رحمة سيقت الينا من سموات علا وبها نحن ارتقينا وصعدنا للعلماء رحمة سيقت الينا من سموات علاه وبها نحن ارتقينا وصعدنا وبها صار الفقير له حلم وهواه وبها فرح الضعيف وتغنى وارتوى بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فان اصدق الحديث كلام الله تبارك وتعالى وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بضعة ضلالة بعد ان ذكرنا في لقائنا السابق مبحث الاسماء الحسنى ذكر العلامة ابن ابي زيد رحمه الله تعالى قضية ازلية الصفات فقال لم يزل بجميع صفاته واسمائه تعالى ان تكون صفاته مخلوقة واسماؤه محدثة. وهذا كنا قد اشرنا الى معناه بلقائنا السابق وذكرنا ان صفات الله عز وجل تنقسم الى قسمين صفات ذات وصفات فعل والصفات الذاتية هي اللازمة لله عز وجل والتي لا تعلق لها بالمشيئة كعلم الله وحياته وارادته وصفات الفعل هي الصفات التي تحدث بمشيئة الله عز وجل. فتتعلق بها مشيئة الله سبحانه وتعالى فالاستواء يتعلق بالمشيئة لان الله شاء ان يستوي على عرشه فاستوى على عرشه والنزول صفة فعل لتعلقها بالمشيئة. فان رب العزة جل جلاله يشاء ان ينزل في ثلث الليل الاخير فينزل في ثلث الليل الاخير. وهكذا في صفات الافعال كالضحك والرضا والغضب وما اشبه ذلك ثم ذكرنا ان من الصفات ما يكون قديما بالنوع حادثا بالاحاديث بمعنى ان نوعه قديم لكن احاده متجددة وحادثة ومثلنا لذلك بصفة الكلام فهي صفة ذات وصفة فعل وكلام الله تعالى قديم بالنوع حادث بالاحات ومعنى ذلك ان صفة الكلام صفة ذات اي ان الله سبحانه وتعالى لم يزل متكلما لم يزل متكلما ولاجل ذلك فكلامه غير مخلوق على ما سيأتي ان شاء الله تبارك وتعالى وهو قديم النوع. ولم يكن رب العزة جل جلاله في زمن من الازمان غير متكلم ثم حدثت له صفة الكلام فاصبح هذا يتنزه الله سبحانه وتعالى عنه. وهذا كقوله هنا تعالى ان تكون صفاته مخلوقة واسماؤه محدثة لان وصفة او نعت الصفة بكونها مخلوقة او حادثة يقتضي ان رب العزة قبل حدوث هذه الصفة لم يكن متصفا بها فاذا قلنا ان صفة من صفات الله حادثة مخلوقة بعد ان لم تكن معنى ذلك انها قبل ان تحدث فان الله لم يكن متصفا بها ومن المعلوم ان صفات الله عز وجل جميعها صفات كمال. فاذا قررنا ان الله لم يكن متصلا بصفة من صفات الكمال فهذا يرادف قولنا ان الله كان على نقص وغير كمال الله مع ذلك ولاجل ذلك فبما ان صفات الله كلها صفات كمال فان الله سبحانه وتعالى يتعالى ويتنزه تقدسوا عن ان تكون صفاته حادثة بعد ان لم تكن. لان ذلك يقتضي نقصا سابقا ففي صفة الكلام قلنا ان الله لم يستفد صفة الكلام في زمن من الازمان بل لم يزل الله وجل كلام الله عن الحصر والاحصاء على ما سيأتي ان شاء الله تعالى ولكن احاده حادثة فان الله مثلا كلم موسى عليه السلام كما سيأتي تكليم الله لموسى عليه السلام امر حادث وكلامه الذي كلم به موسى عليه سلام شيء حادث وهو متعلق بالمشيئة لان الله شاء ان يكلم موسى عليه السلام في ظرف معين في زمن معين. فهذا معنى قولنا ان صفات الله ان كلام الله قديم النوع حادث الاحاد وان صفة الكلام صفة ذاتية من وجه وصفة فعلية من وجه اخر. نعم ثم قال كلم موسى بكلامه الذي هو صفة ذاته. كلم الله كلم موسى بكلامه الذي هو صفة ذاته لا خلق من خلقه اذا اول شيء قلنا ان الكلام صفة ذاتية وهي ايضا صفة فعلية وهذا شرحناه. وذكره هنا الذي هو صفة ذاته اشارة الى هذا المعنى وتنبيه عليه. لكي لا يتوهم قارئ الكلام قارئ هذا المبحث ان كلام الله حادث مطلقا فهذا غير صحيح لذلك قال كلم موسى بكلامه قد يفهم شخص ما انك كلام الله كله حادث وليس الامر كذلك. لذلك قال الذي هو صفة ذاته. فكلامه صفة ذاته لا خلق من خلقه اي ليس آآ كلامه مخلوقا على ما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى وكلام الله عز وجل هو شيء لا ينحصر لان اه كما يقول الله سبحانه وتعالى اه ولو ان ما في الارض من شجر شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله وكما يقول الله سبحانه وتعالى ايضا قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل ان تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدادا فكلام الله عز وجل لا ينحصر ولا يحصيه محصن ابدا فمنه هذه الكتب المنزلة على رسله فان القرآن كلام الله والانجيل اي قبل التحريف كلام الله والتوراة كلام الله. وآآ صحف موسى من كلام الله والزبور من كلام الله. فكل هذه الكتب التي انزلت على الرسل هي من كلام الله. ثم ايضا هنالك احاد للكلام غير هذا الموجود في هذه الكتب. كما في تكريم الله لموسى عليه السلام. وكما في تكليم الله لمحمد صلى الله عليه وسلم ليلة الاسراء والمعراج وكما وكالذي يكون يوم القيامة حين يكلم الله سبحانه وتعالى عباده الى غير ذلك من احاد الكلام. فكلام الله لا ينحصر ثم من افراد كلام الله القرآن. ونحن نقرر ان الله عز وجل حين يتكلم فانه يتكلم بحرف وصوت خلافا لمن يقرر ان كلام الله هو معنى قائم بالنفس وليس حرفا ولا صوتا كلام الله تعالى حرف وصوت وليس معنى قائما بالنفس مجردا عن الحرف والصوت ودليل ذلك ادلة ذلك كثيرة لكن من ادلته قول الله سبحانه وتعالى وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله حتى يسمع كلام الله اذا هذا الذي سيسمعه هذا الشخص اهو حرف وصوت ام هو معنى قائم بالنفس؟ هو حرف وصوت فإذا هذا الحرف والصوت هو كلام الله عز وجل وحين نقول انه حرف وصوت فان ذلك لا يقتضي ان المتكلم به وهو الله سبحانه وتعالى كعامة المتكلمين من كما اننا حين نقرر ذات الله فاننا نعلم انها ليست كذوات المخلوقين. وحين نقرر حياة الله وارادته وعلمه وقدرته فنعلم انها ليست كصفات المخلوقين. مع ان هذه الصفات كلها تشترك بين الخالق والمخلوق فان للمخلوق ارادة وقدرة ولكن بحسبه. فكذلك حين نقول ان الله يتكلم وان الله طه متكلم وان له صفة هي صفة الكلام فهذا لا يقتضي. انه كالمخلوق الا ترى ان حتى في المخلوقين فان آآ صفة تكلمهم تختلف باختلاف انواعهم فان البشر الواحدة من بني البشر اذا اراد ان يتكلم فان ذلك يحتاج الى هواء ولسان ولهفة وفم والى غير ذلك ولكن اثبت الله عز وجل بالجماد كلاما هو تسبيحه واثبت للبهائم كلاما بل اثبت لكل شيء من المخلوقين كلاما وليس كلامهم ككلام البشر وليس كلامهم ككلام البشر وليس نطقهم كنطق البشر ولله المثل الاعلى فكذلك نقرر ان الله متكلم وان له صفة الكلام لكن ليست كتكلم البشر لكن هذا الكلام الذي يصل الينا ونسمعه ونقرأه هو في ذاته حرف وصوت. هذا الذي بين المصحف وفي صدور حفظة القرآن والذي نسمعه من السنة القارئين للقرآن هو نفس القرآن هو نفس القرآن وهو من كلام الله خلافا لمن يزعم انه عبارة عن كلام الله وليس حقيقة كلام الله ولذلك فحين قامت هذه الفتنة والمحنة المعروفة في تاريخ الاسلام والمتعلقة بقضية خلق القرآن فان السلف الصالح واهل الحديث رضوان الله عليهم قرروا ان القرآن كلام الله غير مخلوق وان وقام المعتزلة فقالوا القرآن مخلوقا مع اتفاق الطائفتين على انهم يتحدثون عن شيء واحد هو هذا القرآن الموجود بين دفتي المصحف الذي نسمعه ونتلوه ونحفظه كلاهما متفق على هذا المعنى. القرآن عند الطائفتين هو هذا. لكن طائفة تقول هو غير مخلوق وطائفة اخرى قد تقول مخلوقة مفهوم فجاءت طائفة ثالثة هم الكلابية فجمعوا بين الامرين تلفيقا لا توفيقا فقالوا بمثل قول اهل الحديث والسلف رضوان الله عليهم من جهة اللفظ لكن خالفوا من جهة المعنى. فهم من جهة اللفظ ماذا قالوا؟ قالوا كأهل الحديث. فقالوا القرآن خير مخلوق ولكن ما القرآن عندهم؟ خالفوا اهل الحديث في معناه وخالفوا المعتزلة في معناه وقالوا القرآن هو ذلك المعنى القائم بالنفس اي بنفس الله عز وجل واما هذا الذي بين ايدينا نتلوه ونقرأه ونحفظه ونسمعه فانما هو حكاية عن كلام الله وعبارة عن كلام الله وليس حقيقة كلام الله تتوسطوا بين القولين ولفقوا بينهما لكن جاءوا بشيء يوافق كلام السلف وكلام الامام نحمد خصوصا لانه هو الذي ابتلي وامتحن في هذه القضية اكثر من غيره من الائمة. فوافقوه في اللفظ لكن خالفوا في المعنى فإذا حين نقول ان آآ الله عز وجل يتكلم فان كلامه بحرف وصوت كما قررناه في قول الله عز وجل وان من المشركين استجار كذا اجله حتى يسمع كلام الله وقال جماعة من الائمة لو ان شخصا حلف الا يتكلم ساعة من نهار ثم في تلك الساعة جلس يحدث نفسه باشياء وامور ويزور في نفسه مقالات لكنه لا ينطقها ولا يخرجها من فمه ولا يتكلم بها على انها حرف وصوت يخرجه فهل يحنث بذلك؟ قالوا لا يحنس. باتفاق الفقهاء. انه لا يحنس. لما؟ لانه لم يتكلم. هو حلف الا يتكلم فلم تكلم وان حدث نفسه بما شاء من انواع التحديث ولا يحنث حتى يتكلم بحرف وصوت و في لغة العرب حين يطلق لفظ الكلام والتكليم فان المراد به ما يكون حرفا وصوتا ولا يراد به غيره الا بقيد كأن تقول مثلا اه تحدثت في نفسي او تكلمت في نفسي بكلام او زورته في نفسي مقالة مثلا. تكلمت بكلام في نفسي فلابد ان اقيد لكن لو لو لم اقيد فقلت تكلمت بكلام فالمقصود انه كلام بحرف وصوت مفهوم هذا فهذه من اوائل القضايا او من اهم القضايا التي وقع فيها الخلاف بين طوائف الملة في قضية كلام الله سبحانه وتعالى فاذا قال كلم موسى بكلامه وهذا مأخوذ من قول الله عز وجل وكلم الله موسى تكليما قال العلماء حين قال كلم الله موسى فان هذا قد يحتمل قد يحتمل النجاس وقد يحتمل انه كلمه بواسطة مثلا كما يقال مثلا في انواع المجاز المرسل بنى الامير المدينة ويراد بذلك انه بناها بواسطة فان الامير لا يبالي باشروا البناء بنفسه وانما يأمر البنائين والفعالة بذلك لكنه كما يقرره علماء العربية وهذا باتفاق علماء العربية. لكنه حين اتى بالمصدر المفيد معنى التأكيد فان المجاز انتفع وكلم الله موسى تكليما انتفى المجاز واستقر ان المراد ان الله هو المتكلم حقيقة ومن اللطائف او الطرائف ان احد المبتدعات جاء الى العلامة اللغوية المشهور افي عمرو بن العلاء فقال له اني اريد ان اقرأ اه هذه الاية وكلم الله موسى تكليما لنصبح المتكلم هو موسى عليه السلام ويكون فاعلا مؤخرا واما لفظ الجلالة فيكون منصوبا على المفعولية. وكلم الله موسى. تقدير الكلام وكلم موسى الله سبحانه وتعالى تكليما. قال اريد ان اقرأ هكذا. فقال له ابو عمر ابن العلاء فكيف تصنع بقول الله عز وجل ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه. هذا لا تستطيع ان تحرفه حرفت الاول فما تصنع في الثاني؟ كيف تصنع في الثاني ولذلك طرائف المبتدعة في تحريف القرآن وتأويله على ما يوافق هواه كثيرة جدا وقد اوتوا ذكاء كما يقول شيخ الاسلام عن امثالهم اوتوا ذكاء ولم يؤتوا زكاء ينقصهم التزكية التي تمنع من اتباع اهواء القلوب والا فمن جهة الذكاء بل من جهة اتساع دائرة العلوم هذا لا اشكال عندهم فيه فقد اوتوا ذكاء ومعرفة بالنحو وباللغة كما ذكرت لكم ربما انفا بعض تأويلات الزمخشري في قضية اخرى قريبة من وهي قضية ماذا؟ رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة في الجنة فهذا ايضا تكلف لان المعتزلة والزمخشري منهم ينفون ذلك ينفون الرؤيا لا حرمنا الله عز وجل من هذه نعمة عظيمة وهي نعمة رؤية الله عز وجل يوم القيامة. فانها اعظم اعظم نعم الجنة مطلقا. فانها ماذا اعظم نعم الجنة مطلقة لا تساويها نعمة ابدا فله في ذلك تأويلات كما في قوله وجوه يومئذ ناظر الى ربها ناظرة قال الى بمعنى النعم الى ربها ناظرة ترى اي منتظرة نعم ربها وهكذا في تأويلات لا لا تنقضي. وما صنعه مبتدعة الازمنة السابقة يصنعه اصحاب القراءات التأويلية المعاصرة فانه لا فرق بين الامرين ولا تمييز بين الطائفتين وانما تتغير الشعار والاسماء وتتحد المسميات والمعاني فان اصحاب التأويلات او القراءات التأويلية الحديثة ايضا آآ يذهبون الى الفاظ القرآن فيحملوها من المعاني ما يلائم هواهم لكن قديما كانت القضية انهم يحملون القرآن او لفظ القرآن معاني مبتدعة مأخوذة من عقل او من العقل او من علم الكلام او من الفلسفة وما اشبه ذلك. وهؤلاء يأخذون المعاني من اه اصول الثقافة الغربية المهيمنة اليوم كالعلمانية والحداثة وما اشبه ذلك ثم يطبقون ذلك على القرآن ويأولون القرآن ليلائم هذه اه الأمور فإذا وكلم الله موسى تكليما وفي القرآن الكريم ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه اكمل قال ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال ربي ارني انظر اليك. قال لن تراني ولكن انظر الى جبل فان استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صاعقا اجتهدوا من هذه الاية ما هو؟ الشاهد هو ان موسى عليه السلام طلب رؤية الله عز وجل بعد ان كلمه الله سبحانه وتعالى فحين سمع كلام الله طمع في رؤية الله وكون موسى يطلب ذلك يدل على انه ليس شيئا مستحيلا في ذاته ليس شيئا مستحيلا في ذاته. فان موسى وهو من اولي العزم من الرسل. ما كان ليطلب امرا محالا في ذاته. ممتنعا في ذاته لا يكون ابدا كأن يقول مثلا يا ربي مثلا آآ اوجد صاحبة وولدا لك مثلا هذا ما يكون لا يكون ابدا او اوجد شريكا وما اشبه ذلك لان شريكا مضارعا في الخلق والتدبير والرزق وما اشبه ذلك فهذا لا يكون هذه من قبيل المحال الذاتي الممتنع في نفسه فكونه سأل الرؤيا معنى ذلك انها ليست امرا ممتنعا في ذاته. لكن الله عز وجل ماذا قال؟ قال لن تراني معنى ذلك لن تراني في الدنيا فان لن لا تفيد التأديب خلافا الزمخشري والمعتزل. الذين تبعوه في هذا الامر وهذا من تأويلات اه من تأويل اللغة وتحميلها ما لا تحمله فقالوا لن تفيدوا التأبيد والحق ان لن لا تفيد التأبيد لن تراني اي في الدنيا وجاءت الادلة من الكتاب والسنة متغافرة على تقرير ان المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة في الجنة وان غير المؤمنين وهم الكفار محجوبون. كلا ان رب كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون فاذا كان الكفار محجوبين عن الله عز وجل فان عكسه وهم المؤمنون غير محجوبين. وهم يرون ربهم يوم القيامة واما الاجلة من السنة فاكثروا من ان تحصى حتى قالوا هذا من المتواتر ومن المعلوم من الدين بالضرورة. نعم فالشاهد اذا ان موسى طلب شيئا غير محال لكن رب العزة قدر ان ذلك لا يكون لمخلوق في الدنيا ابدا ولكي يبين لموسى عليه السلام ان انه لن يحتمل في الدنيا رؤية الله عز تجلى للجبل وهذا معنى قوله وتجلى للجبل فصار دكا من جلاله سبحانه تجلى ظهر للجبل فصار الجبل دكا فادرك موسى اخرى موسى صاعقة فأدرك موسى حينئذ ان جسد البشري في الدنيا لا يحتمل رؤية الله سبحانه وتعالى واما يوم القيامة فان الله سبحانه وتعالى يجعل ذلك ممكنا وذلك لان الرؤية في ذاتها كما قررناه ليست ممتنعة امتناعا ذاتيا وهذا من المسائل التي اتفقت عليها طوائف امتي الا ما كان من المعتزلة ومن سار على منهجهم في انكار الرؤية ان يعني مخالفو المعتزلة يقولون اه يعني المعتزلة يقولون ان الرؤية لما ينكرون الرؤية؟ يقولون لان الرؤية تقتضي اه تقابلا بين اه جسمين تقتضي رؤية وعينا نورا ذهابا لشعاع ورجوعا لشعاع وما اشبه ذلك من اموري الفيزياء يقولونها قديما ويقولونها بلغة العصر ايضا وهذا كله مبني على التمثيل والتشبيه وقياس آآ الشاهد على على الغائب او قياس الغائب على الشاهد بمعنى انه كما حكموا في الصفات بامتناعها قالوا لا يمكن ان يوصف الله سبحانه وتعالى بالسمع او بالبصر او والكلام لما؟ لاننا لا نعقل سمعا ولا بصرا ولا كلاما الا سمع المخلوقين وبصر المخلوقين وكلام المخلوقين. فاثبات ذلك كيقتضي المشابهة هداك قد ذكرناه من قبل. فكما نفوا الصفات لهذا المعنى نفوا الرؤية لذات المعنى. ونحن نقول كما الصفات مع اثباتنا لي المفارقة والتمييز بين صفة المخلوق وصفة الخالق فكذلك نثبت رؤية المخلوقين المؤمنين لربهم يوم القيامة في الجنة دون ان يقتضي ذلك مشابهة للرؤية التي نعرفها كما يحدث الان من رؤية المخلوق للمخلوق وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انكم ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر يعني ظاهرا مكتملا لكن قال العلماء انما هو تشبيه لوضوح الرؤية وليس تشبيها للمرئي ولا بطريقة الرؤية وكيفيتها. نعم وكان السلف رضوان الله عليهم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم لا يتكلمون في هذا الموضوع ولا يعرفونهم مع استقرار المعنى السليم في اذهانهم. فانهم يقرون اتفاقا بان القرآن كلام الله وبان كلام الله غير مخلوقا. ولا اشكال عندهم في ذلك لكن ما كانوا يعبرون بهذا التعبير لانهم ما كانوا يحتاجون اليه كما ذكرنا في مثال سابق ثم ظهر الجهمية وظهر المعتزلة وكان من اصول الاعتزال اثبات كون القرآن مخلوقا ثم تشددوا في الأمر حتى عدوا. من لا يرى ان القرآن مخلوق عدوه كافرا خارجا من الملة قالوا لان ذلك يقتضي تعدد الواحد. وقالوا يعني وحدانية الله عز وجل وتوحيد الله سبحانه وتعالى تقتضي ان تكون صفاته كلها مخلوقة والا يكون شيء من ذلك غير مخلوق لان الحكم لكونها غير مخلوقة يقتضي تعدد القدماء او يعني نقض التوحيد. فشددوا في الامر ثم وما زالوا حتى استطاعوا الوصول الى الخليفة وهو الخليفة المأمون وكان رجلا اه قارئا كاتبا عنده شيء من العلم فتسلط عليه المعتزلة حتى زينوا له القول بخلق القرآن بل زينوا لهم امتحان الناس على ذلك فبدأ في اواخر حياته امتحان الناس وارسل الى الافاق يطلب من امراء الافاق ان يمتحنوا العلماء والائمة في قضية خلق القرآن فاجاب اغلب العلماء تقية وثبتت قلة من العلماء يعدون على رؤوس الاصابع وكان من من اظهرهم وابرزهم بل كان ابرزهم على الاطلاق امام اهل السنة الامام احمد بن حنبل رحمه الله تعالى فهذه المحنة كلها كانت بعد عصر الائمة الاخرين فلم يمتحن فيها ابو حنيفة او مالك او الشافعي او من قبل من في زمن هؤلاء من غير ائمة المذاهب كالاوزاعي والسفياني والحمادين كل هؤلاء لم يمتحنوا لكن امتحن الذين في عصر الامام احمد فثبت الامام احمد وانما نقرر هذا لنقول ان تبات الامام احمد في هذا الموضوع لا يعني انه قول تفرد به عن الائمة وانما امتحن ولم يمتحن عن غيره لا اقل ولا اكثر امتحن ولم يمتحن غيره. ولذلك فان العلماء حين يقررون هذا المعنى يقولون ان العقيدة هذه العقيدة التي يقول بها الامام احمد ان العقيدة هي عقيدة الائمة اجمعين. لكن الظهور كان الامام احمد اذ قدر الله سبحانه وتعالى ان يكون الظهور في تثبيت هذه العقيدة بين المسلمين للامام احمد بن حنبل رحمه الله تبارك فالمقصود ان جماعة امتحنوا وامتحن الامام احمد عذب وضرب وابتلي بالمناظرة بين ايدي الخلفاء تاء اه المعتصم اه الذي جاء بعد المأمون ثم في اوائل عهد الواثق. وفي اواخر زمن الواثق بدأت المحنة اه تخف بدأت المحنة تخف ومما ذكروا في ذلك انه جيء برجل الى الخليفة الواثق وهو في قيوده يرصف في قيوده فادخلوه لانه يقول بان القرآن غير مخلوق. فادخلوه على الواثق. فقال هذا الرجل السلام عليكم يا امير المؤمنين. فقال انه الواثق لا سلام عليك لما لان الواثق يعتقد ان كل من يقول بان القرآن غير مخلوق وكافر. مشرك حلال الدم كما يقول ابن ابي دؤاد الذي كان قاضيا الخلفاء في ذلك الزمن وكان من ائمة المعتزلة فقال له ذلك الرجل بئس ما ادبك مؤدبك. فان الله عز وجل يقول واذا حييتم بتحية فحييوا باحسن منها او ردوها فما رددت التحية ولا جئت باحسن منها. فتفطن ابن ابي دؤاد الى ان هذا الرجل صاحب علم كلام فقال ان يا امير المؤمنين ان هذا متكلم فدعني اناظره. قال نعم فقال ابن ابي دؤاد اسألك او تسألني فقال ذلك الرجل بل انا اسألك قال الصحيح قال هذا الذي تقوله او هذا الذي تدعو اليه وهو ان القرآن مخلوقا هل هو شيء علمه النبي صلى الله عليه وسلم وابو بكر وعمر والصحابة او شيء لم يعلمه فقال ابن ابي دؤاد هذا شيء لم يعلمه قال سبحان الله شيء ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم ولا ابو بكر ولا عمر ولا الصحابة تعلمه انت ومن معك فقال ابن ابي دؤاد اقلني شو معنى اقلني في المناظرة؟ يعني ايام كانت المناظرة اتركونا من مناظرات العصر. ايام كانت المناظرة مناظرة حقا فيها كلام قليل لكن يصيب المحز. يصيب المفصل حقا فلذلك اقلني بمعنى اريد ان ترجع بي الى السؤال السابق لاغير اجابتي فان اجابتي الاولى ما رضيتها لان انها اوصلتني الى طريق مسدود هذا معنى الكلام. اقلني. قال نعم اعد السؤال هل علمه النبي صلى الله عليه وسلم وابو بكر وعمر ام لم يعلموا؟ قال بل علموه. غيروا الجواب. قال شيء حين علموه. هل دعوا الناس اليه او لم يدعوا اليه لم يدعوا اليه قال فشيء علمه النبي صلى الله عليه وسلم وابو بكر هو عمر. وما دعوا اليه. اما كان يسعك ما وسعهم بمعنى وسعهم الا يدعوا الناس اليه. فلما لم يسع كما وسعهم؟ والحق ان الذي لا يسعهما وسع النبي صلى الله عليه وسلم وكبار الصحابة فلا وسع الله عليه واضح فانقطع ابن ابي دؤاد وهذا ايضا من الامور التي ما عادت تحدث في هذا الزمان ان ينقطع الشخص في المناظرات غير موجود في زمننا بل الكلام الى ما لا نهاية لان الناس قديما يبحثون عن الحق. فقضية انه يظهر انه اخطأ ينقطع. بمعنى يتوقف عن النقاش ودخل الواثق الى الى بيت بيت له او غرفة له ووضع رجلا على رجل وبدأ يكرر هذا الكلام. ما احسن هذا الكلام! يعني شيء علمه النبي صلى الله عليه وسلم. واصحابه ولم يدعوا اليه لا يسعنا ما وسعهم. فكان هذا من اواخر ما كان من عهد الواثق لكنه لم يرفع المحنة حقا لكنه صار يميل الى تخفيفها خفف المحنة وخفف ابتلاء الناس بقضية خلق القرآن لكن لم يزل الامر الى ان جاء خلفه وهو المتوكل هو الذي ازال المحنة وقرب الامام احمد واكرم اهل السنة وابعد المعتزلة على ما كان عنده من البدعي ايضا ومن الظلم وغير ذلك لكن في خصوص قضية خلق القرآن فانه وقف الى جانب اهل السنة فإذا قضية خلق القرآن هذه معروفة والمقصود انها محنة لم تكن محنة عقدية فقط. بل كانت لها جوانب سياسية واجتماعية جدا حتى يعني وجد لها اثر في الادب وفي الشعر وفي آآ يعني في في العلم عموما وفي الطوائف وفي العلاقات بين اه الطوائف المختلفة طوائف الملة وامور اخرى كثيرة. نعم وان القرآن كلام الله ليس بمخلوق فيبيد. لان كل مخلوق لا بد ان يبيت ولا صفة لمخلوق فينفد ولا صفة لمخلوق فينفد. وايضا من الطرائف ان الواثق في بعض الاحيان اجتمع عنده آآ العساكر يعني الجيش ضباط الجيش بالمصطلح العصري فسأله في قضية خلق القرآن وهم اصلا انهم ما يفهمون القضية ما يفهمون لا انه مخلوق ولا غير مخلوق ولا اعلمه من ذلك شيئا فقاموا يقولون له اما ما كان في القرآن من ذكر الخيل والبغال والحمير فهذا مخلوق. وما سوى ذلك فليس مخلوقا. ما معنى ما فهموا القضية اصلا كان يقول له اتفرح بموافقة مثل هؤلاء؟ يعني هؤلاء سواء وافقوك او خالفوك من ابعد الناس عن نعم ثم انتقل الى قضية القضاء والقدر. فقال والايمان بالقدر خيره وشره حلوه ومره وكل ذلك قد قدره الله ربنا الايمان بالقدر اصل من اصول الايمان. وهو احد اصول الايمان الستة المذكورة الحديث اه الحديث الذي اخرجه البخاري ومسلم اه عن ابي هريرة وعن ابن عمر اه وعن عمر بن الخطاب عن ابن عمر عن ابيه عمر رضي الله عنه آآ وفيه وان تؤمن بالقدر خيره وشره. وان تؤمن بالقدر خيره وشره. وله عند مسلم قصة سردتها لكم في لقاء سابق. آآ ملخصها ان الكلام في القدر ظهر بالبصرة تحتاج الناس الى ان يسألوا بقية الصحابة في الموضوع فسألوا عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما فحدثهم بحديث ابيه حدثني ابي كذا وكذا ثم قال بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر الى اخره الحديث وورد ايضا بحديث ابي هريرة عند البخاري ومسلم والشاهد ان ابن عمر حدثهم بالحديث وايضا تبرأ من اهل القدر فانه قال فابلغهم ان والذي يحلف به عبدالله بن عمر لو ان لاحدهم مثل احد ذهبا فانفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر نعم وفي القرآن الكريم قول الله سبحانه وتعالى وكل شيء خلقناه بقدر ان كل شيء خلقناه بقدر. وايضا ورد في اه احاديث كثيرة ذكر الايمان بالقدر وان كل شيء مكتوب مقدر كما في حديث عبد الله بن عباس آآ ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احفظ الله يحفظك اه احفظ الله تجده تجاهك اذا سألت فاسأل الله واذا استعنت فاستعن بالله واعلم ان الناس لو اجتمعوا على ان ينفعوك بشيء ما نفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك. وان الناس لو اجتمعوا على ان يضروك بشيء ماض يضرك الا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الاقلام وجفت الصحف. الحديث عند الترمذي وغيره. وهكذا الادلة على اثبات القدر اكثر من ان تحصى ومما ينبغي ان نقرر هنا ان الايمان بالقدر يشتمل على الايمان باربعة مراتب. هي مراتب كلها من مراتب بالقدر التي يجب الايمان بها فالمرتبة الاولى هي مرتبة العلم. بمعنى ان الله يعلم كما قررناه في صفة العلم انفا يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون وانه لا يحدث شيء الا وقد علمه الله سبحانه وتعالى. ومن انكر العلم فقد كفر باتفاق الامة. ولذلك فان عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى كان حين يؤتى برجل من اهل القدر اي من الذين ينفون القدر فانه كان يناظره علم وكان يأمر الناس ان يناظروا القدرية بالعلم. ما معنى يناظرون بالعلم؟ اي يسألوهم عن العلم فان نفوا العلم وهي المرتبة الاولى من مراتب القدر كفروا وان اثبتوا العلم تناقضوا لان اثبات العلم مع نفي المراتب الاخرى اللي هي مرتبة الخلق التي ستأتي فيما بعد اه اثبات هذا معنى في ذاك تناقض. فاما ان تثبت الجميع واما ان تنفي الجميع. لذلك كان الائمة يأمرون بمناظرة القدرية بالعلم. اذا هذه المرتبة الاولى المرتبة الثانية هي مرتبة الكتابة كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله كتب مقادير الخلق قبل ان يخلق السماوات والارض خمسين الف سنة هذا الحديث في صحيح مسلم. الله يعلم ما يكون والله كتب كل ما يكون في اللوح المحفوظ. كل شيء مكتوب ولا يقع شيء في الكون الا وهو معلوم لله مكتوب في اللوح المحفوظ. اذا هذه المرتبة الثانية. المرتبة الثالثة مرتبة المشي والارادة المشيئة والارادة اه كما يقول الله سبحانه وتعالى وما تشاؤون الا ان يشاءوا وكما في قول الله سبحانه وتعالى انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن اذا اراد اذا شاء واراد ثم هنا نظهر في الفرق بين المشيئة والارادة فالوحي في الوحيين يعني في الكتاب والسنة ما وردت المشيئة الا بالمعنى الكوني بخلاف الارادة فانها جاءت في الوحيين بالمعنى الكوني والمعنى الشرعي ما معنى الكوني؟ الكوني هو شاء الله كونا اي قنتره وشاء الله شرعا اي رضيه واحبه لكن قد يكون وقد لا يكون فالله سبحانه وتعالى مثلا اراد ايمان المؤمن وطاعة المطيع اراد ذلك شرعا. يعني هذا شيء رضيه وامر به واحبه. اراد ذلك شرعا واراده ايضا ماذا؟ كونا طيب لكن كفر الكافر ومعصية العاصي اراده الله سبحانه وتعالى كونا قدره خلقه لكن لم يريده شرعا لم يريده شرعا. نعم فاذا الارادة الكونية والارادة الشرعية ها تلتقيان في ايمان المؤمن وطاعة المطيع ولكنهما تنفصلان في كفر الكافرين ومعصية العاصي. هذا الفرق بين الكون والشرع. ثم قلنا الارادة في الوحيين وردت بالمعنيين بخلاف المشيئة فإنها ما وردت الا بمعنى ماذا؟ بالمعنى الكوني بالمعنى الكوني يقول الله تعالى فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام هذه ارادة ماذا فمن يرد الله ان يهديه هذه ارادة كونية ارادة كونية فمن يقدر الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام. ومن يقدر ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا انما يصعد في السماء. اذا هذه المرتبة الثالثة وان قلنا مع قولنا بان المشيئة وردت في الوحيين بالمعنى الكوني فلا مانع من ان نقول انه يمكن ذكر المشيئة بالمعنيين فتكون المشيئة مرادفة للارادة ونقسمها حينئذ ايضا الى قسمين مشيئة شرعية ومشيئة كونية. بل هذا في غير المشيئة والارادة في القضاء قضاء كوني وقضاء آآ شرعي. وفي غير ذلك. نعم ثم المرتبة الرابعة من مراتب الايمان بالقدر هي الخلق والايجاد خلق الشيء وايجاده كما قال الله سبحانه وتعالى والله خلقكم وما تعملون اي خلقكم وخلق اعمالكم وكل ما يكون في الكون من احداث وافعال وغير ذلك كل ذلك اشياء داخلة في قول الله سبحانه وتعالى الله خالق كل شيء الله خالق كل شيء. اذا نؤمن بان الله علم وكتب وشاء او اراد وخلق هذه مراتب القدر ثم ايضا حين ذكرنا الكتابة فاننا نقرر ان كل ما قدره الله عز وجل وكتبه في اللوح المحفوظ فانه واقع لا محالة لا يمكن ان يتخلف ونعلم ذلك بعد وقوعه فانه اذا وقع علمنا انه كان مقدرا او نعلم ذلك باخبار الانبياء والرسل عن الغيبيات فان النبي صلى الله عليه وسلم اذا اخبرنا بان شيئا سيكون في المستقبل فانه سيكون لا محالة مفهوم طيب فما نصنع بقول الله سبحانه وتعالى يمحو الله ما يشاء ويثبت يمحو الله ما يشاء ويثبت اه وعنده ام الكتاب في معنى الاية اه قولان القول الاول ان المراد بذلك الشرائع اي نسخ الشرائع يمحو الله من الشرائع المنسوخة ما يمحو ويثبت من الشرائع المحكمة ما يثبت هذا هو معنى يمحو الله ما يشاء ويثبته. والمعنى الثاني الذي ذكره جماعة من اهل التفسير انه ليس المراد بذلك المحو والاثبات في في نفس اللوح المحفوظ وانما المحو والاثبات في القضاء الذي يكون في غير اللوح المحفوظ كالذي يكون في ايدي الملائكة. فان هذا يمكن ان يدخله المحو والاثبات. اما الذي يكتب في اللوح في اللوح اللوح المحفوظ فانه لا يتغير ابدا وايضا مما قد يشكل على بعض الناس قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره ان يبسط له في آآ اثره وينسأ له في اجله فليصل رحمه. فليصل رحمه فهذا يقتضي ماذا؟ يقتضي ان تمديد الأجل ينسأ له في الأجل يعني يؤخر له في الأجل من سره ان يبسط له في في رزقه في رزقه. نعم من سره ان ان يبسط له في رزقه وينسأ له في اثره فليصل رحمه. فهذا يقتضي ان الرزق يمكن ان يتغير بماذا بصفة الرحم. فهل معنى ذلك ان ما كتب في اللوح المحفوظ قد تغير ليس كذلك وانما نقول الله سبحانه وتعالى قدر ان امورا تكون وقدر ان تلك الامور تكون مرتبطة باسبابها فالاسباب والمسببات كلها قدرها الله سبحانه وتعالى بمعنى قدر الله عز وجل عليك انك ستصل رحمك وان صلة رحمك ستكون سببا في البسط لك في رزقك يبسط لك في الرزق فاذا قدر السبب وهو صلة الرحم وقدر المسبب وهو البسط في الرزق وقدر على اخر غير ذلك فقدر على الاخر انه لا يصل رحمه. وان رزقه لا يبسط له فيه. فاذا لا يفهم من مثل هذا الحديث ان اه ما في اللوح المحفوظ يتغير لكن المعنى ان اه الاسباب والمسببات كلها تكون بتقديم من الله سبحانه وتعالى وقوله والايمان بالقدر خيره وشره نقرر هذا المعنى وهو ثابت في الحديث الصحيح في حديث جبريل وقد جاء في حديث علي رضي الله عنه والخير كله في يديك والشر ليس اليك في دعاء رسول الله صلى الله عليه والشر ليس اليك فليس معنى ذلك ان الشر ليس من تقدير الله سبحانه وتعالى بل كل ما في الكون من تقدير الله عز وجل لكن الله سبحانه وتعالى لا يقدر الشر محضا وانما ان قدر ما هو شر فيما يبدو لك فلحكمة عنده سبحانه وتعالى. اما ان يكون شرطا محترم فهذا لا يكون في فعل الله سبحانه وتعالى وعلى هذا من باب الأدب مع الله سبحانه وتعالى الا ينسب الشر اليه لأنه لا يقدر الشر خالصا محضا بل لا يكون الشر في ما يقدره الا بحكمة. ولذلك يقول العلماء ان الشر يكون في المفعولات في مفعولاته فيما يقدره لا لا في نفس التقدير ولا في نفس الفعل اذا هذا ادب بالغ آآ يعني كما في قوله كما في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم والشر ليس اليك. او كقول الجن وانا لا اشر اريد بمن في الارض ام اراد بهم ربهم رشدا فنسبوا الرشد الى الرب سبحانه وتعالى. واما الشر فاستعملوا اه الفعل الذي لم يسمى فاعله اريد اشر اريد بمن في الارض هذا من باب الادب مع الله سبحانه وتعالى فلان الله لا يخلق الشر محضا فانه لا ينسب اليه استقلالا تأدبا معه سبحانه وتعالى مع علمنا ان الله خالق كل شيء ومقدر كل شيء ولما ذكرنا القدر فان مما ينبغي ان نقرره ان اهل السنة يثبتون القدر خلافا للقدرية وهم نفاة قدر وانهم مع ذلك يثبتون للعبد ارادة واكتسابا للاعمال بمقتضاها العبد خلافا للجبرية الذين وصل بهم اثبات القدر الى حد ماذا؟ الى حد جعل العبد في افعاله كالريشة في مهب الريح. ليس له من الامر شيء. وهذا مخالف الشرع مخالف للشرع. لانك ان نفيت القضاء خالفت ما جاء في النصوص من اثبات القدر. وان قلت بالجبر خالفت الشرع لانه اذا كنت مجبورا فلا معنى للشرع كله. الشرع هو الاوامر والنواهي فلا امر ولا نهي فالجبرية حقيقة قولهم نفي الشرع ونفي الامر والنهي اذ لا اه فائدة من ذلك ان كنت كالريشة في مهب الريح نعم فاذا اثبتنا هذين نقول مع اثباتنا للقدر فلا يجوز الاحتجاج بالقدر على المعصية لا يجوز الاحتجاج لا يجوز شرعا الاحتجاج بالقدر على المعصية بمعنى ان تأتي الى شخص يعصى الله سبحانه وتعالى يشرب الخمر تمرة مثلا فتقول له اترك الخمر فتقدر الله علي ان اشرب الخمر قدر الله علي ان اشرب الخمر فان هذه طريقة المشركين. لو شاء الله ما اشركنا ولا اباؤنا هذه طريقة المشركين فانهم يحتجون بالقدر على ماذا؟ على ما هم عليه من الشرك وما هم عليه من المعصية اما المسلم فانه لا يحتج بالقدر على المعصية. ولاحظ ان هذا الذي يحتج بالقدر على المعصية فانه لا يطرد في الامور كلها. فانك مثلا لو صفعته على قفاه لانكر عليك وقال له لما تصفعني على قفاه؟ ولو قلت له قدر الله علي ان اصفعك على قفاك لما قبل منك لاحظ فإذا انما يكون جبريا محتجا بالقدر حين يلائم ذلك هواه ولا يطرد ذلك في الامور كلها. ولذلك اذا آآ قال لك قدر الله علي المعصية فقل له وقدر الله علي العقوبة ان اعاقبك والقول الثاني في تأويل حديث احتجاج ادم وموسى هو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية وقد نقله ابن القيم ايضا وهو ان اه يعني اه موسى لم يلوم ادم على المعصية وانما على المصيبة وان ادم عليه السلام لم يحتج اه اه بالقدر على المعصية وانما على المصيبة التي وقعت بسبب تلك المعصية وانما هذا انما ذكرناه استطرادا فإذا هذا ما يمكن ان نقوله في قضية القدر قال والإيمان بالقدر خيره وشره حلو ومره كل ذلك قد قدره الله ربنا ومقادير الأمور بيده ومصدرها عن فضائه علم كل شيء قبل كونه فجرى على قدره. اثبات مرتبة العلم ثم اثبات مرتبة ماذا القدر او التقدير والخلق لا يكون من عباده قول ولا عمل الا وقد قضاه وهذه قضية التي تسمى عند اهل العقيدة خلق افعال العباد. فكل اقوال العباد وافعالهم مخلوقة ودليل ذلك قول الله عز وجل الله خلقكم وما تعملون اي خلقكم وخلق افعالكم وسبق علمه به الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير يضل من يشاء فيخذله بعدله ويهدي من يشاء فيوفقه بفضله هذا ايضا واضح فكل ميسر ميسر بتيسيره الى ما سبق من علمه وقدره من شقي او سعيد. تعالى ان يكون في ملكه ما لا يريد تعالى ان يكون في ملكه ما لا يريد. لان الذي يجعل العبد خالقا لفعله وهم القدرية المعتزلة. يقولون ان العبد هو يخلق فعله ما معنى ذلك؟ معنى ان الكافر هو خلق كفره. والله تعالى لا يريد كفره. اذا كان في الكون ما لا يريده الله عز وجل فاذا كيقول تعالى ان يكون في ملكه ما لا يريد فهو لا يريد معصية العاصي وكفر الكافر ومع ذلك فالكافر خلق كفره والعاصي خلق معصيته اي فذلك قصرا والله تعالى اه ما كان يريده تعالى الله عن ذلك. او يكون لاحد عنه غنى او يكون خالق لشيء الا هو رب العباد ورب اعمالهم ونقدر لحركاتهم واجالهم ثم قال الباعث الرسل اليهم اقامة الحجة عليهم وهذا الذي سنذكره ان شاء الله تعالى في لقائنا المقبل. نبدأ الكلام عن الرسالة والرسل ثم عن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم تخصيصا والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله رحمة سيقت الينا من سماوات علا وبها حلو ارتقينا وصعدنا للعلماء رحمة سيقت الينا وبها نحن ارتقينا وصعدنا وبها صار الفقير له حلم وبها فرح الضعيف