منابع فيضها المدرار من الاعجاز والابهار هنا في اية جمعت عظيم الفكر والاسرار هنا في اية جمعت عظيم الفكر والاسرار من المضمون في غاية. نداء الحق والراية من المضمون في ريان داؤنا بالحق والراية على الافاق في ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتم الحق تمتعون بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فان اصدق الحديث كلام الله تبارك وتعالى وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة يقول الله سبحانه وتعالى ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتم الحق وانتم تعلمون هذا نهي من رب العزة جل جلاله عن الخلط بين الحق والباطل وعن كتمان الحق حال كون فاعل ذلك عالما بما يفعله هذا ملخص معنى الاية فقوله سبحانه ولا تلبسوا الحق بالباطل تلبس معناها تخلطوا يقال لبس يلبس من باب تعب كما تقول تعب يتعب هذا في الثوب لبس الثوب يلبسه لبسا واما المعنى الاخر وهو الذي نحن بصدده فيقال فيه لبس لبست الامر لبسا اذا خلطته لبس يلبس اذا خلط من باب ضربة كما تقول ضرب يضرب ومنه قول الله سبحانه وتعالى وللبسنا عليهم ما يلبسون اذا لا تلبسوا لا تخلطوا وفي قوله سبحانه ولا تلبسوا الحق بالباطل الباء هذه يحتمل ان تكون صلة كما تقول لا تخلط الماء بهذا السائل الاخر لا تلبس هذا الشيء بهذا الشيء فاذا لا تلبسوا الحق بالباطل معناه لا تخلطوا بين الحق والباطل ويحتمل ان تكون الباء مفيدة لمعنى الاستعانة كما تقول مثلا كتبت بالقلم اي كتبت مستعينا في هذه الكتابة بالقلم ويكون المعنى حينئذ ولا تلبسوا الحق اي لا تخلطوا الحق مستعينين في زلك اللبس وفي ذلك الخلط بما تزيدونه عليه من الباطل والمعنيان متقاربان والخطاب هنا في هذه الاية القرآنية مع بني اسرائيل فانهم تخصصوا فيما يحكيه عنهم رب العزة جل جلاله في هذين الامرين الذين نهى الله عنهما وهما اولا اللبس والخلط بين الحق والباطل فهذه التوراة التي يتداولونها فيما بينهم فيها حق كثير لكن فيها باطل ايضا يخلطون بين هذا وذاك من الحق الموجود فيها البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم لكنهم بدلا من ان يتركوا البشارة كما كانت في الكتب المنزلة واضحة جلية فيها صفة محمد صلى الله عليه وسلم على اوضح ما ما يكون بدلا من ذلك تركوا هذا الحق ولبسوه بكثير من الباطل وزادوا ونقصوا حتى التبست صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الكتب التي يتداولونها فيما بينهم فهذه اذا اول هذا اول ما نهوا عنه وهو الخلط بين الحق والباطل ثم قال وتكتم الحق من جهة الاعراب كيف نعرب تكتموا الاحتمال الاول ان نقول انها مجزومة كما ان تلبس مجزومة فاننا اداة نهي وهي تجزم الفعل المضارع لا تلبسوا اصلها تلبسون حين جزمت بلا فان علامة الجزم حذف النون لانه لان الفعل من الامثلة الخمسة. جميل يحتمل ان تكتم معطوفة على تلبس ويكون معنى الكلام لا تلبسوا الحق بالباطل ولا تكتموا الحق فتكون تكتم مجزومة ايضا وهي معطوفة على تلبسه. ما المعنى على هذا الاعراب. المعنى ان الله سبحانه وتعالى ينهى عن خلط الحق بالباطل وينهى ايضا عن كتمان الحق. اذا هما امران اثنان ينهى الله سبحانه وتعالى عن كل واحد منهما. لا تفعلوا هذا ولا ذاك هذا الاحتمال الاول الاحتمال الثاني في الاعراب ان تكون تكتم منصوبة بان مضمرة غير ظاهرة وتقدير الكلام ولا تلبسوا الحق بالباطل وان تكتموا وان تكتموا اي ان الفعل تكتم منصوب بان المضبرة غير الموجودة غير الظاهرة وحينئذ فالمعنى ما هو؟ المعنى هو ان الله سبحانه وتعالى ينهى عن الجمع بين الامرين ينهى عن الجمع بين لبس الحق بالباطل وكتمان الحق لا تلبسوا الحق بالباطل وتكتم الحق. لا تفعلوا هذين مجتمعين وهذا كما يقال في المثل النحوي المشهور لا تأكلي السمك وتشرب اللبن او وتشرب اللبن لا تأكل السمك تأكل مجزومة بلا والاصل ان تكون لا تأكل لكن التقى الساكنان فقيل لا تأكلي السمك اما ان نجعل تشرب مجزومة ايضا وتشربي اللبن او ان نجعلها منصوبة بان مضمرة فنقول وتشرب اللبن اي لا تأكل السمك وان تشرب اللبن وقول رب العزة جل جلاله وانتم تعلمون هذه جملة حالية بمعنى حال كونكم تعلمون وهذا ليس تقييدا للمنهي لهذا الشيء الذي نهي عنه وانما هو في حقيقة الامر زيادة تأكيد بمعنى ان اه الله سبحانه وتعالى حين قال ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وانتم تعلمون ليس معنى ذلك ان النهي مقيد بحال كونكم تعلمون فقط. لكن النهي في الاحوال كلها ثم هذا النهي يتأكد ويكون الامر اقبح واشد حال كونكم تعلمون لانكم حين تعلمون فان الامر يكون اخطر وبيان ذلك ان الجاهل قد يعذر الا ترى ان الشخص اذا كان لا يعلم بالحكم الشرعي فانه لا يؤاخذ على مخالفته والله سبحانه وتعالى يقول وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا فجعل الله سبحانه وتعالى الحجة لا تقوم على العباد الا بعد بعث الرسل ونفى التعذيب وما كنا معذبين يقول المفسرون اي ولا مثيبين وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا. فالجاهل معذور بجهله والذي يعلم يكون اشد محاسبة ومؤاخذة ولاجل ذلك قال وانتم تعلمون لمزيد من تقبيح هذا الفعل الذي وقعوا فيه وحين يخاطب ربنا سبحانه وتعالى بني اسرائيل بمثل هذه الاوامر والنواهي فليس المراد بذلك هم هؤلاء القوم فقط ولكن المراد نحن ايضا في كل وقت وفي كل عصر لان هذه الرسالة ليست خاصة بقوم وهذا القرآن ليس خاصا بزمن بل هذه الشريعة صالحة لكل الازمنة وفي حديث ابي سعيد الخدري الثابت في الصحيح ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة ويقصد بذلك اهل الكتاب حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه وراءهم قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال فمن؟ يعني المقصود هم. نعم. اقصد اليهود والنصارى فاذا هذه الاخطاء التي يحكيها القرآن الكريم عن اليهود وعن النصارى وجدت في هذه الامة ايضا ولاجل ذلك نحتاج الى التذكير بها والنهي عنها فلبس الحق بالباطل قضية ليست خاصة ببني اسرائيل لقد وجدت عند المنتسبين الى الاسلام ايضا في اوقات كثيرة سابقة وفي عصرنا ايضا وللمس الحق بالباطل علامات من بينها تحليل الحرام وتحريم الحلال ببعض الدعاوى التي ما انزل الله بها من سلطان. كما نجده اليوم مثلا عند بعض من يدعي التيسير والتيسير من الحق فان كثيرا من النصوص دلت على ان هذه الشريعة الالهية الربانية هي شريعة يوسف والتيسير مطلب ومقصد من مقاصد الشريعة لا نشك في ذلك ومن اهم قواعد الفقه التي آآ تستخرج منها فروع فقهية كثيرة المشقة تجلب التيسير. اذا التيسير حق طيب هل تحريم الحلال وتحليل الحرام حق؟ لا هو باطل اذا اناطة وتعليق تحريم الحلال وتحليل الحرام بالتيسير هو من باب لبس الحق بالباطل ومثل ذلك ايضا التحليل والتحريم بدعوى التجديد والتجديد ايضا حق رسول الله صلى الله عليه وسلم اخبر انه ان الله سبحانه وتعالى يبعث لهذه الامة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها. اذا التجديد مطلوب التجديد في الدين مقصد محمود اذا التجديد حق. لكن اذا استعمل هذا التجديد لتحليل الحرام المجمع عليه او تحريم الحلال المجمع عليه او تغيير الشريعة او تحريف الدين وهذا كله من الباطل فان ذلك كله يجتمع في معنى لبس الحق بالباطل. ولا تلبسوا الحق بالباطل وهنالك آآ امور اخرى تدخل في هذا السياق. من بين المعاني ايضا التي تدخل في لبس الحق بالباطل تسمية الاشياء بغير اسمائها كما نجده اليوم من تسمية الزنا حرية جنسية ومن تسمية الربا فائدة ومن تسمية الخمر مشروبات كحولية ومن تسمية الشذوذ الجنسي وعمل قوم لوط مثلية جنسية و من ذلك ايضا تسمية الحرية بمعناها الغربي المعلمن بمصطلح كمصطلح الحرية تتشوف النفوس اليه ويعد من مقاصد الشريعة اجمالا فهذا من تسمية الشيء بغير اسمه من لبس الحق بالباطل كالعدالة مثلا والعدل فانه مقصد شرعي مطلوب لكن ان يؤخذ آآ معنى غير مشروع ويسمى باسم شرعي كاسم العدل مثلا فان هذا يكون من باب لبس الحق بالباطل واما كتمان الحق فكثير يدخل في ذلك ما يقع من كثير من الناس خاصة من المتصدرين المنظور اليهم من العلماء والدعاة وغيرهم ما يقع منهم من عدم الصدع بالحق. ومن كتمان الحق عند الحاجة الى البيان. حين يكون المسلمون محتاجين الى البيان الشرعي ثم لا يتكلم الذين انيطت بهم امانة البيان فان ذلك يكون من كتمان الحق ولا تلبسوا الحق بالباطل ولا تكتموا الحق وتكتموا الحق وانتم تعلمون و الى لقاء اخر باذن الله سبحانه وتعالى منابع فيضها المدرار من الاعجاز والابهار هنا في اية جمعت عظيم الفكر والاسرار هنا في اية جمعت عظيم الفكر والاسرار