوم ويطوف حول الحمى والحمى هو المكان الذي يحميه صاحبه لكي لا تدخل اليه البهائم ونحو ذلك. فاذا جاء الراعي ببهائمه ودوابه وحام حول الحمى يوشك ان يقع فيه. لابد في وقت من الاوقات ان يجد بعض انعامه قد دخلت الى ذلك الحمى. فكذلك هذا السياج المحيط بالحمى هو هذه المشتبهات الذي يقع في هذه المشتبهات ويعني يأخذ فيها كثيرا ولا يتورع عنها يوشك في يوم ايماني ويوم غفلة وما اكثر غفلتنا وظعف ايماننا يوشك ان يقع في المحرم الصريح لانه لم وضع بينه وبين ذلك الحرام سياجا من هذه المباحات التي يتركها لله سبحانه وتعالى. اسأل الله الله سبحانه وتعالى ان يغفر ذنوبنا وان يعصمنا من الاثام والمعاصي وان يجعلنا من الذين يستمعون من قول فيتبعون احسنه ونسأله سبحانه وتعالى ان يدخل عظيم ذنوبنا واجرامنا ومعصيتنا في عظيم بمنه وكرمه وعفوه سبحانه وتعالى. اللهم اننا مذنبون ولكننا علمنا انك انت الغفور الرحيم. فاللهم اغفر لنا وارحمنا. واعف عنا وعافنا. وزدنا من نعمك. والهمنا شكرنا يا رب العالمين واقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والحمد لله رب العالمين