بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى اثره اهتم بسنته واهتدى بهداه الى يوم الدين ثم اما بعد ايها الاخوة الاكارم سلام الله عليكم ورحمته وبركاته اني احمد الله عز وجل ان جمعنا في هذا المكان الطيب المبارك نتذاكر كتابه سنة نبيه محمد صلى الله عليه واله وسلم ونتفقه فيهما اني احمد الله جل وعلا ان جمعنا في هذا المكان الطيب في بيت من بيوت الله عز وجل في عمل صالح نسأل الله عز وجل ان يجعله خالصا لوجهه الكريم واني في الحقيقة لا اخفي فرحي وسروري بالاجتماع للاخوة الاكارم في هذا البلد الطيب الذي اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يديم عليه خيره وامنه وايمانهم ورخاءهم وان يجعل ذلك عاما لبلاد المسلمين عامة بقدرته جل وعلا ولان كان قال ابو علي يوصي وما عرف الارجاء الا رجالها والا فلا فضل لقرب على ترب فقد صدق في ذلك ان البلاد لا تشرفوا بالترب ولا ترتفع بالحجارة وانما تحب وتعظم في النفوس بساكنيها وقاطنيها من الرجال وما عرها الارجاء الا رجالها وفي هذا البلد الطيب من الاخوة الافاضل والرجال الاكارم من ينوء بحمل بعضهم اهل القرى وذاك من فضل الله عز وجل الذي يمن به على عباده الصالحين اقول ايها الاخوة اننا في هذه الليلة نتذاكر موضوعا عظيما موضوعا ذات شعب وتفصيل كبير انه حديث عن امام قرنت الامامة باسمه وروي في الاثر انه ما من انه يكاد ان تظرب الابل في مشرق الارض ومغربها فلا يجدون عالما الا عالما مدين انه عن امام رفع الله عز وجل ذكره واعلى اسما فاصبح المنتسبون له نسبة تفقه عدد كثير وذاك فضل الله جل وعلا يؤتيه من يشاء انه حديث عن الامام مالك ابن انس رضي الله عنه ورحمه ولو رام المرء ان يتحدث عن كل جوانبه وعن مذهبه وتفصيلها لكان الحديث في ذلك طويلا متشعبا ولكان حديثا الاحاطة به من الصعوبة بما كان ولكن في هذه العجالة وهذه المحاضرة التي كما قال الاخوة يلزم الا تجاوز اربعين دقيقة سيكون حديثنا عن ثلاث تعب ساخص الشعبة الاولى من هذه الشعب الثلاث عن مواقف من الامام مالك رحمه الله تعالى في طلب العلم بخصوصه ثم فيكون الحديث الثاني عن مذهبه رحمه الله تعالى وما تميز به وما خص فيه وسالسها عن التمذهب بهذا المذهب او بغيره من المذاهب وموقف اهل العلم من ذلك الطريق اما الامر الاول وهو الحديث عن الامام مالك فان الامام مالكا رحمه الله تعالى الحديث عنه حديث عن بحر لا ساحل له وعن جبل عظيم يصعب مرتقاه ويسهل النظر اليه بانه كان في زمان ادرك اهل زمانه التابعين ومع ذلك فاق علمه كثيرا من نظرائه وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء حتى لقد جاءه بعض طلابه قاصرين له من العراق واخرين قاصدين له من بلاد الاندلس لا رغبة لهم الا بهذا الامام راغبين علمه وراجين النهلا من معيب فضله وروايته ووقفاتي مع هذا الامام واثاره وقفات لطالب العلم ليستنير بها لينال من العلم بعضا وذكر الصالحين منا هو محبب للصالحين وخصوصا اذا كان اولئك الصالحون قد جمع الله عز وجل لهم بين خصيصتين قصيصة العلم وخصيصة العبادة وهذان استماعا للامام مالك فقد ذكر الامام الذهبي رحمه الله تعالى ان الله عز وجل قد جمع لمالك خمسة امور قل ما تجتمع في غيره منها الاتفاق على علوه في الحديث وثقته في الرواية ومنها ما اتاه الله عز وجل من الفهم والفقه وحسن النظر في الادلة ومنها ما جعل الله عز وجل له من وفرة العقل وحسن الفهم والتصرف في الامور فانه كان عاقلا لبيبا رحمه الله تعالى ومنها ما اتفق عليه الناس من ديانته وسمته وحسن تبتله وعبادته لله عز وجل وهذه الامور قل ما تجتمع لامرئ في هذا الزمان بل وما قبله من الازمنة وقد ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى انه ان الله عز وجل اذا جمع لامرئ بين العبادة والعمل واعني بالعمل العمل بين العبادة والعلم واعني بالعلم العلم باحكام الله عز وجل فان هذا من اندر ما يكون يقول العلامة ابن القيم فاذا رأيت شيخا قد جمع الله له بين العبادة والعلم والصلاح والفقه تعظم عليه بنواجدك واقبض عليه بيديك كلها فانه كالكبريت الاحمر قلة في اهل الزمان قاله ابن القيم في القرن الثامن من الهجرة اقول ان من المواقف عن الامام مالك رحمه الله تعالى وابدأ بهذا الموقف انه قد ابتدأ طلبه في سن صغيرة فذكروا عنه انه لما بلغ الثالثة عشر من عمره اشارت عليه امه بطلب العلم والحديث او سألها ذلك فاتت اليه امه فعممته والبسته ثيابا طيبة وطيبته ثم قالت له الان اذهب للمسجد واطلب العلم في حلقاتي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي هذه القصة لنا معها وقفات الوقفة الاولى ان الله عز وجل يبارك في من طلب العلم في صغره ويرزقه من التوفيق والسداد ما لا يرزقه من طلب العلم في الكبر وقد ذكر العلامة جلال الدين السيوطي في مقدمة كتابه الاشباه والنظائر كلاما نفيسا طيبا لمن طلب العلم في صغره وكيف ان من اجتهد وجد في صغره فهو الموفق باذن الله عز وجل وليس معنى ذلك ان المرء في كبره لن ينال شيئا بل ان تاريخنا مليء باقوام لم يطلبوا العلم الا على كبر اما ابو محمد ابن حزم الذي ملأ ذكره الاسماع ولا ابو بكر قفال من اهل خراسان الا اقوام قد طلبوا العلم وقد جاوزوا من العمر سنين كثيرة ولكن في الغالب انما يرزق المرء التوفيق وعلو القدم والكعب في العلم اذا اتجه للعلم صغيرا وفي الغالب لا يتوجه المرء صغيرا الا بتوجيه من والديه الوالدان لهما الفضل بعد الله عز وجل في ذلك وكم من اب وجه ابناءه لطلب العلم ودلهم عليه وحثه على تحصيله فكان ذلك سببا لرفعة ابنائه وبعد ذلك رفعة لابيه فان الابناء بركة على ابائهم اذا وفقهم الله عز وجل فها هي ام الامام ما لك تطيب ابنها وتحثه على الحضور لحلق العلم ليتعلم ويتدرس فكان الامام مالك رحمه الله تعالى علما بتوفيق الله عز وجل قبل كل شيء ثم بارشاد امه ودلالتها له لطلب العلم ومن اعجب القصص في حث الاباء الابناء على طلب العلم ما ذكره اهل السير عن ابي الوقت السجني وهو من اعلى الناس اسنادا في صحيح البخاري انه قال ان الله عز وجل قد بارك لي في رواية صحيح البخاري بسبب حث ابي لي على طلب العلم وذكر انه لما خرج من سجستان طلبا لرواية هذا الكتاب العظيم اعني صحيح البخاري خرج هو وابوه فكانا يمشيان في الطريق وانما منعهم من الركوب ذات اليد وقلة المال عندهم قال فكنت في مبدأ الطريق اشتكيت لابي التعب فامرني والدي ان احمل معي صخرتين قال فلما سرت فراسخ معينة اشتكيت له تعبا اكثر فامرني بان ارمي احد الصخرتين عن ظهري فلما رأيت الثقل قد خف عني نشطت بعض الشيء فمشيت حتى تعبت فلما اشتكيت له التعب امرني ابي بان ارمي الحجر الثاني عن ظهري فنشطت بعض شيئا او فنشطت بعض الشيء فمشيت فراسخ بعد ذلك ثم اشتكيت التعب فامرني ان اركب على ظهره فسار فسار بابي وهو حامل لي على ظهره حتى وصلنا الى تلك البلاد قال ابو الوقت فرويت صحيح البخاري فكان اسناده من اعلى الاسانيد وهو الذي اعتمده اليونيني في نسخته وهو من تلاميذ الشيخ تقي الدين وهذه النسخة هي الموجودة في ايدي الناس الان وهذا من بركة العلم فان من طلب العلم في صغره رزقه الله عز وجل التوفيق فيه والسداد في كبره ومن مواقف من الامام مالكا رحمه الله تعالى في طلب العلم انه كان رحمه الله تعالى يبذل فيه جهده ولا يأخذ فيه راحة ولا فسحة فذكر القاضي عياض ان اهل المدينة لما انصرفوا مرة من صلاة عيد قال الامام مالك في نفسه اليوم يكون محمد بن شهاب الزهري لا قاصد له لان اليوم يوم عيد والناس مشغولون بعيدهم وفرحهم قال فاتيت بابه وجلست عند عتبة داره فجلست هنيهة فاذا بجارية له تخرج فرأتني فقال هل عند هل عند الباب احد فقالت له نعم انه مولاك الاشقر وكانت تظنه مولى له من كثرة ملازمته اياه فادخله محمد بن شهاب الزهري رحمه الله تعالى عنده فجلس معه واسمعه اربعين حديثا فحفظها وكذا طالب العلم لا يكل ولا يمل ولا يتعب ولا يجهد من طلبه من طلبه العلم ومن تعب في طلب العلم في اول عمره رزق فيه السداد في اخره وقد قال محمد بن شهاب الزهري شيخ الامام مالك وقد روى عنه حديثا فكان من رواية الاكابر عن الاصاغر قال العلم ان اعطيته كلك اعطاك بعضا العلم عظيم عظيم حجمه بعيد ساحله يحتاج من المرء تعبا وبذلا وها هو عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حبر هذه الامة وترجمان قرآنها كان يأتي الى بيوت كبار الصحابة فيبيت عند عتباته ويمسك بخطام دابة معاذ ابن جبل رضي الله عنه فيقول له معاذ يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم اتفعل هكذا وانت ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم فلو اذنتنا لاتيناك فقال له ابن عباس رضي الله عنهما انا كذلك نفعل بعلمائنا المرء اذا بذل نفسه لشيخه واعطاه وتحمل غضاضته وصبر على ذلك فان هذا هو الذي يرزق العلم لذلك جاء ان مالكا قد ذكر ان شيخه نافع مولى عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما ونافع كان اصبحيا من بني اصبح من حمير ونافع مولى من موالي عبد الله ابن عمر قال كنت اتبع نافعا واتتبعه في ازقة الطرقات فاذا التفت هبت ان اسأله عن حديث من احاديث عبد الله ابن عمر حتى يصل الى بيته واعلم انه قد رضي مني بان اسأله فاسأله فاسأله حديثا او حديثين اكتفي بهما في يومي كله فالمقصود ان المرء يحرص على ان يكون كهذا الامام العظيم بادلا لعمره ووقته في تحصيل هذا العلم ومن المواقف العظيمة من هذا الامام العظيم اعني الامام مالكا رحمه الله تعالى ما ذكر عن نفسه انه تفقه على ربيعة بن عبد الرحمن ثم تفقه على ابن هرمز قال فمكثت عنده ثماني سنين لا اعرف شيخا غيره ومن هذا الاثر نستفيد ان المرأة في اول طلب علمه وحداثة سنه وشرح شبابه انه يحرص على عدم الاكثار من مشايخه وعلى عدم الاكثار من النظر في الكتب فان الامر فان المرء في اول عمره يتشتت ذهنه ولا يستطيع ادراك كل ما كل ما يقال له فاذا كان له شيخا واحدا ومعلما فردا فانه يكون بامر الله عز وجل سببا للتوفيق فاذا رزق من العلم نصيبا ونال منه حظا زاد من الاشياخ بعد ذلك وهذا ما كان يوصي به مشايخنا وهو معروف عند اهل العلم منذ القدم ان المرأة اذا ابتدأ في طلب العلم الا يكون له من المشايخ الا واحدا حتى تستوي سوقه ويقوم على ساقه ثم بعد ذلك ينتقل في القراءة لان كثيرا من طلبة العلم يبتدئ بقوة على غير هدى ايكون كالمنبت يا ارض انقطع ولا ظهر الابقى ومما جاء عن الامام مالك رحمه الله تعالى في مسألة طلب العلم ان رجلا من قريش جاءه فقال يا ابا عبد الله اني اريد ان اسمع عليك الحديث فقال له الامام ما لك رحمه الله تعالى يا ابن اخي تعلم الادب ان الناس احوج للادب منهم الى العلم فاذا تعلمت الادب فعليك بالعلم الادب هو الخلق وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ان احظ الناس بمجاورته صلى الله عليه وسلم في الجنة اكرم الناس اكرمهم خلقا فثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال كما في المسند وغيره انا زعيم ببيت في اعلى الجنة لمن حسن خلقه والنبي صلى الله عليه وسلم مقامه في اعلى الجنة في الفردوس الاعلى في مقام لا يكون الا لشخص فمن كان دونه فهو في اعلى الجنة وهو مجاور له فطالب العلم يلزمه ان يحرص على تعلم الادب والناس للادب احوج منهم لكثير من العلم لان الادب هو الاصل فاذا كان المرء ذا خلق وذا عقل فانه يوفق بامر الله عز وجل لشيء كثير ومن الامور التي ذكرها الامام مالك لطالب العلم انه قال يجب على طالب العلم ان يكون وقورا معروفا بالعبادة معروفا بقيام الليل وان يكون له حظ من العبادة وهذا موافق لما اثر عن ابن عم مسعود رضي الله عنه كما عند الدارمي باسناد جيد انه قال يجب على صاحب القرآن ان يعرف بليله اذا الناس نائمون وبنهاره اذ الناس مفطرون وبصمته اذ الناس خائبون وبذكره اذا الناس ساكتون فطالب العلم لكي يوفق عليه ان يثبت علمه العبادة وبالتهدد ان يجعل له وردا من الليل ووردا من كتاب الله عز وجل يقرأه في كل يوم ويجعل له من ابواب الطاعات ما يكون معينا له بامر الله عز وجل على تحصيل العلم وقد جاء في قول الله عز وجل انما يخشى الله من عباده العلماء ان العالم على الحقيقة هو من خشي الله وخافه واتقاه وخشيته سبحانه وتعالى يدل عليها ان يكون المرء جعل له من العبادات ما يدل على صدق الخشية في قلبه وقد جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال انما العلم الخشية انما العلم الخشية العالم على الحقيقة هو من خشي الله عز وجل وخافه واكثر من عبادته جل وعلا والانقطاع اليه والتبتل له سبحانه وتعالى ومما جاء عن الامام مالك رحمه الله تعالى في مسألة العلم ما ذكره عنه سفيان ابن عيينة فانه قال ما رأيت اشد من الامام مالكا رحمه الله تعالى بالبحث عن الشيوخ انه كان لا يسمع العلم الا عن اهل العلم الكبار قد ذكر الامام مالك عن نفسه انه قال ادركت كذا وكذا من المعممين في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لو اؤتمن احدهم على قناطير من ذهب لاداها ما اخذت عنهم من العلم شيئا وكان يقول رحمه الله تعالى ان هذا العلم دين انظروا عمن تأخذون دينكم نعم ان هذا العلم الشرعي دين فلينظر المرء عمن يأخذ يأخذ دينه ومن خصائص هذا الدين انه يؤخذ عن الاشياء وان يكون الشيخ وان يكون الشيخ موفقا مسددا لذلك في مقدمة صحيح مسلم عن عبد الله ابن المبارك رحمه الله تعالى انه قال الاسناد من الدين فان قيل عمن بقي المرء يحرص ان يكون شيخه لا تقى لله عز وجل وان يكون ذا خشية له سبحانه وتعالى وان يكون صالحا وعلى هدى وعلى سنة وان يحرص ان يكون شيخه متوسعا متبحرا في العلم كما كان الامام مالك رحمه الله تعالى يحرص على الانتقاء في اشياخه فلا يخلو من الاشياخ الا من كان ذا دين وعلم وسنة وهدى لذلك لما جاءه بعض اهل الاهواء امتنع الامام مالك رحمه الله تعالى من مجالسته فقال له بعضهم نكلمك ولو بكلمة فقال ولو بربع كلمة فيحرص المرء على اختيار اشياخه علما وهدى وتقى ومن سيرة الامام مالك في طلب العلم انه كان رحمه الله تعالى يوقر كبار العلماء ويجلهم ويعظمهم وقد جاء عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما انه قال ان من بركة ان من ان من بركة هذا العلم ان يؤخذ عن ان يؤخذ عن الاكابر وروي بنحوه عن ابن مسعود رضي الله عنه يقول الامام مالك رحمه الله تعالى ما افقيت ولا جلست في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شهد لي سبعون معمما ممن يجلس على سواري مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم اني اهل للفتوى قال ابن ناصر الدين عندما الدمشقي عندما ذكر هذا الاثر قال ولم يكن يتعمم في ذلك الزمان الا الفقهاء تنظر كيف ان الامام مالك رحمه الله تعالى عرف قدر اشياخه ولم يتقدم بين يديهم ولم يتصدر للفتية ولا التدريس حتى شهد له اهل العلم بذلك ولا يعرف الفضل الا اهله ولا يعرف الجود الا اهل الجود هكذا العلم لا يعرفه الا اهل العلم من الفقهاء ونحوه وهذا قيد من فيض من سيرة هذا الامام المبارك الذي جعل الله ذكره ملء السمع والبصر وجعله يطير بين المشرق والمغرب حتى كان في عصره تلامذة له في اصقاع الدنيا وهو لم يجاوز بلده وهذا لعله صدقا في نبوءة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ان صح اسناده توشك اكباد الابل ان يضربوا فلا يجدوا الا عالما مدينا هذا هو اول الشعب الثلاث التي ساتكلم عنها والشعبة الثالثة الشعبة الثانية مما اردت الحديث عنه هو عن مذهب الامام مالك رحمه الله تعالى واصوله الامام مالك ميزه الله عز وجل بميزات ليست بغيره فمن ذلك انه ادرك طبقة التابعين وقد جاء عن بعض المحدثين انه قال ان مالكا رحمه الله تعالى ادرك نحوا من ستين تابعية فيكون بذلك داخلا في الحديث الصحيح عن المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما قال خير خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم والمحققون من اهل العلم يبينون ان المراد بالقرن هم الطبقة من اهل الزمان افضل الناس طبقة الصحابة الذين ادركوا النبي صلى الله عليه وسلم وهم قرنه ثم تابعوهم ثم تابعوا تابعيهم والامام مالك رحمه الله تعالى ممن حاز الصفقة في ذلك وادرك فضل هذا الحديث وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء الامام مالك رحمه الله تعالى من ميزاته انه كان معظما للسنة مبجلا لها حتى انه جاء انه حتى جاء عنه انه كان لا يحدث بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الا وقد تطهر وتوضأ وتطيب ثم جلس مجلسه مستويا مستقبلا القبلة ويقول اني استحي ان احدث بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على هيئة على هيئة غير هذه الهيئة كان الامام مالك رحمه الله تعالى من تعظيمه لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم اثرت عنه كلمة حتى غدت مثلا سائرة وقولا رائجا بين الناس حينما قال رحمه الله تعالى كل يؤخذ من قوله ويرد الا صاحب هذا القبر يعني نبينا محمدا صلى الله عليه واله وسلم بميزات هذا الامام العظيم تعظيمه للسنة اجلاله لها واكباره اياها وحرصه على روايتها وعلى تعليمها وعلى بذلها والخير كله في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كيف لا وهما وحي من الله عز وجل كما قال ربنا جل وعلا وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى فسنة النبي صلى الله عليه وسلم من وحي الله عز وجل له لكنها دون القرآن منزلة ولا شك القرآن متعبد متعبدون بلفظه دون السنة. وانما هي من وحي الله كما قال الله عز وجل قلب المؤمن المتبع فلذا المؤمن المتبع للامام مالك على الحقيقة هو المعظم للسنة المبجل لها الذي اذا جاءه شيء من سنة المصطفى صلى الله عليه واله وسلم قال على العين والرأس سمعا وطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم من خصائص مذهب الامام مالك ان الامام ما لك رحمه الله تعالى كان على طريقة السلف الصالحين المعتقد كان ينهى عن علم الكلام وكذا كان اصحابه فمحمد بن وضاح وابو بكر الطرطوشي غيرهم من متقدمي اهل العلم وابن ابي زيد القيروان والقاضي عبدالوهاب وابو بكر الابهري وابن القصاب وغيرهم ابن عبدالحكم وغيرهم من الاجلة الائمة العظماء الكبار كان لهم مواقف عظيمة دروس مستفادة جليلة في حرصهم على هذا الدين وعلى انكار المحدثات فيه وهذه ميزة عظيمة كما ذكر محمد ابن محمد الراعي الاندلسي ثم المصري في كتابه انتصار الفقير السالف بترجيح مذهب الامام مالك فانه ذكر ذكر ان من ميزات مذهب الامام مالك ان متقدم او ان الامام مالك ومتقدم اصحابه كانوا على على السنة والهدى ولم يكن يدخل فيهم من الاهواء شيئا مطلقا مذهب الامام مالك على طريقة اهل العلم جميعا في تقديم الكتاب والسنة اولا فهما حجة عنده واصول الامام مالك رحمه الله تعالى مدونة عند اصحابه وهل نص عليه الامام مالك ام لا يرى ابو بكر ابن العربي والقاضي عياض رحمهما الله تعالى ان الامام مالكا رحمه الله تعالى قد نص على اصوله في كتابه الموطأ ولكن الجمهور من فقهاء المالكية يرون ان مالكا لم ينص على شيء من اصوله وانما استقرئت استقراءا الاصول المتفقة عليها بين علماء المسلمين في اصول الاستدلال هي الكتاب والسنة والاجماع والقياس وكل هذه الامور اربعة نص عليها الامام مالك رحمه الله تعالى في كتاب الموطأ ولكن مالكية استنبطوا من طرائق وكلام الامام مالك رحمه الله تعالى اصولا تزيد على هذه الامور الاربعة منها ما يسمى اولا بالعمل المطلق ان الامام مالكا رحمه الله تعالى كان يرى ان عمل اهل المدينة اي في زمنه هو حجة لانهم جمع يرمون عن جمع عن ابناء المهاجرين والانصار الذين ادركوا النبي صلى الله عليه وسلم فكان ما تواتر بينهم واستفاض عندهم من عمل فانه يكون حجة يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وقول الامام مالك رحمه الله تعالى في عمل اهل المدينة هو من السنة اذ كان مالك رحمه الله تعالى قد ادرك التابعين فكان في عصره عمل اهل المدينة قريب من السنة. لذا كانت اصول الامام ما لك رحمه الله تعالى من اقرب الاصول الى السنة ومما اختص بهما اصول مذهب المالكية ما يسمى بمراعاة الخلاف وهذا الاصل انما يوجد عند فقهاء المالكية والحنابلة فقط فانهم يعنون بمراعاة الخلاف والاهتمام بذلك اهتماما بينا ولمراعاة الخلاف حالات اما قبل الافتاء واما بعده واما حال الوقوع النازلة واما قبله ولذلك تفصيل مبين في كتب الاصول ومن اصول المالكية التي تفردوا بها ولم يوافقهم عليها الا بعض فقهاء الحنابلة العناية الاستصلاح عناية بينة فانهم يعنون بالاستصلاح والمصلحة ويجعلون لذلك مبحثا طويلا مفصلا ومن خصائص هذا المذهب ايضا انهم في قول جماهيرهم كما قال عبد القادر الفاسي في كتاب رفع العتاب والمنام انهم يرون جواز الافتاء للضرورة والعمل بالقول الضعيف ولا يرى هذا المذهب الا فقهاء المالكية والحنابل هذه بعض اصول المالكية وقد عدها بعض المتأخرين سبعة عشر دليلا وانما اردت الاجازة والاختصار في ذلك لتكون مقدمة بين حديثنا في الغد في شرح كتاب الرسالة لابن ابي زيد القيرواني عليه رحمة الله تعالى الامر الثالث والاخير وبه اختم حديثي الليلة وهو مسألة التمذهب وهل يصح ان يكون الشخص متمذهبا ام لا هذه المسألة وهي مسألة التمذهب مما كثر فيه الحديث مؤخرا وقال فيهم التناظر والمجادلة واهل العلم رحمهم الله تعالى منذ القرن الثالث الهجري والى عصرنا هذا وهم يعتمدون التمدد والفائدة من التمذهب امور الأمر الأول ان التمذهب والانتساب لاحد من المذاهب الاربعة المتبوعة يكون سببا للتفقه وقد ثبت في الصحيحين من حديث ابي هريرة وعند اهل السنن من حديث ابي الدرداء ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من سلك طريقا يلتمس به علما سهل الله له طريقا الى الجنة قال اهل العلم وقول النبي صلى الله عليه وسلم طريقا هي نكرة في سياق الاثبات والنكرة في سياق الاثبات تعم عند كثير من الاصوليين فدلنا هذا الحديث على ان العلم له طرائق متعددة ووسائل مختلفة كلها تؤدي للنتيجة المرجوة وهو العلم ومن هذه الوسائل العظيمة التي ارتضاها العلماء قرونا متطاولة وسنين متعددة التفقه عن طريق المذاهب المتبوعة ان المذهب قد حررت اصوله وخصوصا المتبوعة اعن الاربعة قد حررت اصولهم وبينت معالمه وتتابع العلماء في تحقيق مفرداته وفروعه حتى لا تكاد يخرج فرع عن اصله ولا يشد ولا تشد مسألة عن مناطق وهذا يدل على موافقة هذه المسائل العشر فطالب العلم يبتدأ بمذهب يسير عليه اهل بلده فيتفقه به ويتعلموا عن طريقه ثم بعد ذلك ان وفقه الله عز وجل وصح له النظر فانه يجتهد بعد ذلك لذلك يقول اهل العلم رحمه الله تعالى ان المرء اذا رأى من التفقه في دين الله عز وجل فان اول ما يثق فان للتفقه ثلاث طرائق وقالوا ونحذرك من الرابعة ان المرأة اول ما يبدأ به فانه يبدأ بالتعليق ثم يتبع التعليق اذا انتهى من التعليق يتبعه بالتحقيق ثم اذا انتهى من التحقيق يتبعه بالتدقيق قالوا واياك واياك والتلفيق فانه لا يكسب المرء فقها ولا ملكا قولهم اول ما يبدأ به المرء بالتعليق اي ان يتعلم المرء فروعا مجردة ليستظهر المسائل ويعرف النظائر ويحيط بكل المسائل في جميع ابواب الفقه وبعض طلبة العلم لا يبتدأ بذلك اتراه مجدا فاهما في بعض ابواب العبادات فاذا جاءته المعاملات او سئل واستطرق مسائل في الجنايات رأيته غير عالم بها والسبب انه ابتدأ ابواب العبادات من غير تعليق والعمر قصير والعلم كثير فاذا عرف المرء المسائل مجردة عن الادلة انتقل بعد ذلك لمعرفة هذه الفروع بادلتها وهذا ما يسمى بالتحقيق فيأخذ المسألة بدليلها والفرع بتعليمه فيعرف الحجة فيه ثم ينتقل بعد ذلك لمرحلة ثالثة وهو ما يسمى بالتدقيق فيعرف المسألة بدليلها مع الخلاف سواء كان الخلاف عاليا او نازلا ونعني بالخلاف العالي ان يعرف خلاف الائمة الاربعة المتبوعين او خلاف الصحابة الائمة المبجلين المتقدمين ونعمل بالخلاف النازل الخلاف في داخل المذهب او عند نفسنا المتأخرين من اهل الزمن قالوا واياك من التلفيق فان الترفيق لا يكسب المرء فقها ولا تفقها وانما يصح التلفيق في الاجتهاد والفتوى فحسب فالمرء عندما يتفقه عن طريق الفتاوى والاخذ من زيد وعمرو ونحو ذلك انه لا يكتسب ملكا واني اريد ان ابين امرا مهما وهو ان الفقه ملكة لا يكتسبه كل امرئ الا بتعب وجد ومن اعظم ما قيل في ذلك ما جاء عن الامام سحنون او سحنون او سحنون فان سين اسمه تنطق مثلثة بالظم والكسر والرفع بالرفع بالرفع والفتح والكسر كان رحمه الله تعالى فقيها مبجل حتى عد ثالث فقهاء المالكية رحمه الله تعالى من هو فقيه القيروان وامامهم في ذلك الباب كان رحمه الله تعالى من شدة فقهه قال بعض اصحابه انه لو فصد لخرج مع دمه شيء من الفقه وهذا للملكة التي جعل جعلت له والفقه لا ينال الا بالتربة كما كما قال القباب من فقهاء المالحين المقصود ان الفقه لابد له من بذل وجهد ولا يناله المرء الا بعد توفيق الله عز وجل. والمرء في والحديث في ذلك يقول اعود لحديثي الاول فاقول ان التمذهب فائدته الاولى انه طريق للتفقه وهو طريق جربه علماء كثر سلك هذا المسلك كثيرون فنجح معهم هذا الطريق وما كثير من الاعلام الامة وفقهائها الا ابتدأوا بهذا الشيء الامر الثاني الفائدة من التمذهب بعد ان يكون سببا للتفقه والتعلم ان المرأة لابد وان يقف احيانا الا يحير جوابا ولا يحسن اختيارا في مسألة ومن ذاك الذي يجتهد في كل مسألة فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم وقد ادركوا الوحي ورأوا النبي صلى الله عليه وسلم يتوقفون في المساء بل ان الامام مالكا رحمه الله تعالى سئل مرة عن ستين مسألة فاجاب فيها كلها بلا اكل وكذا اثر عن الامام الشافعي وابي حنيفة واحمد فالمقصود انه ما من امرء يجتهد في كل المسائل ولا يصح له النظر في جميعها فاذا كان المرء متوقفا والوقف كما قال سيف الدين الامري ليس مذهبا فما يفتي به المفتي وما يقوله المعلم اذ ذاك وهو متوقف في المسألة فحين اذ لا بد ان نرجعه لاصل ويفتي بما بمذهبه الذي تفقه به ايكون الفائدة من التمذهب في هذه الحالة؟ ان يفتي حالة وقوفه والناس بين مقل ومستكثر في هذا الباب وكلما زاد المرء علما كلما زاد توقفه ويعجبني كلمة للامام الشافعي رحمه الله تعالى فانه كان يقول كلمة معناها ان العلم اربعة مراحل المرحلة الاولى وهي اقصرها من نادى وتحصل عليها ظن انه اعلم الناس والمرحلة الثانية اذا نالها المرء علم انه قد فاته شيء من العلم قال واما المرحلة الثالثة فان المرء اذا نالها علم ان ما فاته من العلم اكثر بكثير مما نام وان ما لم يحصله اضعاف مضاعفة لما علم فحينئذ يخاف ويهاب ولا يتجرأ على فتوى ولا يقدم على ولا يقدموا على اجتهاد الا بعد تردد واستخارة ورجاء لله عز وجل قال واما المرحلة الرابعة فانه لا ينالها احد ولا يتحصل عليها متحصل المرء اذا رأيته وقافا عند الكتاب والسنة حريصا على عدم الاستعجال في الفتوى تعلم ان هذا دليل على دينه اولا وعلى سعة علمه ثانيا جاء ان الامام احمد رحمه الله تعالى كان كثيرا اذا سئل قال لا ادري لا ادري فسئل تلميذ تلميذه ابو بكر الاكرم رحمه الله تعالى لما كان الامام احمد رحمه الله تعالى يكثر من لا ادري قال لعلمه بالخلاف فاهل العلم اذ كانوا يحذرون من ترك لا ادري ومن التجرؤ على الفتية قال محمد بن عجلان شيخ الامام مالك اذا ترك العالم او الفقيه لا ادري فقد اصيبت مقاتل وكان اهل العلم رحمهم الله تعالى يحذرون من التجرؤ على الفتوى ويهيبونها اشد الهيبة فقد روى الدارمي في السنن باسناد فيه ارسال وكان الشيخ عبد العزيز بن باز يقول انه حسن بشواهده ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اجرأكم على جهنم اجرأكم على الفتية اجرؤكم على النار ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اجرأكم على الفتية اجرأكم على النار المرء كلما كان وقافا وخوافا من الفتوى والاجتهاد كان ذلك دليلا على تقواه لله عز وجل وسعة علمه. وسعة علمه وقال ابن ابي ليلى ادركت نحو من مئة وعشرين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت اذا طرحت المسألة على احدهم احالها على صاحبه حتى تعود للاول كلهم لا يجيب عليها خوفا وخشية من الوقوع في هذا الباب الارض اذا المسألة الثانية الفائدة للتمذهب هو حال الوقف وعدم القدرة على النظر والاجتهاد في المسألة الفائدة الثالثة للتمذهب ان المرء بضبط الفتوى والقضاء فقد اجتهد العلماء الاوائل في في جعل القضاء في مذهب دون مذهب ولضبط الفتوى في المسائل العلنية الظاهرة لهذا الباب لذلك قال ابن عابدين في شرح رسم مفتي على مذهب الحنفية قال اشياخنا ان المرأة ربما كان حافظا لكتب ظاهر الرواية الستة وكتب ظاهر رواية الستة عند الحنفية هي كتاب الجامع الصغير والجامع الكبير والنكت والزيادات وسير الصغير والسير الكبير قال ان المرأة ربما كان حافظا لظاهر الكتب الستة ظاهر الرواية الستة كتب محمد ابن الحسن فيدخل بلده فيمنع من الفتوى فيها بسبب انه لا يعرف عرفهم ولا عادتهم وهذا من الاشياء المهمة فان الاشياء العلنية التي يكثر فيها القيل والقال وما كان من باب السياسة الشرعية والمصلحة العامة فان الفقهاء قديما قد خصوا ذلك باناس مخصوصين من باب ضبط القضاء وحفظ الحدود فيكون الاجتهاد فيه والاختيار ملزما ومعلوما الى غير ذلك من فوائد المتعددة في هذا الباب ولكن المذموم اختصارا ولكن المذموما في هذا الامر مسائل المسألة الاولى التعصب لمذهب بعينه والاعتقاد ان الحق في هذا المذهب دون غيره ولا شك ان هذا غير صحيح بل الواجب ان يعلم المرء ان هذه المذاهب انما هي سبيل للوصول الى الحق وانما هي اجتهادات من اربابها يرجون بها الوصول الى الحق واصحابها بين الاجر والاجرين. كما روى الحاكم في المستدرك باسناد جيد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا اجتهد الحاكم فاخطأ فله اجر واذا اصاب فله اجرين فله اجران المقصود ان هذه الاعتقاد بان مذهبا من هذه المذاهب هو هو الصواب على الاطلاق وان ما عداه خطأ على اطلاق غير صحيح وقد كان اهل العلم يحذرون من ذلك اشد التحذير وقد كان هذا موجودا عند بعض المتقدمين فقد الف ابو معالي الجويني كتابا بعنوان مغيث الحق في اختيار قول الحق قال فيه ان الواجب على الناس جميعا في مشرق الارض ومغربها ان يتبعوا مذهب الشافعي رد عليه صدق ابن الجوزي في كتاب اسماه الانتصار فقال بل الحق ان يتبع اهل الارض جميعا في مشرقهم في مشرقها ومغربها مذهب الحنفي وكلا القولان غير صحيح بل الواجب هو الدين والاستسلام لله عز وجل بهذا الدين وانما مذهب الشافعي وابي حنيفة ومالك واحمد وغيرهم من الائمة المتبوعين انما هي اجتهادات فقهية يتوصل بها الى المرور في هذا الباب الزام الناس مذهبا على الالزام والقول بان ما عداه خطأ لا شك ان ذلك مذموم باتفاق اهل العلم يقول محمد الراعي الاندلسي في كتاب انتصار الفقير السالم قال وعجبت لبعض الفقهاء الذين تعصبوا على مذهب الامام مالك حينما قال بعضهم لا يجوز للانس ولا الجن الا ان يلتزموا مذهب كذا وكذا من احد المذاهب الاربعة يعني به مذهب الشافعي وقد نقل ذلك عن ابن السبكي فرد عليه محمد ابن محمد الراعي الاندلس الملكي وقال بل الصواب ان المرء يتبين بما شاء بحسب قواعد ذكرها اهل العلم في هذا الباب الامر الثاني مما هو مذموم التعصب لمذهب التعصب لهم والغلظة على ما عداه وهذا كان موجودا في اعصار مضت ظاهرا بينا حتى كان الخصومة بين اصحاب المذاهب في العراق مثلا القرن السادس الهجري بين الحنابلة والشافعية وبين الحنفية والشافعية وكل يسب الاخر ويذمه وكل يرفع صوته على الاخر حتى ان بعضهم هذا الاخر في بعض الامور وطين عليه داره ونحو ذلك من قصص يندى لها الجميل قال ابو الوفاء ابن عقيل رحمه الله تعالى ونقله عنه ابن مفلح في الفروع وهذه سمة جبلت عليها النفوس وهي التعصب لما بين ايديهم والتعصب على الغير فالواجب على المسلم ان يعلم ان غيره على هدى بامر الله عز وجل نعم يعتقد المسلم ان الحق واحد وان ما عداه ليس حقا لكن من اختار قولا غير القول الذي تكون به ان كان اختياره له اختياره له عن اجتهاد صحيح او عن تقليد سائغ فهو بين الاجر والاجرين بامر الله عز وجل. فهو اما مأجور على الصواب او معذور على الخطأ ان لم يتشهى ولم يتلهى باختيار هذا القول الواجب على المسلم ان يعلم ان هذه الاقوال وهذا الامر وهذا الاختلاف في الدين انما هو من رحمة الله عز وجل وروي في الحديث لكنه غير صحيح بل هو باطل ان اختلاف امة محمد صلى الله عليه وسلم رحمة. قال الشيخ مرعي بن يوسف الكرمي رحمه الله تعالى ومعنى هذا الاثر المروي صحيح وان كان اسناده باطل ان الاختلاف رحمة ومثله ذكره الشيخ فقيه الدين ابن تيمية عليه رحمة الله وابو البقاء الكفوي في كتاب الكليات من فقهاء الحنفية فالاختلاف ممدوح ولكن المذموم هو هو الخلاف كما في سنن ابي داوود ان عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه لما قيل له انكر على عثمان كذا وكذا في مسألة اتمام الصلاة في منى قال الخلاف شر الخلاف المذموم هو ما كان سببا للضغينة بين المسلمين وسببا للعداوة بينهم انما الاختلاف الممدود هو ما كان سببا للاثراء في الفقه والاجتهاد من غير انكار على عمل دون الانكار على القوم وربما تكلمنا عن مسألة الفرض بين انكار القول والعمل بعد ذلك كنت قد وعدت اول الحديث الا يجاوز حديثي اربعين دقيقة وبحمد الله عز وجل وصل الحديث الى ثمان وثلاثين دقيقة اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يمن علينا جميعا بالهدى والتقى وان يرزقنا جميعا الهدى وان يرزقنا جميعا صلاح النية والذرية وان يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات واسأله جل وعلا ان يرزقنا علما نافعا قلبا خاشعا وعملا صالحا وان يجعل اعمالنا خالصة لوجهه موافقة بسنة نبيه صلى الله عليه واله وسلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين هذا احد الاخوة يقول اذ الموازنة بين طلب العلم وعمل الدنيا لا شك ان وان يرزقنا جميعا صلاح النية والذرية وان يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات واسأله جل وعلا ان يرزقنا علما نافعا قلبا خاشعا وعملا صالحا وان يجعل اعمالنا خالصة لوجهه موافقة لسنة نبيه صلى الله عليه واله وسلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين هذا احد الاخوة يقول الموازنة بين طلب العلم وعمل الدنيا لا شك ان العلم يحتاج الى بذل للوقت اخي لن تنال العلم الا بستة سأنبيك عن تحصيلها ببيان ذكاء وحرص واصطبار وبلغة صحبة استاذ وطول زمان وكما قال محمد بن شهاب الزهري العلم اعطيته كلك اعطاك بعضا والعلم كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سهلا ميسرا قال علي رضي الله عنه العلم نقطة كثره الناس بخوضهم فاصبح كثيرا ان المرأة اذا وفق لامر الله عز وجل لتحصيل العلم وقصد به نية طيبة فان الله عز وجل سيدله على كل خير لذلك فليحرص المسلم اولا على ان تكون نيته طيبة في طلب العلم والنية في طلب العلم مهمة ونقصد بنية طلب العلم امور الامر الاول ان ننوي بطلب العلم ان ينفي عن نفسه الجهالة قال احمد لما سأله ابو بكر المرودي رحمه الله تعالى ما النية في طلب العلم؟ قال النية في طلب العلم ان تنفي الجهل عن نفسك اذا النية في طلب علم ان ينوي المرء انه ينفي الجهل عن نفسه وانه يؤجر في علمه وان يعلم غيره سواء كان هذا الغير قريبا له كزوجه او ابنه او كان بعيدا كجار او غير ذلك من ولكن المذموم ان يتعلم المرء ليماري بها السفهاء وليتصدر به في المجالس فمن كان قصده ذلك فانه المحروم حقيقة المرء اولا يحرص على ان تكون نيته في طلب العلم لله عز وجل نافي الجهل عن نفسه ليعلم الناس ويدلهم الى الخير الامر الثاني ان يحرص المرء على بذل نصيب من العلم بدري نصيب من وقته لتحصيل العلم ان المرأة اذا استمر على مسلك واحد وعلى طريق مستمر فيه فانه سيصل وفي الصحيح من حديث عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل مسجدا قرأ فيه حبلا ممدودا قال ما هذا فقالت عائشة رضي الله عنها هذا لفلانة فذكرت من عبادتها وصلاتها وقيامها فقال النبي صلى الله عليه وسلم مه عليكم من الاعمال ما تطيقون فان الله لا يمل حتى تملوا قالت عائشة رضي الله عنها وكان احب العمل اليه ما داوم عليه صاحبه اي كان احب العمل الى النبي صلى الله عليه وسلم ما داوم عليه صاحبه وقيل وكان احب العمل الى الله عز وجل ما داوم عليه صاحبه ولا شك ان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحب الا ما كان محبوبا لله سبحانه وتعالى المقصود ان المداومة على العلم خير من الانقطاع عنه تقليل مستمر عليه صاحبه خير من كثير قد انقطع غير مستمر والعلم عملية تراكمية اذا تركه المرء نسيه لذا ذكر اهل العلم ان فروعا من العلم كالفرائض وغيره انما هي علم ساعة اذا تركها المرء اياما متتابعة واشهرا متوالية فانه ينسى هذا العلم فلذا لابد في العلم من الاستمرار والنظر والمباحثة والمدارسة والعلم ينال باربعة امور ذكرها اهل العلم يؤخذ العلم بالاخذ عن الاشياء وهو الاصل ولا يكون هذا العلم هذا الدين الا بالاخذ يعني الاشياء في قراءة كتاب الله عز وجل واحسان اعرابه. وفي رواية سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وبيان فقهه الامر الثاني يؤخذ بالمدارسة مع من كان مثله قرينا المرء اذا جلس مع قرينه او من يفوقه في العلم شيئا قليلا او ينزل عنه شيئا يسيرة فتدارسوا العلم وتذاكروا وطرح كل منهم على صاحبه شيئا من المسائل يقرأ هذا مسألة فينبئ صاحبه بها ويسمع الاخر مبحثا معينا فيخبر اخاه به فيتناقشون به تذكرة وتعليما فان هذا مما يتذاكر به العلم وليس المقصود المجادلة والمناظرة فان ذلك مذموم في شرع الله عز وجل. وقد جاء في الحديث الذي ذكرت لكم اولا ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انا زعيم لبيت باول الجنة او ادنى الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا الامر الثالث مما يؤخذ به العلم ان العلم ينال بالتعليم المرء يحرص على تعليم غيره الخير والعلم يعلم اهله وزوجه ويعلموا ابناءهم ويعلموا جاره ونحو ذلك وقد ذكر البركاوي من فقهاء الحنفية لما الف كتابا اسمه نخرة المتأهلين في احكام الحيض والنفاس قال ان المقصود بهذا الكتاب ان يتعلم الرجال احكام الحيض ليعلموا اهله هذا الباب اتعليم المرء لاهله احكام الفقهية مما تثبت العلم وتزيده والعلم يزيد بالبذل فاذا بذلت علمك وعلمته كنت ذا خير وهدى بامر الله عز وجل الامر الرابع الذي ينال به العلم هو البحث الكتب والتفتيش في بطونها والنظر وتقليب النظر بين طيات صفحاتها العلم يؤخذ بالوجادة وما زال اهل العلم منذ القرن الثاني يأخذون العلم بالوجادة واعني بالمجادة النظر في الكتب فينظر المرء من كتب اهل العلم اوثقها واصحها واقربها فهما وايسرها ادراكا فيقرأ منه متسلسلا مترتبا لا يبتدأ بالصحب قبل السعي ولا بالطويل قبل القصير بل يسلك ما سلكه الاوائل من الطرق المعتمدة في هذا الباب وكل بحسبه قوة وحرصا واجتهادا الامر الثالث الذي اود التنبيه عنه انه لا تعارض بين العلم وطلب الدنيا الدنيا طلبها مأجور عليه صاحبه قد بين النبي صلى الله عليه وسلم ان المرء الذي يجتهد في طلب الرزق خير من الذي يمكث في المسجد متعبدا متبكرا الرجلان الذي كان احدهما ينفق على اخيه قصتهما معروفة في ذلك القبر المقصود ان طلب الدنيا لا تعارض بينه وبين طلب العلم. ولكن الاغراق في طلب الدنيا والاعراض عن العلم بالكلية والمذموم. ولكن ليكن للمرء نصيب من كتاب الله عز وجل ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومن طريقة اهل العلم يقول هذا الاخ الفاضل لو اعتمد مذهب من المذاهب ايه بمسألة على حديث ضعيف فما الامر الفقهاء رحمهم الله تعالى يذكرون بعض المسائل ربما اعتمدوا في ذلك على حديث ضعيف وسبب اعتمادهم على هذا الحديث الضعيف اسباب السبب الاول ربما كان نظرهم اداهم الى ان هذا الحديث الضعيف صحيح او انه حسن في هذا الباب فيكون نظرهم في ذلك مقدم ومن الابواب المشهورة المعروفة طويلة النظر مسألة التعارض والترجيح بين الادلة اذا تعارضت الادلة ايها يرجح وايها يقدم وهذا مبحث طويل كتب فيه العديد من المؤلفات فعندما يختار فقيه من الفقهاء في مسألة ما اختيارا ما اعتمادا على حديث ضعيف الظن به انه ظن ان هذا الحديث حديث صحيح هذا هو احسان الظن باخيك المسلم الامر الثاني انه ربما جهل ان هناك حديثا صحيحا على خلاف ذلك الامر الثالث ان كثيرا من اهل العلم كما نقل ابن القيم يعتمدون الحديث الظعيف اذا دل القياس عليه اذا دل القياس عليه لذلك فان الاحاديث الضعيفة كما عليه جمهور اهل العلم المتقدمين. وقد ذكر الشافعي ان كثيرا من اهل العلم على الاحتجاج بالحديث المرسل ان الحديث الضعيف اذا كان وافق المعاني العامة اعني بالقياس هنا القياس الجري هنا الخفي الذي يوافق المعاني العامة للشريعة ان ان القياس ان الحديث الضعيف حجة ما لم يكن فيه اثبات اثبات لحكم جديد اما ان كان الحديث ما لم يكن فيه اثبات بحكم جديد معارض للمعاني العامة للشريعة فلذلك جمهور اهل العلم كما ذكر ابن القيم واطال في ذلك على ان اعمال الحديث الضعيف حجة في ذلك ولذلك المسلم اذا رأى في مذهب مسألة معتمدا على حديث ضعيف وعرف ان هذا الحديث ضعيف وقد صح الحديث بخلافه وكان ظاهر الدلالة على خلاف ذلك انه يلزمه اتباع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم اذا كان كثير من الائمة يقول اذا جاءكم الحديث على خلاف مذهبي فاضربوا بقول عرض الحائط وكان الامام المطلب محمد ابن ادريس الشافعي عليه رحمة الله تعالى يقول اذا صح الحديث فهو مذهبي وكذا الظن بالائمة جميعا كما قال ابن السبكي في شرح هذه الكلمة شرح قول الامام المطلبي اذا صح الحديث فهو مذهبي قال الظن بالائمة جميعا انهم اذا صح الحديث عندهم اسنادا وظهر لهم دلالة انهم يذهبون اليه نعم هذا احد الاخوة يقول ما سبب تسمية الامام ما لك رحمه الله تعالى بامام دار الهجرة السبب في ذلك ما روي في حديث ان عالم المدينة نزل عليه انصح الحديث في ذلك الباب المسألة هل تقبيل يد العلماء له اصل من فعل السلف؟ نعم التقبيل اليد هو ليس محرما تقبيل اليد وقد الف ابو بكر بن العربي احد الرواة عن ابي داوود السجستاني كتابا اسماه القبل ذكر فيه شيئا من ذلك فجنس التقبيل اليد ليس مذموما كما ان تقبيل الرأس ليس مذموما وانما المذموم ما كان فيه اذلال وخضوع من المرء لذلك جاء عن بعض الصحابة انه قبل رجل امه وابيه وجاء ان بعضهم قبل رجلا نعم رجل ابيه وامه. وهذا لان الوالدان لهما من الحق ما ليس لغيرهم فلذا كل خضوع لاجل الوالدين وكل اذلال للناس لاجلهما انما هي رفعة على الحقيقة ومن كان دون الوالدين فانه لا شك لا تقبل رجلاه لا تقبل رجلاه سببين. السبب الاول ان فيه خضوعا وانذالا للنفس والمرء منهي عن اذلال نفسه والخضوع في ذلك الامر الثاني ان في تقبيل الرجل هيئة مذمومة وخاصة اذا كان المقبل واقفا ولكن جنس التقبيل ليس مذموما ليس ممنوعا الا ان يكون فيه اذلال وخضوع منهي عنه قال ما سبب تسمية كتاب الامام ما لك بالموطأ السبب في ذلك انه قال وطأت به اي سهلت به العلم ويسرته فاذا سمي موطأ اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يرزق جميع ان يرزقنا جميعا العلم النافع والعمل الصالح وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله