رحمة سيقت الينا من سماوات علا وبها نحن ارتقينا وصعدنا للعلماء رحمة سيقت الينا من سماوات علاه وبها نحن ارتقينا وصعدنا العلا وبها صار الفقير له حلم وهوى وبها فرح الضعيف وتغنى وارتوى ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اما بعد فان اصدق الحديث كلام الله تبارك وتعالى وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. قال رحمه الله تعالى رب العباد ورب اعمالهم والمقدر لحركاتهم واجالهم الباعث الرسل اليهم لاقامة الحجة عليهم الباعث الرسل اي ان الله سبحانه وتعالى هو الذي يبعث الرسل والرسل معمول للباعث لانه اسم فاعل. يعمل عمل الفعل وقوله لاقامة الحجة عليهم لان الله سبحانه وتعالى من عظيم لطفه بعباده ما حاسبه الا بعد ان اقام الحجة عليهم. كما قال سبحانه وتعالى رسلا مبشرين ومنذرين لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فلا حجة فلا حساب الا بعد اقامة الحجة واقامة الحجة تكون بالرسالة فارسل الله تعالى الرسل لاجل اقامة الحجة وكل الرسل جاؤوا بدعوة واحدة وان اختلفت شرائعهم كما قال تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت لب دعوة الرسل اجمعين عبادة الله وتوحيده بالعبادة والكفر بما يعبد من دون الله سبحانه وتعالى من اصناف الطواغيت وبعد ذلك اختلفوا في الشرائع كما قال تعالى لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا اي سبيلا وسنة فلكل نبي من الانبياء شرعته ومنهاجه لكنهم متفقون على الاسلام الذي هو دين التوحيد ومتفقون على وجوب عبادة الله وعدم الشرك به ثم ختمت هذه النبوات وكما سيأتي بنبوة حبيبنا محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم والايمان بالرسل ركن من اركان الايمان. دل على ذلك قول الله سبحانه وتعالى ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من امن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيئين فجعل الايمان بالنبيين جزءا من الايمان لان البر يطلق ويراد به الايمان كما في هذا السياق وكما ذكره جماعة من المفسرين وايضا فان الله سبحانه وتعالى يقول ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله فقد واليوم الاخر فقد ضل ضلالا بعيدا وايضا في حديث جبريل آآ ان انه قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره فهذه اركان الايمان الستة اركان الايمان الستة ومنها الايمان بالرسل والانبياء الرسل منهم من قص ربنا سبحانه وتعالى فعلينا قصته في القرآن الكريم ومنهم من لم يقصص الله تعالى قصته في القرآن كما قال تعالى لقد ارسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك ومعنى ذلك ان المذكورين من الانبياء والرسل في القرآن الكريم انما هم جزء من مجموع الانبياء والمرسلين ودل على ذلك حديث ابي ذر الغفاري عند الامام احمد وفيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ان الانبياء مئة واربعة وعشرون الفا وان الرسل ثلاثمائة وخمسة عشر وللحديث روايات فدل الحديث على امرين اولهما التفريق بين الانبياء والرسل على ما سيأتي ان شاء الله تعالى. وثانيهما ان عدد الانبياء والرسل كثير جدا وذلك ان المذكور منهم في القرآن انما هو خمسة وعشرون رسولا خمسة وعشرون رسولا فهم المذكورون كتير آآ قول الله تعالى وتلك حجتنا اتيناها ابراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء ان ربك حكيم عليم ووهبنا له اسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داوود وسليمانا وايوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى والياس كل من الصالحين واسماعيل واليسع ويونس ولوطى وكلا فضلنا على العالمين. كم هؤلاء ثمانية عشر رسولا يضاف اليهم ادم عليه السلام وهو اول الانبياء وابو الخليقة ثم ادريس وذو الكفل ثم شعيب وهود وصالح ثم خاتم النبيئين محمد صلى الله عليه وسلم. فهؤلاء سبعة يضافون على هؤلاء المذكورين في القرآن فمجموع ذلك يعني المذكورون في سياق واحد من القرآن هؤلاء كلهم مذكورون في القرآن لكن آآ فما عشر رسولا ذكروا في اربع ايات متتالية ثم غيرهم مفرقون في القرآن كله فمجموع ذلك خمسة وعشرون رسولا لكن في الحديث الذي ذكرنا ان عدة الرسل اكثر من ذلك وانهم ثلاث مئة وخمسة عشر رسولا فهذا تفسير قوله تعالى منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك ثم من ضمن آآ هؤلاء الرسل من ضمن هؤلاء اه اولو العزم من الرسل وهم خمسة محصورون اه لهم على غيرهم من الرسل فضل مخصوص كما قال تعالى فاصبر كما صبر اولو العزم من الرسل واولو العزم مذكورون في مثل قوله تعالى آآ واذا اخذنا من النبيئين ميثاقهم ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى ابن مريم فهؤلاء خمسة وهم محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم ونوح وابراهيم وموسى وعيسى وهم اولو العزم من الرسل واختصوا بما لم يكن لغيرهم من الانبياء والمرسلين في فضلهم وفي ما ابتلوا به وما صبروا به على وما صبروا منه على الابتلاء. وفي امور اخرى كثيرة هؤلاء اذا هم الانبياء والمرسلون المذكورون في القرآن وقلناهم اقل من مجموع الانبياء والمرسلين ثم ان الايمان بالرسل يكون بعدم التفريق بينهم. فالواجب على المسلم ان يؤمن بالرسل اجمعين. من علم منهم ومن لم يعلم فيؤمن بهم على جهة الاجمال والتفصيل فاما الاجمال فيؤمن بالانبياء والمرسل والرسل جميعا عرفهم او لم يعرفهم. واما التفصيل فيؤمن بمن ذكر منهم على جهة الخصوص سواء في القرآن او في السنة ولا يصح للمؤمن هذا الركن من اركان الايمان الذي هو الايمان بالرسل اذا امن ببعض الرسل ولم يؤمن ببعضهم الاخر بل لابد من الايمان بهم جميعا. ولذلك وجدنا في كثير من الايات ان تكذيب القوم لرسول واحد يكون تكذيبا للرسل اجمعين كقوله تعالى كذبت قوم نوح المرسلين فقوم نوح انما كذبوا نوحا ومع ذلك قال تعالى كذبت قوم نوح المرسلين لم؟ لانهم بتكذيبهم واحدا كذبوا المرسلين اجمعين. فان دعوة المرسلين واحدة ومن امن بواحد لزمه ان يؤمن بهم جميعا. ومن كذب بواحد فكأنما كذب بهم اجمعين وقال تعالى امن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله فالايمان ببعض والكفر ببعضهم بالايمان ببعضهم والكفر ببعضهم الاخر تفريق بينهم والتفريق بينهم مخالف لما اراده الله تعالى منهم. فانه لم يفرق بينهم وبعثهم برسالة واحدة فلا يجوز للمؤمن ان يفرق بينهم. لكن الايمان بالرسل اجمعين. لا يقتضي اتباع شرائع اجمعين المسلم يتبع شريعة خاتم النبيئين محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وكونه يؤمن بموسى وعيسى وابراهيم وغيره من الانبياء والرسل لا يعني انه يتبع هؤلاء الانبياء في ما جاءوا به من الشرائح بل لكل واحد منهم شرعة خاصة به وجاءت شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ناسخة للشرائع كلها كما سيأتينا باذن الله عز وجل والنبي والرسول هل هما شيء واحد ام بينهما فرق اه من جهة اللغة لا شك ان بين هذين فرق فالنبي مشتق اما من النبأ واما من النبوة من النبأ لانه ينبئ ويخبر بما يوحيه اليه الله سبحانه وتعالى او من النبوة وهي الرفعة لان مقامه رفيع فهو ارفع من غيره من الخلق واما الرسول فمن الرسالة وامره واضح من جهة اللغة اي ان الله سبحانه وتعالى ارسله برسالة معينة فهذا من جهة اللغة واما من جهة الاصطلاح فبعض العلماء يرى انه لا فرق بين النبي والرسول ويستدل بمثل اه قوله سبحانه وتعالى وما ارسلنا من قبلك من نبي من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته من رسول ولا نبي وكم ارسلنا من نبي في الاولين؟ وكم ارسلنا من نبي في الاولين تدل على ان النبي مرسل. لكن مثل هذه الايات ليست صريحة ليست صريحة لان مثل قوله تعالى وكم ارسلنا من نبي في الاولين يعني ان بعض الانبياء قد ارسلوا. ولا يقتضي ان كل نبي قد ارسل وكذلك وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي لا يقتضي اتحاد مفهوميهما وذهب جماعة الى الاتفاق بين في المعنى بين الرسول والنبي. بل ذهب بعض العلماء كالعيس ابن عبد السلام الى ان النبي بيئة اه افضل من الرسول ولكن الجمهور على التفريق بينهما على ان الرسول غير النبي وعلى ان الرسول افضل من النبي وعلى ان الرسول اخص من النبي بمعنى كل رسول نبي وليس كل نبي رسولا كما ذكرنا في حديث ابي ذر السابق من ان عدة الانبياء اكثر بكثير من عدة الرسوم ومما يدل على التفريق ما جاء في صحيح مسلم من حديث البراء بن عازب آآ ان النبي صلى الله عليه وسلم علمه دعاء وفيه امنت بكتابك الذي انزلت وبنبيك الذي ارسلت اعادهن البراء بن عازب ليستذكرهن فقال امنت بكتابك الذي انزلت وبرسولك الذي ارسلت. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل امنت بنبيك الذي ارسلت فاستدل به بعض العلماء على التفريق بين النبي والرسول بدليل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم انكر على البراء انه اتى بلفظ الرسول بدلا من لفظ النبي. وذلك للتغاير في مفهوميهما لكن ليس ذلك صريحا ايضا لوجود احتمال في معنى هذا الحديث وهو كما ذكر المهجري في شرح صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم انكر على البراء ليعلمه ان هذا من الاذكار وان الفاظ الاذكار مبنية على التوقيف فلا يصح التصرف فيها بالتغيير والتبديل فلأجل ذلك حافظ على اللفظ وامره بأن يحافظ على هذا اللفظ وهنالك احتمال اخر من جهة الفصاحة والبلاغة وهو ان آآ قوله وبرسولك الذي ارسلت فيه تكرار بخلاف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنبيك الذي ارسلت. فلا تكرار فيه فكأنه من جهة البلاغة ما ليس فيه تكرار اولى مما فيه تكرار. فان يقول نبيك الذي ارسلت اولى وافصح وابلى من قوله وبرسولك الذي ارسلت فإذا وجد هذان الاحتمالان فإن الحديث اذا لا يكون صريحا في الدلالة على التفريق بين مفهومي النبي والرسول ومع ذلك فقلنا الجمهور يفرقون وهم عند التفريق لهم في ذلك مذاهب كثيرة اشهرها ان الرسول من اوحي اليه بشرع وامر بتبليغه وان النبي من اوحي اليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه وهذا التعريف على شهرته محل نظر لان من هم دون الانبياء والرسل من عامة العلماء والصالحين مأمورون بالتبليغ بتبليغ ما يعلمونه من دين الله عز وجل. فكيف لا يكون النبي مأمورا بالتبليغ وعلى هذا الاعتراض اعتراض ولكن لا نطيل بذكره ولذلك اختار جماعة ان الفرق بينهما ان الرسول هو من جاء بشرع جديد بكتاب او وحي جديد او بشريعة جديدة واما النبي فهو الذي جاء بتأكيد شرع سابق فالفرق اذا بينهما ان الرسول يأتي بالجديد من الشرع او الكتاب او الوحي واما النبي فلا يأتي بجديد وانما يؤكد شرعا سابقا نعم ثم اه قال رحمه الله تعالى ثم ختم الرسالة والنذارة والنبوة بمحمد نبيه صلى الله عليه وسلم فجعله اخر المرسلين بشيرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا. ثم ختم الرسالة والنذارة والنبوة وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيئين باجماع المسلمين باجماع المسلمين ولم توجد طائفة عبر التاريخ اه تخالف في هذا وتدعي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس خاتم النبيئين. نعم ظهر كثير من المتنبئين الكاذبين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بل في حياته ولكن ان توجد طائفة تدعي وتزعم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس خاتم النبيين فهذا لم يوجد في تاريخ الامة الا في عهد قريب اين ظهرت الطائفة البابية وبعدها الطائفة البهائية وكلاهما يدعي نبوة اه من ينتسبون اليه وهؤلاء خارجون عن الاسلام. ولا يزالوا اتباعهم موجودين الى عصرنا هذا واجماع المسلمين قائم اذا على ان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيئين اه ومما يدل على ذلك قول قول الله سبحانه وتعالى ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله خاتم وخاتم النبيئين اه خاتم قراءة عاصم وخاتم قراءة غيره وكلاهما بمعنى ورسول الله صلى الله عليه وسلم اذا خاتم النبيين اي به ختموا واصل الختم ما يوضع على الاناء. يكون الاناء فيوضع عليه شيء يختم به ان يغطى به ومنه قول الله سبحانه وتعالى وختامه مسك اي الختام الذي يختم به الاناء مسك ويستعمل في الطابع الذي يوضع على الرسائل ونحوها في العصور السابقة فانك بعد ان تنهي رسالتك تضع عليها شيئا لينا كالشمع ونحوه اذا جمد صار اه صلبا بحيث اذا اريدت ازالته احتيج الى كسره كالشمع الغالب انه يستعمل شمع شمع احمر او غيره فيعرف من وصله الكتاب هل فتح او لم يفتح فهذا يسمى ايضا ختما وختاما ومنه اخذ معنى الختم بمعنى الانهاء لان ختم الرسالة وختم الاناء لانك حين تملأ الاناء حتى لا يبقى في شيء ثم تضع عليه ما يختم به فبعد ان انهيت تختم وكذلك بعد ان تنهي الرسالة تختمها فمن هنا صار الختم بهذا المعنى الذي هو معنى الانهاء اه الذي ليس بعده شيء فرسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اه هو خاتم النبيئين بدلالة هذه الاية. وايضا بدلالة الحديث الصحيح الذي ذكر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انما مثلي ومثل الانبياء من قبلي كمثل رجل بنى بناء فاجمله واحسنه وترك فيه موضع لبنة فصار الناس يطوفون به ويقولون بين اللبنة فانا اللبنة وانا خاتم النبيئين فهذا ايضا حديث صريح في ما نحن بصدده قد يقول قائل كيف يقال ان محمدا صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيئين ونحن نعتقد ان من اشراط الساعة ان ينزل عيسى عليه السلام فيكون اذا بعد محمد صلى الله عليه وسلم؟ والجواب ان قولنا هو خاتم النبيئين اي هو اخر من ينبأ واخر من يرسل فعيسى عليه السلام نبأ قبل محمد صلى الله عليه وسلم وحين يأتي وينزل في اخر الزمان فلا ينبأ من جديد وانما دلت الاحاديث على انه يحكم بشرع محمد صلى الله عليه وسلم اكسروا الصليب ويقتلوا الخنزير فيحكموا بالشرع الذي جاء به رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم والذي نسخ الشرائع السابقة كلها فمحمد صلى الله عليه وسلم ختم الله به الرسالة والنذارة والبشارة فاما النذارة فعكس البشارة فتكون النذارة ما يخاف وما يهان وتكون البشارة بما يستحسن ويحب فجعله اخر المرسلين بشيرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا فهذه من اسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم المتضمنة لبعض صفاته فهو بشير ونذير بشير لاهل الطاعة بما يخبئه لهم الله سبحانه وتعالى وما يعده لهم من الرضوان المقيم في جنة الخلد ونذير لاهل المعصية بما يعده الله لهم من العذاب جزاء وفاقا على ما كان يشركون بالله عز وجل وداعيا الى الله باذنه اي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم انما جاء بالدعوة الى الله عز وجل اي الى توحيد الله وآآ عبادته دون غيره وترك الشرك به وسراجا منيرا. السراج المعروف وذكر المنير بعد السراج مع ان السراج انما يكون منيرا. من باب التأكيد على ما في هذا سراج من شدة النور وفيه تشبيه للحق الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنور وتشبيه لما بعث عليه الصلاة والسلام لمجاهدته ومكافحته وانكاره تشبيه ذلك بالظلمات فرسول الله صلى الله عليه وسلم وما وما جاء به من الحق كالنور الذي جاء فانار تلك الظلمات التي كانت منتشرة وهي ظلمات كثيرة ظلمة الشرك وظلمة الجهل وظلمة الفسق وظلمة الفجور وظلمة الظلم وغير ذلك من الظلمات التي كانت منتشرة فكلما اقترب الناس من هذا النور الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ابتعدوا عن تلك الظلمات وكلما تركوا هذا النور رجتهم تلك الظلمات حتى ملأت عليهم قلوبهم ونفوسهم واذهانهم وعقولهم وحياتهم كلها. وهذا مشاهد في كل وقت فان ظلمات الجاهلية التي كانت قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بقي منها اشياء بعد بعثته عليه الصلاة والسلام لكن نسب مختلفة ومتفرقة فبعض ظلمات الشرك لا تزال موجودة في الامة. وبعض ظلمات آآ الجهل كذلك وبعض ظلمات حرمات الظلم والفسق والفجور كل ذلك ما يزال موجودا فانما وجدت هذه الظلمات لابتعاد الناس عن ذلك النور الذي يدفعها ويزيلها ونحن مطالبون اليوم بان نعيد نشر هذا الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من النور فنحقق شيئا يسيرا من هذه الصفات التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنأتي بالبشارة والنذارة لمن يستحق هذه وتلك ونأتي بالدعوة الى الله عز وجل ونحاول نشر هذا الحق الذي هو النور والسراج المنير لندفع به هذه الظلمات المتراكبة التي تنتشر في الامة وقال بعد ذلك وانزل عليه كتابه الحكيم وشرح به دينه القويم وهدى به الصراط المستقيم آآ وانزل عليه كتابه الحكيم فان الله سبحانه وتعالى ارسل محمدا لكتاب هو هذا القرآن الذي اه سيتلى الى قيام الساعة فهذا القرآن فيه تفصيل كل شيء وفيه الهدى والنور كاملا ثم هذا القرآن عن اشتماله على كل شيء فانه لابد معه من بيان السنة ووحي السنة. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا واني اوتيت القرآن ومثله معه فالسنة موحى بها كما ان القرآن موحى به والسنة والقرآن كلاهما وحي ورسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عليه القرآن وكلف بمهمة تبيينه للناس لتبين للناس ما نزل عليهم والسنة شارحة مفسرة مبينة مخصصة مقيدة للقرآن الكريم فكل من زعم انه يفهم القرآن دون السنة فانه مبطل سواء اكان ذلك عن عمد واتباع هوى او كان عن جهل وسوء فهم لكتاب الله عز وجل. فان الكتاب كله ناطق بوجوب طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوب اتباع سنته والايات في ذلك كثيرة جدا فقوله وانزل عليه كتابه الحكيم وشرح به اي برسول الله صلى الله عليه وسلم دينه القوي كما ذكرنا فان الدين يعلم من هذا الكتاب ومن شرح رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفسيره وبيانه وهدى به الصراط المستقيم كما قال الله سبحانه وتعالى وانك لتهدي الى صراط مستقيم. وذكرنا انفا ان هذه الهداية بداية ارشاد وبيان وانها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكل من اتبعه من الهداة الدعاة المصلحين. بخلافه التوفيق فانها خاصة برب العزة جل جلاله وكما قال تعالى وان هذا صراطي مستقيم فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله قوله وهدى به الصراط المستقيم هذا هو الصراط المستقيم. وهو ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو صراط واحد او حدث وكل ما سواه من الطرق التي تصرف عنه فانها ينهى عن اتباعها. فانت مأمور باتباع طريق واحد وبترك كل الطرق المخالفة لهم وهذا ايسر في الفهم على كل من اراد الحق فان من الايسر والاسهل ان تقول للطالب عليك بهذا الطريق ولا تلتفت لغيره من الطرق. هذا ايسر من ان تقول اسلك هذا الطريق وبعده هذا الطريق وبعده هذا الطريق فدين الاسلام وهو الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم انما هو طريق واحد فهو طريق الكتاب والسنة. وكثيرا ما ينسى الناس في زمننا هذه البديهية وهي امر بديهي واضح لكن ينسونه او يجهلونه او يتجاهلونه فاذا رأوا اختلاف الناس وكثرة اه اقوالهم وشدة نزاعهم ظنوا انهم مطالبون بالنظر في هذا كله واتباع هذا كله والترجيح بين هذا كله. والحق ان هؤلاء الناس على اختلافهن فإن الطريق الذي عليك ان تتبعه واحد واحد او حد وواضح جلي هو ما في صريح الكتاب وفي صريح السنة فقط لا غير. والامور التي تصرف عن هذا الصراط كثيرة جدا وكثير منها يأتي من اتباع الهوى لا من حقيقة ضعف في الفهم او عدم معرفة معاني الايات او معاني الاحاديث او غير ذلك وانما الغالب ان هذه النزاعات وهذه الخلافات تأتي من اتباع للهوى فانت امامك صراط واضح ولا يضرك ما اختلف الناس فيه ما دام من قبيل الاجتهاديات التي لا يضر الخلاف فيها انظر مثلا نحن الان في ابواب العقيدة العقيدة التي كان عليها الصحابة افيها خلاف عندهم؟ ليس فيها ادنى خلاف عندهم. بل هي مجمع عليها بينهم فاترك عنك كل ما جاء بعد ذلك من النزاعات والخلافات والزم ما تراه صريحا ظاهرا في القرآن وما تراه صريحا ظاهرا في السنة وما تراه صريحا ظاهرا في فعل الصحابة رضوان الله عليهم وفي قولهم وما جاء بعد ذلك فان استطعت ان تفهم وترجح وتضبط فبها ونعمة وان لم تستطع فالزم الحق الواضح الذي تعرفه والصراط المستقيم الذي اه يوصلك الى الجنة باذن الله عز وجل واترك عنك هذه الطرق وهذه السبل واما في الفقه فالامر ايسر. لان الامور الاجماعية هي الصراط المستقيم الذي عليك ان تسلكه كوجوب الصلاة ووجوب وجوب الصيام مثلا فان المسلمين لا يختلفون في ذلك. ثم في الصلاة اغلب افعال الصلاة واقوالها متفق عليها بين ولذلك فإذا رأيت الشافعي يصلي او المالكية يصلي فإن الخلاف بينهما يسير جدا حتى انه قد يلتبس ولا تعرفوا من الصلاة الا ان تكون فقيها متمكنا لا تعرف من مجرد الصلاة ان هذا ملكي وهذا شافعي لكن اذا نظرت في كتب الفقه يظهر لك ان الخلاف كبير جدا. لما؟ لان كتب الفقه تتحرى بحث هذه الامور الخلافية ولا تذكروا الامور الاجماعية الاتفاقية او تمر عليها مثلا تجد الكتاب يبدأ فيقول لك آآ الصلاة آآ مثلا آآ واجبا وهي خمس صلوات في اليوم والليلة سطر واحد. ثم يأتي الى جزئية فرعية في الصلاة فيطيل النفس فيها وهذا مفهوم نحن لا ننكر هذا على الفقهاء. لكن ننكر ان يفهم الطالب من وجود مثل هذه الخلافات ان الناس يختلفون في اصل الدين اصل الدين لا خلاف فيه ولكن ما يأتي بعد ذلك من الامور الاجتهادية الطالب يوسعها لانه لا يفهم لا يفهم مدارك القوم في مثل هذه المباحث فإذا المقصود عندنا ان الصراط المستقيم الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم واضح لمن اراده فعلى المسلم ان يتبعه ولا يتبع السبل الذي التي تفرق او تبعده عن هذا الصراط المستقيم نعم ثم قال نعم وهدى به الصراط المستقيم. الان في قوله آآ وانزل عليه الكتاب الحكيم وشرح به دينه قويم وهدى به الصراط المستقيم. آآ هذا الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو الاسلام الذي لا الله من احد غيره كما قال الله سبحانه وتعالى ومن يبتغى غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين فهذا هو الدين الذي لا يقبل الله دينا غيره كما قال الله سبحانه وتعالى ايضا ان الدين عند الله الاسلام وكل ما يفهم منه في هذا العصر خلاف في هذا الأمر انما هو من من اباطيل المعاصرين. انما هو من اباطيل المعاصرين. والا اه كتب والا فايات القرآن واحاديث السنة كثيرة متواترة متظافرة على الدلالة على ان ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدين الذي يسمى الاسلام هو الذي لا يقبل الله دينا الا الا هو وكل دين قبله منسوخ وكل دين بعده باطل كل دين جاء به الانبياء قبل محمد صلى الله عليه وسلم فهو دين منسوخ وما جاء به الناس بعد بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاديان الباطلة والمعتقدات المنكرة فهي اديان غير مقبولة من اصحابها وهذا من البديهيات في دين الله ومن المعلوم من الدين بالضرورة وكل من قرأ كتاب الله يعلمه وكل من قرأ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعلموا ذلك ولكن صرنا للاسف نحتاج الى التذكير بذلك والتنبيه عليه لان بعض الناس ابتلوا في هذا العصر بالتشكيك في مثل هذه البديهيات الواضحات فصرنا نسمع من يقول ان النصرانية واليهودية والبوذية وغيرها من الاديان كلها طرق موصلة الى الله سبحانه وتعالى فمن شاء ان يعبد الله بالاسلام فليفعل ومن شاء ان يعبد الله بغيره فليفعل. وهذا كله من ابطل الباطل ومن اشد المنكرات بل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نص على ان الذي يغير دينه بعد ان كان مسلما فانه يقتل كما قال في الحديث الصحيح من بدل دينه فاقتلوه وهو المسمى بحد الردة وقد اجمع العلماء اجماعا يقينيا على عقوبة المرتد يعني لا يوجد في تاريخ امة عالم قال بان المرتد لا يعاقب لا يوجد هذا في تاريخ الامة حتى جاء بعض المعاصرين فصاروا يخالفون في هذا الامر ويستدلون بالمتشابهات. مع ان الاحاديث والادلة الكثيرة المتوافرة تدل على هذا المعنى لكن يستدلون بالمتشابه. فاستدلالهم بقول الله سبحانه وتعالى لا اكراه في الدين. قد تبين من الغيب وهذه الاية لا تدل على المبتغى وانما تدل على ان من كان على دين كاليهودية او النصرانية فانه لا يكره او على ترك جيله بل آآ يطلب منه ان يعيش تحت حكم الاسلام ويؤدي الجزية و لا يجبر على تغيير دينه. وسبب نزول الاية يدل على هذا المعنى فان آآ الانصار في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا اه كانت المرأة تكون مقلاة يعني لا يمكث لها ولد فاذا عاش لها ولد تجعل على الله سبحانه وتعالى انه ان عاش ان تهوده فكان جماعة من هؤلاء الذين هودوا لهذا السبب فحين اجليت بنو النضير قال بعض الانصار هؤلاء ابناؤنا لا ابناءنا يعني لا نتركهم آآ على يهوديتهم ارادوا ان يدخلوهم الاسلام ويجبروهم على الاسلام فنظر قول الله سبحانه وتعالى لا اكراه صافي الدين قد تبين الرسوم الى الغيب فاذا الاية في سبب نزولها انما تدل على ان من كان يهوديا لا يجبر على ترك يهوديته ومن كان نصرانيا لا يجبر على ترك نصرانيته لكن ليس في الاية لا ان الذي يرتد لا يعاقب هذا غير موجود في الاية وليس في الاية ان اليهودية والنصرانية كلها مقبولة عند الله عز وجل هذا ليس في الاية. بل الاية تدل على حكم دنيويا واضح وهو انه من كان على دين من هذه الاديان التي تسمى سماوية فانه لا يجبر على ترك دينه والدخول في الاسلام لا اقل لولا اكثر. وكذلك اه قول الله سبحانه وتعالى فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. لا تدل على هذا فانما هي دالة على معنى ماذا؟ على معنى التهديد والوعيد على مهنة معنى التهديد والوعيد وكل من يفهم العربية يفهم هذا المعنى ومن ذلك احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوالد باب الى الجنة فمن يعني الوالد واسطة نعم الوالد اوسط ابواب الجنة الوالد اوسط ابواب الجنة فحافظ على والديك او اترك الوالد اوسط ابواب الجنة فحافظ على والديك او اتركه. فليس المعنى ذلك انك مخير بين ان تحافظ على وتبرعهما وبين ان تعقهما وانما هو تهديد ووعيد. فهذا من اساليب العربية المعروفة فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر لا يدل على تساوي الأمرين وانما يدل على التهديد من شاء ان يؤمن ومن شاء ان ومن الدليل على ذلك ان انه سمى هذا ايمانه وسمى هذا كفرا والكفر لا يوجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو آآ يعني لفظ يتعلق به الذم اكثر من الكفر فلا يمكن ان يقول هذا الكفر من شاء فليكفر ويسميه كفرا. والقرآن كله يدل على ان الكفر مذموم. ثم يقال اذا هو يسوي بين الايمان والكفر هذا لا معنى له. نعم. وايضا حتى الاية بعدها فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. بعدها انا اعتدنا نارا احاط بهم سرادقها لا مساواة بين من يعده الله سبحانه وتعالى بالجنة ومن يتوعده والله عز وجل بالنار. فاذا هذه هذا كله من اتباع الهوى عند بعض المعاصرين حتى صاروا للاسف الشديد يتركون المتكاثرة يعني تعد بالمئات ويتشبثون بدليل لا يدل على مقصودهم بل من تأمله وجده يدل على بخلاف مقصودهم نعم فهذا مجملا ما اردنا ذكره وانزل عليه كتابه الحكيم وشرح به دينه القويم وهدى به الصراط المستقيم. الايمان بالبأس نتركه ان شاء الله تعالى الى لقائنا المقبل. واقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والحمد لله رب العالمين. رحمات الينا من سماوات علا وبها نحن ارتقينا وصعدنا للعلماء رحمة سيقت الينا من سماوات ات علاه وبها نحن ارتقينا وصعدنا للعلى وبها صار الفقير له حلم وهوى وبها ريحة ضعيفة واتغنى وارتوى