بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. حياكم الله احبتي الكرام في مجلس جديد من تعليقنا على باب البرهان في تناسب سور القرآن للامام ابن الزبير الغرناطي رحمة الله تعالى عليه. احب ان انبهكم احبابي الكرام الى ان هذا التعليق هو مجرد رؤوس اقلام ومحاولة فك الرموز الاساسية في كلام ابن الزبير الغيرناطي رحمة الله عليه والا فكلام ابن الزبير فيه نوع من العمق يحتاج الى طالب علم متمرس ليفهم كل الزوايا والخبايا التي تضمنها كلامه. ولكن يكفي انكم في هذا الشهر الفضيل تمرون على كل سور القرآن وتحاولون استشعار الخطوط العريضة لهذه الصور في تعلقاتها ببعضها البعض. وقد ذكر لي كثير من الاحبة الكرام انهم واستفادوا من هذا المنهج في قراءتهم في صلاة التراويح وفي تدبرهم حيث اصبحوا يفهمون ما هي المواضيع الاساسية التي تعالجها الصور ويحاولون الربط وبينها في اثناء التلاوة بحيث يصبح قراءة القرآن طعم اخر ويكون هناك نوع جديد من الفهم لكلام الله سبحانه وتعالى وفقني الله واياكم لكل خير وقد انتهى بنا الحديد في تعليقنا الى سورة الجافية والتي تسمى ايضا سورة الشريعة. لان الله سبحانه وتعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم فيها ثم جعلناك على شريعة من امري فاتبعها ومن هنا سميت سورة الشريعة. ما وجه مناسبة سورة الشريعة؟ سورة الجاثية السورة التي سبقتها الدخان وكذلك ما قبلها سورة الزخرف والشورى وهذه كلها في جزء واحد يقول ابن الزبير لما تضمنت السور الثلاث المتقدمة وهي الشورى والزخرف والدخان. ايضاح امر الكتاب. فالله سبحانه وتعالى ختم سورة بقوله وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من وبدأ سورة الزخرف بقوله حا ميم والكتاب المبين انا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون. وكذلك بدأ سورة الدخان بتعظيم امر الكتاب وبيان وقت نزوله فقال حا ميم والكتاب المبين انا انزلناه في ليلة مباركة. انا كنا منذرين. الان بعد كل هذا بهذا الكتاب والتدليل على عظيم امره ومنزله عند الله سبحانه وتعالى وعلى عظيم بيانه وانه شاف كاف وانه هدى ونور وانه روح تبعث الحياة في القلوب الميتة ومع كل هذا كان من امر العرب ما كان من الاعراض عن هذا الكتاب والتكذيب به مع انهم لم ان يعارضوه وتحداهم الله سبحانه وتعالى في كتابه اكثر من مرة. ومع ذلك مع كل هذا الانقطاع ومع كل هذه الايات الباهرة في هذا العظيم اعرضوا ورضي القوم بالقتل والخزي والعار في الدنيا وفي الاخرة مقابل الا يؤمنوا بهذا الكتاب العظيم. فهنا جاءت سورة الجاثية في مطلعها يقول سبحانه وتعالى حا ميم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ان في السماوات والارض لايات للمؤمنين. ما معنى هذا المطلع؟ وما وجه المناسب كتب بينه وبين ما سبق. يقول ابن الزبير اي لو لم تجئهم يا محمد صلى الله عليه وسلم بعظيم اية الكتاب اي بهذا الكتاب الذي هو معجزة رائعة باهرة قاطعة. لو انك لو لم تأتي بهذا الكتاب لكان في دلائل السماوات والارض وفي ايات السماوات والارض ما ينبه على الخالق وعلى وحدانيته وعلى تفرده بالربوبية والالوهية. فكيف وقد جئت هم بهذا الكتاب العظيم الذي يقطع حجة كل مجادل. اذا لو لم تجئهم يا محمد بعظيم اية الكتاب التي تم التنبيه عليها في السور السابقة فقد كان لهم فيما نصبنا من الادلة فقد كان لهم فيما نصبنا من الادلة اعظم برهان واوضح تبيان فلما نبه بخلق السماوات والارض اتبع ذلك بذكر ما بث في الارض من المخلوقات وفي خلقكم وما يبث من دابة ايات لقوم يوقنون واختلاف الليل النهار. اذا اول خمس ايات من سورة الجاثية ينبه الله سبحانه وتعالى على انه لو لم تجئ معجزة الكتاب العظيم لكان في السماوات وفي الارض وفي المخلوقات ما ينبه ما يرشد على آآ على رب الاكوان سبحانه وتعالى. فكيف وقد جاءهم هذا الكتاب؟ هذه المعجزة الخالدة التي تحدوا بها ذلك لم يستطيعوا آآ ان يأتوا باية على منوالها. ثم نبه سبحانه وتعالى ايضا اه على قضية انزال اه الماء من السماء وما انزل الله من السماء من رزق وهذا الماء كيف يحيي به المزروعات التي بها ارزاق الناس وتصريف الرياح الى غير ذلك من الايات. ثم بعد ان انتهت هذه الايات الخمس او الست من سورة الجاثية اردف سبحانه وتعالى بتقريع الكفرة وتوبيخهم في تصميمهم على الشرك والكفر مع وضوح الامر. فقال سبحانه في الاية السابعة لكل افاك اثيم يسمع ايات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا. لاحظوا التناسل فعليا ان الله سبحانه وتعالى يزجر تؤنب هؤلاء الكفرة كيف كان استقبالهم لهذا الكتاب العظيم؟ كيف كان استماعهم وانصاتهم له؟ ويل لكل افاك اثيم يسمع ايات الله تتلى عليه ثم يسر مستكبرا كان لم يسمعها. فمن كان حاله هكذا فبشره بعذاب اليم. وكان هناك تقريع وزجر. ثم اخبر سبحانه وتعالى نبيه آآ صلى الله عليه وسلم انك يا محمد ارسلناك على شريعة واضحة من الامر ارسلناك على شريعة واضحة من الامر فاتبعها. عليك بالثبات. على هذا الكتاب على هذه الشريعة التي جاء بهذا الكتاب. واياك ان تتبع اهواءهم واخبره ان كل ما هم فيه من الضلال ومحاربة دين الله والاقوال الباطلة والانحرافات العقدية انما هو ثمرة شيء واحد. يعني لماذا هم يعرضون عن هذا الكتاب ولا يؤمنون به وعن ايات الله اي في السماوات وفي الارض ولا يؤمنون بها ولا يتبعون الله سبحانه وتعالى مع كل هذا الوضوح ومع كل هذا الجلاء. ما هي المشكلة التي كانوا يعانون منها؟ المشكلة هي عبادة فقال سبحانه وتعالى في الصفحة الثالثة في مطلعها افرأيت من اتخذ الهه هواه واضله الله على علم. اذا مشكلة هذا الكفر مشكلة هذا العناد مشكلة التحدي للمسلمين ليست مشكلة الجهل. انهم لا يعرفون ما معنى الاسلام. وليس مشكلتهم عدم وجود ادلة مقنعة وعدم وجود الايات الباهرة كل شيء موجود قاطع لكن المشكلة اذا تكمن في عبادة الهواء بعد ذلك تأتي سورة الاحقاف. يقول ابن الزبير رحمة الله عليه لما قدم سبحانه وتعالى ذكر الكتاب وعظيم الرحمة به وجليل بيانه واردف ذلك بما تضمنته سورة الشريعة. اي سورة الجاثية من توبيخ من كذب بهذا الكتاب اه وقطع تعلقهم وانه سبحانه وتعالى قد نصب لهم من دلائل السماوات والارض الى ما ذكر في صدر السورة اه ما كل قسم منها كاف في وقائم بالحجة ومع ذلك فلم يجد عليهم الا التمادي في ضلالهم. يعني الله سبحانه وتعالى كما قلنا بين حجية هذا الكتاب. وانه قاطع حق معجز من تأمل فيه هداه الى الرب سبحانه وتعالى. وفي مطلع سورة الجاثي ايضا اخبر انه لو لم يجيء هذا الكتاب لكانت السماوات وفي الارض وفي المخلوقات وما بث من دابة وما انزل من المطر وتصريف الرياح لكان في ذلك ايضا كل الدلائل على هذا الاله. فالله سبحانه وتعالى اقام للقرآن واقام دلائل المخلوقات لتدل عليه. هناك الاف مؤلفة من الدلائل تدل على الله سبحانه وتعالى. القضية واضحة بينة لكن المشكلة مش العناد باتباع الهوى التي ركز عليها في اه ختام سورة الجاثية. فجاءت سورة الاحقاف. جاءت سورة الاحقاف لتبين مآل هؤلاء الكفرة الذين لم يسمعوا ولم يصغوا ولم يلتفتوا الى كل هذه البراهين القاطعة. بل كان حاولوا المعرضين. فقال سبحانه وتعالى حا ميم تنزيل كتاب من الله العزيز الحكيم. ما خلقنا السماوات والارض وما بينهما الا بالحق واجر مسمى لكن اين المشكلة؟ والذين كفروا عما انذروا معرضون. اذا هي مشكلة الاعراض عن كل هذه الايات ايات القرآنية والايات السماوية. ثم اخذه سبحانه في تعنيف المشركين وتقريعهم في عبادة ما لا ينفع ولا يضر. قل ارأيتم ما تدعون من دون الله. اروني ماذا خلقوا من الارض. الى قوله سبحانه وتعالى وكانوا عبادتهم كافرين ثم ذكر لهم مثال قوم عاد الذين مكنهم الله سبحانه وتعالى في الارض وجعلهم من اصحاب القوة ولما جاءهم هود وانذرهم استمعوا له وقالوا اجتنا لتأتكنا عن الهتنا واستهزأوا ثم لما جاءهم العارض والسحب المسودة ظنوا انها سحب اتت لترزقهم المطر وما كانوا يعرفون انها اتت لتنزل بهم العقوبات الالهية. وهذا تهديد لمشركي العرب وتهديد للمشركين والكفرة في كل زمان ومكان لا تتكبروا على الله سبحانه وتعالى. اياكم ان تتغطرسوا بما اتاكم الله سبحانه وتعالى من علم او من تحضر او من تقدم فكل هذا يزول كل هذا ينتهي كل هذا يذهب ولقد مكناهم في الارض ما لم نمكن لكم وارسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الانهار تجري من تحتك فاهلكناهم بذنوبهم ولقد اهلكنا ما حولكم من القرى مما اخبر سبحانه وتعالى في اخر السورة موصي النبي صلى الله عليه وسلم فاصبر فاصبر يا محمد صلى الله عليه وسلم واصبروا ايها الدعاة فاصبر كما صبر اولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم. لماذا؟ كانهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار انظر بهذا الوعيد الشديد الذي يبين ما هو حال الكفرة الذين اعرضوا عن كل هذه الدلائل وكل هذه البراهين في السماوات وفي الارض وفي المخلوقات وعن برهان القرآن الاعظم. ماذا سيكون حولهم عندما يقفون بين يدي الله كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار. يقولون كأننا لم نمكث في هذه الحياة الدنيا الا ساعة من نهار سيعضون اصابع سيعضون اصابع الندم على كل لحظة حاربوا فيها اولياء الله وحاربوا فيها دين الله سبحانه وتعالى. بلغ فهل يهلك الا القوم الفاسقون بعد ذلك تأتي سورة القتال سورة محمد لتبين عاقبة الكافرين في الدنيا. يعني سورة الاحقاف ختمت ببيان عاقبة الكافرين في الاخرة. وما هو حالهم عندما يقفون امام مشهد النار وكيف يعضون اصابع الندم. ثم تأتي سورة القتال سورة محمد صلى الله عليه وسلم لتبين العقوبة التي انزلها الله عز وجل بهم في الدنيا وهي انه اوجب على عباده الموحدين ان يحملوا السيوف والسهام والرماح وان يحملوا العدة والعتاد من اجل مواجهة هؤلاء الكفار وانزال القتل بهم في الحياة الدنيا اذا وقفوا في وجه هذه الدعوة المباركة. فيقول ابن الزبير لما انبنت سورة الاحقاف علامة ذكر من ال من كذب وكفر وافتتحت السورة باعراضهم عن الله ختمت بما قد تكرر من تقريعهم وتوبيخهم. اذا وتكلم الان انه سورة الاحقاف ابتدأت ببيان اعراض الكافرين عن ايات الله وختمت سورة الاحقاف ببيان هؤلاء الذين اعرضوا عن ايات الله كيف يكون مشهدهم في الدار الاخرة اه فلما ختم بذكر هلاكهم قال افتتح السورة الاخرى وهي سورة محمد صلى الله عليه وسلم بعاجل ذلك اللاحق لهم في الدنيا اي بالهلاك عجلي لهم في الدنيا على ايدي عباد الله الموحدين فقال تعالى فاذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب. في الصفحة الاولى من سورة محمد الله عز وجل فالمؤمنين على القتال وضرب الكفار المحاربين المعاندين لله ورسوله. فاذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى اذا اتخنتموهم فشدوا الوثاق. فسبحانه وتعالى حث على الجهاد وعلى القتال. واخبر ان المؤمنين الموحدين هم الذين يقبلون هذا الحكم الالهي بجهاد الكافرين اخبر عن حال المنافقين الذين اذا نزلت سورة يذكر فيها الجهاد والقتال تجدهم خائفين مرعوبين ويقول الذين امنوا لولا نزلت سورة فاذا انزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون اليك نظرا مخشي عليه من فهؤلاء لهم طاعة وقول معروف. ثم ختم الله سبحانه وتعالى سورة محمد ببيان ان الذين يبخلون عن بذل الارواح والمهج الاموال في سبيل الله الله سبحانه وتعالى يستبدلهم ويأتي بقوم غيرهم وان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا امثالكم. ها انتم هؤلاء تدعون وتنفقوا في سبيل الله منكم من يبخل ومن يبخل فانما يبخل عن نفسه. والله الغني وانتم الفقراء وان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا امثالكم. فسورة محمد صلى الله عليه وسلم استنجدوا الهمم لقتال هؤلاء الكفرة الذين قامت عليهم الحجج. تلو الحجج كأن سورة الشورى والزخرف الدخان والشريعة وسورة الاحقاف كلها تبين هذه الحجج الالهية التي جاءت تطرأ حجة الكتاب وتعظم امر الكتاب. وكفار قريش كانوا يسمعون القرآن ويسمعون من الصحابة ايات الله تتلى عليهم خاصة ان هذه السور مكية في اغلبها. فكانوا يسمعون الايات والارشادات والتنبيهات التي تدلهم على الله وبعد كل كان هناك تصميم على الكفر وتصميم على اذية النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اذية ذاك الجيل الفريد. فكانت العقوبة الالهية التي حلت بهم في دنيا قبل الاخرة ان سلط همم الموحدين على اجتثاث رقاب الكافرين ثم بعد ذلك جاءت سورة الفتح ليكون مطلعها انا فتحنا لك فتحا مبينا. اي بعد ان استنهضت سورة محمد صلى الله عليه وسلم. الصحابة للجهاد وقتال المعاندين المحاربين. اخبر سبحانه ان هذا الجهاد عاقبته الفتح المبين انا فتحنا لك فتحا مبينا. ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر. وفي سورة الفتح حض الله سبحانه وتعالى على الجهاد في سبيل الله وبين احكام المعذورين عن الجهاد ومن الذي يقبل الله عذره ومن الذي لا يقبل عذره واخبر سبحانه انه السكينة على عباده المجاهدين. واخبر سبحانه وتعالى عن احوال المنافقين ايضا. وهنا ركزت سورة محمد وسورة الفتح على احوال المنافقين الذين اذا ادعوا الى الجهاد في سبيل الله بدأوا يعتذرون ويقولون شغلتنا اموالنا واهلنا فاستغفر لنا. يقولون بالسنتهم ما ليس في قلوبهم كما قال سبحانه في سورة الفتح فسورة الفتح اذا جاءت تتمم ما ابتدأت ما ابتدأته سورة القتال سورة محمد صلى الله عليه وسلم في قضية الحث عن الجهاد وبيان حال اهل النفاق آآ في امر الجهاد وكيف ان المنافقين يحبون آآ المعارك السهلة جدا والتي يكون فيها مردود مادي وغنائم كثيرة واذا عرفوا ان هناك ملحمة من ملاحم الاسلام وان هناك آآ بذل وتضحية عظيمة فانهم يتهربون ويبدأون الاعتذار ويقولون يا رسول الله شغلتنا اموالنا واهالونا واصابنا ضرر رغم ما شابه ذلك فهذا حال المنافقين والعياذ بالله. واذا وجدوا غنيمة سهلة المنال تجدهم يتسابقون اليها. فالله سبحانه وتعالى توعدهم. قل للمخلفين من الاعراب ستدعون الى قوم ولباس شديد تقاتلونهم او يسلمون. فان تطيعوا يؤتكم الله اجرا حسنا وان تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا اليما. ثم ذكر احكاما اه الذين وعذرهم الله سبحانه وتعالى ليس على الاب حرج ولا على الاعرج حرج ولا عن المريض حرج. واخبر عن الغنائم واخبر عن قضية صلح الحديبية واحداثه لان سورة الفتح نزلت في قضية احداث صلح الحديبية واخبر سبحانه وتعالى كيف انه يثبت المؤمنين على القرار المتزن الهادئ في اللحظات الصعبة وانه انزل السكينة عليهم ليعرفوا كيف يتوجهون وكيف يتصرفون. ثم امتدح الله نبيه وصحبه الذين يجاهدون معه في سبيل الله. محمد رسول الله الذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم. هذه صفات اهل الدين. ثم بعد ذلك تأتي سورة الحجرات. ما وجه مناسبة سورة الحجرات التي تتحدث عن الان الاداب والاخلاقيات في تعامل الصحابة والمؤمنين من بعدهم مع النبي صلى الله عليه وسلم واداب واخلاق تعامل المسلمين مع بعضهم البعض. الان يقول ابن الزبير لما وصف سبحانه عباده المصطفين لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم والمخصوصين بفضيلة مشاهدته وكريم عشرته بقوله سبحانه. يعني لما ختمت سورة الفتح بالثناء العظيم على الصحابة الكرام محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم فاثنى الله عليهم وزكاهم وذكر آآ وصفه تعالى لهم آآ بذلك في التوراة والانجيل لان سورة الفتح في ختامها بين سبحانه صفة اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة. وصفة اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في الانجيل فجاءت سورة آآ الحجرات لتنبأ الصحابة الكرام على مكارم الاخلاق وعظيم الاداب التي يجب عليهم ان ينتهجوها في تعاملاتهم مع النبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم البعض ليكمل لهم هذا المدح وهذا الثناء آآ لذلك قال وشهدت لهم سورة الفتح بعظيم المنزلة لديه نسب هذا آآ ناسب هذا طالبهم بتوفية آآ الشعب ايمانية والجري قولا وعملا ظاهرا وباطنا على اوضح عمل واخلص نية وتنزيههم عما وقع ممن قبلهم في مخاطبة انبيائهم. يعني كيف كان الادب من بني اسرائيل مع انبيائهم فجاءت سورة الحجرات في مطلعها يا ايها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله والرسول. ويا ايها الذين امنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي. آآ يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق من نبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة. يا ايها الذين امنوا آآ وان طافتان المظلومين اقتتلوا فاصلحوا بينهما. ثم انما المؤمنون اخوة ولا يسأل قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكون خيرا منهن. ويا ايها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم. وان يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى. لاحظوا كل هذه اداب وهذه الاخلاقيات اتت لتكمل الصحابة الكرام ولتكمل كل داعية وكل سالك الى الله سبحانه وتعالى يريد ان يريد ان يسير على نهج هؤلاء الكرام رضوان الله تعالى عليهم. فسورة الحجرات هي سورة الاداب التي جاءت تبين الاداب التي يجب ان يرعاها وان ينتهجها انصار محمد صلى الله عليه وسلم ثم بعد ذلك تأتي سورة قاف سورة قاف مطلعها قاف والقرآن المجيد بل عجبوا ان جاءهم منذر منهم الان احبابي الكرام نلاحظ ان سورة قاف عادت اه للتعجب من احوال الكافرين كيف انهم يعرضون عن هذه الدلائل الالهية؟ التي ضمنها الله سبحانه وتعالى في السماوات والارض. فلذلك نجد الصفحة الاولى من سورة قاف اطالت النفس في الحديث عن آآ ايات الله سبحانه وتعالى في السماوات وفي الامطار وفي الارض وفي المزروعات. ثم بعد ذلك ذكرت الامم المكذبة المكذبة التي حاربت الله ورسوله وحاربت الانبياء وحاربت الدعوة عبر التاريخ. وكيف لم ينتفعوا بهذه الايات الالهية التي اودعها الله في هذا الكون ثم ماذا كان حالهم؟ وهذه قضية يجب ان ننتبه لها والله احبابي. قضية ان الله سبحانه وتعالى كثيرا كثير كثيرا ما يأمرنا وينبهنا ويرشدنا اه في كتابه العزيز على اهمية الاعتبار بخلق السماوات والارض والنظر في المطر والنظر في المزروعات في هذا الخلق المتنوع حتى نزداد يقينا وايمانا بوجود الخالق سبحانه وتعالى. وبعظيم امره وعظيم فعله وعظيم قدرته. ولا يبقى انسان مهزوز الثقة متزعزع الامور محلا للشك الشبهات تطرح عليه هنا وهناك هذا الاعتبار هذا الالتفات من اعظم الامور التي يرشدنا الله سبحانه وتعالى اليها في كتابه مع انها للاسف عبادة والله غائبة عنا حتى كمحافظين كطلبة علم اقول كدعاة كاناس نجد عندنا قصور في عبادة التفكر والنظر والاعتبار. مع انها من اعظم الايات التي يشير الله سبحانه وتعالى اليها في كتابه. وانتم تجدون في هذا الاستقراء السريع لسورة القرآن كيف انني كثيرا ما مررت على هذه الفكرة في سور سابقة وفي سور الاخرة ستأتي معنا ايضا اهمية الاعتبار النظر احبابي في الاجرام السماوية في السماوات والارض والنجوم والازهار والبحار والجبال. افلم يسيروا في الارض؟ سيروا وانظروا واعرفوا كيف بدأ الخلق. كما قال سبحانه وتعالى اذا سورة قاف هذه قصته وحكايتها عودة على التعجب من احوال الكافرين. كيف لم ينتبهوا لهذه الايات العظيمة؟ ثم بعد ذلك حال من سبقهم من الكفار المعاندين الذين لم يعتبروا بهذه الايات وماذا كان امرهم؟ ثم ذكرت المشهد اليومي الاخر. كيف هؤلاء الكفار عندما سيدخلون في قبورهم سيستيقظون من حلم الحياة الدنيا. فبصرك اليوم حديد. ثم يخبر كيف انهم سيصطفون بين يدي الله سبحانه وتعالى ويقولوا قرناؤهم وقاد قرينه قرين الملائكة سيتحدث وقرين الشياطين. سيتحدث. وسيقول ربنا ما اطغيتها. القرين الشيطاني سيقول يتبرأ منك. يقول ما ابغيته لكن كان في ضلال بعيد الله سبحانه وتعالى سيقول حينئذ قال لا تختصموا لدي وقد قدمت اليكم بالوعيد ما يبدل القول لدي وما انا بظلام للعبيد يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد؟ ثم اخبر سبحانه وتعالى ان هذا الكتاب انما انزله ليهتدي به اهل القلوب والاسماع ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد. واخبر نبيه صلى الله عليه وسلم انه يا محمد انت وظيفتك الانذار وظيفتك الانذار والتبليغ وما انت عليهم بجبار فابقى ذكر بهذا القرآن فذكر بالقرآن من يخاف وعيد عيد وهذه الاية جميلة. تنبه ان وظيفة الدعاة الاستمرار على تلاوة القرآن. فذكر بالقرآن. علينا ان نحيي تلاوة القرآن التدبرية علينا ان نحيي مجالس التفسير. هذه المجالس التي تبصر الناس بكلام ربهم فتخوفهم منه سبحانه وتعالى. وتجعلهم دائما على حذر وعلى وجل من لقائه. فذكر بالقرآن من يخاف وعيد. ثم بعد ذلك تأتي سورة الذاريات. سورة الذاريات هي تتمة لموضوع الاخر الذي اختتمت به سورة قاف سورة قاف تحدثت عن اليوم الاخر في صفحة كاملة. فيقول ابن الزبير لما ذكره سبحانه المواعد آآ الاخروية في سورة ق وعظيم تلك الاحوال من لدن اي من عند قوله وجاءت سكرة الموت بالحق الى اخر السورة اتبع سبحانه وتعالى ذلك بالقسم على صحة وقوعه اليوم الاخر وانه واقع لا محالة. فقال في قسم طويل والذاريات دروى فالحاملات اقرا فالجاريات يسرا فالمقسمات امرا. يقسم بالرياح بانواعها واشكالها انما توعدون لصادق وان الدين لواقع. والمراد بالدين هنا الجزاء والحساب. وان الدين لواقع آآ اه وبين سبحانه ان اه الافاكين ان الكذابين ان المعارضين المحاربين لله ورسوله يستهزئون. بقضية اليوم الاخر. يسألون ايانا يوم والدين فسبحانه وتعالى يستهزئ بهم يقول يومهم على النار يفتنون. ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون. ثم ذكر سبحانه وتعالى شيئا من احوال الامم السابقة فذكر قصة كيف نجى الله سبحانه وتعالى لوطا ومن معه وكيف نجى الله موسى واهلك فرعون وكيف نجى الله هود واهلك عادوا كيف نجى الله آآ صالح واهلك ثمود فذكر العذاب الشديد الذي نزل بالامم السابقة الذين كانوا يستهزئون كحالكم يا كفار قريش يستهزئون باليوم الاخر يقولون متى سيأتي ويكذبون اقوامهم؟ انظروا هذه اثارهم تشهد لمهالكهم ثم بعد ذلك تأتي سورة الطور لما توعدوا سبحانه كفار قريش ومن كان على طريقهم من سائر من كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم انه يصيبه ما اصاب غيره من مكذبي الامم. الان الله سبحانه وتعالى ختم صفحة كاملة في سورة الذاريات ببيان مصير الامم السابقة من المكذبين من قوم فرعون وقوم عاد وثمود وقوم نوح من قبل. فكان هذا هو رسالة. رسالة الوعيد لكفار قريش ولكل من سيأتي بعدهم. انكم اذا سرتم على منوال التكذيب والمعارضة والله لن تكونوا افضل حالا ممن قبلكم. فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون. كما قال سبحانه في ختام سورة الذاريات. فجاءت سورة الطور باقسام متتالية والطول وكتاب مسطول في رق منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع ان عذاب ربك لواقع قامت على وقوع هذا العذاب الذي ينتظر كل معاند. ولاحظوا هذه التناسبات الرائعة والانتقالات الفائقة بين الصور. في هناك يعني نوع من التسلسلية واضح بين سورة الطور سورة الذاريات سورة قاف سورة الحجرات الفتح محمد صلى الله عليه وسلم. ولذلك اطنبت سورة عفوا سورة الطور ببيان مشهد الكفار وهم سيلقون في نار جهنم يوم يداعون الى نار جهنم دعا هذه النار التي كنتم تنبيها تكذبون. لما كنتم تسألون اي انا يوم الدين هنا نقول لكم هذه النار التي كنتم بها تكذبون. اسلوها فاصبروا او لا تصبروا سواء عليكم انما تجزون ما كنتم تعملون. ثم اخبر سبحانه وتعالى عن حال هؤلاء الكفرة وهم يستهزئون بالنبي صلى الله عليه وسلم وبهذا القرآن. واحيانا يقولون ساحر واحيانا يقولون مجنون ام يقولون شاعر ايضا نتربص به ريب ريب المانون قل تربصوا فاني معكم من المتربصين. ثم اخبر عن مقولاتهم وعن معتقداتهم قال سبحانه وتعالى واذا القسم من السماء صاغة يقول سحاب مركوم حالهم حال اه قوم عاد لما جاءهم عارض قالوا هذا موطننا وهؤلاء كفار قريش اذا رأوا سحابا من السماء ظنوا ان الله سبحانه وتعالى يريد ان ينزل عليهم الخير لكنه العذاب. فسبحانه وتعالى يحذر ويأمر نبيه صلى الله عليه وسلم في النهاية بالصبر فهذه صور مكية كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر فيها بالصبر واصبر لحكم ربك فانك باعيننا والذي يعينك على الصبر هو قيام الليل وسبح بحمد ربك حين تقوم ومن الليل فسبحه وادبار النجوم. ثم تأتي سورة النجم وهي اخر سورة نعلق عليها اليوم باذن الله. تبين للكفرة. لكل من استهزأ بالنبي صلى الله عليه وسلم وقال عنه في ختام سورة الطور بانه شاعر او مجنون او ساحر يأتي بهذا الكتاب. جاءت سورة النجم لتقول والنجم اذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى. هذا الكتاب الذي تزعمون انه ومن سحر محمد صلى الله عليه وسلم او انه شاعر اتى به والله ما هو الا الوحي الالهي ثم اخبر عن قصة عظيمة شرف الله بها النبي صلى الله عليه وسلم قصة المعراج الى السماوات العلى وهذا يدل على ان هذا النبي صلى الله عليه وسلم نبي يوحى اليه من رب السماوات العلى وقد كان كفار قريش يعلمون ان الله سبحانه وتعالى فوق السماوات العلى. فهنا الله سبحانه وتعالى قرع اسماعهم بهذه السورة. سورة النجم التي اه كان فيها بيان حال الكافرين وبيان اه كيف انهم يعظمون اللات والعزة افرأيتم اللات والعزى ومن اتى ثالثا اخرى؟ يعني هل انتم تكذبون بمحمد صلى الله عليه وسلم يتهمونه وتعبدون اصنام واحجار لم تتبعوها على علم وعلى بينات وعلى براهين وانما هو والله الا اتباع الظن فاخبر سبحانه وتعالى في ختام آآ سورة النجم آآ ان اذا الكفار بقوا على هذا الامر فقل لهم يا محمد صلى الله عليه وسلم اذا بقوا على المعاندة على التكذيب بهذا الكتاب وعلى التكذيب بك قل لهم ازفت الازفة. ليس الان يعني اقترب يوم القيامة ليس لها من دون الله كاشفة. اه من هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وانتم سامدون. يعني هذا الحديث ستبقون تتعجبون منه تعجب المستهزئ الذي يضحك ويعبث ويظن انه سحر ما شابه ذلك وانتم سامدون غافلون في لهو الحياة الدنيا فاسجدوا لله واعبدوا. امر الهي يأمرهم فيه سبحانه بالسجود والخضوع قبل ان يفوتهم الاوان فقد ازفت الازفة. وفعليا يقولون في السير لما سمعت كفار قريش سورة النجم وما فيها من البراهين الساطعة على عظيم هذا الكتاب وعلى عظيم الاختصاص الالهي للنبي صلى الله عليه وسلم. ثم سمعوا التوعيد الشديد في ازفة الازفة. وسمعوا الله يختم السورة فاسجدوا لله اعبدوه سجد كل كفار قريش مع النبي صلى الله عليه وسلم عندما سمعوا هذه الاية تتلى الا ابي امية بن خلف المخذول. امية بن خلف الان هذه سورة النجم قرأت في مكة فسجد الجميع. سجد المسلمون عندما سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يقرأوها وكفار قريش من هول هذه السورة سجدوا خوفا ورعبا. امية بن خلف اخذ حفنة من تراب ووضعها على جبينه. وقال هذا يكفيني عن السجود المباشر. وكل هؤلاء المساكين وجدت مصارعهم في غزوة بدر. فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان جعلنا ممن يتفهم دلائل هذا الكتاب ودلائل هذا الكون ومن يتعقل عن الله مراده وقبل ان يفوت الاوان. وصلى الله على سيدنا محمد على اله وصحبه وسلم