بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحبه ربنا جل وعلا ويرضاه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين ثم اما بعد فاننا في هذه الليلة ليلة العشرين من شهر رمضان من عام الف واربع مئة واثنين واربعين من الهجرة اجتمعوا لنتذاكر بعضا من الاحكام الواردة بشعيرة من شعائر الاسلام التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وهي عبادة من العبادات الواردة في كتاب الله عز وجل حديثنا ايها الاخوة الافاضل في هذه الليلة فيكون حديثا عن الاعتكاف وقد ذكر الله عز وجل هذه العبادة في كتابه في سياق المدح ومن المتقرر عند اهل الاصول ان ذكر الفعل في سياق المدح يدل على مشروعيته وذلك في عدد من الايات في كتاب الله عز وجل ومن هذا ما جاء في قوله سبحانه وتعالى وعهدنا الى ابراهيم واسماعيل ان طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود فذكر الله عز وجل في هذه الاية انه قد عهد الى انبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم ابراهيم واسماعيل ان يقوم بتطهير بيت الله عز وجل في الطائفين والعاكفين والركع السجود ادل ذلك على ان فعل هذه العبادات وهي الطواف بالبيت والاعتكاف فيه والركوع والسجود واداء الصلوات فيه انها من الامور التي يحبها الله عز وجل ومما ذكره الله عز وجل انه بين سبحانه ان الغرض من انشاء المساجد هو اقامة الصلاة والاعتكاف فيه وان من منع هؤلاء فانه يكون داخلا في دائرة المنع كما قال الله سبحانه وتعالى ان الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد فبين الله عز وجل انه جعل المسجد الحرام للعاكفين فيه والذين يأتون من مكان بعيد كلهم سواء فيه وبين الله عز وجل الاثم العظيم للكافرين الذين صلوا عن سبيل الله وعن المسجد الحرام ولما ثبتت مشروعية هذه العبادة بين الله عز وجل بعض احكامها في كتابه فقال الله سبحانه وتعالى ولا تباشروهن وانتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله اياته للناس لعلهم يتقون وفي هذه الاية بيان لبعض احكام الاعتكاف وتبين الله عز وجل لاحكام الاعتكاف يدل على اهمية هذه الشعيرة وفضلها اذ الله عز وجل قد بينها في كتابه ايها الاخوة الاكارم ان الاعتكاف في كتاب الله عز وجل له معنيان معنى عام ومعنى خاص تأمل معنى العام فهو المكث في المسجد والبقاء فيه والانشغال فيه في الطاعة واما المعنى الخاص فهو العبادة المخصوصة التي تكلم عنها اهل العلم والتي جعلوا لها بابا مستقلا في كتاب الفقه يسمونه بباب الاعتكاف وهذا الباب يريدونه عادة في اخر كتاب الصيام بمناسبة متعلقة بالصيام وهي ان اكد اوقات الاعتكاف ان يكون في هذه العشر الفاضلة التي نحن مقبلون عليها بعد يوم بمشيئة الله عز وجل والاعتكاف قد وردت فيه احاديث كثيرة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه فانه قد ثبت ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف فثبت انه اعتكف في العشر الاواسط من رمضان ثم اعتكف بعد ذلك في العشر الاواخر منه كما دل على ذلك حديث ابي سعيد وجاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الاواخر من رمضان وقد قرر كثير من العلماء ان الاتيان بالفعل بعد كان ونحوها يدل على المداومة وهل استفادة المداومة من اتيان الفعل بعد كان ام يدل عليه قرينة اخرى؟ هذه مسألة مشهورة في كتب الاصول والمقصود من ذلك ان قول ابن عمر رضي الله عنهما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الاواخر من رمضان يدل على ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الفعل ومداومته عليه فان النبي صلى الله عليه وسلم قد فعله سنين متعددة بل انه عليه الصلاة والسلام لما تركه سنة قضاه في شوال مما يدلنا على تأكد هذا الفعل وهو الاعتكاف في المسجد وانه متأكد وخصوصا في رمظان وفي العشر الاواخر منه ومما يدل على مشروعية هذه السنة المؤكدة في رمضان فعل الصحابة وخصوصا ازواج النبي صلى الله عليه وسلم فقد ثبت عن ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الاواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ثم اعتكف ازواجه من بعده وكذلك جاء من حديث غيرها كابي سعيد وغيره من الصحابة رضوان الله عليهم ومما يدل على مشروعية هذا الفعل من قول النبي صلى الله عليه وسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من اراد ان يعتكف فليعتكف العشر الاواخر ادل ذلك على ان هذا الامر وان علق على الارادة فان تعليقه على الارادة يدل على الندب وعدم الايجاب لكنه يدل على المشروعية بل قد ثبت انه حث بعض اصحابه ودلهم على الاعتكاف فجاء من حديث اوليس للجهني ام من حديث عبدالله بن انيس الجهني رضي الله عنه انه اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اني اكون بالبادية وانا اصلي بقومي بحمد الله امرني بليلة انزل فيها الى هذا المسجد يعني مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم انزل ليلة ثلاث وعشرين فحكى ابنه عنه انه كان ابوه اذا دخلت ليلة ثلاث وعشرين فصلى العصر اتى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فمكث فيه فلا يخرج منه لحاجة حتى يصلي الصبح فاذا صلى الصبح وجد دابته على باب المسجد فجلس عليها فلحق بباديته فهذا الدليل وهذا الحديث الثابت السنن يدلنا على ان النبي صلى الله عليه وسلم دل عبد الله بن انيس رضي الله عنه على افضلية الاعتكاف عموما وعلى افضلية الاعتكاف في مسجده صلى الله عليه وسلم كما سيأتي ودللنا ثلاثا على ان من افضل الايام الاعتكاف في العشر الاواخر ولو ان يعتكف ليلة منه كيليلة الثلاث والعشرين كما جاء في حديث عبدالله ابن انيس المتقدم رضي الله عنه المقصود من هذا كله ان الاعتكاف سنة وانه مشروع وان مشروعيته قد جاءت لعموم ايات في كتاب الله عز وجل ولما جاء من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ومن قوله الدال على الندب فيه ولم يقل بوجوبه لان النبي صلى الله عليه وسلم علقه على الارادة والقاعدة عند العلماء ان ما علق على الارادة فلا يكون واجبا في الجملة مما يدل على ندبه كذلك ان الصحابة رضوان الله عليهم لم يستمروا عليه وانما فعله بعضهم احيانا وتركه اخرون واما فضله من حيث الاجر والمثوبة فانه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك حديث صحيح كما جاء ان ابا داود سأل الامام احمد رحمه الله تعالى هل تعرف في فضل الاعتكاف شيئا فقال الامام احمد لا الا شيئا ضعيفا فانه لم يرد في ترتيب اجر معين عن الاعتكاف حديث صحيح فما روي عند ابن ماجة من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في المعتكف هو يعتكف الذنوب ويجري له من الحسنات كعامل الحسنات كلها فان ذلك ضعيف ولا يثبت ومثله ما جاء عند البيهقي من حديث الحسين بن علي رضي الله عنه وعن ابيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في المعتكف هو يعكف اه قال في المعتكف من اعتكف عشرا من رمضان كان كحجتين وعمرتين وكذلك وردت اخبار كثيرة لكنها لا تثبت عند البيهقي وغيره المقصود انه لم يرد في فضل الاعتكاف بذاته اجر. نعم ورد في فضل المكث في المساجد وورد في فضل انتظار الصلاة بعد الصلاة احاديث متعددة. فهذه الاحاديث الواردة في فضل المكث في المساجد. وفي فضل انتظار الصلاة بعد صلاة تتحقق تحققا اولويا لمن اعتكف واتى بهذه العبادة الفاضلة الجليلة حديثنا في هذه الليلة سيكون متعلقا ببعض الاحكام المهمة المتعلقة بالاعتكاف وقبل ان نبدأ باحكام الاعتكاف لا بد ان ابين مسألة مهمة هذه المسألة الخوض بين نوعيها يسبب اشكالا كثيرا في كثير من الاحكام وذلك ان العلماء رحمهم الله تعالى لما بينوا ان الاصل في الاعتكاف انما هو الندب للوجوب بينوا ان كل اعتكاف يكون مندوبا الا الاعتكاف المنذور فمن نذر الاعتكاف فانه يكون واجبا في حقه وغير وغير الاعتكاف المنذور فليس بواجب ولم نقل بوجوبه الا لايجاب الشخص له على نفسه وقد ثبت في الصحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ان اباه عمر بن الخطاب رضي الله عنه اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اني نذرت ان اعتكف ليلة في المسجد الحرام فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اوف بنذرك فدل ذلك على ان الوفاء بالنذر بالاعتكاف واجب وانه لازم الاتيان به والتفريق بين هذين النوعين مهم بما يترتب على التفريق بين المندوب والمندوب من احكام متعددة سيأتي الاشارة لبعضها ولكن من اهم الامور المتعلقة بالتفريق بين المنظور وغير المنظور ان غير المنظور لا يلزم قضاؤه واما المنذور فان من قطعه فانه يلزمه قظاؤه. لانه باق في الذمة ولا يسقط الا بالاداء ومن الامور المتعلقة بالفرق بين الاعتكاف المنذور والاعتكاف غير المنذور هي مسألة الاشتراط فان من اعتكف واشترط شرطا معينا كأن يخرج لتناول طعام او لزيارة مريض معين فان هذا الاشتراط جائز ولكن انما يجوز في الاعتكاف المنذور فقط واما الاعتكاف غير المنذور المندوب فانه لا يشرع فيه الشرط او الاشتراط لان وجوده كعدمه لان المعتكف الاعتكاف المنذور يجوز له قطع اعتكافه فما دام جاز له قطع اعتكافه فانه يخرج متى ما شاء سواء اشترط على نفسه ذلك او لم يشترط على نفسه ذلك فانه يخرج متى شاء ويعود وسيأتي ان شاء الله بعد قليل الحديث عن اقل الاعتكاف ومدته وانه قد يكون ساعة من ليل او من نهار المقصود من هذا ان الانتباه للفرق بين الاعتكاف المنذور والاعتكاف غير المنذور يترتب عليه احكام مهمة وتتصور في عدد من الجزئيات وقبل انتقال المسألة الثانية اود ان ابين ان العلماء رحمهم الله تعالى يقولون ان الاعتكاف وان كان ان الاعتكاف المنذور وان كان لازما الا انه مكروه فان كل نذر تبرر يكون مكروها لان النبي صلى الله عليه وسلم بين ان النذر انما يستخرج من مال البخيل وبناء على ذلك فان الاعتكاف من غير نذر افضل واحب الى الله عز وجل من الاعتكاف بالنذر لاجل الحديث المتقدم وفهم منه العلماء كراهية النذر نعم ابتداء النذر مكروه لكن فعل المنذور يكون واجبا ولا تلازم بين الكراهة وبين الفعل لانهم فذاك في ابتدائه وهذا في فعله من المسائل المهمة فقد تكون اهم المسائل المتعلقة بالاعتكاف معرفة ما هو الاعتكاف والعلماء رحمهم الله تعالى اختصروا لنا كعادتهم. الظابط في معرفة صفة هذه العبادة وهي الاعتكاف فبينوا ان الاعتكاف هو لزوم المساجد لاجل الطاعة او لنقل لزوم المسجد للطاعة وهذه الجملة مكونة من شقين. وكل واحد من الشقين والجزئين من هذا الحد له احكامه الخاصة به فاما الجزء الاول وهو لزوم المسجد فان هذا يدلنا على انه لا يصح اعتكاف الا في مسجد واما المسجد او واما البقعة التي لا يصدق عليها انها مسجد فانه لا يصح الاعتكاف بها ولا الاعتكاف فانه لا يصح الاعتكاف فيها ولذا فان العلماء رحمهم الله تعالى بينوا حد المسجد وان البقعة لا تكون مسجدا الا بوجود شرطين الشرط الاول ان تكون تلك البقعة موقوفة والشرط الثاني ان تكون موقوفة للصلاة اذا لابد من هذين القيدين ان تكون موقوفة وان يكون الوقف للصلاة القيد الثالث او لنقول ان القيدين الاولين المتعلقة بقيد واحد ونجعل الثانية قيدا مستقلا فنقول القيد الثاني ان تكون تلك البقعة محاطة ان اذا عندنا هنا قيدان القيد الاول ان تكون موقوفة للصلاة والقيد الثاني ان تكون محاطة فاما القيد الاول هو ان تكون البقعة موقوفة للصلاة. فهذا يدلنا على ان غير الموقوف فليس بمسجد وان احيط ببناء وان خصص مسجدا ومن امثلة ذلك ما يجعله الناس في بيوتهم فان البيوت هذه ليست مساجد وان جعل المرء في بيته غرفة او موضعا وهيأه على ان يكون مسجدا فاننا نقول ان هذا ليس بمسجد ولا يعتكف فيه لانه ليس موقوفا للصلاة ومثله ايضا المصليات التي تكون في الاسواق او في مقرات العمل فانها ليست مساجد لان بقعها ليست موقوفة وانما هي مخصصة من باب التحصيص لا من باب الوقف وبناء على ذلك فان هنا مسألة مهمة ترد عمد بعض الفقهاء وترد عند كثير من الاخوة وهو هل يصح للمرأة ان تعتكف في بيتي في مسجد بيتها ذكر بعض الفقهاء كسفيان بن سعيد الثوري وابي حنيفة النعمان وهو من فقهاء الكوفة انه يصح للمرأة ان تعتكف في مسجد بيتها اذا وضعت لها بقعة في البيت وخصصتها للصلاة دون غيرها من افعال المعيشة واما الجمهور فيقولون انه لا يصح الاعتكاف في مسجد البيت وانما الاعتكاف لا يشرع الا في المسجد الموقوف وسبب الاشكال هو حديث ان النبي صلى الله عليه وسلم امر ان تبنى المساجد في الدور فان سفيان قد نقل عنه انه يرى ان معنى هذا الحديث ان يخصص المرء في بيته موضعا للصلاة وكثير من اهل العلم حملوا الحديث وهو بناء المساجد في الدور على ان المراد بالدور ليس مسكن الفرك. وانما الدور بمعنى الاحياء ودور القوم كدار بني فلان ودار بني فلان التي تكون مجمعا البيوت وللقوم فهذا يكون من باب الاشتراك اللفظي في معنى دلالة الدور اذا الشرط في ان يكون في المسجد ان يكون موقوفا للصلاة لا مطلق الوقف فانه قد يكون موقوفا آآ لامر اخر غير الصلاة كأن يكون سكن سكن للامام او المؤذن هذا موقوف لكنه ليس للصلاة. وانما للسكنى وهكذا سائر الامور الموقوفة وغير ذلك ومن الاثار ايضا المتعلقة به مسألة المصليات الموجودة بجانب المسجد الحرام هنا او المصليات الموجودة بجانب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه وان كان يصح الاهتمام بالايمان فيها لقربها من المسجد وعدم وجود الطريق والفاصل الذي يفصل بين المصلين وبين المسجد الحرام فانه لا يصح الاعتكاف بها فانه لا يصح الاعتكاف فيها لانها ليست بقعا موقوفة في قول جماهير اهل العلم وان كان بعض اهل العلم كما قلت عن ابي حنيفة وسفيان يجوزون الاعتكاف فيها والمسألة خلافية ولكن الاظهر عدم صحة ذلك ومما يدل على ذلك ان زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعتكفن في بيوتهن وانما يعتكفن في المسجد مع ان بيوتهن مفتوح بينها وبين مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بباب ايصح ايصح الائتمام في تلك البيوت مع المسجد لانهم يرون المصلي ومع ذلك لم يكن رضي الله عنهن يعتكفن في بيوتهن وانما يعتكفن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الشرط العام في المسجد ان يكون موقوفا. الشرط الثاني طبعا موقوفا للصلاة. الشرط الثاني ان يكون المسجد محاطا ومعنى قولنا انه يكون محاطا اي محاطا ببناء اما بسور مسقوف او غير مسقوف فمجرد الاحاطة يدل على انه مسجد وينبني على ذلك ان البقعة الموقوفة للصلاة اذا لم تكن محاطة فلا تأخذ حكم المسجد وهذا الذي ثبت فقد جاء في الموطأ عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه انه كان اذا حظن النساء المعتكفات امر باخراجهن من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وان يبقين في رحبة المسجد ولم تكن رحبة المسجد في ذلك الوقت وانما احيطه بعد ذلك وبني لها سور بعد ذلك واما في وقت عمر فانها كانت رحبة اذا امتلأ المسجد صلى الناس في تلك الرحبة فكان عمر رضي الله عنه يجعل الحيض في الرحبة. مما يدل على ان رحبة المسجد غير المحاطة لا تكون مسجدا هذان القيدان ذكرتهما هما القيود التي يلزم ان تتوفر في المسجد الذي يصح الاعتكاف فيه وزاد بعض اهل العلم شرطا ثالثا في المسجد بخصوص الرجل الذي تلزمه الصلاة بان يكون قادرا على انتقال المسجد فانه يلزمه ان يكون اعتكافه في مسجد يجمع فيه معنى يجمع اي تقام فيه الصلاة جماعة وقلنا ان هذا انما هو خاص بالرجل دون المرأة فان المرأة يجوز لها ان تعتكف في المسجد الذي لا يجمع فيه مثل بعض المساجد التي تكون قد بني بجانبها مسجد اخر فيترك المسجد القديم ولا يصلى فيه. يجوز للمرأة ان تعتكف فيه وان لم تكن فيه جماعة ومثله الرجل الذي لا تلزمه الجماعة حيث قلنا بوجود احد موانع وجوب الجماعة عليه واما الجمعة فلا يلزم ان يعتكف في مسجد تقام فيه الجمعة. وان كان اعتكافه ممتدا لاكثر من سبعة ايام قالوا بان الجمعة انما هي مرة في الاسبوع فما دام مرة في الاسبوع فانه يجوز له الخروج لانه يعتبر من النادر الذي يخرج لاجل الحاجة. ولان اشتراط المسجد ان يكون جمعة فيه مشقة وبناء على ذلك فان بعض الاخوة يكون اماما في مسجد ويعتكف في مسجد اخر فنقول له ان اعتكافك هذا منقوص بل لو كان منزورا لم يك مجزئا بل يجب ان يكون اعتكافك اذا كان منذورا في نفس المسجد الذي تصلي فيه واما اذا كان الاعتكاف غير منذور فان الاعتكاف عند كثير من اهل العلم يجوز اقل من يوم كما سيأتي بعد قليل لكنه يكون حينئذ مقطعا من من المسائل المتعلقة بالمسجد انه الشروط المتقدمة المرأة والرجل فيه سواء بيد ان الرجل يزيد بشرط كما تقدم معنا انه يلزم ان يكون المسجد مما تقام فيه الجماعة اي يجمع فيه وكل المساجد يجوز الاعتكاف فيها وليس ذلك خاصا بالمساجد الثلاثة الا ما روي عن حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه ان لا اعتكاف الا في المساجد الثلاثة المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم والمسجد الاقصى وقد خالفه في ذلك جمع من الصحابة كابن مسعود وغيره فقالوا لعله لعلهم حفظوا ونسيت وعلموا وجهلت فالصحابة قد علموا مشروعية الاعتكاف في المساجد كلها وهذا هو ظاهر القرآن. فان الله عز وجل يقول ولا تباشروهن انتم عاكفون في المساجد والمساجد جمع محلى بال فيفيد العموم اي كل المساجد يصح الاعتكاف فيها نعم ما ثبت عن حذيفة او ورد عن حذيفة فانه محمول على الافضلية وان الافضل ان يكون الاعتكاف في المساجد الثلاثة ولا شك في ذلك فانها الافضل وهذا يدلنا على مسألتين المسألة الاولى انه حيث قلنا ان المساجد كلها يجوز الاعتكاف فيها فانه لا يتعين مسجد منها بالنذر الا المساجد الثلاثة لانها افضل المساجد فمن نذر ان يعتكف في مسجد غير المساجد الثلاثة فانه لا يلزمه الوفاء بالصفة فيعتكف في اي مسجد شاء ومنها المساجد الثلاثة الفاضلة واما هذه المساجد الثلاثة الفاضلة فافضلها المسجد الحرام ثم مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ثم المسجد الاقصى ومن نذر الاعتكاف في واحد من هذه المساجد الثلاثة فيجوز له ان يعتكف فيما هو افضل منه ولا يعتكف فيما هو دونه ولا يجزئه في اسقاط النذر عنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه او في بندرك اذا هذا الكلام كله متعلق بالقيد الاول المتعلق بالمساجد وهو انه بالاعتكاف وهو انه يلزم ان يكون الاعتكاف في مسجد واما القيد الثاني في الاعتكاف وهو ان يكون لاجل الطاعة او للطاعة فان العلماء رحمهم الله تعالى يقولون ان اللام هذه لبيان الغرظ فلابد ان يكون مكث المرء ولزومه في المسجد لغرض الطاعة لا لغرض امر من امور الدنيا كملازمة غريم او لاجل شيء من امور الدنيا كالمرور ونحوه وهذا يدلنا على عدد من المسائل. المسألة الاولى ان هذه الطاعة واللزوم والمكث هل يلزم له نية ام لا كثير من اهل العلم يقول ان الاعتكاف تلزم له نية بمعنى ان من مكث في المسجد للطاعة فلا يكون فعله اعتكافا الا اذا نوى الاعتكاف وهذا قول كثير من اهل العلم وقال بعض المحققين وهو اختيار الشيخ تقي الدين وهو الاظهر من الادلة انه لا يلزم للاعتكاف نية خاصة به وانما قصد الطاعة وحده هو النية فكل من مكث في مسجد لاجل طاعة من الطاعات المشروعة في المسجد فانه حينئذ يكون معتكفا وعلى ذلك فمن دخل المسجد فانه معتكف لاجل الصلاة ومن دخل المسجد لاجل طلب العلم فانه معتكف ومن دخل المسجد لاجل قراءة القرآن وذكر الله عز وجل فانه معتكف وكل هذه الامور من العبادات والطاعات التي يطيع العبد فيها ربه جل وعلا وهذا القول قول متجه في الحقيقة لان المتأمل للنصوص الشرعية لم يجد ان النبي صلى الله عليه وسلم او ان اصحابه قد نبهوا لاجل النية وانما اشاروا للزوم ولغرض الطاعة فحسب وهذا يدلنا على انه اه يكفي قصد الطاعة والانشغال بها وهذا هو الذي تتحقق به نية الاعتكاف وهذا الحقيقة قول قوي ومتجه جدا وقول الفقهاء رحمهم الله تعالى ان الاعتكاف هو لزوم المسجد للطاعة يدل على انه يصح كل اعتكاف سواء كان مطلقا او معلقة ومعنى التعليق ان يعلق على زمان اذا جاء الليل اعتكفت او اذا دخل يوم كذا اعتكفت او اذا تحقق الامر الفلاني اعتكفت وكما يجوز كذلك ان يكون منذورا وغير منذور لان من اهل العلم وهو قول ضعيف جدا من يقول ان الاعتكاف لا يصح الا منذورا وهذا غير صحيح وهذا بسبب عدم تصور الفرق بين احكام المنذور وغير المنذور كذلك من الامور المهمة ان ظواهر النصوص تدل على انه لا يلزم الصوم في الاعتكاف ولذلك فان النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له عمر اني نذرت ان اعتكف ليلة في المسجد الحرام قال اوف بندرك. ومعلوم ان الليل لا صيام فيه ولم يثبت حديث انه يلزم الصيام في الاعتكاف وانما الصيام مندوب اليه فحسب فتحمل الاحاديث الواردة على الندب ولا تحمل على الوجوب ولذلك فان قول كثير من الصحابة كعلي ابن ابي طالب وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما انه لا يجب الصوم في الاعتكاف ومن المسائل المهمة المتعلقة بالتفريط بين اعتكاف النذر واعتكاف التطوع غير المنظور ان الاعتكاف المنذور من لم يفي به او قطعه بعد ما ابتدأ فيه فانه يلزمه قضاؤه واما الاعتكاف المندوب غير المنذور فانه لا يلزم قضاؤه على الصحيح من قول اهل العلم وهذا هو الصحيح انه لا يلزم قضاؤه واما قضاء النبي صلى الله عليه وسلم له لما تركه في تلك السنة فقظاه في شوال فان هذا يدل على جواز القضاء لا على وجوب القضاء اذا القضاء لا يجب الا للواجبات ويجوز لبعض المندوبات اذا ورد النص به بقضاء الوتر وقضاء السنن الرواتب ونحوها مما ورد به النص وما عدا ذلك من المندوبات فانها لا تقضى وهنا مسألة مهمة جدا متعلقة مدة الاعتكاف وهي من المسائل المهمة والفقهاء رحمهم الله تعالى لهم مسالك فالمشهور عند الفقهاء انهم يقولون ان الاعتكاف يصح ولو ساعة وكل من دخل المسجد برهة يسيرة ونوى الانشغال بالطاعة في المسجد هذه البرهة فانه يكون معتكفا وهذا القول فيه مواءمة مع توسعة الله عز وجل على الناس وفيه موافقة لمطلق الاية لقول الله عز وجل ان طهر بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود فبين ان العاكفين وهذا مطلق والعموم والاطلاق يشمل جميع صور الاعتكاف سواء مدة قصيرة او لمدة طويلة ومن اهل العلم من قال انه لابد ان يكون للاعتكاف حدا ادنى وهذا القول في الحقيقة قول وجيه ولكن نقول هو على سبيل الندب لا على سبيل الوجوب جمعا بين الادلة فالافضل والاتم ان يكون الاعتكاف اقله يوما كاملا او ليلة كاملة يدل على ذلك امران الامر الاول ان اقل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في تسمية الفعل اعتكافا هو ما جاء في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ان اباه عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم اني نذرت ان اعتكف ليلة في المسجد الحرام فهذا هو اقل ما يسمى او اقل ما ورد في الاعتكاف فيما نقل ونحن نعلم ان من الادلة الاستئنافية الاستدلال باقل ما ورد وكذلك يدل على هذا هذا الحد الادنى على سبيل الاستحباب لا الوجوب. حديث عبد الله بن انيس الجهني رضي الله عنه لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم حينما اراد النزول في مسجده عليه الصلاة والسلام قال انزل ليلة ثلاث وعشرين فكان رضي الله عنه يأتي المسجد قبل غروب شمس ليلة ثلاث وعشرين ولا يخرج منه الا بعد طلوع الفجر وهذا لزوم لليلة كاملة في المسجد فهذا هو الافضل والاولى وهو قول الامام مالك رحمه الله تعالى وله حظ من النظر قوي لكن على الندب لا على الوجوب اما الاكمل في قضية المدد فلا شك ان الاكمل ان يعتكف العشر الاواخر كلها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فانها هي الافظل من حيث العدد وهي الافظل من حيث الزمن فان افظل الاعتكاف ان يكون في العشر الاواخر كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يعتكف العشر الاواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل جاء عنه صلى الله عليه وسلم انه قال من اراد ان يعتكف فليعتكف العشر الاواخر فدل على ذلك ان العشر الاواخر استغراقها بالاعتكاف فاضل حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يشد مئزره ويحيي ليله ويوقظ اهله عليه الصلاة والسلام ومن اعتكف العشر الاواخر كلها فقد ذكر العلماء انه يدخل قبل غروب شمس ليلة الواحد والعشرين سواء كان اعتكافه نبرا من قال الله علي ان ان اعتكف العشر الاواخر او كان من باب الندب فاراد الاعتكاف فيتحصل له كامل الاجر في الحالة الثانية اذا دخل قبل غروب الشمس كما فعل عبد الله بن انيس ويخرج من اعتكافه بطلوع فجر ليلة العيد فيستمر الى ذلك الوقت على سبيل الندب ولذلك استحب العلماء رحمهم الله تعالى ان يذهب الى معتكفه بملابس ان يذهب الى صلاة العيد بملابس اعتكافه والمسألة الاخيرة التي نقف عندها بمشيئة الله عز وجل ما يتعلق بفعل المعتكف فان المعتكف اذا دخل في اعتكافه فان افعاله لا تخلو من ثلاثة انواع طبعا غير الواجبة فان افعاله لا تخلو من ثلاثة انواع اما ان تكون مندوبة واما ان تكون مكروهة واما ان تكون مبطلة للاعتكاف فان كان اعتكافه نذرا فانها تقطع اجره ولا يكمل وينقطع اعتكافه وان كان اعتكافه منذورا فانه يبطل اعتكافه ويلزمه قضاء نذره ان كان قد نظر الاعتكاف الا ان يكون قد اشترط بعض الامور التي تكون مبطلة في الجملة نبدأ اولا فيما يتعلق بالامور التي تكون مستحبة للمعتكف فاول ما يستحب للمعتكف ان يكون صائما النهار وقد تقدم معنا النعامة اهل العلم على استحباب الصوم وان اوجبه بعضهم لكن الصواب انه مستحب وليس بواجب فالسنة للمعتكف ان يكون صائما في النهار اما صوما واجبا كرمضان او صوما منذورا ان كان قد اعتكف في غير رمظان ومما يستحب كذلك ان ينشغل في وقت اعتكافه بالطاعة بان يكثر من الصلاة وقراءة القرآن والدعاء وذكر الله عز وجل ومن افظله الباقيات الصالحات سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ومما يستحب كذلك ان يحفظ المعتكف اعتكافه في حفظ لسانه فلا يتكلم بشيء مما ينقص اجر اعتكافه وقد جاء ان ابا هريرة رضي الله عنه واصحابه اي واصحاب ابي هريرة رضي الله عنه كانوا اذا دخل رمضان لزموا المساجد وقالوا نحفظ صيامنا اي نحفظ صيامنا بقلة كلام في الامور التي تنقص الاجر او قد تكون احيانا سببا للوزر والاثم وهذا الذي يلحظ للاسف من بعظ طلبة العلم وبعظ المسلمين حينما يعتكف في احد المساجد مع اقرانه وزملائه فانه ربما ضيع بعض وقته بحديث وفي قيل وقال بل ربما كان ذلك الحديث حديثا محرما في غيبة اشخاص او استنقاصهم او ذمهم وهذه الامور يلزم المسلم ان يقلها قدر استطاعته ان لم يمكنه الامتناع عنها بالكلية النوع الثاني من الامور وهي المكروهة وهو خلاف ما سبق وهو ان ينشغل بالامور المباحة فانه يقولون مكروه او خلاف الاولاد المعتكف الامر الثالث او النوع الثالث من الامور التي يفعلها المعتكف وهي المبطلة والامور المبطلة هي التي يمنع المعتكف من فعلها. فان فعلها فانها تكون مبطلة لاعتكافه وقد ذكر العلماء رحمهم الله تعالى عددا من الاعمال تكون مبطلة للاعتكاف منها الخروج من المسجد فان الخروج من المسجد يقولون يكون مبطلا للاعتكاف الا اذا كان الخروج لحاجة كالطهارة من الحدثين او من النجاسة او لقضاء الحاجة لانه لا يجوز قضاء الحاجة في المسجد ومن الحاجة كذلك ما تقدم معنا وهي صلاة الجمعة اذا كان المرء في مسجد لا تقام فيه الجمعة ومن ذلك ايضا اذا كانت المرأة حائضا فيجوز لها وقت حيضها ان تخرج من المسجد فلو اعتكفت المرأة في المسجد وبعد بدء اعتكافها جاءها حيضها فنقول انها تخرج وتذهب الى بيتها ويستمر لها اجر المعتكف لان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان العبد اذا مرض او سافر كتب له اجر ما يفعله صحيحا مقيما ومن المتقرر لاهل عند اهل العلم ان حيض المرأة ملحق بالمرض في اشياء كثيرة ومنها ما يتعلق بالاجر فهذه الامور نهي عن الخروج عنها الا لحاجته الخروج عفوا عموما لحاجة انما اذن به لما جاء من حديث عائشة رضي الله عنها عند ابي داوود وغيره من اهل السنن انها قالت السنة للمعتكف الا يخرج الا لما له بد منه مثل ما تقدم حادث الانسان بالطعام والشراب حاجته اه قضاء الوضوء حاجته لدورة المياه. حاجته ايضا للتطبب اذا مرض. بل ان العلماء يقولون اذا القيء فان المشروع في حقه ان يخرج لكي لا يكون قيئه في المسجد وغير ذلك من الامور اه آآ من الامور ايضا المتعلقة بالافعال التي يمنع فعلها في المسجد وهو قضية الخروج الذي لا حاجة له فان الخروج الذي لا حاجة له فانه يكون مفسدا للاعتكاف يكون مفسدا للاعتكاف ومبطلا له ولذلك فان العلماء رحمهم الله تعالى يبالغون في ذلك حتى قال الامام مالك كما في الموطأ لا يخرج المعتكف مع جنازة ابويه ولا مع غيرها لا يعتكف في ذلك عفوا لا يخرج من المسجد لاجل ذلك والمرأة اذا كانت قد خرج منها دم وهذا الدم لم يحكم بانه دم حيض وانما هو دم استحاضة كان يكون صفرة او كدرة او في غير وقت العادة او غير ذلك من القضاء او وغير ذلك من المعاني التي تخرج الدم من كونه دم حيض الى دم دم استحاضة فانه لا يمنع الاعتكاف وقد جاء ان امرأة من ازواج النبي صلى الله عليه وسلم كانت مستحاضة. فكانت ترى الحمرة والصفرة وربما وضعت الطستة تحتها وهي تصلي المسجد وهي معتكفة كما ثبت ذلك في صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها واما ما عدا ذلك فالخروج لحظور الجنازة وعيادة المريض فان هذا يكون مبطلا لي لآآ لاعتكافه الا كما تقدم معنا فيما اذا اشترط ذلك في في الاعتكاف المنذور فانه لا يبطل الاعتكاف والدليل على ان هذا الخروج اه مبطل الاعتكاف ما جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا اعتكف لا يدخل البيت الا لحاجة الانسان فقولها كان اذا اعتكف لا يدخل البيت الا لحاجة هذه من صيغ الحصر والحصر هي من الدلائل النطق عند اكثر الاصوليين ادل ذلك على نفي الحكم عن غير المحصور وهو الحاجة فدل على ان النبي صلى الله عليه وسلم اه لم يكن يخرج الا للحادث دون ما عداها وقد قالت عائشة رضي الله عنها في تفسير ذلك قالت السنة للمعتكف الا يعود مريضا والا يشهد جنازة والا يمس امرأة والا يباشرها ولا يخرج الا لما له بد وذكرت رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا اعتكف يمر بالمريض كما هو ولا يعرج فيسأل عنه فكل هذا يدل على ان الاصل ان الاعتكاف الخروج بغير حاجة يفسده ولا يكون سببا في الاثم وانما يبطله اذا كان منذورا فقط واما غير المنذور فانه يقطعه فقط فيذهب لحاجته فلا يكون له اجر ثم بعد ذلك يعود واما ان كان الخروج لحاجة فانه وان كان مندوبا غير منذور فانه يجري عليه اجره ولو خرج ما دام خروجه لحاجة من الامور المتعلقة بذلك ايضا مسألة الوطئ. فان من الافعال التي تكون مفسدة للاعتكاف الوطئ سواء كان الوضع في المسجد وهو اشد حرمة او الوطء عند خروجه من المسجد لحاجة فان هذا يكون مفسدا لاعتكافه كما قال الله عز وجل ولا تباشروهن وانتم عاكفون في المساجد. اما اعتكافا حقيقيا بالبقعة المخصصة للصلاة المحاطة او حكما اذا كان خروجه لحاجة ولذلك قالت عائشة السنة للمعتكف ان لا يمس امرأة وان لا يباشرها فدل ذلك على ان الوطء ومثله المباشرة مفسد للاعتكاف ولذلك يقول العلماء رحمهم الله تعالى ان من اعتكف واشترط في اعتكافه ان يطأ او ان يباشر فان شرطه هذا فاسد لان هذا الشرط منهي عنه ابتداء فكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل آآ بعض العلماء تكلموا عن بعض الامور السهلة المتعلقة بالجائزة وليست يعني اه مثل السؤال عن المريض اما بهاتف والاتصال به فان ذلك جائز من الامور التي تتعلق بالمساجد وهي قضية ان المساجد عموما لا يجوز بيع ولا الشراء فيها واما الان مع وجود وسائل اتصال من الهاتف وعن طريق النت وهذه التطبيقات وغيرها قد يقوم المعتكف بالشراء وهو في المسجد فيشتري طعاما او يشتري شيئا من ذلك وهذه المسألة من مسائل المشكلة وقد تكلم الباجي في شرحه على الموطأ وذكر اقوالا لاهل العلم في النهي عن البيع والشراء في المسجد ما المراد به هل هو مطلق في البيع والثوم؟ ام هو خاص بالتعاقد دون ما عدا والحقيقة ان من اراد الورع فانه لا يبي ولا يشتري في المسجد وانما يخرج خارج المسجد فيبيع ويشتري اذا كان لحاجة الطعام وان اشترى عن طريق المسجد اما بهاتف او تطبيق شيئا لحاجة كحاجة طعامه وشرابه فنقول انه جائز لانه حيث جاز له الاكل والشرب والخروج لحاجة فان هذا منه وخاصة ان الطرف الاخر في التعاقد خارج المسجد فقد يكون ذلك سببا في التخفيف في مسألة البيع والشراء وان كان الاولى والاحوط والاتم الا يعقد الا خارج المسجد لكن لو عقده فيه عن طريق غير مباشر كالهاتف او التطبيق وغيره فانه حينئذ يكون جائزا باذن الله عز وجل لكنه خلاف الاولى وهذه المسألة من المسائل المشكلة كما ذكرت ابتداء وقد اورد الاشكال والتدقيق فيها الباجي في المنتقى وهذا الكتاب كتاب الباجي المنتقى شرح موطأ فيه نكت فقهية قد لا توجد في غيره. وخاصة فيما يتعلق بالتعاليم والباجي كثيرا ما يبني اه احكامه على قواعد اصولية دقيقة هذه اهم المسائل المتعلقة اه باعتكاف النذر وباعتكاف التبرر والطاعة ابتداء اه اسأل الله عز وجل ان يعيننا انفسنا في هذه الايام الفاضلة وان يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح وان يتولانا بهداه وان يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين واسأله جل وعلا ان يحفظ بلادنا من كل سوء وان يغفر لوالدينا وان يرحمهما وان يجزيهما خير ما جزى والدا عن ولده واسأله جل وعلا ان قضى المسلمين في كل مكان وصلى الله وسلم وبارك على نبينا ورسولنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين