منابع فيضها المدرار من الاعجاز والابهار هنا في اية ان جمعت عظيم الفكر والاسرار. هنا في اية جمعت عظيم الفكر والاسرار من المضمون في غاية. نداء الحق والراية من المضمون في رايات نداء الحق والراية على الافاق فيها. انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فان اصدق الحديث كلام الله تبارك وتعالى وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. يقول الله سبحانه وتعالى انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين. يخاطب الله المؤمنين فيقول له انما ذلكم الشيطان اي هذا الذي يثبطكم معاشر المؤمنين انما هو الشيطان. انما ذلك الشيطان فذلكم مبتدأ والشيطان خبر ويحتمل ان يكون ذلكم مبتدأ والشيطان صفة له ثم يخوف اولياءه هو خبر ذلكم. وفي الصورتين معا فالمعنى قريب انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه ومعنى يخوف اولياءه اي يخوف المؤمنين اولياءه لانه يخوف هذه تتعدى الى مفعولين قد تتعدى الى مفعولين فالمفعول الاول هنا محذوف يخوف هو هذا الفاعل المؤمنين هذا محذوف اولياءه اولياءه هذا هو المفعول الثاني. فحذف المفعول الاول واثبت المفعول الثاني وقال بعض النحات هذا اولياءه منصوب على نزع الخافض ومعنى ذلك ان اصل الكلام يخوف باوليائه فحذف حرف الجر ثم انتصد الاسم الذي كان مجرورا ويسمى هذا منصوبا على نزع الخافض لكن قال بعض النحات كابن الانباري لا حاجة الى ذلك لان هذا الفعل وهو يخوف يتعدى بنفسه الى مفعولين فلا حاجة الى هذا التقدير وعلى كل حال سواء اكان يخوف مفعوله الاول محذوفا او كان اولياء منصوبا على نزع الخافض في الصورتين معا فالمقصود ان الشيطان يخوف المؤمنين بمن يخوفهم باوليائه اي باولياء الشيطان. ويجوز فيما قاله بعض المفسرين ان يكون المراد ان الشيطان يخوف هو يخوف اولياءه والمقصود باوليائه هنا هؤلاء المنافقون الذين يقعدون عن الجهاد ولا يخرجون مع المسلمين فالشيطان هو الذي ثبتهم عن الخروج بكونه يخوفهم فهم اولياؤه والشيطان خوفهم فجعلهم يقعدون عن الخروج مع المجاهدين. ثم يقول الله سبحانه وتعالى فلا تخافوهم اي لا تخافوا اولياء الشيطان لا تخافوا هؤلاء الاولياء الذين يخوفكم الشيطان بهم او لا تخافوا هؤلاء الناس الذين قالوا لكم لان الاية التي قبل هذه الاية الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم هنا الله عز وجل حين يقول فلا تخافوه لا تخافوا هؤلاء الناس الذين يقولون لكم ان الناس قد جمعوا لكم لا تخافوا هؤلاء وخافوني اي خافوا الله سبحانه وتعالى لما لانه هو الجدير ان يخاف منه اليس هو الذي بيده ملكوت السماوات والارض اليس الله سبحانه وتعالى هو الذي يملك ان ينصركم ان شاء وان يبتليكم ان شاء اليس الله سبحانه وتعالى هو الذي بيده مقاليد كل شيء هو الذي يملك ان يسلط عليكم عدوكم وهو الذي يملك ان ينجيكم منه فإذا هو الذي يستحق ان يخاف اما غيرهم من المخلوقين فلا ينبغي ان يخافوا ثم قال ان كنتم مؤمنين بمعنى ان كنتم مؤمنين حقا فانه لا يمكن ان يتصور ان تخافوا من غير الله سبحانه وتعالى ان كنتم مؤمنين فايمانكم يقتضي منكم ان تخافوا الله عز وجل ولا تخافوا غيره ابدا والمقصود هنا بهذا الخوف خوف العبادة كما سيأتينا باذن الله سبحانه وتعالى وهذا مثل قول الله سبحانه وتعالى في الاية الاخرى فلا تخشوا الناس واخشون لا تخافوا الاخرين وخافوا الله. لا تخشوا المخلوقين واخشوا الله في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها انها قالت قلت يا رسول الله قول الله سبحانه وتعالى الذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة اهو الذي يزني ويسرق ويشرب الخمر؟ قال لا يا ابنة الصديق ولكنه الرجل يصوم ويصلي ويتصدق ثم يخاف الا يقبل منه. بمعنى يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة وهم في حالة خوف. اذا هم يؤدون الاعمال الصالحة. يعبدون الله حق عبادته. يصلون يصومون يتصدقون ومع ذلك فهم يخافون من الله سبحانه وتعالى. من اي شيء يخافون؟ يخافون ان تكون اعمالهم هذه غير مقبولة منهم غير متقبلة عند الله سبحانه وتعالى. وجمع الحسن البصري رحمه الله تبارك وتعالى هذا المعنى بقوله عملوا والله بالطاعات واجتهدوا فيها وخافوا ان ترد عليهم ان المؤمن جمع احسانا وخشية وان المنافق جمع اساءة وامنا اذا صفة المؤمن انه يعمل ومع ذلك يخشى جمع عملا واحسانا في العمل وخشية من الله سبحانه وتعالى وصفة المنافق بعكس ذلك لا يعمل اعماله انما يرائي الناس بها لا يهمه ان يعمل لله سبحانه وتعالى. اذا لا يعمل ومع ذلك فانه امن مطمئن. جمع اساءة وامنا. فاذا الخوف من الله سبحانه وتعالى هو الخوف الذي يحجزك عن محارم الله عز وجل. والذي يدفعك الى طاعة الله سبحانه وتعالى. هذا هو الخوف المحمود وكل خوف لا يصل الى هذا المعنى فليس خوفا محمودا بل يكون مذموما فمن الخوف المذموم مثلا المبالغة في الخوف الى درجة القنوط واليأس من رحمة الله سبحانه وتعالى. فاذا بلغ الامر بالعبد الى هذه الدرجة كان خوفه مذموما غير محمود. وهذا كالذي يعني يعمل الاعمال الصالحة ويخاف من الله الى هنا لا اشكال هذا مطلوب لكن يصل به هذا الخوف وهذه الخشية الى الدرجة التي يقول فيها لن يغفر الله لي. لن يدخلني الله الجنة. يقنط من رحمة الله اه تكبو في عينه معاصيه حتى ييأس من روح الله سبحانه وتعالى. وليس هذا بالخوف المحمود اما الذي يقابل الخوف من الله عز وجل فهو الخوف من المخلوقين. والخوف من المخلوقين على انواع ليس على آآ درجة واحدة فهنالك اولا خوف طبيعي وهو الخوف الذي يعتلي الانسان من الاشياء التي تؤذيه كأن يخاف الانسان من النار ان تحرقه وكأن يخاف من اسد ان يأكله فهذا خوف طبيعي مباح ولا يدخل في باب العبادات بل كونه يوجد في القلب لا ينافي الايمان فلا اشكال اذا ان يقع في قلب المسلم هذا الخوف الطبيعي لا اشكال فيه ولا بأس به ما لم يبالغ فيه الى درجة تصرفه عن طاعة الله عز وجل او تدفعه الى نوع من معصية الله سبحانه وتعالى. وقد وقع في هذا الخوف الطبيعي اكابر الناس وصالحوهم بل وقع فيه نبي من انبياء الله عز وجل قص الله سبحانه وتعالى قصته في القرآن وهو موسى عليه السلام فان الله تعالى يقول فخرج منها خائفا يترقب موسى عليه السلام وهو من اولي العزم من الرسل يخبر الله عنه انه خرج منها خائفا يترقب فهذا خوف طبيعي ولا اشكال فيه. ولكن كما قلنا لا ينبغي ان يجاوز هذا الخوف الحد المعقول ولا ينبغي ان يستقر في القلب ويرسخ فيه بل على العبد ان يسعى جهده في مدافعته وفي محاولة صرفه عن القلب وفي حسن التوكل على الله سبحانه وتعالى والطمأنينة في موعوده واللجوء اليه سبحانه وتعالى كما في الاية التي ذكرنا انفا الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. فاذا هؤلاء الذين قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل هم اناس دافعوا هذا الخوف الطبيعي وحاولوا ان يصرفوه عن قلوبهم فاستحقوا ان يثني الله عليهم في كتابه العزيز. لا يلام العبد على الخوف الطبيعي بشرط الا يؤدي به ذلك الى ترك واجب او الى فعله محرم وكذلك اه يلام العبد اذا كان هذا الخوف آآ لا سبب له كالذي يخاف لغير سبب من المعقول ان تخاف من النار ان تخاف من الاسد ان تخاف من شيء يؤذيك حقيقة. اما ان تخاف لغير سبب هذا انما يكون عند ضعاف القلوب وهذا لا يجتمع مع الايمان الراسخ القوي. ثم هنالك خوف محرم وهو الخوف الذي يحمل العبد على ترك واجب او على فعل محرم. مثال ذلك مثلا الشخص في زمننا هذا يخاف من مخلوق قد يكون رئيسا له او مجيرا او له عليه سلطة معينة فلخوفه منه يترك بعض الواجبات من الصلوات مثلا او آآ نحو ذلك او يفعل بعض المحرمات مداهنة لهذا الرئيس او هذا القائد او هذا الذي له عليه سلطة فيداهنه بفعل محرم بشرب خمر او بنحو ذلك من المحرمات. فهذا خوف محرم والعياذ بالله تعالى لان اهو خوف يؤدي الى اه كما ذكرنا الى فعل محرم او الى ترك واجب. اذا هذا النوع الثاني من انواع الخوف من المخلوقين. النوع الثالث من انواع الخوف من المخلوقين هو ان يخاف العبد من المخلوق من غير الله سبحانه وتعالى في الاشياء التي لا يقدر عليها الا الله عز وجل. مثال ذلك ما يقع من بعض جهلة من انهم يخافون من الجن او يخافون من ولي من الاولياء او يخافون من انسان معين ان يصيبهم بمرض او يصيبهم بنوع مكروه من الاشياء التي لا تكون الا لله سبحانه وتعالى. ولا يقدر عليها الا الله سبحانه وتعالى. كان يخاف من شخص يقول اذا هذا الولي او هذا الجني اذا انا لما اصرف له عبادة معينة فانه يمكن ان يحرمني من الولد نحن نعلم ان الولد انما هو من الله سبحانه وتعالى. الله هو الذي اه يقدر ذلك. فهذا الخوف في الاشياء التي لا يقدر عليها الا الله سبحانه وتعالى اه هو من الامور العظيمة والتي قد تصل الى درجة الشرك بالله سبحانه وتعالى فينبغي ان يحذر المسلم منها اشد ما يكون الحذر. اذا انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين اذا تحقق في قلبك الايمان الحق فانك تخاف الله ولا تخاف غيره ابدا والى لقاء مقبل باذن الله سبحانه وتعالى منابع فيضها المدرار من الاعجاز والابهار هنا في اية جمعت عظيم الفكر والاسرار. هنا في اية جمعت عظيم الفكر والاسرار