منابع فيضها المدرار من الاعجاز والابهار هنا في اية ان جمعت عظيم الفكر والاسرار. هنا في اية جمعت عظيم الفكر والاسرار من المضمون في غاية. نداء الحق والراية من المضمون في رايات نداء الحق والراية على الافاق فيها اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو امن اهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون واكثرهم الفاسقون بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فان اصدق الحديث كلام الله تبارك وتعالى وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة يقول الله سبحانه وتعالى كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو امن اهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون واكثرهم الفاسقون قوله سبحانه كنتم خير امة فيه اثبات الخيرية لهذه الامة وكنتم هذه يحتمل انها تامة اي ليست فعلا ناقصة بل هو فعل تام وحينئذ فمعنى كنتم خير امة اي وجدتم وخلقت خير امة ويحتمل كنتم اي كنتم في اللوح المحفوظ او ما اشبه ذلك من المعاني وقوله سبحانه كنتم خير امة اخرجت للناس اي اظهرت للناس فمن بين امم الناس كلها هذه الامة المحمدية هي خير الامم وافضلها وكونها خير الامم وافضلها على جهة الاطلاق لا ينفي ان هذه الامة في داخلها اه افضلية نسبية. بمعنى بعض هذه الامة افضل من بعضها الاخر كما اننا مثلا نعلم ان خير هذه الامة هو الجيل الاول جيل الصحابة رضوان الله عليهم. الذين جاء فيهم ما لا يحصى من النصوص الدالة على فضلهم ومرتبتهم العالية في هذه الامة. فاذا افضل الامة بعد نبيها محمد صلى الله عليه وسلم هم هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم فالصحابة خير من غيرهم داخل هذه الامة كلها. ثم هذه الامة كلها هي خير من الامم جميعها. ف اذا كون هذه الافضلية موجودة داخل الامة لا ينفي ان الخيرية لهذه الامة على غيرها من مشتركة بين عموم هذه الامة. اذا كنتم خير امة اخرجت للناس هل هذه الخيرية مطلقة ام ان لها قيدا يبين السبب الذي من اجله كانت هذه الامة خير الامم يقول الله سبحانه وتعالى كنتم خير امة اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر اي هذه الخيرية مقيدة بكونكم تاتون بهذه الشعيرة العظيمة شعيرة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فاذا قوله سبحانه تأمرون بالمعروف في موضع الحال اي كنتم خير امة اخرجت للناس حال كونكم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ثم بعد ذلك قال سبحانه وتعالى ولو امن اهل الكتاب لكان خيرا لهم اي لو انه اهتدوا وامنوا بما جاء به محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم. والحال انهم يجدون في كتبهم البشارة بهذا النبي الكريم ويجدون في وصفه عليه الصلاة والسلام ما يدل على انه نبي جزما ويقينا ويجدون ما لا يحصى من الادلة على صحة هذه الرسالة فلو انهم امنوا لكان ذلك خيرا لهم من ان يبقوا على عنادهم واصرارهم ثم هم قد انقسموا الى قسمين اثنين منهم المؤمنون واكثرهم ليسوا بالمؤمنين. منهم المؤمنون هؤلاء المؤمنون من هم؟ هم الذين جمعوا بين الايمان بانبيائهم ورسلهم والايمان بالرسول المبعوث رحمة للعالمين محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم. واكثرهم الفاسقون والفسق والخروج فالفاسقون الذين خرجوا عن معنى الهدى وخرجوا عن معنى الايمان فهؤلاء هم الذين اصروا على عدم الايمان برسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فاذا هذه الاية تدل على وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لان هذه الامة لا تكون فاضلة لا تكون خير الامم الا اذا تحقق فيها هذا الشرط العظيم وهو شرط الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والمعروف ما هو المعروف سمي معروفا لان الفطر السليمة تعرفه ولان العقول المستقيمة تعرفه ولان القلوب التي استضاءت بنور الله عز وجل والتي تنورت واهتدت بنصوص الوحي هذه القلوب تعرفها فاذا يشمل المعروف كل ما كان من رضوان الله عز وجل. كل ما يرضي الله سبحانه وتعالى فهو من المعروف. فيدخل في ذلك الايمان بالله بربوبيته بالوهيته باسمائه وصفاته. يدخل في ذلك حسن عبادة الله سبحانه وتعالى. يدخل في ذلك اداء العبادات وحسن الالتزام بالشرع في المعاملات يدخل في ذلك الاحسان الى الناس بر الوالدين يدخل في ذلك صلة الارحام كل ما هو مما امر الله به وارتضاه لعباده فانه من المعروف الذي نحن مطالبون بامر الناس به والمنكر هو ضد المعروف وعكسه. فالمنكر هو الذي تنكره الفطر تنكره العقول تنكره القلوب المؤمنة المتشبعة بالوحي ويدخل في ذلك كل ما لا يرضي الله سبحانه وتعالى من الوان المنكرات من المعاصي من الكبائر وعلى رأسها الشرك بالله سبحانه وتعالى والكفر به عز وجل والله سبحانه وتعالى يقول ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ولتكن منكم امة وهذا يدل على ان هذا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من الواجبات الكفائية بمعنى انه ان فعله بعض هذه الامة سقطت المحاسبة عن الجميع وان لم يقم به احد من هذه الامة فان الامة كلها تكون محاسبة لتركها لهذه الشعيرة العظيمة ولتكن منكم امة طائفة مخصوصة معينة تقوم بهذا الامر لا يلزم ان تكون هذه الامة محصورة محددة هي الوحيدة التي تطلع بواجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. لا يلزم ذلك لكن المقصود انه لابد ان يكون في امة الاسلام كلها اناس يقومون بهذا الواجب وفي هذا الاطلاق في قوله عز وجل ولتكن منكم امة هذا الاطلاق يفيد انه لا يشترط في هذا الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر شروط مخصوصة من تمكن في العلم او رسوخ فيه او ما اشبه ذلك. لا لانه ولتكن منكم امة فالمنكرات لا بد ان تنكر والمعروف لا بد ان يؤمر به سواء اقام بذلك اهل العلم الراسخون او قام بذلك غيرهم او من دونهم بشرط ان تتوفر فيهم شروط الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ان يكونوا عارفين بما يأمرون به عارفين بما ينهون عنه قادرين على فعل هذه الشعيرة شعيرة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر دون ان يسبب ذلك منكرا اعظم او ان يؤدي الى مفسدة اكبر. وهذه الشروط هي مذكورة مفصلة عند الفقهاء ولا يمكننا الان ان نحيط بها والله سبحانه وتعالى يقول لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم. ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. كانوا لا يتناهون عن منكر كار ان فعلوا لبئس ما كانوا يفعلون الله عز وجل يخبرنا بان بني اسرائيل قد لعنوا واللعن هو الطرد من رحمة الله عز وجل. لعنوا باي شيء لعنوا بما عصوا وكانوا يعتدون ومن صفتهم التي من اجلها استحقوا اللعنة انهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه. بمعنى كان بعضهم يفعل المنكر والاخرون يسكتون ويقرون ولا ينكرون على من فعل هذا المنكر. فاذا هم مشتركون في الاثم مشتركون في المنكر فان انه لا فرق بين الذي يفعل المنكر وبين الذي يرى المنكر فيسكت ويقر مع كونه قادرا على تغييره وقادرا على انكاره فصفة هؤلاء التي من اجلها استحقوا اللعن انهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه. والله عز وجل حين يحكي لنا هذا ويخبرنا بهذا فانما يراد بذلك التنبيه اي تنبيه هذه الامة انها ان فعلت مثل فعل بني اسرائيل فانها تستحق والعياذ بالله مثل الذي استحقه بنو اسرائيل ولكن هذه الامة لا تعدم ابدا اهل خير وطائفة مخصوصة تقوم بهذا الواجب ان قصر فيه اخرون. فاذا القضية ليست في ان يوجد اناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. نحن نعلم انهم موجودون في هذه الامة. ولابد ان يوجدوا لان الله سبحانه وتعالى تكفل بذلك كما في حديث الطائفة المنصورة وغيرها من الادلة. لكن الشأن فيك انت يا عبد الله فيك انت يا امة الله. هل تكون من هذه الطائفة هل ترتفع بنفسك الى مقام القيام على هذه الشعيرة العظيمة وهل تكون من الذين اصطفاهم الله واجتباهم حتى صاروا من الذين يأمرون الناس بالمعروف وينهون الناس عن المنكر كما في الحديث الذي اخرجه الامام مسلم عن طارق بن شهاب انه ان اول من بدأ ب يوم العيد بالخطبة قبل الصلاة مروان من المعلوم ان بعض ائمة السوء كانوا يفعلون ذلك كانوا يبدأون يوم العيد بالخطبة قبل الصلاة. لما؟ لانهم قالوا اذا اه فعلنا كما في السنة فبدأنا بالصلاة قبل الخطبة فان الناس يؤدون الصلاة ولا يستمعون لخطبتنا فكان هو مروان فقام اليه رجل وقال له الخطبة آآ قال له الصلاة قبل الخطبة. بمعنى عليك ان تلتزم بالسنة وهي ان تؤدي الصلاة قبل الخطبة فقال مروان قد ترك ما هنالك. بمعنى هذا شيء كان ولم يعد فكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جالسا حاضرا لهذه القصة فقال اما هذا فقد قضى ما عليه بمعنى هذا الرجل الذي انكر المنكر قضى ما عليه وادى الواجب الذي في ذمته قال اما هذا فقد قضم عليه واني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان. فهذه مراتب مرتبة تغيير المنكر باليد ولها شروط وقيود وهي انما تكون للمستطيع اصلا ثم مرتبة تغيير المنكر باللسان ثم بعدها لا يبقى الا التغيير بالقلب اي انكار المنكر بالقلب وليس بعد انكار المنكر بالقلب شيء. ذلك اضعف الايمان وليس بعده شيء من الايمان فهذا يدلك على عظيم اهمية هذا الواجب واجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. وفي صحيح البخاري آآ الحديث المعروف لديكم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من حديث النعمان بن بشير ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اه اه مثل القائم على حدود الله واه كمثل قوم استهموا على سفينة فاصاب بعضهم اعلاها واصاب بعضهم اسفلها فكان الذين في اسفل السفينة اذا ارادوا ان يستقوا الماء مروا على الذين في اعلاها فقالوا لو خرقنا في السفينة خرقا لكي لا نؤذي من فوقنا. فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو انهم تركوهم هلكوا جميعا. ولو انهم اخذوا على ايديهم نجوا جميعا. فاذا هذا مثال هذا المثل ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم للذين يكونون في الامة بعضهم يريد ان يرتكب المعاصي والمنكرات التي تفسد الامة كلها واخرون ينظرون اليهم فان سكتوا عليهم فان الامة تغرق كما تغرق السفينة وان هم انكروا عليهم واخذوا على ايديهم فان الامة تنجو وينجو الجميع. ينجوا الذين يرتكبون المنكرات لجهل او هوى او غير ذلك وينجو هؤلاء الذين ينكرون عليهم والى لقاء مقبل باذن الله سبحانه وتعالى منابع فيضها المدرار من الاعجاز والابهار هنا في اية ان جمعت عظيم الفكر والاسرار. هنا في اية جمعت عظيم الفكر والاسرار