بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه والتابعين. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين انيسنا اليوم كتاب مجمع الامثال لابي الفضل محمد ابن احمد الميداني النيسابوري وهذا الكتاب من كتب الادب التي جمع فيها المؤلف كثيرا من الامثال ورتبها على حروف المعجم ثم يعتني بذكر شرح كل واحد منها ويعزو ذلك لصاحبه ويذكر قصة المثل ان كانت له قصة ويعد هذا الكتاب اجمع واوعب كتاب بالامثال العربية وذلك لجودة تأليفه ولبسط عبارته وايضا لغزارة فوائده حتى ان الامام الزمخشري حين تأمله اه ندم على تأليفه كتابا في الامثال فانه قبل ذلك كان قد الف كتابا سماه المستقصى في الامثال انه قد جمع جميع الامثال العربية لكن حين رأى كتاب الميدان رأى انه افضل من كتابه بكثير في الحقيقة عجائب الدنيا كثيرة جدا ومن اعجبها في نظري قلة عناية الناس اليوم بهذا الكنز اللغوي الضخم واستغناؤهم عنه اما بالامثال التي ياخذونها من اللغات الاجنبية من فرنسية او انجليزية او غيره واما استغناؤهم عن هذه الامثال بالامثال الشعبية العامية. التي صارت تنافس في اذهان الناس امثال العربية التي هي في اعلى قمة ما يكون من الادب العربي الرصين اول ما بدأ به الميداني كتابه مجمع الامثال هو المثل المشهور ان من البيان لسحرا وقد ذكر قصته هنا وذلك في وفود عمرو بن الاهتم والزبرقان بن بدر على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فسأل النبي عليه الصلاة والسلام عمرو بن الاهتم عن الزبرقان. فقال مطاع في ادنيه شديد العارضة مانع لما وراء ظهره فقال الزبرقان يا رسول الله انه ليعلم مني اكثر من هذا. ولكنه حسدني فقال عمرو اما والله انه لزمر المروءة ضيق العطن احمق الوالد لئيم الخال والله يا رسول الله ما كذبت في الاولى ولقد صدقت في الاخرى ولكني رجل رضيت فقلت احسن ما علمت وسخطت فقلت اقبح ما وجدت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان من البيان لسحرا وهذا الذي ذكره هنا الميداني اخرجه البيهقي في الدلائل وغيره وغيره وقوله ان من البيان لسحرا اي ان البيان العربي يمكن ان يكون له اثر كالذي يكون من اثر السحر فالبيان الذي هو الفصاحة والبلاغة شبهها النبي صلى الله عليه وسلم بالسحر في اثره في السامع كما يؤثر عمل السحر على من يخاطب به من الامثال التي ذكرها الميداني ايضا. وانا ارى ان فيها عبرة وفائدة قولهم اوسعتهم سبا واودوا بالابل وقصة ذلك فيما يذكر ان رجلا من العرب اغير على ابله فاخذت فلما توارو عنه صعد اكمة وجعل يشتمهم فلما رجع الى قومه سألوه عن ما له فقال اوسعتهم سبا واودوا بالابل فقال الشاعر وصرت كراعي الابل قال تقسمت فاودى بها غيري واوسعتهم سبا هذا المثل تذكر له قصة اخرى ايضا عن كعب ابن زهير ابن ابي سلمة وهي موجودة في الكتاب لكن في الحقيقة هذا المثل يذكرنا بشيء ذكرناه في حلقة سابقة وهو ما يتعلق بك كوننا قد ابتلينا اليوم بكثرة الكلام وقلة العمل تؤخذ منا كثير من الحقوق نشرد ونعذب ويقتل منا تسلط علينا الوان من الابتلاءات فيكون غاية جهدنا في هذا كله اننا نكثر الكلام والسب والشتم. واما الحقوق انها تضيع مع ما يضيع من الامثال التي ذكرها الميداني في كتابه هذا قول العرب تسمع بالمعيدي خير من ان تراه وقد ذكر قصة هذا المثل فلتراجع هناك الذي يهمنا هنا من الناحية اللغوية ما يوجد في هذا المثل من البحث النحوي هذا المثل يروى على ثلاثة اوجه الوجه الاول لان تسمع بالمعيدي خير من ان تراه وحينئذ فهذه الصيغة لا اشكال فيها اسمع فعل مضارع منصوب بان لان تسمع والمصدر المنسبك من ان مع الفعل المضارع في محل رفع مبتدأ اي سماعك بالمعايدي خير من ان تراه كما في قول الله سبحانه وتعالى وان تصوموا خير لكم. اي صيامكم خير لكم الوجه الثاني او الصيغة الثانية تسمع بالمعيدي خير من ان تراه وهذه الصيغة فيها اشكال لاننا حينئذ نجد الفعل منصوبا لكن العامل فيه وهو ان غير موجود فهذا فيه شذوذ من جهة النحو. كيف يمكن لعامل ان يعمل مع انه محذوف من الكلام الصيغة الثالثة تسمع بالمعايدي خير من ان تراه وحينئذ فهذا لا اشكال فيه من جهة ان الفعل تسمع مرفوع لتجرده عن الناصب والجازم. يبقى الاشكال حينئذ كيف نقول في المبتدأ؟ اي كيف نوجه آآ هذه الصيغة ما المبتدأ في قولنا تسمع بالمعيدي خير من ان تراه؟ وجهوا ذلك بامور لا احبها وان ادخل في تفصيلها الان الى لقاء مقبل باذن الله عز وجل