بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد. وعلى اله وصحبه التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين من الكتب التي انصح طلبة الادب واللغة بالعناية بها هذا الكتاب وهو جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهية وقد جمعه احمد زكي صفوت وذلك في ثلاثة اجزاء وصنه الكتاب الاخر جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهية وهذا في اربعة اجزاء وانا انصحك الا تعتني كثيرا بالنظر في المضامين العقدية الموجودة في في هذه الخطب والرسائل ولا ان تنظر في تحقيق الروايات من جهة الاسانيد. وانما ليكن همك ان تعتني بالالفاظ والتراكيب ودلالة هذه الالفاظ على المعاني. وان تحرص على ان تقرأ هذه الخطب بصوت مرتفع لتمرن لسانك على النطق اللغوي السليم. وكذلك ان تحرص على محاكاة هذه رسائل المجموعة في هذا الكتاب لتقتدي بهؤلاء الكتاب العظام في التعبير السليم عن المعاني التي تجيش في الفؤاد من الخطب المشهورة في تاريخ العربية هذه الخطبة المسماة بالبتراء وهي التي خطب بها زياد بن ابيه حين قدم البصرة وانما سميت البتراء لانه لم يحمد الله في اولها هذه الخطبة من الخطب الفصيحة البليغة يقول فيها اما بعد فان الجهالة الجهلاء والضلالة العمياء والغية الموفية باهله على النار ما فيه سفهاؤكم ويشتمل عليه حلماؤكم من الامور العظام ينبت فيها الصغير ولا يتحاشى عنها الكبير كانكم لم تقرأوا كتاب الله ولم تسمعوا ما اعد الله من الثواب الكريم لاهل طاعته. والعذاب الاليم لاهل معصيته. الى اخر ما ذكر الى ان يقول اني رأيت اخر هذا الامر لا يصلح الا بما صلح به اوله. لين في غير ضعف وشدة في غير عنف الى اخر ما ذكر وانا اريدك حين تقرأ هذه الخطبة وكذلك حين تقرأ امثالها من الخطب خطبة الحجاج المعروفة حين قدم الى الكوفة. اريدك ان تأخذ من هذه الخطب ما من بلاغة وفصاحة وجزالة في اللفظ وقوة في المعاني لكن ارجو الا تأخذ منها اعجابا بما كان عليه هؤلاء لا تظلم من شدة وقسوة وما في هذه الخطب من التهديد والوعيد. بل لنا البلاء والفصاحة وعليهم ما كانوا عليه من الظلم والعسف والبغي في تعاملهم مع المسلمين من القصص العجيبة التي يذكرها اهل التاريخ. ونقلها مؤلف هذا الكتاب قصة ما قبل القادسية حين ارسل المسلمون مجموعة من الرسل الى رستم عظيم الفرس من آآ آآ يعني سعد بن ابي وقاص فمن هؤلاء الذين وفدوا على رستم ربعي بن عامر ربعي بن عامر حين دخل القصة مذكورة في تاريخ الطبري وفي غيره حين دخل على رستم طلبوا منه ان سلاحه فابى ثم قدم على رستم وقد فرشوا له شيئا من امور الدنيا من والوسائد والحرير والديباج وغير ذلك فدخل وهو يزج ذلك كله برمحه حتى جلس. فحين سأله الترجمان فقال له ما جاء بكم قال ربعي الله ابتعثنا والله جاء بنا لنخرج من شاء من عبادة العباد الى عبادة الله. ومن ضيق الدنيا الى ساعتها ومن جور الاديان الى عدل الاسلام. فارسلنا بدينه الى خلقه لندعوهم اليه فمن قبل منا ذلك قبلنا ذلك منه. ورجعنا عنه وتركناه وارضه يليها دوننا. ومن ابى قال قتلناه ابدا حتى نفضي الى موعود الله. قال وما موعود الله؟ قال الجنة لمن مات على قتال من اتى والظفر لمن بقي الشاهد عندنا من هذه القصة عزة ربعي وهو امام عظيم الفرس عزة نفسه واعتداده بايمانه ورباطة جأشه وقوة قلبه لا يهاب احدا الا الله سبحانه وتعالى بل انه يكلم هؤلاء بخطاب الاسلام فيقول الله ابتعثنا لنخرج من ضيق الدنيا الى سعتها ومن جور الاديان الى عدل الاسلام ليتنا نتأمل قليلا في قصة ربعي وفي خطبته هذه وليتنا نستفيد مما فيها من الفوائد الجسيمة العظيمة ذكرت لكم انفا الخطبة البتراء التي يقول فيها زياد ابن ابيه اني رأيت اخر هذا الامر لا يصلح الا بما صلح به اوله. لين في غير ضعف وشدة في غير عنف. واني اقسم بالله لاخذن الولي بالمولى والمقيم بالظاعن والمقبل بالمدبر بالعاصي والصحيح منكم في نفسه بالسقيم الى ان يقول او تستقيم لي قناتكم ما الذي جعل الفعل هنا منصوبا او تستقيم ما الذي نصب الفعل الفعل كما يقول النحات منصوب بان مضمرة وجوبا بعد او واوهى به تكون بمعنى الى وتكون بمعنى الا وذلك كقول الشاعر مثلا لاستسهلن الصعب. او اترك المنى فمن قادت الامال الا لصابر. فقوله لاستسهلن الصعب او ادرك المنى. او هنا بمعنى الى اي اسهلن الصعب الى ان ادرك المنى وتأتي او هنا ايضا بمعنى الا كما في قول الشاعر وكنت اذا غمزت قناة قوم كسرت كعوبها او تستقيم المعنى الا ان تستقيم. ولا يصح هنا ان يقوم ان تكون او بمعنى الى لانه لا معنى لقوله كسرت كعوبها الى ان تستقيم. لان الاستقامة ليست غاية للكسر فهنا اذا او التي تنصب ينصب الفعل المضارع بعدها بان مضمرة وجوبا بعد او وهذه اما ان تكون بمعنى الى واما ان تكون بمعنى الا وفي الشاهد الذي عندنا هنا ارى انه يصح المعنيان. او تستقيم لي قناتكم اي الى ان تستقيم لي قناتكم ويصح المعنى الاخر الا ان تستقيم لي قناتكم فهذه فائدة لغوية مأخوذة من هذه الخطبة البتراء والى لقاء مقبل باذن الله عز وجل