والحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحبه ربنا ويرضاه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين اما بعد ايها الاخوة الاكارم ان للاسرة من الابوين جميعا او من ينوب منابهما اثر عظيم في توجيه ابنائهم وحفظهم مما يضر فكرهم وابدانهم واموالهم وقد امر الله عز وجل بحفظ الابناء حتى في اموالهم ونهى الله عز وجل ان يؤتى الابناء اموالهم ليفسدوها اذا كانوا قاصرين غير مدركين وكذلك امر الله عز وجل بالاحسان اليهم وتربيتهم ايها الاخوة ان من اعظم نعم الله عز وجل على العبد ان ينعم الله سبحانه وتعالى على العبد بذرية صالحة تقر عينه بهم اذا نظر اليهم سعود واذا امرهم اطاعوه يسمع من اخبارهم ما ما يسره ولا يأتيه من خبرهم الا ما يكون سبب فخر له ولذلك فان الله عز وجل امتن على بعض العباد بهؤلاء الابناء كما قال الله عز وجل وبنين شهودا ان يشهدوا ابناءه امام ناظريه صحيحة ابدانهم سليمة اخلاقهم لا معايب فيهم ولا منقصة ولذلك اذا جاء المرء امر يسوءه في ابنائه في خلقهم او دينهم او كان يسوؤه في ابدانهم فان ذلك من اعظم ما يكسب المرء الهم والحزن ويكون سببا في ظيقنا نفسه وفي سبب مكالبة الهموم عليه ولذلك فان صلاح الابناء نعمة عظيمة لا توازيها نعمة وقد قال الامام الحسن البصري رحمه الله تعالى لا والله لا شيء اقر لعين العبد المسلم من ان يرى له ولدا صالحا او ولد ولد مطيعا لله عز وجل هذه هي قرة العين على الحقيقة ان يرى المرء صلاح ابنائه وان يسعد بهم وان يأنس بقربهم وان يسمع ويرى من افعالهم ما تقر به عينه كما قال الامام الشافعي رحمه الله تعالى نعم الاله على العباد كثيرة واجلهن نجابة الاولاد وان هذه النجابة وهذا الصلاح وهذا السلوك المستقيم الذي يكون من الابناء لا يكون هكذا خبط عشواء بل لا بد له من مقدمات فانما يكون المرء متعلما بتعلمه انما العلم بالتعلم وانما الحلم بالتحلم المرء يتعلم في صغره امورا تكون سببا لاكتسابه هذه الاشياء في كبره والمرء انما يتعلم بوالديه كما قال الاول وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان علمه ابوه ان زرع الاب في ابنائه خيرا حصد خيرا وان زرع الاب او الام في ابنائهم سوءا وشرا فانهما سيحصدان غدا ذلك السوء والشر فان الابناء انما هم كالارظ ما وضع فيها فانه ينبت فان روعيت بالسقي والرعاية كان من كان ما تنتجه حسنا قويا هنيئا والا فلا ولذلك فان صلاح الابناء حسن تنشئتهم اثر عظيم في ما يكونون عليه بعد ذلك. والتوفيق بيد الله ولما ذكر الله عز وجل قوله حينما قال قوا انفسكم واهليكم نارا ذكر بعض اهل العلم كعلي ابن ابي طالب رضي الله عنه ان وقاية الاهل من النار بتربيتهم وتنشأتهم فحينما يقوم الاب والام بتنشئة ابنهم وابنتهم على الخير والهدى فانهم يحصدون ذلك والا فلا ولكن هذه المقدمات هي التربية والتنشئة التي يأتي بها الوالدان ولذا فان هذه المقدمات ذكر اهل العلم ان بعضها امر باطني وبعضها امر ظاهري يراه الناس فيعنى المرء بالجمع بين الامرين بالباطن والظاهر لكي تحصل له النتيجة التي يرغبها ويقضيها الله عز وجل له فاما الامور الباطنية فمن اهمها ان يسعى الاب والام كذلك في صلاح نفسيهما فان صلاح الاباء مؤثر في صلاح الابناء نعم الله سبحانه وتعالى قضى بعدله الا يتحمل احد جريرة احد ولا ذنبه كما قال سبحانه ولا تكسبوا كل نفس الا عليها ولا تزر وازرة وزر اخرى وكذلك ايضا قضى سبحانه بعدله ان الشخص لا ينتفع الا بعمله هو دون عمل غيره كما قال سبحانه وان ليس للانسان الا ما سعى وان وان سعيه سوف يرى. ثم يجزاه الجزاء الاوفى وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ان الاصل انتفاع المرء بصلاحه هو ولا ينتفع غيره به وقد ثبت انه عنه صلى الله عليه وسلم انه قال يا معشر قريش اشتروا انفسكم من الله لا اغني عنكم من الله شيئا يا بني عبد المطلب لا اغني عنكم من الله شيئا يا عباس بن عبدالمطلب لا اغني عنك من الله شيئا يا صفية عمة رسول الله لا اغني عنك من الله شيئا يا فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سليني ما شئت لا اغني عنك من الله شيئا الاصل ان المرء لا ينتفع بعمل غيره لكن من رحمة الله وفضله ومنته واحسانه انه لم يغلق انتفاع الابناء بصلاح ابائهم بل ان من مزيد فضله سبحانه وانعامه انه جعل لصلاح الاباء اثرا في ابنائهم لاجل ان يجتهد الاباء في صلاح انفسهم فيكون سببا لبذلهم المزيد من الطاعة اذ من احب الاشياء للمرء ابناؤه وصلاحهم في دينهم ودنياهم ولذلك كلما تقرب الوالدان بالطاعة لله واجتهد في العبادة والانابة فان ابناءهم ينتفعون به على سبيل التبع اليس انتفاع الابناء بتخزين ابائهم المال فقط او العقار وانما كذلك بالصلاح كما قال الله عز وجل في قصة الخضر وكان ابوهما صالحا فاراد ربك ان يبلغا اشدهما ويستخرجا كنزهما فالله يحفظ الابناء في دنياهم بسبب صلاح ابائهم وصلاح الاباء مؤثر في صلاح ابنائهم وحفظ الله لهم ولذلك يقول الله عز وجل عن انبيائه الذين اصطفاهم ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم فدل على ان الذرية تشابه اصولها في كثير من الاحايين ويؤثر صلاح اصولها فيها وقد ثبت عن جماعة من السلف رضوان الله عليهم انهم كانوا يجتهدون في الطاعات لغرض صلاح ابنائهم فجاء عن سعيد بن جبير رحمه الله تعالى انه كان يقول اني لازيد في صلاتي من اجل ابني هذا قال الراوي عن سعيد وذلك رجاء ان يحفظ وجاء عن ابن المنكدر انه قال ان الله يحفظ العبد المؤمن في ولده وولد ولده ويحفظه في دويرته ودويرات حوله فما يزالون في حفظ او في عافية ما كان بين ظهرانهم وجاء عن وهب بن منبه انه قال ان الله يحفظ بالعبد الصالح القبيلة من الناس وهذه الاثار عن السلف اصلها في كتاب الله عز وجل فان الله سبحانه وتعالى يقول من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون واعظم الحياة الطيبة ان يرى المرء ما تقر عينه به من ابنائه من صلاحهم وحفظ الله عز وجل لهم وقد ذكر الله عز وجل مثلا في كتابه باثر صلاح الاباء في ابنائهم فيقول الله جل وعلا ايود احدكم ان تكون له جنة من نخيل واعناب تجري من تحتها الانهار له فيها من كل الثمرات واصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فاصابها اعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الايات لعلكم تتفكرون فبين الله عز وجل في هذه الاية مثلا ان من خاف على ذريته الضعفاء الصغار الظيعة وعلى بناته الايامى الصغيرات الفوات والتأييم وغير ذلك من عوارض الامور التي تذهب مصالحهم كما تتلف النار الزرع الا تبقي من الزرع شيئا من خاف هذه الامور فليتق الله عز وجل وليعمل الصالح ومن اعظم الصالح النفقة كما اعقب الله عز وجل هذه الاية بقوله يا ايها الذين امنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما اخرجنا لكم من الارض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم باخذيه الا ان تغمضوا فيه. واعلموا ان الله غني حميد فالانفاق والصدقة والاحسان الى الناس وعدم الظلم والبغي هو سبب لحفظ الله عز وجل للعبد بل اعظم من ذلك ان الله عز وجل بين ان صلاح الاباء ونفقتهم وصدقتهم واحسانهم للناس سبب لي صلاح الابناء وحفظهم بعد وفاته كما قال جل وعلا وليخشى الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا اي من خاف على ذريته الظيعة وعدم الرياء وعدم الرعاية وخاف عليهم الهلاك وعدم الحفظ فليتق الله عز وجل في يتامى المسلمين فلا يأكل مالا لاحد ولا يؤكل ابناءه مالا حراما ولا يتعدى على عرظ احد ولذلك الجزاء من جنس العمل كمن حفظ الله عز وجل حفظه في ابناءه كما قال عليه الصلاة والسلام لابن عباس احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده امامك من الاسباب الباطنة بعد صلاح الاباء دعاء الاباء لابنائهم فما اعظم دعاء الاباء في صلاح الابناء كم من امر خفي في ظلمة ليل دعا به الاب او الام لابنائهم فكان سببا في صلاح ابنائهم كما قال الله عز وجل عن إبراهيم نبي الله وخليله ربي اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ربنا وتقبل دعاء فابراهيم عليه السلام كان يدعو الله عز وجل لابنائه ولذلك جعل الله عز وجل النبوة في ابنائه وام مريم امرأة عمران لما ولدت ابنتها قالت واني سميتها مريم واني اعيدها بك وذريتها من الشيطان الرجيم قال الله فتقبلها ربها بقبول حسن وانبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا فهذا يدلنا على ان الدعاء عظيم وقد بين الله عز وجل ان من صفات عباده الصالحين عباد الرحمن التي ذكرها في اخر سورة الفرقان انهم يدعون بصلاح ابنائهم فقال جل وعلا والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما فالدعاء بان يجعل الله عز وجل الابناء قرة عين نعمة عظيمة جليلة لا يعرفها الا من حرمها وهذا الدعاء من اعظم الدعاء حتى قال بعض السلف ما تركته في صلاة ان يجعل الله عز وجل الابناء قرة عين للاباء كم من اب يخطط ويرجو املا معينا لكن اذا دعا الله بان يجعلهم قرة عين له فانه يكل الخيارة له سبحانه الله عز وجل يختار له ما تتحقق به قرة العين في الدنيا وفي الاخرة هذا دعاء عظيم يدعو به العبد الله عز وجل بي صلاح ابناءه وبحفظهم من السوء والشر والمرء اذا دعا الله عز وجل فان دعاءه اما ان يستجاب بعينه واما ان يرتفع الى السماء فيختلج مع القضاء الذي نزله الله عز وجل من سوء عليه وعلى ابنائه ايمنع الدعاء القدر السيء وان لم يكن المرء عالما بهذا القدر كما جاء في الحديث ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم ولا يرد القدر الا الدعاء اي مطلق الدعاء. سواء اين الشيء او مطلق الدعاء والحالة الثالثة ان الله عز وجل يحفظ هذا الدعاء ويجعله ذخرا للداعي يوم القيامة المرء يجب عليه الا يمل والا يكل من الدعاء لابنائه بان يجعلهم الله عز وجل قرة عين له وان يحفظهم وان يصلح دينهم ودنياهم وان يجعلهم عبادا له صالحين سبحانه وتعالى وهذا الدعاء من اعظم الامور الباطنية التي يكون التي تكون سببا لصلاح الابناء وحفظهم في جميع امورهم ولكن لا يعجل الاب ولا الام ويقول دعوت فلم يستجب لي ومن الامور الباطنية التي يفعلها الابوان ان يعنوا بطيب المطعم فان المرأة اذا كان يطعم الحلال ويطعم ابناءه الحلال فان هذا بامر الله عز وجل سبب الصلاح البدني والعقلي والفكري والدين كما بين النبي صلى الله عليه وسلم انه ربما كان رجل اشعث اغبر يمد اليه الى السماء الى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام قال صلى الله عليه وسلم فانى يستجاب لذلك فلذلك من اكتسب الحرام ولم يعنى به فاطعمه نفسه واطعمه بنيه فان هذا سبب لعدم التوفيق وحصول البركة وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال كل جسد نبت من سحت. فالنار اولى به وهذا يدلنا على انه ستنزع البركة بطريق او باخر في بدنه هو او من ابنائه اذا لم يحتطب في الكسب الحلال واطعام الابناء الاطعام الحلال الذي اباحه الله عز وجل ولذلك جاء في الخبر في قول الله عز وجل يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ان من اشد الناس غبنا الرجل الذي يجمع المال من حله وحرمته ثم يورثه لابنائه فعليه غرمه ولهم غنمه واما الاسباب الظاهرة التي تكون سببا لحفظ الابناء من شتى الشرور فهي متعددة وكثيرة فمن هذه الامور التي بينها اهل العلم انهم قد بينوا ان مقاصد الشريعة او الضروريات الخمس التي جاءت الشريعة بحفظها واتفقت الشرائع عليها منها حفظ النسل وهم الابناء فحفظ الابناء ورعايتهم مقصودة وهذا الحفظ لهم اما ان يكون بجلب واما ان يكون بدع اي ان يكون اما بطلب او بترك وقد بين كثير من الناس كثيرا من الامور التي تكون سببا بامر الله عز وجل بصلاح الابناء من الامور التي يفعلها الوالدان او من يقوم مقامهما فمن هذه الامور ان يعنى اولا الاب باختيار الارض المنبتة وهي الام ان اعظم ما يكون واول ما يكون من الاسباب لحسن تنشئة الابناء ان يختار لهم اما صالحة بان تكون قد نشأت نشأة صالحة في مجتمع صالح فان المرء ينشأ على ما علمه ابوه وامه اذ اذ الصبي الصغير ذكرا او انثى تكون علاقته بامه اكثر من علاقته بابيه بكثير وهذا موجود في اغلب الادميين. بل حتى في كثير من الحيوانات علاقة الصغار اقوى من علاقة بعلاقتهم بامهم اقوى من علاقتهم بابيهم ولذلك فان النبي صلى الله عليه وسلم اثبت الحضانة للام وقدمها على الاب فقال انت احق به الحضانة الام اولى لان هذه فطرة موجودة في الفطر ومجبولة عليها النفوس المرء اذا اختار اما صالحة واما حسنة التربية فان هذا مؤثر في صلاح ابنائه بامر الله عز وجل ومن الاسباب الظاهرية التي يفعلها الوالدان وخصوصا الاب وهو الانفاق على ابنائه فقد امر الله عز وجل الاب بالانفاق على ابنائه من غير اسراف ولا مخيلة ولا بخل وتقدير والاب اذا كان قد كفى ابناءه النفقة فان هذا مؤثر في صلاح ابنائهم من جهات من ذلك انهم لا ينظرون الى ما في ايدي الناس ولا يتطلعون اليها تكون نفوسهم ابية والا ولا يستغلهم الناس بسبب ذلك ومنها كذلك ان المرء اذا انفق على بنيه فان يده تكون عليا ومن كانت يده عليا فقد جبل الله النفوس على طاعة المحسن فيكون ابناؤه سامعين له مستجيبين لتعليمه وتوجيهه وما يدلهم عليه اذا فانفاق الاب على ابنائه بما امر الله عز وجل هو من اعظم الوسائل لقبورهم لكلامه واحترامهم له وتوجيههم واستجابتهم لتوجيهه وليس المقصود بالانفاق الاسراف والمخيلة فانها منهي عنها بل ربما كان ذلك سببا في افساد ابنائه ومن الاسباب الظاهرية التي يبذلها الوالدان حسن التعامل بينهما فان الاب يجب عليه ان يحسن الى الام والا يسيء اليها امام ابنائها بانه اذا اساء اليها امام ابنائها اكتسب الابناء احتقار الام وكره الاب فيكرهون الاب كأنه يسيء الى امهم ويحتقرون الام من كثرة ما يسمعون من الاساءة ومن وجد فيه هذان الوصفان فكيف يتعلم ويستجيب لامر ابيه وامه اذا كان حاقدا على الاب كارها له ومحتقرا للام ولذلك امر بالاحسان للام امام الابناء والا يسيء اليها والا يعنف بي اي صور التعريف السيئة كذلك الام مأمورة بالاحسان للاب والا تسبه امام ابنائه فان استنقاص الاب امام ابنائه يجعل شخصية هذا الاب وهيئته ضعيفة عند ابناءه فلا يقبلون منه توجيها ولا تعليما ولا نصحا ولا يسعون في ان يبذلوا له شيئا ولذلك فان تعامل الابوين مع بعضهما امام الابناء من اعظم الامور التي ينتفع بها الابناء في صلاحهم ومن هذه الامور الواجبة ان يعنى الابوان بتعليم ابنائهم التعليم النافع كما قال الله عز وجل يا ايها الذين امنوا قو انفسكم واهليكم نارا قال علي رضي الله عنه بتعليمهم وتربيتهم او نحو مما قال التعليم به يعرف المرء الصواب من الخطأ وبه ينتفي عنه الجهل وبه يستدل على معالي الامور ويترك سفاسفها ولذلك فان العلم نافع لربما لم يحتجه في يومه هذا ولكن سيأتي يوم يرجع فيه الى ما علمه ابوه هذا العلم اوله العلم بالله عز وجل وبكتابة وبشرعه ثم العلم بمعالي الامور من الاخلاق العالية والاداب السامية واعظمها هدي محمد صلى الله عليه وسلم ومما يعلم ما يتعلق بالتعامل مع الناس لكي لا يكون المرء يخدع ولكي لا يكون المرء يستغفل ولكي يعرف طرق الناس وتعاملهم ويعرف الرجال ويعرف كيف ينزل كل شخص منزلته ومن التعليم ما يتعلق بحرف الدنيا اما حرفا او علما يكتسب به مالا وهذه علوم كثيرة ومتنوعة وقد توزعت وتفرعت في وقتنا التفرع الكبير ومن الامور المهمة التي يستجلب بها صلاح الابناء ما يتعلق بالجلوس معهم فان جلوس الاب والام مع ابناءه وسماعه لشكواهم والنظر في تفكيرهم هذه من اعظم الامور التي يكون فيها صلاح ابناءه وهذا الابن اذا رأى اباه بجانبه قريبا منه ليس غائبا عنه فانه في هذه الحال يتأثر بسمته ودله ويتأثر ايضا بفكره ويتأثر كذلك بتوجيهه بخلاف من كان غائبا فان من كان غائبا عن عن العين فانه يغاب عن القلب الا يوجد له اثر حين ذاك هذا ما يتعلق بالامور المتعلقة بالجلد واما الامور المتعلقة بالترك فان متعددة ولكن منها ان يحرص الابوان على ابعاد ابنائهم عن مواطن الريب بالامور المستنكرة والاشياء التي تكون فيها السوء فان الابن في صغره اذا اعتاد على البعد من هذه الامور فانه يستحي في كبره من اقترافها وقد جاء عن بعض السلف انه قال ان من علامة نجابة الصبي الحياء فمن يستحى من شيء تركه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم دعه فان الحياء لا يأتي الا بخير وبين النبي صلى الله عليه وسلم ان الحياء شعبة من شعب الايمان فقضية ان الحياء الذي لم يعتد عليه المرء في صغره من السلوك والاداب هذا البعد عن هذه المواطن الريب سبب بامر الله عز وجل لاكتساب المرء الصفات الحسنة ومن الامور التي يعنى بها الوالدان فيما يتعلق بالابعاد والترك هو ابعاد الابني عن الصحبة السيئة فكم من امرئ كان سبب انحرافه وسوء فكره هو صحبته السيئة سواء كان الفكر غاليا في بعض الامور او غاليا في الجفاء عنه الدين ان اقصى الغلو وهو الالحاد او اقصى الغضروف في المقابل بتكفير المسلمين والاساءة اليهم والحديث هو الوقيعة المحرمة فيهم هذا هذه الصحبة السيئة هي المؤثرة ولذلك قال الاول على المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكله فكل قرين بالمقارن يقتدي المرء يقتدي بصديقه ويتعلم منه ويكتسب منه الصفات اما الحسنة او السيئة ادور الوالدين ابعاد الابناء عن هذه الصحبة السيئة اما بايجاد صحبة صالحة كما قال الله عز وجل واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي او باشغاله عن كل امر يتعلق بذلك ومن عجائب هذا الزمان الذي نحن فيه ان الصحبة ليست بالابدان وانما هناك علاقات وصحبة افتراضية عن طريق هذه المواقع مواقع الاتصال التي تجعل المرء يصادق ويحادث ويتكلم ويجلس مع الشخص ساعات طوال وهو لا يرى ذلك الشخص ولذا فان الاباء يلزمهم ان يحرصوا على مراقبة ابنائهم وخاصة في هذه الامور الصداقات الطبيعية والصداقات الافتراظية فكم من امرئ انما كان سبب غوايته وسبب انحرافه في فكره وفي بدنه عن طريق هذه المخدرات وغيرها بسبب هؤلاء الصحبة وكم من امرئ كانت هدايته وصلاح امره واكتسابه لمعالي الامور والاخلاق بسبب الصحبة كذلك اذا فلسعى الاباء لي ابعاد الابناء عن ما يسوؤهم من الصحبة السيئة وذلك بحسن المراقبة مع التغافل لا يكون شديدا لا يكون مرا فيلفظ ولا يكون حلوا ويشترط لا يكون قاسيا فيكسر ولا يكون لينا فيلوى وانما الوسط يتغافل عن بعض الامور ويوجه لغيرها لا يتدخل في كل صغيرة ولا كبيرة وانما يوجه ويبعد السيء ويقرب الحسن ولذلك كانت كان فضل الوالدين على الابن عظيم ليس لمجرد الولادة فحسب بل للولادة وللتربية ولما يكتسبه منهم ان كان تاريخهم حسنا وذكراهم طيبة وهذا الامر اؤكد عليه مرة اخرى وهو قضية الصحبة الصالحة والسيئة ومن عجائب هذا الزمان ايضا ان بعض الناس اصبح يأخذ افكاره من الرؤوس الجهال وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ان في اخر الزمان يأخذ الناس دينهم ويستفتون الرؤوس الجهال فيضلون ويضلون وهؤلاء الجهال جهال بالعلم ومجهول حال كذلك وكم من امرئ انما اغتوى وغوى بسبب اناس مجاهيل لا يعرفون عن طريق هذه الوسائل التواصل قالوا لهم كلمة او اخرى او اجتمعوا بهم في مواطن الريب في اماكن منزوية فوجهوهم التوجيه السيء ولذلك فان الواردان فذلك فان الوالدين يتأكد عليهم ان ينتبهوا لهذا الامر وان يعلقوا ابناءهم في مسائل الدين باهل العلم فيدلوهم على اهل العلم الموثوقين المعروفين الذين يشهد لهم القاصي والداني بهذا العلم والا يقعوا في اهل العلم امامهم والا يقبلوا النقيصة فيهم فان هذا سبب في تعظيم العلم واهله عندهم من الامور التي يعنى الوالدان بتركها والابتعاد عنها وهي الاماكن السيئة وفي قصة ذاك الرجل الذي تاب فسأل الحبر العالم بالله عز وجل فامره ان يترك الموضع الذي هو فيه لما قارف المعصية الوالدان اذا رأوا ان المكان من حي او بيتا او مدرسة او غير ذلك من الامور يكون فيها تأثير سيء على ابنائهم فانهم يتركونها وينتقل عنها لما يروا ان فيه مكانا صالحا على الابناء وفي هذا امر مؤثر ولا شك ولا شك ان الابوين لهما اثر عظيم على ابنائهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما من مولود يولد الا على الفطرة فأبواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه الابوان اذا اسا في التصرف تأثر ابناؤهم بذلك ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم او سليمان والسبب في ذلك ان الله عز وجل جعل الناس جميعا على الفطرة وهذا الدين دين فطرة وكل ما يفعله الاباء مع ابنائهم من جهتي عنايتهم بهم وتوجيههم يتوافق مع الفطرة تمام التوافق ولذلك كلما كان المرء عارفا بالله حاملا بشرع الله ذاكرا له سبحانه كلما كان عمله اقرب الى الفطرة اتجده مرتاح النفس بهذا العمل الذي عمله مطمئنا به لانه موافق لفطرته فالابوان اثرهم على الابناء عظيم واؤكد على ما ابتدأت به ان حفظ الله عز وجل للابناء من اسبابه حفظ المرء لنفسه كما جاء عن بعض السلف انه قال من اتقى الله فقد حفظ نفسه ومن ضيع تقواه فقد ضيع نفسه. والله غني عنه. احفظ الله في الحديث الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاه امامك او تجاهك والله عز وجل بين انه يرسل ملائكة حفظة للمرء ولابناءه فقال سبحانه وتعالى له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله فالله عز وجل يرسل ملائكة يحفظون العبد في نفسه ويحفظونه في اولاده من الشر الا شيئا قدره الله سبحانه قال مجاهد بهذه الاية ما من عبد الا وله ملك يحفظه في نومه ويقظته فاذا حفظ المرء العبد حفظه الله عز وجل في نفسه وحفظه الله عز وجل في ابناءه وحفظه الله عز وجل في ماله وفي زوجه والعكس بالعكس حتى قال ابن منكدر ان الله يحفظ العبد المؤمن في ولده وولد ولده ويحفظه في دويرته ودويرات حوله فما يزالون في حفظ الله عز وجل وعافيته ما كان بين ظهرانهم ولذلك المؤمن يحرص على الاسباب الباطنية بينه وبين الله يصدق مع الله بالدعاء. وبالعمل الصالح وبطيب المكسب ويحرص على الاسباب الظاهرية كذلك فانه مأمور بها في كتاب الله من الاسباب الكثيرة المتعددة اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يرزقنا جميعا العلم النافع والعمل الصالح وان يتولانا بهداه وان يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات واسأله جل وعلا ان يصلح لنا في نياتنا وذرياتنا ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما ربي اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء واسأله سبحانه وتعالى ان يحفظ بلادنا من كل سوء وسائر بلاد المسلمين وان يصلح ائمتنا وولاة امورنا وان يوفقهم لكل خير وان يحفظهم من كل سوء وان يصلح لهم بطانتهم واسأله جل وعلا ان يحفظ بلادنا وان يرد كيد الكائدين عنها واسأله سبحانه وتعالى لمن اراد كيدا بمكة والمدينة او ببلادنا او بالمسلمين عموما سوءا اسأله جل وعلا ان يجعل كيده في نحره وان يجعل تدبيره تدميرا له وان يجعله مدحورا مذلولا واسأل الله سبحانه وتعالى ان يغفر ذنبنا ويرحم ضعفنا وان يجبر كسرنا وصلى الله وسلم وبارك على عبدنا وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله سيدنا ونبينا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين وازواجه امهات المؤمنين والله اعلم واحكم