رحمة سيقت الينا من سموات علا وبها نحن ارتقينا وصعدنا للعلى رحمة سيقت الينا من سموات علاه وبها نحن ارتقينا وصعدنا وبها صار الفقير له حلم وبها فرح الضعيف وتغنى وارتوى بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فان اصدق الحديث كلام الله تبارك وتعالى وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار نبدأ اليوم في تدارسنا لعلم العقيدة ولا شك ان هذا العلم هو من اجل العلوم ان لم يكن اجلها وذلك ان شرف العلم يكون بشرف المعلوم فشرف علم العقيدة من جهة كونه العلم الذي نتعرف فيه الى رب العزة جل جلاله باسمائه وصفاته ونتعلم الواجب تجاهه من العبادة وما يتعلق بذلك مما سيأتي بشرح هذه المقدمة القيروانية والاصل ان العقيدة او علم العقيدة اه لم يكن يسمى بهذا الاسم في كلام السلف الاولين وانما كانوا يذكرونه باسم السنة او الشريعة اه او التوحيد وما اشبه ذلك ثم اه جاء اهل الكلام فسموا هذا العلم علم الكلام لانهم جعلوا العقيدة كلها مرتبطة بالكلام ثم بعد ذلك ثم بعد ذلك آآ اشتهر هذا العنوان اي عنوان علم العقيدة وصار علما على هذا العلم ويسمى ايضا الفقه الاكبر. آآ ليكون مقابلا للفقه الاصغر. فالفقه الاصغر هو فقه الفروع والفقه الاكبر هو علم العقائد ثم ان هذا العلم هو الغاية ان ان العقيدة فيها بيان الغاية التي من اجلها خلق الله الانسان فان الانسان خلقه رب العزة سبحانه وتعالى لعبادته وفي هذا العلم بيان هذه العبادة. ولاجل ذلك كان علم التوحيد لب رسالة الرسل اجمعين فانهم جميعا اتفقوا على هذا العلم او على توحيد الله عز وجل والدعوة اليه ثم اختلفوا فيما بعد في الشرائع كما قال الله عز وجل لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا اي سبيلا وسنة فلكل واحد من هؤلاء الرسل شريعة خاصة به ولكنهم اجمعون متفقون على الدعوة الى توحيد الله سبحانه وتعالى وعبادته دون من سواه. ونبذ الشرك ونبذ الانداد التي تعبد من دون الله عز وجل وهذا العلم به يعرف الله عز وجل باسمائه وصفاته ولا شك ان التعرف الى الرب سبحانه وتعالى باسمائه وصفاته هو اعظم الغايات التي يسعى اليها المسلم في حياته وذلك انك اذا لم تعرف الله عز وجل فكيف تعبده؟ واذا لم تعرفه حق المعرفة فكيف تحبه ولا سبيل الى معرفته الا من خلال ما جاء في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم والا فلو لم يخبرنا الله عز وجل بهذه الاسماء وهذه الصفات لما استطعنا ان نعرفها لانها مبنية على التوقيف فبهذا العلم نعرف اسماء الله وصفاته وهذه امور نظرية خبرية ولكن ايضا بهذا العلم نصحح منهج العمل وذلك خاصة بمعرفة ابواب الاسماء والاحكام وابواب القدر فان ابواب القدر تعصم من الجبر وعكسه وابواب الاسماء والاحكام تعرف آآ صاحبها ومن ضبطها تعرفه بالايمان والكفر والفسق وهذه الاسماء التي يترتب عليها احكام شرعية واذا نحن تأملنا حال الصحابة الاولين او لنقول الاجيال الاولى من هذه الامة وجدنا انهم بقدر التزامهم بالعقيدة القرآنية النبوية الصافية البعيدة من كل مؤثر اجنبي بقدر ما كانوا ينتصرون في حروبهم ومعاركهم سواء ضد العدو الخارجي او ضد العدو الداخلي الذي يوجد في بين جنبي بين جانبي كل انسان فالانسان عموما لديه نفس وهذه النفس قد تكون عدوا اه عليه ان يتعامل معه وينتصر على ما اه تملي عليه من اه اتباع للشهوات ونحو ذلك فاذا ذلك الجيل الاول كان سالما من الفتن وكان جيل نصر وعزة ومجد وذلك كله بمقدار ما كان له من الالتزام بهذه العقيدة الاولى السالمة من كل الشوائب و اه هذه الفتن الموجودة في هذا العصر وهي فتن كثيرة جدا. وشبهات متناسلة وتأثيرات خارجية كثيرة من اه اه جهات كثيرة. هذه الفتن كلها السلامة منها انما تكون بضبط معتقد اهل السنة والجماعة والمقصود بذلك ضبطه نظريا وعمليا. اما نظريا فمن خلال القراءة في هذا العلم ومن خلال مثل هذه الدروس واما عمليا فبتطبيق ذلك كله على ارض الواقع ثم ان تعلم العقيدة اه يمكن ان ينظر فيه الى محورين اثنين. محور الاجمالي ومحور التفصيل فمن جهة الاجمال هنالك امور على جميع المسلمين ان يعرفوها ولا يعذر احد من المسلمين بعدم تعلمها كاصول التوحيد العامة التي اه نعلمها لكافة المسلمين. وينبغي على كافة المسلمين ان يتعلموها ثم هنالك الى جانب ذلك تفاصيل في علوم العقائد لا ينبغي ان اه يعلمها كل مسلم فقد يكون ذلك آآ سبيل فتنة لبعض الناس. لان كثيرا من الناس لا يتحمل الخلافات العقدية والشبهات رد عليها ومناقشاتي مع المتكلمين والفلاسفة وغيرهم. هذا كله انما هو لفئة مخصوصة من الناس من اعظم الاخطاء التي يقع فيها بعض الدعاة انهم ينثرون في المجالس العامة غير آآ التي لا يختص بها طلبة العلم انهم ينثرون فيها هذه المباحث العقدية الخاصة بطلبة العلم فإذا الأمر الأول هو التمييز بين جانبي الإجمالي والتفصيل والامر الثاني هو في تعلم العقيدة هو المحافظة على منهج الوحي في تعليم العقيدة وبثها بين الناس ومنهج الوحيد هو ذكر العقائد في كل مجال ذكر العقائد في كل مجال وعدم تخصيص اه ايات معينة بالعقائد دون غيرها. فانت اذا نظرت في القرآن الكريم وجدته كله في العقائد ففيه الدعوة الى التوحيد وفيه التحذير من الشرك وفيه بيان حال من وحد الله عز وجل وماله من من الثواب الجزيل وفيه بيان حال من اشرك ونبذ التوحيد وفيه مكملات التوحيد من الفروع والشرائع وغيرها لذلك فالقرآن كله في التوحيد والعقيدة. ولكن تجد هذه المباحث العقدية او هذه الايات التي تدل على العقائد تجدها مبثوثة بين المسائل الاخرى فعند ذكر مسألة فقهية او سلوكية يذكر معها ما يلائمها من الاعتقاد او ما يلائمها من معرفة اسم من اسماء الله او صفة من صفاته من صفاته سبحانه وتعالى او امر بالتوحيد او نهي عن الشرك او ما اشبه ذلك واه تعلم العقيدة مما لا بد منه في هذا الحصر. وكثير من الناس يرى ان اه في تعلم العقائد نوعان احياء لرميم الخلافات العقدية ويقولون هذه العقائد او هذه الخلافات العقدية قد انتهت وانقرضت منذ زمن بعيد فلا معنى لان تحيوها من جديد. وهذا كله غلط. وغير صحيح وبيان ذلك من اوجه متعددة منها مثلا ان يقال ان هذه الخلافات العقدية ما تزال موجودة ومن الغلط ان يقال انها قد انقرضت بل الخلافات والعقدية موجودة والفرق العقدية موجودة بأسمائها الحقيقية ويقال ثانيا كثير من الفرق العقدية التي اندثرت وانقرضت لا تزال موجودة باسماء اخرى. بمعنى ان المعاني التي كانت عند هذه الفرق العقدية ما تزال موجودة وانما تغير الشعار والعنوان فالإرجاء ما يزال موجودا وان كنا لا نعرف فرقة مخصوصة في هذا العصر تتسمى باسم الإرجاء او تقول انها من المرجئة وايضا عقائد الخوارج ما تزال موجودة وان كنا لا نعرف احدا من اه في الغالب لا نعرف طائفة معينة تقول عن نفسها انها من الخوارج وهكذا في الجبرية وهكذا في القدرية وهكذا في اغلب هذه الفرق القديمة فهي موجودة وان كان ذلك باسماء مختلفة وعناوين اخرى. وكثير من هؤلاء الذين يقولون علينا ان نطمس هذه الخلافات. انما ينطلقون في ذلك من منطلق غير شرعي فانهم يقصدون بطمسها اه اه الذهاب الى هذه العقائد العلمانية الحديثة عقائد التسامح والتسوية بين آآ العقائد كلها والتسوية بين الاديان والطوائف والفرق كلها وان اه الامور نسبية وان كل هذه الفرق اه على صواب ولا يوجد حق في نفس الامر. هذه من العقائد العلمانية التي انتشرت في هذا العصر فصار بعض الناس يحييها ويتشبث بها ويبثها في الناس ويظهرها في اقالة بي اننا لا نريد احياء هذه الخلافات الى اخر ما يقولون. وبعض الناس يقول علينا الا نتعلم العقيدة او لا نكثر من البحث في العقيدة هذا يقال ان لا نكثر من البحث في العقيدة لان ذلك يؤدي الى الغلو ويؤدي الى وقوع الناس في آآ تصنيف المسلمين وتكفيرهم وتبديعهم وتفسيقهم وهذا ايضا من الغلط فان العلم لا يؤدي الى غلو ابدا وانما الذي يؤدي الى الغلو هو الجهل والعلم انما يؤدي الى عكس الغلو اي يؤدي الى الاعتدال ويؤدي الى معرفة كل طائفة ما لها وما عليها وهذا لا يكون غلوا ابدا. والغلو موجود في النفوس البشرية فمن الناس من هم مستعدون من تلقاء انفسهم سواء تعلموا او لم يتعلموا مستعدون للغلو فقد يسمعون الكلام فيأخذون منه ما يوافق غلوهم الموجود في انفسهم ولذلك فعلينا ان نعالج ذلك بالتربية وان نعالج الامر اه الدعوة والنقاش والحوار وما اشبه ذلك. اما ما ان يقال ان العلم يؤدي الى الغلو فهذا من اه الجهل الشنيع الذي لا ينبغي ان نطيل به الاصل في العقيدة انها كانت محل اتفاق بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كانوا يأخذون هذه العقيدة مباشرة من وحي الكتاب ومن وحي السنة ولم يؤثر قط كما ذكر المخرجي وغيره لم يؤثر قط عن الصحابة انهم سألوا عن تفصيلات العقائد كالذي وجد عند المتأخرين وانما كانوا يسألون عما ينبني عليه عمل من امور الفروع واما في تفاصيل العقائد فكانوا يكتفون من ذلك بما يحدثهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتلو عليهم من ذلك من كتاب الله عز وجل وفي اواخر عهد الصحابة او في زمن صغار الصحابة بدأت الفرق تظهر والخلافات اه يبزغ نجمها ومن اوائل ما ظهر من الخلاف العقدي الخلاف في القدر اي ظهرت الفرق القدرية ومما يدل على ان ذلك كان في زمن الصحابة الحديث الذي في صحيح مسلم فقد اخرج مسلم من حديث يحيى بن يعمر انه قال كان اول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني فانطلقت انا وحميد بن عبدالرحمن الحميري حاجين او معتمرين فقلنا لو لقينا احدا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسأله عما يقول هؤلاء في القدر فوفق لنا عبدالله بن عمر بن الخطاب داخلا المسجد فاكتنفته انا وصاحبي احدنا عن يمينه والاخر عن شماله فظننت ان صاحبي سيكل الكلام الي فقلت يا ابا عبدالرحمن انه ظهر قبلنا اناس يقرأون القرآن ويتقفرون العلم وذكر من شأنهم وانهم يزعمون ان لا قدر وان الامر انف فقال عبد الله بن عمر اذا لقيت هؤلاء فاخبرهم اني بريء منهم وانهم برءاء مني والذي يحلف به عبدالله بن عمر لو كان لاحدهم ملء احد ذهبا فانفقه لم يقبل منه حتى يؤمن بالقدر وان وان ابي عمر ابن الخطاب اخبرني هذا عبد الله بن عمر يروي عن ابيه عمر بن الخطاب اخبرني انه قال بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب سواد الشعر فساق لهما حديث جبريل المعروف الذي فيه اركان الايمان والاسلام والاحسان وانما ساقه لأجل جزئية فيه وهي وان تؤمن بالقدر خيره وشره. فإذا هذا الحديث بهذه الصيغة يدل على ان ان القدر ظهر في البصرة وان ذلك كان في اواخر عهد الصحابة او في زمن الصحابة وان الصحابة وقفوا في وجه هذه البدعة على رأسهم عبد الله بن عمر لكن ظهرت الفرق فيما بعد فظهرت الخوارج ايضا في زمن الصحابة فان الخوارج انما نجم آآ نجمهم بعد آآ الحادثة المعروفة التي كانت زمن الصحابة في خلافة علي رضي الله عنه وارضاه وظهرت المرجئة وظهرت الجبرية الى ان ظهرت الجهمية المنسوبة الى جهنم ابن صفوان. اه وفيها وهي فرقة جمعت نوفر من البدع من نفي الصفات وتعطيلها والقول بالجبر والقول بالارجاء المحض ونحو ذلك ثم ظهرت المعتزلة ايضا استمر الامر على ذلك لكن كانت الغلبة اهل السنة واهل الحديث الى ان استطاع المعتزلة ان يصلوا الى اه الخلفاء وعلى رأسهم المأمون فكانت محنة خلق القرآن المعروفة التي امتحنوا فيها اهل السنة فصمد من صمد اجاب من اجاب تقية واكراها وصمد من الصامدين وعلى رأسهم الامام احمد بن حنبل رحمه الله تبارك وتعالى الى ان فرفع الله عز وجل المحنة زمن المتوكل. وعاد اهل الحديث اقوياء اه انطمس مذهب المعتزلة كاد ينقرض لولا ان ظهر في سياقات اخرى ثم ظهر ابو الحسن الاشعري آآ فيما بعد وكان له آآ اولا آآ يعني اولى هي مرحلة اعتزالية فقد كان في اول حياته على مذهب المعتزلة ثم رجع واختلفوا في رجوعهم هذا هل هو هل كان له رجوعان او انتقالان ام كان له رجوع واحد؟ والمختار انه كان له اه انتقالان فانتقل ابتداء من مذهب المعتزلة الى مذهب الكلابية ثم بعد ذلك في اخر حياته رجع الى صريح مذهب اهل السنة والجماعة وفي هذه المرحلة الاخيرة صنف كتابه الابانة الذي اثبت فيه الصفات ونفى التعطيل ونفى التأويل. واقر انه على مذهب الامام احمد ابن حنبلة في هذه العقائد. لكن كثير من الناس انتسبوا اليه في مرحلته الثانية اي في المرحلة الكلابية لا في المرحلة الاخيرة اي مرحلة الابانة وهؤلاء الذين ينتسبون اليه ينفون هذه المرحلة الاخيرة اما ينفون نسبة الابانة اليه مطلقا او ينفون ان يكون الابانة اخر كتبه فمنهم من يزعم انه كتب الابانة قبل اه انتقاله الى مذهب الكلابية الى غير ذلك من التفاصيل التي لا نخوض فيها والمقصود انه انتسب اليه جماعة من العلماء وكانت له في مذهبهم هذا مراحل فكان منهم ابو بكر اتق الله ثم ابن فورك ثم ابو المعالي الجويني ثم ابو حامد الغزالي الى ان وصل الامر الى الفخر الرازي الذي استقر عنده المذهب لابي الحسن الاشعري حتى صار اغلب المتأخرين انما اه يذهبون الى تقريرات الرازي في الغالب ليس ولكن في الغالب يذهبون الى تقريرات الرازي. هذا ان شاء الله تعالى هو الذي سنذكره في اه سياق لاحق باذن الله لا وانما كانت هذه المامة صغيرة آآ تاريخ الخلاف العقدي. حين سنذكر ان شاء الله تعالى آآ هذه المسائل العقدية وسنذكر اه تفصيل هذه الفرق سنذكر كل فرقة ما اه امتازت به عن غيرها من الفرق فاذا كيف انت هذا القدر ان شاء الله تعالى؟ لكي ننتقل الى درسنا الآخر وهو الفقه اذا كان هذا الامر لا يلائمكم فنخص منكم شوف نتوما ادرى ليكون درس اما عقيدة اما فقه ما يكون يعني الاثنين معا يعني مثلا هذا الاسبوع عقيدة والذي بعده فقه والذي بعده عقيدة وهكذا لكي يكون الدرس مانكونوشي مزحومين بالوقت والله اعلم نتوما على كل حال نتوما طيب خير ان شاء الله. على كل حال نعملو واحد باقي تقريبا شي نصف ساعة نعملوها في الفقه نعم بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله اه الفقه في اللغة الفهم او كمال الفهم. وبذلك قول الله عز وجل يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول اي ما نفهم واما في الاصطلاح عند الاصوليين فالفقه هو العلم بالاحكام الشرعية العملية المكتسب من ادلتها التفصيلية قولنا العلم او المعرفة بالأحكام الأحكام جمع حكم وهو النسبة اي نسبة شيء الى اخر اثباتا او نفيا فقولك مثلا الشمس مضيئة هذا حكم لانك حكمت على الشمس بكونها مضيئة وهي نسبة اي هنالك نسبة بين الشمس والاضاءة وهذه الاحكام قد تكون عقلية وقد تكون عادية وقد تكون اصطلاحية وقد تكون شرعية ولذلك احتيج الى اخراج ما ليس من الاحكام الشرعية. فقال في في فقالوا في تعريف الفقه العلم بالاحكام الشرعية. فاخرجنا الاحكام الاصطلاحية كقول النحات الفاعل مرفوع واخرجنا الاحكام العادية اي التي تدرك بالعادة او بالحس اخرجنا الاحكام الحسية الحسية مثل ماذا؟ مثل النار محرقة فانك تلمس النار فتشعر بكونها محرقة واخرجنا الاحكام العقلية مثل ماذا؟ مثل الجزء اصغر من الكل او الواحد نصف الاثنين فهذه احكام عقلية مرجعها الى العقل. لا تدرك بالحس ولا ولا هي من مسائل الاصطلاح ولا غير ذلك. وابقينا الاحكام الشرعية كقولنا مثلا آآ الصلاة واجبة لكن الاحكام الشرعية نوعان منها احكام اعتقادية واحكام عملية فاخرجنا الاحكام الاعتقادية بقولنا في التعريف العلم بالاحكام الشرعية العملية. اخرجنا بذلك الاحكام الاعتقادية فليست تبحث في علم الفقه. بقيت الاحكام العملية وهي الفروع العملية كقولنا الصلاة واجبة الطهارة واجبة آآ شرب الخمر حرام وما اشبه ذلك من هذه الاحكام ثم هذا العلم مكتسب قولنا انه مكتسب اخرجنا بذلك العلم الذي لا يكتسب كعلم الله عز وجل فان الله سبحانه وتعالى لا يكتسب علمه وكعلم الملائكة. اما هذا العلم الذي نتحدث عنه فهو علم مكتسب. اي عليك ان تبذل جهدا من مظانهم ثم هذا الاكتساب لهذه الاحكام للعلم بهذه الاحكام انما يكون من الادلة التفصيلية وذلك ان الادلة نوعان ادلة اجمالية وادلة تفصيلية فالادلة الاجمالية كقولنا الامر يفيد الوجوب الامر يفيد الوجوب او الامر حقيقة في الوجوب. هذا دليل اجمالي. لما هو اجمالي؟ لانه يتفرع منه ما لا يحصى من الفروع مفهوم؟ اما الدليل التفصيلي فهو كقولنا كقولنا مثلا اقيموا الصلاة اقيموا الصلاة هذا من كتاب الله عز وجل. هذا دليل تفصيلي يأتي الفقيه فيستخرج الحكم الشرعي من الدليل التفصيلي مستعملا في ذلك دليلا اجماليا. وبيان ذلك ان الفقيه يقول اقيموا الصلاة امر بالصلاح اذا استعمل الدليل التفصيلي. اقيموا الصلاة امر بالصلاة. استعمل الدليل التفصيلي ثم يحتاج الى دليل اجمالي فيقول والامر يدل على الوجوب او حقيقة في الوجوب. اذا استعمل الدليل الاجمالي ثم يستخلص النتيجة والنتيجة هنا حكم شرعي وهو الصلاة واجبة فاذا هذا قياس منطقي من الشكل الاول مقدمته الصغرى دليل تفصيلي اقيموا الصلاة امر ومقدمته الكبرى دليل اجمالي الامر يفيد الوجوب ونتيجته الحكم الشرعي الصلاة واجبة فاذا هذا عمل الفقيه وانت ترى ان الفقيه يحتاج الى الادلة الاجمالية والادلة الاجمالية في اي علم توجد في علم اصول الفقه في علم اصول الفقه فاذن لا يكون الفقيه فقيها حتى يدرك علم اصول الفقه ولذلك لا يكون فقيها الا بعد ان يكون اصوليا لكن قد يتخصص الاصول في الاصول ولا ينتقل الى الفقه وقد يدرس الاصولي شيئا من الاصول وينتقل الى الفقه ويتوسع فيه فيكون فقيها والغالب على العلماء انهم يدرسون الاصول والفقه معا ثم قد يتخصصون في هذا او ذاك لكن لابد من الجمع بينهما اذا عرفنا تعريف الفقه فلنا ان ننتقل بعد ذلك الى شيء صغير من تاريخ الفقه كيف هو فاعلم ان اه الفقه مأثور من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن قلنا بأن الفقه يؤخذ منها الأدلة والأدلة هي الكتاب والسنة وما التحقوا بهما ثم اول من استنبط الاحكام الشرعية من الكتاب والسنة وافتى بها هم الصحابة ولذلك كان من الصحابة جماعة يفتون ويجتهدون. وذكر ابن حزم رحمه الله تعالى ان الصحابة في ذلك على طبقات ثلاثة المكثرون من الفتوى والمتوسطون في الفتوى والمقلون في الفتوى ويقول مجموع هؤلاء المكثرين والمتوسطين والمقلين نحو مئة وخمسين من الصحابة. هم الذين نقلت عنهم الفتاوى. فالمكثرون هم الذين تجمع فتاواهم في نحو مجلد كما يقول ابن حزم رحمه الله تعالى. وهم عمر وعلي وعبدالله بن مسعود وعائشة وعبدالله بن عمر وعبدالله بن عباس وزيد بن ثابت. فهؤلاء سبعة. هم المكثرون من الفتوى او من الفتية ثم المتوسطون وهم بين بيت ثم المقلون وهم الذين يؤثر عن الواحد منهم المسألة والمسألتان فهؤلاء هم الصحابة الذين افتوا بعد ذلك هؤلاء الصحابة كانوا في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن النبوة وزمن ابي بكر وزمن عمر. فان عمر كان يمنع الصحابة ان ينتشر في البلاد وكان يضن بهم فلا يأذن لهم بالسفر فلما مات عمر رضي الله عنه وارضاه انتشر كثير من الصحابة في البلدان فكان منهم من رحل الى مصر ومن رحل الى العراق ومن رحل الى الشام وهكذا فنشأ من ذلك ان كل واحد من هؤلاء الصحابة كون مدرسة من التلامذة الذين كانوا يأخذون عنه فكان مثلا اهل العراق كعبد الله بن مسعود وقبله علي بن ابي طالب آآ اخذ عنهم جماعة من التابعين واهل المدينة كعبد الله بن عمر اخذ عنه جماعة من التابعين وهكذا. فنشأ من ذلك مدارس مدارس فقهية في العراق وفي حواضر الاسلام الكبرى. العراق والمدينة ومكة والشام ومصر خاصة لكن هذه المدارس وهذه البلاد على اختلافها تؤول الى مدرستين اثنتين بينهما خلاف في منهج الاستدلال وهي مدرسة الحجاز والحديث ومدرسة العراق والرأي فهما مدرستان الرأي والحديث والرأي والغالب انه في العراق والحديث الغالب انه في الحجاز. فاذا تتميز مدرسة الحديث بانها آآ تأخذ بالاحاديث وتقدمها على الرأي مطلقا ولا تلجأ للرأي الا في حدود ضيقة جدا وتمتاز مدرسة الرأي بانها تتوسع في المقاييس ويقل باعها في الاحاديث بل يبلغ من توسعها في القياس والرأي ان تفترض من المسائل ما لم يوجد لكي تنزل عليه حكما شرعيا فكان ما يسمى الفقه الفقه الافتراضي وهو افتراض المسائل كقول قائدهم ارأيت لو ارأيت لو ان كذا وكذا حتى سموا لانهم يقولون ارأيت لو فيفترضون مسائل وكان اهل الحجاز كما ذكرنا عن مالك رحمه الله كانوا يكرهون هذه الافتراضات. فاذا عندنا مدرسة وهاتان المدرستان عموما ان اردنا الاختصار مدرسة العراق حمل لواءها ابو حنيفة رحمه الله ومدرسة الحجاز حمل لواءها مالك رحمه الله لكن لا يعني ذلك ان مالكا وحده هو امام اهل الحديث وان ابا حنيفة وحده امام اهل للرأي ثم كان بينهما نقاشات وجدالات كثيرة وكان اهل الرأي يستطيلون على اهل الحديث لقوتهم في الجدال وفي الرأي وفي النقاش العقلي فاحتاج اهل الحديث الى من يؤصل لهم مذهبهم ويضعوا لهم اصولا يشيئون اليها يستطيعون بها ان يناقشوا اهل الرأي فكان الامام الشافعي رحمه الله تعالى فالامام الشافعي على الصحيح انما كتب في علم اصول الفقه كتابه المعروف بالرسالة لكي يضع الاصول والقواعد لاهل الحديث ليناقشوا بها اهل الرأي. هذا هو الصحيح الذي يفهم من قراءة كتاب الرسالة لمن يقول من اهل العصر ان الشافعي حاول ان يجمع بين المذهبين ويوفق بين اهل الرأي واهل الحديث وهذا غير صحيح فاذا كان الامام الشافعي هو ما اول من كتب في علم اصول الفقه ولا يعني ذلك ان الناس قبله ما كانوا يعرفون الاصول كانوا الاصول فانه لا فقه الا باصول. ولا يمكن ان يجتهد في استنباط الاحكام من الكتاب والسنة الا انطلاقا من ماذا؟ من اصول الفقه. لكن لم تكون مدونة واول من دونها على الصحيح هو الامام الشافعي خلافا للحنفية فانهم يزعمون ان اول من دون هو ابو حنيفة والله تعالى. وفي جميع الاحوال فالذي بلغنا انما هو كتاب الشافعي عليه رحمة الله. فاذا استقرت المذاهب الاربعة جاء الامام احمد ايضا وكان له مذهب وبعد آآ الامام احمد وجد مجموعة من الائمة لكن لم يكتب البقاء الا لهذه المذاهب الاربعة التي استقر اه اه علم الصحابة والتابعين اجمعين فيها فلقائل ان يسأل مثلا ان يقول اين اقوال سفيان الثوري او الاوزاعي او اسحاق ابن راهوي او من اشبه هؤلاء من الائمة وهؤلاء كلهم ائمة يقارنون بالائمة الاربعة فاين اقوالهم؟ نقول اقوالهم لا تخرج عما هو موجود في المذاهب الاربعة بعبارة اخرى هذه المذاهب الاربعة وان كانت تنسب الى هؤلاء الاربعة فانها تشمل غالبة او كل الفقه المأثور عن الصحابة والتابعين الى زمن هؤلاء الائمة ووجد بعدهم المذهب الظاهري لكنه اقل مرتبة وانما اه يعتنى به لما فيه من تعظيم السنة النبوية وتعظيم الاثار عن الصحابة والا فهو مذهب ناقص في المرتبة لانه لم يخدم بما فيه الكفاح لم يخدم بما فيه الكفاية فكل آآ المذهب الظاهري عالة على كتابات ابن حزم رحمه الله تعالى بخلاف المذاهب الاخرى فان في كل مذهب منها ما لا يحصى من الكتب الاصلية والفرعية اه شروح الحديث واه احكام القرآن وما الى ذلك مما سيأتي ذكر بعضه عن الخصوص المذهبي المالكي فإذا هذه هي المذاهب الأربعة وهكذا استقر استقر الفقه فيها وهذا يجرنا الى مسألة وهي هؤلاء الائمة كانوا مجتهدين فلسائل ان يسأل ما الفرق مثلا بين ابي حنيفة وتلميذه محمد بن الحسن الشيباني او ما الفرق بين ابن القاسم التلميذ ما لك وبين خليل ابن اسحاق وهكذا فلا بد من ان يكون لدينا معرفة بمراتب الاجتهاد والحق ان العلماء يختلفون جدا في مراتب الاجتهاد لكن المختار انها ستة مراتب المرتبة الاولى هي المجتهد المستقل المجتهد المستقل وهو الذي يبتكر لنفسه قواعد في استنباط الاحكام الشرعية من الكتاب والسنة فهو مجتهد مطلق هو مجتهد مطلق يعني يأخذ مباشرة من الكتاب والسنة لكن هو مستقل بمعنى ماذا؟ بمعنى انه ليس تبعا لغيره في القواعد التي يستند اليها فالمجتهد المستقل مثل ماذا؟ مثل الائمة الاربعة ابو حنيفة ما لك الشافعي احمد ويلتحق بهم الأئمة الذين اندثرت مذاهبهم كالاوزاعي وسفيان الثوري وغيرهم المرتبة الثانية المجتهد المطلق غير المستقل. فهذا مجتهد له مؤهلات الاجتهاد المطلق. اي بامكانه ان يستنبط الحكم من مظانه من الكتاب والسنة. لكنه لم تدكر قواعد خاصة به وانما يعمل وفق قواعد امام اخر هذا كابي يوسف اه تلميذ ابي حنيفة وكمحمد بن حسن الشيباني تلميذ ابي حنيفة فهذان مجتهدان مطلقا ولكنهما غير مستقلين لانهما تابعان للامام ابي حنيفة وهو المجتهد المستقيم ثم المرتبة الثالثة المجتهد المقيد وهذا هو الذي يجتهد فيما لا نص فيه عن امام المذهب هو منتسب الى مذهب من المذاهب الى امام من الائمة ويجتهد فيما لا نص فيه ويسمى ايضا مجتهدا التخريج. لما؟ لانه يخرج المسائل على اقوال الامام يخرج على اقوال الامام وهذا مثلا في المذهب المالكي كابن رشد مثلا كابن رشد في المذهب المالكي فانه يخرج هذا من مجتهدي التخريج عنده اهلية الاجتهاد يمكنه ان يستنبط الحكم فيما لا نص فيه عن الامام مالك. ويخرج لكنه لا يخرج في ذلك عما هذا عن اه قواعد الامام. اذا هذه المرتبة الثالثة. المرتبة الرابعة مجتهد الترجيح وذلك انه بعد ان وجدت اه بعد ان وجد مجتهد التخريج اذن عندنا ثروة فقهية فيها اقوال الامام اقوال تلامذة الامام المجتهدين غير المستقلين وفيها الاقوال المخرجة التي اجتهد فيها مجتهدوا التخريج هنالك ثروة في هذه الثروة هنالك خلافات هنالك راجح ومرجوح اليس كذلك؟ هنالك راجع ومرجوح هنالك مشهور وخلاف مشهور. هنالك ما عليه الفتوى وما ليس عليه الفتوى. فلا بد من تنقيح ترجيح هذا الذي يقوم به هو مجتهد الترجيح ومثاله في المذهب المالكي خليل خليل ابن اسحاق صاحب المختصر هذا مجتهد ترجيح لأنه عمل في كتابه خصوصا وايضا في كتابه التوضيح الذي شرح به المختصر الفرعي لابن الحاجب في كتابه في مختصره يعمل بمذهب الترجيح بمعنى ماذا؟ يقول لك هذا له اصطلاح خاص لكن هو في اهم ميزة لمختصر خليل انه يبين لدارسه مشهور المذهب ما هو يبين له الراجح يبين له المرجوح يبين له الاقوال في المسألة الى غير ذلك. فاذا هذه هذا العمل هو من عمل المجتهد ماذا الترشيح ثم بعد ذلك يأتي مجتهد الفتيا. مجتهد الفتيا هذا في الحقيقة يسمى مجتهدا على سبيل التجوز. والا ليس من اهل الاجتهاد وانما هو شخص يضبط المذهب جدا يفهمه ويعرف الاقوال ويعرف الراجح من المرجوح ويعرف المشهور وغير المشهور ويعرف ما عليه الفتية وما ليس عليه وهذا حال اغلب المتأخرين. فاذا وجدت عالما من كبار علماء المتأخرين فانه من قبيل مجتهدي الفتيا. مفهوم ثم المرتبة السادسة وهي مرتبة المقلد وهي انما ذكرت في مراتب الاجتهاد آآ اكمالا للقسمة والا فالمقلد ليس مجتهدا. فالمقلد هذا اله ان يسأل فيفتى. وما افتاه به المجتهد فانه يعمل به وهو دين الله في حقه ايه ده هذه هي مراتب الاجتهاد وهذا يجرنا الى آآ الكلام عن خصوص المذهب المالكي. اذا آآ اتينا بشيء يسير عن آآ من تاريخ تشريعه من تاريخ الفقه ثم ننتقل الى خصوص المذهب المالكي. كيف تطور هذا المذهب فنقول ان اه هذا المذهب اه مر بمراحل والمتقدمون من المالكية لا يقسمون هذه المراحل الا الى مرحلتين اثنتين وهي المتقدمون والمتأخرون ونحن قد ذكرنا في ترجمة ابن ابي زيد القيرواني ان هذا العالم هو البرزخ بين المتقدمين والمتأخرين. فكل من قبله هو من طبقة المتقدمين وكل من بعده من طبقة المتأخرين لكن آآ جماعة من المتحدثين في اصطلاح المذهب المالكي اه قالوا يمكن تقسيم تاريخ المذهب الى مراحل المرحلة الاولى هي مرحلة التأسيس وهذه خاصة بالامام مالك رحمه الله وفي هذه المرحلة وضع ما لك اسس المذهب ثم بعد ذلك تأتي مرحلة ثانية هي مرحلة التفريغ وفيها انتشر المذهب بعد ان كان محصورا في المدينة. انتشر جغرافيا فانتقل جماعة من تلامذة الامام الى مصر خصوصا واخرون فيما بعد الى العراق وغيره من البلاد وايضا في مرحلة التفريع هذه فان اصحاب ما لك اعتنوا الفتية ففرعوا وكتبوا يعني افتوا في كثير من المسائل الفقهية فانتقلنا من تراث فقهي خاص بمالك رحمه الله الى تراث فقهي اوسع فاما المدونة فلها قصة فاننا نذكرها ان شاء الله تعالى فيما بعد واما العتبية فهي التي شرحها ابن رشد في البيان والتحصيل. ولذلك هي في الحقيقة كانت ستندثر لولا ان ابقى عليها ابن رشد في شرحه والموازية والواضحة وكثير من هذه من النقول عن هذه الكتب التي تسمى امهات موجودة في كتاب الذي ذكرناه انفا في ترجمة ابن ابي زيد وهو كتاب النوادر والزيادات فانه ينقل من بعض هذه الكتب واما الدواوين فهي نفس هذه الامهات الاربعة يضاف اليها المختلطة وهي المدونة الاصلية والمبسوطة ابن عبدوس والمجموعة للقاضي اسماعيل. فهذه هي الدواوين وحين ذكرت المختلطة قلت لكم المختلطة هي المدونة الاصلية. وذلك ان للمدونة قصة وهي من اعجب القصص في تاريخ الكتب فاصل المدونة هذه ان رجلا من اهل القروان عالما كبيرا اسمه اسد بن الفرات رحل الى المدينة الى الامام ما لك لكنه لم يأخذ منه كثيرا رحل بعد ذلك الى العراق فاخذ عن جماعة من اهل العراق محمد بن حسن الشيباني وغيره ثم اراد الرجوع الى مالك ليأخذ عنه. فحين رجع وجد مالكا قد مات فبدأ يبحث عن تلامذة مالك من يفتيه هو عنده مسائل كثيرة ويريد فتاوى فيها فذهب عند جماعة من تلامذة مالك اه كلهم يعني ابى ذلك حتى جاء الى ابن القاسم وهو عبدالرحمن ابن القاسم العتقي فجلس اليه صار ابن القاسم يحدثه مرة قول مالك يعني ينقل له قول مالك في المسألة ومرة باختياره هو ومرة بتخريج ابن القاسم على قول مالك حتى مدونة في صيغتها الاولى وتسمى الاسدية وتسمى ايضا المختلطة رحل بها اسد بن الفرات الى القيروان فاجتمع الناس اليه ليأخذوا عنه هذه المدونة لكن بعض آآ العلماء في زمنه وبعض الطلبة في زمنه رأوا ان فيها اختلاطا او خلطا بين كلام مالك وابن قاسم وبين كلام العراقيين. يعني فيها شيء من كلام اهل الرأي فطلبوا من اسد ابن الفرات ان يعطيهم هذه المدونة ليرحلوا بها الى ابن القاسم ليعيدوا ها تنقيحها لكنه ابى ذلك فهنالك رواية تقول ان اه هذا الطالب هو سحنون المشهور اه استعارها لليلة واحدة من اسد بن الفرات. ووزعها على الطلبة فانتسخوها فما اصبح الصباح حتى كانت لديه نسخة كاملة من المدونة فرحل بها سحن الى ابن القاسم وبدأ يسأله وحل هذه المسائل عن كل مسألة على حدة فابن القاسم صار ينقح ويزيد وينقص ويقول هذا ليس هذا من مذهب مالك هذا ليس من قول مالك الى غير ذلك بعد ان انتهت هذه المدونة في صيغتها النهائية اي الصيغة التي عرضها الصحنون على ابن القاسم صارت لدينا المدونة التي ستستمر وسيبنى عليها المذهب المالكي كله في الحقيقة. كما سيأتينا ان شاء الله فإذا اه ارسل ابن القاسم الى اسد ابن الفرات قال له عليك ان تترك المدونة التي لديك وان تأخذ هذه المدونة الجديدة التي سيأتي بها شحنه لكنه ابى رفض ذلك اشهد ابن فرات فيقال ان ابن القاسم دعا على مدونة اسد ان تنزع منها البركة وفعلا نزعت منها البركة فانه آآ لا تكاد توجد لا تكاد توجد ولم يهتم بها احد ولم تنتشر بين المالكية. اما مدونة سحنون فقد صارت العمدة. وانت ترى ان هذه المدونة في قصتها العجيبة هذه اجتمع عليها اربعة من اكابر العلماء مالك وابن القاسم واسد بن فرات وسحنون. فهؤلاء الاربعة اجتمعوا على تكوين هذه المدونة صارت المدونة بعد ذلك هي اساس المذهب المالكي ولذلك لديهم آآ كلام معروف في اذا تعارض ما في الموطأ بما في المدونة هنالك قول اه ضعيف عندهم عند المالكية انه يقدم اه ما في الموطأ قالوا لم يقدم ما في الموطأ قالوا لان هذا هو الكتاب الذي كتبه ما لك بنفسه وهذبه ونقحه لمدة قريبة من اربعين سنة فينبغي ان يقدم على ما ينقل عنه لكن المشهور عند المالكية خلاف ذلك. المشهور عندهم انهم يقدمون المدونة على الموطأ. قالوا لان فيها التنقيح الذي لا يوجد في الموطأ ولانها كتاب فقه خالص خلاف الموطأ فانه كتاب حديث وفرق بين الفقه والحديث وآآ صار كلام ابن القاسم في الحقيقة هو المعتمد صار كلام ابن القاسم هو المعتمد. فحين نقول اه في كثير من الاحيان حين نقول اه فلان او علان مالكي فهو في الحقيقة قاسمي وليس مالكيا لان نسبته الحقيقية هي الى ابن بل عند المتأخرين صار ما يشهره خليل في مختصره هو المعتمد وهو مذهب مالك ولاجل ذلك يقول ابراهيم اللقاني نحن خليليون نحن خليليون اذا ظل خليل ظللنا بمعنى ان العمدة عند المتأخرين هو على كلام خليل. لا على كلام ابن القاسم فضلا عن ان يكون على كلام مالك. بطبيعة الحال في الاعم اقوال هؤلاء الثلاثة تتفق يعني لئلا آآ يعني يظن الظان منكم ان هذه يعني فرق مختلفة يعني اقوال مالك في الشرق واقوال ابن قاسم في غرب اقوال لا هذا مذهب واحد. واقوال متفقة في الغالب. لكن الكلام عند التعارض عند التعارض. في الحقيقة عند التعارض المتأخرون يأخذون بما شهره خليل دون من سواه من العلماء فاذا هذا هو المذهب المالكي قلنا هذه هي تاريخ المذهب عموما اه قلنا اذا مرحلة التأسيس مرحلة التفريع ثم بعده مرحلة آآ التطبيق والتنقيح. بعض الناس يفرق يقول هنالك مرحلة التطبيق وحدها ثم مرحلة التنقيح واخرون يجعلونها مرحلة واحدة. مرحلة التطبيق التنقيح في هذه المرحلة جمعت الاقوال ودونت ونقحت وجمع النظير الى النظير ونوقشت ونوقش بها المخالف واستدل عليها بالادلة ومحصت فاستقر المذهب المالكي فاما ان نقول المرحلة الثالثة هي مرحلة التطبيق هي الجمع والاستدلال والنقاش. وبعدها مرحلة التنقيح وهي عندما ثروة فقهية نحتاج ان لنعرف ما عليه الفتوى وما ليس عليه الفتوى. واما ان نجمع هاتين المرحلتين في مرحلتين واحدة. فاذا هذه هي المراحل الثلاثة التي مر منها اه المذهب المالكي هذه المراحل الثلاثة اه في خلالها انقسم المالكية الى مدارس انقسموا الى مدارس فعموما هنالك من يجعلها مدارس كثيرة وهنالك من يختصرها اذا اردنا الاختصار فنقول ان المدرسة الاولى هي المدرسة المدنية وفيها على الخصوص الاخوان يسمون يسميان الاخوين وهما مطرف وابن الماجيشون من اصحاب مالك الاخوان واشتهرت هذه المدرسة بالرفع من الحديث على حساب العمل لاننا نعرف ان عمل اهل المدينة من اصول المالكية لكن الاخوان يقدمان الحديث اي خبر الواحد على عمل اهل المدينة. وليس معنى ذلك انهم لا انهما لا يأخذان بالعمل مطلقا. وانما المقصود انهم ان اهل المدينة لا يأخذون بالعمل الا اذا جرى مجرى النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانه من قبيل النقل المتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. حين ذلك يأخذون به هذا هو المشهور عن اهل المدينة. المدرسة الثانية وهي المدرسة المصرية بخلاف ذلك فانها تغلب جانب العمل فاذا تعارض عمل اهل المدينة مع خبر واحد قدموا عمل اهل المدينة كما في حديث خيار المجلس المعروف فان المشهور عن ما لك رحمه الله تعالى انه لا يأخذ بهذا الحديث وهو من اخبار الاحاد لما لان العمل ليس عليه وسيأتينا تفصيل الامر في موضعي ان شاء الله تعالى. فالشاهد عندنا ان المدرسة المصرية تمتاز بهذا الامر. والمشهور في المذهب في المدرسة المصرية اشهد وعلى الخصوص ابن القاسم عبدالرحمن ابن القاسم هذا ينتسب الى المدرسة المصرية. فاذا هاتان مدرستان المدنية المصرية واستمر المذهب المالكي فيهما مدة من الزمن اه في المدينة تقريبا الى القرن السادس حين غلب الرفض عليها والمدرسة المصرية اصطفوا استمر فيها المذهب المالكي الى مدة معينة لاسباب سياسية انقرض منها المذهب المالكي ثم وجدت المدرسة العراقية وتمتاز هذه المدرسة بكثرة الاستدلال وكثرة النقاش والسبب في ذلك انهم في بيئة فيها مذاهب مخالفة خاصة مذهب الحنفية ولاجل ذلك يحتاجون الى الاستدلال والنقاش وكتابة المدونات الاصولية والمقدمات الاصولية ووجد جماعة من كبار المالكية في المدرسة العراقية كالقاضي اسماعيل والقاضي عبدالوهاب وابن الجلاب والابهري وغيرهم ولهم مؤلفات اه سائرة سيأتينا ذكرها ان شاء الله تعالى ثم اخيرا المدرسة المغربية وبعض الناس يقول المدرسة المغربية والمدرسة الاندلسية فيفصل بينهما والحق ان بينهما فرقا لكن عموما هي مدرسة واحدة وعلينا ان نعرف ان المالكية حين اه يعني اه كانت الدولة العبيدية تريد ان تفرض على بلاد المغرب مذهب الرفض الذين قاموا في وجهها هم تلامذة من ائمة المالكية فلذلك مباشرة بعد الدولة العبيدية استقر في اذهان المغاربة ان المالكيتهم حماة السنة جماعة لانهم وقفوا في وجه الرافضة آآ حاول الموحدون الغاء المذهب المالكي واقامة مذهب الظاهر بدلا منه لكن لم يندم طويلا مباشرة بعد دولة الموحدين رجع المذهب المالكي الى قوته وآآ توهجه. والمدرسة هي جزء من المدرسة المغربية لكن لا شك انه في الاندلس يوجد الظاهرية فلاجل ذلك احتاج الاندلسيون من المالكية الى نقاش فنجد مثلا في كتابات ابن العربي او في كتابات الباجي او في كتابات ابن عبد البر نجد استدلالا ونقاشا اكثر مما نجده عند ائمة المالكية من المغاربة لانه في المغرب استقر المذهب المالكي وحيدا دون منازع فلم المالكية في المغرب الى كثرة النقاش والاستدلال بخلاف المناطق الاخرى التي وجد فيها المخالفون. فاذا مجملا هذه هي المدارس المالكية التي انقسم اليها المذهب. ان شاء الله تعالى نواصل هذا المبحث في اللقاء المقبل. والحمد لله صلى الله وسلم على رسول الله رحمة سيقت الينا من سماوات علا وبها نحن ارتقينا وصعدنا للعلى رحمة سيقت الينا من سموات علاه وبها نحن ارتقينا وصعدنا العلا وبها صار الفقير له حلم وهواه وبها فرح الضعيف وتغنى وارتوى