منابع فيضها المدرار من الاعجاز والابهار هنا في اية جمعت عظيم الفكر والاسرار. هنا في اية جمعت عظيم الفكر والاسرار من المضمون في غاية. نداء الحق والراية من المضمون في رايات نداء الحق والراية على الافاق فيها. وكذلك جعلناكم امة لتكونوا شهداء على الناس سوى يكون الرسول عليكم شهيدا بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فان اصدق الحديث كلام الله تبارك وتعالى وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة يقول الله سبحانه وتعالى وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا هذه الاية تبين معنى وسطية هذه الامة بين الامم كلها فالله تعالى يقول وكذلك جعلناكم امة وسطا والوسط في اللغة يحتمل معنيين اثنين المعنى الاول معنى الاعتدال والتوسط بين الامور والمعنى الثاني هو معنى الخيار وهذان المعنيان محتملان بالاية الكريمة كما سيأتينا باذن الله تعالى وايضا في بعض الشواهد الشعرية المأثورة عن العرب من ذلك مثلا قول الشاعر هم وسط ترضى الانام بحكمهم هم وسط ترضى الانام بحكمهم اذا نزلت احدى الليالي بمعظمي فا في الاية الكريمة عندنا الله سبحانه وتعالى يثني على هذه الامة بانها وسط فيحتمل كما قلنا ان ذلك يعني انها خير الامم ويشهد لذلك ادلة اخرى كما في قول الله سبحانه وتعالى كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله و تحتمل الاية ايضا معنى اخر وهو معنى توسط هذه الامة بين الامم الاخرى فهنالك غلو للنصارى وهنالك غلو لليهود ثم كانت هذه الامة بين هذين الغلوين وسطا ولانها وسط بينهما فانها خيار وانها خير الامم والتوسط بين الباطلين مطلوب ابدا كما قال الشاعر عليك باوساط الامور فانها نجاة ولا تركب ذلولا ولا صعبا اي اجعل لك منهجا في حياتك ان تتوسط في الامور كلها فلا تركب من الامور ما كان ذلولا ولا تركب منها ما كان صعبا. وكذلك يقول الشاعر ولا تغلو في شيء من واقتصد كلا طرفي قصد الامور ذميم فلان التوسط محمود انتقل معناه من مجرد الاعتدال بين الطرفين الى معنى الخيرية ولاجل ذلك فان الوسط والاوسط يطلق في اللغة ويقصد به افضل شيء واعلاه واسماه كما اخرجه البخاري من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا سألتم الله فاسألوه الفردوس الاعلى فانه اعلى الجنة فانه اوسط الجنة وانه اعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجروا انهار الجنة فسماه اوسط الجنة وسماه ايضا اعلى الجنة دلالة على ان الاوسط هو الاعلى هو الافضل هو الاسمى. فاذا يقول الله تعالى وكذلك جعلناكم امة وسط لتكونوا شهداء على الناس. ويكون الرسول عليكم شهيدا اي هذه الوسطية والخيرية في هذه الامة تجعل الامة شاهدة على الامم كلها فمعنى قوله لتكونوا شهداء على الناس اي لتشهدوا للانبياء انهم قد بلغوا اممهم ما امرهم الله تعالى بتبليغه وقوله تعالى ويكون الرسول عليكم شهيدا اي ليشهد الرسول عليكم بانكم قد فعلتم ما امرتم به وقد اديتم ما بلغكم الرسول اياه فهذا معنى هاتين الشهادتين التي يختص بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتختص بها هذه الامة من بين الامم كلها وقد دل على معنى الشهادة هذه الحديث الذي اخرجه البخاري ومسلم عن انس رضي الله عنه انه قال مروا بجنازة فاثنوا عليها خيرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبت وجبت وجبت ثم مروا بجنازة فاثنوا عليها شرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبت وجبت وجبت فسأله عمر رضي الله عنه وارضاه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انتم شهداء الله في الارض اذا اثنيتم على جنازة بان بخيرا فانها في الجنة واذا اثنيتم عليها شرا فانها في النار انتم شهداء الله في الارض. انتم شهداء الله في الارض. انتم شهداء الله في الارض فهذا الحديث يشرح معنى قول الله سبحانه وتعالى لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا. اذا هذه الصوتية التي تتحدث عنها هذه الاية ما هي بالضبط هذا التوسط المؤدي الى الخيرية. كيف يكون التوسط يكون في امور كثيرة جدا يكون مثلا في ابواب العقائد فهذه الامة الاسلامية وسط بين النصارى واليهود النصارى الذين ابتدعوا الرهبانية والزهد المطلق في الدنيا واليهود الذين اتبعوا شهواتهم النصارى الذين الهوا عيسى عليه السلام ورفعوه فوق المقام الذي يستحقه عليه وعلى نبينا افضل الصلاة سلام واليهود الذين تنقصوا من عيسى عليه السلام وسعوا في قتله لم يعتدوا بنبوته ولا برسالته التوسط بين النصارى واليهود في امور كثيرة جدا ولذلك ففي الفاتحة التي نقرأها كل يوم مرات عديدة في صلواتنا وفي غير الصلاة الله سبحانه وتعالى يقول اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين فهنالك امة غضبية مغضوب عليها هي امة اليهود وهنالك امة ضالة هي امة النصارى وهذه الامة الاسلامية وسط بين هاتين الامتين ثم حتى داخل هذه الامة هنالك طوائف كثيرة قد حدثت في الامة واحدثت وابتدعت واتت بتحريفات في دين الله عز وجل. فالمطلوب من المسلم ان بسط بين هذه الطوائف المتناقضة مثلا في باب الاسماء والصفات اي اسماء الله وصفاته سبحانه وتعالى عليك ايها المسلم ان تتوسط بين اولئك الذين ينفون صفات الله ويعطلونها مع انهم يقرأونها في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين اولئك الذين يبلغ بهم اثبات الصفات الى حد تشبيه الله بخلقه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وفي باب القدر عليك ايها المسلم ان تتوسط بين الذين ينفون القدر ويعتدون بفعل العبد وانه لا يقدر لا يقدر عليه شيء من ربه سبحانه وتعالى وينفون بذلك هذا الاصل العظيم الذي دلت عليه نصوص الوحي المتكاثرة وبين الجبرية الذين يبلغ بهم اثبات القدر الى حد نفي ارادة العبد. وجعله كالريشة في مهب الريح. لا يملك شيء من عمله ولا من تصرفه وايضا في ابواب الايمان والاسماء والاحكام عليك ايها المسلم ان تتوسط بين اولئك الذين يكفرون المسلمين ويكفرون بغير مكفر ويخرجون الناس من ملة الاسلام بغير دليل ولا برهان يسفكون دماءهم ويستحلونها وبين اولئك الذين يجعلون العمل خارجا من مسمى الايمان فيكفي عند الواحد دي منهم ان يصدق المرء بقلبه او ان ينطق بلسانه بكلمة التوحيد ليكون مؤمنا كامل الايمان وايضا اذا خرجنا من جانب السلوك من جانب العقائد الى جانب السلوك فعلى المسلم ان يتوسط في باب الدنيا والاخرة وان يكون له سعي في الدنيا الى جانب كده وسعيه واجتهاده للاخرة كما قال الله سبحانه وتعالى وابتغي فيما اتاك الله الدار الاخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا. وايضا على المسلم ان توسط بين اولئك العباد الزهاد الذين ينعزلون عن المجتمع وينزوون في صوامعهم ليعبدوا الله ولا يشاركوا مجتمعهم في اي شيء لا يدعون ولا آآ يشاركون المجتمع في دعوة ولا في اي شيء من الامور التي تهم هذا المجتمع وبين اناس اخرين يلغون في مشاركة المجتمع ويبتعدون عن عبادة الله عز وجل ولا يعتدون بهذه الانساك والتعبدات الى غير ذلك من انواع التوسط التي يمكن ان نقررها في ابواب السلوك لكن هنا مسألة ما دمنا قد ذكرنا الوسطية فان كثيرا من الناس يلهجون بذكر هذه الاية ويقررون بها منهج الوسطية ولكنهم يفهمون الامر فهما مغلوطا ان الوسطية هي توسط بين حق بين باطل وباطل اخر كما قررناه انفا وليست الوسطية توسطا بين حق وباطل كما يظن بعض الناس كثير من الناس للاسف الشديد مذبذبون لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض فلذلك اذا وجدوا الناس مختلفين في امر من الامور فانهم يسعون الى الجمع بينما لا يمكن الجمع بينهم فيقولون نحن وسط بين هذا وذاك الحق يرونه واضحا صريحا عليه ادلة من الوحي واضحة لا يمكن التشكيك فيها والباطل كذلك امامهم قد دل الوحي على بطلانه ومع ذلك فانهم يريدون التأليف والجمع فيتوسطون بين هذا الحق وذاك الباطل ويسمون ذلك وسطية ويقع هذا كثيرا في الفتوى. بعض الناس يفتون لا بمقتضى الدليل الصحيح الصريح. والحجة والبرهان المأخوذ من الوحي وانما يفتون فقط ب التوسط بين ما يقوله هؤلاء وما يقول اولئك. فدائما لهم منهج عام في التعامل مع الفتوى الشرعية. اذا قال اهل الحق شيئا. وقال اهل الباطل شيئا على خلافه فهؤلاء يتوسطون ويقولون انتم قد اصبتم وانتم ايضا قد اصبتم وكلكم مصيبون ونحن نريد ان نجمع ونريد ان نكون حقا بين حق وباطل وهذا كله لا يستقيم فان الذي يفتى به والذي يتعبد الله به انما هو الدليل من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جاء في الحديث الصحيح ان النبي عليه الصلاة والسلام خط خطا وخط على جانبه خطوطا صغيرة قال هذا صراط الله المستقيم وهذه السبل التي تخرج المسلم عن هذا الصراط المستقيم. وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيل اذا اذا كان الحق واضحا فالواجب اتباعه واذا كانت سبل الباطل واضحة فالواجب اجتنابها. لا التوسط بينها وبين الحق من اجل تأليف القلوب او جمعها او ما اشبه ذلك من الشبهات التي يمكن ان تعرض لبعض الناس. كما قال الله سبحانه ستجدون اخرين يريدون ان يأمنوكم ويامنوا قومهم كلما ردوا الى الفتنة اركسوا فيها. هذا المنهج ليس بصواب بل المنهج الصحيح اتباع الصراط المستقيم واجتناب السبل التي تبعد عنه والى لقاء مقبل باذن الله سبحانه وتعالى منابع فيضها المدرار من الاعجاز والابهار هنا في اية ان جمعت عظيم الفكر والاسرار. هنا في اية جمعت عظيم الفكر والاسرار