بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين ثم اما بعد فاني ساجعل مبتدأ حديثي قول الله عز وجل وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين سيكون حديثي بمشيئة الله عز وجل دائرا حول هذه الاية وما دلت عليه من معان اذ موظوعنا لا يكاد يخرج عن بعظ دلائل هذه الاية العظيمة فان الله عز وجل يقول وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين قال اهل العلم ان قول الله عز وجل ينزل من القرآن ان من هذه انها ابتدائية اي بابتداء القرآن وقيل انها تبعيضية اي انه يتحقق الشفاء ببعض القرآن ولا يلزم ان يتحقق بجميعه ولذا ذكر ابن مسعود وغيره رضي الله عنهم ان من ايات الله عز وجل ايات حرز وايات تعويض كما سأذكره بعد ذلك وقول الله عز وجل ننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين هذا الشفاء قال اهل العلم انه يحتمل معنيين وكلا المعنيين صحيح فانه قد تقرر عند اهل العلم ان اللفظ المشترك يجوز ان ان يراد به في النص جميع معنييه المشتركين كما قال ابو الدرداء رضي الله عنه لا يكون المرء فقيها حتى يعلم للاية اكثر من وجه المعنى الاول لكون القرآن شفاء اي هو شفاء من الشك والكفر والريب وهذا هو المعنى الاساس والاصل في هذه الاية والمعنى الثاني في كونه شفاء اي انه شفاء للامراض وهذا ما ساطيل الحديث فيه بعض الشيء في هذا اللقاء في هذه الدقائق التي يسمح بها الوقت وعندما نقول ان القرآن شفاء كما ذكر الله عز وجل في كتابه فقد ذكر اهل العلم ان الشفاء قد يكون رفعا وقد يكون دفعا ومعنى كونه رفعا اي بعد وجود المرض ومعنى كونه دفعا اي يمنعوا وجوده فان من القرآن ما يمنع نزول المرظ والضرر بالعبد ولذا قال ابن مسعود رضي الله عنه ان المعوذتين يعني قل اعوذ برب الفلق وقل اعوذ برب الناس قال ان المعوذتين نزلتا للتعويذ ليكف الله عز وجل بهما شر الاذى من سائر الاذى الذي قد يطرأ على بني ادم اذا فقول الله عز وجل ان القرآن شفاء يدلنا على انه شفاء لما وقع وشفاء يمنع ما سيقع وقد جاء عن في قول الله عز وجل له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله جاء عن علي رضي الله عنه انه يكتب في اللوح الذي في السماء الدنيا ان فلانا سيصيبه من المرض كذا وكذا فاذا فعل كذا وكذا كف عنه المرض وزيد في عمره قال واما الكتاب الذي عند الله عز وجل فانه لا لا يتغير ولا يتبدل وهذا هو قول الله عز وجل ويمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب فيمحو الله ما يشاء ويثبت في الكتاب الذي في السماء الدنيا واما الكتاب الذي عنده وعلمه جل وعلا فانه لا يتغير ولا يتبدل اذا هذا القرآن قد يمنع ضررا قد كتب على ابن ادم كتب الله عز وجل انه ان قرأ كذا او استمع لكذا فان الله عز وجل سيدفع عنه ذلك الضر ويمنع عنه ذلك الشر اذا عرفنا ذلك وهو ان القرآن شفاء للشك وشفاء للمرض وان الامراض شفاء القرآن لها. اما ان يكون على سبيل الرفع واما ان يكون على سبيل الدفع فالرفع بعد وقوعه والدفع قبل وقوعه فان هذه الامراض التي يشفي الله عز وجل منها ليست مرضا واحدا ولذلك فان هذه الاية جاء فيها وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين وقد قرر اهل اللغة واهل الاصول ان النكرة المفردة اذا جاء في سياق اثبات فانه يعم عموم احوال وهو المسمى بالمطلق فدل على انه يشفي الامراظ كلها ولذا فان الامراظ التي يشفي منها القرآن ليست خاصة بالعين ولا بسائر الامراض التي تسمى بالروحية وانما هو اعم من ذلك فيشمل جميع الامراظ الثلاثة يشمل اولا الشفاء من الامراض العضوية ولذلك فان الرجل لما لدغ في عهد النبي صلى الله عليه وسلم رقاه اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كابي سعيد وغيره فشفاه الله عز وجل من تلك من اثر تلك اللدغة وهذا يدلنا على ان الامراض العضوية يشفي الله عز وجل بها من القرآن بالقرآن كذلك يشفي الله عز وجل بها من الامراض المسمى بالروحية وهي العين والمس والسحر وهذه الامور الثالث ثلاث ثابتة في كتاب الله عز وجل وسنة النبي صلى الله عليه واله وسلم وحين ذاك فنقول اما وقد وردت وقد ورد شفاؤها ومن الشفاء منها ما يتلى على المرء او يقرأه بنفسه من كتاب الله عز وجل الامر الثالث الذي يشفي الله عز وجل به وقد ابسط فيه بعظ البسط وهو ان الله عز وجل كما يشفي بالقرآن من الامراظ العظوية والروحية فان الله عز وجل يشفي به من الادواء النفسية سواء كانت مرظا او كانت اضطرابا ووجه شفائه للامراض النفسية اوجه متعددة ومن ذلك ان القرآن يزيد ايمان المرء بربه جل وعلا وكلما تقوى ايمان العبد بربه وتعلق به كلما قوي ايمانه بالقضاء والقدر فهانت عليه مصيبته وقويت نفسه ففي هذه الحال تقوى نفسه فيكون سببا في قوة بدنه ولذلك ذكر الله عز وجل ان القرآن يلين القلوب ثم بعد امانته القلوب فانه يجعل ذلك القلب خاشعا لله سبحانه وتعالى اما الان القلب شيء ولا جعل القلب مخبتا لله عز وجل اعظم من هذا الكتاب العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من عزيز من حكيم حميد المقصود ان من نفعه في الامراض النفسية نفعه من جهة انه يقوي الايمان ومن الايمان بالله الايمان بقضائه وقدره ايعلم ان ما اصابه لم يكن ليخطئه وان ما اخطأه لم يكن ليصيبه وان هذا مكتوب في اللوح المحفوظ قبل قبل ان يخلق قبل ان يخلق الله السماوات والارض بخمسين الف سنة الا يدخل عليه الشيطان بلوم ولا يأتيه الشيطان فيندمه لفعل امر او لترك شيء اخر ولا يجعله يقارن نفسه بغيره وانما يعلم ان هذا من قضاء الله وقدره ثم اعجب من ذلك فان الايمان بالكتاب يجعل المرء يفرح بالبلاء وقد جاء عن بعض التابعين انه كان يقول كانوا يعني اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم او يعني الصالحين من الانبياء ومن كانوا قبل محمد صلى الله عليه وسلم قال كانوا يفرحون بالبلاء اشد من فرحهم بالعطاء وهذا واضح في سير الاوائل فان كثيرا من الاوائل كان اذا طال به الامد ولم ينزل به بلاء تضايق وازداد حنقه لانهم علموا ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ان مثل المؤمن كمثل خامة الزرع تأتيها الريح فتميل فتميلها يمينا ويسارا ثم اذا سكنت الريح قامت واما المنافق فمثله كمثل الارزة لا تضرها ريح حتى اذا اتتها ريح عاصف اسقطتها فلم تستطع القيام بعد ذلك ومما يذكر في ذلك فيستطرف ان احد فقهاء المسلمين وهو سحنون تلميذ تلاميذ الامام مالك انه كان مرة جالسا مع اصحابه في درسه لكنه كان متنكدا منقبض النفس حتى اذا جاءه خادمه فاسر في اذنه امرا فانطلقت اساريره وانشرح صدره فجاء بعض تلامذته له وسأله عجبا من حاله فانه لم يستر حتى سمع ذلك الحديث من خادمه فقال سحنون نظرت في نفسي اوجدت اني لم اصب ببلاء في بدني ولا في مالي ولا في ولدي واني وان لي جاها عظيما في البلد فخشيت ان يكون ذلك احد امرين. اما علامة نفاق او ان الله عز وجل سيأتيني ببلاء يذهبني مرة واحدة حتى اذا جاء ذلك الخادم فاسر لي في اذني ان حديقة يعني مزرعة ان حديقة لي في المكان الفلاني اصابها حريق ففرحت بما اصابني من بلاء لما اعلم ان الله عز وجل قد دفع عني اكثر ولذلك من من الامثلة الدارجة بيننا انه اذا اصيب امرؤ بمصيبة قال ما دفع الله كان اعظم. وهذا حق فان المرء يدفع الله عز وجل عنه البلاء الاعظم بالبلاء الاشد وهذه مرحلة للمتقين وهي الرضا ببلاء الله عز وجل والرضا بالمرض ليعلم ان ما اصابه اخف واقل مما اصاب غيره وان هذا من رحمة الله اذ اصيب بالاقل ليدفع عنه الاعظم الى غير ذلك من الامور التي ربما يكون الحديث لغيري عنها فيما يتعلق بعلاج الامور النفسية بالقرآن ولكن بقي من الوقت شيء قليل اختصره في الجزء الثاني من هذه الاية. وهي قول الله عز وجل وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين عرفنا كيف ان الشفاء انواع وليس نوعا واحدا ولكن هنا مسألة مهمة وهو كيف يكون القرآن سببا للشفاء هل يكون القرآن كما ظن بعض الناس بوضعه مصحفا فوق الجسد او يكون بفتح ورقاته والنظر اليها او غير ذلك من الامور قال اهل العلم ان الشفاء بالقرآن بثلاثة امور بتلاوته واستماعه والرقية به ساذكر هذه الامور الثلاث على سبيل اجمال ثم ربما ابسط الثالثة لانه ربما كان الحديث عنها ربما كان الحديث عنها مخصوصا في هذا اللقاء اما الامر الاول وهو القراءة فان اعظم ما ينتفع به المرء بالقرآن قراءته بانه يشترك فيه لسانه ولا يكون المرء قارئا للقرآن الا بحرف وصوت باجماع اهل العلم حكاه ابو الخطاب والنووي وغيرهم فان مجرد النظر الى اوراق المصحف وقراءته وقراءة الاي بالذهن لا يصدق عليه انه قراءة اذ لا قراءة الا بحرف وصوت ولاهل العلم مسلكان في الحد الادنى لما تكون به القراءة والكلام ثقيل ان اقله تحريك اللسان والشفتين في الادميين. فلا حرف ولا صوت ولا كلام من الادميين الا بتحريك لسان وشفتين وقيل وهو الاحوط انه لا بد ان يزيد على ذلك بان يسمع نفسه اذا لا قراءة قيل الا بان يسمع نفسه وقيل الا بان يحرك لسانه وشفتيه واما مجرد النظر في الاي فلا يسمى قراءة ولذلك فان الاصم لا يكون قارئا للقرآن وان كان يستطيع النظر وفهم المعاني. وان كان هذا له اجر ساذكره بعد قليل فيما تعلق بالتفكر في المعاني اذا هذه المسألة الاولى في كيفية القراءة وانه لابد فيها من احد امرين على خلاف في حد ذلك الامر الثاني ان هذه القراءة كما يشترك فيها اللسان بالنطق فانه يتم يتم فيها الاجر كاملا ويتحقق بها النفع تاما اذا اشترك القلب مع اللسان ولذلك فان الذكر للقرآن ولسائر الاذكار نوعان وان شئت قل هو ثلاثة انواع النوع الاول من يذكره بلسانه فقط اي بدون قلبه والنوع الثاني وهو الاتم والاكمل من يذكر القرآن ويقرأه ويذكر الاذكار بلسانه وقلبه معا فاذا قرأ اية كتاب الله عز وجل تأمل فيها ولو لم يتأمل الا باسماء الله وصفاته لكفى ولذلك يقول الله عز وجل ان لله تسعة وتسعين اسما مئة الا واحدة من احصاها دخل الجنة قيل معنى احصائها ان ان يعرفها وان يقرأها وهي كلها في كتاب الله عز وجل وان يتفكر في معانيها وان يدعو الله بها ولذلك لما دعا الله عز وجل زكريا دعا الله عز وجل باسم يناسب طلبه انك انت الوهاب لما اراد ان يدعو بالولد فمن اراد ان يدعو بالشفاء فيدعو الله عز وجل بالاسماء التي تناسب ذلك من اراد ان يدعو الله بالتخفيف عنه مما هو فيه من ضيق وشدة فيدعو الله عز وجل بالاسماء التي تناسب ذلك مما هي في كتاب الله عز وجل من قرأ القرآن ثم تأمل الايات التي فيه بعظمة الجبار جل وعلا وقدرته سبحانه وانه قادر على كل شيء حينئذ يهون عليه مرضه وما اصيب به من بلاء من قرأ القرآن ونظر ما فيه من العزة وما فيه من القوة ما يكون فيه من ضعف في حالات وما يكون فيه من وهن في اوقات فانه بقراءته لكتاب الله عز وجل تقوى نفسه وتعتز وتكون اقوى حظا مما من حالها قبل ذلك اذا اكمل من ينتفع بالقرآن شفاء واجرا وانتفاعا وفقها هو الذي يقرأ به يقرأه بلسانه وبقلبه معا. اما لسانه فعرفناه بان يحرك لسانه وشفتيه قيل وان يسمع نفسه واما بقلبه فان يتفكر في معانيه وان ينظر في دلائله فما نظر احد في كتاب الله الا زاده الله ايمانا وقوة ويقينا ويشهد لذلك ما جاء ان ان عدي بن حاتم الطائي اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا عدي اتعلم ما معنى الله اكبر فقال عدي الله ورسوله اعلم قال معناها ان الله اكبر من كل شيء ادل النبي صلى الله عليه وسلم عليا لفضل القراءة والتفكر بالقلب فكم من امرئ يكبر لكن ان تأمل ان الله عز وجل اكبر من كل شيء اكبر من الظالم. واكبر من المرض والله عز وجل اكبر من كل شيء. كل اسباب الدنيا الله عز وجل اكبر منها واقدر واجل سبحانه وتعالى فحينئذ يقوى ايمانه وينتفع. اذا الامر الاول يكون بالقراءة ولذا فان مجرد قراءة العبد للقرآن سبب لشفائه الامر الثاني وهو الاستماع ولذلك فانه يقول اهل اللغة واهل الفقه ان زيادة المبنى زيادة للمعنى ففرق بين السماع والاستماع فالسماع مجرد طرق الصوت للاذن واما الاستماع فهو ارخاء السمع له وكل من استمع للقرآن اجر عليه لكنه دون اجر التالي لكنه يشترك مع التالي في التفكر بالقلب فمن ارخى سمعه للقرآن وتفكر في معانيه ودلائله فانه سينتفع به ولو كان القارئ له غير قاصد رقيته بل ولو كان قراءة القرآن مسجلة ولكنه يرخي لها سمعه وهنا مسألة مهمة جدا فان هناك فرقا كما ذكرت لك بين الاستماع والسمع ولذلك طبعا من نفع الاستماع قول الله عز وجل واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا فمجرد التلاوة التلاوة وارخاء السمع لها يزيد الايمان ويقوي النفس ويشفيها كما ذكر الله عز وجل في كتابه اريد ان ابين مسألة ان الانتفاع انما هو بالاستماع واما السماع فلا اجر فيه ولا نفع والسماع هو ان يطرق السمع او الصوت الاذن ولذلك فان بعضا من العلماء في بعض البلدان قبل قرن ونحوه لما جاءت هذه الاذاعات والمسجلات وغيرها افتى بعض الحنفية بانه لا يجوز وضعه في الاسواق لان الناس مشغولين بالصخب مشغولين بالبيع والشراء ومع ذلك فانه ولاجل ذلك فانهم لا يرخون سمعهم للقرآن قالوا ولانه لا ينتفع بالقرآن ولا يؤجر الا من استمع اليه فمجرد جعل الاية تتلى سماعا ليست بنافعة في الاجر وليست بنافعة بنافعة ايضا في التلاوة بل لابد من التفكر في المعاني الا ان يكون من باب الرقية ساذكره بعد قليل في النوع الثالث ولذلك فان مجرد استماع المرء التالي في صلاة او خارج صلاة فان الله عز وجل يزيد بها الايمان ويقوي بها النفس وينفع بها بامر الله عز وجل الامر الثالث وهو الذي سأبسط فيه في الدقائق الخمس الاخيرة التي ساختم بها حديثي وهي قضية ان الله عز وجل يجعل الشفاء بالقرآن بالرقية ومعنى كونها رقية اي معوذة قبل الوقوع كما جاء عن ابن كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ ابناءه وجاء عن ابن عمر انه يعوذ ابناءه او يكون تلاوتها بعد وقوع البلاء بسائر انواع المرظ وفي كلها خير ونفع وهذا التالي اذا قرأ على غيره انتفع غيره به وان لم يكن مستمعا بل وان لم يكن مؤمنا فقد جاء في حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه انهم اتوا قوما فاستطعموهم فابوا ان يطعموهم وكانوا قوما كفارا فلدغ سيدهم فقالوا هل فيكم من راق قال ابو سعيد فرقيته بالفاتحة فشفي فدل ذلك على ان الرقية نافعة اذا كان الراقي الذي يقرأ وان لم يكن ذاك مستمعا فان الصبي ليس بمستمع لانه صغير لا يستطيع الاستماع بل ولا نية له. بل ولو كان غير مسلم وهذه الرقية جاءت صفتها في طرائق متعددة فجاء مرة الرقية بالقراءة وجاء مرة الرقية بالنفس اي الصوت الاول فقط والثاني بصوت مع نث وجاء كذلك الرقية في ماء ويشرب ذلك الماء وجاء او يغتسل به وجاء ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه وكل هذه الامور ورد بها النقل والاثر عن النبي صلى الله عليه وسلم او عن اصحابه وبناء على ذلك فلو لم يرد بها النقل لقلنا انها غير مشروعة لانها عبادة وهذا ينقلنا للموضوع الاخير الذي ساختم به حديثي مع انه يستحق الحديث وحده. وهو قضية ما يحدث من كثير من الناس من اخطاء عند فعلهم القراءة على الغير والرقية له فانه ليس كل مريد للخير يصيبه ولا كل راغب بنفع الناس يكون مصيبا الهدى ولذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اياكم والغلو قال عبدالله بن الامام احمد فقلت لابي الغلو في ماذا قال الغلو في كل شيء فكما ان الغلو قد يكون في العبادات والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر الغلو في الرمي الجمار فان الغلو كذلك قد يكون بهذه الرقية التي يظن بعض الناس انه ينتفع بها اخرون فيكون صاحبها غير مصيب بل هو مخطئ ولذلك قرر اهل العلم وانتبه لهذه القاعدة المهمة ان الامر المحرم لا يترتب عليه اثره. هذه قاعدة مسلمة عند اهل العلم كل امر محرم فانه لا يترتب عليه اثره مطلقا فمن دعا الله عز وجل بدعاء فيه اثم او قطيعة رحم لم يستجب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من دعا الله عز وجل او فعل عبادة في موضع غير مشروع فانه لا يستجاب وهكذا سائر الاحكام وهذه قاعدة تطبيقات وبالوف المسائل. اذا كان ذلك كذلك هل يعلم المرء ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد الذي يقوم بهذه العبادة او هذا الفعل وهو الرقية. وكان على غير طريقة هدى وعلى غير طريق صواب فانه يكون فعله مردود اي محرم وبناء عليه فلا يترتب عليه اثره. فان قلت فاننا نجد بعضا من الذين عندهم انحراف في الرقية قد يترتب على رقيتهم اثر نقول لا جدالة في ذلك فقد بين اهل العلم انه ربما وقع في نفس المريظ من الاضطرار الى الله عز وجل ما يجعل دعاءه مستجابا ولو لم يفعل هذا الفعل الممنوع وقد قال الله عز وجل امن يجيب المضطر اذا دعاه فبين الله عز وجل ان كل مضطر ولو كان كافرا اذا وقع في قلبه من الاضطرار فان الله يستجيب دعاءه بل ولو دعا عند قبر ولذلك فان من دعا عند قبر فاجيب دعاؤه لا نقول ان اجابة الدعاء لكونه في الموضع الفلاني وانما نقول ان اجابة الدعاء لما وقع في القلب من اضطرار امن يجيب المضطر اذا دعاه قال اهل العلم ما الصحابة ومن بعدهم؟ يجيب الله كل مضطر ولو كان كافرا اذا فقضية التجارب وان هذا نفع وان هذا صلح وان هذا اجيب دعاؤه وان ذاك قد نفعت رقيته ليست دليلا على صواب هذه الطريقة وانما الصواب في التمسك بالنقل. ما هو الغلو؟ على سبيل الايجاز سأذكر نوعين فقط من الغلو والا هي تتجاوز العشر لضيق الوقت تذكر امرين مهمين واظن ان من سلم من هذين الامرين فان الله عز وجل سيعصمه من اغلب الاخطاء التي يقع فيها كثير من الرقاة اول هذين الخطأين التي فيها غلو وهو الغلو بالرقية باعتبار التشخيص وقد انكر الائمة ذلك فقد جاء عن امام الائمة ما لك بن انس الاصبح المدني الذي نزل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم عند الترمذي وغيره يكاد الناس ان يضربوا اكباد الابل فلا يجدوا الا عالم المدينة جاء عن الامام ما لك ان رجلا جاءه فقال ان فلانا يرقي الناس فاذا رقى الناس قال يا فلان فيك عين ويا فلان فيك سحر ويا فلان فيك مس. فغضب الامام ما لك اشد الغضب وقال بدعة بدعة بدعة اين هذا في كتاب الله عز وجل اين هذا لا يوجد في كتاب الله عز وجل علامة واحدة على احد هذه الامور الثلاث وانما قال النبي صلى الله عليه وسلم العين حق وبين الله عز وجل ان السحر حق وما يعلمان من احد حتى يقولا انما نحن فتنة فيتعلمون منهم وما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من احد الا باذن الله وكذلك غيرها من الامراظ الروحانية ولذلك فإن من اخطر الامور ان المرء يتوسع في التشخيص واول التشخيص ان يشخص المرض كما لو كان طبيبا او كان فنيا حتى اني لا اقول لكم سمعت وانما قال لي هذا الشخص بعينه انه ذهب لراق ثم ان الراقي قال له ان فيك تسعة وتسعين جنيا تلبس بك او يقول ان السحر مسحوق ان فلانا مسحور وساحره فلان او يقول ان نوع السحر كذا ويأتي بالفاظ المشعوذين والسحرة وكل هذا لا يجوز حرام هذا من اخطر الخطير النبي صلى الله عليه وسلم طب عليه الصلاة والسلام ولم يقل انه قد طب الا لما جاءه الوحي ولذلك يجعل هذا الراقي الناس في وهم ويجعل الناس يتوهمون امورا لا حقائق لها لا باعتبار نوع ما اصيب به ولا باعتبار من اصابهم ولذلك قد يكون ذلك الرجل سببا في التفريق. فيفرقون به بين المرء وزوجه كم من بيت وكلنا يعرف بلا استثناء؟ كم من بيت حدثت بينهم قطيعة وكم من رجل طلق زوجة وكم من رجل حدثت له مشاكل كثيرة بسبب ايهام ذلك الراقي له انه مصاب باحد هذه الادواء ثم يأتيه الوهم من ذلك الراقي او من غيره ان الذي كان متسببا به فلان او علان وهذا لا يجوز كل هذا لا يجوز وحرام وهذا من اخطر الخطير اذا هذا الامر الاول وهو الخطير على سبيل الاجازة. الامر الثاني في التشخيص ان بعض الناس اذا شخص هذا المرض يرتب عليه امرا اخر وهو صفة العلاج فيقول ان الامر الفلاني يقرأ عليه كذا سبعا والشيء الفلاني تقرأ عليه الايات الفلانية دون ما عداها والامر الثالث يقرأ في اليوم كذا وفي الليلة كذا وهذا ليس بجائز نعم يقول اهل العلم ان المرء يجوز له ان يجعل له وردا خاصا به. يقرأه في يومه وليلته وهي التي سماها علماء السلف او العلماء المتقدمون بايات الحرص جمعها بعضهم وقد طبع بعض كتب المتقدمين الذين اشاروا اليها لكن ليس لك ان تقول ان هذا سنة او تقول للناس ان هذا افعلوه وهذا الذي جعل بعظ الناس يتعلق باي معينة دون ما عداها في القراءة. وهذا منهي عنه فكأنك جعلت لهذا القرآن من الخصيصة والنفع ما ليس لغيره العلماء يقولون ان القرآن وسائر الدعاء اذا خص بزمان او بمكان او بعدد او بفضل فلا بد فيه من التوقيف فان لم يكن توقيفا فانه يكون حينئذ بدعة غير مشروع وهؤلاء الرقاة كثير منهم يجعل له وردا لغيره ويأمرهم بفعله وهذا خطير جدا حتى اني سمعت من احدهم وهو يشار اليه بالبنان في ذلك يقول ان لكل سورة في القرآن حارسا من الجن يكون معها وهذا خطير وسأنبه عليه بعد قليل ان شاء الله عز وجل اذا هذا الامر المهم وهو ان الانسان يبتعد عن التشخيص سواء في نوع ما ظنه او توهمه والامر الثاني في نوع العلاج وهو التلاوة او الذكر الامر الثالث ان يبتعد عنه في منع ما يصاحبه وكثير من الرقاة يقول اذا قرأت لا لا تتعامل بالدواء. اترك الادوية الفلانية انا الذي ارقي وحدي بانها تتعارض اين هذا في كتاب الله؟ ما يجوز ما يجوز انت تضر ذلك الرجل بل ان كلامك هذا يعارض نصوص الشرع. فالشرع يقول ان العلاج دائر بين الاباحة وما قاربها فكيف تمنع وتقول ان هذا المباح او المندوب ممنوع ويتعارض مع القرآن معنى كلامك ان هناك تناقض وتعارض بين القرآن وبين هذا الامر وهذا خطير جدا قبل ان انتقل المسألة الثانية التي اختم بها الحديث ومعذرة الاطالة. وهي مسألة ان هذا التشخيص كثير من الناس يزعم انه انما شخص به باعتبار ما وقع لنفسه او باعتبار ما حدثه به قرينه. وهذا يكون مرء قد جمع مصيبة عظيمة اضافة لمصيبته التي هو فيها من من الاحداث ومن فعل ذلك فانه يحرم اتيان اليه ويحرم سؤاله ويكون ذلك كاهنا وان لم يك ساحرا والاتيان للكاهن قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم من اتى كاهنا فسأله لم تقبل له صلاة اربعين يوما فالكاهن الذي يقع في روحه وروعه يقع في روعة عفوا الذي يقع في روعة وفي نفسه ان فلانا فيه من الادواء كذا او يأتيه كما يزعم قرينه ويقول ان فيك كذا هذا لا يجوز الاتيان اليه اقول هذا لم؟ لانه انتشر الان وخاصة في مواقع اليوتيوب بعضا من الرقاة يأتي بعجائب الامور والمشاهدات له لا اقول بالالوف بل تجاوزت مئات الالوف مما يدل على ان الناس ما اسرع ان يتساقطوا في البدع وما اسرع ان يتساقطوا في الظلال وقد جاء ان عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه ذكر الدجال وكذبه ودجله فدخل ثم دخل بيته وكان امير الكوفة فسمع بعض الحاضرين الذين سمعوا حديثه يذكرون الدجال ويقولون لو خرج لظربناه بالنعال فخرج اليهم بن مسعود وقال والله لو خرج الدجال في بابل لاشتكيتم الحفاء اليه اذا ما اسرع وقوع الناس بحبائل الدجاجلة وما اسرع ما يصدقونهم ولذلك جاء الشرع باغلاق باب الوسائل خشية الوقوع في المقاصد وكم من امرئ ظل في دينه وقدح في توحيده مدخل يظنه من باب العلاج فكان سببا في ضده ولذلك فان امر الرقية ثابت ولكنه ليس بهذا الامر. الامر الاخير اختم به حديثي تماما. وهو قضية ان مما يتحقق به او الخطأ العظيم الثاني وهو قضية اخذ الاجرة وصدقني لو ان كل راق لا يأخذ اجرة لذهب ثلاثة بل تسعة بل ربما تسعة وتسعون بالمئة من هؤلاء الرقاة وقد ذكر جمع من اهل العلم الاجماع على ان اعمال القرب لا يجوز اخذ الاجرة عليها ومن اعمال القرب كما قره جماعة منه الشيخ تقي الدين الرقية وكيف انه لا يجوز اخذ الاجرة عليها؟ لان من اخذ اجرة على عمل قربة فان حظه منها الاجرة وليس له اجر وحيث لم يكن له اجر فلا ينتفع هو بها ولا ينتفع غيره كذلك بها ولذلك حكي اجماع على ان الراقي لا يجوز له ان يأخذ الاجرة وقد وقفت على محضر هنا في احد الجهات الرسمية في الرياظ لاحد الرقاة وهو يقول عاقدت فلانا انه اخذ على الرقية خمسة عشر مليون هنا في الرياض وهذه قبل سنة او سنتين قريب جدا خمسطعشر مليون على قراءة شخص واحد هذا الرجل كيف يكون اجره؟ وقد قلت لك انه انعقد الاجماع على انه لا يجوز. فان قلت ان حديث ابي سعيد فيه ان ابا سعيد واصحابه قالوا لديغ وقومه اجعلوا لنا جعلا فجعلوا لهم جعلا واكل منه النبي صلى الله عليه وسلم نقول نعم يجوز بانه متقرر ان الاعمال القرب يجوز اخذ الجعل عليها ولا يجوز اخذ الاجرة والفرق بين الجعل والاجرة ان الاجرة على العمل واما الجعل فيكون على النتيجة فابو سعيد قال ان شفى الله مريظك فجعله معلقا على الشفاء واما هؤلاء فيقول اقرأ عليك القراءة بخمس مئة بل ان احدهم في هذه السنة يقول القراءة بعد الساعة اثنا عشر بالف اتيك البيت باثنعش وقبل الساعة الثانية عشر بخمس مئة هذه هذه الاشهر القريبة اقل من سنة ولذلك فان جعلها وسيلة للكسب يدل على عدم انتفاع صاحبها بها ومن انتفع بها فربما بسبب الاضطرار الذي يقع في قلبي ذلك المضطر الذي دعا الله عز وجل عندها وان النفع انما هو يكون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من استطاع منكم ان ينفع اخاه فليفعل ان ينفعه ما قال ليعاوضه يجعلها تجارة ولذلك اذا كانت تجارة فانه يريد ان يجعل من الطقوس ومن يجعل من من من الهالة على هذا الفعل ما يستصعبه كثير من الناس فيقول انا لي طريقة معينة من الطقوس لكي لا يقول اي واحد استطيع ان افعل مثل ما فعلت ايحدث في دين الله عز وجل شيئا عظيما وقد جاء عند الدارمي ان الرجل في اخر الزمان يقرأ القرآن فيقول لم اتبع قرأت القرآن ما احد اتبعني قال فيحدث للناس حدثا ليتبع وما اكثر ما يحدث في هذا الباب وثق ان من اخطر ما يقع فيه الرقاة القدح في التوحيد اذ يعلق الناس بغير الله اذ يعلقهم باوهام بشياطينا وغيرها اذ قد يوقعهم في بعض البدع والمحدثات هذا ما اردت الحديث عنه وهو يعني بعض مما في خاطري في هذا الموضوع المهم واعتذر لاجل الاطالة فقد اخذت جزءا زائدا عن وقتي اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يرزقنا جميعا العلم النافع والعمل الصالح