بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين ذكرت لك بلقاء سابق اهمية القراءة واظنك وصلت معي الى النتيجة التالية لابد لي من ان ابدأ القراءة حينئذ اقول لك في هذا اللقاء لا يمكنك ان تصل الى هذه النتيجة التي تصبو اليها الا بان تصبح القراءة لك عادة ان تعتاد على القراءة ان تدخل القراءة في دائرة عاداتك اليومية التي تحرص عليها وذلك انه لا يمكن ان نعتمد في هذا على الفرض والاجبار فقط بحيث تقول مثلا انا آآ ساقرأ الكتاب الفلاني لانني مجبر على ذلك في اطار البرنامج الدراسي الفلاني في اطار آآ الطلب الذي طلبه مني الاستاذ الفلاني الى غير ذلك لا يمكن ان تعتمد على هذا دائما. بل لابد ان تصبح القراءة عادة. وان يصبح حمل الكتاب لك سجية بحيث تحمل الكتاب معك الحضري والسفر الصحة والمرض بالتفرغ او عند التفرغ وعند الانشغال في جميع احوالك لابد من حمل الكتاب. وهذه حالة كبار القراء القارئ الذي يعد نفسه قارئا تفيده القراءة وينتفع بها حقا هو الذي يحمل الكتاب معه دائما. اذا كان مسافرا فانه حين يحزم امتعة يحمل معه من ضمن ما يحمله كتابا او كتابين او عشرة كتب بحسب طول السفر او قصره. اذا كان مريضا فانه يحمل كتابا يقرأ فيه بحسب ما يلائم حالة المرض التي هو فيها. اذا كان متفرغا فانه يقرأ كثيرا اذا كان منشغلا فانه يقرأ بما تسمح له به اشغاله وهكذا فاذا لابد من تكوين هذه العادة الاصل ان هذه العادة تكون عند الاطفال في البيوت بمعنى ان الاباء يعودون ابناءه القراءة والاصل ايضا ان هذه العادة تنمى فيما بعد في المدارس المدارس عليها ان تنمي ملكة القراءة وعادت القراءة عند التلاميذ وعند الطلبة لكن الاشكال ما هو؟ الاشكال ان كثيرا من الاباء ان لم اقل اكثر الاباء يفرطون في هذا الامر فلا يعلمون ابناءهم كيف يقرأون ولا ما يقرؤون والمدارس ايضا مقصرة من ضمن انواع التقصير التي هي واقعة فيها مقصرة ايضا في تنمية ملكة القراءة خاصة في بلادنا هذه اي في بلادي الاسلامية عموما اذن كثير من الناس ينشأون وهم لم يتربون على عادة القراءة فحين يصلون الى آآ سن معينة يبدأون في فهم اهمية القراءة فيجدون انفسهم هم غير معتادين عليها فهل اقول لامثال هؤلاء فاتكم الركب ورحل الناس وما عاد بامكانكم ان تصنعوا شيئا ولا ان تعتادوا على هذه القراءة النافعة التي ترون ثمارها؟ هل اقول لهم ذلك انتم تعرفون انني لا يمكن ان اقول شيئا كهذا لم يفت الركب وبالمستطاع تحصيل عادة القراءة وهم يقولون قديما انما الطبع بالتطبع. ويقولون انما الحلم بالتحلم والقاعدة العامة ان كل خلق حسن تريد ان تحصله فانك عليك ان تبدأ اولا بتكلفه ثم ما تزال تتكلفه وتجبر نفسك عليه حتى يصبح لك سجية تأتي بها دون تكلف هذه قاعدة عامة. يعني مثلا اذا آآ تصورنا شخصا كذابا اي من طبعه الكذب. لا يعرف الصدق. لم يعتد على الصدق نقول له اصدق واجبر نفسك على الصدق وتكلف الصدق مرة ومرتين ويوما ويومين وهكذا حتى تصل الى المرحلة التي يصبح الصدق لك سجية ويصبح الكذب ممتنعا منك لا تقدر عليه ولا تستطيع لكن حين نقول حين اقول لك باستطاعتك ان تعتاد على القراءة. لا تفهم من ذلك انه امر سهل يسير فانه لا شيء من معالي الامور يأتي بالسهولة. والقراءة من معالي الامور اه عندنا في هذا العصر ثقافة اليسر وثقافة السهولة انتشرت انتشارا بالغا. وهي ثقافة عامة يعني وقد كتبت في هذا مرارا وكتب فيه آآ اه كثير من الفلاسفة الذين تحدثوا عن آآ ثقافة ما بعد الحداثة وذكروا من ضمن ما ذكروه انتشار ثقافة اليسر والسهولة فكثير من الناس الان ما عادوا يستطيعون تحمل المشاق نفسيا لا يستطيعون تحملهم يستطيعون تحملها من جهة الاستعداد البدني الذهني لكن نفسيا صارت عندهم اه المشقة ممتنعة. يقولون لابد من اليسر لابد من السهولة ويغذي هذا اه قوم من الدجاجلة المعاصرين الذين يأتون اليك يقولون لك مثلا يمكنك ان تصبح عالما كبيرا دون صعوبات يمكنك ان آآ تصبح آآ يعني آآ ذكيا من الاذكياء ان تكون آآ ان تحفظ القرآن دون صعوبة ان تتعلم العلم دون صعوبة. ويسترزقون بذلك بطبيعة الحال لأنه يعني يعتمدون على هذا هذه الثقافة المنتشرة عند الناس فاذا اقول لك لابد من شيء من الصعوبة ومن العسر. لا بد ان تتعذب اولا لتتمتع فيما بعد من كانت له بداية محرقة كانت له نهاية مشرقة. بعض السلف كان يقول تعذبت في الصلاة عشرين سنة ثم تنعمت اه بها عشرين سنة اخرى فوالله اني لادخل في الصلاة فاحمل هم الخروج منها. الصلاة نفسها الصلاة من التكاليف الشرعية. والتكاليف الشرعية كلها فيها آآ كلفة اي نوع من المشقة كما يذكر الاصوليون فإذا لابد من ان تصبر ابتداء على فعل القراءة وهذا الصبر انما يكون في البداية اي في السنوات الاولى ثم تعتاد القراءة فتصبح القراءة لك سجية وحينئذ تبدأ في التمتع بالقراءة على انني اقرر لك ان القراءة لا تكون دائما متعة فقد تكون متعة وقد لا تكون يعني في كثير من الاحيان حتى القراء الكبار آآ يعني يجبرون انفسهم على قراءة كتب معينة. لانهم لابد لهم من قراءتها وحينئذ لا يتمتعون بقراءتها كما يتمتعون بالكتب التي يحبونها نعم. فالقراءة لا تكون دائما متعة. لكن على الاقل اذا صارت القراءة لك عادة فجانب المتعة يصبح فيها اكبر من اه جانب المشقة والكلفة. وهذا مثل اه قراءة الكتاب يعني لو قلت لك اقرأ كتابا معينا فالصبر اصعب شيء فيه هو ان تختم ما الكتابة لا ان تبدأه ولذلك اسهل شيء في الكتاب هو بدؤه واصعب شيء هو ما يكون وسط الكتاب فاذا تجاوزت الوسط فالغالب انك يعني يصبح الختم لك ممكنا لانك ترى بعينك الغاية التي تريد الوصول اليها فتسرع نحوها وهذا مثل حفظ القرآن. انا اقول للناس الذين يحفظون القرآن اذا وصلت الى مثلا ثلاثين حزبا من الحفظ فالغالب انك تختم لانك يعني تجاوزت الاصعب لكن الاشكال دائما يكون في الاحزاب الاولى حين تقف عند مثلا خمسة احزاب ستة او حتى عشرة حين تقف يعني يبدو لك المسار طويلا امامك. لكن دائما الصبر هو على الاول. فاذا استطعت ان تصبر في هذه الاوقات الاولى مثلا في القراءة. السنوات الاولى حتى تعتاد فانك حينئذ اه تتمتع فيما يأتي من الأمور سيأتينا ان شاء الله تبارك وتعالى امور تصبح القراءة بها عادة يعني هنالك امور متعلقة بالمقروء نفسه بالوقت وقت القراءة بمكان القراءة بطريقة القراءة بالمنهج اه القرائي المتبع امور كثيرة ستأتينا باذن الله عز وجل. لكن ابدأ بشيء يسير جدا اشير اليه هو انه لكي آآ تعتاد القراءة ابدأ بما تحبه من الكتب. بمعنى بما يلائم الرغبات والميول التي عندك اه احد من نعرفهم يروي عن شيخ من كبار الشيوخ انه في اول امره ما كان يستطيع القراءة فشكى ذلك الى آآ بعض اكابر الشيوخ من آآ عائلته فقال له لا تكلف نفسك بقراءة الكتب الصعبة الكتب العلمية الثقيلة ولكن ارشده الى ماذا؟ الى كتاب الف ليلة وليلة. هذا كتاب يعني خفيف جدا. ولا اظنه يلائم مزاج العصر يعني انا قرأته قديما حين اردت اعادة قراءتي وجدت انه يعني لا يشبع شيئا في ذاتي من المتعة. يعني لكن ربما بعض الناس قد يلائمهم في وقت من الاوقات فارشده الى هذا الكتاب فحين قرأه او قرأ فيه صار محبا للقراءة فانتقل من ذلك الى ماذا؟ الى قراءة الكتب الضخمة والكتب الدسمة حتى صار من كبار القراء ومن كبار العلماء. فاذا اول شيء وهذا يعني فكرة اذكرها لك اه ابتداء هي ان لا تتكلف الكتب الصعبة ابتداء. تأتي الى اه يعني اه مثلا اه تسمع شيخا من الشيوخ يقول الشاطب كتاب مهم وهو كتاب مهم فتقول سابدأ بقراءة موافقة الشاطبي. وانت لست معتادا حتى على قراءة الكتب اليسيرة الصغيرة. يعني تنتقل من حصن المسلم الى موافقات الشاطئ. اه غلط وحسن المسلم كتاب نفيس وموافقات كتاب نفيس. لكن العبرة انهما مختلفان في مقدار الصعوبة ولابد من تدرج معين فهذه الفكرة الاولى لكن هنالك امور اخرى كثيرة تساعد على الاعتياد على القراءة هذا ما سنذكره باذن الله سبحانه وتعالى في لقاءات مقبلة اقول بقولي هذا واستغفر الله لي ولكم والحمد لله رب العالمين