بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه والتابعين. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين انيسنا اليوم كتاب جواهر الادب في ادبيات وانشاء لغة العرب من تأليف السيد احمد الهاشمي وهذا كتاب مختارات ادبية بدأه باب اول متعلق باصول الانشاء ثم ذكر بابا ثانيا فيه فنون الانشاء المختلفة من المكاتبات والمراسلات والمناظرات والامثال والوصف والمقامات ايات ثم اخيرا ذكر فصلا طويلا عن تاريخ اداب اللغة العربية. وفي هذا الفصل ذكر منتخبات كثيرة من ادب العربية عبر عصورها المختلفة هذا الكتاب نافع جدا في معرفة تاريخ ادب العرب وفي معرفة افضل ما نظمه هم الناظمون وما صاغه الكتاب في ادب العربية من القصائد الجميلة التي ذكرها السيد هاشمي في كتابه هذا القصيدة التي تسمى اليتيمة وهي لمحمد ابن زريق البغدادي. وانما سميت اليتيمة لانه لا يعرف لهذا اعري الا هذه القصيدة الواحدة وتعد هذه القصيدة من اشهر اشعار الحب واللوعة والاغتراب. في تاريخ الشعر العربي كله وهي حقيقة قصيدة جديرة بان تحفظ وان يتأمل في الفاظها وفي معانيها يقول قال محمد بن زريق البغدادي نادما على الافراط في طلب الدنيا وكان قصد الاندلس في طلب الغنى فلم يرجع لبغداد. رحمة الله عليه لا تعدليه فان العدل يولعه قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه جاوزتي في لومه حدا اضر به من حيث قدرت ان اللوم ينفعه فاستعمل الرفق في تأنيبه بدلا من عنفه فهو مضنى القلب موجعه وهكذا تمضي القصيدة على هذا الجرس وعلى هذا الجمال الموسيقي العجيب جدا. من اشهر ابياتها قوله استودع الله في بغداد لي قمرا بالكرخ من فلك الازرار مطلع ودعته وبودي لو يودعني صفو الحياة واني لا اودعه هذه من اجمل قصائد الشعر العربي حقيقة من الشعراء المترجمين في هذا الكتاب الشاعر الفحل ابو تمام وابو تمام له فضائل في الشعر كثيرة جدا وهو احد ثلاثة يعدون على رأس الشعر العربي سارت بذكر شعرهم الركبان. والاخران هما البحتري. وابو الطيب المتنبي كان شاعرا فحلا والى جانب ذلك كان مشتهرا بفطنته وذكائه وسرعة بديهته. وذلك انه في يوم من الايام انشد الخليفة المعتصم قصيدة في مدحه وكان مما قاله فيها يشبه الخليفة ببعض من يضرب به المثل في الوان من الفضائل. فقال اقدام عمرو في سماحة حاتم في حلم احنث في ذكاء اياسي فشبهه بعمرو بن بعد كرب في الاقدام والشجاعة وشبهه بحاتم الطائي في السماحة والبذل وشبهه بالاحنف ابن قيس في الحلم وشبهه باياس بن معاوية في ذكائه وكان الكندي الفيلسوف حاضرا هذا المجلس. فقال ما زدت على ان شبهت الخليفة بصعاليك الاعراب فاطرق ابو تمام هنيهة ثم قال ثم رفع رأسه وقال لا تنكروا ضربي له من دونه مثلا شرودا في الندى والباس فالله قد ضرب الاقل لنوره مثلا من المشكاة والنبراس وهذا في الحقيقة نوع من سرعة البديهة قل نظيره في هذا الزمان مع انه كان كثيرا في الازمنة السابقة. لكن الناس اليوم لا ينشغلون بهذا لقلة تمرسهم باللغة. ولانشغالهم بالوان من التفاهات في ترجمة امرئ القيس ذكر الوانا من الابيات التي ابدع فيها هذا الشاعر المعروف من ذلك قوله في التشبيه كأن قلوب الطير رطبا ويابسا لدى وكره العناب والحشف البالي هو اذا يشبه آآ هذا قلوب الطير التي هي موجودة في وكر هذا النشر فيشبه هذه القلوب بشيئين اثنين. اذا كانت هذه القلوب رطبة فانه يشبهها بالعلاب. والعناب هو آآ نبت معروف له ثمر صغير احمر واذا كانت يابسة فانه يشبه هذه القلوب بالحشف البالي والحشف هو التمر الرديء فهذا النوع من التشبيه يسمى تشبيها ملفوفا ومعنى كونه ملفوفا انه يؤتى اولا بمتعدد وهو المشبه ثم يأتي بمتعدد اخر هو المشبه به. في ذكر المشبه اولا مع كون ذلك آآ مع كون ذلك متعددا فهنا ذكر قلوب الطير حال كونها رطبة قلوب الطير حال كونها يابسة ثم يذكر المتعدد الذي يشبه به وهو العناب اولا ثم انحشف البالي ثانيا عكس هذا التشبيه الملفوف هو التشبيه المفروق. وهو ان يذكر المشبه ومعه المشبه به ثم يذكر ذلك متعددا. كقول الشاعر مثلا النشر مسكون والوجوه دنانير واطراف الاكف عنم فكل مشبه معه قرينه المشبه به. النشر اي الرائحة النشر مسك. والوجوه دنانير اي في بصباحتها يشبه الوجوه بالدنانير. واطراف الاكف اي الانامل عنم والعنم آآ نبت له ثمر آآ اه احمر اللون تشبه به الانامل المصبوغة بالحناء. التشبيه الملفوف والتشبيه المفروق كلاهما من مباحث في علم البلاغة والتشبيه من اهم ما يميز الادب العربي عن غيره من الوان الاداب. ولذلك اعتنى البلاغيون باقسامه وانواعه بما لا مزيد عليه والى لقاء اخر باذن الله تعالى