بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. يسر تسجيلات الراية الاسلامية ان تقدم لكم ما هذه المادة هو التي هي بعنوان الاحكام الفقهية لزائري المسجد النبوي؟ القاها فضيلة الشيخ الاستاذ الدكتور عبدالسلام ابن محمد شويعر. وذلك في يوم الاثنين الموافق للاول من شهر ربيع الثاني لعام الف واربعمئة واثنان واربعين من الهجرة النبوية. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين. اما بعد فان من نعم الله عز وجل على العبد ان يمن الله سبحانه وتعالى عليه بزيارة هذا المسجد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وان يتفضل الله سبحانه وتعالى عليه بالصلاة في هذا المسجد المبارك وذلك ان هذه البقعة التي فيها مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم هي من خير وافضل بقاع الارض بعد مكة زادها الله تشريفا وتعظيما وقد فضل هذا المسجد باعتبارات ثلاث اجتمعت كلها في هذا المسجد دون غيره من بقاع الارض. احدها ما فضل به المسجد باعتبار مكانه فانه في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضلة مفضلة وهي حرام محرمة مباركة بسبب دعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم. ثبت في الصحيحين من حديث عبدالله بن زيد بن عاصم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان ابراهيم حرم مكة ودعا لاهلها واني حرمت المدينة كما حرم ابراهيم مكة. واني دعوت في صاعها ومدها بمثلي ما دعا ابراهيم لاهل مكة. وقد ثبت في الصحيح من حديث انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة فالمدينة مباركة في صاعها وفي مدها وفي افعال العباد فيها ومن ذلك الطاعات. ومن شرف المدينة انها محفوظة بحفظ الله عز وجل من الفتن والشرور ثبت في الصحيح من حديث ابي بكرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال. وثبت كذلك في الصحيح من حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل المدينة المسيح ولا الطاعون ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب المدينة ويتشوق لها وينظر لها ما لا ينظر الى غيرها وقد ثبت في الصحيح اعني البخاري من حديث انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا قدم من سفر فنظر الى جدران المدينة اوظع راحلته وان كان على دابة حركها من حبها اي حرك دابته بسبب حبه للمدينة والامر الثاني الذي فضل به هذا المسجد ان هذا فاضل باعتباره بيتا من بيوت الله عز وجل. ومسجدا من المساجد وكل ما ورد في المساجد عموما وفضلها فانه يدل من باب الاولوية على فضل هذا المسجد المبارك. وفي صحيح مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احب البلاد الى الله مساجدها وابغض البلاد الى الله اسواقها. فالله عز وجل يحب المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم لا يحب الا ما احب الله والله عز وجل يحب المساجد وهذان الامران المحبوبان لله عز وجل اجتمعا في هذه البقعة المباركة الشريفة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن مع هذين الفضلين خص هذا المسجد المبارك بفضل ثالث انفرد به على سائر المساجد وذلك ان هذا المسجد بناه النبي صلى الله عليه وسلم بامر الله عز وجل واختيار الله سبحانه وتعالى لمكانه. فان الله عز وجل هو الذي اختار هذا المكان وهو الذي امر نبيه صلى الله عليه وسلم روى سعيد ابن منصور في السنن من حديث صديق بن موسى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة عندما قدم مهاجرا من مكة فاستناخت به راحلته بين دار جعفر بن محمد بن علي ودار الحسن بن زيد. فاتاه الناس فقالوا يا رسول الله المنزل فانبعثت به راحلته فقال دعوها فانها مأمورة ثم خرجت به حتى جاءت به الى باب ابي ايوب الانصاري تناخت به فاتاه الناس فقالوا يا رسول الله المنزل فانبعثت به راحلته فقال دعوها فانها مأمورة ثم خرجت به حتى جاءت به موضع المنبر فاستناخت به ثم تحللت. قال وللناس ثم عريش يرشونه ويقيمونه ويتبردون فيه. فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن راحلته. فاوى الى الظل فنزل فيه واتاه ابو ايوب رضي الله عنه فقال يا رسول الله ان منزلي اقرب المنازل اليك فنقل لك الي فقال صلى الله عليه وسلم نعم فذهب برحله الى المنزل ثم اتاه رجل اخر فقال يا رسول الله انزل علي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان الرجل مع رحله حيث كان. ثم ان النبي صلى الله عليه وسلم ثبت في العريش حتى صلى بالناس فيه ثنتي عشرة ليلة حتى بنى مسجده صلى الله عليه وسلم هذا وروى ابن سعد في الطبقات في قصة هجرته صلى الله عليه وسلم من حديث شرحبيل ابن سعد قال لما اراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ينتقل من قباء اعترض له بنو سالم فقالوا يا رسول الله واخذوا بخطام راحلته قالوا هلم الى العدد والعدة والسلاح قوى المنعة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم خلوا سبيلها فانها مأمورة ثم اعترظت له بنو الحارث ابن الخزرج فقالوا له مثل ذلك فقال لهم مثل ذلك. ثم اعترظت له بنو عدي فقالوا له مثل ذلك. فقال لهم مثل ذلك حتى بركت حيث امرها الله عز وجل. فالله عز وجل هو الذي امر بهذا الموضع ان تكون فيها بناء المسجد وان يكون فيها منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا المسجد هو المسجد الذي اسس على التقوى الذي ذكره الله عز وجل في كتابه حينما قال سبحانه لمسجد اسس على التقوى من اول يوم احق ان تقوم فيه فيه رجال يحبون ان يتطهروا. والله يحب المتطهرين. روى مسلم في الصحيح من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض بيت نسائه فقلت يا رسول الله اي المسجدين الذي اسس على التقوى فاخذ كفا من حصباء فظرب به الارض ثم قال هو مسجدكم هذا يعني مسجد المدينة وهذا يدل على ان هذا المسجد هو المقصود بقول الله عز وجل لمسجد اسس على التقوى من اول يوم. فهو مؤسس على التقوى وبوحي من الله عز وجل وبناه اشرف الخلق محمد صلى الله عليه واله وسلم وعاونه خير الاصحاب اصحاب النبي صلى الله الله عليه وسلم على بنائه. ولذلك كان هذا المسجد مزية لامة محمد صلى الله عليه وسلم. لم يشاركهم فيه احد من الامم قبلهم ولذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ان هذا المسجد هو اخر المساجد الفاضلة. وانه لا فضل لمسجد من بعده عليه البتة. وقد روى مسلم في الصحيح من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اني اخر الانبياء وان مسجدي اخر المساجد اي اخر المساجد الفاضلة التي لا يأتي بعده مسجد يقاربه في فظله ناهيك ان يكون مثله. وانما المساجد ما تفضل باعتبار كونها بيتا من بيوت الله فقط ولذلك فان هذا الموضع الذي بني فيه المسجد كان باختيار الله عز وجل وهو بقعة من بقع الجنة في الصحيحين من حديث عبدالله بن زيد رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بين بيتي منبري روضة من رياض الجنة. وهذا يدلنا على ان في هذا المسجد بقعة من بقاع الجنة. قيل هي كذلك لانه يعمل في من الاعمال الصالحة الموجبة للجنة كقراءة القرآن وتعليم العلم وان هذا العمل مستمر فيها الى قيام الساعة ولذلك فان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخلو من تال او قارئ او معتكف في كل يوم وقيل ان هذه البقعة سماها النبي صلى الله عليه وسلم روضة من رياض الجنة. اي ان من صلى فيها فكأنما صلى في جنة. وقد جاء في ذلك لفظ عند الديلمي في المسند انه روي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من سره ان يصلي في روضة من من رياض الجنة فليصلي ما بين منبري وبيتي. وهذا يدل على ان الاجر فيه يكون سببا لدخول جنتي باذن الله عز وجل. وقيل انها سميت روضة من رياض الجنة. لانه يحصل للمؤمن بها من السرور والانبساط والغنى ما يحصل لمن دخل الجنة وهذا موجود وملاحظ فان من دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد في قلبه انشراحا وفي نفسه انسا ووجد سرورا وغبطة وفرحا العظيمة لعلها ان تكون مقدمة لما يحصل له يوم القيامة عند دخوله الجنة. جعلنا الله جميعا من اهلها من فضائل هذا المسجد فضيلة لا تكاد توازيه فيه اي مسجد الا المسجد الحرام. وهو ان الصلاة في هذا المسجد بالف صلاة فيما سواه من المساجد الا في المسجد الحرام. روى الشيخان من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال صلاة في مسجدي هذا خير من الف صلاة فيما سواه الا المسجد الحرام جاء في بعض الالفاظ فان الصلاة في المسجد الحرام بمئة الف صلاة لاجل هذه الفضيلة العظيمة. ولاجل الفضائل المتقدمة فان لمسجد رسولنا ونبينا وحبيبنا صلى الله عليه سلم احكاما وعبادات متعددة. تتأكد لزواره ولقاصديه ولمن دخله. فليست زيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كزيارة غيره من المواضع تكون لفرجة او استجمام. وانما دخول مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم عبادة والاعمال التي تصنع فيه عبادة. بل ان مجرد المكث فيه عبادة ولذلك قال اهل العلم ان الاحكام التي تشرع في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم نوعان. نوع خاص بمسجده صلى الله عليه وسلم ونوع عام لكل مسجد من المساجد. لكنها في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم اكد. لان هذا المسجد افضل المساجد واولاها فكل ما ورد في المساجد فانه يرد في هذا المسجد فضلا وعملا. فمن اكد العبادات لمن دخل المدينة عموما ان يقصد هذا المسجد المبارك مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وان يصلي فيه فانه يندب للمسلم اذا دخل المدينة ان يكون اول فعل يفعله قصد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة فيه. ثبت في الصحيح من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سهر فلما قدمنا المدينة قال لي ادخل فصلي ركعتين وهذا يدل على ان الامر للفورية كما هي قاعدة كثير من اهل العلم. فاول ما يفعل عند دخول المدينة ان يقصد المرء المسجد ويصلي فيه ركعتين والمراد بالمسجد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الذي كان عليه الصلاة والسلام يفعله. ولذلك ثبت من حديث كعب رضي الله عنه في الصحيح ان النبي صلى الله عليه واله وسلم كان اذا قدم من سفر ضحى دخل المسجد فصلى ركعتين قبل ان يجلس. اي قبل ان يجلس في المسجد او قبل ان يجلس في اي موضع في المدينة ولاجل هذا المعنى من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وامره لاصحابه كجابر وغيره فان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهموا ذلك وكانوا اذا دخلوا المدينة ولو لغرض يسير. قصدوا المسجد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلوا فيه ومن اعجب الاخبار في ذلك ما روى الطبراني من حديث مسلم ابن اسلم ابن بشرة وهو من الخزرج وكان ساكنا في ضواحي المدينة اي خارجها انه رضي الله عنه كان يدخل المدينة فيقضي حاجته من السوق ثم يرجع الى اهله فاذا وضع رداءه ذكر انه لم يصلي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول ما صليت في مسجد رسول الله وانه قال لنا من هبط منكم الى هذه القرية فلا يرجعن الى اهله حتى يركع ركعتين في هذا المسجد ثم يرجع الى اهله ثم كان بعد ذلك رضي الله عنه يحرص غاية الحرص على ان يصلي ركعتين في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. والسبب في ذلك اضافة لكون هذا المسجد هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وان هذا الفعل هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين قدومه المدينة. السبب في ان هذا المسجد الصلاة فيه بالف صلاة فيما سواه من المساجد وقد تقدم معنا ما روى الشيخان من حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال صلاة في مسجدي هذا خير من الف صلاة فيما سواه الا المسجد الحرام. وهذا فضل عظيم واجر جزيل اختصه الله عز وجل لهذه الامة. ولمن امتن الله عز وجل عليه وانعم عليه بان يصلي في هذا المسجد المبارك. وقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث صلاة في مسجدي قوله صلاة هي نكرة في اثبات. فتعم عموم اوصاف وفي لفظ من الفاظ هذا الحديث الصلاة في مسجدي فتكون مفردا معرفا فتعم عموم افراد وهاتان الصيغتان تدلان على ان الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مضاعفة الف ضعف سواء كانت نافلة او فريضة وسواء كان المصلي رجلا او انثى وسواء كانت الصلاة من صلاة الليل او من صلاة النهار وسواء كانت الصلاة اداء او قضاء. لان الحديث ورد عاما ومطلقا. والاصل بقاء اللفظ على عمومه واطلاقه. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وفضل الله واسع. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول قال الله عز وجل انا عند ظن عبدي فليظن عبدي بما شاء ولكن قرر اهل العلم والفقه رحمهم الله تعالى ان العبادة الفاضلة قد تكون مفضولة في احوال وعلى سبيل المثال تطبيقا لهذه القاعدة في الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم نقول ان اداء الصلاة في وقتها المقدر شرعا خارج مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم افضل من فعلها قضاء بعد خروج الوقت في مسجده صلى الله عليه وسلم. وذلك ان فعل الصلاة على سبيل الاداء اكد واوجب من فعلها قضاء. وهذا يدلنا على ان المسلم يجب عليه ان يؤدي اتى في وقتها في اي موضع كان فيه وان كان خارج مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذلك القضاء فان المتقرر عند جماعة من اهل العلم ان القضاء يحاكي الاداء والاصل فيه الفورية. فان من فاتته صلاة فيلزمه ان يقضيها في اسرع وقت واول وقت يستطيع ويمكنه ان يؤدي الصلاة فيه ولا يؤخر الصلاة قدر استطاعته. ولذلك فان الافضل ان يؤدي الصلاة قضاء اول ما يتذكر فوات هالة والا يؤخر هذا القضاء. ومن تطبيقات القاعدة التي ذكرها اهل العلم ان العبادة الفاضلة تكون مفضولة في احوال اننا نقول ان السنن الرواتب فعلها في المنزل افضل واكمل اجرا من فعلها في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن كان مستطيعا ذلك ويمكنه الوصول الى بيته. لان نبينا صلى الله عليه وسلم كان يخرج من مسجده ويصلي هذه السنن الرواتب في بيته صلوات الله وسلامه عليه. قال ابن عمر رضي الله عنهما حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات. ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب في بيته. وركعتين بعد العشاء في بيته. وركعتين قبل صلاة الصبح. وكانت ساعة لا يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها احد. فبين ابن عمر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتي المغرب وركعتي العشاء شاء وركعتي الفجر في بيته صلى الله عليه وسلم ولذا استحب العلماء على سبيل التأكيد هذه الركعات الست ان تصلى في البيت فان صلاتها افضل من صلاتها في المسجد لمن كان يمكنه الوصول الى بيته ويفعلها فيه من غير حرج عليه ولا مشقة. ويلحق بها كذلك الجمعة فانه قد جاء في مسلم من حديث ابن عمر انه قال فاما المغرب والعشاء والجمعة فاني صليتها مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيته. ويعني جمعة اي السنة البعدية لا القبلية وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم الذي في الصحيحين صلاة في مسجدي صلاة في مسجدي قوله في مسجدي هذه هذا مفرد مضاف فيعم كل ما يصدق عليه هذا الاسم فيعم جميع انحاء مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كانت في عهده صلى الله عليه وسلم والتي حدثت بعده سواء كانت التوسعة في عهد اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم او من بعدهم الى وقتنا هذا. ويدل على ذلك والصحابة رضوان الله عليهم فقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنه ان اباه عمر بن الخطاب رضي الله عنه زاد في مسجد رسول الله صلى الله الله عليه وسلم في شاميه اي من الجهة الشمالية. ثم قال عمر رضي الله عنه لو زدنا فيه حتى يبلغ الجبانة لكان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقوله حتى يبلغ الجبان قصده بالجبانة. قيل الصحراء اي حتى يتجاوز المدينة كلها وقيل الجبانة هي المقبرة اي حتى يبلغ حد المقبرة. فكله داخل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذا قال ابو هريرة فانه قال لو مد هذا المسجد الى باب داري ما عدوت ان اصلي فيه. وهذا يدل على ان مسجد النبي صلى الله عليه وسلم كله داخل في التظعيف في الاجر مهما كبرت فيه التوسعة والقاعدة عند اهل العلم ان الامر اذا ظاق اتسع ولما ظاق مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس وسعه المسلمون من عهد اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يدل على ان هذا فضلا له كله ما دام قد اجتمع فيه هذا الوصف انه مسجد بان كان محاطا وكان موقوفا للصلاة فيه فاذا اجتمع فيه هذان القيدان اللذان هما معنى المسجد فانه يصدق عليه انه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومما نستفيده من هذا الحديث خاصة وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدي هذا. تعبير النبي صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدي هذا يدل على ان التضعيف بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم دون سائر المساجد في مدينته صلى الله عليه واله وسلم. لانه قال مسجد في هذا ولم يقل المساجد ولم يقل في المدينة بخلاف مكة فانه سماها المسجد الحرام والمسجد الحرام يطلق على مكة كلها. سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام. وكان اسراء اسراء النبي صلى الله عليه وسلم من مكة. ولم يكن من مسجد الكعبة. وهذا يدلنا اي هذا الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدي هذا يدلنا على ان التضعيف انما هو خاص بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم دون باقي مساجد المدينة. وقد حكى بعض المتأخرين الاجماع عليه ولكن من اهل العلم من قال انه يحتمل ان تكون مساجد المدينة كلها يكون فيها هذا التظعيف بل انه يحتمل ان يكون ذلك حتى في الدور. وهذا الاحتمال اورده الحافظ ابن حجر. ولكن كما ذكرت ان عامة اهل العلم بل حكي الاجماع ان التضعيف انما هو خاص بمسجده صلى الله عليه وسلم ومن الامور المهمة التي يجب على زائر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ينتبه لها عندما يحرص على الصلاة فيه ان انتبه ان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو مثل سائر المساجد باعتبار اوقات النهي. فانه لا يجوز صلاة النافلة في وقت النهي اي الا ما ورد الدليل به دون ما عداه وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال شهد عندي رجال مرضيون وارضاهم عندي عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس. وبعد العصر حتى تغرب الشمس. وثبت من حديث ابي سعيد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس. ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس. ومن حديث عقبة بن عامر ان النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن ثلاث ساعات ان يصلوا فيهن وان يقبروا فيهن موتاهم حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم الظهيرة حتى تميل وحين تتضيف الشمس للغروب حتى تغرب. وثبت من حديث عمرو بن عبسة كذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له صل صلاة الصبح ثم اقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع. فانها تطلع حين تطلع بين قرن شيطان حينئذ يسجد لها الكفار ثم صلي فان الصلاة محظورة مشهودة حتى يستقل الظل بالرمح ثم اقصر عن الصلاة فانها حينئذ تسجر جهنم فاذا اقبل الفيئ فصلي فانها صلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر ثم اقصر في الصلاة حتى تغرب الشمس فانها تغرب بين قرن شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار هذه الاحاديث تدلنا على ان هناك اوقاتا خمس ينهى ويحرم الصلاة فيها من غير عذر. اول هذه الاوقات من طلوع الفجر الى طلوع الشمس ولا يصلى في هذا الوقت وقت هذا النهي الا صلاتين او ثلاث يصلى صلاة الفجر وتصلى سنة الفجر ويصلى على قول كثير من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الوتر لمن فاته او ان كان معتادا عليه. والوقت الثاني من بعد طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح. وهو من الاوقات القصيرة المشدد في النهي عنها والوقت الثالث عند قيام قائم الظهيرة حتى تزول الشمس اي قبيل صلاة الظهر وهو وقت كذلك مغلظ ومشدد في النهي عنه والوقت الرابع من بعد صلاة العصر. سواء صليت الصلاة في اول وقتها او اخرت عن اول وقتها او جمعت الصلاة جمع تقديم. فكل من صلى صلاة عصر ففي حقه يبدأ وقت النهي. قال احمد لان اكثر الاحاديث جاءت النبي صلى الله عليه وسلم قيدت النهي بالصلاة. وينتهي الوقت الرابع حينما تميل الشمس للغروب. فانها حينئذ تتضيف الشمس اي تميل للغروب وتحمر حمرة شديدة والوقت الخامس حينما تميل الشمس للغروب اي قبيل اذان المغرب بدقائق متعددة وتكون الشمس قد تضيفت ومالت الغروب واصفرت فانه حينئذ يكون وقت النهي الخامس وهو وقت نهي شديد. وعندها تغرب بين قرني من العبادات المؤكدة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الاعتكاف وذلك ان الاعتكاف ممدوح في كتاب الله عز وجل وفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولكن هذا الاعتكاف يتأكد زمانا ومكانا. فيتأكد زمانا في رمضان. ويتأكد مكانا في ثلاثة المساجد المسجد الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا المسجد الذي نحن فيه وبيت المقدس ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الاواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف ازواجه من بعده اي في مسجده صلى الله عليه وسلم. وقد جاء عند احمد وغيره من حديث شقيق بن سلمة ان فتى رضي الله عنه قال لابن مسعود رضي الله عنه لقد علمت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا اعتكاف الا في المساجد زد الثلاث او قال لا اعتكاف الا في مسجد الجماعة فهذا الحديث يدل على تأكيد الاعتكاف في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو المتوافق مع فعله صلى الله عليه وسلم ولذلك فان الاعتكاف في مسجد رسول الله والمسجد الحرام والمسجد الاقصى افضل من الاعتكاف في غيره من المساجد وان كان الاعتكاف في جميع المساجد جائز ومشروع. والاحكام المتعلقة بالاعتكاف كثيرة ومتعددة. فمن ذلك ان الاعتكاف هو المكث في المسجد. بقصد العبادة وهذه النية وهي نية المكث في المسجد وان يكون المكث بقصد العبادة هي نية الاعتكاف. ولا يلزم له نية اخرى مستقلة على الاصح من قول اهل العلم. فكل من نوى المكث في مسجد للعبادة فانه يكون معتكفا وذاك فضل الله يؤتيه من يشاء لمن اراد المكث في هذا المسجد. وقد قال الله عز وجل وعهدنا الى ابراهيم واسماعيل ان طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود ففي هذه الاية يدل على ان كل ماكث في المسجد يسمى معتكفا ان كان مكث بقصد العبادة. وكذلك قال الله سبحانه وتعالى والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن احكام الاعتكاف ان بعض اهل العلم يقول ان الاعتكاف جائز ولو ساعة من ليل او نهار. ومن اهل العلم من يقول ان قل الاعتكاف يوم كامل او ليلة كاملة. وهذا الاولى لحديث عمر رضي الله عنه انه سأل النبي صلى الله عليه وسلم لكنت نذرت في الجاهلية ان اعتكف ليلة في المسجد الحرام. فقال النبي صلى الله عليه وسلم او في بنذرك فهنا قيد ذلك عمر رضي الله عنه بليلة وقد جاء عند ابي داود ان بعض اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان ساكنا خارج المدينة. فقال للنبي صلى الله عليه عليه وسلم اجعل لي ليلة اتي مسجدك. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اتي ليلة واحد وعشرين فكان رظي الله عنه اذا جاءت ليلة واحد وعشرين اتى بدابته وربطها قبل غروب الشمس عند باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكث فيه الى طلوع الفجر ثم اخذ بزمام دابته وذهب الى مسجده في البادية وهذا يدل على استحباب ان يكون الاعتكاف يوما كاملا او ليلة كاملة وان مما يجب في حال الاعتكاف واللبس في المسجد انه يجب على المرء ترك مباشرة النساء. واقصد بالمباشرة الوقاع وهو الجماع او المباشرة بما دون الجماع. وقد قال الله عز وجل ولا تباشروهن وانتم عاكفون في المساجد. تلك حدود فلا تقربوها كذلك يبين الله اياته للناس لعلهم يتقون. فمن مكث في المسجد حرمت عليه المباشرة لا الجماع ولا مقدماته الفعلية ولا القورية والمسجد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما مر معنا ليس خاصا بالبقعة التي كانت في في عهده صلى الله عليه وسلم بل كل ما مدت فيه وان مما مد فيه هذه الساحات الملحقة به لانها موقوفة للصلاة ومسورة ببناء فاجتمع فيها القيدان الذي ذكره اهل العلم فيحرم على المرء ان يباشر او ان يتلفظ في حدود وحرم المسجد بذلك. والمعتكف واللابث في المسجد يستحب له اذا لزم المسجد في النهار ان يصوم النهار كله اذا كان اليوم يوما مشروعا صومه وكذلك يستحب له اذا دخل المسجد معتكفا ان يتشاغل بالقرب وفعلها. وان يبتعد ويجتنب عما لا يعنيه ومما لا يعني ان يترك الجدال والمراء وان يترك كثرة الكلام في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره. ولذلك يقول اهل العلم لانك كثرة الكلام مكروه في غير الاعتكاف ففي الاعتكاف اولى. ويجوز للمعتكف كذلك في المقابل ان يتحدث مع من يأتيه. لان رضي الله عنها زارت النبي صلى الله عليه وسلم في معتكفه فتحدثت معه وحدثها صلى الله عليه وسلم. وليس الصمت سنة كما يظن وبعض الناس فان بعض الناس يسكت ولا يتكلم ويظن ان الصمات سنة وليس ذلك من شريعة الاسلام. ولذلك قال اهل العلم كالموفق وغيره ان ظاهر الاخبار يدل على تحريم التعبد بالصمت. وقال غيره من اهل العلم ان ذلك مكروه كما قال ابو الوفاء ابن عقيل وغيره ولما رأى ابو بكر الصديق رضي الله عنه امرأة لا تتكلم قيل له انها قد حجت مصمتة. فقال لها تكلمي فان هذا الا يحل ان هذا من عمل الجاهلية. فليس الصمت عبادة وانما المنهي عنه رفع الصوت بامر الدنيا. فان رفع الصوت فوق النبي صلى الله عليه وسلم منهي عنه. اخذ منه اهل العلم انه لا يجوز رفع الصوت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير ذكر الله عز وجل وبغير العلم. ومن العبادات المؤكدة في مسجد رسول الله صلى الله وعليه وسلم تعلم العلم وتعليمه. فان المدينة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي مأرز العلم والايمان فيها نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم. واكثر احاديث النبي صلى الله عليه وسلم سمعت منه في هذه المدينة وفي بهذا المسجد ولذلك كان التعليم في هذا المسجد افضل من التعليم في غيره والبركة في هذا المسجد في التعليم خير من غيره من الاماكن. روى الامام احمد وصححه الحاكم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول من دخل مسجدنا هذا يتعلم خيرا او يعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله وهذا الحديث يدل على ان تعلم العلم في مسجد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم له فضل خاص به. ولذا ما انقطع العلم في رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدينته على مر التاريخ. كما بين ذلك غير واحد من المؤرخين. ولم يزل العلم والسنة والقرآن يتلى والعلم ظاهرا من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم الى وقتنا هذا الى قيام الساعة بهذه المدينة المباركة وقد جاء من حديث ابي امامة الباهل رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من غدا الى المسجد لا يريد الا ان يتعلم خيرا او يعلمه او يعلمه كان له كاجر حاج حج حج حجة تامة. وهذا الحديث الذي رواه الطبراني وحسنه بعض اهل العلم يدلنا على فضل تعلم العلم عموما. ويتأكد ذلك ايضا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وان افضل العلم كلام الله عز وجل. وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو بوحي من الله عز وجل. وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى. فمن تعلم العلم وخصوصا قال الله قال رسوله. فانه هو الفائز وهو السعيد الغانم في الدنيا والاخرة ومن الامور المؤكدة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة عدم الكذب فيه لا مزاحا ولا ظلما. فان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو موطن حديثه ومحل العلم والكذب فيه ينافي ذلك روى الامام احمد وابن ماجه من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحلف عند هذا المنبر عبد ولا امة على يمين اثمة ولو على سواك الرطب الا وجبت له النار فالكذب عموما حرام والحلف يمين غموس فاذا كان ذلك في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه من اشد المواظع ولذا قال الفقهاء ان تعظيم اليمين يكون تعظيم زمان ومكان ولفظ. فاما الزمان فبعد العصر تحبسونه بعد الصلاة واما المكان ففي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعند منبره. واما اللفظ فقد ذكر اهل العلم بما يكون تغليظ الفاظ اليمين ولذلك يلزم على المسلم ان يتقي الله عز وجل ويحذر الكذب. هذه بعض الاحكام الخاصة بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. واما الاحكام العامة للمساجد عموما والتي تتأكد في مسجده صلى الله عليه وسلم من اولى لان مسجده من افضل المساجد الا المسجد الحرام فان الاحكام كثيرة. ونذكر بعض هذه الاحكام على سبيل ما يمكننا ان نتحدث عنه قبل الصلاة فمن ذلك انه يستحب للمسلم اذا اراد المسجد ان يخرج من بيته متوضأ ومتطهرا ومتطيبا. كما قال الله عز يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد. وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. انه لا يحب المسرفين. فقول الله عز وجل كل مسجد اي عند الاقبال اليه. لان هذا يكون سابقا لدخوله ولا يكون عنده في وقته وانما يكون متقدما. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته في سوقه خمسا وعشرين ضعفا وذلك انه اذا توضأ فاحسن الوضوء ثم خرج الى المسجد لا يخرجه الا الصلاة لم يخطو خطوة الا له بها درجة وحطت عنه بها سيئة او قال خطيئة فقوله صلى الله عليه وسلم توضأ فاحسن الوضوء هذا يدلنا على انه يستحب للمرء ان يكون قد خرج من بيته متوضأ وان يكون قاصدا حال خروجه من البيت للمسجد الصلاة دون غرض اخر. وهذا معنى قوله ثم خرج الى المسجد لا يخرجه الا الصلاة. فان له اجرا بخطاه وان له مضاعفة بصلاته. لم يخطو خطوة الا رفعت له بها درجة. وحطت عنه بها خطيئة وفي المقابل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتيان المسجد اذا كانت في المرء رائحة خبيثة فقال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح من اكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا فان الملائكة تتأذى منه اذى مما يتأذى منه بنو ادم فهذا يدلنا على ان المرء مأمور بابعاد الرائحة المنتنة عنه. ومأمور بجعل الرائحة الطيبة من الطيب الحسن غير المؤذي للمسلمين فيتطيب في بيته ثم يخرج الى المسجد بعد ذلك. ومن السنن عموما في المساجد التي تتأكد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم انه يستحب اتيان المسجد بسكينة ووقار. وعدم استعجال وعدم رفع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا ثوب للصلاة فلا تأتوها وانتم تسعون واتوها وعليكم السكينة فما ادركتم فصلوا وما فاتكم فاتموا فان احدكم اذا كان يعمد الى الصلاة فهو في صلاة فبين النبي صلى الله عليه وسلم انه يلزم السكينة في الطريق للمسجد. والا يكون المرء ساعيا اي مسرعا في مشيه وانما يمشي بهدوء وسكينة من غير تماوت ومن غير استعجال. وثبت في صحيح مسلم كذلك من حديث ابي قتادة انه قال بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم اذ سمع جلبه. فقال ما شأنكم؟ فقالوا استعجلنا الى الصلاة فقال لا تفعل اذا اتيتم الصلاة فعليكم السكينة فما ادركتم فصلوا وما سبقكم فاتموا. وهذا يدلنا على مسألة مهمة هو ان المقصود السكينة والحرص عليها. ومن السنة لمن خرج للمسجد الا يشبك بين اصابعه في طريقه للمسجد. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا توضأ احدكم فاحسن وضوءه ثم خرج عامدا الى المسجد فلا يشبكن يديه فانه في صلاة ومعنى التشبيك هو ان يدخل الاصابع اصابع يده اليمنى مع اصابع يده الشمال. فالسنة عدم فعل ذلك عند خروجه من بيته لحين وصوله للمسجد ولا يفعل ذلك ايضا في المسجد. قبل الصلاة وكثير من اهل العلم يرى انه لا يفعلها حتى بعد الصلاة. وان كان هذا اخف الاحوال لانه قد جاء في حديث ابي هريرة ان النبي الله عليه وسلم شبك بين اصابعه بعد الصلاة. لكن قبل الصلاة مكروه وبعد الصلاة قيل انها مباح وبعضهم يقول انها خلاف الاولى. ومن المتعلقة بدخول المساجد التي تتأكد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ان المسلم اذا دخل المسجد فانه يقدم رجله اليمنى في الدخول ان يقول الادعية الواردة في المساجد فتقال عند كل مسجد ومنها مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه سلم قال اذا دخل احدكم المسجد فليقل اللهم افتح لي ابواب رحمتك واذا خرج فليقل اللهم اني اسألك من فضلك وثبت ابي داود ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول اذا دخل المسجد اعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه قديم من الشيطان الرجيم ومن السنن التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم في المساجد عموما ان المسلم اذا دخل مسجدا فالسنة الا يجلس حتى يصلي ركعتين. ودليل ذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه واله وسلم في الصحيحين انه قال اذا دخل احد المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين. وفي رواية فليركع ركعتين قبل ان يجلس. فدل ذلك على استحباب صلاة ركعتين وهذه تتأكد في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لان الصلاة فيه مضاعفة بالف صلاة فيما سواه من المساجد والنبي صلى الله عليه وسلم ادب رجلا وزجره حينما جلس وامره ان يقوم وان يصلي ركعتين لاجل تأكيد هذه السنة وهو صلاة الركعتين عند دخول المسجد. والسنة لمن دخل المسجد ومنها مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخصوصا في يوم جمعة الا يتخطف الرقاب ويتخطاها. وقد جاء في سنن ابي داوود ان رجلا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اجلس. فقد اذيت بلفظ فقد اذيت وانيت. اي انك ابطأت وتأخرت واذيت المسلمين بتخطيك الرقاب. ومن السنن المتعلقة بالصلاة في المساجد ومنها مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم انه اذا صلى مع غير الامام يستحب له ان يصلي الى سترة لان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا صلى احدكم فليصلي الى سترة وليدنو منها ولا يدع احدا يمر وبينها فاذا جاء احد يمر بينه وبينها فليقاتله اي ليمنعه. قال فاذا جاء احد يمر بينه وبينها فليقاتله فانه هو شيطان. هذا الحديث يدلنا على ان السنة لمن صلى مع غير امام ان يجعل له سترة. وهذه سنة وليست بواجبة لانه جاء في بعض الفاظ حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى الى غير شيء. وفي لفظ الى غير جدار وهذا يدلنا على ان وضع سترة انما هو سنة وليس بواجب. والسترة يسن ان يكون المرء قريبا منها وليس بعيدا وانما يجعل بينه وبينها كمثل مسافة نصف ذراع او اقل. فيكون هذا هو الدنو منها من غير الصاق بها والسنة كذلك ان يجعلها مائدة قليلا عن قبلته واقل الكمال فيها ان تكون مثل مؤخرة الرحل. وقد ثبت في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا قام احدكم يصلي فانه يستره اذا كان بين يديه مثل اخرة الرحل. فاذا لم يكن بين يديه مثل اخرة الرحل. فانه يقطع الحمار والمرأة والكلب الاسود وهذا يدلنا على ان من السنة كذلك ان يمنع المصلي من اراد ان يمر بين يديه. اي الموضع الذي تصله يده ويمكنه ان يمنع منه. واما اذا كان هناك زحام شديد انه لا يشرع على الصحيح من قولي اهل العلم للمصلي ان يرد المرء بين يديه وهذا قياسا على مكة فقد قيل انهم باتفاق لا يمنع احد من المرور بين يدي المصلي في المطاف لانه موضع زحام. ولذلك يقاس عليه كل مكان فيه زحام. كمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض المواضع منه وبعض الازمنة فيه فانه من شدة الزحام يكون حرج في منع الناس وردهم من المرور. ومن السنن المتعلقة بالمساجد عموما ومنها مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم انه يستحب ويتأكد اطالة المكث في المسجد. فان اطالة المكث مستحبة سواء كان بنية او من غيرها بانشغال بعبادة او بغيرها. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين ان الملائكة تصلي على احدكم ما دام في مصلاه اللهم اغفر له اللهم ارحمه. وجاء في بعض الاحاديث فهو في صلاة ما انتظر الصلاة. فاذا راعى المسلم ولاحظ ان الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالف صلاة مما سواه في من المساجد فان منتظر الصلاة يكون في صلاة من انتظر الصلاة فانه يحصل له اجر تلك الصلاة بمضاعفتها وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وان ممن انعم الله عليهم ذلك من جاء المدينة زائرا فانه في فظل ونعمة عظيمة عند الله عز وجل. فان مجرد مكثه ولبسه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون له اجر المصلي ويكون له دعاء الملائكة اللهم اغفر له اللهم ارحمه ولو قيل للمرء اتشتري ذلك بمالك كله؟ قال نعم فكيف ولو كان بايسر العمل وازهده ومن السنن كذلك ان من دخل المسجد عموما ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فان السنة له ان ينشغل بالعبادة والطاعة والذكر والقراءة والعلم والا ينشغل بالبيع والشراء او بنشدان ظالة وامور الدنيا. وقد روى مسلم في الصحيح من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم خرج وهم في الصفة. فقال ايكم يحب ان يغدو كل يوم الى بطحان او العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير اثم ولا قطع رحم. قال فقلنا يا رسول الله كلنا نحب ذلك. فقال فلا يغدو احدكم الى المسجد فيعلم او يقرأ ايتين من كتاب الله خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث واربع خير له من اربع ومن اعدادهن من الابل وهذا الحديث يدلنا على ان هذا الفضل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم اولى ويقاس عليه سائر المساجد ولذا فان المسلم يعنى ان يجعل وقته في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطاعة وفي العلم وفي قراءة القرآن. وان يبتعد عن سيء الاقوال والاعمال فقد نهي عن حمل السلاح في المسجد لما فيه من خشية ايذاء الغير ويلحق به ان يدخل المرء معه في المسجد شيئا يؤذي غيره من شيء له حد او شيء يضيق على المصلين او شيء فيه قدر وقد ثبت في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القدر. انما هي لذكر الله عز وجل. والصلاة وقراءة القرآن وقوله انما هي لذكر الله هذه انما ان التي دخلت عليها ماء الكافة. فانها تكف عملها لكنها تزيد في معناها فتدل على الحصر نطقا على الصحيح من قول اهل العلم لا فهما. فهذا يدلنا على ان المساجد انما شرع فيها ذكر الله والصلاة وقراءة القرآن لا يشرع فيها الخوض في اعراض الناس. بقيل ولا قال لا يشرع فيها الكذب. فان الكذب من اسوأ الاخلاق واعظم ما يأثم به المرء الكذب اذا كان في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. لم تكن المساجد لبيع ولا شراء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا رأيتم من يبيع او يبتاع في المسجد فقولوا لا اربح الله تجارتك. واذا رأيتم من ينشد ضالا فقولوا لا رد الله عليك. اي لا رد الله عليك ضالتك. فدلنا ذلك على ان المرء اذا دخل المسجد فليراعي ما شرع له. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم انما هي لذكر الله عز وجل. والصلاة وقراءة القرآن. ومن احكام المساجد ان اهل العلم رحمهم الله تعالى كرهوا ان يجعلوا المرء له مكانا محجوزا لا يجاوزه ويذهب ثم يعود اليه ويمنع الناس منه. وقد استدل على ذلك بما جاء في حديث الرحمن ابن شبل ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى ان يوطن الرجل المقام الواحد كايطان البعير. وهذا الحديث رواه الامام احمد ابن خزيمة اخذ منه ان اهل العلم يقولون يكره ان المرء يحجز موضعا لصلاته او يحجزه في درسه او يحجزه لمكثه. فان المساجد انما هي لمن سبق. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم منى لمن سبق. فان من سبق يكون اولى بالمكانة لهذا والمرء اذا اراد الاجر فانه لا يحصل الاجر بطريق ممنوع باحد هذه المكروهات. وانما استثنى اهل العلم من ترك فمكانه وسيعود قريبا. اي لقضاء حاجة او شرب ماء وسيعود قريبا فانه يكون اولى به. وما عدا ذلك فلا. هذا بعض وما جاء عن نبينا صلى الله عليه واله وسلم في فضل وشرف واحكام هذا المسجد المبارك. مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء في احكام المساجد عموما التي يدخل فيها هذا المسجد من باب الاولى والاحرى. اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يمن علينا بالهدى والتقى وان يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح. وان يتولانا بهداه وان يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات. واسأله جل وعلا ان يرحم وضعفنا وان يجبر كسرنا وان يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الاخرة. واسأله سبحانه ان ينعم علينا بالنظر الى وجهه الكريم في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة واسأله سبحانه وتعالى ان يمن علينا بمصاحبة نبينا صلى الله عليه وسلم في جنات النعيم. وان يحشرنا في بزمرته مع اصحابه ومع الصديقين والشهداء والصالحين. واسأله جل وعلا ان يرنا الحق حقا ويرزقنا اتباعه. وان يرينا باطل باطلا وان يرزقنا اجتنابه. واسأله سبحانه وتعالى ان يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات. وان يصلح لنا نياتنا وذرياتنا وان يغفر ذنبنا وان يعفو عنا خطيئتنا واسأله سبحانه وتعالى ان يصلح ولاة امورنا وسائر ولاة امور المسلمين وان يصلح لهم بطانتهم وان يريهم الحق حقا ويرزقهم اتباعه. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والله اعلم جزى الله فضيلة الشيخ خير الجزاء وجعلنا الله واياكم ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه قبلوا تحيات اخوانكم في تسجيلات الراية الاسلامية بالرياض هاتف رقم اربعة تسعة واحد واحد تسعة ثمانية خمسة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته