بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمد الشاكرين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين ثم اما بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ايها الاخوة الافاضل في هذه الليلة بمشيئة الله عز وجل سيكون حديثنا عن موضوع مهم مذكور في كتاب الله عز وجل لاكثر من موضع واشار اليه النبي صلى الله عليه وسلم وجمع اهل العلم كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وكلام سلف هذه الامة فيما يتعلق به وما هذا الا لاهميته وحسن المذاكرة به ولزوم ان يذكر المسلم اخاه اليه وينبهه الى مراعاته والاهتمام به ايها الاخوة الاكارم حديثنا في هذه الليلة بمشيئة الله عز وجل حديث عن حسن الظن بالله عز وجل ما رزق العبد امرا في الدنيا هو اعظم من ان يكون قلبه مليئا بالله عز وجل ايمانا ومحبة وحسن ظن به سبحانه وتعالى اذ حسن الظن به سبحانه من الايمان به وهو من افعال القلوب التي تكون تابعة للايمان ولذا فان من ملئ قلبه ايمانا وحسن ظن بربه جل وعلا فانه السعيد وما ملئ قلب امرئ ايمانا الا ولازمه حسن الظن بالله سبحانه وتعالى واذا رزق الله عبدا من عباده هذان الامران المتلازمان الايمان به وحسن الظن به جل وعلا فانها النعمة التي لا يدانيها نعمة كيف لا وهي التي لا يؤتاها الا مؤمن جاء ان عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه كان يقول والله الذي لا اله غيره ما اعطي عبد مؤمن شيئا خيرا من حسن الظن بالله عز وجل والذي لا اله غيره لا يحسن عبد بالله عز وجل الظن الا اعطاه الله عز وجل ظنه ذلك بان الخير في يده سبحانه وتعالى حسن الظن ايها الاخوة الاكارم هو علامة الايمان وهي فيصل يستطيع ان يفرق به المرء الايمان من عدمه ويقيس به كمال الايمان من ضعفه وقد ذكر الله عز وجل عن الكمل ايمانا وذكر خبرهم ووصفهم بهذا الوصف العظيم كما قال جل وعلا الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم فهؤلاء الاقوام الكمل في ايمانهم لما كمل ظنهم لما كمل حسن ظنهم بالله عز وجل زادهم ايمانا الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا. وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء فمن نعم الله عز وجل الايمان وحسن الظن به وضد ذلك بضده فان من علامة الشك والنفاق والرياء ان يكون المرء مسيئا الظن بربه وغير محسن به الظن جل وعلا وقد وصف الله اراد القوم وهم المنافقون والمنافقات والمشركون والمشركات بهذا الامر انهم مسيئين الظن به سبحانه ويعذب المنافقين والمنافقات. والمشركين والمشركات الضانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليه ولعنه واعد لهم جهنم وساءت مصيرا نعم ان اقتران هذا الوصف بهذا الاسم يدل على ان هذا الوصف من الزم واظهر صفاتهم فان اسم المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات قرن به وصف سوء ظنهم بربهم جل وعلا فدل ذلك على ان هذا الوصف من اعظم ما يستحقون عليه العقوبة وهو الذي لاجله جاءتهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم واعد لهم جهنم وساءت مصيرا وقد بين الله عز وجل ان من ان سبب سوء الظن به سبحانه انما هو الشيطان انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه. فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين وبين هؤلاء القوم واولئك بين الكمل من الناس والذين هم في اسفل جهنم من المنافقين والمشركين درجات فان الايمان يزيد وينقص يزيد بمعرفة الله وينقص بضعفها يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ومما يزيد به الايمان ويكمل حسن الظن به سبحانه وتعالى اليس كل المؤمنين ظنهم بالله واحد. بل ان بعضهم لربما طرأ عليه من ضعف الايمان ما يكون في سببا لضعف كمال حسن ظنه بالله عز وجل وانت اذا تأملت ايها الموفق ما جاء عن ربنا جل وعلا وفي سنة نبينا صلى الله عليه وسلم لوجدت التأكيد على هذا الاصل الاصيل وهو حسن الظن به سبحانه وتعالى فقد امر الله عز وجل المؤمنين بان يحسنوا الظن به سبحانه يقول ربنا جل وعلا واحسنوا ان الله يحب المحسنين قال سفيان اي احسنوا الظن بالله واحسنوا ان الله يحب المحسنين اذا احسنت الظن بالله فانت المحسن. فالله يحبك واذا اسأت الظن به سبحانه وتعالى فان الله عز وجل ينفي عنك هذه الصفة ولا يسيء الظن بالله الا المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات كما بين الله عز وجل وان كان بعض المؤمنين قد تأتي له بعض لحظات يضعف فيها ايمانه ويسوء ظنه بما يقدره الله عز وجل عليه بربه فحينئذ وجب عليه ان يراجع نفسه وان يفتش في قلبه وان يعتني بالسبب الذي يؤدي لتقوية ايمانه وقد جاء في الحديث القدسي ان نبينا صلى الله عليه وسلم قال قال الله عز وجل انا عند ظن عبدي بي فليظن عبدي بي ما شاء وهذا يدلنا على ان من احسن الظن بالله فان الله لا يخيب رجاءه ولن يرد له ما اظنه به سبحانه وتعالى خسارة وانما فان الله وانما الله عز وجل سيعطيه ما ظنه ولكن لابد من الابتلاء والامتحان ليميز الله عز وجل الصادق من غيره ويبتلي الله عز وجل المؤمنين ولكي يعرف حسن الظن الحقيقي من غيره. الذي هو مجرد امل ودعوة انا عند ظن عبدي بي فليظن عبدي بما شاء وكذلك الله عز وجل توعد الذين اساءوا الظن به كما قال جل وعلا ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء. عليهم دائرة السوء وغضب الله عليه ولعنه واعد لهم جهنم وساءت مصيرا فرتب الله على الظانين بالله ظن السوء خمس عقوبات شديدة دائرة السوء وغضب الله ولعنته وجهنم التي اعدها لهم وسوء المصير لذا قال ابن القيم لم يتوعد الله احدا بالعقاب اعظم ممن ظن به ظن السوء فاذا كان الامر كذلك فلا غرو بعد بعد ان يكون دعاء المتقين والمخبثين العارفين بالله وبكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ان يكون من دعائهم الملازم لهم الدعاء بان يرزقهم الله حسن الظن به جل وعلا جاء عن الاوزاعي ابي عمرو انه قال كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اني اسألك التوفيق لمحابك من الاعمال وصدق التوكل عليك وحسن الظن بك وهذا الدعاء الذي روي ان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به جاء انه كان يدعو به جماعة من السلف كسعيد بن جبير من ائمة التابعين وغيره من اهل العلم وهو دعاء عظيم جليل فيه معان عظيمة وفيه ذكر وطلب لامور متلازمة اللهم اني اسألك التوفيق لمحابك من الاعمال وصدق التوكل عليك وحسن الظن بك فما احسن احد الظن بالله الا وكان توكله عليه سبحانه وتعالى صادقا اذ بين هذين الامرين من التلازم ما لا شك فيه ولا ريب وكذلك ايضا بينهما وبين العمل الصالح تلازم فان من يدعي حسن الظن به سبحانه وصدق التوكل عليه جل وعلا لابد ان يكون ذلك معه حسن عمل وتصديق بالوحي وتصديق الوحي هو الذي يأمر فيه بحسن العمل واذا اعرفنا ايها الافاضل هذا الفضل العظيم لحسن الظن بالله عز وجل وما رتب الله من العقوبة على مخالف ذلك وهو مسيء الظن به سبحانه وتعالى فان من المهم ان نعرف احوال حسن الظن به سبحانه لكي يعرف المؤمن هل هو محسن الظن ام لا ام انه ناقص الظن ام انه ناقص في هذا الباب ومن جهة اخرى يعلم اثار حسن الظن به سبحانه وتعالى. وهي كثيرة لكن من اهم هذه الامور ان المرأة اذا ظن بالله عز وجل خيرا فان من اجل احواله ان يظن به سبحانه وتعالى اجابة الدعاء فان محسن الظن بالله يحسن الظن به سبحانه في الاجابة امن يجيب المضطر اذا دعاه ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ادعوا الله وانتم موقنون بالاجابة وهذا يدلنا على ان حسن الظن بالله سبب للاجابة الدعاء فمن ظن بالله خيرا في اجابة دعائه حقق الله له رجاءه واعطاه سؤله وكفاه ما اهمه واعاذه مما اغمه وما ذاك الا بسبب ايقانه بالاجابة وحسن ظنه بربه فيغفر الله له ذنبه اذا استغفر ويقبل منه توبته اذا تاب واناب ويجيب دعوته اذا دعاه ويكفيه حاجته اذا رجا من صور حسن الظن بالله عز وجل واحواله الظن به سبحانه وتعالى خيرا بالتجاوز عن الخطيئة وغفران الزلة وستر العيب وعدم الفظيحة على الخلائق يوم الدين ولذلك كان من اعظم الناس في حسن الظن بالله عز وجل. انبياء الله سبحانه وتعالى. وصلوات الله وسلامه عليه وقد قال ابراهيم عليه السلام والذي اطمع ان يغفر لي خطيئتي يوم الدين فانظر كيف ان الله ان النبي ان نبي الله ابراهيم عليه السلام احسن الظن به سبحانه بان يغفر ذنبه وخطيئته وان يتجاوز عن ما صدر منه من زلل نسأل الله عز وجل الاعانة والسلام واذا كان السلف رضوان الله عليهم يراعون هذا الجانب وهو حسن الظن بالله عز وجل فها هو الامام سفيان بن سعيد الثوري يقول ما احب ان حسابي جعل الى والدي ربي خير لي من والدي فهو قد احسن الظن به سبحانه بالتجاوز عن خطيئته وستر ذنبه ومغفرته حوبة ان بعض الناس لما يسمع هذا الكلام قد يفهم فهما خاطئا ويظن انه محسن الظن بالله ولكنه قد استذله الشيطان حينما يستمر على معصيته ويواظب على خطيئته وذنبه ويتحجج بعدم توبتهم بحسن ظنه بتكبير السيئات وهذا من جهله بالله وجهله على نفسه حتى لقد قال بعض الحمقى فكثر ما استطعت من المعاصي اذا كان القدوم على كريم وما ذاك الا بسبب الجهل ولذا فان السلف بين ان محسن الظن بالله عز وجل في مغفرة الذنوب هو الذي يخاف الله وهو الذي يبادر بالتوبة وهو الذي يعمل العمل الصالح كما جاء عن بعض السلف وهو ابو سليمان الداراني انه قال من حسن ظنه بالله عز وجل. ثم لا يخاف الله فهو مخدوم وهذا حقيقة كم نجلس ونعرف ونسمع ونقرأ اقواما يدعون حب الله وحسن الظن به واذا نظرت الى اعمالهم وجدتها تكذب اقوالهم يقول ابو سليمان من من حسن ظن من حسن ظنه بالله عز وجل ثم لم يخف الله فهو مخادل ثم لم يخف الله فهو مخادع. يخادع نفسه ويكذب على من بجانبه الامر الثالث الذي هو من علامات حسن الظن بالله عز وجل ان المرء تجده يؤمن باسماء الله عز وجل وصفاته ويتأمل معانيها ان لله تسعة وتسعين اسما من احصاها دخل الجنة وقد ذكر الله عز وجل ذلك في كتابه اي علاقة حسن الظن باسمائه وصفاته فقال سبحانه وذلكم الذي وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم فاصبحتم من الخاسرين فان اولئك القوم لما ظنوا ان الله سبحانه وتعالى لا يعلم كثيرا مما يعلم مما يعلمون ويعملون كان هذا اساءة منهم لظنهم بالله عز وجل. فارداهم ذلك الظن وهذا الامر موجود في كل من جحد شيئا من صفات كمال الله عز وجل او شيئا من نعوته سبحانه وتعالى فان فان هذا الظن يرضي صاحبه ويجعل فيه غرورا وخداعا لنفسه بسبب تسوير الشيطان له وليس ذلك من احسان الظن من الامور المهمة المتعلقة بحسن الظن بالله عز وجل حسن الظن به سبحانه بالتفاؤل بالمستقبل والظن بالله عز وجل في مآلات الامور وعواقبها خيرا فان المؤمن دائما محسن الظن به سبحانه فلا يقدم على امر من امور الدنيا الا ويظن بالله خيرا فاذا مرضت ظن بالله شفاء المريظ واذا افتقر ظن بالله غناه واذا واذا فقد الثوب واصبح عاريا ظن بالله انه هو الذي يحسن اليه فيكسي العاري وهو الذي يؤوي الضال كما قال ابونا ابراهيم عليه السلام في ثنائه على على الله جل وعلا الذي خلقني فهو يهديني والذي هو يطعمني ويسقين واذا مرضت فهو يشفين والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الفأل قال بعض الصالحين استعمل في كل بلية تطرقك حسن الظن بالله في كشفها فان ذلك اقرب الى الفرج فان ذلك اقرب الى الفرج فان من احسن الظن بالله وتفائل بما سيكون من افعال الله عز وجل في مستقبله ومآل حاله فان ذلك هو المؤمن كمال الايمان وان اكثر ما يشغل الناس هو التفكير في مستقبلهم فما اهمهم امر اكثر من تأمينه والعمل على تحسينه حتى غدا الخوف مما سيكون وما ستجره الايام معها وتلده الليالي بقدومها ملازما للبعض في تفكيره وحديثه وحال قيامه وقعوده في مجالسه كلها حتى مع اهله وولده فتراه يفكر في غد لا يعلم ومستقبل مجهول تراه يفترض فيه اسوء الاحتمالات وابعد التوقعات يفكر في كل شيء سيء يفكر في غلاء المعيشة وما سيكون عليه الحال بعد سنوات بل وربما تجده ينشغل بحال ابنائه بعده وما يدري ما سيكون عليه امرهم يفكر في طلاقه لا يفكر في طلاق بناته وكيف انهن سيتأيمن بعد ازواجهن وهن بعد لم يتزوجن بل اني اعلم ان رجلا يفكر في ابنائه وهو لم يتزوج بعد يفكر ذلك المسكين في اليوم الذي سيدهمه فيه المرض فلا يقدر فيه على الحركة يفكر في اليوم الذي يتوفى فيه رفاقه فيصبح وحيدا تجده في احايين كثيرة يتوهم جحود ابنائه له ويفكر في عقوقهم به حينما يحتاج اليهم وكل هذا من ضعف الايمان وسوء الظن بالله عز وجل وقد سمى الله عز وجل هذا الخوف من المستقبل جاهلية يقول الله سبحانه وتعالى وطائفة قد اهمتهم انفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الامر من شيء قل ان الامر كله لله. سبحانه وتعالى ايها الموفق ان انشغال المرء بما يكون عليه غدوة وخوفه من شر الايام وتقلبها يكسبه ذلك الاعتقاد وسوء الظن بعدا عن الله. وانشغالا عنه ومشابهة لاهل الجاهلية اذ من كانت هذه حاله فان توكله على الله وثقته به وايمانه بقضائه وقدره يضعف وكمال يقينه بعلم الله عز وجل واحاطته ينقص يقول ابن مسعود رضي الله عنه ان الله عز وجل بقسطه وعدلي جعل الروح والفرح في الرضا واليقين وجعل الهم والحزن في السقم الله اكبر الروح والفرح في الرضا واليقين بحسن الظن بالله عز وجل فمحسن الظن بالله اضافة لما وعده الله من خير فان عنده الروح والفرح بالدنيا ومسيء الظن بالله عز وجل اظافة لما سيكون عليه يوم القيامة جعل الله في قلبه الهم والحزن خوف المرء من مستقبله وما يكون عليه غدوه هو من عمل الشيطان وكيده لا لشيء الا ليفسد على المؤمن يومه فلا يكون بيومه انتفع ولا بغده اقتنع كما قيل جاء عند الترمذي وحسنه ان ابن مسعود رضي الله عنه قال وروي مرفوعا ان للشيطان ان للشيطان بابن ادم لمة وللملك بابن ادم لمة ومعنى قوله ذمة اي قرب ودنو تبين ابن مسعود ان الشيطان احيانا يكون اقرب لابن ادم. واحيانا يكون ملك هو الذي اقرب اليك. قال ابن مسعود فاما لمة الشيطان اي حال قربه من الادمي فايعاد بالشر. وتكذيب بالحق واما لمة الملك فايعاد بالخير وتصديق بالحق فبين ابن مسعود وهو مرفوع في بعض طرقه ان الشيطان اذا كان في بعض اللحظات قريبا من ابن ادم فانه يعده الشر ستفتقر فتمرض ستموت سيعقك ابناؤك سيكون وسيكون مما علمه عند الله عز وجل ويجعله يكذب بالحق الذي هو الايمان بالقضاء والقدر. بل ربما زاد سوء ظنه بالله فكان من المناك قال واما لمة الملك فايعاد بالخير وتصديق بالحق يعاد بالخير يتفاءل ويحسن الظن بالله عز وجل. كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل ثم قال ابن مسعود بعد ما ذكر ذلك قال فمن وجد ذلك فليعلم انه من الله فليحمد الله ومن وجد الاخرى اي هي لمة الشيطان وهو اعادة الشر وتكذيب الحق؟ قال ومن وجد الاخرى فليتعوذ بالله من الشيطان ثم قرأ ابن مسعود رضي الله عنه الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء. والله يعدكم مغفرة منه وفضلا. والله واسع عليم فالشيطان ايها الاخ الموفق هو من يورث الهم والغم. ويخوف من الفقر والمرض والموت وهو الذي يؤيس من الغد ويقنط من الخير وربما فكر بالسوء وكساد التجارة وبوارها وهي رابحة وابناؤه حاضرون بين يديه ان الانشغال بهذا الامر يشهر على المرء قلبه وجوارحه ولا ينفعه في ذلك ولا تعارض بينه وبين التوكل على الله عز وجل وعمل الاسباب فان من مقتضى التوكل على الله عز وجل عمل الاسباب وبذلها ولكن المصيبة عندما تكون هذه الاسباب والوسائل امرا محرما حتى ان بعض الناس في سعيه لتأمين مستقبله تحول ذلك الى هوس جعله كالداء فكم من امرئ استحل امرا حراما ليكتسب مالا محرما او ينال ربحا عاجلا بحجة تأمينه المستقبلة فتجده يقع في ظلم وسرقة او بغي او غلول او غشا او نحو ذلك محرمات لاجل تأمين المستقبل كم من امرئ عطل بعض الشرائع الواجبة عليه من ترك صلاة او منع زكاة او تأخير اداء حج او امتنع من بذل المعروف والصدقات بدعوى العمل وتأمين مستقبله وزيادة رزقه والحقيقة ان هذا هو هوس وقلق واضطراب. من خوف المرء من مستقبله وليس ذلك من العقل في الحكمة في شيء من رزق الحكمة لم يشغل باله بغده ولا خافه وهابه وانما يكل امره الى الله عز وجل مع العمل الجاد والتوكل وعدم التواكل. والعجز فان المؤمن متكل على الله في شأنه كله يبرأ من الحول والقوة الا بالله. يعلم ان ما كتبه الله له وعليه ان يستجلبه حرص حريص ولن يدفعه منع مانع ولو اجتمع اهل الارض جميعا لذلك كما قال الله سبحانه وتعالى قل لا املك لنفسي نفعا ولا ضرا الا ما شاء الله. ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من خير وما مسني السوء بل ان المؤمن يعلم في قرارة نفسه انه لن يعمل شيئا في مستقبله الا بمشيئة الله وتوفيقه واعانته جل وعلا كما قال سبحانه ولا تقولن لشيء اني فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله فالتفاؤل وحسن الظن بالله عز وجل مما امر به الشرع وحث عليه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لا طيارة ويعجبني الفأل الصالح الكلمة الحسنة مما يساعد على ذلك الكلمة الطيبة التي تشيع لدى الناس الفأل ففي الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الفأل هو الكلمة الطيبة يسمعها احدكم. سوى الجزاء ولذا فان عدم تقنيط الناس من الله وتيئيسهم من روحه هو من الدين ولا شك بل قد بل قد امر به الدين في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال هلك الناس فهو اهلكهم اي بكلامه ونطق بعض الرواة هذا الحديث فهو اهلكهم اي اشدهم هلاكا الهالك على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من اشاع بين عامة الناس السوء وخوفهم مما يكون علمه عند الله عز وجل ان وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ان الله عنده علم الساعة سبحانه ان الله عنده علم الساعة. وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام. وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس باي ارض تموت ان الله عليم خبير هذه الاية جمع الله عز وجل فيها بين الامور الخمسة التي اختص الله عز وجل بعلمه بها لم يطلع عليها نبيا مرسلا ولا ملكا مقربا وايمان المؤمن بعلم الله عز وجل بها هذا من الايمان بالغيب اختم حديثي ايها الافاضل بامر مهم وهو ان من علامات احسان الظن بالله عز وجل وصدق ذلك الظن ان يرافق حسن الظن بالله عز وجل عمل صالح فان من احسن ظنه بربه فانه يقبل على الطاعات بشوق ويجد فيها لذة وقد جاء عند الامام احمد وابي داوود من حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال حسن الظن من حسن العبادة حسن الظن من حسن العبادة وقال الحسن البصري ان المؤمن احسن الظن بربه فاحسن العمل وان الفاجر اساء الظن بربه فأساء العمل وصدق لا ريب ان حسن العمل ان حسن الظن بالله عز وجل يكون مع حسن العمل وهو الاحسان المحسن حسن الظن بربه انه سيجازيه على احسانه وان الله لن يخلف وعده وانه سيتقبل توبته وانه سيستر عليه عيبه اما المسيء المصر على الظلم والمخالفة. فان وحشة المعصية والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه المسيء مستوحش بقدر اساءته كيف يكون محسنا الظن بربه من هو شارد عن الله عز وجل حال منشغل في سخطه سبحانه وما يخبطه كيف يكون محسن الظن بالله عز وجل من حان حق ربه عليه واضاع امر الله سبحانه وهان نهي نهي الله عز وجل عليه. فارتكبه واصر عليه وهنا موقف عظيم جاء عن من هو من اعظم الناس احسانا بربه جل وعلا وهو محمد صلى الله عليه وسلم قال ابو سهل دخلت انا وعروته وعروة ابن الزبير على عائشة رضي الله عنها فقالت لو رأيت ما رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض له وكانت عنده ستة دراهم او سبعة فامرني النبي صلى الله عليه وسلم ان افرقها قالت اشغلني وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عافاه الله ثم سألني عنها ما فعلت؟ اكنت فرقت الدراهم الستة؟ قالت عائشة فقلت لا والله لقد كان شغلني وجعك قالت فدعى النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الدراهم او بهذه الدنانير فوضعها في كفه ثم قال ما ظن نبي الله لو لقي الله وهذه عنده ما ظن نبي الله لو لقي الله وهذه عنده فبالله علينا وعليكم ايها الافاضل ما ظنوا الظلمة بالله عز وجل اذا لقوه ومظالم العباد في رقابهم فان كان ينفعهم قولهم حسنا ظنوننا بك يا رب فلو كان كذلك لكان لكل امرئ ان يفعل ما شاء وان يرتكب ما ما شاء مما نهى الله عنه فان النار لا تمسه بدعواه حسن ظنه وقد بين ابراهيم عليه السلام ان دعوى حسن الظن بالله لا تنفع صاحبها ما لم يفرده بالعبادة ويتقرب اليه بالطاعة كما قال ابراهيم لقومه اافكا الهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين اي ما ظنكم به ان يفعل بكم اذا لقيتموه وقد عبدتم غيره سبحانه وتعالى ولذا فان حسن الظن مع اتباع الهوى عجزه كما جاء في المسند وغيره من حديث شداد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها. وتمنى على الله الامان ايها الاخوة هذا الحديث هو غيض من فيض عن هذا الفعل العظيم من افعال القلوب وهو حسن الظن بالله عز وجل وان المؤمن حري ان يراجع قلبه بين الفينة والاخرى بهذا الفعل العظيم وهو حسن الظن بالله اذ هو شرط للايمان وكماله من كمال الايمان وفقده كذلك من فقد الايمان فالمؤمن يراجع نفسه ويذكر اخوانه وينبههم وينبههم لهذا الامر العظيم وخاصة اذا جاءت اوقات ربما كان الايمان فيها يضعف والخوف مما سيحل يزداد عند بعض الناس ولكن المؤمن يعلم انه لن يصيبه الا ما كتب الله عليه. رفعت الاقلام وجفت الصحف كل شيء مكتوب في كتاب قبل خلق السماوات والارض بخمسين الف سنة فاسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يرزقنا جميعا الهدى والتقى وان يصلح لنا اقوالنا واعمالنا وان يرني الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه واسأله سبحانه وتعالى ان يرفع البلاء ان عنا وعن سائر المسلمين واسأله جل وعلا ان يحفظ بلادنا من كل سوء وان يصلح ولاة امورنا ويحفظهم ويوفقهم لكل خير. وان يدلهم على الصالح من الاقوال والافعال. واسأله جل وعلا ان يغفر لوالدينا وان يرحمهما ويتجاوز عن خطيئتهما وان يجمعنا واياهم ومشايخنا في جنات النعيم معنا النبيين والصديقين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا ورسولنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين