انطلاقا من رؤية وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية الريادة عالميا في في العمل الاسلامي ودعما للتوجيه الدعوي بالمساجد يسر ادارة الشؤون الفنية بالتعاون مع مركز تعزيز الوسطية ان ترحب بفضيلة الشيخ الاستاذ الدكتور عبدالسلام الشويعر من المملكة العربية السعودية استاذ الفقه المقارن والمدرس بالحرم المكي والمسجد النبوي الشيخ له مشاركات وفعاليات عديدة وله مؤلفات متنوعة منها تحقيق كتاب البيان في الفقه الشافعي والشركات الحديثة في الفقه الاسلامي واثارها والبطاقات الائتمانية القرضية والتعامل بها للاشخاص وغيرها كما نرحب بكم ايها الاخوة الفضلاء ائمة وخطباء المساجد بهذه المحاضرة العلمية التأصيلية والتي هي بعنوان فقه مراعاة احوال المصلين في المسجد التي تسهم في الارتقاء بالمستوى العلمي والمهني للائمة والخطباء ونسأل الله بمنه وكرمه ان يرزقنا واياكم العلم النافع والعمل الصالح وان يرزقنا التوفيق والسداد والعون والرشاد والى فضيلة الشيخ الدكتور فليتفضل مشكورا الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين. ثم اما بعد ايها الاخوة الاكارم في هذا اللقاء نتدارس قاعدة يريدها العلماء كثيرا في كتب الفقه وهذه القاعدة المعني بتطبيقها ليس المجتهد فحسب بل انه يقوم بتطبيقها المجتهد ومن نال هذه الولاية اي ولاية الامامة او الاذان او نال وظيفة الاذان وذلك انه من المتقرر عند اهل العلم ان بعض القواعد وخاصة القواعد المتعلقة بالمصلحة تطبيقها وتنزيلها على المسائل لا يخلو من ثلاث حالات باعتبار من يقوم بذلك فتارة تكون بعض الاحوال وبعض الصور تنزيل تنزيل المصلحة متعلق بمن له الولاية العامة اي الولاية الشرعية ولي الامر او نوابه من القضاة وغيرهم وتارة يكون التنزيل في باب المصلحة متعلقا بالمفتين وتارة يكون التنزيل متعلقة باحاد الاشخاص ومنها حديث ابي هريرة الذي تعرفونه في الصحيحين لما جاء رجل النبي صلى الله عليه وسلم وقد وجبت عليه كفارة الوطء في نهار رمضان ثم قال انه لا يستطيع الصيام فعجزه عن الصيام الذي يقدر العجز والمصلحة في الانتقال الى بدنه انما هو مباشر القضية ولذا لم يستحرفه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسأله اسئلة شديدة تبين عجزه من عدم عجزه وهذا يدلنا على ان تنزيل القواعد المصلحية تختلف من حال الى حال ومن موضع لاخر وهذه القاعدة التي معنا قاعدة مهمة وهي مراعاة حال المصلين هذه القاعدة فيها جانب مصلحي اجل واهم من يعتني بها وفي تطبيقها الائمة والمؤذنون اما لكونهم قد ولوا ولاية صغرى وهي الامامة الصغرى وساتكلم عنها بعد قليل واما لكونهم احادا كما سيأتي حتى ان المنفرد يعتني بتطبيق هذه القاعدة ايها الافاضل ان مما يذكره اهل العلم ان امامة المصلين في الصلاة ولاية ولذلك يسمونها ولاية الامامة الصغرى ويقابلها ولاية الامامة الكبرى وهي الخاصة لولي الامر المطلق الذي تكون له الولاية على الناس ولذا فان هذه فيها نوع ولاية فلا يجوز لاحد ان يتقدم على الامامة الصغرى الامام الراتب الذي يؤم الناس ويكون راتبا للمسجد لا يجوز لاحد ان يتقدم بين يديه ويصلي بالناس دون اذنه كما تعلمون بل ان بعضا من الفقهاء وهو المشهور عند المتأخرين يقولون ان من صلى بمسجد دون اذن امامه الراتب بطلت صلاته وصلاة من علم بافتياته على الامام وكثير من المسائل يتكلم عنها اهل العلم ويسمونها بالافتيات على الامام ويعنون به الامامة الصغرى اي امام الصلاة الامام الراتب فالتقدم عليه بالاركان والمسابقة له ونحو ذلك من الامور كلها من باب الافتيات مما يدل على انها ولاية صغرى لاهميتها وقد شرف الله عز وجل هذه الوظيفة شرفا عظيما فجعل الامامة من خصائص الانبياء فان النبي صلى الله عليه وسلم كان اماما للناس وقد جاء في الخبر لولا لولا النبوة لكنت مؤذنا الاذان لفضله والامامة لاختصاص وظيفتها بمقامه صلى الله عليه واله وسلم ولذا فان هذه الوظيفة وظيفة عظيمة وليس كل احد له ان ينالها ولا ان يتقدم فيها وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الاولى بها كما تعلمون. يؤم القوم اقرؤهم لكتاب الله. فان كانوا في القراءة سواء فاعلمهم بالسنة والمراد بالعلم بالسنة العلم والفقه لان الفقه لا فقه الا بمعرفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهي المستمد له ولذا فان ليس كل احد يتقدم في هذا المنصب الشريف اعني الامامة وفي اخر الزمان حينما يضعف الناس في ديانتهم ويقل تمسكهم بكمال سنة النبي صلى الله عليه وسلم يزهدون في هذا المنصب الشريف وقد جاء عند ابي داوود ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ان في اخر الزمان يتدافع الناس الامامة وكل يرغب عنها ولا يرغب فيها وهذا علامة سوء في الناس ان يزهدوا في الامامة وان يتدافعوها وان ينشغلوا عنها وان يجعلوا الامامة لغير اهلها وكفئها ممن يكون متعلما وعلامة خيرية الناس في بلد ان ترى فقهائهم وطلاب العلم فيهم هم ائمة المساجد وهم الخطباء والمتقدمين عليهم في ذلك. لان هذه الوظيفة اعني الامامة تحتاج الى علم بكلام عز وجل وعلم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وتقدير لكثير من الامور هذه المقدمة التي اوردتها ايها الافاضل تدلنا على ان من المهم لطالب العلم عموما ولمن ولي امامة الناس سواء مرة او على سبيل او على سبيل الاستمرار كالامام الراتب لابد له ان يتفقه في دين الله عز وجل مع مراعاة والانتباه لشرف ما وليه وما تقدم فيه على الناس من الامامة والاذان ونحوه ومن القواعد المهمة التي يعلل بها العلماء كثيرا وقد استنبطت من سنة النبي صلى الله عليه وسلم كما سأذكر لكم بعد قليل هذه قاعدة الفقهية المصلحية معا وهي مراعاة حال المصلين وقد عدل بها الفقهاء كثيرا كما سيتبين لنا بعد قليل وقد اخذت من احاديث متعددة للنبي صلى الله عليه وسلم من هذه الاحاديث ما ثبت في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العشاء احيانا يقدموها واحيانا يؤخرها فاذا رأى الناس قد اجتمعوا عجل واذا رأى الناس لم يجتمعوا اخر وهذا قال اهل العلم كابن رجب وغيره فيها دليل على اصل وهو مراعاة حال المأمومين بل قد ثبت او جاء عند ابي داوود وابن ماجة واشار له الترمذي ان من حديث ابي قتادة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة لا يقبل الله صلاتهم وذكر من هؤلاء الثلاثة رجل ام قوما وهم له كارهون ولا شك ان من لم يراعي حال من خلفه وحال المقربين من مسجده فان فعله هذا يكون مكسبا للوصف الذي ذمه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فهذه الاحاديث عن المصطفى صلى الله عليه وسلم تدلنا على هذا الاصل الشرعي وان هذا الاصل الشرعي ليس مجرد كلام انشاء ليس مجرد كلام انشائي وليس مجرد كلام وعظي وانما هو من الفقه والعلم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ولذا فانه يقدم في الامامة من كان اعلم بالسنة بالفاظها ومعانيها وفقهها ودلائلها ومما دلت عليه السنة من فقه الصلاة هو مسألة مراعاة المصلين وانتم تعلمون في كتب الفقه لما قالوا انه يتقدم القوم اعلمهم بكتاب الله او اقرأهم ثم اعلمهم بالفقه يقدم من الفقه فقه الصلاة فالعلم بفقه الصلاة مقدم على سائر الفقه وهذه القاعدة وهي مراعاة حال المصلين ذكر بعض اهل العلم انها لازمة فقد ذكر العلامة محمد بن مفلح في كتابه الفروع نقلا عن شيخه الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى انه حكى لزومها فقال ويلزم الامام مراعاة حال المأمومين. وهذا اللزوم يدل على لزومه ووجوبه في الجملة وانه يكون واجبا وان مخالفته في كثير من الاحيان قد يكون مكروها وفي احايين قليلة قد يكون محرما اذا فالمراعاة امرها مهم. والانتباه لشأنها كبير ولكن لابد من معرفة فقه هذه المراعاة فليس اجابة كل سائل ولا اعطاء كل امرئ ما رجا وما رغب هو المراعاة اذ اعطاء الناس اهواءهم واجابتهم بسؤلهم انما هو اتباع لاهواء ولكن لابد ان يكون لهذا المقصد الشرعي من قيود وحدود بين العلماء هذه الحدود والقيود عندنا عدد من المسائل المهمة التي تتعلق بالمراعاة. اشير لبعضها اول هذه المسائل من الذي يقوم بالمراعاة العلماء رحمهم الله تعالى يقولون كل مصل يقوم بمراعاة حال المصلين فالامام يراعي حال المأمومين وهذا ما ساتكلم عنه باطالة بعد قليل بل والمنفرد يراعي حال المصلين الذين بجانبه ولذا عللوا عندما اشاروا لكلام المنفرد في صلاته هل الافضل في حقه ان يجهر بالقراءة ام يخافت بها؟ قالوا ينظر لامرين الامر الاول ينظر لصالح قلبه. ما هو الاصلح لقلبه من حيث الخشوع وعدمه؟ ومن حيث الرياء وضده والامر الثاني ان ينظر لحال المصلين بجانبه كما قال الله عز وجل ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغي بين ذلك سبيلا ولا يجهر بعضنا على بعض في القراءة. اذا حتى المنفرد مأمور امرا عاما بمراعاة حال المصلين بجنبه او بجانبه فلا يؤذيهم برفع صوته ولا يؤذيهم ببعض تصرفاته ولو كانت ليست من الصوت فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من اكل من هذه الشجرة يعني الثوم والبصل فلا يقربن مسجدنا. قال اهل العلم في قوله صلى الله عليه وسلم مسجدنا تحمل تحتمل معنيين المسجد بمعنى البقعة المحاطة المخصصة للصلاة والمعنى الثاني موضع الصلاة اي فلا يصف مع الناس فيصلي معهم سواء كانوا جماعة في مسجد او كانوا جماعة في غيره وهذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم فانه عليه الصلاة والسلام قد اوتي جوامع الكلم ولذا فان من حال فان من مراعاة حال المصلين للمنفرد انه اذا صلى وقد او اذا رغب الصلاة وقد كان قد اكل ثوما او بصلا ويلحق في معناه كل مؤذ بالمصلين فانه يمنع من اتيان المساجد المحاطة واماكن تجمع الناس لكي لا يؤذيهم برائحته التي تخرج من فيه او من جسده ويكون ذلك سببا في فقدهم خشوعهم ولذا لما قيل لما جاء حديث النبي صلى الله حديث النبي صلى الله عليه وسلم غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم. قال بعض محققي اهل العلم وهي الرواية الثانية مذهب احمد ان غسل يوم الجمعة واجب على من كان ذا رائحة ونتن كحاد بعض الاعراب وبعض اهل الفلاحة الذين كانوا يأتون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. كما صرفت عائشة الحديث الى هذا المعنى فقد ذكرت ان ان الناس كانوا ذا مهنة فيأتون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وقد خرجت منهم رائحة فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث فالمقصود ان اول من له حق المراعاة هو المنفرد ولا يلزم ان يكون اماما وليس عنه حديثنا لمن له حق مراعاة المصلين ومن جاورهم المؤذنون فان المؤذنين يراعون حال المصلين والمجاورين كذلك ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم المؤذن المؤذن مؤتمن فدل على انه مؤتمن على اعراض الناس بان لا ينظر اليها حينما كان الاوائل اذا ارادوا الاذان اذنوا على علو منائرهم فلربما رقى المؤذن دارا او منارة فاطلع على العورات. ونظر الى ما في دواخل البيوت فهو مأمور ستر ما رأى من خطأ وستر ما رأى من عيب وهذا معروف وغير ذلك من الامور التي ربما يطلع عليها المؤذنون او الائمة النوع الثالث او الشخص الثالث المأمور بمراعاة حال المصلين وعنه سيكون حديثنا الاكثر وهم الائمة واغلب حديث الفقهاء عندما يتكلمون عن مراعاة حال المأمومين وحال المصلين فانهم يخصون به الائمة على سبيل التخصيص لا على سبيل انه وحده هو المراد بالمراعاة كما تقدم معنا قبل قبل قليل هذه المسألة الاولى وهي مسألة من الذي يقوم بتحقيق المناطق المراعاة ومن المخاطب بالمراعاة المسألة الثانية معنا وهي مهمة من الذي يراعى ذكر اهل العلم رحمهم الله تعالى ان الذين يراعون يراعون اربعة اصناف اولهم المصلون الذين يكونون مع الامام في المسجد اذا كان جميعهم قد وجد فيهم وصف واحد كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا رأى الناس قد اجتمعوا عجل واذا لم يجتمعوا اخر فالتأخير والتقديم مراعاة للجميع وهذا واظح الموضع الثاني او الصنف الثاني ان يكون المراعاة للاكثر وقد قرر علماء الفقه والاصول ان الاكثر يأخذ حكم الكل في كثير من المواضع فينظر المرء لرأي اكثر فيراعى فان مراعاة قول الاكثر معتبر ولاهل العلم تطبيقات كثيرة لمراعاة قول الاكثر فعلى سبيل المثال يقولون انه اذا استوى اذا استوى مستحق الامامة في الاوصاف في القراءة والفقه ونحو ذلك من الامور المعتبرة شرعا نظر الى ما يختاره جيران المسجد والمصلين فيه فان اختلفوا نظر لما يختاره اكثرهم فدل على ان مراعاة قول الاكثر معتبر الامر الثالث قلنا مراعاة الجميع ومراعاة الاكثر والثالث مراعاة احاد الاشخاص فان احاد الاشخاص قد تراعى في الصلاة مثال ذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اني لاطيل الصلاة فاسمع صوت بكاء الصبي فاقصر الصلاة لاجل امه فالنبي صلى الله عليه وسلم راعى في صلاته مصلحة شخص واحد وهي هذه المرأة التي لو اطال النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة لانشغلت عن وريدها ولربما تضررت بصلاتها فلم تخشع ولربما تضرر وريدها بسبب عنايتها به ولذلك يقول اهل العلم ان المراعاة احيانا تكون لاحاد المصلين ومن ومن الطرائف في تطبيق قواعد الفقهاء ان ابا سليمان حمد الخطابي صاحب المعالم استدل بهذه القاعدة وهي قاعدة مراعاة احاد الافراد على حكم شرعي فقال انه يستحب للامام ان ينتظر الداخل للصلاة مراعاة لحال احاد المصلين. واستدل بالحديث الذي ذكرته لكم فقال لاجل شخص واحد يستحب له ان يطيل في ركوعه حتى يحضر هذا المتأخر فيدرك الركعة او يتأخر في السلام الى حين يدخل هذا الذي تأخر في الدخول ليدرك الجماعة وهذا من استدلال الخطابي من باب ان هذا المناط مناط كلي اعترض عليه بعض الشراح قال هذا غير صحيح الحكم صحيح لكن الاستدلال ليس بصحيح ووجه ذلك قال ان هذا المنتظر ليس مصليا وانما هو راغب في الدخول في الصلاة فيكون من الصنف الرابع الذي ساذكره لكم بعد قريب لان المراعون الذين يراعون في الصلاة اما جميع المصلين او اكثر المصلين او احاد المصلين والرابعة قم من ليسوا بمصلين من الجيران ونحوهم فقد يراعى الجيران في الصلاة وقد يراعى النساء في البيوت في الصلاة كذلك وقد ذكر العلماء كثيرا من الاحكام في الصلاة فيها يؤمر الامام بمراعاة جيران المسجد وممن نبه لهذا المعنى من فقهائنا عليه رحمة الله الشيخ شمس الدين الزركشي مصري في شرحه على الخرقي تنبه الى ان مقصد المراعاة يتعدى للجيران كذلك اذا المسألة الثانية على سبيل الايجاز من الذي يراعى اما جميع المصلين او اكثرهم او احادهم او جيران المسجد ومن بجانبه ويلحق بالجيران من رغب في الدخول في الصلاة ممن تأخر عنها وضربت لكم مثالا قبل قليل المسألة الثالثة عندنا وهي مسألة ما الذي تكون فيه المراعاة وهذه المسألة مهمة ولربما كانت من اهم المسائل في مراعاة المصلي يقول اهل العلم ان المراعاة تكون في امور ساورد منها ثلاثة اولها مراعاة الحاجات والثاني مراعاة الجهل والثالث مراعاة الخلاف وانتبه معي في هذه الثلاث فان معرفة مراعاتها من الفقه في الدين اول هذه الامور مراعاة الحاجات ومعنى ذلك ان الامام بالخصوص لاني ذكرت لكم اني ساعنى بالحديث عن الائمة دون من عاداهم من المأمومين والمؤذنين والمنفردين كذلك ان الامام يراعي حاجات الناس خلفه والنبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه تلك المراعاة فانه كان اذا حضر الناس وعجل صلاة العشاء واذا لم يحضروا اخر صلاة العشاء لاخر وقت الاختيار فيها اما ثلث الليل الاول او نصفه على الخلاف بين اهل العلم فيما هو وقت الاختيار في صلاة العشاء ومراعاة حاجات الناس ليس معناه اسقاط الفعل الواجبات بترك الطمأنينة او بترك الامور المهمة وان لم تكن واجبة لكنها من الامور المهمة التي ربما لم يتحقق الواجب الا بها فلذلك فيلزم الاتيان وقد ذكروا في القرن الماضي ذكره احد العلماء وهو محمود خطاب السبكي في كتابه اظن سنن شرح سنن ابي داوود او في الدين الخالص نسيت قال ان رجلا في بلدته كان يصلي بالناس فكان يرغب ان يخفف على الناس في الصلاة فكان اذا صلى بهم صلاة التراويح يقرأ سورة قل هو الله احد في اربع ركعات في كل ركعة يقرأ اية ثم انكر هذا الفعل وبين ان هذا التخفيف ليس من السنة في شيء وليس من مراعاة مقصد الشريعة في المراعاة في شيء ولذلك ليس كل من ادعى تخفيفا ومراعاة لحال المصلين فقد احسن واجاد ومحمود السبكي توفي في القرن الماضي في اخر الخمسينات من القرن الهجري الماضي. يعني له الان نحن من تسعين سنة قد توفي اذا ففكرة المراعاة لابد فيها من الاتيان الكليات في الصلاة ولذلك فان من الكلام النفيس الذي نقله ابن مفلح عن شيخه الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى ان المراعاة ينتبه له ينتبه فيها لثلاثة اشياء اولها عدم الزيادة على المشروع فان كل زيادة عن المشروع ولو رغب به المصلون خلفك ليست من مراعاتهم فانهم قد يرغبون بالزيادة لكن لا تزد على المشروع مطلقا. هذا الاول الامر الثاني الا ينقص غالبا عما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله غالبا وهذا تعبير جميل ودقيق ومن كمال الفقه وهو اولى من ان يقال ان لا ينقص عن حد الاجزاء وانما نقول لا ينقص عما كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينقص عنه غالبا وساذكر امثلة بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله في مقدار القراءة بعد قليل الامر الثالث ما كان بين هذين الامرين فانه ينقص ويزاد فيه للمصلحة ومراعاة حال المأمومين وهذا الكلام الذي قاله الشيخ تقي الدين ونقله عنه تلميذه الشيخ شمس الدين ابن مفلح يدلنا على كمال الفقه وهذه خلاصة كمال ما يفعله الائمة مع مأموميهم وهو في سطر قريب وهذا من دقة فقه العلماء رحمه الله تعالى فقد كان كلامهم قريب ولكنه عظيم الفائدة والاثر وكلام المتأخرين كثير نتكلم بالساعات ولكنه قرين الاسر والنفع فيغني عن هذا الكلام الطويل سطر او سطران عند كلام الاوائل وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء المقصود ان هذا الامر اللي ذكرت لكم هو من اهم الضوابط في مراعاة حاجات الناس وهو عدم الزيادة على المشروع وعدم ترك ما كان النبي صلى الله عليه واله وسلم يحافظ عليه غالبا وما كان بين هذين الامرين فيزاد وينقص منه بناء على المصلحة اضرب امثلة جاءت في مراعاة حاجات الناس من الامثلة في مراعاة حاجات الناس باعتبار يعني مراعاة الائمة بحاجات الناس اولا مسألة وقت الصلاة فانتم تعلمون ان للصلوات الخمس عند جمهور اهل العلم وبعضهم يستثني المغرب ان لها وقتا موسعا فتفعل في اوله وفي اخره ففجر من طلوع الفجر الى طلوع الشمس والظهر من ارتفاع الشمس قيد من قيام من زوال الشمس بعد قيام قائم الظهيرة الى ان يكون ظل كل شيء مثله وهكذا العصر والمغرب والعشاء كما تعلمون في اوقاتها هذه الاوقات الموسعة تكلم العلماء في بعضها كالعشاء مثلا هل الافضل في صلاة العشاء تقديمها لان النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن افضل الاعمال قال الصلاة لوقتها اي لاول وقتها ام تأخيرها لان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان هذا وقتها لولا ان اشق على امتي مراعاة حال المصلين ان كان المرء اماما ثلاثة اقوال في المسألة وقد رجح بعض المحققين وهو الشيخ تقي الدين وهو الشيخ ابو الفرج زين الدين بن رجب رحمه الله تعالى ان ارجح هذه الاقوال الثلاثة المراعاة وقال غيره خلاف ذلك كما هو او المشهور عند المتأخرين وهذا يدلنا على ان صلاة العشاء بالخصوص الافضل فيها المراعاة طبعا هذا المراعاة حيث لم يكن هناك تنظيم من الوزارات وغالبا تكون المراعاة عندما يكون الناس جماعة وحدهم او يكونون في بعض القرى التي لا يوجد بجانبهم اسواق او بجانبهم اناس اغراب يمرون على طريقهم وكثيرا ما يفرق العلماء بين الاحكام المتعلقة بالمساجد التي تكون على الطرق والمساجد التي لا تكون على الطرق. وقد افرد بعض الباحثين المعاصرين كلاما فقهاء في المساجد التي تكون في ممر الناس وطريقهم وهذا ايضا متفرع عن قاعدة المراعاة التي اوردت لكم مما نص عليه العلماء كذلك طول الصلاة وقصرها فان طول الصلاة وقصرها يراعى فيها حال المأمومين وقد جاء ان معاذا رضي الله عنه كان يطيل على الناس في الصلاة فانفتل رجل عنه رضي الله عنه من الصلاة وقطعها فقال فاتهمه معاذ بالنفاق لانه ابطل عمله بقطعه الصلاة فلما سمع ذلك الرجل هذه الكلمة جاء للنبي صلى الله عليه وسلم وشكى له فعل معاذ شكله التطويل وشكى له ما قال معاذ عنه من النفاق فقال النبي صلى الله عليه وسلم له كلمتين وبعض الاخوة يخطئ في فهم هاتين الكلمتين فيظن ان هاتين الكلمتين متعلقتان باحدى المسألتين التي شكى بهما الرجل قال له النبي صلى الله عليه وسلم افتان انت يا معاذ اذا اذا ام احدكم الناس فليخفف فان فيهم المريض وذا الحاجة قول النبي صلى الله عليه وسلم افتان انت يا معاذ؟ لا يقصد افتان انت لهم بالاطالة لا هذا المعنى خاطئ وانما قوله افتان انت يا معاذ قولك له انه قد نافق فانك قد وصفته بفتنة وانه اصبح مفتونا وقد نهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن وصفه اخاه بهذا الوصف اذا فهذا اجابة النبي صلى الله عليه وسلم عن ما شكى له الرجل من قول معاذ فيه واما ما شكى له النبي صلى الله عليه وسلم من اطالة معاذ له او من اطالة معاذ للصلاة فقد اجاب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله اذا ام احدكم الناس فليخفف اذا فمن الفائدة ان تعرف معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولذا فان مراعاة حال الناس في الامامة مهم وقد ثبت ان عمر ابن الخطاب رضي الله عنه كان يرسل للامصار ايأمرهم ان يقرأوا في صلاة الظهر والعصر ان يقرأوا في صلاة الفجر بطوال المفصل وفي صلاة الظهر والعصر والعشاء من اواسطه وفي صلاة المغرب من قصاره ولذا قال العلماء انه مستحب لما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله ولما جاء ان عمر ارسل به لائمة الامصار فامر جميع ائمة الامصار في البلدان بسائرها ان يقرأوا بهذه السورة وهذا من مراعاة حال الناس في مقدار القراءة وهذا هو غالب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأه كما جاء عنه وان جاء عنه بعض الاحيان انه قرأ بالطوال في المغرب وفي غيرها من الصلوات مما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في مراعاة حاجة الناس على سبيل المثال تطوير بعض الاركان وانتم تعلمون ان اركان الصلاة نوعان اركان يشرع تطويلها واركان لا يشرع تطويرها البتة ولذلك يقول بعض العلماء اذا اردت ان تعرف امامة الفقيه فانظر له في خمسة امور وعدوا من هذه الامور الخمس ان تنظر في اطالته الاركان القصيرة اذ في الصلاة ركنان قصيران حتى وان اطلت صلاتك لا يستحب اطالتهما وهما عند الرفع من الركوع وعند الجلسة بين السجدتين فهذان ركنان قصيران لا يستحب اطالتهما وما جاء انه اطالهما اي باعتبار باعتبار نسبي لا مطلق الاطالة واما الاركان التي يستحب اطالتها فهو القيام وقوموا لله قانتين الامر الثاني الركوع الامر الثالث السجود فان اطالة هذه الاركان مستحب بيد ان المرء اذا كان اماما يلزمه ان يراعي حال الذين خلفه ولذا انكر اهل العلم على من اطال السجدات امن اطال السجود وعدوا ان منتهى الكمال ثلاثة عشر تسبيحة. كذا عدوها. لما جاء عن عمر ابن عبد العزيز انه حسب تسبيحه فاذا بها ثلاثة عشر تسبيحة قال انس كان اشبهكم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم هذا يعني عمر ابن عمر يعني عمر ابن عبد العزيز. لما كان اماما في المدينة وهذا يدل على ان اعلى الكمال ثلاثة او ثلاثة عشرة تسبيحة كما نص عليها العلماء في موضعه وهكذا ايضا في مسائل كثيرة اوردها العلماء في المراعاة. اذا هذا اللي يراعى الاول وهو الحاجات الامر الثاني الذي يراعى وهو يراعى مسألة جهل المأمومين يجب ان تعلم ان كثيرا من المصلين خلفك يجهل تارة يجهلوا واجبات وتارة يجهل سننا وانت اذا فعلت بعض السنن فقد راعيته في التعليم وكم من مأموم لم يتعلم الحكم ولم يستفد المسألة الا بسبب صلاته خلف فلان او اخر وكثيرا ما سمعنا من كثير من كبار السن عندنا انه يقول تعلمت هذه السنة حينما صليت خلف فلان من اعيان طلبة العلم فقد كان يفعل كذا وكذا فمراعاتك لجهل هذا الذي لا يعلم السنة. ولا يعرف ذاك الواجب هذا من اهم الامور التي تراعيها ولذا فاعتني اذا كنت اماما ان تعنى بالسنة عناية كبيرة وهذه وضع حديثها واضح وبين ولربما سمعتم فيها حديثا كثيرا لكن لان الوقت اوشك على الانتهاء اوجز فيها الامر الثالث الذي يراعى في حال المصلين وهي مراعاة الخلاف منتبه لهذه المسألة فانه يجب على الامام ان يراعي الخلافة في صلاته مع المأمومين فان بعض المأمومين الذين يكونون خلفك يرون ان بعض الامور تكون مبطلة للصلاة وقد تكون انت ممن لا يرى بطلانها فان من فقه طالب العلم انه يراعي الخلاف الذي خلفه خلاف من يرى ذلك وقد نص جمع من اهل العلم ومنهم ابو الوفاء ابن عقيم وغيره من المحققين والشيخ تقي الدين. وقالوا ان هذه طريقة فقهاء المسلمين المتقدمين التي عمل بها مالك وعمل ونص عليها واحمد ونص عليها والشافعي وابو حنيفة وان لم ينصا عليها فان في مذهبها ما يدل عليه وهو مسألة مراعاة الخلاف ومراعاة الخلاف هو معناه ان المرء اذا رأى جواز فعل وكان غيره من اهل العلم وقول ذلك العالم او العلماء او المذهب قولهم له حظ من النظر كما قال صاحب المراقي وليس كل خلاف معتبر الا خلافا له حظ من النظر فكان ذاك الخلاف يرى الوجوب او يرى التحريم فانه يندب الى الفعل او يكره الفعل مراعاة للخلاف وهذا من الفقه العظيم الذي اولى من يعتني به الائمة. اضرب لكم عددا من الامثلة كثير من اهل العلم يقول ان تنحنح في صلاته ابان حرفان بطلت صلاته وهو مذهب احمد والشافعي وغيره من اهل العلم بعض الائمة يتساهل في النحنحة فتجده قبل ان يقرأ يتنحنح ولربما ظهر حرفان او اكثر ويقول انا ارجح انه ليس مبطنا لانه ليس كلاما اذ الكلام لا يلزم منه ابانة حرفين بان من قال ان النحنحة اذا بان منها حرفان بطلت الصلاة قالوا لان اقل الكلام الذي يسمى كلاما هو ما اجتمع فيه حرفان كعي وفي وقي وغيرها من من الامور وري ونحوها واما غيره فيقول لابد ان يكون الكلام مقصودا للافهام. وهذه مسألة اخرى. لكن ان كنت ترى ذلك فيجب عليك ان تراعي صلاة من خلفك والا تتنحنح في صلاتك من غير حاجة مثله نقول ايضا في مبطل الحركة فان بعضا من اهل العلم يقول ان ثلاث حركات متواليات من غير حاجة تكون مبطلة وان كان غيره من اهل العلم يقول ان الحركة المبطلة هي الحركة التي تجعل المصلي اذا نظر له غيره ظن انه ليس في صلاة اذا راعي خلاف من خلفه في مسألة اه في مراعاة خلف من خلفك في مسألة ابطال الصلاة بالحركة الا تتحرك حركة كثيرة قد تؤدي؟ لابطال الصلاة عند غيره نعم لا تبطل الصلاة به حقيقة لكن مراعاته مهم ولذلك فان الامام احمد وهو ومالك من اكثر العلماء انتباها لمراعاة الخلاف قيل له انصلي خلف من يقنت قال نعم قيل له انصلي خلف من من لا يتوضأ من لحم الجزور؟ مع انه ثبت فيه حديثان قال نعم قيل له انصلي خلف من يقول انما الماء من الماء؟ قال لا لان الخلاف في هذا ملغي لورود الحديث الصريح والصحابة الذين كانوا يفتون بخلافه رجعوا لما علموا بالحديث ولم يقبل التأويل ولذلك فان مسألة من لا يغتسل الا من الانزال قوله باطل وقد التغى هذا الخلاف ومن اخذ به من المتأخرين فان قوله غير معتبر بخلاف من مسألة القنوت فقد قضى بها بعض اهل العلم كالشافعي عدم الوضوء من لحم الجزور قول كثير من اهل العلم اه مسألة اه يعني بعض المسادة اوردها اهل العلم كثيرة جدا ومتتابعة ولذلك يجب على الامام ان يراعي خلاف من خلفه اما مراعاة الجميع بترك المبطل او مراعاة قول الاكثر فمراعاة القول الاكثر حيث كان الاكثر لا يرون فعل بعض التصرفات التي ترى انت ندبها فاتركه فاتركه اما يرون عدم مشروعية او يرون انه مبطل فانتبه له. وضربت لكم امثلة وانت امام وتعلم احكام الامامة وانظر في هذه الامثلة واضرب لها عشرات الامثلة التي تكون في ذهنك اذا هذه المسائل التي اوردتها في هذا الوقت الذي خصص لي في الحديث عن فقه مراعاة المصلين والحديث في هذا الاصل ملخصه امران قاعدة وتطبيق اما القاعدة فهو ما خصصت له الحديث الاول في معرفة من الذي يقوم بالمراعاة ومن الذي يراعى وما الذي يراعى فيه وهذه اجزاء المراعاة الثلاث واما التطبيق فان الفروع فيه غير متناهية ولربما حدث لك في صلاة ما لم يحدث لغيرك من الائمة في صلاة اخرى ولذلك فان معرفة فقه الصلاة سواء كانت احكاما محفوظة او معاني ومقاصد كلية هذا من الامور المهمة والنبي صلى الله عليه وسلم عندما قال من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين قال الشراح ومنهم قاضي عياض في المشارق وفي شرح مسلم ان هذه اللفظة جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظين يفقهه بمعنى يفهمه ففهم احكام الدين واضحة ويفقهه بالظم بمعنى انه يكون الفقه له سجية وهذه نعمة لمن فهم احكام الشرع وفهم مقاصده الكلية ومنها هذا المقصد الذي تحدثنا عنه اليوم اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يرزقنا جميعا العلم النافع والعمل الصالح وان يتولانا بهداه وان يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات واسأله جل وعلا ان يرحم ضعفنا ويجبر وان يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الاخرة. واسأله جل وعلا ان يوفق ولاة امور المسلمين في كل مكان لكل خير. وان يحفظ بلدانهم من كل وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين