منابع فيضها المدرار من الاعجاز والابهار هنا في اية ان جمعت عظيم الفكر والاسرار. هنا في اية جمعت عظيم الفكر والاسرار من المضمون في غاية. نداء الحق والراية من المضمون في رايات نداء الحق والراية على الافاق فيها ولقد من ربهم الهدى بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فان اصدق الحديث كلام الله تبارك وتعالى وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة يقول الله سبحانه وتعالى ان يتبعون الا الظن وما تهوى الانفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى وجاء هذا الجزء من الاية بعد قول الله سبحانه وتعالى ان هي الا اسماء سميتموها انتم واباؤكم ما انزل الله بها من سلطان ونلاحظ ان الله سبحانه وتعالى في هذه الاية الكريمة ينكر على المشركين انهم يسمون تلك الالهة باسماء يشتقونها من اسماء الله سبحانه وتعالى فيسمون اللات والعزى وغير ذلك من الاسماء وكل ذلك ان هي الا اسماء ما انزل الله بها من سلطان لا علم لهم بها ولا حجة لهم عليها ثم بعد ان بين الله عز وجل ان هذه التسمية باطلة اظهر لهم السبب الذي من اجله وقعوا في هذه التسميات الباطلة فقال ان يتبعون اي في تسميتهم تلك الا الظن وما تهوى الانفس ونلاحظ هنا انه في بدء الامر خاطبه بخطاب مباشر ان هي الا اسماء سميتموها انتم ثم بعد ذلك انتقل الى الحديث عنهم باستعمال صيغة الغياب وهذا هو الذي يسمى في علم البلاغة التفاتا فالالتفات الانتقال من صيغة الى صيغة اخرى. من الخطاب الى الغياب او العكس وغير ذلك من الصور فهذا الالتفات انما كان كما يقول المفسرون تصغيرا لهم وتحقيرا لشأنهم فيذكر انهم في تسميتهم تلك ان يتبعون الا احد امرين اثنين الظن او الهوى اي ما تشتهيه الانفس وتميل اليه بعيدا عن ما يقتضيه الحق الذي جاءت به الانبياء والرسل والظن هذا المذكور في هذه الاية له عند العلماء معان مختلفة فاللغويون لهم للظن معنى والاصوليون يجعلون للظن معنى وفي القرآن جاء الظن بمجموعة من المعاني وهكذا فالاصوليون مثلا يذكرون ان الظن هو احد مراتب الادراك كما قال صاحب المراقي والوهم والظن والشك ما احتمل لراجح او ضده او ما اعتدل بمعنى ان الوهم هو الذي يحتمل راجحا ان يحتملوا ان يكون ضده راجحا والوهم هذا الوهم. والظن هو الادراك او الحكم بالشيء مع كونه يحتمل ضدا مرجوحا والشك هو ما اعتدل اي ما استوى فيه الطرفان بعبارة اخرى الظن هو الادراك الذي لم يصل الى درجة اليقين ولكنه مع ذلك تجاوز مرتبة الشك. حيث يستوي الاحتمالان فانت تحكم بالشيء ويعني ذلك اذا كنت اذا سمينا ذلك ظنا انك حين تحكم بالشيء فان ضده يكون مرجوحا مثال ذلك مثلا خبر الثقة العدل فخبر الثقة العدل هذا نحن نحكم بصحته وحكمنا هذا هو من قبيل الظن. لانه يحتمل ان هذا الثقة العدل يحتمل ان يقع في الخطأ ولكن هذا الاحتمال مرجوح وضعيف اذا هذا هو الظن عند الاصوليين ثم هنالك الظن عند اللغويين فهم يجعلونه مرادفا للشك عموما واما في خصوص القرآن الكريم فقد ورد الظن على مجموعة من المعاني ورد الظن بمعنى اولا بمعنى العلم واليقين كما في قول الله سبحانه وتعالى الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم اي الذين يتيقنون ويجزمون بذلك وايضا في كتاب الله عز وجل وانا ظننا ان لن نعجز الله في الارض قال المفسرون انا ظننا اي تيقنا من ذلك اذا هذا المعنى الاول يرد الظن بمعنى اليقين ويرد الظن بمعنى ما هو اقل من اليقين وهو ما يرادف الظن عند تقريبا ما يرادف الظن عند الاصوليين. يعني الظن بمعنى الشك تقريبا كما في قول الله سبحانه وتعالى وان هم الا يظنون اي ليسوا على يقين من ذلك ويرد الظن ايضا في كتاب الله عز وجل بمعنى التهمة كما قال الله سبحانه وتعالى الظانين بالله ظن السوء هذا بمعنى التهمة وقد قرأ قول الله سبحانه وتعالى وما هو على الغيب بضنين قرأ ايضا بظنين فاذا قرأناها بضنين فهو من ضمن بالشيء اذا بخل به فالله سبحانه وتعالى ينفي عن رسوله صلى الله عليه وسلم ان يكون بخيلا غير معطاء سواء اكان ذلك في المجال المادي او في المجال المعنوي واذا قلنا وما هو على الغيب بظنين فحينئذ المراد انه ليس متهما فيما ينقله من الاحكام عن رب العزة جل جلاله وقد اخرج الامام البخاري رحمه الله تعالى من طريق معمر عن همام ابن منبه عن ابي هريرة رضي الله عنه وارضاه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال اياكم والظن فان الظن اكذب الحديث قال القرطبي وغيره من الشراح ان الظن هنا المراد به التهمة ومما يؤكد ذلك آآ قرينة وهي قول رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعد ذلك ولا تجسسوا ومن المعلوم ان التجسس انما يكون لسوء الظن بالناس فاذا حين انكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الظن فانه واو وذكر بعد ذلك النهي عن التجسس فان المراد بالظن حينئذ هو التهمة وقد يرد الظن ايضا في كتاب الله عز وجل بمعنى الوهم والتوهم عموما كما في قول الله سبحانه وتعالى ان نظن الا ظنا وقد يرد الظن في كتاب الله بمعنى الاعتقاد الخاطئ وهذا كثير جدا في اطلاقات القرآن الكريم ان يتبعون الا الظن وان الظن لا يغني من الحق شيئا. وما اشبه ذلك من الايات التي تنكر الظن و اه تبين خطورته فالمراد بالظن هنا ليس كما يفهمه بعض الناس الظن بمعنى آآ الشك او الظن بمعنى العلم او الظن الذي يستعمل في الفقهيات لا. المراد بالظن هنا هو اتباع الباطل او هو الاعتقاد الخاطئ اذا هذا هو الظن الذي ذكره الله سبحانه وتعالى بقوله ان يتبعون الا الظن ثم بعد ذلك قال وما تهوى الانفس اي الهوى فاذا لدينا امران الظن والهوى اما الهوى فهو اصل كل بلاء. واصل كل معصية وقد ورد حديث اخرجه الطبراني وغيره من طريق نعيم ابن حماد قال حدثنا عبدالوهاب الثقفي عن هشام ابن حسان عن محمد ابن سيرين عن عقبة ابن اوس عن عبدالله بن عمرو ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال لا يؤمن احدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به وهذا الحديث مشهور لدى كثير من الناس لانه من ضمن الاحاديث المذكورة في الاربعين النووية. لكن هذا الحديث بالحقيقة ليس صحيحا من جهة الاسناد فان فيه نعيم بن حماد مداره على نعيم بن حماد ونعيم بن حماد كان رأسا من رؤوس السنة الاعتقاد الصحيح لكنه كان ضعيفا في الحديث. ولذلك كان العلماء آآ ينكرون عليه ضعفه في الحديث وسوء حفظه كما قال يحيى ابن معين. آآ كان رأسا في السنة وليس بشيء. اي ليس بشيء فيما اجى لرواية الحديث لكن بقطع النظر عن اسناد هذا الحديث فالحديث في ذاته صحيح المعنى فان المسلم لا يكون مسلما حقا حتى يتبع ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وان كان ذلك مخالفا لهواه. اي لما يهواه ويميل الى اليه قلبه وتميل اليه نفسه ولاجل ذلك رب العزة جل جلاله بين ان اكثر ضلال الناس هو من احد هذين الامرين ان يتبعون الا الظن وما تهوى الانفس بعبارة اخرى ان الخلل اما ان يأتي من الشبهة واما ان يأتي من الشهوة فالشبهة هي الظن كما نجده عند كثير من الطوائف الضالة التي تنكر سنة الحبيب صلى الله عليه وعلى اله وسلم بل قد تنكر القرآن وتنكر الامور المعلومة من الدين بالضرورة بشيء واحد هو الظن يدخل في هذا الظن بمعنى الاعتقاد الخاطئ يدخل فيه القياس الفاسد يدخل فيه تقديم العقول الفاسدة على النقل الصحيح الصريح يدخل فيه تقديم تقليد بعض الناس على اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يقع من بعض الطوائف التي تقلد بعض الاناس المخصوصين بعض الائمة المخصوصين بعض الاولياء المخصوصين يقلدونهم في كل شيء ويتركون السنة البيضاء التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الى غير ذلك من القياسات والاوهام والخيالات التي تدخل الشبهات الى عقول الناس وتبعدهم عن الحق اذا هذا هو مرض الشبهة. والمرض الثاني هو مرض الشهوة. وهو الذي يأتي من الهوى فالذي يرتكب الكبائر الذي يقع في شرب الخمر في الزنا الذي يعصى ربه سبحانه وتعالى فانما يفعل ذلك في الغالب لا لشبهة عرضت له في ذهنه بل تجده حال فعله للمعصية مقرا بانه مرتكب لمعصية وبانه مخالف سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم ولكنه حين يفعل المعصية لم يستطع ان يضبط هواه. فهو يتبع هواه ويتبع ما تميل اليه نفسه. بدلا من اتباع ما جاء به الوحي عم رب العزة جل جلاله فاذا الامراض كلها هي الظن تأتي من الظن او من الهوى وهذان مخالفان للهدى. ولذلك قال سبحانه وتعالى ان يتبعون الا الظن وما تهوى الانفس. ولقد جاءهم من ربهم الهدى اي هذا الهدى نقضه هؤلاء وينقضه كل من يتبعهم فيما بعد باحد امرين اثنين. اما باتباع الظن واما باتباع الهوى نعوذ بالله من الظن ونعوذ بالله من الهوى ونسأل الله سبحانه وتعالى الهدى والى لقاء مقبل باذن الله سبحانه وتعالى منابع فيضها المدرار من الاعجاز والابهار هنا في اية جمعت عظيم الفكر والاسرار هنا في اية جمعت عظيم الفكر والاسرار