بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فان اسبق الحديث كلام الله تبارك وتعالى وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. اللهم اجرنا من النار هذا الدرس هو الثامن والعشرون من سلسلة شرح كتاب قرة العين على عفوا هو السادس والعشرون من سلسلة شرح كتاب قرة العين على ورقات امام الحرمين في علم اصول الفقه وفيه نأخذ بابا عقده المصنف لترتيب الادلة فقال رحمه الله تعالى ترتيب الادلة او فصل في ترتيب الادلة قال امام الحرمين واما الادلة فيقدم الجلي منها على الخفي والموجب للعلم على الموجب للظن والنطق على القياس والقياس الجلي على الخفي فان وجد في النطق ما يغير الاصل والا فيستصحب الحال هذا الفصل الذي ذكره المصنف هنا لترتيب الادلة كان ينبغي ان يقدمه عند باب التعارض والترجيح وذلك لان الادلة لا يصار الى ترتيبها او لا يحتاج الى معرفة مراتبها الا عند تعارضها اما اذا لم تتعارض فلا فائدة ترجى من معرفة مراتبها لكن عند التعارض يحتاج الى ترتيبها لكي يقدم بعضها على بعضها الاخر ولذلك قال واما الادلة فيقدم الجلي منها على الخفي آآ يقدم الجلي على الخفي قال الشارح وذلك كالظاهر على المؤول واللفظ في معناه الحقيقي على معناه المجازي فالظاهر يقدم على المؤول لا شك في ذلك وايضا يدخل في هذا اللفظ اذا استعمل في معناه الحقيقي فانه يقدم على اللفظ المستعمل في معناه المجازي وهذا راجع الى الظاهر والمؤول. لما؟ لان اللفظ المستعمل في معناه الحقيقي يمكننا ان نقول ان هذا المعنى هو الظاهر من اللغو. المعنى الحقيقي هو الظاهر من اللفظ. واما المعنى المجازي فلا يشار اليه الا تأويلا اي صرفا للفظ عن ظاهره وهو معناه الحقيقي الى معناه المجازي فعلى كل حال عندنا هنا اذا تعارض دليلان احدهما ظاهر والاخر مؤول فان الظاهر يقدم على المؤول ثم قال ويقدم الدليل الموجب للعلم على الدليل الموجب للظن قال الشارح فيقدم المتواتر على الاحاد فلما؟ لان المتواتر يفيد العلم ولان الاحاد يفيدهن على ما اسلفنا في مبحث الاخبار وقد قيدنا هذا كله وذكرنا الصحيح فيه لكن مصيره الان او نمشي الان على ما قرره المصنف من قبل فمعنى ذلك ان الحديث المتواترة يقدم مثلا على الحديث الاحادي. وكذلك القرآن يقدم وعلى حديث الاحاد لكن هنا حالة لا يقع فيها هذا التقديم وهي التي ذكر الشارح بقوله الا ان يكون الاول عاما فيخص به كما تقدم في تخصيص الكتاب بالسنة لما؟ لانه لا تعارض بين عام وخاص لا يعقد التعارض بين دليل عام ودليل خاص فاذا كان المتواتر عاما والاحاد خاصا فان المتواتر يخص بالاحاد مفهوم؟ وهذا قد ذكرناه الفا وذكرنا له بعض الامثلة كحديث مثلا يوصيكم الله في اولادكم اه عفوا كقوله تعالى يوصيكم الله في اولادكم هذه الاية اذا هذا من القرآن اذا هو متواتر اه مع حديث لا يرث المسلم الكافر لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم فهنا يخص العام جيد الحالة الثالثة قال والنطق على القياس النطق المراد به كما اسلفنا مرارا النص من الكتاب او من السنة. يقدم على القياس قال الشارح ويقدم النطق اي النص من من كتاب او سنة على القياس الا ان يكون النطق عاما فيخص بالقياس كما ذكرنا قبل في المعارضة بين المتواتر والاحاد لانه لا تعارض بين عام وخاص وهذا على القول بان القياس يخصص النطق وهذا قد سلف لنا في مبحث التخصيص فاذا ما ثبت بنص الكتاب او بنص السنة يقدم على القياس مطلقا ثم حالة رابعة وهي القياس الجلي مع القياس الخفي ونحن قد عرفنا القياس الجلي الفا بانه ما كانت علته منصوصا عليها او مجمعا عليها وهو الذي يسميه بعض الناس يعني يجعله بعض الناس مفهوما من اللفظ ولا يدخله في باب القياس اصلا هذا القياس الجلي بعض الناس يذكره في مفهوم اللفظ شيء يفهم من اللفظ او من دلالة اللفظ وليس من قبيل القياس. فهذا القياس الجلي مثاله مثلا اه قياس اه الضرب ضرب الوالدين على التأثيث لهما بجامع الاذاية في كل فهذا قياس جلي هذا القياس الجلي يقدم على القياس الخفي قال الشارح اه كقياس الشبه كقياس الشبه القياس الخفي كقياس الشبه فقياس الشبيه قد ذكرنا امثلته وهو اه واضح ذكرنا له مثالا من قبل فلا شك وذكرنا من قبل ان هذا القياس هو اضعف انواع القياس. فاذا تعارض قياس جلي مع قياس الشبه او مع قياس العلة الاخر ما القياس الذي تكون علته مستنبطة اي ليست منصوصا عليها ولا مجمعا عليها ففي هذه الاحوال كلها يقدم القياس الجليل مفهوم جيد بعد هذا كله اي بعد النظر في هذه الادلة وتقديم ما يستحق التقديم منها بعد ذلك ننظر. قال فان وجد في النطق ما يغير الاصل والا فيستصحب الحال اذا ننظر حينئذ في النطق اي في النصوص من كتاب او سنة هل يوجد في هذا النطق ما يغير حكم البراءة الاصلية فان وجدنا ما يغير هذه البراءة الاصلية فاننا نترك البراءة الاصلية ونعمل بالنص وان لم نجد فحينئذ نصير الى اضعف الادلة وهو استصحاب الحال فنعمل به ولذلك يقول الشارح فان وجد في النطق اي النص من كتاب او سنة ما يغير الاصل اي العدم الاصلي الذي يعبر عنه باستصحاب الحال كما تقدم فواضح انه يعمل بالنطق ويترك الاصل وكذا ان وجد اجماع او قياس هذا لم يذكره المصنف لكن زاده الشارح مفهوم كلام صاحب المتن انه يصار الى الاستصحاب متى لم تجد نطقا وهذا غير صحيح. هذا المفهوم وغير مراد لكن المراد هو انه يصار الى الاستصحاب متى لم يوجد دليل سواء كان هذا الدليل نطقا او غيره. ولذلك زاد المصنف هنا الاجماع والقياس اذا وجد اجماع يغير البراءة الاصلية او اذا وجد قياسا يغير البراءة الاصلية فيصار الى مقتضى الاجماع ومقتضى القياس وهذا هو المتفق عليه بين المذاهب اصحاب او القائلون بالادلة المختلف فيها ايضا يقدمون تلك الادلة المختلفة فيها على استصحاب الحال فالمالكية مثلا اذا لم يجدوا نطقا ولا اجماعا ولا قياسا ونظروا فوجدوا سدا لذريعة او عملا لاهل المدينة او استحسانا فانهم يعملون به وان لم يجدوا شيئا مطلقا فانهم يستصحبون الحال قال الشارح والا اي وان لم يوجد شيء من ذلك فيستصحب الحال اي العدم الاصلي فيعمل به كما تقدم قال الشارح ولما فرغ من الكلام عن الادلة شرع يتكلم على الاجتهاد فذكر شروط المجتهد فقال في الحقيقة هذا المبحث هو ليس من صميم علم اصول الفقه وانما هو ملحق به ونحن قد ذكرنا ان اصول الفقه هي دلائل الفقهي الاجمالية لكن يضاف الى ذلك اه كيفية استفادتها وحال المستفيد طيب حال المستفيد هذا هو ملحق بعلم اصول الفقه وحال المستفيد من هو المستفيد؟ هو المجتهد فيبحث الاصوليون استقراظا في حال المجتهد ويجرهم ذكر حال المجتهد الى ذكر ضده وهو المقلد ويجرهم ذلك الى ذكر المفتي وشروط الفتوى وبعض الاصوليين يجعل هذا الباب متقدما على الادلة واخرون يجعله بعد الادلة اي في اخر كتب اصول الفقه هذا الباب الاول او هذا الفصل الاول في مبحث الاجتهاد والتقليد يخصصه المصنف لشروط المفتي وقول الشارح هنا فذكر شروط المجتهد فقال الى اخره هذا يعني ليس هو الذي صرح به المصنف. المصنف صرح بان هذا شرط المفتي لانه قال رحمه الله ومن شرط المفتي ان يكون عالما الى اخره مفهوم اه لكن كما سيأتي في شروط المفتي ما يدل على ان المصنف يشترط في المفتي ان يكون مجتهدا فاذا اذا اشترطنا في المفتي ان يكون مجتهدا فما نعقده لشروط المفتي هو ذاته ما يعقد لشروط المجتهد قال امام الحرمين ومن شرط المفتي ان يكون عالما بالفقه اصلا وفرعا خلافا ومذهبا وان يكون كامل الالة في الاجتهاد عارفا بما يحتاج اليه او بما يحتاج اليه. في استنباط الاحكام من النحو واللغة ومعرفة الرجال وتفسير الايات الواردة في الاحكام والاخبار الواردة فيها اذا يقول الشارح ومن شرط المفتي وهو المجتهد ان يكون عالما بالفقه اصلا وفرعا خلافا ومذهبا. طيب آآ قوله ان يكون اولا قبل ذلك المفتي واضح. المفتي هذا اسم فاعل من افتى افتى يفتي فهو مفت واصل هذا اللفظ اي لفظ افتى اصله اللغوي بمعنى ابان لكن المراد به في اصطلاح اهل الشرع هو الاخبار عن الحكم الشرعي المفتي هو الذي يخبر عن الحكم الشرعي وقد تصب اهل الفروق الى ذكر الفرق بين المفتي والقاضي وبين الفتوى والقضاء بما لا يمكننا الان ان نذكره او نفصل فيه يشترط فيه ان يكون عالما بالفقه اصلا وفرعا مراد المصنف بذلك ان يكون المفتي عالما باصول الفقه اي بهذا العلم وان يكون عالما بالفروع الفقهية. هذا مراده لكنه عبر عن ذلك بتعبير فيه شيء من التجاوز والمسامحة وهو قوله ان يكون عالما بالفقه اصلا وفرعا ف كونه يقول بالفقه اصلا وفرعا مع كانه يدخل اصول الفقه في مسمى الفقه وهذا لا شك انه غير صحيح لان اصول الفقه علم مستقل عن الفقه وليس داخلا فيه لكن هذه مسامحة او يعني شيء من التسمح في التعبير فاذا مراده ان يكون المفتي عالما باصول الفقه مفهوم هنا جيد طيب يقول الشارح مراده بالاصل دلائل الفقه المذكورة في علم اصول الفقه اذا ينبغي ان يكون المفتي عالما بادلة الفقه وهي الادلة التي تذكر في علم اصول الفقه زيد قال وفي ادخالها في الفقه كما تقتضيه عبارته مسامحة. لان هذه الدلائل من علم الاصول وعلم الاصول ليس داخلا في علم الفقه اورد الشارح احتمالا لكي يصحح عبارة المصنف. قال ويحتمل ان يريد بالاصل امهات المسائل التي هي كالقواعد ويتفرع عليها غيرها اذا لعل المصنفة حين قال الفقه اصلا وفرعا لعله يريد بذلك القواعد قال امهات المسائل التي هي كالقواعد. اي القواعد الفقهية التي تكون عامة ويندرج تحتها ما لا يحصى من الفروع لكن في هذه الحالة يرد الاشكال وهو انه لم يعد العلم باصول الفقه مشترطا في المفتي لذلك يقول لكن يفوته التنبيه اي في هذه الحالة يفوته التنبيه على معرفة اصول الفقه في هذه الحالة الان اذا قلنا بان مراده بالاصل القواعد الفقهية اذا لم يشترط في المفتي ان يكون عالما باصول الفقه وهذا غير صحيح لان علم المفتي او المجتهد بعلم اصول الفقه لابد منه قال الا ان يدخل ذلك في قوله كاملة كامل الالة في الاجتهاد آآ اليس كذلك؟ ان يكون كامل الالة في الاجتهاد الا ان يدخل ذلك في قوله كامل الالة لما؟ هذا سيأتي يعني من ضمن الشروط المفتي ان يكون كامل الالة في الاجتهاد فحينئذ نقول يدخل في كونه كامل الالة ان يكون عالما باصول الفقه جيدة اذا هذا معنى قوله ان يعرف الفقه اصلا ثم قال وفرعن مراده بذلك ان يعرف الفروع الفقهية اي المسائل الفقهية الفرعية الموجودة في كتب الفقه وليس المراد بمعرفتها ان يحفظها لكن المراد ان يعرف مضانها في الكتب وآآ لابد او الاولى ان يحفظ جملة منها. وهذا لا يكاد يخلو مجتهد منه لكن اصلا لا سبيل الى حفظ جميعها لا يمكن في العادة ان يحيط المجتهد بكل المسائل الفقهية لانها كثيرة جدا لكن يحفظ جملة منها و يكون عنده القدرة تكون عنده القدرة على الوصول الى المسائل ها في مظانها لما يطلب منه معرفة هذه الفروع الفقهية لكي يجيب المفتي المستفتية اذا كان سؤاله في شيء من هذه الفروع لان كثيرا من الفتاوى تكون سؤالا تكون في الاصل سؤالا عن فروع فقهية موجودة. يعني ليست من النوازل العصرية التي تحتاج الى اجتهاد جديد وانما تكون في المسائل التي ذكرها الفقهاء ودونوها في كتبهم فحين اذ لا يحتاج المفتي الى الاجتهاد وانما يرجع الى هذه المسائل فيفتي منها ثم قال لذلك قال الشارح هنا ومراده بالفروع المسائل المدونة في كتب الفقه ثم قال خلافا ومذهبا ما معنى قوله خلافا؟ معناه انه يشترط فيه ان يكون مطلعا على اختلاف العلماء من لدن الصحابة رضوان الله عليهم الى زمنه يكون مطلعا عليه وفائدة ذلك فائتة ذلك انه يمكنه ان يقول بقول من اقوالهم اذا احتاج الى ذلك وعليه ان يعرف اجماعهم كما يعرف خلافهم لانه لا يجوز له ان يفتي بخلاف ما اجمع عليه العلماء. فينبغي ان يعرف اذا ورد عليه السؤال هذا سؤال فيه اجماع. فلا يفتي بخلافه. او هذا سؤال فيه خلاف فحينئذ يذهب الى قول من هذه الاقوال التي ذكرها العلماء المختلفون من قبل ولا يخرج عن خلافهم وقوله قال الشارح ومراده بالخلاف المسائل المختلف فيها بين العلماء وقوله ومذهبا هنا احتمالان ان كان هنا هذا المفتي مجتهدا مطلقا وهو الذي يستنبط الاحكام الشرعية من ادلتها مباشرة فالمراد بالمذهب ان يكون عارفا بما استقر عليه رأيه وما ذهب اليه هو واما اذا كان مجتهدا مقيدا بمذهب امامه فحينئذ المراد بمعرفته بالمذهب ان يكون عارفا بما استقر عليه رأي امامه يكون عارفا بقواعد المذهب بحيث يمكنه ان يخرج المسألة المعروضة عليه على هذه القواعد مفهوم لذلك قال الشارح وبالمذهب اي ومراده بالمذهب ما يستقر عليه رأيه هذا ان حمل على المجتهد المطلق وان حمل على المجتهد المقيد فمراده بالمذهب ما يستقر عليه رأي امامه وفائدة معرفة الخلاف ليذهب الى قول منه اي الى قول من الاقوال التي اختلف العلماء ولم يخرجوا عنها قال ولا يخرج منه باحداث قول اخر لان فيه خرقا لاجماع من قبله حيث لم يذهبوا الى ذلك القول. اذا مسألة اختلف فيها العلماء المتقدمون فقال بعضهم واجب وقال بعضهم الاخر مستحب مثلا لا يجوز لك ان تأتي انت الان فتقول مكروه لانك خالفت الاجماع هم مجمعون على مشروعية ذلك الفعل. وانما اختلفوا في هل هو هل هو مستحب او واجب فقولك انه مكروه او حرام خروج على اجماعهم فمن هنا معرفتك بالخلاف لابد منها قبل الاجتهاد والفتوى قال وان يكون كامل الالة في الاجتهاد معنى ذلك اي من من شرط المفتي ان يكون كامل الالة في الاجتهاد اختلف الشراح في معنى قوله كامل الالة في الاجتهاد القول الاول ان المراد بذلك صحة الذهن وجودة الفهم صحة الذهن وجودة الفهم وعلى هذا القول الاول فان قول امام الحرمين بعده عارفا بما يحتاج اليه في استنباط الاحكام الى اخره يكون ذلك شرطا اخر مخالفا لهذا الشرط اذا يشترط على هذا القول يشترط صحة الذهن وجودة الفم ويشترط العلم بما يحتاج اليه من علوم لاستنباط الاحكام والقول الثاني في شرح هذا الشرط شرط كونه كامل الالة في الاجتهاد اه هو ان يكون معنى ذلك ان يكون عارفا بالنحو والفقه ومعرفة الرجال واللغة ونحو ذلك مما هو مبسوط في الشرط الذي بعده وعلى هذا فيكون هذا شرطا واحدا ذكره اولا بقوله ان يكون كامل الالة في الاجتهاد ثم فسره ووضحه بقوله عارفا بما يحتاج اليه الى اخره لذلك يقول الشارح ومن شرط المفتي ايضا ان يكون كامل الالة في الاجتهاد ويحتمل ان يريد بكمال الالة صحة الذهن وجودة الفهم بعده فيكون ما بعده شرطا اخر ويحتمل ان يريد بكمال الالة ما ذكره بعده فيكون تفسيرا له. اعني قوله عارفا بما يحتاج اليه في استنباط الاحكام من النحو والفقه ومعرفة الرجال الراوين للحديث الى اخره مفهوم جيد لكن هنا مسألة قوله يشترط في المفتي ان يكون كامل الالة في الاجتهاد هذا في الحقيقة محل نظر محله نظر لان اشتراط ذلك معناه ان تشترط في المفتي ان يكون مجتهدا مطلقا وهذا شيء لا يكاد يتأتى لان الاجتهاد المطلق شيء نادر صعب الوجود فاذا اشترطت وجوده في المفتي فكأنك سددت باب الفتوى ولذلك في الحقيقة الغالب الغالب ان الذي يتصدى للفتوى لا لا يشترط فيه ان يكون كامل الالة ان يكون مجتهدا مطلقا. لكن يكفي ان يكون عارفا بمذهب امامه الذي ينتسب اليه وان يكون مميزا بين الراجح والمرجوح بحيث يفتي بالراجح ولا يفتي بالمرجوح ونحو ذلك نعم وهذا في الفتوى وفي القضاء فكذلك لا يمكننا ان نشترط في القاضي ان يكون مجتهدا مطلقا زيد وقوله عارفا الى اخره يدخل في ذلك كما قال الشارح المعرفة بالنحو وقول السارح من النحو لا يكفي النحو وانما المراد العربية كلها خاصة منها علم اللغة وهو علم المفردات و ايضا يدخل في هذا الباب علم النحو هذا لا اشكال فيه وعلم الصرف ايضا ثم يدخل في ذلك اه معرفة شيء اخر من العلوم العلوم العربية الاخرى مفهوم البلاغة يعني الادب ونحو ذلك لكن هذه ليست شرطا الذي يشترط في الاجتهاد هو على الخصوص علم اللغة وعلم النحو وعلم الصرف. لان هذه الثلاثة يحتاج اليها في فهم كتاب الله عز وجل وفي فهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يمكن استنباط الاحكام الشرعية الا بعد الفهم قال من النحو والفقه ونحو وغير ذلك. وايظا ومعرفة الرجال الراوين للحديث اي ان يكون عارفا بعلم الجرح والتعديل. قال ليأخذ برواية المقبول منه دون المجروح قال واذا اخذ الاحاديث من الكتب التي التزم مصنفوها تخريج الصحيح كالموطأ والبخاري ومسلم لم يحتج الى معرفة الرجال. اذا معرفة الرجال اي معرفة رواة الحديث وتمييز المقبول منهم من المجروح ليس غاية في ذاته. وانما هو وسيلة لمعرفة ما يصح من الاحاديث وما لا يصح فاذا اخذ الاحاديث من كتاب مجمع على صحته كالبخاري ومسلم ومثله الموطأ اي الاحاديث المسندة منه فاخرجنا بذلك البلاغات ونحوها قلنا اذا اخذ الاحاديث التي يستنبط منها من هذه الكتب المجمع على صحتها فلا يحتاج الى الاسانيد والى معرفة الرجال وقولنا الكتب المجمع على صحتها اولى من تعبير الشارح الذي قال من الكتب التي التزم مصنفوها تخريج الصحيح لان ان من من مصنفين من التزم تخريج الصحيح ولكنه اخرج ما ليس صحيحا كالحاكم في مستدركه وابن حبان في صحيحه وغيرهما فان في هذه الكتب ما هو صحيح وما ليس كذلك لكن العبرة بان يكون الكتاب قد اتفق العلماء على صحة ما فيه من الاحاديث والا ان لم يتفقوا فحين فحينئذ يحتاج الى النظر في علم الرجال ليميز بين الصحيح والضعيف في الحقيقة يحتاج الى معرفة نبذة صالحة من علم الحديث مطلقا لا من علم الرجال بخصوصه لان معرفة صحتي الحديث ليس مفتقرا فقط الى تمييز المقبول والمجروح من الرواة. وانما هنالك مباحث اتصال السند وهنالك مباحث الشذوذ ومباحث العلة مثلا جيد. وايضا قال اي من شرط المجتهد وتفسير عارفا بما وتفسير الايات الواردة في الاحكام والاخبار الواردة فيها هذا معناه ان يكون المجتهد عارفا بايات الاحكام واحاديث الاحكام قال الشارح ليوافق ذلك في اجتهاده ولا يخالفه قال والمراد من ذلك معرفة ما يتعلق بفقه تلك الايات وفقه تلك الاخبار دون معرفة القصص اذا آآ نحن هنا نتكلم عن مجتهد في الفقه فالذي يشترط فيه ان يعرف ايات الاحكام وهي محصورة في نحو خمسمائة اية تقريبا وان يعرف احاديث الاحكام وقد تصب جمع من العلماء لجمعها الذي في الملتقى ملتقى الاخبار وبلوغ المرام وعمدة الاحكام وكتاب الاشبيلية ونحو ذلك فهذه احاديث الاحكام وايات الاحكام. المراد ان يعرف ما فيها من فقه ما يستنبط منها من احكام واما ما يوجد في تلك الاحاديث او في تلك الايات من قصص ونحوها فهذا لا يشترط وايضا لا يشترط حفظها. لا يلزم ان يكون حافظا لهذه الايات وهذه الاحاديث لانه اصلا حفظ القرآن هذا ممكن ولكن حفظ الايات او الاحاطة بايات الاحكام هذا شيئا شيء متعسر اصلا ولا يكادوا يوجدوا عالم احاط به لذلك قال الشارح ولا يشترط ان يكون حافظا للقرآن ولا لايات الاحكام منه. هذا ليس ليس شرطا في المجتهد ولكن يشترط ان يكون عارفا بها. باستطاعته ان يصل اليها وان يعرف ما فيها من احكام فقهية بطبيعة الحال الغالب الاعم على المجتهدين قديما وحديثا بل على من دونهم انهم يحفظون القرآن كله. لما في ذلك من الاجر والبركة والخير. لكن من جهة الاشتراط الاصولي ليس ذلك شرطا ليس ذلك شرط قالوا ولا محيطا بالاحاديث والاثار الواردة في الاحكام قال الشافعي رضي الله عنه لا تجتمع السنن كلها عند احد فالمراد ان يكون عالما بجملة من الاحاديث الواردة في الاحكام المشهورة عند اهل العلم وعالما بفقهها ولا يشترط ان يعرف الاحاديث الغريبة آآ يعني كثيرة ايضا ولا تفسير غريب الحديث ايضا لا يشترط ذلك وهنالك كتب مصنفة في غريب الحديث من اجمعها كتاب النهاية لابن الاثير لكن لا يشترط ان يعرف ذلك لكن عليه بالنسبة لهذه الاحاديث التي فيها شيء من الغريب اذا احتاج الى ذلك عليه ان يعرف مظنته ليرجع اليه. قال وان كان معرفة ذلك تزيده تمكينا اذا هذا بالنسبة لشروط من بالنسبة لشروط المفتي ثم انتقل الى المستفتي فقال ومن شروط المستفتي ان يكون من اهل التقليد فيقلد المفتي في الفتيا وليس للعالم ان يقلد وفي نسخة وقيل يقلد جيد من شروط المستفتي هو الذي يطلب الفتوى فهو اسم فاعل من استفتى يستفتي اذا طلب الفتوى اذا سأل عن حكم شرعي من شرطه ان يكون من اهل التقليد وسيأتي تعريف التقليد ان شاء الله تبارك وتعالى. لكن المراد ان لا يجوز ان يكون من اهل الاجتهاد قال الشارح اي ليس من اهل الاجتهاد لكونه لم يجتمع فيه شروطه لم يصل الى درجة الاجتهاد لاجل فقد شرط او اكثر من شروط الاجتهاد فيقلد المفتي في الفتوى او في الفتية اي مجتهدة قال الشارح واشار بذلك الى مسألتين اثنتين احداهما انه لا يجوز تقليد كل احد بل انما يقلد المجتهد ان وجده اذا قوله فيقلد المفتي تصريح بان المقلد لا يجوز له ان يقلد الا مجتهدا لكن الشارح قال ان وجده يشير بذلك الى ان هذا الشرط هو على حسب الإمكان فإن لم فان لم يجد مجتهدا يسأله يمكنه ان ينتقل الى من هو اقل منه ثبتا يعني ان لم يجد مجتهدا مطلقا يرجع الى المجتهد المقيد او الى مجتهد الفتوى نحو ذلك المسألة الثانية قال انه انما يقلده في الفتوى ولا يقلده في الافعال فلو رأى الجاهل العالم يفعل فعلا لم يجز له تقليده فيه حتى يسأله اذ لعله فعله لامر لم يظهر له اي المقلد اي لم يظهر للمقلد ما معنى ذلك معناه يعني قوله فيقلد قول امام الحرمين فيقلد المفتي في الفتوى او في الفتية معناه انه لا يقلده في غير ذلك ما المراد بهذا؟ المراد الافعال اذا رأى المقلد مجتهدا يفعل فعلا هل يقلده في ذلك؟ لا يقلده. ولكن عليه ان يسأله هل هذا الفعل الذي فعلت؟ هل هو جائز فيجيبه المفتي. نعم جائز فحينئذ يجوز له التقليد. ولذلك قال بعض السلف لا تقلدي العالم في فعله او كما قال ولكن سله يصدقك لا تقلده في الفعل. لم؟ الاحتمال ان هذا الفعل يجوز في بعض الاحوال ولا يجوز في احوال اخرى. فهو فعله لانه في حال التي يجوز له فيها فعل ذلك لكن اذا سألته سيصرح لك بالقيود ويقول لك يجوز في هذه الحالة ولا يجوز في هذه الحالة او يجوز بالنسبة لمن هو في حالتي ولا يجوز بالنسبة لمن هو في حالتك وهكذا اذا هاتان المسألتان مأخوذتان من قوله فيقلد المفتي في الفتوى قال وعلم منه ان من كان من اهل الاجتهاد لم يجز له ان يقلد غيره كما نبه عليه بقوله وليس للعالم اي المجتهد ان يقلد غيره لتمكنه من الاجتهاد هذا هو الصحيح وقيل يجوز. معنى ذلك ان المجتهد لا يجوز له ان يقلد معناه لا يقلد غيره ولكن متى يمكنه ان يقلد غيره؟ اذا اجتهد بالفعل في المسألة ولم يظهر له حكمها اذا في هذه الحالة لا يكلف الله نفسا الا وسعها يقلد غيره من المجتهدين او حالة اخرى وهي ان تنزل به نازلة تحتاج الى جواب سريع وهو لكي يجتهد يحتاج الى ايام وربما الى جمع الاحاديث والادلة ونحو ذلك وهذا يأخذ منه وقتا فبهذه الحالة يعدل عن الاجتهاد الى تقليد غيره من المجتهدين لكن الصورة التي تمتنع وتحرم عليه هي ان يجتهد في مسألة ويصل بعد الاجتهاد الى حكم شرعي ثم يترك هذا الحكم الذي وصل اليه ويقلد غيره ها فينتقل عن اجتهاده الى اجتهاد غير هذا لا يجوز صافي وايضا على القول بتجزء الاجتهاد فان العالم يكون مجتهدا في مسألة او مسائل وفي مسائل اخرى لا يستطيع ذلك لا يستطيع الاجتهاد فهي هذه الحالة يقلد غيره. نعم ثم بعد ان ذكر شروط المفتي وشروط المستفتي انتقل الى تعريف التقليد فقال والتقليد قبول قول القائل بلا حجة فعلى هذا قبول قول النبي صلى الله عليه وسلم يسمى تقليدا ومنهم من قال التقليد قبول قول القائل وانت لا تدري من اين قاله فان قلنا ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بالقياس فيجوز ان يسمى قبول قوله تقليدا هذا كله في تعريف التقليد. فذكر هنا تعريفين اولهما التقليد قبول قول القائل بلا حجة اي بلا حجة يذكرها هذا القائل اصل التقليد في اللغة من وضع الشيء المحيط بالعنق ومنه القلادة وجمعها قلائد فحين تقلد غيرك كأن اه كانك يعني كانك حين قلدته جعل في عنقك قلادة وصرت تابعا له بذلك مفهوم هذا معنى التقليد فالتعريف الاول قال قبول قول القائل بلا حجة قال فعلى هذا فعل هذا القول فعلى هذا قبول قول النبي صلى الله عليه وسلم يسمى تقليدا قال الشارح فعلى هذا قبول قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يذكره من الاحكام يسمى تقليدا لانه يجب الاخذ بقوله فيما يذكره من الاحكام وان لم يذكر دليل ذلك الحكم لانه قد قام الدليل على قبول قوله اعني المعجزة الدالة على رسالته مفهوم في الحقيقة آآ لا هنا اه الصحيح في النسخة عندي فيها خطأ الصحيح انه فعلى هذا قبول قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يذكره من الاحكام لا يسمى تقنيدا لما لانه يجب الاخذ بقوله اي بقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يذكره من الاحكام وان لم يذكر الدليل لما؟ لانه قام الدليل على قبول قوله اعني المعجزة الدالة على رسالتي وهنا في الحقيقة الاصوليون مختلفون على هذا التعريف هل يسمى قبول قول النبي صلى الله عليه وسلم تقليدا او لا يسمى تقليدا وان كانت المسألة اصطلاحية لا يترتب عليها شيء بعضهم يقول نعم يسمى تقليدا لان التعريف ينطبق عليه. لان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الحكم ولم يذكر دليله لم يذكر الحجة مفهوم واخرون يقولون اه هذا يسمى هذا لا يسمى تقليدا على هذا التعريف لا يسمى قبول قول النبي صلى الله عليه وسلم تقليدا لما؟ لان قوله صلى الله عليه وسلم حجة بنفسه اي حجة تطلب بعد ذلك مفهوم انت الان مجرد قول النبي صلى الله عليه وسلم هو بنفسه حجة هو بنفسه دليل. فكيف تقول لا يتصور ان تقول يقول النبي صلى الله عليه وسلم قولا بلا حجة لان قوله بذاته حجة اذا هذا الشرح او هذا المذهب الثاني هو الذي ذكره الشارع. ولذلك اقول النسخة الصحيحة هي لا يسمى تقليدا هذه التي عليها شرح الشارح هذه التي توافق ما ذكره الشارح رحمه الله تبارك وتعالى. اي على هذه النسخة يكون اه قبول قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمى تقليدا. على كل حال المسألة اصطلاحية. سمه تقليدا او لا تسمه تقليدا اصطلاح التعريف الثاني قال ومنهم من قال التقليد قبول قول القائل وانت لا تدري من اين قاله. قال الشارح اي لا تعلم مأخذ ذلك كالقول عند قائله وهنا يتفرع على هذا التعريف مسألة وهي اذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بالقياس معنى يقول بالقياس ان يجتهد ليس المراد ان يقول بالقياس فقط ولكن مطلق الاجتهاد قال ان قلنا ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بالقياس قال الشارع ان يجتهدوا ولا يقتصروا على الوحي فيجوز ان يسمى قبول قوله تقليدا لما؟ لاحتمال ان يكون قاله عن اجتهاد لاننا قلنا في تعريف التقليد هو قبول قول القائل وانت لا تدري من اين قاله لا تعلموا مأخذه لكن اذا قلنا ان النبي صلى الله عليه وسلم لا يجتهد معنى ذلك ان كل ما يقوله وحي وعلى ذلك ففي جميع الحالات انت تعرف مأخذ قوله مفهوم؟ اذن هذه مسألة اصطلاحية ولكنها راجعة الى الخلاف في هل يجتهد النبي صلى الله عليه وسلم او لا شيء. اذا قلنا يجتهد حينئذ يجوز ان نسمي قبول قوله تقليدا لاجل الاحتمال لاجل الاحتمال الوارد من ان هذا الذي قاله قاله عن اجتهاده واما اذا قلنا لا يجتهد فكل كلامه وحي او مأخوذ عن وحي فحينئذ لا يدخل في التعريف الذي هو قبول قول القائل وانت لا تدري من اين قاله لذلك قال الشارح وان قلنا انه لا يجتهد وانما يقول عن وحي لقوله تعالى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى فلا يسمى قبول قوله تقليدا لاسناده الى الوحي. اذا عرفنا مأخذه قال وهذه المسألة فيها خلاف اعني مسألة اجتهاده صلى الله عليه وسلم والصحيح جواز الاجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم ووقوعه منه وهو الذي رجحه ابن الحاجب وقيل لا يجوز وقيل يجوز في الاراء والحروب والصواب ان اجتهاده صلى الله عليه وسلم لا يخطئ مسألة اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم مسألة خلافية فاما الاجتهاد في مسائل الدنيا كما ذكر هنا في الاراء والحروب فهذا جائز وواقع مفهوم؟ والخلاف فيه ضعيف وقد دل على وقوعه قصة اجتهاده صلى الله عليه وسلم في تأبير النخل ثم قال كما في صحيح مسلم انتم اعلم بامور دنياكم. هات اجتهاد في مسألة دنيوية واما في المسائل الشرعية فهذا فيه خلاف في الحقيقة والصحيح ان شاء الله تعالى جواز ذلك ايضا. جواز ان يجتهد النبي صلى الله عليه وسلم من الدليل على ذلك ما وقع في اسرى بدر فان النبي صلى الله عليه وسلم اجتهد في اخذ الفداء منهم ونزل العتاب من الله سبحانه وتعالى ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم اخذ ذلك من الوحي ولم يجتهد فيه فما كان عتاب من الله عز وجل. مفهوم وكذلك في مسائل اخرى يقولها النبي صلى الله عليه وسلم ان يجتهدوا فيها ثم يرجع عنها ولو كان ذلك من وحي لم يرجع الصحيح اذا وقوع الاجتهاد لكن هل المسألة يترتب عليها ثمرة عملية؟ في الحقيقة لا لم؟ لاننا على القول بانه يجتهد فان الله عز وجل لا يقره على خطأ لو فرضنا انه اجتهد وصلى الله عليه وسلم بابي هو وامه. ولم يصب الاجتهاد اه الصحيحة الذي يريده الله سبحانه وتعالى في جميع الاحوال لا يقره الله عز وجل على ذلك فاذا لا يبقى في المسألة اه ثمرة عملية ثم بعد تعريف التقليد انتقل الى تعريف الاجتهاد فقال واما الاجتهاد فهو بذل الوسع في بلوغ الغرض قال الشارح ولما ذكر ان الاجتهاد يجب على من اجتمعت فيه شروطه عرفه بقوله واما الاجتهاد فهو بذل الوسع اي تمام الطاقة في بلوغ الغرض وهذا تعريف عام لكن الشارح يوضح ذلك بقوله في بلوغ الغرض المقصود من العلم لتحصيله بان يبذل تمام طاقته في النظر في الادلة الشرعية ليحصل الظن بالحكم الشرعي اذا هذا التعريف العام الذي ذكر امام الحرمين بذل الوسع في بلوغ القرار فهذا عام وهو تعريف لغوي في الحقيقة لكن اه لكي نجعله تعريفا اصوليا شرعيا نقول هو بذل الوسع لاثبات حكم شرعي لاثبات حكم شرعي. جيد الا ان يقول بذل الفقيه وسعه في بلوغ الغرض يعني يزيد قيدا يزيد قيد بذل الفقيه لما؟ لانه في هذه الحالة الفقيه لا يبذل وسعه الا في استنباط الاحكام الشرعية فلا يحتاج حينئذ الى زيادة في بلوغ الغرض من اثبات الاحكام الشرعية لان ذكر الفقيه يغني عن ذلك ثم قال فالمجتهد ان كان كامل الالة في الاجتهاد قال الشارح الذي تقدم ذكره فهو المجتهد المطلق ودونه مجتهد المذهب وهو المتمكن من ان يخرج الدليل منصوصا زائدا على نصوص امامه ودونه مجتهد الفتوى وهو المجتهد المتبحر في مذهب امامه المتمكن من تخريج من ترجيح قول على اخر جيد. هذه اقسام الاجتهاد كنا قد اشرنا اليها في المقدمة التمهيدية للفقه المالكي ملخصها المجتهد المطلق هو من توفرت فيه شروط الاجتهاد يستنبط الحكم من الدليل الشرعي مباشرة مجتهد المذهب هو الذي يعرف مذهب امامه جيدا ويتمكن منه بحيث يستطيع ان يخرج ما لم ينص الامام عليه من الاشياء التي نص عليها الامام. الامام نص على مسائل يأتي مجتهد المذهب فيخرج مسائل اخرى لم ينص عليها الامام من تلك التي نص عليها ومجتهد الفتوى هو الذي يعرف المنقولة عن امامه يعني منصوص الامام و لا يتمكن من تخريج ما لم ينص عليه الامام الاشياء التي نص عليها الامام يذكرها. لذلك سمي مجتهد فتوى يفتي بها. ولكن ما لم ينص عليه الامام لا يستطيع ان يخرجه على كل حال. هذه الاقسام الثلاثة الشارع هنا زاد زيادة على قولي المصنف لان المصنف قال فالمجتهد ان كان كامل الالة بالاجتهاد هذا يفهم منه المجتهد المطلق فزاد الشارح نوعين اخرين قال فان اجتهد كل واحد من هؤلاء في الفروع فاصاب في الفروع لانه سيأتي له فيما بعد في العقائد فاصاب فله اجران اجر على اجتهاده واجر على اصابته. واضح ودليله الحديث الذي سيأتي فيما بعد وان اجتهد في الفروع مرة اخرى واخطأ فله اجر واحد على اجتهاده. وسيأتي دليل ذلك ولا اثم عليه لخطئه على الصحيح هذا بشرط ان يكون ممن يحق له الاجتهاد. اي عنده القدرة عليه ولم يقصر لذلك قال الا ان يقصر في اجتهاده فيأثم لتقصيره وثاقا فاسمه ليس لخطئه ليس للنتيجة ولكن لتقصيره اي لانه قصر في الاجتهاد ولم يستكمل ما عليه ان يفعله من طرق الاستنباط اذا نص الحديث انه ان اخطأ فله اجر واحد ولا يأثم جيد. اذا هذه هذا الذي آآ ينبغي ان يستقر في اذهاننا لكن قال بعض العلماء شيئا اخر قال ومنهم من قال قال اي من علمائنا من قال كل مجتهد مصيب كل مجتهد في الفروع التي لا قاطع فيها اي ليس فيها نص قطعي مصيب هذه مسألة مشهورة عند الاصوليين. هل كل مجتهد مصيب ام لا قال هؤلاء الذين يقولون ان كل مجتهد مصيب قال بناء على ان حكم الله في حقه وحق من قلده ما اداه اليه اجتهاده بمعنى ان هؤلاء يقولون ليس هنالك حكم لله في نفس الامر ولكن حكم الله في المسألة هو ما ادى اليه اجتهاد المجتهد وعلى هذا فمجتهدان اجتهدا احدهما قال واجب والاخر قال مثلا آآ احدهما قالوا مباح والاخر قال حرام مثلا قالوا ليس في نفس الامر شيء او ليس هنالك حكم لله في المسألة ولكن حكم الله بالنسبة للمجتهد الاول الاباحة. وحكم الله بالنسبة المجتهد الثاني التحريم هذا معنى قوله بناء على ان حكم الله في حق وايضا في حق من قلده ما اداه اليه اجتهاد وليس هنالك حكم في نفس الأمر قال وهذا قول الشيخ ابي الحسن اي الاشعري والقاظي ابي بكر الباقلاني من المالكية وغيرهما والمنقول عن ما لك ان المصيب واحد اي الصريح مذهب مالك ان المصيبة واحد مفهوم بمعنى ان انه من غير الصحيح ان يقال كل مجتهد مصيب بل المصيب واحد واذا قلنا المصيب واحد معنى ذلك ان لله في نفس الامر حكما وهذا الحكم من اصابه من وافقه فهو المصيب ومن لم يوافقه فليس مصيبا ولكن هل يأثم؟ لا يأثم فكونه يأثم او لا يأثم. مسألة وكونه مصيبا او غير مصيب مسألة اخرى وبهذا يتضح اه محز هذه المسألة ان اردنا بالاصابة عدم الإثم هذا شيء اخر فكل مجتهد مصيب لانهم كلهم ليسوا اثمين. لكن ان اردنا بالاصابة موافقة حكم الله فحينئذ المصيب واحد وذلك على القول بان حكم الله معروف وموجود في نفس الارض هذا بالنسبة للمسائل التي ليس فيها قطعي. قال واما الفروع التي فيها قاطع من نص او اجماع وحين نقول من نص اي قطعيه الثبوت قطعيه الدلالة فالمصيب فيها واحد وفاقا اي لا يتأتى فيها هذا الخلاف الذي ذكرنا فان اخطأ فيها المجتهد لعدم الوقوع عليه لم يأثم على الاصح لانه اخطأ ولم يتعمد مخالفة القاطع رغم ان في المسألة اجماعا هو مثلا لم يطلع على ان في المسألة اجماعا. ظن ان المسألة خلافية فانه لا يأثم مفهوم مع قولنا ان المصيبة واحد وفاقا اي عند اصحاب المذهب الاول وعند اصحاب المذهب الثاني. هذا كله في مسائل الفقه واما في مسائل العقائد قال امام الحرمين ومعه الشارح اي مدمجا قال ولا يجوز ان يقال كل مجتهد في الاصول الكلامية اي العقائد الدينية مصيب ان مذهب المتكلمين انهم يجعلون آآ يسمون علم العقائد علم الكلام لانهم ادخلوا فيه اصولا كلامية كثيرة قال لا يجوز ان يقال كل مجتهد في الاصول اي في العقائد مصيب قال لم؟ لان ذلك يؤدي الى تصويب اهل الضلالة من النصارى القائلين بالتثبيس. معنى القائلين بالتسبيس لانهم يقولون ان الله عندهم تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا عندهم ثلاثة يسمونها الاقاليم الثلاثة الله او الاله او الرد والابن والروح القدس. تعالى الله عن ذلك والمجوس القائلين بالاصلين للعالم النور والظلمة لان المجوس يقولون بالهين اثنين احدهما اله خير هو النور والثاني اله شر هو ظلمة والكفار الكفار هذا شامل لاشياء كثيرة. قال في نفيهم التوحيد وبعثة الرسل والميعاد في الاخرة وهو من عطف العام على الخاص لان النصارى والمجوس كلاهما يدخل في الكفار فالكفار عامون وعطف على الخاص الذي هو بعض افراده اللي هو النصارى والمجوس قال وكذلك قوله والملحدين يعني وكذلك قوله اي هو من عطف العام على الخاص ايضا ان اريد بالالحاد معناه اللغوي. وهو مطلق الميل عن الحق. لان الالحاد بمعنى الميل والانحراف الالحاد في اسماء الله او في صفاته الانحراف بها عن معناها الحقيقي تحريفها طيب اذا اريد هذا المعنى اللي هو مطلق الميل فحينئذ قول الملحدين هو من عطف العامي على الخاص لان ما قبله داخل فيه عن النصارى والمجوس كلهم ملحدون لانهم مائلون عن الحق. لكن ان اريد بالملحد اصطلاحا وهو من يدعي انه من اهل ملة الاسلام ويصدر عنه ما ينافيه كالمعتزلة ونحوهم في نفيهم صفات الله تعالى كالكلام وخلق الله لافعال العباد وكونه مرئيا في الاخرة وغير ذلك فليس من عطف العام على الخاص هنا الملحد في اصطلاح الحطاب يقول هذا آآ المراد في الاصطلاح المراد به من هو منتسب للاسلام ولكن يقول باشياء تنافي الاسلام قال كالمعتزلة المعتزلة يعني معروف انهم ينفون صفات الله سبحانه وتعالى آآ مثال ذلك ينهون الكلام وخلق افعال العباد لانهم قدرية يعني يكون القدر وينفون خلق الله لافعال العباد وكونه مرئي في الاخرة ينفون رؤية المؤمنين لربهم سبحانه وتعالى في الاخرة الى غير ذلك فالاشعرية اذا ومنهم اه الخطاب وامام الحرمين وغيرهم ينكرون على المعتزلة هذه الامور لكن الاشعرية يتناقضون ايضا فينكرون بعض صفات الله كما انكر المعتزلة كل الصفات وايضا يثبتون بعض الصفات وينكرون بعضها ولهم اشياء كثيرة سنذكرها ان شاء الله تبارك وتعالى في دروس العقيدة باذن الله عز وجل المقصود على كل حال الالحاد والمراد به الميل مطلقا عن الحق او المراد به مخالفة الدين او الكفر بالاديان كلها كما هو الغالب في اصطلاح العصر نحن الان في هذا العصر اذا قلنا الالحاد نريد به الذي ينكر الاديان مطلقا لا يؤمن بدين وهكذا. على كل حال هذا كله اذا قلنا كل مجتهد مصيب فهذا يؤدي الى تصويب هؤلاء وهو باطل من القول والزور ثم قال ودليل من قال ليس كل مجتهد في الفروع مصيبا قوله صلى الله عليه وسلم من اجتهد واصاب له اجران ومن اجتهد واخطأ له اجر واحد رواه الشيخان ولفظ البخاري اذا حكم الحاكم فاجتهد اي القاضي فاصاب فله اجران واذا حكم فاجتهد ثم اخطأ فله اجر واحد ذكره في كتاب الاعتصام من الجامع الصحيح للبخاري. ولفظ مسلم مثله الا انه قال فاجتهد ثم اصاب الى اخره ذكره في كتاب القضاء ووجه الدليل من الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم خطأ المجتهد تارة وصوبه اخرى هذا وجه الشاهد. لانه قال اذا اجتهد فاصاب اذا اجتهد فاخطأ فمعنى ذلك ذلك ان المجتهد يصيب ويخطئ ولا يمكن ان نقول كل مجتهد مصيب فان قيل قوله في الحديث من اجتهد اعم من ان يكون كامل الالة في اجتهاده او لا والمصنف خصه بكونه كامل الالة فالجواب والله اعلم ان من لم يكن كامل الالة فيما اجتهد فليس من اهل الاجتهاد وفرضه التقليد وهو غير معتد باجتهاده فيكون اثما غير مأجور اذا اه يعني المراد من هذا كله هو ان لفظ الحديث من اجتهد وهذا يشمل المجتهد المطلق صاحب الالة الكاملة في الاجتهاد وغيره يعني يدخل فيه حتى المقلد اذا اجتهد. من اجتهد؟ هذا من؟ لفظ العموم والمصنف يستدل بالحديث في مسألة المجتهد الذي استكمل الة الاجتهاد. فالجواب ان الذي يجتهد وهو غير مستكمل لالة الاجتهاد لا يعتد باجتهادي فلا يصح لنا شرعا ان نقول اجتهد يعني المقلد اذا اجتهد في الشرع هذا الاجتهاد غير مقبول وان كان يعني في اللغة يمكن ان يقال هو اجتهاد لكنه غير معتد به. في الشرع ثم قال ووقع الحديث المذكور في رواية عند الحاكم بلفظ اذا اجتهد الحاكم فاخطأ فله اجر واحد وان اصاب فله عشرة اجور وقال صحيح الاسناد وهذا كله استفراد يعني ليس من صميم اصول الفقه وانما مسائل اه يعني حديثية وبذلك انتهى هذا الشرح قال الشارح رحمه الله تعالى وهذا ما يسره الله سبحانه وتعالى في جمعه في شرح الورقات جعل الله ذلك خالصا لوجهه الكريم ونفع به في الحياة بعد الممات انه سميع قريب مجيب الدعوات ونعوذ بالله من علم لا ينفع وقلب لا يخشع ودعاء لا يسمع ونفس لا تشبع. اعوذ بك اللهم من شر هؤلاء الاربع ونسأل الله العظيم بجاه نبيه الكريم وهذا من التوسل المذموم المبتدع الذي لم يكن في القرون المفضلة لكنه انتشر انتشارا بالغا عند المتأخرين يقول نسأل الله العظيم بجاه نبيه الكريم ان يصلح فساد قلوبنا ويوفقنا لما يرضيه عنا ويغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا ووالديهم واخوانهم واصحابنا واحبابنا وجميع المسلمين بمنه وكرمه امين وبذلك ينتهي هذا الشرح على كتابي الورقات للحطاب المالكي وبذلك ينتهي تعليقنا بهذه الدروس او في هذه السلسلة العلمية على كتاب قرة العين على ورقات امام الحرمين. نسأل الله سبحانه وتعالى ان ينفعنا بهذه الدروس ان ينفع بها قائدها والمستمع اليها وان يجعلها في ميزان الحسنات يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم. واسأله سبحانه وتعالى ان تكون هذه الدروس فاتحة لنا بمزيد من المثابرة والاجتهاد والجد في علم اصول الفقه بدراسة كتب اخرى اكثر تفصيلا وباعادة دراسة المسائل التي اه ذكرناها من قبل وبمراجعة المسائل وحفظ المتون ونحو ذلك ونسأل الله عز وجل ايضا ان ييسر لنا اجمعين اه التعلق بالعلم الشرعي وحب العلوم الشرعية والمثابرة عليها واقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم الحمد لله رب العالمين