بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين ثم اما بعد ايها الاخوة الاكارم فان الحديث في هذه الليلة حديث عنون له عن الاحاديث عن الاعلام عن اثره والحديث عن الاعلام حديث متشعب المسالك متفرع المباحث وذلك لانه حديث عن علم وصنعة. فان لهذا الامر اعم اعلام اهله فان لهذا الامر اهله المتخصصين به والدارسين والباحثين كما ان له الممارسين والمشتغلين به عملا ومهنة. ولما لم اكن من هذين فان حديثي سيكون منصبا عن الاعلام من وجهة اخرى. اذ ساجعل حديثي الليلة حديثا عن علاقة طالب العلم بالاعلام. وكيف يتعامل معه تلقيا والقاء استفادة وافادة وتعليما وتعلما معا. وذلك ايها الاخوة ان العلم له اثره في النفوس والواجب على من انشغل بهذا العلم ان يكون ليس كاحاد الناس لا في حاله وعبادته ولا في دله وسمته. كما قال لقمان عليه السلام صن المكان اكثر من صيانتك لنفسك. وكما قال الاول ولو ان اهل العلم صانوه صانهم ولو عظموه بالنفوس لعظم اي لعظم العلم اهله ورفع منزلته ولذا فانه يلزم على من كان منتسبا للعلم متلبسا بهيئة من هيئاته معروفا به ان يكون له مسلكه الخاص المبني على الاصول الشرعية. وما قرره اهل هذا اهل العلم في هذا الباب وقبل ان اتحدث في صلب الموضوع المتعلق بعلاقة طالب العلم بالاعلام القاء وتلقيا. فاني لابد ان اشير لثلاثة امور مهمة بهذه الامور ينزل حديثي منزلته ولا يصرف عن وجهه الذي اردته. اول هذه الامور الثلاث ان الحديث في هذا اليوم انما هو لطلبة العلم واعني بهم من نسب الى العلم وعرف به. وذلك كما قال المأمون رحمه الله تعالى انت اما ان تكون طالب علم او تكون قانعا بجهل فالحديث انما هو لاهل العلم المنسوبين له. سواء رأوا انفسهم كذلك. او رآهم الاخرون كذلك ولم يروا انفسهم كما قال الشيخ الامام ابو عمرو ابن الحاجب في نظمه للكافية في النحو يقول الحمد لله على ما انعم بجوده وفضله وكرمه علمنا ما لم نكن لنعلم حتى في عداد العلماء. فاذا نسب المرء للعلم فانه حينئذ يكون لازما عليه ان يتحلى بهذه الاداب وان يتخلق بها اذا فالحديث لهؤلاء دون غيرهم وليس متعلقا بعامة الناس فان لغيرهم من الحديث ما ليس لهؤلاء الامر الثاني ان ما سأذكره في هذه الليلة والدقائق المعدودة ليعلم ان بعضه لازم وان بعضه ليس بلازم وانما هو ادب وندب. ولذا فلا يحمل كل ما ساذكره بعد قليل على اللزوم بل ان بعضه من باب الندب ومن باب الادب واولى الناس بالادب واحراهم به اهل العلم لانهم نقلة الشرع والمبلغون عن رب العالمين جل وعلا. وفي المقابل فان هذه الامور التي تكون ندبا او ادبا قد يطرأ عليها من الطوارئ ويطرأ عليها من العوارض ما يغير حكمها اما الى اللزوم تارة واما الى المنع تارة اخرى. وهذا متقرر عند اهل العلم في اكثر من قاعدة اصولية ومن ذلك ما قرروه ان المكروهات فانها تكون مباحة عند وجود الحاجة. واما عند الضرورة فان الضرورة تبيح كل محرم ناهيك ان يكون ادبا او مكروها. فالمقصود من هذا ان نعلم ان بعض ما سأذكره انما هو من باب الادب وليس من باب الحتم واللزوم. الامر الثالث الاخير قبل ان اشرع في مقصودي واتكلم عن مضمون اننا عندما نتكلم عن علاقة طالبي العلم بالاعلام فانما نعني بالاعلام معناه الشمولي. اذ قبل فترة كان مخصوصا بوسائل محصورة. وبامور محددة لا يحكم على غيرها من الوسائل بكونها اعلاما ولا يمكن لاي احد ان يخرج فيه الا بهيئة وصورة ووصف معين. واما في وقتنا الان فان الاعلام بمعناه الشمولي اوسع من ذلك. فقد اصبح كل احد يستطيع ان يتكلم. وكل احد يستطيع وان يتلقى ما شاء كيفما شاء وقت ما شاء. ولذا فان وسائل الاتصال ووسائل التواصل معا هي في الحديث الذي ساتكلم عن بعض اداب طالب العلم عند تعامله معه. ولذا فاننا عندما نتكلم عن الاعلام فاننا نتكلم عن مكتوبه ومرئيه ومسموعة وما يتواصل به الناس في لحظه من وسائل التواصل حديثة مهما تعددت اسماؤها وتعددت برامجها وتطبيقاتها التي يعرفها الناس في كل لحظة بل لربما كان في غدنا القريب من الاسماء ما لم يكن في يومنا هذا المنظور. اذا فالمقصود من هذا اننا عندما نتكلم عن هذه الاداب او وعن بعضها فانما نتكلم عن كل ما يتعلق بالاعلام وما في معناه. ايها الاخوة الاكارم ساقسم ساقسم وحديثي الليلة الى قسمين الاول حديث عن علاقة طالب العلم بالاعلام القاء وتحدثا وكتابة. والثاني تلقيا واستفادة اما الامر الاول وهو ان المرء اذا اراد ان يكتب شيئا او ان يتكلم بامر مهما كان كلامه ولو كان امام عدد قليل فانه من الاعلام والتنبيه ولو على منبر او خطبة ونحو ذلك. فانه يلزم عليه امور ويندب له اخرى. وساذكر بعضا مما ذكره اهل العلم فان اهل العلم اعطوا هذا الجانب حقه. ووفوه ووفوه قصده. وانما ساذكر بعضا من كلامهم اول هذه الامور التي يتأكد على طالب العلم اذا اذا شارك ملقيا في احد وسائل الاعلام ان بمراجعة قلبه وبالاخلاص لله عز وجل فان كل عمل لا يكون فيه اخلاص لله عز وجل فهو مردود على صاحبه. وان مما ذكر اهل العلم ان مما يشتغل به بعض المنسوبين للعلم من العلم يشغلهم عن العناية بالاخلاص فقد ذكر العلامة ابو الفرج ابن رجب رحمه الله تعالى ان الفقهاء كثيرا ما يتكلمون عن النية بمعنى القصد ولا يتكلمون عن النية بمعنى الاخلاص والتعبد فينشغلون عن التوصية بها وعن التواصي باخلاص النية لله عز وجل ولذا فان من علامات ايمان المؤمن انه دائما ما يراجع نفسه ويلومها ولذا سميت نفسه لوامة لانها تلومه في نيته. وتلومه في قلة عمله. وتلومه على تقصيره. فالمؤمن دائما يراجع قلبه ينظر في نيته ويسأل الله عز وجل الاخلاص فيها وقد جاء ان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم اكرم الخلق بعد نبينا صلى الله عليه واله وسلم والانبياء معه كانوا يشكون للنبي صلى الله عليه وسلم هذا الامر. فجاء في محمود في حديث محمود ابن لبيد ان النبي صلى الله عليه واله وسلم علمهم ان يدعو الله فيقول اللهم انا نعوذ بك ان نشرك بك ونحن نعلم ونستغفرك لما لا نعلم. ولما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم حذيفة باسماء المنافقين كان عمر يتتبع حذيفة في ازقة المدينة ويمشي وراءه وينشده بالله عز وجل هل ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في المنافقين؟ مع ان عمر واخبر بان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر انه من اهل الجنة. ولكن لما لم يأمن على نفسه الفتنة ولم يستقر في نفسه اليقين بها وانما الخوف من نفسه ومن تقلبها وانما يقين بربه جل وعلا كان يتتبع حذيفة فيسأله هذا السؤال فالمقصود ايها الاخوة ان طالب العلم يلزمه اذا اقدم على عمل او نشر كتابا او قام خطيبا او كتب ولو سطرا في احد وسائل الاعلام والتواصل ان يراجع قلبه وان ينظر في نيته واخلاصه فان من توفيق الله عز وجل للعبد ان ينظر الى القلب. واني لاحلف غير حالف بسم الله جل وعلا. ان ما عني احد باخلاصه ونظر فيه الا جعل الله عز وجل في عمله توفيقا وسدادا. اذ العمل تابع للاخلاص ومن صدق في نيته وفقه الله عز وجل في عمله الامر الثاني الذي يلزم طالب العلم خاصة ان يعنى به عند مشاركته والقائه ونظره وكتابته وكلامه في احد وسائل الاعلام ان يعنى على اصل عظيم وامر جليل. الا وهو عدم الحرص على على الشهرة وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم عند احمد والترمذي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما ذئبان جائعان في غنم هما افسدوا لدين المرء من حبه وفي لفظ من حرصه على المال والشرف ان هذين الامرين ايها الافاضل ما ارسلا على شيء الا وافسده. فاذا انشغل قلب طالب العلم بهما فسد عمله وفسدت نيته وفسد سائر ما يبذله. ولذلك كان اهل العلم يعنون بهذين الامرين اشد عناية وهذا للامران وهما الحرص على المال والحرص على الشرف قال ابن رجب رحمه الله تعالى واشد هذين الامرين الحرص على الشرف فانه مهلك للعبد ومهلك عمله ومفسد له. بل هو قاذف لصاحبه في النار ثم قال رحمه الله تعالى في شرحه الحديث المتقدم قال ومحبة الشرف نوعان ومحبة طالب العلم للشرف نوعان حب الولايات الدنيوية والامور التي فيها رفعة في الدنيا من الولايات والمناصب وغيرها. قال والثاني حب للرفعة بلسانه وقوة حجته وانتشار كلامه ومعرفته بين الناس وان يعرف عند ناسي بالذكر الطيب وكل هذه الامور انما هي مذمومة بل هي مهلكة لطالب العلم بالخصوص. وفي وسائل الاعلام لربما كتب وكتابا او نشر كلاما او القى محاضرة ونحوه فطارت بها الركبان فاصبح له من المعرفة واصبح له من الذكر ما لم يكن قبل ذلك فحينئذ يبتلي يبتلي المرء قلبه بسبب ذلك وقد جاء ان النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء عند الترمذي باسناد لا بأس به انه قال من طلب العلم ليماري به السفهاء او يجاري به العلماء. او ليصرف وجوه الناس اليه. قال صلى الله عليه وسلم فهو في النار وفي لفظ انه قال فهو في النار فهو في النار. اذا المقصود ان طلب العلم ليصرف المرء وجوه الناس اليه وينظروا له ويلتفتوا له ويجتمعوا عنده هذا مما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم غاية التحذير ويجب على طالب العلم ان يجعل هذا الحديث نصب عينيه وان ينتبه له غاية الانتباه في امره كله بيد ان علمه لا يجعل هذا مانعا له من بذل العلم وتعليمه. وانما هو لاجل مجاهدة قلبه ومجالدة نفسه والسعي لتطهير عمله مما يلوثه. ومن عجيب الاثر وغريبه ما روى ابن ابي شيبة باسناد لا بأس به عن امير المؤمنين علي ابن ابي طالب رضي الله عنه. وقد كان حكيما في لفظه بليغا في عبارته. يقول رحمه الله الله تعالى طوبى لكل عبد نومة عرف الناس ولم يعرفه الناس. وعرفه الله عز وجل برظوانه قال اولئك مصابيح الدجى يجلى عنهم كل فتنة فمن كان هذه حاله فان الله عز وجل يجلو عنه الفتن. ويبعد عنه هذه المحن. التي تعرض على القلوب وتعرظ على الابدان فتفسد على المرء دينه وتفسد عليه علمه ولا ينتفع به ولا منه بعد ذلك. ويدل على هذا ما جاء عن حذيفة ومثله عن الحسن البصري انه قال ان الفتن اول من يقع فيها ثلاثة وذكر منهم الخطيب البليغ الذي يتكلم عند كل مسألة ولذلك يقول الحسن ايضا رحمه الله تعالى لما بين هذا الامر واكد عليه غاية التأكيد اشار لملحظ يلزم طالب العلم ان يعنى به وان يراجعه مرة بعد مرة. يقول الحسن رحمه الله تعالى لا يكن حظ احدكم من العلم ان يقول الناس عنه انه عالم لا يكن حظ احدكم من العلم ان يقول الناس عنه عالم. وقد صدق رحمه الله تعالى فان الحسن بن ابي الحسن البصري اوتي حكمة واوتي لفظا عجيبا وليس ذلك بغريب ممن رضع من ام سلمة رضي الله عنها والقمته ثديها. ولذا فان هذا الامر اعني به لا يكن حظ احدكم ان يقال ان يقول الناس له عالم له معان عظيمة. فان المرء اذا كان يغضب اذا استنقص قدر علمه. او رد عليه فيه او جهل فهو في الحقيقة في نيته مدخل. وانما اراد من حديثه وكلامه الشهرة والنظر. واما ان اراد تبليغ الناس العلم وايصاله اليهم ولا ينظر لنفسه بشيء فان هذا علامة التوفيق باذن الله عز وجل. وهذا الامام المبجل محمد بن ادريس الشافعي رحمه الله تعالى يقول لوددت ان هذا العلم بث بين الناس ولم ينسب لي منه حرف لو وددت ان هذا العلم بث بين الناس ولم ينسب لي منه حرف. فطالب العلم لا يعنى باظهار اسمه ولا رسمه وانما يقصد اظهار سنة النبي صلى الله عليه وسلم واعلاءها وتبين كلام الله عز وجل قبل ذلك وهذا وهذا الامر اعني عدم الحرص على اعلى الشهرة وعلى عدم المعرفة هذا الذي جعل الاوائل من اهل العلم من اصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ومن بعدهم يتدافعون الفتوى ويمتنع احدهم ان يتكلم فيها. يقول ابن ابي ليلى رحمه الله تعالى ادركت سبعين من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم اذا سئل المسألة احالها لصاحبه حتى تعود للاول انما منعهم من ذلك ليس العجز وليس الجهل وانما منعه الا ينسب لهم علم وانما قد انتشر العلم بغيرهم ممن سد هذا المسد وعرف به وقد كان اهل العلم يعنون بهذا الباب غاية العناية. فقد قال الامام احمد انني رجل بليت بالشهرة. فكان يغير طريق للمسجد اذا عرفه الناس وذلك الزمان لم تكن فيه صور فيعرف اهل البلدة جميعا صورة شخص بعينه وانما يعرفونه اذا لقوه واذا نظروا له. فكان اهل بغداد يعرفون الامام احمد بذكره. فاذا مر مع طريق وعرفه بعضهم خبر الباقون خبر الباقين به فعرفوه فاكثروا من السلام عليه ومن الترحيب به ولربما وقروه وعظموه فترك الامام احمد بعض الطرق للمسجد لطريق ابعد منه قال لاني بليت بالشهرة اريد ان اذهب من طريق لا اعرف به. وقد كان اهل العلم يعنون كما ذكرت قبل قليل عناية كبيرة. حتى ان النخاعي قال لقد تكلمت وهو قال ابراهيم النخعي رحمه الله تعالى لقد تكلمت ولو وجدت بدا ما تكلمت لما يرى من نفسه من عدم اه الاضرار بها والظهور. فالمقصود من هذا ايها الافاضل ان عناية طالب العلم بنفيها هذه الشهوة الخفية عن نفسه من الامور التي يجب ان يعنى بها. وان يوصي المسلم اخاه المسلم بها. وان يتذاكران بها وقد ذكروا ان اعظم كتاب الف في اخلاق العلماء هو كتاب ابي بكر الاجري كما ذكر ذلك ابن رجب وهو اخلاق وهذا الكتاب عقد فيه فصل كبيرا فيما يتعلق بالحديث الذي تقدم ذكره قبل قليل المسألة الثالثة مما يجب على طالب العلم اذا ظهر او تكلم او كتب في وسائل الاعلام ان يفعله ان يتقي الله عز وجل والا يتكلم بشرعه الا بعلم. والا يقول على الله بغير علم. يقول الله جل وعلا قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن. والاثم والبغي بغير الحق. وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ان تقولوا على الله ما لا تعلمون. قال اهل العلم بدأ الله عز وجل في هذه الاية بعظائم فبدأ بعظيم ثم حرم ما هو اعظم منه ثم حرم ما هو اعظم ثم ختم باعظم العظائم وهو بعد الشرك القول على الله بغير علم ان القول على الله بغير علم وبظن وخرص ان فاعل ذلك على خطر عظيم. وعلى مزلق خطير. فان من اراد ان جراثيم جهنم فانه الذي يسرع في الفتوى والقول على الله بغير علم ان من تكلم في كتاب الله بغير علم وان اصاب الحق فهو مخطئ اثم. فكيف ان اخطأ الحق؟ فانه اثم على كلام واثم على خطئه ثم هو اثم على اظلال خلق الله بعد ذلك ان الاوائل من امة محمد صلى الله عليه وسلم كانت تأتيهم مسائل اذا عرضت على ابي بكر وعمر جمع لها اهل بدر واهل البيعة وغيرهم. واما الاواخر فان صغار القوم منهم تأتيه المسألة ويتكلم في عظائم الامور وهو ممن ليس اهلا ان يجلس في مجالس الاكابر ناهيك ان يتكلم بمحضره وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ان من علامات اخر الزمان ان ينطق الرويبضة وقد اصبحت وقد اصبحت وسائل الاعلام سهلة في التلقي والمشاركة فيها. فاصبح الرجل رويبضة فاصبح الرجل الرويبضة عند اهله. المغمور عندهم الذي لا يأبه به اذا حضر. ولا لكلامه اذا تكلم يتكلم في بعض هذه وسائل الاعلام فيوجد لكلامه من الرواج والشهرة ما لا يوجد لغيره وهذا ما اخبر به النبي صلى الله عليه واله وسلم وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى. فالمقصود ايها الافاضل ان الواجب على المرء ان لا يتكلم في شرع الله عز وجل الا بعلم. والا يخوض فيه الا بيقين او ما قارب اليقين فان الظن مهلك صاحبه. ناهيك عن القول على الله عز وجل بغير علم. فانه من اخطر الابواب واعظمها. وهذا الحديث فيه طويل ولكن نكتفي بما سبق من الاية. الامر الرابع فيما يتعلق بما يلزم طالب العلم اذا اراد ان يشارك في الاعلام القاء وظهورا وكلاما وبيانا. يجب ان يكون نصب عينيه انه لا يلزم ان يكون لكل قال الجواب فان كثيرا من الاسئلة لا جواب لها. ولذلك ثبت عن عبد الله ابن عباس وعبد ابن مسعود رضي الله عنهما انهما قالا من اجاب عن كل ما سئل فهو مجنون. من اجاب عن كل ما سئل فهو مجنون. وهذا الاثر من هذين الصحابيين الجليلين. الذين هما من اعلام الصحابة وفقهائهم رضي الله عنهم يدل على معنى جليل. ولذا انظر لاعلام الفقهاء لما سمعوا هذا الاثر. قال عامر بن شرحبيل الشعبي لما بلغ بهذا الحديث قال ليتنا عرفناه منذ زمن لتركنا الجواب والكلام في كثير مما خضنا وعامر رضي الله عنه الشعبي كان اماما من ائمة المسلمين علما ورواية وفقها وقد ابتلي ببعض الفتن التي ندم عليها بعد ذلك اذا فالرفع اولى من الدفع. والكف اولى من الازالة. فان المرء اذا كان في اول امره وجعل هذا الحديث نصب عينيه وتذكره وانه لا يلزمه ان يتكلم في كل مسألة فانه حينئذ يكون ذلك من تمام عقله وسلامة دينه وقد ثبت في مسلم ان ابا سعيد الخدري رضي الله عنه سأله رجل مسألة عن صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وكيفيتها. فقال له ابو سعيد ما لك في ذلك خير ليس لك خير في ذلك مع ان صفة النبي صلى الله عليه وسلم صلاة ان صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم علم. وان بيانها خير ولكن ابا سعيد ابى الاجابة وقال ما لك في ذلك خير قال شراح مسلم كالقاضي عياض وغيره ان سبب امتناع ابي سعيد من اخبار ذلك الرجل انه قد علم ان ذلك الرجل لا يستطيع ان ان تكون صلاته كصلاة النبي صلى الله عليه وسلم فخشي ان يكون يشق على نفسه وان يتكلف وان يفعل امرا يعجز عنه بعد ذلك. ولذا فان العلم قد يترك اشياء كثيرة ولا يجيب على اشياء قد يعرف بعضا منها فان لحكمة او لمعنى اراد وتبين له بعد ذلك ولذا كما تقدم عن الحسن البصري وحذيفة ان الفتن اول من يقع فيها الخطباء والشعراء الذين يتكلمون عند كل مسألة ويجيبون عن كل واقعة ويتكلمون عن كل حادثة بينما اهل العلم لربما اقتنعوا وكان في امتناعهم خير. ولذلك من المسائل التي تكلم عنها الاصوليون في حواشي الاصول. واعني بحواشي الاصول المباحث متعلقة بالاجتهاد والتقليد وهو ما يتعلق بالتوقف. هل التوقف مذهبا ام ليس بمذهب او نحو ذلك من الامور من الامور المتعلقة بطالب العلم اذا اراد الالقاء والمشاركة في الاعلام انه يلزم طالب العلم ان يعلم انه ليس كل ما يعلم يقال. ولا كل ما يحفظ ينثر امام الناس. على كل منبر على كل منبر وفي كل موضع ومحفل. وذلك ان من عقل المرء ان يذكر بعض الشيء ويكف عن بعضه كما قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى لا ينبغي ان يملى على العوام ما لا يحتمله عقولهم وفي صحيح البخاري ان علي ابن ابي طالب رضي الله عنه قال يحدث الناس بما يعقلون ودعوا ما ينكرون. اتحبون ان يكذب الله ورسوله؟ وفي مقدمة مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال ما انت بمحدث قوما حديثا لا تدركه عقولهم الا اصبحوا به مكذبين. فالمقصود من هذا ايها الافاضل ما انت بمحدث قوما حديثا لا تدركه عقولهم الا كان لبعضهم فتنة كما قال ابن مسعود رضي الله عنه المقصود من هذه المسألة وهو انه لا يلزم ان ان كل ما يعلم يقال هذه قررها اهل العلم في كتبهم فقد ذكر من تكلم عن ادب المفتي والمستفتي ان المفتي يلزمه الا يذكر الخلاف في الفتوى بل ولا يذكر الدليل في الفتوى. اذ الفتوى انما يذكر فيها الحكم. وذكر الخلاف فيها للمستفتي. يضعف المسألة في قلبه. اذ صياغة اللفظ وبيان الحكم يغير قناعة المرء به. وهذا اشار له جماعة كابي عمرو ابن الصلاح وابن حمدان وغيرهم والنووي وغيرهم ممن كتبت صفة المفتي والمستفتي فانا اشير هنا مثالا واحدا والا فالامثلة كثيرة. فان طالب العلم ليس كل ما يعلمه يقوله. فلا يعرظ كل ما في كنانته ولا ما في معرفته لا من النقل والخبر ولا من الاجتهاد والنظر ولا مما يعرفه من احوال الناس ويعرف من صفاتهم ومن اخبارهم. ولذلك كانوا يقولون ان التحديث بالشر عن الناس مضر ولربما اشرنا له فيما يتعلق بالتلقي الامر السادس مما يلزم طالب العلم العناية به عند مشاركته في وسائل الاعلام ان يكون طالب العلم حافظا للسانه والا يتكلم فيما لا يحسن والا يتكلم فيما لا يحسن. وقد جاء من حديث عمران انه قال قد احسن من انتهى الى ما سمع ان بعض الناس المنسوبين للعلم واهله لربما ظهر في منابر معينة ووسائل محددة فتكلم في كل العلوم فاصبح ذاك الطبيب وذاك المتكلم في علوم الطبيعة المتعددة وذاك الذي سائر العلوم الانسانية وغيرها من الامور الاخباريات السابقة والتهليلات المستقبلية وهذا الكلام اذا تكلم فيه المرء بظنه ومن غير علم منه فانه يؤدي الى مفاسد وقلت انه يتكلم بظنه لانه لربما المرء كان جامعا لعلمين فان كثيرا من العلماء الاوائل عرف بعلوم لا اقول بعلم واحد سواء كانت العلوم من العلوم الشرعية مع جمعها بعلوم الالة كالنحو والصرف والبلاغة وغيرها او كان من بعض من علوم الطبيعة كابن النفيس. فان ابن النفيس له كتبه المعروفة في الفقه وله كتبه المشهورة ايضا في الطب. وقد الله عز وجل له الجمع بين هذين العلمين المشهورين. فالمقصود ان طالب العلم اذا تكلم بظنه في امور من العلوم التي لا يحسنها او من الامور التي لا يجيد الحديث فيها. فانه يؤدي فعله ذلك الى مفاسد. من هذه المفاسد ان بعضا من السامعين له يظنون ان هذا الذي تكلم به هو شرع الله عز وجل وانه حكمه سبحانه وتعالى في هذه المسألة والواقعة. فحينئذ قد ينسب لشرع الله ما ليس منه. فقد يكون ذلك من التقول على الله العلم وان لم يقصده. وذلك ايها الافاضل ان الناس جبلوا على تعظيم الاشخاص واجلالهم واذا احبوا شخصا قبلوا كل شيء منه. الا من رزق عقلا وفهما فانه اقبلوا بما رزقه الله عز وجل من النظر وقد اشار لهذا المعنى جماعة. فاذا تكلم ذلك المنسوب للعلم في امور لا يحسنها فاخطأ فلربما ظن ان خطأه ذلك من شرع الله وليس ذلك كذلك وقد قال الله عز وجل الا له الخلق والامر؟ فبين الله عز وجل ان الخلق شيئا مغايرا عن الامر وهو الشر ومن امثلة ذلك ولا اشير لجميع امثلتي فانها كثيرة ان بعضا من الناس قد يتكلم في امور تتعلق بالاعجاز ما يسمى بالاعجاز في بعض العلوم الطبيعية وقد ينسب ذلك لشرع الله عز وجل وليس ذلك كذلك. ولنعلم ان ما قرره اهل العلم كما اشار له الشاطبي وغيره ان هذه العلوم لا تعارض شرع الله. ولكن شرع الله لم يأت بها. اذا فرق بين الامرين فان الكتاب والسنة لا يعارظان العلوم والحقائق الشرع العلمية. ولكنها لم تأتي لاجل ذلك. وانما جاءت لتقرير توحيد الله عز وجل وافراده بالعبادة واستحقاقه جل وعلا لها وكيفية تلك العبادة المفسدس الثانية ان ذلك المتكلم قد يخطئ في تصوره او تحليله او في حكمه فحين ذلك ذلك الخطأ لاهل العلم. وهذا معنى قول الجرجاني ولو ان اهل العلم صانوه صانهم. ولو عظموه في النفوس لعظم اي لعظم العلم اهله. فقد ينسب لاهل العلم من الكلام ومن الذم بسبب وقيعة بعضهم وخطأه وذلك من الامور التي يكون تركها من باب سد الذرائع والامتناع فيها الامر الاخير الذي اختم به بعضا مما ذكره اهل العلم فيما يتعلق بما يلزم طالب العلم عند القائه في وسائل الاعلام ونحوها ان طالب العلم يلزمه ان يعرف كيفية التعامل مع وسائل الاعلام اذ لكل امر صنعته ولكل فن هيئته وليس العالم الذي يحسن التصنيف يكون مجيدا للحديث وللخطابة والعكس بالعكس وكذلك يقال في وسائل الاعلام فليس كل عالم يكون فقيها في فنه محسنا له مجيدا لجزئياته مجتهدا في مسائله ونوازله يصلح ان يكون متحدثا في وسائل الاعلام وهذا امر مسلم عند اهل الفن والصنعة ولهذا اصل عند فقهائنا فان الفقهاء لما تكلموا عن ادب الجدل ذكروا مسائل. وحينما تكلموا عن ادب البحث والمناظرة ذكروا امورا وكذلك عندما تكلموا عن الخطيب والمفتي اذا تكلم ذكروا اشياء متعددة متعلقة بصفة التعامل مع الاخرين فمن ذلك ما اشاروه عن لحظه ونظره عند المناظرة والمجادلة. ومن ذلك ما ذكروه عن كثرة حركته بجسده وبدنه والتفاته يمينا وشمالا. ومن ذلك ما ذكروه ايضا عن هيئته ولبسه. وكل هذا اشار له اهل العلم ليس على انه حكم في ذاته وانما بناء على ان اصله ومستمده معتبر في الشرع. ولذا فان الاعلام ليس لكل احد ان يظهر له الا بعد معرفة قواعده والية التعامل معه. سواء في الهيئة والشكل او في المواقف والردود. فان كثيرا من الناس لربما استزل في لحظة معينة او جر الى في مسألة لربما لو جعل لو كانت له الاناة والمهلة لما اجاب بهذا الجواب. فالمقصود من هذا كله ان ما ذكرته في اول الحديث ان الاعلام صنعة يلزم المرأة ان يعرف هذه الصنعة وان يعرف كيفية التعامل بها وذلك يختلف فيه الناس فليس كل احد يكون مجيدا لذلك الفن. وهذا مسلم فان الله عز وجل فظل بعضنا على بعض في الرزق فلا يكون المرء مجيدا في كل شيء ومحسنا لكل باب وعارفا بكل امر مما يستطرف ان الحافظ ابا الفضل ابن حجر رحمه الله تعالى قال ان لي شيخين احدهما كان مجيدا في الكتابة في الكتابة غير محسن للكلام والاخر مجيد للكلام والدرس والبيان ولكنه اذا كتب فان كتابته اضعف من كلامه. ثم ذكر كلاما متعلقا بهذا الباب وهذا مسلم عند اهل العلم. هذا الذي ذكرته قبل قليل هو الجزء الاول فيما يتعلق علاقة طالب العلم مع الاعلان عند القائه والجزء الثاني وهو الذي يحتاجه ربما طلبة العلم صغار طلبة العلم صغارهم وكبارهم معا وهو ما يتعلق تلقي من وسائل الاعلام وما هو موقف طالب العلم بالخصوص عند التلقي منها؟ والحديث في الجزء الثاني اطول وامتن واهم الجزء الاول بكثرة المساس والتعلق بها لكثير من الناس. ولكن لم يبقى من الوقت الا شيئا يسيرا فلعلي من المسائل ما يسمح به الوقت فيما بقي من الدقائق. اول هذه الامور ان طالب العلم الاصل عنده والمتقرر في لنفسه وهو الذي يستمسك بهذا الاصل انه لا ينشغل بوسائل الاعلام نظرا ومطالعة. هذا هو الاصل الا اذا بلي بامر من امور المسلمين فحينئذ يحتاج الى المطالعة والنظر لان هذا من الابتلاء. ومن بلي بامر المسلمين فانه يلزمه ان يفعل اشياء كما جاء في الخبر من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين جاء في تفسير معناه انه سيشغل بهذا الامر عن اشياء من الطاعات والعلم فمن بلي بامر فانه لربما احتاج الى النظر والمطالعة. والامر الثاني ان هذا عند وجود الحاجة فانه يطالعه وينظر وعندما قلت ان الاصل في طالب العلم ان يكف وان ينشغل عن وسائل الاعلام بالمطالعة لاسباب. وانا اكرر ان حديثي هنا خاص بطالب العلم المنشغل بقال الله قال رسوله قال الصحابة ليس خلف فيه. ذاك المنشغل انشغاله بالاعلام يؤدي الى امور ليست بالحسنة. اولها ان انشغاله بهذه الوسائل هو انشغال بالمفضول عن الفاضل بل ربما اقول انشغال بالمفضول عن الواجب. بل ربما اقول ولست بمبالغ هو انشغال بالمحرم عن الواجب وهذا قد يكون في بعض الاحيان ولذا فان هذا الانشغال كم اضاع على طالب العلم من وقت وكم افسد عليه من عمل؟ وكم جعل اناسا يتجهون اتجاها وينشغل قلوبهم بغير ما ارادوا ورغبوا جاء عن بعض السلف انه قال واظنه سفيان الثوري قال لو ان اهلي امروني بشراء خبز وبقل في اول حياة طلبت العلم الاصل في طالب العلم ان ينقطع بكليته له. كما قال محمد بن شهاب الزهري رحمه الله تعالى العلم ان اعطيته ويكون لك اعطاك بعضه فالعلم كلما انشغلت به وانشغلت عما سواه كلما اكتسبت منه اكثر ان العلم ايها الاخوة الافاضل لا ينال بالتمني ولا بالترجي ولا بمداعبة الاهواء والافكار والرغبة وليس العلم ايضا بالذكاء فقط ولا بنين الشهادات. وانما العلم بمكابدة الهواجر صبري في النهار وفي مجاهدة النفس والانشغال بالعلم عما سواه. الامام احمد لما بدأ في طلب العلم قالت له امه اطلب العلم وانا اكفيك الرزق بمغزلي. فكانت امه تكفيه المؤنة عن الانشغال. وفي هذا الوقت وقد وفر الله عز وجل لكثير من الناس من الاموال الشيء الكثير. اصبح شغلهم ليس الرزق وانما شغلهم بهذه الوسائل من وسائل الاتصال وغيرها. فتجد المرأة اول ما يستيقظ من نومه اول ما ينظر فيه قبل ذكره الله عز وجل ربما بعض وسائل الاتصال تجد هذا الرجل لو حسب الساعات ولا اقول الدقائق في يومه لكانت اضعاف ما يقرأ من كتاب الله عز وجل ومن حفظ سنة النبي او قراءة كتب اهل العلم وهذا اصبح ظاهرا وليس محكيا عن البعض. واعمي به ظاهرا في طلبة العلم وليس محكيا عن بعضهم. ولذلك فان الانشغال بهذه الامور هو من باب الانشغال عن الواجب. وقد يكون الانشغال بمفضول او بمباح او بمحرم كما ذكرت في اول حديث الامر الثاني ان انشغال المرء بهذه الامور مطالعة وقراءة وغير ذلك تجعل المرء من حيث لا يشعر معها ويفكر بتفكيرها وخصوصا اذا كان ما يقرأه اعلاما موجها والحديث في هذا الموضوع طويل والامثلة عليه وخاصة في القرنين الماضيين كثيرة جدا. اقرأ لبعض ادبيات وكتابات بعض المنسوبين للعلم في القرن الماضي وانظر وقارنها بما كان يطرح في وسائل الاعلام. فستعرف ان فلانا وفلانا قد تأثر بما طرح. واما الثالث فان عدم انشغاله جعله ينظر نظرا محايدا ويكتفي بالاستدلالات الشرعية ولولا ان يكون مثال الامثلة التي اذكرها تكون غيبة لاقوام في قبورهم لذكرت امثلة حاضرة في ذهني الان لعلماء منسوبين للعلم فقها وحديثا في القرن الماضي وما اثر عليهم وسائل الاعلام على بساطتها وسهولتها في القرن الماضي ناهيك عن وسائل اعلام التي تصل كل بيت في هذا الوقت الامر الثاني فيما يجب على طالب العلم ان يعنى به في هذه اه عند التلقي ان طالب العلم يعلم انه اذا نظر في هذه الوسائل وسائل الاعلام وخاصة ما يتعلق بالاخبار فان المسألة الثانية متعلقة بالاخبار فقط. وكان وخاصة اذا كان متعلقا بالاخبار فانه اذا نظر في شيء منها فان الاتم له والاكمل الا يتكلم بما وجد والا يكون بوقا ينشر به شيء من ذلك سواء بلسانه او باحد وسائل التواصل التي يعرفها ولذلك جاء عن السلف في ذلك اخبار متعددة. فجاء ان شريحا رحمه الله تعالى ورضي عنه وهو من المخضرمين ادركوا النبي الذين ادركوا النبي صلى الله عليه وسلم ولم يروه جاء ان شريحا رحمه الله تعالى كانت اذا جاءت الفتن استخبر ولم يخبر فلا يتكلم بالاخبار التي يعلمها. وجاء عن بعض السلف كابراهيم النخعي فيما روى ابن ابي زنين في كتاب اصول السنة ومحمد ابن سيرين فيما نقله عنه الجاحظ انهما كانا لا يستخبران ولا يخبران فاذا جاءت الاخبار لا يستخبر يقول ما الاخبار ولا يخبر فيحدث. فليس بالمتلقي ولا بالملقي له. لان اهل العلم لهم من الوضع ما ليس لغيرهم ولهم من المكانة ما ليس لغيرهم ولذا فان الاصل ان طالبا ان طالب العلم لا يقرأ لا يتكلم بكل ما يقرأ. ولا ينقل كل ما يسمع وخاصة في هذا الوقت لما كثرت وسائل الاعلام وتعددت وتعدد المتحدثون والخائضون فيها وقد جاء اثر عظيم عجيب قلب جليل هذا الاسر رواه البخاري في الادب المفرد عن علي رضي الله عنه ورواه ابن ابي شيبة عن ابن مسعود ونقل هذا الحديث عن صحابيين ربما دل على ان له اصلا من قول النبي صلى الله عليه وسلم. جاء ان عليا وابن مسعود رضي الله عنهما قال لا تكونوا عجلا اي مستعجلين. قال لا او قال لا تكونوا عجلا ملايين اي تذيعون الاخبار لا تكونوا عجلا مذاييع بذرا تبذرون الاخبار مما يدل على ان العالم اذا قال الكلمة ليس كغيره في نقله الخبر. لا تكونون لا تكونوا عجلا. مذاييع فان ورائكم فان ورائكم بلاء مبرحا هذا الاثر العظيم يدلنا على امرين ان هذا البلاء من اعظم الامور التي يصفه الله عز وجل عن الناس ان ينكف عن هذه الامور التي جاء في الاثر المنع منها. فلا يكون عجلا في اخباره وفي اتخاذ قراره. ولا يكون يفشي الحديث ويخبر به ولا يكون بذرا فيبذر عند الناس امورا قد يكون لها اثرا بعد ذلك وان من اشر ما يذاع ما يوقع في قلوب الناس الفتنة والخوف. او ان يكون فيه اشاعة فاحشة. ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين امنوا جاء ان معناه انهم يتحدثون بها. وقد جاء عن عطاء وغيره انهم كانوا يقولون ان الذي يشيع الفاحشة ويتكلم بها اثمه واثم من فعل الفاحشة سواء الاخبار بالامور التي تشيع الفاحشة وتخوف الناس ولا تؤمنهم انما هذا من عمل الشيطان. وقد روينا عند الترمذي موقوفا ان ابن عباس ان ابن مسعود رضي الله عنه قال ان للشيطان بابن ادم لمة وللملك ابن ادم لمة. فاما لمة الشيطان فانه فانه يخوفه. فالشيطان يرغب بتخويف الادميين. ومن ساعد الشيطان في عمله شاركه في هدفه وارادته ولذا فان الواجب على طالب العلم ان يحفظ لسانه والتأكيد في حقه اعظم لان قولا منه ليس كقول غيره من الناس بل قوله متبوع وكلامه منظور وهذا الحكم متعلق بعموم الناس لكن طالب العلم علمي اكد. اختم حديثي بامر اخير ومعي مسائل اخرى لكن ربما نجعل لها حديثا اخر. ان طالب العلم يجب ان يكون قدوة والا يأمر الناس بامر هو لا يفعله. والا يكون ظاهره خلاف باطنه فان هذه من اعظم الافات جاء في الحديث ان اول ثلاثة تسعر بهم النار منهم رجل يؤتى به فيقال فيقول قد قرأت القرآن فيقال له كذبت انما قرأته ليقال عالم وعالم بعلمه لم يعملا معذب بالنار قبل عباد الوثن ان بعض طلبة العلم والمنسوبين له قد يظهر للناس ويتكلم في مجالسهم بالمنع من الغيبة والنميمة. ثم اذا نظرت لخاصة نفسه او عند تعامله مع وسائل التواصل. حيث لا يعلم بما كتبه الا الله عز وجل. تجده يقع في فلان والا وكأن الكلام الذي يقوله مرفوعا عنه في هذه اللحظات وهذا غير عظيم طالب العلم عندما يحدث الناس بقول الله عز وجل قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم اذا نظر في وسائل الاعلام وتلقاها لربما رأى صورة محرمة او هيئة ممنوعة النظر اليها فانه يلزمه حينئذ ان ينكف ليكون ظاهره كباطنه في هذه المسألة طالب العلم عندما يسمع ويحدث على الناس بالمنع من القول بالظن وانه لا يقال الا بعلم ويقين فيلزمه كذلك ان يفعل ذلك. آآ هذا بعض ما اردت الحديث عنه واسأل الله عز وجل للجميع والسداد وان يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح. وان يتولانا بهداه وان يرزقنا علما نافعا وعملا صالحا. وان يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات واسأله جل وعلا ان يوفق جميع الحاضرين لما يحبه ربنا ويرضاه وان يوفق المسلمين لخير امورهم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا ورسولنا وحبيبنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين