بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين ثم اما بعد ايها الاخوة الاكارم فاننا نلتقي في هذه الليلة في هذا المسجد الطيب المبارك لنتذاكر حديثا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتذاكره كثيرا مع اصحابه ويشير اليهم به وينبههم لخطره وكان اصحابه بعده رضي الله عنهم يتذاكرون هذا الامر فيما بينهم ويوصي بعضهم بعضا باسباب النجاة منه بل قبل ذلك كله فان في كتاب الله عز وجل حديث طويل لا يمل لا تمل منه ولا تشبع منه قلوب المؤمنين حديث عن نفوسهم واعمالهم وعن الفتن التي تعرض ايها الاخوة ان حديثنا في هذه الليلة حديث عن الفتن ولا اخفي ولا اخفي سرا او اكشف مخبوءا عندما اقول ان الحديث عن الفتن هو حديث عن بحر وذلك ان الحديث عن الفتن هو حديث عن الليل والنهار فان المرء في ليله ونهاره تمر عليه من الفتن ما الله به عليم الحديث عن الفتن هو حديث عن الدنيا كلها. من اولها لاخرها وحديث عن الاخرة معا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا مات ابن ادم فقد قامت قيامته وبين النبي صلى الله عليه وسلم ان المرء اذا مات فانه يتعرض للفتن. انكم تفتنون في قبوركم فالمرء في الدنيا معرض للفتن وفي البرزخ اذا قامت قيامته معرض للفتن. وفي الاخرة معرض للفتن. ولا يأمن من الفتن الا من امنه الله عز وجل ودخل الجنة. فحين ذلك امن ولا خوف رشاد ولا فتنة بعد ذلك ولذا فان الحديث عن الفتن حديث عن الخير والشر معه. كما قال ربنا جل وعلا ونبلوكم بالشر والخير فتنة بل احب الناس اليك واقربهم الى فؤادك وقلبك هم فتنة انما اموالكم واولادكم فتنة ولذا فان الحديث عن الفتن حديث طويل متشعب متعدد المسالك ومن اراد الحديث عنه فانه سيحار عن اي الفتن يتكلم. وعن اي انواعها يتحدث ولذا اثرت هذه الليلة الا اذكر من الحديث الا حديث خبير بالفتن. رجل هو رجل عني بالفتن وتتبعها والنظر في اسباب السلامة منها عرفها من في من لا ينطق عن الهوى محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم. وما ينطق عن الهوى ان والا وحي يوحى اذا حديثنا الليلة هو غيظ من فيظ مما جاء عن سر رسول الله صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وخصصت الحديث بخبر حذيفة لانه رضي الله عنه كان اعلم الناس بالفتن وانواعها واسباب النجاة منها ومن هم الواقعون فيها فقد ثبت في صحيح مسلم عنه رضي الله عنه انه قال والله اني لاعلم الناس بكل فتنة اني لاعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيننا وبين الساعة فهو رضي الله عنه اعلم الناس بالفتن. لانه اخذها من في رسول الله صلى الله عليه وسلم باعلم الناس اي من عهد الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم الى قيام الساعة وقد شهد له الصحابة بذلك فقد جاء عند الحاكم ان علي بن ابي طالب رضي الله عنه سئل عن حذيفة فقال هو اعلم الناس بالمنافقين يقين والمنافقون هم اكثر الناس وقوعا في الفتن واستجرارا لها خصصنا الحديث بخبر حذيفة رضي الله عنه لانه رضي الله عنه مع علمه بالفتن فقد كان معتنيا بها وبحفظها وبسؤال النبي صلى الله عليه وسلم عنه. فقد روى الشيخان عن حذيفة رضي الله عنه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما ترك فيها شيئا الى قيام الساعة الا ذكره. علمه من علمه وجهله من جهله فبين رضي الله عنه انه علم هذه الفتن وتعلمها. وجاء عند ابي داوود عنه رضي الله عنه انه كان رضي الله عنه يتابع النبي صلى الله عليه وسلم ويسأله عن الفتن. قال حذيفة كما عند ابي داوود كان الناس يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت اسأله عن الشر وعرفت ان الخير يسبقني فلما كان رظي الله عنه معنيا بهذا الامر كان سببا للعناية بخبره. وهذا الذي جعله يسأل النبي صلى الله عليه وسلم انه يكثر من السؤال حتى لقد سأله عن كل شيء من الفتن. روى مسلم في الصحيح عن حذيفة رضي الله عنه قال اخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائن الى ان تقوم الساعة. فما منه شيء الا سألته فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصغائر والكبائر من الملاحم والفتن التي تقع وعن اسبابها وكلياتها جزئياتها وعن اسباب النجاة منها وجاء عنه رضي الله عنه عند ابن ابي شيبة وغيره انه حكى حاله وحال اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال ان اصحاب يعني اصحابه عند النبي صلى الله عليه وسلم ان اصحابي تعلموا الخير واني تعلمت الشر. قيل له وما حملك على ذلك؟ قال انه من يعلم الشر يتقه فان المرأة اذا عرف الشر اتقاه. واذا عرف واذا عرف الضر ابتعد عنه. عرفت الشر لا للشر ولكن اتقيه ومن لا يعرف الشر يقع فيه ولذا كان رظي الله عنه سر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد اخبره من الخبر وذكر له من الامور ما لم يخبر به احدا. جاء عند الترمذي عن ابي هريرة رضي الله عنه انه ذكر حذيفة فقال حذيفة سر رسول الله صلى الله عليه وسلم خصصنا الحديث عن حذيفة لانه رضي الله عنه لما علم ذلك الخبر طال عمره. فاصبح يحدث بما علم عن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الصحابة رضوان الله عليهم تداركتهم المنية مبكرا قبل عروض الفتن. فان اول الفتن العظام كانت بقتل عمر. ثم بقتل عثمان ولم يمد الله عز وجل عمر كثير من كبار الصحابة بعد ذلك. جاء في صحيح مسلم عن حذيفة رضي الله عنه انه قال لما حكى سؤاله النبي صلى الله عليه وسلم وما اخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم من فتن؟ قال رضي الله عنه وما بي ان يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم اسر الي شيئا لم يحدثه غيري. يقول انه ليس امر خصصت به دون غيره. في الجملة. وما بي ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم اسر الي لم يكن يحدث غيري به ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدثنا في مجلس عن الفتن ثم ذكر ذلك الحديث قال حذيفة فذهب اولئك الرهط الذي الذين سمعوه كلهم ولم يبق غيري وهذا الاثر منه رضي الله عنه يدل على ان من اسباب تقديم خبره في الفتن انه حدث بها وغيره لم يحدث بها لقصر عمره وعدم مدها بعد ذلك وجاء عن حذيفة رضي الله عنه عند ابي داود انه ذكر ان بعض اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نسوا ما سمعوه منه في بعض اخبار الفتن فجاء عنه رضي الله عنه انه قال والله ما ادري انسي اصحابي ام تناسوا والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قائد فتنة الى ان تنقضي الدنيا الا وقد سماه لنا النبي صلى الله عليه وسلم باسمه واسم ابيه واسم قبيلته ومن عجيب خبر حذيفة بخصوصه رضي الله عنه انه قد جاء ان النبي صلى الله عليه وسلم امر بسماع خبره وتصديق نقله بالخصوص فقد روى حذيفة فقد روى الترمذي عن حذيفة رضي الله عنه انه قيل للنبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته يا رسول الله لو استخلفت فقال عليه الصلاة والسلام ان استخلفت عليكم فعصيتموه عذبتم ولكن ما حدثكم حذيفة فصدقوه وما اقرأكم عبد الله يعني ابن مسعود فاقرأوه ولذلك فان الصحابة عنوا بخبر حذيفة بالخصوص فكانوا يسألونه عن الفتن فكان عمر يتتبعه في الازقة يسأل يسأل حذيفة هل سماه النبي صلى الله عليه وسلم مع من سمى من المنافقين وجاء عند نعيم ابن حماد ان ابا موسى الانصاري رضي الله عنه جاء لحذيفة ابن اليمان فقال اخبرنا بامر نأخذ به بعدك فنجد ان الصحابة سألوا حذيفة عن الفتن واستخبروه عن سبب الامان منها. وهذا يدلنا على ان قدره عند الصحابة عظيم وانما يعرف الفضل اهله وحذيفة رضي الله عنه لما علم ما حواه صدره من العلم وخاصة في هذه الامور كان يطلب من الناس ان يسألوه ولذا فان من عني بخبره ونقله في الفتن خصوصا وفي العلوم التي نقلها عن النبي صلى الله عليه وسلم عموما فانه متابع لهذا الامر. جاء عند الامام احمد في المسند عن ابي الطفيل انه سمع حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه في مجمع من الناس وهو يقول يا ايها الناس الا تسألوني؟ الا تسألوني؟ فان الناس كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت اسأل عن الشر وقصده بالشر اي الفتن التي تقع عند الناس وساذكر لكم ايها الاخوة في هذه الليلة في الدقائق المتبقية من الوقت بعضا من خبر حذيفة الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم او او الذي وقف عليه رضي الله عنه من قوله وما يكون قول منه الا ولربما كان بخبر او فهمه من خبر النبي صلى الله عليه وسلم فقد ذكرا رضي الله عنه صفات الفتن التي تكون مظلة للمرء ومغوية. فبين اولا ان فتن قد يفتن المرء بها فتكون الفتن تارة فتن باطل. وقد تكون الفتن بالحق ذلك فان من الفتن ما يكون بالحق اي ظاهره الحق والتعلم والخير لكنه يكون فتنة لصاحبه روى نعيم بن حماد في كتاب الفتن عن حذيفة رضي الله عنه انه قال الفتنة حق وباطل. يشتبهان فمن عرف الحق لم تضره الفتنة اذا قد تكون الفتنة بالحق وقد يفتن المرء في امور يظن انها باب خير له. ولذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في المسند انه الصلاة والسلام قال فتنة امتي في الكتاب يعني القرآن يقرأونه فيتأولونه على غير وجهه ان بعض الامور قد تكون فتنة لصاحبها اذا تعلمها فقد يدخل على نفسه من الامر وقد يفتتن بخطأ الفهم الشيء الكثير المتعلق به من خبر حذيفة رضي الله عنه انه بين ان فتن امة محمد صلى الله عليه وسلم كثيرة وان هذه الفتن متتابعة مستمرة بالمرء الى قيام الساعة جاء عند ابن ابي شيبة ان حذيفة قال ارأيتم يوم الدار كانت فتنة؟ يعني بذلك قتل عثمان رضي الله عنه قال فان قتل عثمان اول الفتن واخرها الدجال اذ الدجال اعظم فتنة يفتن بها الناس. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال ما من فتنة منذ ان خلق الله ادم الى قيام الساعة اعظم من فتنة الدجال. فمن عصم من فتنة الدجال فهو المعصوم لا تضره فتنة كما جاء في بعض الاخبار وبين حذيفة رضي الله عنه ان الفتن متنوعة. فبعضها صغير وبعضها كبير وبعضها عام بعضها خاص جاء في صحيح مسلم عن حذيفة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو يعد الفتن منهن ثلاث لا يكادن يذرن شيئا ومنهن فتن كرياح الصيف ومنها اي من الفتن صغار ومنها كبار فبين النبي صلى الله عليه وسلم ان من الفتن صغار وكبار وان من الفتن ما يكون كرياح الصيف تأتي وتذهب. وان من الفتن فتن لا تذر شيئا تستأصل الاخضر واليابس. فلا تبقي عرظا ولربما ظرت كثيرا من الناس في دينهم هذه الفتن الصغيرة والكبيرة ربما استسهل الناس بعض الصغائر ولكن ربما كانت الصغيرة اشد وقعا في النفس واضر على المرء من الكبائر ولذلك فان المسلم لا يدري ما هي الفتنة التي تهلكه او تذهب دينه جاء عند ابن ابي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه انه قال لفتنة الصوت اشد من فتنة السيف قيل وكيف ذاك يا حذيفة؟ قال ان الرجل ليضرب بالسوط حتى يركب الخشبة اذا قد تكون اليسيرة اوقع في قلب المؤمن من العظيمة. ولذلك المؤمن لا يستهين بفتنة ولا يستخف بامر وانما يخشى من الجميع بين حذيفة رضي الله عنه ان هذه الفتن التي تعرض على الادميين انها تقوى في ازمان وتكثر وتضعف في ازمان اخرى وتقل. جاء عند ابن ابي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه انه قال ان للفتنة وبعثات فان استطعت ان تموت في وقفاتها فافعل. اي في حال عدم انبعاثها و ادبارها وعدم اقبالها بين رضي الله عنه كذلك لنا ان بعض الفتن الكبار تهلك اكثر الناس حتى تكون تلك الفتنة فتنة في اتباع الناس لها فيتتابع الناس فيها كالفراش. فيظن صاحب الحق انه على خطأ. لتتابع الناس في الوقوع فيها فتكون الفتنة من جهتين في ذاتها وفي تتابع اكثر الناس له. وهذه من الفتن المتتابعة المظلمة التي يعلو بعضها بعض جاء عند ابن ابي شيبة كذلك ان حذيفة رضي الله عنه قال انها فتن قد اضلت كجباه البقر يهلك فيها اكثر الناس الا من كان يعرفها قبل ذلك تبين رضي الله عنه ان بعض الفتن يتبعها الاكثر والعرب اذا اطلقت الاكثر فانها تعني ما زاد عن النصف فكل ما زاد عن النصف فانه يسمى في لغة العرب اكثر فلا يغتر المسلم بتتابع الناس في بعض الفتن ولا في متابعتهم لها. وانما من عرف الحق اصابه. ومن عرف الفتنة وحذر وحذر منها فان الله سيعصمه منها وجاء في مسلم عن حذيفة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الفتن قال منهن ثلاث لا يكادن يذرن شيئا ومنها فتنة رياح الصيف. ومنها فتن صغار ومنها كبار فقوله لا يكاد لا يذرن شيئا اي لا يسلم من تلك الفتن الا القليل من الناس وهو الذي عصمه الله عز وجل من الوقوع فيها ومن عجيب الاثر عنه رظي الله عنه من قوله ما جاء عند نعيم ابن حماد انه رضي الله عنهم قال الفتن ثلاث تسوقهم الرابعة الى الدجال اي انها ثلاثة انواع الرابعة اشدها هي التي تكون في وقت الدجال وهو الاشد قال التي ترمي بالرضف والتي ترمي بالنشف والسوداء المظلمة والتي تموج موج البحر قال اهل اللغة ان معنى قول حذيفة التي ترمي الرظف اي لا تؤثر في اديان الناس لخفتها واما قوله وهي التي ترمي وهو النوع الثاني التي ترمي بالنشأ اي انها تكون كهيئة الحجارة قد احميت بالنار فحين اذ تكون مؤثرة في اديانهم سالمة لابدانهم وقد جاء عند الترمذي كذلك عن حذيفة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تكونوا امعة تقولون ان احسن الناس واحسنا وان ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا انفسكم ان احسن الناس ان تحسنوا وان اساءوا فلا تظلموا فبين رضي الله فبين صلى الله عليه واله وسلم ان متابعة الناس ليست صوابا على الاطلاق وانما العبرة باصابة الحق متابعة امر الله عز وجل وامر رسوله صلى الله عليه وسلم من خبره رضي الله عنه في وصف الفتن انه بين ان الفتن بانواعها تتتابع على الادميين. كتتابع موج البحر ما ان تقف موجة الا وتتبعه الثانية جاء عند الطبراني رضي الله عنه جاء عن الطبراني عن حذيفة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يأتيكم بعدي فتن كموج البحر يدفع بعضها بعضا فالفتن التي ترد على المؤمن متتابعة في ليله ونهاره بالخير والشر متتابعة بالشهوات والشبهات. متتابعة على البدن والدين. متتابعة على الجماعة والفرض من عجيب خبره رضي الله عنه انه بين ان هذه الفتن يحدث في فيها وعند نزولها امور لا تصدقه العقول ولا تتصوره الاذهان قبل ذلك جاء عند الحاكم من حديث خيثمة بن عبدالرحمن انه قال كنا عند حذيفة رضي الله عنه فقال بعض الحاضرين لحذيفة حدثنا يا ابا عبد الله ما سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الفتن فقال رضي الله عنه لو فعلت لرجمتموني اي لعدم تصديقك لعدم تصديقكم اياي ولما ساذكر لكم من غرائب الامور التي تنكرونها ولا تعرفونها. فلربما ادى ذلك لتصديق لتكذيبكم ما نقلت عن النبي صلى الله عليه وسلم من عجيب امر الفتن التي ذكرها حذيفة انه بين ان اكثر من يتكلم في الفتن ويوقد نارها ويعنى باشعالها هم المنافقون. جاء عند البخاري عن حذيفة رضي الله عنه انه قال ان المنافقين اليوم شر منهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يومئذ يعني في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يسرون وهم اليوم يجهرون قال شراح الحديث وذلك لان المنافقين بعد النبي صلى الله عليه وسلم يكنون شرا ممن قبلهم لان الماظين كانوا يسرون قولهم فلا يتعدى شرهم الى غيرهم واما بعد النبي صلى الله عليه وسلم فان المنافق يتكلم. فاذا جاءت الفتن نطق واذا جاءت المحن اثارها وعظمها فيجاهرون بايقاد نارها ويجاهرون بحث الناس على الوقوع فيها. فيقع بكلامهم من ما لا يقع على على ما لا يقع بفعل غيره من خبر حذيفة رضي الله عنه في الفتن انه بين ان هذه الفتن قد يقع فيها من ليس فيها من ليس منها ولا تعلق له بها بل يبتلى بادخاله فيها يقول حذيفة رضي الله عنه فيما ثبت عنه قال ان الرجل ليكون من الفتنة وما هو فيها اذا الفتن احيانا قد يهرب المرء منها ولكن يبتلى بادخاله فيها اما لاقامته في مكان او لغير ذلك من الاسباب التي تكون كذلك ذكر رضي الله عنه ان مما يقوي الفتن ويثيرها ويكون سببا في ايقادها الخروج بالسيف قال رضي الله عنه ان للفتن وقفات وبعثات فان استطعت ان تموت في وقفاتها فافعل قال اهل اللغة كالاصمعي وغيره ان معنى قول حذيفة ان للفتن بعثات اي اثارات وتهييجات يعني ان لها اسبابا تهيجها وتثيرها قال الراوي عن حذيفة لما قال حذيفة ان للفتن وقفات وبعثات قال يا حذيفة وما هو بعثاتها قال بعثها سلوا السيف بعثها سلوا السيف ووقفها اغماده ولذلك فانه اذا سل السيف في المسلمين فان اغماده من اصعب الامور ولذا فان من اعظم ما يوقد الفتن ويزيد اضرامها سل السيف وبين رضي الله عنه في خبره ونقله ان هذه الفتن تهلك المرأة في لحظات بل انها تجعل المرء ينقلب حاله من حال في الزمن القليل وهو لا يشعر. قال رضي الله عنه فيما ثبت عنه والله ان الرجل ليصبح بصيرا ثم يمسي وما ينظر بشفيك فما هي الا ان يحل عليه المساء الا وقد انقلب حاله من البصر الى العمى ومن الهدى الى الظلام واصل قوله رضي الله عنه ما ثبت في عند الشيخين من حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال حذيفة حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين رأيت احدهما وانا انتظر الاخر حدثنا ان الامانة تزول من من جذر قلوب الرجال ثم علموا من القرآن ثم علموا من السنة وحدثنا عن رفعها فقال ينام الرجل النوم فتقبض الامانة من قلبه فيظل اثرها مثل اثر الوقت ثم ينام النوم فتقبض فيبقى اثرها مثل المجلة ثم ذكر بعد ذلك ما يكون من رفع الامانة من قلوب الناس وهذه الفتن من غريب شأنها كما نقل حذيفة انها اذا تعلم المرء خطرها وعلاماتها فانها تنسى ولا يذكره هذا العلم الا اذا وقعت فحينئذ يتذكر جاء عند الشيخين عن حذيفة رضي الله عنه انه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما ترك فيها شيئا الى قيام الساعة الا ذكره. علمه من علمه وجهله من جهله ثم قال رضي الله عنه اني لارى الشيء قد نسيت او قد نسيته فاعرف ما يعرف الرجل اذا غاب عنه فرآه فعرفه تبين انه اذا جاءت الفتن تذكر الخبر الذي علمه من النبي صلى الله عليه وسلم فحينئذ فانه يتذكر فيأمن ولذا فان المسلم يعنى بتتبع معرفة كليات الفتن التي يتعلم بها المرء ما يأمن به من هذه الفتن ولكن ليس كل حديث عن الفتن مما يتعلم ولذلك فان المتوكل لما جاء للامام احمد وقال له حدثني عن الملاحم والملاحم هو نوع من الفتن اخبر النبي صلى الله عليه وسلم انها ستكون في اخر الزمان فقال الامام احمد للمتوكل انه لا يصح حديث في الملاحم اذا الذي يتعلم من خبر الفتن قوى خبر الحذر منها والوصية بالاعتصام بالكتاب والسنة. وما ينجي الله عز وجل به منها. واما الملاحم وما يقع في اخر الزمان فانه لا يلزم المرء ان يتعلم ما يكون ولذلك احمد قال لا يصح في الملاحم شيء يعني لا يصح كثير شيء فاغلق الامام احمد التحديث في هذا الباب سدا للذريعة لان بعض الناس يكون تعلمه لاحاديث الملاحم فتنة وكثير من الناس منذ زمن طويل انما وقعوا في الفتنة بسبب علمهم لبعض ما لبعض احاديث الملاحم فكثير من الناس نزل بعض الاحاديث على غير من قصد النبي صلى الله عليه وسلم فظل في نفسه واظل غيره والتاريخ القديم والحديث فيه من الامثلة والشواهد على على فتنة كثير من الناس بسبب تنزيلهم احاديث الملاحم على غير وجهها ولذا كان اهل العلم والفقه كاحمد ينهون عن تعلم احاديث الملاحم لكل احد وقال الصحابة رضوان الله عليهم ما انت بمحدث قوما حديثا لا تدركه عقولهم الا اصبحوا الا اصبح فتنة لبعضهم كما جاء في مقدمة مسلم للصحيح من عجيب خبره رضي الله عنه انه قال ان هذا الحديث عن الفتن عموما والملاحم خصوصا ان الاولى انما يتعلمه من كان عالما وخاصة ما يتعلق بالملاحم فقال رضي الله عنه وددت ان عندي مائة رجل في قلوبهم من ذهب اي في صفائها وصدق ايمانهم وعلمهم بالله عز وجل قال فاصعد على صخرة فاحدثهم حديثا لا تضرهم فتنة بعده ابدا بسبب علمهم بخبر النبي صلى الله عليه وسلم قال ثم اذهب قليلا قليلا فلا اراهم ولا يروني. لاجل ان يكون المرء بعيدا عن الشهرة ولا يعرف بعد ذلك اذ من الفتن فتنة الشهرة من اخر اخباره رضي الله عنه التي اختم بها الحديث الاول عن خبره عن وصف الفتنة انه اخبر رضي الله عنه خبرا عجيبا في اكثر الناس وقوعا في الفتن منهم فبين رضي الله عنه ان اكثر الناس وقوعا في الفتن هم الذين يتصدرون من الشعراء والخطباء وذوي الرأي والسيف ثبت عنه رضي الله عنه انه قال اتتكم الفتن مثل قطع الليل المظلم يهلك فيها كل شجاع بطل اي قوي فيكون ذا قوة ونجدة وشجاعة. فاذا جاءت الفتن اقدم ولم ينظر في التمهل وفي الاناة والنظر في امور العقل وانما فدخل في الفتن قال رضي الله عنه يهلك فيها كل شجاع بطل وكل راكب موضع وكل خطيب مسقع وثبت عنه رضي الله عنه انه قال عند ابن ابي شيبة وغيره قال وكلت الفتن بثلاثة اي اكثر من تصيبهم الفتن ويكونون سببا في اذكائها واول من يقع فيها ثلاثة قال بالجاد النحرير الذي لا يريد ان يرتفع له شيء الا قمعه بالسيف لشجاعته قال وبالخطيب الذي يدعو اليه الامور اي الذي يطلب منه الناس الكلام ولذلك فان من بلي بان يكون متكلما في اي محفل ومنبر فانه لا يلزمه ان يتكلم عند وقوع في كل حدث ولا يلزمه ان يبدي الرأي عند كل خبر. وانما يجب عليه الحلم والاناة وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ان الله يحب الحلم والاناة قال رضي الله عنه وبالشريك المذكور وهو الثالث والشريف المذكور هو الذي يكون عاليا في قومه متصدرا لهم اذ يطلب منه الرأي على عجالة قبل الاستبانة الفتن اذا اقبلت تشابهت. واذا ادبرت تمايزت قال رضي الله عنه فاما الجاد النحرير فتصرعه واما هذان ويعني به الخطيب والشريف المذكور اي المتقدم في قومه فتبحثهما فتبلو ما عندهما اي ما عندهما من العلم وعدمه والعقل وفقده والديانة وضدها هذه ايها الاخوة الافاضل بعض مما جاء عنه رضي الله عنه في الخبر المتعلق بالفتن وموجباتها واحوالها واعرظت عن كامل خبره في الملاحم. لان علم الملاحم بين رظي الله عنه انه لا يلزم لكل احد ان يتعلمه وانما يتعلم القواعد الكلية التي يأمن بها ومما جاء من خبره رضي الله عنه ما يتعلق باسباب النجاة من الفتن كلها سواء كانت الفتن فتنا في الدين او الفتن من الانشغال بامور الدنيا. وقد ذكر رضي الله عنه امورا كثيرة اذكر بعضها بحسب ما يسمح به الوقت فمن ذلك انه بين ان من اعظم العواصم من الفتن واعظم المنجيات منها تعلم كتاب الله عز وجل وعندما نقول تعلم كتاب الله عز وجل فالمقصود معرفة حدوده وحروفه معا فان المرأة اذا كان تاليا من غير معرفة للمعاني فليس من اهل القرآن يصاحب القرآن لا بد ان يكون عالما اذ قد يكون بعض الناس عندما يتلو القرآن ولا يتعلم معانيه يهلك. وقد مر معنا في حديث عقبة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال فتنة امتي في الكتاب يعني القرآن وكثير من الناس يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. قاله من لا ينطق عن الهوى محمد صلى الله عليه وسلم وقد جاء في بعض الاخبار عند الدارمي ان الرجل يأتي في اخر الزمان فيقول قرأت القرآن فلم اتبع فيحدث للناس حدثا ليتبعوه فالمقصود من هذا اننا عندما نقول ان من اعظم العواصم معرفة كتاب الله عز وجل اي معرفة حروفه وحدوده والعناية فيه وعدم ضرب بعضه ببعض وعدم ضربه بالسنة. وانما النظر فيه جاء عند ابي داوود عن حذيفة رضي الله عنه انه ذكر فتن فقال كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت اسأله عن الشر وعرفت ان الخير يسبقني اي سيصل الي بطريق او اخر واما معرفة الفتن والشرور فانه ان لم اسأل عنها فلن يصلني خبرها. قال وعرفت ان الخير يسبقني. قال حذيفة قلت يا رسول الله ابعد هذا الخير شر ابعد الخير الذي ادركوه مع النبي صلى الله عليه وسلم شر وما حكاه النبي صلى الله عليه وسلم من خير يتبعه شر ثم خير فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا حذيفة تعلم كتاب الله واتبع ما فيه قال حذيفة فسألته قلت يا رسول الله ابعد هذا الخير شر فقال النبي صلى الله عليه وسلم تعلم كتاب الله يا حذيفة واتبع ما فيه قال ثم سألته الثالثة مثل الاولى ابعد هذا الخير شر قال يا حذيفة تعلم كتاب الله واتبع فيه قالها ثلاثا انظر هذه الوصية العظيمة التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم لحذيفة ونقلها حذيفة لمن بعده تعلم كتاب الله واتبع ما فيه والله ما عني احد بكتاب الله ملتجئا الى الله راجيا منه سبحانه الهداية فيه الا كان هذا الكتاب دالا له على الطريق السوي. وعلى الصواب في الفتن وفي غيرها من المواظع. لانه كتاب الله عز وجل جاء في الفاظ هذا الحديث عند ابن حبان ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لحذيفة لما سأله عن الفتن في اخر الزمان قال يا حذيفة عليك بكتاب الله تقدم المعمول على العامل فيكون من باب صيغة اللزوم لان من صيغ الحصر تقديم المعمول على العامل فيكون من باب التأكيد اي اهم ما تلتزم به كتاب الله قال يا حذيفة عند ابن حبان عليك بكتاب الله فتعلمه واتبع ما فيه خيرا لك اي خيرا لك من الخوف في القيل والقال وخيرا لك من السؤال عما لا ينفع وخير لك من الانشغال بكثير من الامور وجاء عند الدارمي ان حذيفة رضي الله عنه قال لبعض اصحابه اتدري كيف ينقص العلم قال قلت يعني الراوي كما ينقص الثوب وكما ينقص الدرهم كما ينقص غيره قال لا وان ذلك لمنه. نعم كما ينقصه لكن يكون كذلك النقص قال وانما نقص العلم بقبض العلماء ولذلك فان العلم ليس بمجرد التلاوة والقراءة وانما بالعلم عن اهله وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ان القرآن سيبقى في امة محمد الى قيام الساعة لن يرفع القرآن الا في اخر الزمان عند قيام الساعة القرآن موجود بين ايديهم يتلونه ويقرؤونه وربما حفظوه ومع ذلك يقبض العلم وينتزع وانما يكون ذلك بموت العلماء وقبضه ولذا كان العلماء سرج هذه الامة السبب الثاني الذي جاء عن حذيفة في اسباب النجاة من الفتن والعصى والعواصم منها الاستمساك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم فان سنة النبي صلى الله عليه وسلم من وحي الله عز وجل وما عني احد بسنة النبي صلى الله عليه وسلم الا رأيت اثر عنايته بها في ذله وفي قوله وفي عقله وفي امره كله ومن استمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم استمسك بما امر به من التزام طريقة السلف ابي بكر وعمر وباقي الصحابة رضوان الله عليهم جاء عند نعيم ابن حماد في كتاب الفتن عنه حذيفة رضي الله عنه انه قال انظر الذي انت عليه اليوم يقصد الذي عليه الصحابة عند توافرهم رظي الله عنهم انظر الذي انت عليه اليوم فتمسك به فلن تضرك فتنة بعد فمن تمسك بطريقة السلف الاوائل اعني صحابة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حينما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الفرقة الناجية هي ما عليه اليوم انا واصحابي من تمسك بطريقة القوم ولزمها واستن بسنتهم ومشى على سننهم وسنن من عني باخبارهم من اهل الحديث والنقل والخبر من السلف الصالحين رضوان الله عليهم فانه الذي لا تضره فتنة لا فتنة الشبهات في باب الاعتقاد ولا فتنة الشهوات ولا الفتن العامة او الخاصة. والناس في ذلك بين مقل ومكس مستكثر بحسب علمه بالسنة وتمسكه بها وهذا الذي جاء من حذيفة له نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه حذيفة. فقد جاء عند الترمذي وابن ماجة عنه رضي الله عنه قال كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام اني لا ادري ما قدر بقائي فيكم لا اعلم كم سأمكث فيكم لان النبي صلى الله عليه وسلم جنة لاصحابه وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال ما دمت بين اظهركم فلن تضركم فتنة وخاصة الفتن العامة يعني بها النبي صلى الله عليه وسلم الفتن العامة لما ذكر خبرا دجال قال اني لا ادري ما قدر بقائي فيكم فاقتدوا باللذين من بعدي ابي بكر وعمر اقتدوا بالذين من بعدي ابي بكر وعمر واهتدوا بهدي عمار وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه وقوله واهتدوا بهدي عمار جاء ان هدي عمار هو التقشف بعدم الافراط في الدنيا والاغراق فيها وتعلق القلب وهذا المقصود بهدي عمار كما جاء عن الصحابة رضوان الله عليهم واما حديث ابن مسعود فهو القرآن والخبر عن صلى الله عليه وسلم والفقه فان ابن مسعود كان قارئا للقرآن ناقلا للحديث فقيها من كبار اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الفقه من الامور التي ذكر حذيفة انها من اسباب النجاة من الفتن والسلامة منها باذن الله عز وجل مصاحبة اهل الدين والصلاح بشرط ان يكون هؤلاء من العالمين بالكتاب والسنة الفاهمين لها المذكرين بها جاء عند الحاكم عن ربعي ابن حراش رضي الله عنه ان حذيفة رضي الله عنه نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال سيكون عليكم زمان لا يكون فيه شيء اعز من ثلاث دراهم حلال او اخ يستأنس به او سنة يعمل بها اذا هذه الامور الثلاث ثلاثة دراهم او اخ يستأنس به او اخ يستأنس به او سنة او سنة يعمل بها. هذه الامور هي اعز ما يكون عند المرء وقت الفتن وفي اموره كلها وقرن النبي صلى الله عليه وسلم بين الاخ والسنة يدلنا على ان هذا الاخ والصاحب اذا كان على سنة وطريق مستقيم فهو المقصود اذ المرء بقرينه. وقد قال الله عز وجل واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي المقصود بهؤلاء الذين على السنة وعلى الطريق ويعلمون العلم ويذكرون به مما ذكر حذيفة رضي الله عنه انه من اسباب النجاة من الفتن التواصي بالحق والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. والتذكير به وتعليم الناس الخير روى الطبراني في المعجم الاوسط عن حذيفة رضي الله عنه انه قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله متى نترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهما سيد اعمال اهل البر فقال صلى الله عليه وسلم تتركونها اذا اصابكم ما اصاب بني اسرائيل قال قلت يا رسول الله وما اصاب بني اسرائيل قال اذا داهن خيارهم فجارهم وصار الفقه في شراء في شرارهم وصار الملك في صغاركم فعند ذلك تلبسكم الفتنة تكرون ويكر عليكم فالمقصود من هذا انه من علامات الشر ان يترك التواصي بالخير وتعليم الناس العلم وتذكيرهم بالسنة فان هذا من اعظم اسباب النجاة من من الفتن من اسباب النجاة من الفتن كما ذكر حذيفة رضي الله عنه معرفة الحق اذ الشيء بظده يتميز وبظدها تتميز الاشياء وقد مر معنا عند نعيم ابن حماد ان حذيفة رضي الله عنه قال الفتنة حق وباطل فمن عرف فمن عرف الحق لم تضره الفتنة من اسباب النجاة من الفتن كما نقل حذيفة التمسك بجماعة المسلمين وعدم الخروج على ولاة امرهم وقد جاء عن حذيفة في ذلك احاديث كثيرة بل هي من اكثر الاحاديث لاسباب النجاة من الفتن فرض الشيخان عن حذيفة انه قال قلت يا رسول الله ما تأمرني ان ادركت ذلك اي من الفتن قال تلزم جماعة المسلمين وامامهم قال فان لم يكن لهم جماعة ولا امام. قال فاعتزل تلك الفرق كلها. ولو ان تعض على اصل الشجرة حتى يدركك الموت وانت على ذلك وجاء عند مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لحذيفة ان كان لله خليفة في الارض من بعض الفاظ الحديث السابق فظرب على ظهرك واخذ مالك فاطعه والا فمت وانت عاظ بجذر شجرة وهذا الحديث غيرهم ما جاء عن حذيفة يدلنا على لزوم التمسك بالجماعة وان التمسك بالجماعة من اعظم ما يعصم الله عز وجل به من الفتن كما جاء عند ابي داوود من حديث ثعلبة من حديث ابي ثعلبة انه قال دخلنا على حذيفة فقال حذيفة رضي الله عنه اني لا اعرف رجلا لا تضره الفتن شيئا ثم اشار الى محمد ابن مسلمة قال ابو ثعلبة فخرجنا فاذا بفسطاط مضروب فدخلنا فاذا فيه محمد بن مسلمة فسألنا محمد عن ذلك فقال ما اريد ان ادخل في شيء حتى تنجلي هذه الفتن فدل على ذلك على ان من حفظه الله عز وجل بالاعتزال عن بعض الامور والامتكاك عنها فانه يكون امنا منه وجاء عند ابن ابي شيبة ان رجلا جاء لحذيفة فقال كيف اصنع اذا اقتتل المصلون؟ وهذه من اعظم الفتن قال تدخل بيتك قال فكيف اصنع ان دخلوا بيتي قال فان دخل بيتك فقل اني لن اقتلك اني اخاف الله رب العالمين وجاء عنه رضي الله عنه انه قال كيف انت وفتنة خير الناس فيها غني خفي قال حذيفة كن عند الفتن كب المخاض لا ركوبة فتركب ولا حلوبة فتحلب وقال رضي الله عنه اياكم والفتن فاذا رأيتموها فاجتمعوا في بيوتكم واكسروا سيوفكم وقطعوا اوتاركم وغطوا وجوهكم هذه الاثار انتقيت بعضها في ان من اعظم ما يعصم الله عز وجل به المرء في الفتن اعتزالها وعدم الخوظ فيها والا يكون رأسا وانما ينشغل بحال نفسه والعبادة في وقت الفتن من اعظم العبادات وقد جاء في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال العبادة افضل العبادة العبادة في الهرج اي عند انشغال الناس بالخوض بالقيل والقال والفتن وغيرها من الاسباب العظيمة في النجاة من الفتن التي نقلها حذيفة رضي الله عنه المحافظة على الصلاة والعناية بها ولزومها وعدم تضييعها فان المرء اذا ضيع الصلاة فقد ضيع دينه جاء عند الحاكم باسناد صححه ووافقه الذهبي عن حذيفة انه رضي الله عنه قال اول ما تفقدون من دينكم الخشوع واخر ما تفقدون من دينكم الصلاة ولا تنقض ولتنقضن شعور الاسلام عروة عروة وليصلين النساء وهن حيض وهذا يدلنا على ان في اخر الزمان تسمع من غرائب الفتوى ومن غرائب القول في شرع الله عز وجل ما يكون مناقضا ومضادا للمعلوم من الدين بالضرورة قال وليصلين النساء وهن حية ولا تسلكن طريق من كان قبلكم. حذو القذة بالقذوة وحذو النعل بالنعل لا تخطئون طريقه ومن اسباب العصمة من الفتن من ذلك ايضا ان حذيفة بين ان الذي يستشرف فيه الفتن ويتطلع لها فانه من اكثر الناس وقوعا فيها قال حذيفة فيما رواه ابن ابي شيبة ان الفتنة تستشرف من استشرف لها وقال رضي الله عنه كما عند الحاكم اياك والفتن لا يشخص لها احد فوالله ما شخص منها احد الا نسفته كما ينسف السيل الدما فبين رظي الله عنه ان المستشرف للفتن الذي يتقدم لها امنا على نفسه منها فانه الذي يظن وقوعه فيها من اسباب السلامة من الفتن كذلك الذي نقله حذيفة رضي الله عنه ان نبين ان من اعظم الاسباب الالتجاء الى الله عز وجل بالدعاء والطلب بالهداية والرشاد والسداد في القول والعمل ومن ذلك الدعاء بالامن من الفتن ولذلك المسلم يدعو الله عز وجل في كل صلاة فريضة كانت او نافلة قبل السلام فيقول اعوذ بك من النار ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال جاء عن طاووس ابن كيسان كما في مسلم انه كان يأمر ابنه بهذا الدعاء. فاذا لم يدعو به في صلاته امره ان يعيد صلاته وهذا يدلنا على تأكيد السلف على الدعاء بالسلام من الفتن جاء عن حذيفة رضي الله عنه فيما ثبت عنه انه قال ليأتين على الناس زمان لا ينجو فيه الا الذي يدعو كدعاء الغريق ليأتين على الناس زمان لا ينجو فيه الا الذي يدعو كدعاء الغريق وهذا يدلنا على ان من اعظم واجل الاسباب التي تكون بتوفيق الله عز وجل وتيسيره سببا للامن من الفتن وهو مسألة الدعاء والالتجاء الى الله عز وجل فان العبد ضعيف بنفسه قوي بربه جل وعلا الدعاء يكون بطلب الامن من الفتن صغيرها وكبيرها كما في دعاء الذي تقدم يقال في اخر الصلاة ومن ذلك الدعاء عند الاقدام على الفعل ولذا فان مما يستحب للمرء ان يكثر من استخارة الله عز وجل وقد جاء من حديث جابر في في البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم الاستخارة كما يعلمهم السورة من القرآن قيل في معنى ذلك قيل لكثرة الامر الدعاء به وقيل لملازمة لفظه وعدم الخروج عنه وقول حذيفة رضي الله عنه لا ينجو فيه الا من دعا كدعاء الغريق. المراد بدعاء الغريق دعاء المضطر اذ المضطر وعد الله عز وجل اجابة دعائه ولو كان كافرا امن يجيب المضطر اذا دعاه وهذا مطلق يشمل كل مضطر مسلما كان او كافرا ولو كان في دعائه فاعلا محرما فان بعض الناس قد يدعو الله عز وجل دعاء المضطر بلفظ محرم او في مكان محرم كعند وتر يعبد ونحو ذلك. ثم يقول بعد ذلك اجاب الله دعائي فهذا الموضع وهذا اللفظ البدعي من اسباب اجابة الدعاء نقول ليس كذلك انما اجيب دعاؤك ربما لاجل سبب الاضطرار. فان الله يجيب دعاء المضطر ولو كان كافرا. وكذلك في الفتن فان المرء اذا اشتدت عليه الفتن لن يرد فيها منجى الا به سبحانه فاذا خافها وخشي الوقوع فيها زاد التجاؤه له سبحانه وتعالى. فحين اذ امن بامر الله عز وجل. الامر الاخير من الاسباب التي تكون سببا بامر الله عز وجل في الامن من الفتن الصبر على الاذى العام لاجل على الاذى الخاص الصبر على الاذى الخاص لاجل المصلحة العامة ان بعض الناس اذا جاءت الفتن العامة يقول كيف امتثل بعض الاحاديث السابقة بعض الاحاديث السابقة وفيها ظيم علي ونقص وذهاب لمال بل ولبعض ما يدعيه حقا يقول حذيفة رضي الله عنه كيف انتم اذا سئلتم الحق فاعطيتموه ومنعتم حقكم يعني انه يطلب منكم الحق فتبذلونه واما حقكم فتمنعون منه فقال له بعض اصحابه اذا نصبر فقال حذيفة رضي الله عنه دخلتم اذا ورب الكعبة اي دخلتم الجنة اذا ورب الكعبة ولذا فان الصبر على الاذى في الفتن وعدم الانتصار للنفس في بعض اماكنها هذا من اعظم الاسباب التي تكون عواصم من الفتن هذه ايها الاخوة بعض الاخبار التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواها سر رسول الله صلى الله عليه وسلم. حذيفة رضي الله عنه في شأن الفتن وكل هذه الاحاديث والاخبار سواء في وصف الفتن او في ذكر اسباب النجاة منها والفكاك من بسارها ليست خاصة بفتنة دون فتنة بل من اوتي العلم والفقه في دين الله عز وجل سيجد انها تشمل جميع الفتن الفتن التي يبتلى بها المرء بالخير والفتن التي يبتلى بها المرء بالشر الفتن التي يبتلى بها المرء على سبيل الانفراد والفتن التي يبتلى بها المرء على سبيل الجماعة الفتن التي تكون من باب الشهوات والفتن التي تكون من باب الشبهات الفتن التي تكون على القلوب والفتن التي تكون على الابدان الفتن التي تكون لمن يجاورك والفتن التي تكون لك اذا تأملت هذه وهو قول من لا ينطق عن الهوى فانك حينئذ تسلم ولكن بعض الناس يدخلون من جهات اما من قلة العلم والامن منه بالتعلم واما بالكبر فان بعض الناس قد يتكبر مع علمه. وذاك هو بطر الحق وهو الذي يكرهه الله عز وجل وهو سبب الحرمان فكثيرا من الناس تراه يسمع بعض هذه النصوص ثم يرمي بها عرض الحائط او يسعى لتأويلها حسب فهمه ليصل لامر يريده ورغبة. وذاك الذي عارض حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والثالث انما دخل بسبب كبره وغضبه وحرصه على ان يكون رأسا فتجده يهلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة ولذلك فان العقل كله في ترك الغضب والحلم والنظر في مآلات الامور وخواتيمها هذا هو حديث النبي صلى الله عليه وسلم وخبر صاحبه الذي كان الصحابة يسألونه عنه وكان يأمر الناس بان يسألوه عنه اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يؤمننا جميعا من مظلات الفتن. اذ الفتن تعرض لنا جميعا لن يأمن منها احد حتى في القبر وانما استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من ظلاتها فاسأل الله عز وجل ان يؤمننا من مظلات الفتن وان يعيذنا من فتن الدنيا وفتن الاخرة واسأله سبحانه وتعالى ان يرزقنا الفقه في الدين والعمل بما علمنا وان يرنا الحق حقا وان يرزقنا اتباعه وان يرنا الباطل باطلا وان يرزقنا اجتنابه واسأله جل وعلا ان يميتنا على الاسلام والسنة والهدى وان لا يفتننا في ديننا واسأله جل وعلا ان يجمعنا بنبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم في جنات النعيم. فان اعظم الرفقة رفقة محمد رفقة محمد صلى الله عليه وسلم ومصاحبته في الاخرة. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا وامامنا محمد على اله وصحبه اجمعين