رحمة سيقت الينا من سماوات علا وبها نحن ارتقينا وصعدنا للعلماء رحمة سيقت الينا من سموات علاه وبها نحن ارتقينا وصعدنا العلا وبها صار الفقير له حلم وهوى وبها فرح الضعيف وتغنى وارتوى بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فان اصدق الحديث كلام الله تبارك وتعالى وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار نشرع اليوم باذن الله سبحانه وتعالى في هذه الدروس العلمية بشرح رسالتي العلامة ابن ابي زيد القيرواني رحمه الله تعالى بالعقيدة والفقه قبل ان نشرع في تدارس الرسالة لابد من مجموعة من المقدمات لنضع هذه الدروس في سياقها علينا ان نعرف مثلا بالامام مالك رحمه الله تعالى وبالامام ابن ابي زيد وعلينا ان نعرف بمنهج مالك ومنهج ابن ابي زيد في العقيدة وان نذكر اصول ما لك بالفقه ونذكر ما تمتاز به الرسالة عن غيرها من متون الفقه المالكي الى غير ذلك من المقدمات التي لابد منها لكننا اليوم ان شاء الله تعالى نخصص هذا اللقاء لفضل العلم واهمية التفقه في الدين ومعالم العلم الشرعي وملامحه حين نريد ان يكون هذا العلم علما ربانيا مفيدا نافعا لصاحبه وللمجتمع والامة فنبدأ اولا بذكر فضل العلم ولا يخفى عليكم ان العلم اذا اطلق في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فان ما يراد به العلم الشرعي ولا يعني ذلك ان العلوم الاخرى غير محمودة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هي علوم محمودة ما دامت تؤدي الغرض منها الطبي مثلا والهندسة وسائل الصناعات التي يحتاج اليها المسلمون فلا شك انها من فروض الكفاية اذا قام بها بعض المسلمين سقطت المطالبة والمؤاخذة عن جميعهم واذا لم يقم بها احد من المسلمين ظهر النقص على الامة كحالنا في هذا الزمن. لكن للعلم الشرعي ميزة يختص بها عن غيره من العلوم لانه العلم الذي يؤهل المسلم الى فهم مراد الله عز وجل منه اي مراد الله من المكلف فكل ما جاء في كتاب الله او سنة رسوله من ذكر العلم فالمراد به العلم الشرعي كقول الله عز وجل شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولو العلم قائما بالقسط فاستشهد الله تعالى اولي العلم على اجل مشهود عليه وهو كلمة التوحيد وشهادة الاخلاص لا اله الا الله ثم قرن شهادة اولي العلم بشهادته سبحانه وتعالى. وبشهادة الملائكة المكرمين الذين لا يعصون الله الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون ففي هذا من الفضل العظيم لاولي العلم ومنقبة لهم عظيمة جدا لمن تأملها وكذلك الله عز وجل يقول يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم وذكر المفسرون ان اولي الامر هم العلماء والامراء و الاتيان بهم بصيغة الجمع اولي الامر منكم دليل على ان المراد عموم اهل الحل والعقد الذين يحلون ويبرمون في امور الامة وانما يفعل ذلك الامراء والعلماء وقوله منكم اي كائنين من هذه الامة وفي تكرار لفظ اطيعوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم دون اولي الامر اذ قال سبحانه وتعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم اشارة الى ان طاعة اولي الامر انما هي على سبيل التبع لا الاستقلال بخلاف طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ومعنى هذا ان اولي الامر لا يلزم ان يأمروا بما هو طاعة لله وطاعة لرسوله صلى الله عليه وسلم فان امروا بما هو موافق لطاعة الله ورسوله. وجبت طاعته وان لم يفعلوا لم تجب طاعتهم لعموم القاعدة المأخوذة من الحديث النبوي انما الطاعة في المعروف بخلاف طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ثبت باليقين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأمر الا بما هو طاعة لله عز وجل فلاجل ذلك طاعته ليس فيها ذلك التوجس الذي يكون في طاعة اولي الامر من غير المعصومين ولاجل ذلك فطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي طاعة مستقلة. لان طاعته من طاعة الله سبحانه وتعالى وايضا ولا شك ان هذا هذه الاية تدل على عظيم فضل العلماء لانهم يطاعون اي يطاعون ما اطاعوا الله عز وجل وما امروا بما يوافق شرع الله وايضا في الحديث الذي اخرجه الامام احمد عن ابي الدرداء رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من سلك طريقا يطلب به علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة وان الملائكة لتضع اجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع وان العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الارض والحيتان في جوف الماء. وان فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وان العلماء ورثة الانبياء وان العلماء ورثة الانبياء. وان الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما فمن اخذ بالعلم فقد اخذ من ميراثهم بحظ وافر فعلى هذا وهذا الحديث يعني جمع روايات مختلفة من احاديث اخرى مجملا هو حديث يمكن ان يقبل في هذا المقام هذا الحديث يدل على امور كثيرة منها اولا ان من سلك طريقا يطلب به علما سلك الله به طريقا الى الجنة. وفي الحديث الصحيح في صحيح مسلم من سلك طريقا يلتمس به علما سلك الله به طريقا الى الجنة. او كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فكل من سعى الى العلم مخلصا فيه نيته غير مبتغ بذلك ان يماري السفهاء ولا ان يجادل ويكابر ولا ان يظهر على الناس وانما يريد بذلك وجه الله كل من فعل ذلك فان الله يسلك به طريقا من طرق الجنة وعلى هذا فان العلم الشرعي من اعظم الطرق الموصلة الى الجنة خلافا لما قد يظنه بعض الناس حين يحسبون ان طريق الجنة انما يكون بالاكثار من التعبد والتعبد مطلوب وشعائر الله التعبدية التي يفعلها المسلم في نفسه هي مطلوبة محمودة موصلة الى رضوان الله عز وجل ولكن سيأتي في نفس الحديث ان فضل العالم على العابد كبير جدا لما سيأتي ذكره ان شاء الله تعالى ولذلك نحن الان ونحن في بداية هذه الدروس نحتاج الى ان نصحح نياتنا وذلك بان نستحضر في اذهاننا اننا لا نجتمع في هذه الدروس الا طلبا لرضا الله عز وجل ونبتغي بهذا العلم ان ننتفع به في انفسنا وان ننفع به من وراءنا فنبثه في الناس ونرفع عن انفسنا وعن اقاربنا وجيراننا ومن نعرفه من المسلمين ان نرفع الجهلة المنتشرة ونسعى الى التقرب الى معرفة مراد الله عز وجل منها ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وان الملائكة لتضع اجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ولا شك ان هذا فضل عظيم جدا فلنستحضره ولنتذكر باننا ما دمنا نطلب العلم مخلصين فعلنا هذا فان الملائكة ترضى بما نصنع وانها لتضع اجنحتها لنا معاشر طلبة العلم لاجل ماذا؟ الرضا بهذا الذي نصنعه ثم ايضا رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد فيقول وان طالب العلم او العالم يستغفر له من في السماوات ومن في الارض حتى الحيتان في جوف الماء اي كل من في الكون يستغفر لك يا طالب العلم ومن الذي يستطيع ان يزعم انه في غنى عن استغفار الناس له بل عن استغفار غير الناس له. انه قال كل من في السماوات ومن في الارض وايضا يذكر فضل العالم عن العابد وانه كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب فان القمر يستسر في اول الشهر ثم يبدأ في الظهور حتى يكون ليلة البدر وهو ليلة الرابع عشر حتى يكون في ابهى حلة واجمل صورة ففي هذه اللحظة القمر لا شك انه يكون افضل من الكواكب كلها فهذا ففضله على هذه الكواكب هو فضل العالم على العابد ولعل تشبيه العالم بالقمر اشارة الى ان نفع العالم متعد وتشبيه العابد بالكواكب الاخرى اشارة الى ان نفع العابد قاصر معنى هذا الكلام ان العالم ينفع نفسه وينفع غيره بالعلم كما ان القمر ينير ليلة البدر للناس. وتأمل اذا كانت الليلة ليلة بدر مكتمل وخرجت الى البادية فانك ترى امامك الطريق دون حاجة الى انوار فالقمر حينئذ نفعه متعد للناس. كالعالم فانه يبث نور الرسالة بين الناس اما العابد فنفعه قاصر عليه ينفع نفسه بما يمارسه من العبادات ولكنه لا ينفع غيره فكذلك الكواكب لا تنفع الناس كما ينفعهم القمر ليلة البدر ثم اخيرا يقول والعلماء وان العلماء هم ورثة الانبياء وهم لم يرثوا من الانبياء مالا لا دينارا ولا درهما فان الانبياء لا يورثون دينارا ولا درهما وانما يورثون العلم فالعلماء هم الذين اخذوا من هؤلاء الانبياء هذا الميراث فهم يبثونه في الناس ثم ايضا في حديث معاوية رضي الله عنه وهو ثابت في الصحيح ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وانما انا قاسم والله يعطي ولا تزال هذه الامة قائمة على امر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي امر الله والشاهد عندنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث في الصحيح قوله عليه الصلاة والسلام من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ان من اراد الله به الخير سلك به الطريق الى التفقه في الدين ومفهومه هذا منطوق الكلام مفهوم الكلام ان الذي لا يتفقه في الدين فانما ذلك لان الله لم يرد به الله الخير ولو لم يكن من النصوص في فضل العلم الا هذا النص لكفى بالارشاد الى عظيم فضل العلم والى وجوب حرص المسلم عليه كل بحسب طاقته وقدرته فان الله لا يكلف نفسا الا وسعها فمن استطاع ان يصل من العلم الى اعظم الدرجات فلا ينبغي ان يقصر عن تلك الدرجات ومن لم يستطع اعلى الدرجات فله في انقصها واقلها ما يغنيه ويكفيه فكل الواجبات منوطة القدرة والاستطاعة وقوله عليه الصلاة والسلام يفقهه في الدين المراد بالفقه هنا المعنى الاعم لا المعنى الاصطلاحي الذي يرادف علما من العلوم الشرعية هو علم الفقه وذلك ان الفقه كما سيأتينا ان شاء الله تبارك وتعالى في اصل اللغة هو الفهم او حسن الفهم ثم يطلق فيراد به عموم العلم الشرعي. عموم العلم بالكتاب والسنة ويطلق حينئذ على قسمين فقه اكبر وفقه اصغر وفي الكتاب المنسوب لابي حنيفة وهنالك كتاب منسوب لابي حنيفة اسمه الفقه الاكبر الفقه الاكبر هو علم العقائد او علم التوحيد والفقه الاصغر هو الفقه الاصطلاحي الذي ندرس فيه العبادات والمعاملات فهذان النوعان من الفقه مع ما يكملهما يقدم لهما ويمهد لهما هما اساس الدين وهما اساس التفقه في الدين الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه في هذا الحديث لان ما سندرسه ان شاء الله تبارك وتعالى هو هذان. الفقه الاكبر هو الفقه الاصغر. اي العقيدة والفقه ثم هذان العلمان لا يكتملان ولا يفهمان ولا يدركان الا بعلوم مكملة هي سائر العلوم الشرعية كما ربما سنذكر فيما بعد فإذا المقصود من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين المراد بالفقه في الدين هو هذا المعنى الشامل جميع العلوم الشرعية وايضا في حديث ابن مسعود رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا حسد الا في اثنتين رجل اتاه الله مالا فسلطه على هلكته بالحق ورجل اتاه الله الحكمة فهو يدعو اليها ويعلمها. وكما قال عليه الصلاة والسلام فلا حسد اي لا غبطة كما ذكر شراح الحديث وذلك انهم يفرقون بين الحسد والغبطة فالحسد هي تمني ما لدى الاخر من النعمة مع ارادة زوالها عنه او تمني زوالها عنه والغبطة بخلاف ذلك هي تمني ما لدى الاخر من النعمة دون تمني زوالها. لكن هذا اصطلاح خاص وقد يطلق الحسد ويراد به ما يرادف الغبطة كما في هذا الحديث فلا حسد الا في اثنتين اولهما الذي يؤتيه الله يؤتيه الله عز وجل المال فيسلطه على هلك يهلك هذا المال بالانفاق الشرعي فيما يرضي الله عز وجل وذلك ان المال هو مال الله والله تعالى يتفضل على العبد من عباده فيؤتيه يرزقه شيئا من هذا المال ثم هو حين يرزقه ينظر كيف يصنع فيه فإن انفقه في اوجه الحلم فقد ادى شكر النعمة وان لم ينفقه في اوجه الحل الواجبة والمستحبة والمباحة ايضا بل انفقه في الوجوه المحرمة لم يكن شاكرا لهذه النعمة واوشك الله تعالى ان يعاقبه بزوال النعمة اولا في الدنيا وبالعقوبة عليها في الاخرة. بخلافي الاول الذي يرزقه الله المال فينفقه في سبيل الله عز لانه يعلم ان المال ليس له وانما هو مال الله ائتمنه الله عليه فهذا الذي ينفقه في اوجه البر واوجه الخير واوجه الواجبة والمندوبة والمباحة فهذا يشكر النعمة وهذا يؤذن باي شيء؟ يؤذن بان يزيده الله تعالى من هذه النعمة في الدنيا واذ اذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم والشكر ولا يكون باللسان فقط وانما يكون ايضا بالفعل كما قال الشاعر افادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجب فالشكر يكون بهذه الثلاثة منها الشكر بالفعل وحينئذ فهذا الذي يشكر نعمة المال بانفاقه في اوجه الخير يؤذن فعله بان الله سيزيده من نعمة المال في الحياة الدنيا فوق كونه يثيبه على ذلك في الاخرة فهذه بعض النصوص ثم ايضا آآ والاخر الثاني الذي يؤتيه الله الحكمة فهو يعلمها ناس يبثها بين الناس ويدعو اليها الى غير ذلك فإذا هذه بعض النصوص ولو شئنا ان نطيل في هذا المقام لأطلنا لان النصوص في طلب العلم كثيرة جدا وقد تصدى جماعة من العلماء الى جمع هذه النصوص من الكتاب ومن السنة ومن آآ اقوال السلف الصالح رضوان الله عليهم. واستخرجوا من ذلك امورا كثيرة سواء في باب فضل العلم. او في باب ادب طلب العلم لكننا ننتقل الى المحور الثاني في هذا اللقاء الاول والمحور الثاني نتحدث فيه عن الفوائد العملية التي يمكن آآ تحصيلها من طلب العلم الشرعي لان الفائدة الاولى هي ما ذكرناه في المحور الاول وهي ماذا؟ وهي تحصيل رضا الله عز وجل. الله سبحانه وتعالى يرضى عليك اذا فانت طلبت العلم ويؤهلك طلبك للعلم للجنة وللفوز النعيم المقيم عنده سبحانه وتعالى. هذه الفائدة الاولى وهي اعظم الفوائد واجلها لكن هنالك فوائد عملية في الواقع يمكن ان نلحظها من خلال النظر في احوال العلماء وطلبة العلم ومن خلال النظر في احوال من يناقضهم وهم غير العلماء فيمكننا ان نقول ان للتفقه في الدين فوائد كثيرة اولها هي تكوين المنهجي المعرفي تكوين المنهج المعرفي بمعنى اذا تأملنا حال الناس في هذا الزمان فاننا نجد اغلبهم يعانون من الحيرة والاضطراب في تعاملهم مع ما جريات الاحداث كلما حدث في الامة او في البلد او في المجتمع حادثة جديدة وجدت الناس لا يفيئون في التعامل معها الى اساس صلب مستقر وانما تجده اذا حدثت الحادثة يبدأ في البحث والسؤال والتنقيب والنقاش والجدال والمراء لعله يستخرج شيئا يستقر عليه وينبذ به ما يعانيه من الحيرة والاضطراب ولو شئت ان امثل لك بعشرات الامثلة لفعلت فان الامثلة في هذا الباب لا تكاد تحصى كل حادثة جديدة تجد الناس يتعاملون معها بطريقتين طريقة العلماء وطلبة العلم الذين لديهم اساس مستقر واضح هؤلاء الامر عندهم من اسهل ما يكون عندهم بناء مستقر فيه لبنات متعددة في مجال العلاقة بين المسلم واخيه المسلم في مجال العلاقة بين داخل الاسرة العلاقات المجتمعية الامور امور السياسة الشرعية امور كذا امور الامور كلها مستقرة في بناء واضح فحين تأتي الحادثة يحيلها العالم او طالب العلم على هذا البناء وينظر اين هي هذه الحادثة من هذا البناء؟ فتكون الامور لديه مستقرة سهلة اما الجاهل واكثر منه الجاهل المتعالم وهو الذي يدعي العلم وليس بالعالم. فهذا اشد من الجاهل لان الجاهل الامر فيه سهل وهو انه يسأل العالم يقلده في فتواه وما افتاه به العالم فهو حكم الله في حقه. ومن اسهل ما يكون لكن الاشكال في من؟ الاشكال في الجاهل المتعلم وهو الذي يريد ان يستنبط الحكم الشرعي في هذه النازلة التي وقعت وليست له المؤهلات الشرعية ولا الواقعية لذلك الاشكال في هذا لذلك كثير من الناس يرجعون ويسألون هذا السؤال فيقولون مثلا نحن نحتار خاصة في هذه السنوات الاخيرة نعاني من الحيرة ونعاني من الاضطراب لا ندري كيف نتعامل مع هذا الخلافات الكثيرة والحق ان الامر سهل ولكن هم يصعبون على انفسهم فالناس لا يخلو حالهم من ان يكونوا احد اثنين. اما عالم لديه قدرة القدرة على الاجتهاد فهذا يجتهد في النازلة ويستنبط حكمها الشرعي واما من ليس عالما ولا قدرة له على الاجتهاد فهذا يسأل العالم الشرعي. اي يسأل ذلك العالم الذي يثق في دينه وعلمه و ما افتاه به العالم فهو حكم الله في حقه. سواء اصاب ذلك العالم في نفس الامر او اخطأ. لا يهم وليس هو مؤاخذا ولا محاسبا ان اخطأ ذلك العالم. فالامر سهل. لكن لما وجدت الحيرة والاضطراب والنزاعات والصراعات اليوم لان كل من ليست له الاهلية يريد ان ليتحدث في حكم الله عز وجل وان يستبط الاحكام الشرعية فاذا اه هذه القضية من فوائد العلم وهو ان العالم او طالب العلم عنده شيء يرجع اليه وهو علمه بخلاف غيره من الناس فلنتأمل هذه العلوم الشرعية التي نتحدث عنها كيف يمكنها ان تساعد المسلم على ان يكون مستقرا ثابتا راسخا امام اعاصير الشبهات والشهوات والخلافات والصراعات اعظم العلوم واولها علم العقيدة وعلم العقيدة هو العلم الذي يعلم المسلم كيف يكون له منهج واضح للتعامل مع رب العزة جل جلاله وفي التعامل مع الكون والحياة والانسان كما ان الفلاسفة يزعمون ان فلسفتهم تؤهلهم التعامل مع هذه القضايا الوجودية الكبرى فاننا معاشر المسلمين نقول ان العقيدة ولكن اذا درست على اصلها السليم بعيدا عن الشقشقات اللفظية والخلافات والصراعات التي لا تثمر العقيدة هي التي تقوم بهذا الدور فالعقيدة اولا بها تعرف وصفة معبودك سبحانه وتعالى. الرب سبحانه وتعالى الذي تعبده ما صفته العقيدة بها تعرف قبل ذلك وجود الله هذا ما لا نقاش لنا فيه وربوبيته واستحقاقه للعبادة اي استحقاقه للالوهية لان يعبد ان يعبد دون غيره من المعبودات الباطلة. فهذا العلم الى جانب معرفة العلاقة بالله ووجوب عبادته وعدم الاشراك به ومعرفة صفاته واسمائه. هنالك ايضا امور متعلقة بالتدبير ومتعلقة آآ يعني كون المسلم في هذه الحياة هل هو صاحب ارادة واختيار ام ليس كذلك اه الى جانب معرفة الثواب والعقاب الذي اعده الله عز وجل المحسنين والمسيئين الى غير ذلك من الامور فهنالك امور كثيرة اذا تتضح لمن درس العقيدة لكن لا يخفى كما ذكرت لكم اه لا تنفع العقيدة صاحبها الا اذا كان مأخوذة من الكتاب والسنة وبعيدة عن الاشياء التي الحقت بعلم العقيدة وليست من صميم هذا العلم اذا هذا علم العقيدة علم الفقه الامر فيه واضح جدا. وهو انه يعلمك مراد الله سبحانه وتعالى منك كيف تصنع في عباداتك؟ وكيف تصنع في معاملاتك؟ وكيف تصنع في آآ تعاملك مع اسرتك وفي تعاملك مع واجتمعوا في تعامل آآ تعاملك في اطار السياسة الشرعية او تعامل الامة مع غيرها من الامور الى غير ذلك. هذه الامور كلها تدرس في علم الفقه. ولا شك ان هذا من اعظم اه الاشياء التي تحدث او المجالات التي تحدث فيها خلافات عظيمة جدا بين الناس ثم هنالك علم مصطلح الحديث وهذا هو منهج توثيق النقل وذلك ان علمنا مبني على النقل فهذا النقل كيف يمكن توثيقه؟ لا شك ان القرآن الكريم ثابت بالتواتر لكن الحديث نحتاج الى منهج به نميز ونمحص ونعرف ان هذا اه الحديث مقبول وهذا غير مقبول. اذا هذا منهج عظيم جدا. لكن في الحقيقة لعل سائلا يقول هذا خاص بعلم الحديث فما فائدته في الحياة والحق ان من تشبع بمنهج المحدثين في نخل الروايات الحديثية اذا خرج للتعامل مع الروايات والاحداث والاخبار المنتشرة في الواقع فانه يجد نفسه ثابتا متمكنا راسخا وذلك ان هذا المنهج يمكن اعماله في غير الحديث النبوي قضية اه التوثيق وقضية اه التأمل والتدبر في الرواية واه ان انواع ان الرواية انواع منها ما هو مكذوب ومنها ما هو صحيح بنسبة معينة اي هنالك نسبة من الصحة فيه وهناك نسبة اخرى من اه الظن والتوهم فيه والى غير ذلك من المباحث التي هي في الاصل مباحث للحديث النبوي يمكن ايضا تطبيقها في غير الحديث النبوي ثم هنالك علم اصول الفقه وهو منهج الاستدلال لان عندك روايات هذه الروايات الحديثية ومع ايضا الايات القرآنية هذا هو النقل لكن كيف يمكن استنباط الاحكام الشرعية من هذه النقول استنباط الاحكام يكون بمنهج استدلالي وهو الذي يكون في حلم اصول الفقه وهذا من اجل العلوم واعظمها. بل هذان العلمان معا وهما علم مصطلح الحديث وعلم آآ اصول الفقه علمان تفرد المسلمون بهما. فهما علمان خاصان بهذه الامة ومما ابدع مما ابدعه العقل الاسلامي ان صح هذا التعبير بمعنى علم اصول الفقه علم تنزيل القواعد الاصولية على النقول والروايات لاستنباط الاحكام هذا علم عجيب وعظيم جدا وهو من خصائص هذه الامة. وكذلك علم توثيق النقل والرواية. بحيث تكون على يقين من ان هذه الرواية صحيحة قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم او عندك غلبة ظن بان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال ذلك او بالعكس عندك غلبة ظن انه لم يقولها او عندك يقين ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل ذلك هذا التوفيق ايضا من خصائص هذه الامة وكذلك هذا العلم الاستدلالي وهو علم اصول الفقه يمكن تنزيله في كثير من الامور المتعلقة بالواقع كثير من من امور الواقع يمكن ان ينزل عليها علم اصول الفقه ثم بعد ذلك عندنا علوم العربية وهي العلوم التي تؤهلك لفهم الكتاب والسنة والتعامل مع كتب التراث فعلوم العربية هذه هي فائدتها الاولى فهم الكتاب فهم السنة والتعامل مع كتب التراث وقد رأينا كثيرا من الناس لضعفهم في اللغة العربية يجدون امامهم حاجزا يحجزهم عن الاقبال على الكتب التراثية القديمة ولذلك اذا جاء الى علم السيرة مثلا يقول لك اريد كتابا عصريا كتبه مؤلف عصري باسلوب عصري حتى ال الامر الى ان يطلب منك كتابا باللهجة العامية. لانه لا يستطيع ان يتعامل مع الكتب بالتراثية القديمة ونفس الشيء قله في علم التفسير في الفقه في العقيدة في كل شيء لا يستطيع ان يتعامل مع هذه الكتب التراثية. مع ان العلم كله او جله موجود في تلك الكتب القديمة واغلب المعاصرين انما يحاولون فهم تلك الكتب التراثية واعادة تقديمها بخطاب عصري وباسلوب عصري ملائم لاناس هذا العصر. فاذا المنهج المعرفي ما فائدته؟ فائدته ان لا تكون من الذين يجمعون المعلومات فقط ليس هذا هو العلم. كثير من الناس لا يحكم على العالم بانه عالم الا بمقدار محفوظه فاذا رآه امامه يحفظ الكثير فهذا عنده عالم هذا غير صحيح مهما نقوله عن اهمية الحفظ فان كثرة المحفوظ لا تدل على العلم كما ان قلة المحفوظ لا تدل على عدم العلم. وانما العلم هو الفهم حقيقة فان كان مع الحفظ فبها ونعمت هذا شيء مطلوب وان لم يكن مع الحفظ فليس ذلك مانعا من ان يكون العالم عالما والا فالقدرة على سرد المرويات وسرد القصص وسرد الحكايات وسرد الاشعار هذا لا يجعل من الشخص عالم وانما يجعل منه حافظا. غاية امره ان يكون بذلك حافظا. لكن العلم ما هو؟ هو التدقيق في الامور وتحقيق المسائل الشائكة واستنباط الحكم الشرعي من دليله بمنهج استدلالي سليم فإذا هذا هو ملخص ما نقوله عن اه تأسيس المنهجي المعرفي المعنى الثاني الذي نحتاجه لاجله ان نعتني بالتفقه في الدين هو التعامل مع الخلاف والخلاف موجود وهو سنة كونية لا يمكن الغاؤه ولكن ينبغي ترشيده وحسن التعامل معه لذلك من رام ان يلغي الخلاف خاصة ما كان منه مستمرا لقرون منذ زمن النبوة او يعني منذ زمن ما بعد النبي صلى الله عليه وسلم منذ زمن الصحابة رضوان الله عليهم ثم يأتي بعض الناس في هذا الزمن ويريدون ان يلغوا هذا الخلاف. الغاؤه غير ممكن. لكن علينا ان نتعلم كيف نتعاهد مع الخلاف في ذاته ومع المختلفين واول شيء في التعامل مع الخلاف لترشيده ان نعرف حجم الخلاف اولا كثير من الناس حين يدرسون في كتب الفقه مثلا كما سيأتينا ان شاء الله تعالى يظنون ان اكثر مسائل الفقه خلافي هذا غير صحيح وهذا غير صحيح لكن من اين جاء الاشكال او هذا التوهم ما الذي جاء به جاء به ان الفقهاء لا يعتنون كثيرا بتفصيل مسائل الوفاق والاجماع. لانه لا فائدة من ذلك اذا كانت المسألة اجماعية من قبيل الصلاة الواجبة هي خمس صلوات في اليوم والليلة هذه كلمة نقولها ثم نمضي. لا نحتاج الى تفصيل الامر لانه لا شيء يفصل لكن نأتي الى مسألة صغيرة جزئية في كيفية الصلاة قد يكون الخلاف فيها لا ينبني عليه ابطال الصلاة اصلا يعني من فعله او من لم يفعله ففي الحالتين صلاته صحيحة ولكن تجد كتبا مؤلفة في الموضوع هذا امر مفهوم لان الفقيه يحتاج الى ان يعمل اداة الاستدلال الاصولي ويحتاج ان يفصل في المسائل الخلافية ليجادل المخالف ويصل معه الى نتيجة معينة ولذلك فالناس حين يقرأون في كتب الفقه كثير من الناس كثير من الطلبة ماذا يقولون؟ يقولون اكثر وسائل الفقه هي خلافات وهذا غير صحيح فالصلاة مثلا اذا نظرت الى صلاة الحنفي وصلاة المالكي وصلاة الشافعي وصلاة الحنبلي وصلاة الظاهري هي اجمالا في اكثر افعالها واقوالها شيء واحد لا يخرج لا تخرج صلاة هؤلاء عن المعنى الاجمالي للصلاة التي يمكن ان نسميها صلاة اسلامية لكن حين تنظر في مسائل الخلاف في كتاب الصلاة من من مؤلفات الفقه تجد ان الخلاف كثير جدا فاذا علينا اولا ان نقرر ان الخلاف ليس بهذا الحجم المتصور لكن دائما الاضواء تسلط على مواضع الخلاف اكثر مما تسلط على مواضع الاتفاق. وهذا امر في طبيعة البشر. حتى في بين التيارات مثلا او الحركات الدعوية مثلا الناس دائما يركزون على مواضع الخلاف ليميزوا هذه الحركة او هذا التيار يمتاز عن هذا بأي شيء بكذا وكذا وكذا وكذا فحين تحسب هذه الأمور يظهر لك انها كثيرة جدا تظن ان الخلاف كبير اكبر من الاتفاق وهذا غير صحيح فان مواضع الاتفاق لو اردنا سردها لوجدناها اكثر بكثير. لكنها لا تذكر كانها مما لا يحتاج الى تفصيله. اذا المسألة الاولى حجم الخلاف الامر الثاني في التعامل مع الخلاف معرفة مراتبه بمعنى ليس الخلاف كله على درجة واحدة وهذا من اعظم الافات التي يقع فيها صغار طلبة العلم ولا يكاد يقع فيها المتمكنون الراسخون من العلماء. ومما يميز العالم عن غيره هو القدرة على التمييز بين مراتب الخلاف هنالك خلاف في مرتبته العليا بين ايمان وكفر هنالك خلاف بين سنة وبدعة هنالك خلاف اجتهادي في فرع اجتهادي ثم هنالك خلاف تنوع ليس اصلا من خلاف التضاد. يمكنك ان تفعل هذا او تفعل ذاك دون اشكال فالذي لا يعرف مراتب الخلاف ماذا يصنع؟ ينزل حكم الاول على الثاني او حكم الثاني على الثالث فيؤول به الامر الى الغلو او العكس ينزل حكم الثالث او الرابع على الثاني او على الاول فيؤول به الامر او الى التمييع والتساهل الاول ماذا يصنع؟ يأتي الى مسألة اجتهادية او من قبيل اختلاف التنوع فينزل عليها ما جاء في الخلاف بين المؤمن والكافر وما جاء في الخلاف بين السني والبدعي وما اشبه ذلك هذا خلود عكسه الذي يأتي الى الامور العظمى التي عليها يبنى الدين كله فيقول هذه خلاف جهادي ويسعك ان تفعل كذا كما يسعني ان افعل خلاف ما تفعل وهكذا طيب اذا ما الشيء الذي يؤهلك الى معرفة مراتب الخلاف هو العلم اذا كان لديك العلم انت تعرف هذه المراتب ان لم يكن لديك العلم فانت تخبط في هذا المجال خبط عشواء ثم ايضا اه داخل الخلاف مثلا تعرف من ضمن مراتب الخلاف تعرف ان هذا خلاف سائغ وهذا خلاف غير سائر الى غير ذلك طيب في الخلاف السائغ المعتبر كيف نرجح هذا محور ثالث كيف نرجح الان عرفت مرتبة هذا الخلاف وعرفت انه خلاف معتبر عندك فيه قولان او ثلاثة او اربعة. كيف ترجح بينها؟ ما ضوابط الترجيح؟ هل الترجيح متاح لكل احد ام يحتاج الى مؤهلات علمية وفكرية؟ اذا هذا ايضا مرة اخرى نرجع فنقول نحتاج في هذا الى العلم وهذا من فوائد العلم طيب انتهينا الان من الخلاف في ذاته ومن الاقوال في ذاتها وننتقل الى الكلام على نفس القائلين لان هنالك القول وهناك قائله القائلون كيف نحكم عليهم؟ وهذا من اشد واعظم واخطر المزالق التي تقع للناس في هذا الزمان خصوصا وهي عدم تفريقهم بين القول والقائل فاذا رأيت فاذا يأتي الشخص مثلا يراني في صدد الحكم على قائل معين فاعمل في هذا الحكم بعض ضوابط العذر مثلا او الاعذار عموما فيظن انني حينئذ ارجح قوله او يظن انني اقول بان الخلاف معه خلاف سائر اجتهادي لم يظن ذلك؟ لانه لم يفرق بين المقامين كوني اعذر اعمالا لضوابط الاعذار في مجال الحكم على القائل لا يقتضي موافقتي على القول ولا حكمي بان القول سائغ او بان الخلاف اجتهادي مقبول. واعكس ايضا يمكنك ان تأتي بامثلة متعددة على هذا الامر عدم التفريق بين هذين هذين المقامين من مزالق الفهم في هذا العصر. فاذا الحكم على اطراف الخلاف على القائلين بتلك الاقوال ويكون الحكم امرين اثنين بالعلم والعدل العلم والعدل. بمعنى ان تعرف ما يقولون حقا فلا تنسب اليهم ما لم يقولوه. ولا تلزمهم بما لم يلتزموه ثم تحكم بالعدل دون بغي وما اشد البغي في هذا الزمان. اذا مرة اخرى نرجع فنقول العلم يفيد في هذا المجال واخيرا بعد ان ضبطنا القول والحكم على القائل بقي ان نسأل هل ننكر على هذا القائل ام لا ننكر فننتقل الى مرتبة اخرى هي مرتبة ماذا؟ ضوابط الانكار هل كل قول ينكر هل كل قائل او فاعل لفعل معين؟ يجب الانكار عليه. متى ينكر ومتى لا ينكر فيكون الانكار منضبطا او مقيدا بالمصلحة والمفسدة. ومتى لا يكون مقيدا بها ثم ما ضابط هذه المصلحة والمفسدة التي تبيح لك الانكار او تأمرك بعدم الإنكار هذا مجال ضخم هذا مجال ضخم للفقيه للعالم فالذي لا يعلم والذي لا يريد ان يعلم كل هذه المراتب المرتبطة بالخلاف بالتعامل مع الخلاف هو لا يفقهها واحسن احواله الا يفقهها ويكف واسوأ احواله الا يفقهها ويقدم مع ذلك يقدم على الانكار يقدم على الحكم على الناس يقدم على القول بان هذا خلاف سائغ غير سائغ يقدم على اشياء كثيرة والحال انه عاجز عن التمييز بين هذه المراتب كلها. طيب بعد التعامل مع الخلاف ننتقل الى فائدة اخرى من فوائد العلم وهي تقوية الاستقامة او تحقيق الاستقامة الصلبة في مقابل الاستقامة السائلة النسبية الاستقامة نقصد بها الاستقامة الاستقامة على شرع الله عز وجل لكن الاستقامة نوعان منها استقامة راسخة ثابتة واخرى سائلة مثل الماء تسيل يمكن ان يكون الماء اذا اطلقت الماء من مكان الى غيره فهو في اول الامر هنا وفي اخر انطلاقته هناك كذلك الاستقامة غير الصلبة سائلة متميعة نسبية ما الذي يفرق بين هذين؟ هو العلم. الشخص المستقيم بمعنى ايش المستقيم؟ المتدين. الملتزم بشرع الله عز وجل المستقيم على ما اراده الله سبحانه وتعالى ليست القضية بهدي ظاهر ولا غيره المقصود الاستقامة كلها الاستقامة على الشرع يدخل في ذلك الهدي الظاهر والباطن التعبدات وجميع الامور الداخلة في معنى الاستقامة هنالك شخص تجده راسخا واخر غير راسخ. العلم يساعدك على ان تكون استقامتك صلبة راسخة ان لا تكون هشة بعض الناس تكون استقامته هشة لما هي هشة لانها غير قائمة على علم اذكر بعض الناس في سنوات سابقة كان يقول لي وما صديقان كانا يقولان في مسألة متعلقة بالصلاة يقول لك انا بالصلاة افعل كذا وصديقي هذا يفعل كذا غير الفعل الأول ولست ادري لما افعل هذا وانما رأيت الناس يفعلون. وهو لا يدري لما يفعل ولكنه رأى الناس يفعلون استقامة من هذا النوع بطبيعة الحال هادي في مسألة جزئية فرعية في الصلاة لكن تصور انها قد تكون في امور كبرى وليس هذا تصورا وخيالا وانما هو امر واقع كثير من الناس يبنون مواقفهم الدينية في امور السياسة الشرعية الكبرى او في امور التيارات والحركات او في امور الدعوة او او الى غير ذلك يبني انا وحدة التقليد لا لعالم وانما على محض تقليد لبيئة معينة ينتمي اليها فاذا تجد استقامته من هذا النوع انا افعل كذا لاني رأيت اصدقائي يفعلون كذا. اليوم الاول الذي استقمت فيه وجدت اصدقائي كلهم يفعلون هكذا فانا افعل مثلهم غدا ما الذي يقع؟ يقع انه يخرج من تلك البيئة لسبب من الاسباب خاصة في هذا الزمن الذي هو زمن الانفتاح مواقع التواصل و العالم صار قرية صغيرة كما يقال فحينئذ مع هذا الانفتاح الشديد ما الذي يحصل؟ يحصل ان ذلك الضابط الذي كان يجعله ملتزما بتلك الاقوال او تلك الافعال يتعرض لهزة عنيفة لأنه يجد امامه اناسا خارج البيئة الأولى لا يمكنه ان يحدثهم بهكذا وجدنا الناس يفعلون لا يسألونه ما تفعل هكذا ما دليلك لما تعتقد هكذا؟ ما دليلك؟ حينئذ يتزعزع ويهتز ايمانه وتهتز استقامته. فاذا الاستقامة غير علمية هي استقامة هشة متعرضة لانتكاس وايضا اه سائلة تتعرض بسرعة للانحلال والنسبية لان كتير من الناس انا رأيت هذا بعيني خلال السنوات الاخيرة كانوا اناسا مستقيمين بل متشددين في استقامتهم. ما الذي حصل استقامتهم كانت من هذا النوع غير المنضبط علميا حين وقع الانفتاح الشديد خلال السنوات الاخيرة مواقع التواصل وغيرها ما الذي حصل لهم؟ الذي حصل له انهم تعرضوا لافكار جديدة لم يكونوا يملكون جوابا عليها شبهات مستحدثة لا قبل لهم بها فماذا وقع لهم انتكسوا في قرارة اعتقاداتهم. وادى بهم الامر الى القول بنسبية الحقيقة سواء صرحوا بهذا اللفظ او لم يصرحوا به. بمعنى ان كلما اقوله او تقوله او يقوله فلان هادي امور كلها يمكن ان تكون هي الحق. لا يوجد شيء حق وشيء باطل وانما الحق يمكن ان يكون باطلا هو حق عندي و اه هو باطل عندك والباطل هو باطل عندي وهو حق عندي داك الأمور كلها نسبية لا يوجد حق مطلق لا توجد حقائق مطلقة صاروا يقولون بهذا الأمر ويطبقونه ليس فقط في الخلاف الاجتهادي او الخلاف الفقهي وانما يطبقونه في الامور الكبيرة وفي الاختلافات العقدية وغير ذلك ثم من فوائد العلم انه يساعدك على الفهم والمشاركة في المجتمع الفهم فهم نفسك التي بين جنبيك ان اكثر الناس اكثر الناس لا يفهمون انفسهم مع انها اقرب شيء اليهم لكن لا يفهمون حين تقرأ لكتب التزكية خاصة من العلماء المحققين في هذا المجال كابن القيم وغيره تجده يحدثك عن دقائق في النفس البشرية لم تكن تفهمها كنت ترى من نفسك ميلا الى كذا وعزوفا عن كذا. ولا تعلم لما فيأتي العالم او الكتاب العلمي المؤصل فيشرح لك تصرفات نفسك. اذا تفهم نفسك اكثر بالعلم وتتعلم ايضا كيف تضبطها وتتحكم فيها افهموا اسرتك ما اكثر النزاعات الاسرية خلال الاشهر السابقة عقدنا هنا دورة عن فقه الاسرة وتحدثت عن بعض الخلافات داخل الأسرة اكثر هذه الخلافات مبني على ضعف في العلم الشرعي او سوء فهم للواقع او عجز عن تفهم طباع الاخر وهذا كله راجع الى العلم لانك اذا قرأت في كتب العلم الشرعي المأخوذة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. فانك تتعلم العلم الشرعي وانك تعرف ما يجب وما يستحب تعرف حقوقك وتعرف واجباتك تجاه الاخر وتعرف حقوق الاخر واجباته لكن ايضا تعرف الاخر يعني الرجل يحاول ان يفهم نفسية المرأة. والمرأة تحاول ان تفهم نفسية الرجل. والرجل والمرأة كلاهما يحاولان فهم نفسية الاطفال وهكذا. هذه الامور كلها انما تدرك بالعلم. وما اكثر الخلافات التي تصل الى اه درجة سيئة جدا حين نبحث عن اصلها نجد الاصل قائما على سوء فهم وضعف علم فهم الأسرة فهم المجتمع طرق التعامل بين الناس فهم الأمة فهم الدولة كل هذه الأمور مرجعها الى العلم وايضا فهم المجريات التي تتكرر. هنالك سنن كونية تتكرر. يعني لو اعطيتكم مثالا فقلت لكم لا يمكن للمسلمين ان ينتصروا على اعدائهم الا اذا تشبتوا بدينهم. هذه سنة كونية سنة كونية تضطرد منذ زمن النبوة الى زمننا هذا بمقدار بعد المسلمين عن الدين تكثر هزائمهم. وبمقدار قربهم من الدين وتمسكهم به ام تكثر انتصاراتهم وتقل هزائمهم؟ هذه سنة كونية مطردة. هذا مثال واحد من امثلة عديدة جدا. اذا انت فهمت هذا المثال واصلت له من الناحية العلمية ما الذي يقع؟ تصبح قادرا على فهم ما يجري امامك فحين ترى تصرفا معينا لشخص او مجتمع او امة تقول من السنة الكونية المطردة ان هذا التصرف سيؤدي الى هذه الحالة ولابد ثم ترى بعينك كيف ان ذلك يقع فعلا وان ذلك التصرف يؤدي الى تلك الحالة. اذا هذا كله اساسه العلم ثم يحقق يقول العلم لك الطمأنينة النفسية. بمعنى انك تحتاج في الحقيقة الى ان يكون تدينك قائما على اساس علمي. صحيح انه يمكن ان تجعل تدينك قائما على الوعظ فقط ولا استهين بالوعظ. فانه من مهام الانبياء ولكن خاصة في زمننا هذا زمن الشبهات المفتوحة اه المفتوح بابها على مصراعيه في هذا الزمن لا اظن الوعظ لوحده يكفي. نعم لابد منه لكنه لا يكفي في كثير من الاحيان نحتاج الى اجابات عن هذه الاسئلة المتناسلة التي ينثرها الذين يريدون ان تشيع الفاحشة وتشيع الشبهة بين المسلمين. فاذا هذه الشبهات وهذه الاسئلة وهذه التشكيكات لا يمكن الاجابة عليها الا بحد ادنى من العلم الشرعي. الان بعد ان عرفنا فوائد العلم ما العلم الذي نطمح اليه؟ ما ملامحه هنالك صفات معينة يجب ان تتوفر في العلم لكي يكون علما ربانيا يحقق لك هذه الفوائد التي ذكرنا الصفة الاولى ان يكون هذا العلم علما تأصيليا ما معنى علم تأصيلي بمعنى انه ليس علما مبنيا على تراكم المعلومات وانما هو علم مبني على الجمع بين النظائر والتفريق بين المتفرقات ووضع القواعد الكلية التي تنتظم فيها هذه الامور الجزئية. هذا علم مأصل خذ اي مثال خذ الفقه مثلا في الفقه يمكنك ان تدرس الفقه من متن مذهبي او غير مذهبي خذ الرسالة او ابن عاشر او خليلا او غيره ذلك يمكنك ان تدرسه بالدراسة الكمية بمعنى تجمع المعلومات. قال صاحب الرسالة كذا وقال غيره هنالك في المسألة خلاف آآ القول الراجح كذا وتمر تجد ان ذهنك امتلأ بمجموعة من المعلومات عند ادنى نقاش مع الاخر يمكنه ان يشككك فيسألك مثلا هذا القول الذي قلت به هل له نظير في الشرع تقول اذا كنت اذا كان علمك مؤصلا نعم هذا له نظير. هو موجود في الطهارة او في الصلاة ونظيره ما يوجد في المعاملات وكذا وكذا الى اخره او يسألك السائل وهذا يقع لنا حتى في العلم الكوني يعني الذي ندرسه وندرسه كذا في هذا العلم الآخر غير العلم يعني في علم الهندسة اللي اعمله فيه انا اهم ما يدلك على انك تفهم الشيء هو القدرة على هذه النظائر والجمع بين النظائر والتفريق بين المتفرقات. اذا كنت تستطيع لذلك فهذا يدل على انك فهمت العلم جيدا اذا كنت لا تستطيع فهذا يعني انك خزنت المعلومات لكنك لم تدخلها. ما هيشي منخولة في ذهنك بشكل جيد اذن لابد ان يكون علما تأصيليا نفس الشيء في العقيدة نفس الشيء في في العربية نعرف اناسا كثيرين يحفظون الفية ابن مالك ويمكنه ان يسرد لك الالفية بل يسرد لك الالفية ملحقاتها بالاحمرار والاخضرار بالزيادات او كذلك في الصف في لمية الافعال او غيرها. لكنك ترى في قوله وفي كتابته انه ليس لديه ذائقة لغوية لما؟ لان علمه ليس تأصيليا وانما هو علم مبني على كمية المعلومات التي يخزنها في ذهنه ولذلك قد يلحن يقع منه اللحن الشنيع مع انه يضبط النحو. فاذا اوقفته وقلت له لما نصبت هذه؟ يقول لك لا لا المفروض ان تكون مرفوعة بدليل كذا وكذا طيب ليه ما نصبتها ان الامور ليست مستقرة في ذهنه بشكل مؤصل الامر الثاني ينبغي ان يكون العلم استدلاليا وهذه افة الافات وهذا ما كنا ننكره ولا زلنا ننكره على بعض المذاهب الفقهية وهي انها لا تعتني بذكر الاستدلال. تأمل القضية جيدا لا تعتني بذكر الاستدلال ولا اقول لا تعتني بالاستدلال لانه لا يوجد مذهب فقهي كائنا ما كان لا يستدل ابدا هذا لا يوجد ولا يمكن ان يوجد لان ما معنى لا يستدل؟ ما معنى ان هذا الامام لا يستدل؟ معناه انه يختار القول بمحض الهوى والتشهي. يقول انا اريد بان يكون حراما اذا اقول هو حرام. هل يوجد امام من ائمة المسلمين يمكن ان يقع منه هذا؟ لا يمكن اذن لا شك انه استدل لكن الذي وقع خاصة عند بعض المذاهب لا عند جميعها الذي وقع انه لم يعودوا يعتنون بذكر الأدلة خاصة في المذاهب التي سيطرت في مكان معين لا منافس لها فيه فلم تحتج الى علم الجدل والخلاف كالمذهب المالكي. المذهب المالكي هل هو مذهب لا ادلة فيه؟ هذا غير صحيح. فيه ادلة كثيرة وكل قول في المذهب المالكي له ادلته. ولكن كتب المالكية المتأخرين لا تعتني بذكر الادلة. لما؟ لعدم الحاجة الى ذلك يقولون لا نحتاج بخلاف مثلا المذاهب الموجودة في الشرق مثلا وكذا بين الشافعية والحنفية تجدهم يذكرون الادلة اكثر من المالكية. لما؟ لكثرة ما كان يقع بينهم من الجدل والخلاف فيحتاجون الى المناظرة والمناظرة تحتاج الى استدلال. المقصود من هذا ما هو؟ المقصود هو ان العلم ينبغي ان ان يكون استدلاليا بمعنى اذا درست العلم لا بأس ان تدرسه على مذهب من المذاهب ان كان في الفقه او على مدرسة من المدارس في النحو مثلا يعني لست ملزما وانت في بداية امرك ان ترجح بين مدرسة البصرة ومدرسة الكوفة ومدرسة بغداد لست ملزم في اي علم من العلوم ان تعرف الخلافات وكذا يمكنك ان تدرس على مذهب واحد وقول واحد لا اشكال في ذلك. في بداية العلم لكن بشرط ماذا؟ ان تعرف دليل قولك هذا القول الذي اخذته من مدرسك عليك ان تعلم دليله ولذلك العلم الاستدلالي هو الذي يعتني بذكر الادلة وهذه مشكلة وقعت لنا على الخصوص في ابواب العقائد فتجد كثيرا من الطلبة تعلموا العقيدة وعلموا ان هذه العقيدة هي العقيدة الصحيحة التي ينبغي ان نكون عليها ونعتقدها ولكن دون ادلة ولذلك عند عندما يلتقون بالمخالف ويبدأ المخالف في تشكيكه وبث الشبهات ولم قلت هذا وهذا يخالف الاية الفلانية وهذا يخالف الحديث الفلاني وكذا وكذا تجد الطالب المسكين لا يجد الجواب. ثم ثالثا يجب ان يكون هذا العلم متوازنا ما معنى متوازن؟ انه لا يميل الى جانب دون غيره من الجوارح وهذا يشمل امورا كثيرة. مثلا التوازن بين القديم والجديد بعض العلماء تجده يقول العلم هو العلم التراثي القديم فقط وليس عند المعاصرين علم فلاجل ذلك تعلم من الكتب القديمة ولا تحدثني عن الكتب العصرية مطلقا ويوجد من يعكس فيقول علينا ان نعتني بكتب المعاصرين وحدها ولا نرجع الى الكتب التراثية القديمة. هنا عدم توازن بين الامرين. لا واذا كان العلم الموجود في الكتب التراثية مؤصلا قويا مستدلا عليه ذا عبارة علمية محررة دقيقة فيعيبه انه صعب صعب الاسلوب لا يستطيع اكثر الطلبة اليوم ان يتعاملوا معه. بالمقابل اذا كان هذا العلم المعاصر او العصر ليس محررا وفيه كثير من الحشو واكثار الكلام وعدم تحرير المسائل والتدقيق فيها وغير ذلك لكن بالمقابل هو سهل العبء ميسر لمن اراد دراسته فاذا من اراد ان يجمع بين الحسنيين فانه يوازي في دراسته بين القديم والحديث. نفس الشيء في الحفظ والفهم. ما اكثر من يأتيني سائلا هل الاهم هو الحفظ ام الاهم هو الفهم لابد من التوازن بينهما خاصة انه لا يوجد تعارض بينهما. وانما يسار الى الترجيح عند تعذر الجمع والجمع بين الحفظ والفهم ممكن غير متعذر. فلاجل ذلك لم نسعى الى الترجيح بينهما بحيث نقول للطالب عليك بالحفظ واترك عنك الفهم او عليك بالفهم ولا تهتم كثرة الحفظ اذن لابد من التوازن بين الامرين. نفس الشيء في الموازنة بين القراءة منهج القراءة والمطالعة ومنهجي الحفظ حفظ المتون مثلا بعض الناس يغلب هذا واخرون يغلب ذاك فتجد الطالب او طالب العلم محتارا بين المناهج العلمية. يأتيه العالم فيقول له شف قضية العلم العلم لا يكون الا بحفظ المتون احفظ المتون واشرحها وافهمها وكذا وكذا واترك عليك قضية القراءة الكثيرة وغير ذلك هذا خطأ ويأتيه الاخر فيقول له المتون ان حفظتها لن تؤسس لك منهجا علميا سليما بل على العكس عليك ان تعتني بالقراءة بقراءتك الكتب ليصبح افقك العلمي رحبا واسعا طيب نحن نقول لما لا نجمع بين الامرين نحفظ من المتون ما يتيسر. ونقرأ ونوسع مداركنا والحق ان عدم التوازن موجود. نجد مثلا الطلبة التقليديين عندهم اقبال على هذه المتون يحفظها وربما منهم من يحفظ شروحها ويعتني بالصناعة اللفظية قال اه فلان صاحب المتن كذا منطوقه كذا مفهومه كذا لو قدم لو اخر لو يعني عناية بالغة بالامور اللفظية وبالمتون لكن افقه ضيق جدا لم يقرأ بالمقابل الطلبة العصريون خاصة اصحاب الجامعات عندهم تقصير شديد في مجال المتون حفظها وشرحها وغير ذلك ويعني من سلم منهم من افة الكسل فانه تجده يقرأ يطالع بكثرة. علمه ايضا يكون ناقص وازن بين الامرين فالمقصود ان هذا التوازن هو الذي يمكنك من اه ان يكون علمك اه يعني مستقرا ونافعا باذن الله عز وجل. وكذلك اه التوازن بين العلوم المختلفة يأتيك شخص فيقول لك الحديث اهم وهذا يقع كثيرا لطلبة العلم حين يبدأ طلب العلم ماذا يصنع؟ يأتيه شخص فيقول له اهم العلوم العقيدة. فيبدأ في دراسة العقيدة فيأتيه اخر ويقول له كيف تفهم كتاب الله عز وجل دون علوم العربية؟ فيقول طيب سابدأ علوم العربية فيأتيه اخر ويقول له طيب الناس يحتاجوهم الى ذلك الداعية الذي يسأل في العبادات والمعاملات فيجيب تحتاج الى الفقر فينصرف الى علم الفقه فيأتيه اخر ويقول له فاين انت من علم الحديث؟ وهذا الفقه على اي شيء يكون؟ اليس يقوم على احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاين انت من الحديث ومعرفة الصحيح منها والضعيف؟ فيذهب الى علم الحديث وتجده محتارا بين هذه العلوم فنقول طالب العلم المبتدأ عليه ان يتعلم بشكل متوازن كل العلوم الشرعية نافع لا يوجد في العلوم الشرعية ما يمكن ان يقال هذا علم زائد لا لا يهتم به. كلها علوم نافعة لكن ازن شيء من الفقه شيء من العقيدة شيء من ثم اذا آآ تخصصت بعد ذلك في علم من العلوم لانك تجد نفسك مؤهلا للابداع فيه هذا لا اشكال فيه. وهذا الذي يقع من كل العلماء عبر التاريخ تجدهم في اول دراستهم يدرسون العلوم كلها وتكون لهم مشاركة في العلوم جميعها. ثم تجد الواحد منهم يتخصص في الحديث والاخر في الفقه فيقال عنه الفقيه او المحدث او الاصول او غير ذلك وايضا الامر الرابع علينا ان نبتعد عن القشور قشور العلم وقشور العلم كثيرة جدا. منها ما ذكرته الان قضية الصناعة اللفظية تجد الطالب يتقن الكلام عن البسملة. بسم الله الرحمن الرحيم. يعرف اعرابها وما جاء فيها من جهة الصف. وما جاء فيها من في الحديث وفي الفقه وفي اي شيء لم؟ لانها اول ما يدرس في الكتب دائما في اول اي كتاب تجد بسم الله الرحمن الرحيم تجد صفحات طويلة في كتب الشروح والحواشي تتحدث عن البسملة لا اقول ان الكلام عن البسملة في ذاته من القشور. لكن اقول الاعتناء المبالغ به. المبالغ فيه اه مباحث معينة خاصة من جهة الصناعة اللفظية الصرفة على حساب صناعة المعاني هذا لا شك انه من القشور. وعلينا الثانية بلباب العلم بدل الاعتناء بقشوره او تجده الذي تجد ذلك الشخص الذي يعتني بالحواشي مثلا نحن ندرس آآ ان شاء الله تعالى رسالة ابن ابي زيد من اشهر شروحها شرح ابي الحسن وهو شرح جيد ملائم للتدريس اه عليه حاشية العدو المشهورة هذه الحاشية لا شك ان فيها فوائد كثيرة ولكن ايضا فيها امور لا يحتاج اليها طالب العلم نفس الشيء مثلا في حاشية الخضر على شرح ابن عقيل على الفية ابن مالك شرح ابن عقيل مفيد جدا حاشية الخضر فيه مسائل مفيدة واشياء اذا اعتنى بها الطالب فانه يضيع يضيع لذلك كان شيخنا مصطفى نجار رحمه الله تعالى يقول من شيء معروف عند العلماء من اعتنى بالحواشي بلاش يعني لا يبقى له شيء. لأن الحواشي تعلم هذه الصناعة اللفظية القشور كثيرة حتى في مجال مثلا تجد الشخص مثلا اه نترك اصحاب المتون ونذهب الى اصحاب اه الجامع. اصحاب الجامعة تجدهم يعتنون بالكلام على مناهج العلوم فتجد الشخص يعني لا يفقه شيئا في العربية. لا يتقن الاجر الرومي اصلا. ولكنه يتقن الكلام عن الفرق بين مدرسة في البصرة ومدرسة الكوفة والمنهج الذي جاء به البصريون والمنهج الذي جاء به الكوفيون في الفقه في او في اصول الفقه نفس الشيء ما درس ورقات الجويني اصلا لكنه يشبعك كلاما عن المقاصد وعن الشاطبي وعن كذا وعن كذا هذا كله من الاعتناء بالقشور بدل الاعتناء باللباب. ثم اخيرا وبه نختم ان شاء الله تعالى ينبغي الحذر من امرين اثنين اولهما التعصب والتعصب من اهواء النفوس الباطنة التي لا يتفطن اليها اكثر الناس ولذلك كثير من الناس هو متعصب وان كان يدعي غير ذلك. ومعنى التعصب هو ان تتبع القائلة دون التفات الى دليله اصاب او اخطأ في جميع الاحوال انت تتبعه هذا هو معنى تتعصب له. كثير من الناس اليوم يدعون انهم يعني مجتهدون وانهم يريدون الحق وانهم لا يتعصبون لكن في حقيقة الامر فينبغي التنبه لهذا الأمر ماليا وأيضا الحذر من الجدل والمراء في دين الله عز وجل وفي العلوم الشرعية خصوصا المراء اه يقتل يهدر الاعمار ويقتل بركة العلم. وكثير من الناس تجدهم اه يتمارون في امور خلافية اجتهادية لا ينبني عليها كبير شيء طالب العلم المجد يحذر من هذا المراء غير النافع يعتني بصلب العلم واساسه وما هو من صميمه. الى هنا ان شاء الله تعالى نقف عند هذا اللقاء الأول الذي اردناه ان يكون لقاء يعني للتعارف فيما بيننا وللحديث عن فضل العلم وان شاء الله تعالى انطلاقا من اللقاء المقبل نشرع في تدارسنا للمقدمات التي لابد لنا من معرفتها لنضع رسالة ابن ابي زيد القيرواني في سياقها سواء من جهة العقيدة او من جهة الفقه. واقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والحمد لله رب العالمين. رحمة الينا من سماوات علا وبها نحن ارتقينا وصعدنا للعلماء رحمة سيقت الينا وبها نحن ارتقينا وصعدنا للعلى وبها صار الفقير له حلم وهوى وبها فرح الضعيف وتغنى وارتوى