الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين. والصلاة والسلام على امام الاتقياء وسيد المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد الاخوة الكرام قراء الجرد مرحبا بكم واسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا واياكم من اهل القرآن الذين هم اهله وخاصته وان يجعلنا جميعا ممن يحرص على فهم القرآن المجيد وتلاوته اناء الليل واطراف النهار افتتح الله سبحانه وتعالى كتابه بسورة الفاتحة وهي افضل سورة في القرآن الكريم قد امتن الله عز وجل على النبي صلى الله عليه واله وسلم بنزول هذه السورة عليه فقال الله عز وجل ولقد اتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ولسورة الفاتحة عدد من الاسماء وهي كثيرة فمنها انها تسمى بسورة الفاتحة. ومنها انها تسمى بام الكتاب ومنها انها تسمى بالسبع المثاني. ومنها انها سورة الرقية. ومنها انها سورة الشفاء وغيرها من السور والاصل ان الاسماء اذا تعددت فانها تدل على شرف المسمى سورة الفاتحة هي اعظم سورة في القرآن الكريم قال النبي صلى الله عليه واله وسلم لابي سعيد بن المعلى لاعلمنك سورة هي اعظم السور في القرآن فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم سورة الفاتحة سورة الفاتحة نور قال النبي صلى الله عليه واله وسلم عنه لم ينزل الله عز وجل في التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلها سورة الفاتحة هي السورة التي قال الله عز وجل قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فاذا قال العبد بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله فاذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى حمدني عبدي واذا قال الرحمن الرحيم قال الله اثنى علي عبدي. واذا قال مالك يوم الدين قال مجدني عبدي. وقال مرة فوض الي عبدي فاذا قال اياك نعبد واياك نستعين. قال هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فاذا قال اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. قال هذا هذا لعبدي ولعبدي ما سأل سورة الفاتحة تشتمل على العبادة والاستعانة وبالعبادة والاستعانة تتحقق السعادة الابدية للعبد. وينجو من الامراض فاعظم امراض القلب الرياء والكبر ودواء الرياء في قول الله عز وجل اياك نعبد. ودواء الكبر في قول الله عز وجل واياك نستعين سورة الفاتحة اشتملت على اهم مقاصد القرآن الكريم على وجه الاجمال ثم فصل ما اجملته سورة الفاتحة في القرآن كله اشتملت سورة الفاتحة على التوحيد والعبادة وطلب الهداية والثبات على الايمان وفيها اخبار وقصص الامم السابقة وفيها معارج السعداء ومنازل الاشقياء. وقد نزل الله عز وجل القرآن الكريم لبيان حقوق الخالق على خلقه وحاجة الخلق الى خالقهم وتنظيم الصلة بين الخالق والمخلوق وهذه جملة المقاصد التي جاء بها القرآن اودعها الله عز وجل في سورة الفاتحة اشار الله عز وجل الى توحيد الالوهية في قوله سبحانه الحمد لله رب العالمين واشار الى توحيد الربوبية في قوله رب العالمين. واشار الى الاسماء والصفات في قوله الرحمن الرحيم. واشار الى اليوم الاخر في قوله مالك يوم الدين واشار الى كافة انواع العبادات والاخلاص في قوله اياك نعبد واياك نستعين واشار الى النبوات والى قصص الانبياء والمرسلين والصالحين في قوله اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين انعمت عليهم وتحدث عن اهل الزيغ والضلال في قوله غير المغضوب عليهم ولا الضالين بسورة الفاتحة فخمسة مقاصد. المقصد الاول توحيد الخالق سبحانه وتعالى. وهذا في قول الله عز وجل الحمد لله رب العالمين. والمقصد الثاني في الايمان باليوم الاخر. اذ الايمان باليوم الاخر يشتمل على اهم اركان الايمان بعد الايمان بالله سبحانه وبحمده. والعبد المؤمن باليوم الاخر له بصيرة ليست له غيري واشارت السورة الى التكاليف الشرعية ففي جانب العبادة قال الله عز وجل اياك قال الله عز وجل عن عبده انه قولوا اياك نعبد. فهذه العبادة خالصة لله عز وجل ولا ولا يمكن للعبد ان يعبد الله عز وجل الا بان يتوكل عليه. فلا توكل الا على الله ولا الا بالله سبحانه وتعالى وفي جانب النبوات والرسالات وهو المقصد الرابع اشار الله عز وجل اليه في قوله سبحانه وبحمده اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين انعمت عليهم. وفي هذا تنبيه ان اعظم مقصود يطلبه العبد من الله عز وجل ان ان يطلب من الله عز وجل الهداية والاستقامة. اذا الله عز وجل الهداية فاز في الدنيا والاخرة. واذا تخلفت عنه الهداية خسر في الدنيا والاخرة. والله عز وجل قد بين للناس هداية الدلالة والارشاد وهو سبحانه وبحمده بيده دلالة التوفيق نسأل الله سبحانه وتعالى ان يهدينا الى الصراط المستقيم. وبين الله عز وجل هذا الصراط المستقيم بقوله صراط الذين انعمت عليهم والذين انعم الله عليهم هم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون وحسن اولئك رفيقا. ذلك الفضل من الله وكفى بالله علي ما ثم بين الله عز وجل من تنكب عن الصراط المستقيم فقال سبحانه وبحمده غير المغضوب عليهم ولا الضالين نسأل الله ان يهدينا الى الى الصراط المستقيم وان يرشدنا اليه بمنه وكرمه. وصلى الله على نبينا محمد واله والحمد لله رب العالمين الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والصلاة والسلام على امام الاتقياء وسيد المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد سورة البقرة سورة البقرة هي السورة الثانية في ترتيب المصحف الشريف وهي اول سورة نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة. وهي اطول سورة في كتاب الله عز وجل ابتدأ نزولها بعد الهجرة وظل مفتوحا حتى نزلت اخر اية في القرآن الكريم. وفيها اطول اية في القرآن وفيها افضل اية في كتاب الله عز وجل وهي اية الكرسي وفيها ايتان من افضل ايات القرآن الكريم وهما اخر سورة البقرة. قال النبي صلى الله عليه وسلم اقرأوا سورة البقرة. فان اخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة. وذكر النبي صلى الله عليه وسلم ان البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان وذكر النبي صلى الله عليه وسلم ان سورة البقرة وال عمران يأتيان يوم القيامة كانهما غمامتان او ظلتان سوداوان تحاجان عن صاحبهما يوم القيامة وهذه السورة المباركة على طولها تتألف من مقدمة واربعة مقاصد وخاتمة جاءت المقدمة في التعريف بشأن القرآن العظيم وبيان ان ما فيه من الهداية قد بلغ حدا من الوضوح لا يتردد فيه ذو قلب سليم وانما يعرض عنه من لا قلب له او من كان في قلبه مرض فاما المقصد الاول فجاء في دعوة الناس كافة الى اعتناق الاسلام وفي المقصد الثاني في دعوة اهل الكتاب دعوة خاصة الى ترك باطلهم والدخول في الدين الحق وفي ثالث مقاصد السورة جاء في عرض شرائع هذا الدين تفصيلا. وفي المقصد الرابع ذكر الوازع والنازع الديني الذي يبعث على ملازمة تلك الشرائع ويعصم عن مخالفتها وفي الخاتمة جاء التعريف بالذين استجابوا لهذه الدعوة الشاملة لتلك المقاصد وبيان ما يرجى لهم في اجلهم وعاجلهم جاءت مقدمة السورة في عشرين اية. بدأت السورة الكريمة بثلاثة احرف مقطعة لا عهد للعرب بتصدير مثلها في الانشاء والانشاد وانما عهدوها من القراء الكاتبين في بدء تعليمهم التهجي للناشئين الف لام ميم ومهما يكن من امر المعنى الذي قصد اليه بهذه الاحرف والسر الذي وضعت هنا من اجله فان تقديمها بين يدي الخطاب مع غرابة نظمها وموقعها من شأنه ان رضا الاسماع ويوجه القلوب لما يلي هذا الاسلوب الغريب ثم ذكرت السورة وصف من ينتفع بالقرآن ونحن في بداية القرآن العظيم فذكرت السورة ان القرآن هدى لا ريب فيه لكنه هدى للمتقين. الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما انزل اليك وما انزل من قبلك وبالاخرة هم يوقنون. اولئك على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون ثم انتقلت السورة الى تقسيم الناس جميعا الى ثلاثة اقسام ليس لها رابع فالناس اما مؤمن واما كافر واما منافق فاما الطائفة الاولى فهم قوم حصلوا فضيلة التقوى بركنيها العلمي والعملي وهذا مآلهم وامرهم الى الفوز والفلاح واما الطائفة الثانية فهم مجردون من اساس التقوى وهو الايمان والسبب انهم لم ينتفعوا بما وهبهم الله عز وجل من وسائل العلم فلهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم اذان لا يسمعون بها وعاقبة امرهم العذاب العظيم وهم الكفار واما الطائفة الثالثة فصفة مركبة من ظاهر خير وباطن سوء فهم يقولون بالسنتهم بالسنتهم انهم مؤمنون وليس في قلوبهم من الايمان شيء ولكل من الوصفين سبب وجزاء اما دعواهم الايمان فسببها قصد المخادعة. وجزاء الخادع عائد اليهم. واما اصرارهم الكفر سببه مرض قلوبهم وجزاؤهم زيادة المرض والعذاب الاليم وضربت السورة لكلتا الطائفتين مثلا يناسبها ثم انتقلت السورة المباركة الى المقصد الاول من مقاصد السورة والمقصد الاول من مقاصد السورة جاء في خمس ايات في هذه الايات الخمس تسمع نداء قويا موجها الى العالم كله بثلاثة مطالب المطلب الاول الا تعبدوا الا الله ولا تشركوا به شيئا المطلب الثاني ان امنوا بكتابه الذي نزله على عبده المطلب الثالث ان اتقوا اليم العذاب وابتغوا جزيل الثواب وهذه المطالب الثلاثة هي الاركان الثلاثة للعقيدة الاسلامية تراها قد بسطت مرتبة على ترتيبها الطبيعي من المبدأ الى الواسطة الى الغاية ثم تحدثت السورة عودا على بدء في اربع عشرة اية السورة قد بدأت بوصف القرآن بما فيه من الهدى اجمالا ووصفت الفرق الثلاثة وصفا شافيا ضرب للناس امثالهم. وحقق ان الذين كفروا اتبعوا الباطل وان الذين امنوا هم اتبعوا الحق من ربهم وكذلك عاد الكلام الى المقصد الاول باركانه الثلاثة ولكن في ثوب جديد اما في الركن الاول فقد سمعته هناك يأمر بعبادة الله. وتسمعه هنا ينهى عن الكفر بالله وهناك ذكرهم بنعمة ايجادهم مجملة. وهنا يذكرهم بها مفصلة. متممة. وهناك عرفهم بنعمة تسخير الارض والسماء لهم وهنا يعرفهم بذلك في شيء من التفصيل في الركن الثاني ذكر نبوة هذا النبي الخاتم. وهنا يذكر نبوة ذلك النبي الاول ادم لنعلم ان نبينا صلى الله عليه وسلم لم يكن بدعا من الرسل وان امر التشريع والنبوات امر قديم يتصل بنشأة الانسان واما في الركن الثالث فقد رأيته هناك يصف الجنة والنار بما لهما من وصف رائع او مروع وتراه هنا يكتفي عن وصفهما بذكر اسمهما وتعيين اهلهما ناظما وضع الاجزية مع وضع التكاليف في سلك واحد ومتخلصا احسن تخلص من احدهما الى الاخر بتقرير ان اتباع التكاليف او عدم اتباعها هو مناط السعادة او الشقاوة في العقبى ولا ينسى القرآن ان ينبه على الصراع الازلي الذي حدث بين بين الانسان والشيطان ويبين القرآن ان عداوة الشيطان للانسان قديمة فقد بدأت منذ الانسان الاول وخادعه الشيطان بوساوسه وما انتهى اليه امر الخادع والمخدوع من ابتلائهما وابتلاء ذريتهما وهو كما ترى حديث يطلب بعضه بعضا ويأخذ بعضه باعناق بعض في المقصد الثاني من مقاصد السورة جاء في ثلاث وعشرين ومئة اية من الاية الاربعين الى الاية الثانية والستين بعد المئة ذكر في هذا القسم سالفة اليهود منذ بعث فيهم موسى عليه السلام وفيها وفي هذا القسم ايضا ذكر احوال المعاصرين منهم للبعثة المحمدية وفي القسم الثالث ذكر اولية المسلمين منذ ابراهيم عليه السلام وفي القسم الرابع ذكر حاضر المسلمين في وقت البعثة فذكر القرآن الكريم في سورة البقرة اثنتا عشرة وصية لليهود بعد النداء الاول لهم في القرآن وذكر عشر نعم من الله تعالى على اليهود وذكر اثنتان وثلاثون مخالفة من اليهود في اوائل سورة البقرة وذكر القرآن العظيم في هذا القسم ابراهيم عليه الصلاة والسلام فذكر ان الله عز وجل انعم عليه بنعمة الاسلام ذلك ليعلم اهل الاسلام ان الاسلام قديم قدم الدهر وانه الدين الذي ارتضاه الله عز وجل للعالمين ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب يا بني ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن الا وانتم هم مسلمون ام كنتم شهداء اذ حضر يعقوب الموت اذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد الهك واله ابائك ابراهيم واسماعيل واسحاق الها واحدا ونحن له مسلمون نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من اهل الاسلام المستمسكين به وصلى الله على نبينا محمد واله والحمدلله رب العالمين