بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فان اصدق الحديث كلام الله تبارك وتعالى وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار اسألك اللهم ان تجيرنا من النار بفضلك ومنك وكرمك يا ارحم الراحمين هذا هو الدرس الاول من سلسلة شرح نزمة مجدد العوافي من رسمي العروب والقوافي وهو نظم في علمي العروض والقافية نبدأ مباشرة بقراءة الابيات التي سنتعرض لشرحها اليوم ان شاء الله تبارك وتعالى ثم نثني بذكر ما تيسر من التعليق على تلك الابيات قال الناظم رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم قال محمد بن عبدالله العلوي بعد بسم الله الحمدلله الذي اعطانا بيانه ووضع الميزان وسمك السماء والسحاب ولا عروض لا ولا اسبابا وجعل الارض لنا مهادا والراسيات متنها اوتادا سبحانه من فاعل مختار يكور الليل على النهار ابدى الذي دل عليه وبدا وبعث الهادي فينا احمدا مؤيدا منه بقول باهر نظم الورى ليس بنظم شاعر وبزحوف ضارب الدوائر ثم القوافي لهم الدوائر عليه افضل الصلاة والسلام والال والصحب من الله السلام. ما قصد العروض غير الركب يغوص في بحور الال وبعد فالعروض من خير الارض لانه ميزان اشعار العرب وتلك الة علوم الشرع فشرف الفرع ففرع الفرع وقد رأيت الخزرجي قد ذهب له فصاغ فيه نظما من ذهب قصيدة بديعة المثال لكنها بعيدة المنال يكاد لفظها يكون لغزا ولا يرى الكلام الا رمزا فجئت اذ ذاك بترجمان يبوح بالمكنون في الجنان لتبيين المراد جامز يسفر عن خبء رموز الرامز وربما فصلت نظمي بدرر لغيره غصت عليها في زفر سميته مجددا عوافي من رسمي العروض والقوافي ومن رأى الخلل اصلح الخلل وقل ما ينجو امرؤ من الزلل. وللجواد في الرهان كبوة. وللحسام في القراع واسأل الله الكريم النفع به لمن حصله والرفع والفوز في وقت الحمام الحتمي على نفوسنا بحسن الختم علم العروض الشعر موزون الكلام العربي مع قصد وزنه بوزن العرب فلم يكن حديثا او تنزيلا كزللت قطوفها تزليلا ميزانه العروض ما به عرف موافق اوزانه والمنحرف وسمي العروض ان الشاعر يعرض شعره عليه سابقا او ان ربي بالعروض ارشدا لوضعه الخليل نجل احمدا وخمسة عشر بحور العرب اجزاءه اجزائها من وتر دين وشباب البيت الاول قال فيه الناظم رحمه الله تعالى قال محمد بن عبد الله العلوي بعد بسم الله ذكر ناظم ذكر اسمه في بداية هذا النظم ونسب النظم الى نفسه وهذه عادة لكثير من اهل النوم انهم يذكرون اسمائهم في ابتدائها لان معرفة الناظم تحصل ثقة بما سيذكره في نظمه لذلك قال قال محمد بن عبدالله وناظموا هذه المنظومة هو محمد بن عبدالله بن الحاج ابراهيم الشنقيطي وهو نجل صاحب مراقي السعود المعروف ولهذا الناظمي اي ناظم مجدد العوافي له منظومات ومؤلفات خاصة في ما يتعلق بعلوم عربية منها هذا النظم المسمى مجدد العوافي مطرة عليه اي شرح مختصر هو هذا الذي ترون امامكم وله ايضا نظم سواطع الجمان في علم التصريف وشرح له اسمه نجم الحيران وله شرح المقصور والممدود لابن مالك وشرح نظم الجمل لمحمد بابا وغير ذلك وقد توفي رحمه الله تبارك وتعالى سنة خمس وستين ومئتين بعد الالف من هجرة النبي عليه الصلاة والسلام قال محمد بن عبدالله العلوي قال في اضطر نسبة الى علي بن ابي طالب رضي الله عنه وارضاه او الى علي اخر من ذريته. وهذا نفس ما ذكره ابوه في شرحه على مراقي السعود وهو الشرح المسمى بنشر البنود فانه عند قوله في اول المراقي يقول عبد الله وهو ارتسم سما له والعلوي المنتمى ذكر ان العلوي نسبة الى علي ابن ابي طالب او الى علي اخر من ذرية علي بن ابي طالب رضي الله عنه واتيان الناظم بقالة بصيغة الماضي لهم في ذلك توجيهات من اشهرها ان هذه المقدمة تأخرت عن باقي النظم المحكية بالقول فعند ذلك تكون سيرة الماضي في قال على ظاهرها فيكون الناظم رحمه الله قد اتى بالناظم اولا ثم جاء بهذه المقدمة فعند ذلك يقول فيها قال بصيغة الماضي لان ما سيأتي هو قبل قد اتى به قبل هذا البيت وقال اخرون يكون قد اوقع الماضي موقع المستقبل تحقيقا له وتنزيلا له منزلة الواقع فيكون قد بدأ بهذا البيت ولم يشرع بعد في نظم بقية ما في هذه المنظومة ولكنه يأتي بصيغة الماضي تحقيقا لذلك فكأنه متأكد من اتيانه بما سيأتي بعد ذلك من النظم فيأتي بصيغة الماضي بدلا من صيغة المضارع وما بعد قال وهو قوله الحمد لله الذي اعطانا الى اخر المنظومة هذا كله في موضع النصب على المفعولية فهو جملة محكية بالقول واتى بالبسملة بالنزم فقال بعد بسم الله وهذه طريقة لبعض اهل النظم فان بعضهم يأتون بالبسملة قبل النوم وهذا هو الغالب فان الغالب عليهم ان يبدأوا بالحمدلة مباشرة في النظم ويأتون بلفظ بسم الله الرحمن الرحيم قبل المنظومة وبعضهم يأتي بالبسملة في النظم وقد يحتاجون الى تغيير يسير في اللفظ كقول ابن عاشر مثلا في منظومته المعروفة عن مرشد المعين يقول عبد الواحد بن عاشر مبتدأ باسم الاله القادر فغير فيها قليلا وايضا هنا قال بعد بسم الله فاتى بالبسملة دون ذكر الرحمن الرحيم. ولذلك ذكرهما في الطرة واتى بالبسملة اقتداء بكتاب الله سبحانه وتعالى فانه مبذوء بالبسملة وكل سورة فيه تبدأ بالبسملة حاشا سورة التوبة وايضا امتثل للسنة الفعلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فانه كان يبدأ مكاتباته بالبسملة واما قوله في اضطر لقوله صلى الله عليه وسلم كل امر ذي بال الى اخره. وفي رواية بحمد الله فهذا الحديث لا يصح برواياته كلها وله الفاظ مختلفة فقد ورد بلفظ كل امر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو اقطع وفي رواية اجزم فهذا لا يصح مرفوعا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اخرجه ابن ماجة وابو داوود وغيرهما وان كان قد صححه ابن حبان لكن الصواب انه مرسل وايضا حديث الحديث الاخر كل امر ذي بال لا يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم فهو ابتر هذا قد رواه الخطيب البغدادي ورواه الرهاوي ومن طريقه السبكي في طبقات الشافعية وهو حديث ضعيف جدا فاذا العمدة في الحقيقة ليست على هذا الحديث وانما العمدة على الاقتداء بكتاب الله عز وجل والسنة الفعلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وايضا فهذه مسألة اجماع فقد اه اتفق المصنفون على البذاءة بسم الله الرحمن الرحيم والكلام على معاني البسملة والحمدلة يطول جدا ولذلك لا نطول بذكره وقد تفنن المتأخرون في تفصيله في شروح المتون وحواشيها فمن اراد شيئا من ذلك فليرجع اليها فانها مبسوطة في مظانها و قوله في اضطر وحمل حديث البسملة عن الابتداء الحقيقي الى اخره هذا جمع بين الحديثين فان في احدهما كل امر ذي بال لا يبدأ ببسم الله وفي الاخر بحمد الله فاحتيج الى الجمع بينهما فالاظهر الذي شار عليه جماعة من المصنفين ان يحمل حديث البسملة على الابتداء الحقيقي وان يحمل معنى الابتداء في حديث الحنبلة على الاظافي اي الابتداء بعد ذكر البسملة والجمع بين الحديثين انما هو فرع تصحيحهما وقد بينا ان الحديثين لا يصحان فلا يحتاج الى الجمع بينهما ولا الى توجيه اه ما اشكل من تعارضهما الظاهر ثم قال رحمه الله الحمد لله الذي اعطانا بيانه ووضع الميزان البيان هو باللغة الفصاحة ومعانيه تدور على اصل الكشف والظهور ويقال كلام بين اذا كان كلاما فصيحا وفي الحديث المشهور ان من البيان لسحرا فهو يحمد الله سبحانه وتعالى على نعمه الكثيرة التي من بينها انه اعطانا البيان الذي به نعبر عن مكنونات صدورنا بافضل ما يمكن من الوان التعبير وايضا لنعم اخرى منها انه وضع الميزان والميزان العدل كما ذكر في اضطرة وقد قال الله سبحانه وتعالى ووضع الميزان فذهب جمع من المفسرين الى ان معنى وضع الميزان اي وضع في الارض العدل الذي امر به فيكون خبرا في ظاهره امرا في معناه فليس المقصود مجرد الاخبار بان الله تعالى وضع العدل في الارض وبين الناس وانما المقصود فالامر بذلك وسترى ان الناظمة في هذه المقدمة تعمد ان يورد بعض الالفاظ التي تستعمل اصطلاحا في علم العروض وذلك كالميزان فانه من مصطلحات علم العروض والقافية وذكر بعده في الابيات التي ستأتي العروضة والاسباب والاوتاد والنظمة والدوائر والقوافي فهذه كلها مصطلحات اوردها في هذه المقدمة بمعانيها اللغوية وهي مصطلحات من علم العروض والقوافي الذي هو موضوع هذه المنظومة فهذا يسمى عندهم براعة استهلاك وبراءة الاستهلال ان يكون في الابتداء شيء يشير الى ما سيق الكلام لاجله هذا كما قال السيوطي رحمه الله تعالى في عقود الجمان اه عندما ذكر حسن الابتداء وحسن التخلص وبراعة الاستهلال اه عفوا براعة الاستهلال وحسن التخلص وحسن الختام ذكرها بابيات منها قوله وينبغي نعم وينبغي التأنيق في ابتداء وفي تخلص وفي انتهاء الى ان قال آآ وخيره مناسب للحال وسمه براعة استهلال فبراعة الاستهلال هو ان تأتي في بداية نظمك او كتابك بشيء يناسب الحال اي يناسب ما سيأتي من موضوع ذلك النظم وهم يذكرون ايضا كما ذكرنا براءة الاستهلال في البداية وحسن التخلص اي الانتقال من موظوع لاخر ويذكرون حسن الختام آآ وهذا كله من مباحث علم البديع الذي هو احد علوم البلاغة الثلاثة ثم قال وسمك السماء والسحابا ولا عروض لا ولا اسبابا سمكة اي رفع سمك السماء اي رفعها واشتهر هذا التعبير عند اهل النظم واهل الشعر ومن ذلك قول الفرزدقي في قصيدة له مشهورة يذكرها اهل الشواهد النحوية ان الذي سمك السماء بنى لنا بيتا دعائمه اعز واطول فهم يذكرونه شاهدا على حذف المفضول اي اعز من اي شيء لم يذكر اعز من اي شيء ولا اطول من اي شيء ويذكرون انه اه سئل عن هذا فقيل له لما انشد هذا البيت قيل له اعز من اي شيء فصاد فاء كان المؤذن يقول الله اكبر فقال الله اكبر من اي شيء استفاد هذا المعنى وذكره النحات بعد ذلك شاهدا بهذا الذي ذكرته وايضا جرير يقول ان الذي سمك السماء بنى لنا عزا على فما له من من قل الى اخره وسمك السماء ونحن نتعمد في دروس العروض هذه سواء في هذه السلسلة التي نبدأها الان او في السلسلة الاخرى التي سجل اكثرها فتعمدوا ذكرى شيء من الشعر وذلك لان علم العروض علم جاف ولولا انه متعلق بالشعر الذي هو محبب الى النفوس لما استساغ هذا العلم احد من الطلبة قط انه جاف جدا فالكلام على التفعيلات والدوائر ونحو ذلك ان لم يكن اه فيه شيء من الاشعار الطيبة التي يحبها الاسماع والاذواق لا يستساغ لذلك نتعمد مثل هذه الاستطرابات بين الفينة والاخرى قال وسمك السماء والسحاب السحاب معروف قال فاضطر هو المزن قال ولا عروضا لهما والعروض له معاني المعنى المراد هنا هو العمود المعترض وسط الخبال ولا اسباب اي لا حبال والله تعالى سمك السماء ورفعها بلا عمد ولا حبال والاسباب جمع سبب وهو الحبل وفي القرآن الكريم اذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب وايضا فيه آآ مكان نعم بل كان يظن ان لن ينصر الله في الدنيا والاخرة فليمدد فليمدد بسبب الى السماء ثم ليقطع ثم قال وجعل الارض لنا مهادا والراسيات متنها اوتادا المهاد الفراش قال كالمهد للصبي وقال الله تعالى الم نجعل الارض مهادا والجبال اوتادا هذا البيت مأخوذ من هذا المعنى القرآني لذلك قال وجعل الارض لنا مهادا اي فراشا نتحرك فيها ونسير كيفما شئنا والراسيات متنها اوتادا الراسيات الجبال الثابتات الثابتة في نفسها المثبتة لهذا الارض ان تميزوا متنها او تاب. قال في اضطر اي في ظهرها المتن الظهر وقوله مثنها اي في ظهرها اشارة الى انه نصب متن على نزع الخافض فاصل الكلام في متنها فلما حذف حرف الجر انتصب المتن فقال متنها او تال والاوتاد جمع وتد وهو كل ما يرز في الارض او في الحائط من الخشب فهذه الاوتاد فهذه الراسيات هي كالأوتاد التي اه تثبت بها الارض كما ان الخباء يثبت بالاوتاد ثم قال سبحانه من فاعل مختار يكور الليل على النهار سبحانه تنزيه لله سبحانه وتعالى سبحانه من فاعل مختار ومن هذه بيانية وذلك لصحة اتيان الاتيان بالذي في موضعها فكأنه قال سبحان الله الذي هو فاعل مختار سبحانه من فاعل مختار وسائل المختار لا شك ان الله سبحانه وتعالى يصح الاخبار عنه بانه فاعل مختار. لانه اثبت الفعل لنفسه في مواضع واثبته له رسوله محمد صلى الله عليه وسلم واجمع عليه المسلمون واكثر علماء اهل السنة من الرد على الفلاسفة في انكارهم لكونه سبحانه وتعالى فاعلا مختارا فالفلاسفة يقولون بانه موجب بالذات ونحن معاشر اهل السنة ننكر ذلك ونثبت الفعل لله سبحانه وتعالى وان فعله مرتبط بمشيئته على كل حال هذه من اصطلاحات علماء العقائد وبسطها بعلم العقيدة ثم قال يكور الليل على النهار. التكوير اللف وهو معروف فالله سبحانه وتعالى يأتي بالليل بعد النهار وبالنهار بعد الليل اي كل واحد منهما يغيب الاخر بعد ان يطرأ عليه فشبه بشيء لف عليه شيء اخر فغيبه فهذا التتابع بين الليل والنهار يشبه تتابع اكوار العمامة ونحوها اذا لفت على الرأس هذا وجه هذا التشبيه معناه على ما ذكره بعض المفسرين وقال في الطرة وفيه اكتفاء. ومعنى قوله وفيه اكتفاء اي هذا من مصطلحات علم البلاغة اه يذكرونه في ابواب الحذف فالاكتفاء هو ان يقتضي المقام ذكر شيئين يكون بينهما نوع تلازم وارتباط لكن يكتفى باحدهما عن الاخر لنكتة بلاغية معينة ويذكرون من امثلته قول الله سبحانه وتعالى وجعل لكم سرابيلا تقيكم الحر اي وتقيكم البرد ايضا تقيكم الحرب والبرد فاكتفي بذكر الحر عن ذكر البرد وذكروا له ايضا من الامثلة قول الله سبحانه وتعالى وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم ولهما سكنا اي ما سكن وما تحرك فهذا هو الاكتفاء فهنا اكتفى بذكر تكوير الليل على النهار عن ذكر اه قرينه وهو تكوير النهار على الليل ثم قال ابدى الذي دل علي اي اظهر للناس ادلة وحدانيته وذلك في الايات الكونية المشاهدة وفي الايات القرآنية المتلوة وادلة التوحيد التي بسطها الله سبحانه وتعالى اكثر من ان تحصى عرفها من عرفها وجهلها من جهلها وبسطها في القرآن الكريم ثم في سنة النبي صلى الله عليه وسلم ثم في كتب علم العقائد وعلى كل حال ما كان ذا فطرة سليمة فانه لا يحتاج الى الادلة والبراهين المنطقية والعقلية وانما تلك البراهين والحجج القرآنية كافية باذن الله سبحانه وتعالى قال وبعث الهادي اه الهادي فينا احمدا اه محمد صلى الله عليه وسلم هو الهادي لكنها هدايته هي هداية ارشاد وبيان وليست هداية توفيق ومن المعلوم ان الهداية نوعان هداية ارشاد وبيان وهي التي اثبتها الله سبحانه وتعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم بقوله وانك لتهدي الى صراط مستقيم وهداية توفيق وهي التي نفاها الله تعالى عن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ومن باب اولى عن غيره من المخلوقين واثبتها لنفسه سبحانه وتعالى فقال وانك قال اه عفوا قال انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء النبي صلى الله عليه وسلم هاد بهذا المعنى وبعث الهادي سينا احمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم مؤيدا مؤيدا هذه حال من احمد اي بعث فينا احمد صلى الله عليه وسلم حال كونه مؤيدا منه بقول الباهر. ذكر في اضطر معنى مؤيد قال من الايدي وهو القوة يقال ادم اي قوي وايدته فتأيد اي قويته فتقوى. قال تعالى واذكر عبدنا داوود ذليت قال مؤيدا منه بقول باهر بقول باهر النظم الورى باهر اسم فاعل منبهر يقال بهر القمر النجوم اذا غمرها بضوئه هذا القول الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عند الله سبحانه وتعالى يظهر نظم الورى الورى هم الناس اي هذا القرآن يغمر بضوءه وبنوره وبما فيه من درجات البلاغة والبيان العليا التي تكل دونها يظهر بذلك كل ما للناس من نظم اه ولو بلغ اعلى درجات الفصاحة البشرية قال ليس بنظم الشاعر ولا شك ان الله سبحانه وتعالى قد تحدى العرب بهذا القرآن وقد اشتهر اه في السيرة قصة الوليد بن المغيرة لما ارسله المشركون الى محمد صلى الله عليه وسلم لينظر ما جاء به من القرآن فرجع فقال ما معناه؟ والله ما فيكم رجل اعلم بالشعر مني ولا اعلم برجزه ولا قصيده مني قال والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا وانا لقوله لحلاوة وانا عليه لطلاوة الى اخره فلا شك ان المنصفين من العرب يعلمون ان هذا القرآن ليس شعرا لكن هم من عتوهم وبغيهم وشدة بغضهم لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ومحادتهم للحق بعد العلم به فانهم ادعوا على النبي صلى الله عليه وسلم انه شاعر او كاهن او ساحر الى غير ذلك صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ثم قال وبزحوف ضارب الدوائر ثم القوافي لهم الدوائر اي ان الله سبحانه وتعالى كما ايد رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بالقول والذي هو القرآن ايده ايضا بالقوة ب اه الحديد بالجيوش وهذا كم اشتهر من كلام شيخ الاسلام ابن تيمية وغيره رحمه الله تعالى ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث بالكتاب الهادي والحديد الناصر فالكتاب الهادي هذا ذكره بقوله بقول باهر نظم الورى الى اخره والحديد الناصر هو هذا الذي ذكر في هذا البيت قال وبزحوف جمع زحف وهو الجيش ضارب الدوائر والدوائر جمع دائر والمقصود بها هنا اعلى الرأس ثم القوافي والقوافي جمع قافية والمقصود بها هنا القفا ومنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث يعقد الشيطان على قافية رأس احدكم ثلاث عقد فاذا قام من الليل فتوضأ اه انحلت عقدة الى اخر حديث فالنبي صلى الله عليه وسلم ايد بالصحابة الذين يضربون الدوائر والقوافي وايضا ايد بالملائكة الذين يفعلون نفس هذا السؤال لهم الدوائر يقال الدائرة لفلان على فلان في الحرب اي فلان انتصر على فلان فالذي له الدائرة هو المنتصر والذي عليه الدائرة هو المنهزم لهم الدوائر لذلك قال في اضطراء لا عليهم الدوائر جمع دائرة وهي الهزيمة ثم قال عليه افضل الصلاة والسلام والال والصحب من الله السلام بتسكين الميم فيهما ليكون على وجه مستفعلان في التفعيلة الثالثة من الرجز عن الصواب عليه افضل الصلاة والسلام الكلام عن الصلاة يطول واشتهر ايضا المتأخرين قولهم الصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة الاستغفار ومن ومن الناس او من العباد الدعاء لكن الاصح ان يقال الصلاة ثناء الله في الملأ الاعلى كما اخرجه البخاري عن التابعي الجليل ابي العالية والسلام دعاء باحلال السلامة وبالمباركة بسم الله السلام لان السلام من اسماء الله سبحانه وتعالى ومعناه المتصف بالسلامة من كل عيب هذا في السلام اي سالم في نفسه من كل عيب. وايضا مسلم لغيره اي مسلم للمخلوقين من كل نقص ومن كل عيب ومن كل الى غير ذلك قال عليه افضل الصلاة والسلام والالي اي وعلى الال والان اختلفوا في معناها والاصح ان يقال ان ذلك يختلف باختلاف المقام فان كان المقام مقام دعاء مثلا فالافضل ان يحمل على التعميم فيقال ال النبي صلى الله عليه وسلم كل المؤمنين من امته لكن في غير ذلك من المقامات او ان وجدت قرائن فان المقصود اهله الاقربون وازواجه وذريته من بني هاشم وبني المطلب كما في مقام الزكاة مثلا على الخلاف المشهور بين المالكية والشافعية في ذلك او ان وجدت قرينة كما هنا فانه فصل الصحب. قال والال والصحب فهذه قرينة على ان المراد بالالي ما لا يشمل الصحب فيكون المراد بالالة اذا اه خصوص بذرية محمد صلى الله عليه وسلم وازواجه من بني هاشم وبني المطلب على الخلاف المعروف قال والال والصحب والصحب جمع لصاحب عند بعض عند بعض النحات واسم جمع عند اخرين لانه لا واحد له من لفظه اه اصطحبوا قلنا الصحابة معروفون وقد اه ذكر اهل مصطلح الحديث معنى الصحابي وهو على الصحيح الذي اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم او التقى بالنبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا ومات على ذلك وان تخللته ردة على الاصح كما ذكر الحافظ في النخبة وغيره ثم قال ما قصد اي عليه افضل الصلاة ما قصد وليس المقصود التقييد بوقوع هذا الشيء الذي هو قصد الركب للعروض انما المقصود التأبيد لكن من عادتهم ان يذكرونا مثل هذا فيقولون مثلا صلى الله عليه وسلم ما ناحت على الايك الحمائم مثلا فليس المقصود انه اذا توقفت الحمائم عن عن النوحي فانه ندعو بتوقف هذا الصلاة والسلام. بل المقصود التأبيد. تأبيد الصلاة والسلام على محمد صلى الله عليه وسلم ما قصد العروضة العروض اه قال هي مكة والمدينة وما حولهما ومن شعر لبيد قوله نقاتل ما بين العروض وخثعما اي ما بين اليمن ومكة غير ال قال اي مقصر غير مقصر من الا يألوا الوان اذا قصر فهو ال ركب وهم الجماعة الراكبون يغوص في بحور الال اي في بحور السراب والسراب معروف يكون في الصحراء اي ما قصد مكة والمدينة ركب غير مقصر يغوص في بحور الال اي في بحور السراب ثم قال وبعد ومعناها مهما يكون من شيء بعدما سبق ذكره من البسملة والحمدلة والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فان العروض هذا تقدير الكلام وبعد فالعروض من خير الارض اي من خير الحاجة التي تبتغى وتطلب لانه ميزان اشعار العرب وسيأتي هذا في موضعه ان شاء الله تعالى وتلك الة علوم الشرع فشرف الفرع ففرع الفرع معنى هذا الكلام ان اشعار العرب وسيلة الى فهم العربية والعربية الة لفهم القرآن والسنة فاذا اذا شرف الفرع فان فرع الفرع اي الفرع المتفرع عن هذا الفرع يشرف كذلك ونقل في الطرة قول النووي الاشتغال باشعار العرب من فروض الكفاية لانها يستشهد بها على علوم العربية التي هي من الات علوم الشرع فقال لانه اذا نرجع الى الابيض قال لانه ميزان اشعار العرب وتلك اسم الاشارة هذا راجع الى اشعار العرب اي اشعار العرب الة علوم مش شرعي فشرف الفرع وفرع الفرع ثم قال وقد رأيت قبل ذلك نقول اه لا شك ان علم العروض بما ان الناظمة هنا اشار الى اهميته وثمرته العظيمة لا شك ان علم العروض من العلوم التي ينبغي الاعتناء بها وقد قل المعتنون بها في هذا العصر من المعتنين بعلوم الشريعة من طلبة العلم وانما الغالب على من يعتني بهذا العلم انه من الشعراء لانه يحتاج اليه الشعر ونحن الان لا يهمنا هذا المعنى الثاني الذي هو الاعتناء بعلم العروض لاجل الاعتناء بالشعر والادب. انما الذي يهمنا في الحقيقة هو فائدة هذا العلم وثمرته في علوم الشرع فمن اعظم فوائده انه به نتعرف على صحيح الاوزان من سقيمها وهذا سيأتي ان شاء الله تعالى في بيت للناظم ومن ثمراته حماية دواوين الشعر العربي من التغيير والتحريف لان هذه الدواوين فيها من شواهد القرآن اقصد من شواهد تفسير القرآن ومن شواهد علم النحو والصرف وغيرها ما لا يحصى كثرة ولا شك ان هذه الدواوير اذا عدمت او حرفت فان ذلك يؤثر والعياذ بالله تعالى على فهم القرآن وفهم السنة وغير ذلك من علوم الشرع المفيدة وعلم العروض فائدته في حفظ هذه الدواوين عظيمة جدا وايضا من ثمرات هذا العلم اه نظم متون العلم كما يفعله كثير من الذين يريدون تقريب العلوم الشرعية الى الطلبة وذلك لان النظم ميسر في الحفظ اكثر من النثر فلذلك يعمدون الى بعض الموضوعات العلمية او بعض العلوم الشرعية فينضمونها في منظومات من الرجز او غيرها فيسهل على الطالب استحضار تلك المعاني. وقد بالغ بعض العلماء في ذلك حتى صاروا ينهمون كل شيء تقريبا. حتى لا يكاد يوجد علم من العلوم الا نظموا فيه منظومات بين طويل وقصير وايضا من ثمرات هذا العلم ضبطوا بعض الاسماء والاعلام والمفردات اللغوية الواردة في الشعر وغير ذلك من انواع الثمرات والفوائد التي يتم تحصيلها بهذا العلم ثم قال وقد رأيت الخزرجي قد ذهب له فصاغ فيه نظما من ذهب يقصد بالخزرجي ابا محمد ضياء الدين عبدالله بن محمد الخزرجي الاندلسي الذي توفي سنة ست وعشرين وستمائة و قوله رأيت الخزرجي قد ذهب اي قد قصد له اي قصد هذا العلم طاغ فيه نظما من ذهب والمقصود بذلك المنظومة المعروفة بالخزرجية نسبة الى ناظمها او بالرامزة لانها مبنية على الرموز في التفعيلات والدوائر والبحوث اختصارا فهي في الحقيقة علمها جم وغزير ولكن للأسف صعبة المنال كما سيأتي ومن اشهر شروحها شرح الدمامين المسمى العيون الغامزة على اه خبايا الرامزة قال فصاغ فيه نظما من ذهب قصيدة بديعة بديعة المثالي لكنها بعيدة المنال. فاذا هذه القصيدة بديعة اي محدثة عجيبة لكنها بعيدة المنال لا تدرك بعشرها وكثرة الغازها قال يكاد لفظها يكون لغزا ولا يرى الكلام الا رمزا اللغز هو ما الغز من الكلام اي عمي مراده واضمر على خلاف ما ظهر فيه فقال يكاد لفظها يكون لغزا ولا يرى الكلام الا رمزا. قال في الطرة اصله الاشارة اي الرمز. اصله الاشارة بالشفة او الحاجب او العين ثم ذكر بيتا وهو قوله رمزت الي مخافة من بعلها من غير ان تبدي هناك كلامها ثم قال فجئت اذ ذاك بترجمان يذوب بالمكنون في الجنان لما كانت هذه القصيدة الخزرجية بعيدة المنال لشدة الغازها وكثرة رموزها قال جئت بترجمان وترجمان هذه فيها ثلاث لغات اشهرها لغتان ترجمان بضم التاء والجيم معا وترجمان بفتح التاء وضم الجيم ولغة ثالثة حكاها الجوهري على وزن زعفران اي ترجمان وغلطه بعض العلماء في ذلك. لكن اللغتان الاوليان هما المشهورتان ترجمان وترجمان والترجمان هو المفسر للسان الذي ينقل الكلام من لغة الى اخرى فيقول فانا جئت بهذا الترجمان بهذه المنظومة التي ترجمت فيها معاني ما اراده الخزرجي برامزته يبوح اي يظهر يبوح بالمكنون في الجنان. المكنون من كننت واكننت اي سترت ومنه قول الله سبحانه وتعالى كأنهن بيض مكنون اي مستور من الشمس وغيرها يبوح بالمكنون في الجنان اي في القلب الجنان بفتح الجيم خلافا لما تراه في اه الورقة امامك يبوح بالمكنون في الجنان نظم نظم بدل من ترجمان اي بترجمان نظمن هذا الترجمان ما هو؟ هو نظم نظم جامز لتبيين المراد لتبيين المراد جامز جامد صفة لنظم ويصح ايضا ان تأتي بنظم مرفوعة تقول نظم فيكون عند ذلك نظم خبرا لمبتدأ محذوف. اي هو نظم هذا الترجمان نظم لتبين المراد. لكن نأتي به على الاصل الذي هو تسري آآ بدلا من آآ ترجمان مظم لتبيين المراد جامز الجمز نوع من العدو اه يكون بين العنق والحظر الشديد. فهو نوع من العدو والمقصود به هنا مطلق السرعة. لذلك قال جامز اي مسرع يسفر يقال اسفر الصبح اه اذا اضاء واشرق فهنا المقصود يسفر عن خبئ رموز الرامز والخبء كل ما خبئ فما خبئ من معاني تلك الرامزة هذا النظم الذي اتيت به يسفر عنها يسفر عنه اي عما خبئ وربما فصلت نظمي بدرر لغيره. غصت عليها في زفر فصلت يقال فصل النظمة اي العقد اذا جعل بين كل لؤلؤتين خرزة فتأتي الى العقد ويقال هذا عقد مفصل وهذا تشاهده في بعض ما يستعمل سبحة تجد اللؤلؤة في العقد بين كل لؤلؤتين تجد خرجتان فهذا يسمى تفصيلا مفصل وعقد مفصل والخرجة هذه تسمى فاصلة فيقول وربما فصلت نظمي بدرر لغيره اي ربما اتيت بدرر اخرى لغير الخزرجي غصت عليها في زفر زفر له معاني متعددة المقصود بها هنا البحر كما ذكر في الطرة وسمي البحر بذلك لان له زفيرا وهو صوت معروف سميته اي سميت هذا النظم مجدد العوافي من رسمي العروض والقوافي العوافي من عسى عفا الاثر اذا درس وامنحا والعفاء الدروس والهلاك ومنه قول لبيد في وعلقته عافت الديار محلها فمقامها بمنى تأبد غولها فرجامها والرسم لانه قال من رسمي العروض الرسم رسم الدار اثرها اللاصق بالارض هذا يسمى رسما فكأنه يقول انني رأيت ان دار هذين العلمين وهما العروض والقوافي قد عفا رسمهما فاردت ان اجدده بهذا النظم الذي احيي به هذا العلم و اظهر به ما اه ستر وانمحى من اثاره وفعلا هذه المنظومة رغم عدم شهرتها وقلة تداولها بين الشيوخ فانها منظومة جيدة في الحقيقة لتعلم هذا العلم نعم ثم قال رحمه الله تعالى ومن رأى الخلل اصلح الخلل وقل ما ينجو امرء من الزلل والخلل في الاصل الفرجة واخذ هذا المعنى ثقيلا في رأيه خلل فمن تواضع الناظم انه قال من رأى خللا في هذا النظم فليصلحه فانه قل ما ينجو امرء من الزلل اي من الخطأ وللجواد في الرهان كبوة وللحسام في القراع نبوة الرهان والمخاطرة ولكن اكثر استعمالها في سباق الخيل اي الجواد المتمكن القوي لابد ان تقع له كبوة بين الفينة والاخرى في السباق والكبوة العثرة وللحسام اي الصارم في القراع نبوة والقراع المجالدة بالسيوف ومنه قول النابغة الصبياني ولا عيب فيهم غير ان سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب وهذا من تأكيد المدح بما يشبه الذم وهو من مصطلحات علم البلاغة وللحسام في القراءة نبوة والنبوة من نبى السيف عن الضريبة اذا لم يمض فيها ارتد ورجع ولم يمضي فيها قال واسأل الله الكريم النفع به لمن حصله والرفع اسأل الله تعالى ان ينفع به من حصله والرفع له في درجات في الدرجات في الدنيا وفي الاخرة والفوز اسأل الله تعالى الفوز في وقت الحمام الحتم والحمام هو الموت بنعم الرفع الرفع بفتح الرأن اه الحمام الموت ومنه قول ابي تمام هن الحمام فان كسرت عيافة من حائهن فانهن حمام والفوز في وقت الحمام الحتمي اي اللازم وعلى نفوسنا اي الحتم على نفوسنا اي اللازم والمتحتم على نفوسنا فالجر المجرور على نفوسنا متعلق بالحتم بحسن الختم والفوز في وقت الحمام الحتم على نفوسنا بحسن الختمة. اي والفوز بحسن الختم اي بحسن الخاتمة فنسأل الله سبحانه وتعالى ان يحسن خواتيمنا واسأل الله عز وجل ان ينفعنا بهذه الكلمات و ان يجعلنا ممن يستمعوا القول فيتبعوا احسنه واقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والحمد لله رب العالمين