بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين من الالفاظ المستعملة بكثرة في كتاب الله عز وجل مشتقات القنوت من ذلك قول الله عز وجل حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين وقوموا لله قانتين قالوا معناه في صلاتكم قانتين في صلاتكم واختلف الناس في معنى قوله سبحانه قانتي فقال بعض المفسرين من التابعين كالامام الشعبي قانتين بمعنى طائعين وقال اخرون كالضحاك كل قنوت ورد في القرآن فانما يقصد به الطاعة فاذا قانتين بمعنى طائعين. هذان اذا يدوران على المعنى الاول. المعنى الاخر قال مجاهد قانتين بمعنى خاشعين واذا القنوت هو اطالة الركوع والخشوع وقال اخرون من المفسرين القنوت طول القيام كما في قول الله سبحانه وتعالى امن هو قانط اناء الليل ساجدا وقائما وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم افضل الصلاة طول القنوت اخرجه الامام مسلم وغيره وجاء عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قانتين معناها داعين ونحن نعرف ان من الفاظ الدعاء لكنه دعاء مخصوص القنوت وقد ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قناة رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو على رعل وثكوان فقال قوم معناه دعا وهذا هو الاظهر وقال اخرون معناه طول قيامه صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وهذا يدخل فيما يسميه الفقهاء قنوت النوازل ايضا من المعاني قانتين بمعنى ساكتين ودليل ذلك ان الاية نزلت في خصوص المنع من الكلام في الصلاة وهذا مما نسخ من الاحكام فقد كان الكلام نقصد الكلام فيما ليس من قبيل اذكار الصلاة ونحوها من تلاوة القرآن ونحو ذلك. كان هذا الكلام مباحا في صدر الاسلام وقد ورد في صحيح مسلم وغيره عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه انه قال كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة في رد علينا فلما رجعنا من عند النجاشي يعني بعد هجرة الحبشة سلمنا عليه فلم يرد علينا فقلنا يا رسول الله كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا فقال ان في الصلاة شغلا اذا نسخ الحكم وجاء عن زيد ابن ارقم انه قال كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل صاحبه وهو الى جنبه في الصلاة حتى نزلت وقوموا لله قانتين فامرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام اانتم ترون الان ان المعاني كثيرة طائعين خاشعين ساكتين الى اخره. فلذلك قال بعضهم ان اصل القنوت في اللغة هو الدوام على شيء معين ومن حيث كان اصل القنوت في اللغة الدوام على شيء جاز ان يسمى الذي يديم الطاعة قانتا بانه مديم على الطاعة. كذلك من اطال القيامة او القراءة او الدعاء في الصلاة يسمى قانتا الذي يطيل الخشوع والسكوت يسمى قانتا. فكل هؤلاء يسمون قانتين لان اصلا قنوت كما قلنا هو ادامة الشيء المعلم واذا ما جاء في كتاب الله عز وجل من مادة قانتا فهو يدور على هذه المعاني. كما في قول الله سبحانه وتعالى ان ابراهيم كان قانتا كذلك قول الله سبحانه وتعالى امن هو قانت اناء الليل ساجدا وقائما. قول الله عز وجل وكانت من القانطين قول الله سبحانه وتعالى ومن يقنت منكن لله ورسوله مثلا قوله سبحانه فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله الى غير ذلك من مشتقات القنوت كلها تدور على هذه المعاني ذكرناه وهي تدور على معنى الدوام على الطاعة على الخشوع ونحو ذلك بقي لي ان انبه على انه لا يصح لك ان تخلط القنوت بالتاء بالقنوط بالطاء فالقنوط هذا هو اليأس من الخير يقال قنط يقنط قنوطا ويقال ايضا قنط يقنط كما قال الله سبحانه وتعالى فلا تكن من القانطين وقال الله عز وجل ايضا ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون وايضا قال الله عز وجل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله وفي الاية الاخرى وان مسه الشر فيؤوس قنوط فهذا كله يدور على معنى اليأس وهو مذموم اما القنوت فمحمود. فنسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من القانطين وان لا يجعلنا من القانطين من رحمة الله عز وجل واقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته