لله تعالى نحمده نستعين به اعوذ بالله تعالى من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا انه من يهده الله تعالى فلا مضل له يضلل فلا هادي له اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله ثم اما بعد اهلا وسهلا ومرحبا بحضراتكم مع حلقة جديدة من حلقات القرآن من جديد. هل تدارست انا اليوم معكم على موعد مع عبادة مهجورة للاسف سادة عبادة مطمورة عبادة للاسف يساء فهمها عبادة سخروا في جانب واحد يهمل جانبها الاهم بادت نعم عبادة التدارس الله عز وجل قد وصى بتدارس القرآن الكريم النبي صلى الله عليه وسلم وصى بتدارس القرآن الكريم لكننا بحاجة الحقيقة بان نقف مع هذه اللفظة لان هذه اللفظة للأسف اشتهر اطلاقها في واقعنا على تدارس ومدارسة الرواية فقط وتم حصرها في ذلك ولم يعد المعاني الدراية العمل الرعاية حق في هذا المصطلح رغم انهم اولى به ممن استأثروا به واحتكروه فنحن الان بصدد رد الامور الى نصابها رد الى اصحابها نحن بصدر ذلك الان الحديث عن هذا المصطلح دعونا نسائل علماء اللغة ما معنى درس اولا يقولون درس الكتاب استخرج معانيه درس الكتاب استخرج اعانيه واذهب صعوبة غموضه والجهل به وغرابته وكل ما في القرآن من التركيب هو من درس الكتابة هذا انحن اولاء تأكدوا ان التدارس لغة حق المعاني والمباني انما هي وسيلة للوصول الى المعاني نعم المباني قوالب للمعاني تدارس بالاساس يطلق في لغة العرب على تدارس المعاني وعلى العناية بالمعاني ويأتي تدارس المباني كوسيلة للوصول الى تدارس المعاني الكلام في منتهى الاهمية بل اننا لما نطالع نصوص القرآن والسنة نجد ان نتدارس يفيد هذا المعنى ايضا ودعوني قبل الشروع في ذلك اتلوا على مسامع حضراتكم عبارة رائقة محمد ابن كعب القرضي يقول من بلغه القرآن فكأنما كلمه الله هل تستحضرون هذا الشرف من بلغه القرآن فكأنما كلمه الله واذا قدر ذلك لم يتخذ دراسة القرآن عمله يعني اذا قدر ذلك لم تكن عنايته منصرفة فقط الى مجرد تدارس المباني او حتى تدارس المعاني دون العمل بها دون ان تظهر في واقع حياته يقول واذا قدر ذلك لم يتخذ دراسة القرآن عمله بل يقرأه كما يقرأ العبد كتاب مولاه الذي كتبه اليه ليتأمله ويعمل بمقتضاه نعم متى نستشعر ذلك متى نستشعر ان التعامل مع القرآن لا ينبغي ان يكون مجرد تدارس للمباني او حتى تدارس للمعاني ونقف عند هذا الحد فكل تلك وسائل للوصول للغاية الكبرى الغاية العمل بمقتضاه. يقول بل يقرأه كما يقرأ العبد كتاب مولاه الذي كتبه اليه ليتأمله ويعمل بمقتضاه. نعم. وسبحان الله لفظة المدارسة يعني اول ملمح ينبغي ان ننتبه اليه فيما يتعلق بتدارس المدارسة. ان تدارس المدارسة بالاساس للمعاني والملمح الاخر ان التدارس والمدارسة مفاعلة ليست قضية واحد يتكلم واناس يسمعون. انها مفاعلة ما يسمونه اليوم بالتعليم التعاوني في التربية. ويسمونه بالتعليم الجماعي بالتعليم النشط فهي عملية مفاعلة المفاعلة ليس نصيب الاسد فيها للمعلم. وانما المعلم والمتعلم الجميع يشارك في العملية التعليمية على السواء نعم قلت لحضراتكم ان التدارس اصلا في لغة العرب يفيد تعلم المعاني الطاهر ابن عاشور يقول تعليقا على قول الله عز وجل ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون يقول لان مادة الدرس في كلام العرب تحوم حول معاني التأثر من تكرر عمل يعمل في امثاله هذه المادة مادة فيها مفاعلة فيها تكرار فيها مفاعلة وفيها تكرار فيما يتعلق بامور المعاني طيب دعونا نطالع بعض نصوص القرآن والسنة لنقف على معنى التدارس فيها اول ما نطالعه قول الله عز وجل ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون يقول الشيخ السعدي رحمه الله رحمة واسعة. اي ولكن يأمرهم بان يكونوا ربانيين اي علماء حكماء حلماء معلمين للناس ومربيهم بصغار العلم قبل كباره. عاملين بذلك وهم يأمرون بالعلم والعمل والتعليم التي هي مدار السعادة وبفوات شيء منها يحصل النقص والخلل والباء في قوله بما كنتم تعلمون او بما كنتم تعلمون في قراءة اخرى بما كنتم تعلمون. باء السببية اي بسبب تعليمكم لغيركم المتضمن لعلمكم ودرسكم لكتاب الله وسنة نبيه. التي بدرسها يرسخ العلم ويبقى وتكونون ربانيين. نعم فطريق ربانية تدارس كتاب الله عز وجل. تدارس معانيه وتدارس مبانيه هو طريق ربانية وقد نقل ابن القيم اجماع السلف على ان الرباني هو العالم العامل المعلم والعالم العامل المعلم. فتلك الاية تفيد ان العبد لا يصل الى الربانية الا بتدارس الكتاب العزيز وان للعبد ان يعمل بالكتاب العزيز وهو لا يتدارس معانيه فلزم ان يكون التدارس للمعاني كما هو للمباني بل تدارس المعاني مقدم على تدارس المباني نعم يقول الطاهر ايضا فمعنى الرباني العالم بدين الرب الذي يعمل بعلمه لانه اذا لم يعمل بعلمه فليس بعالم اذا لم يعمل بعلمه فليس بعالم. ورشيد رضا رحمه الله يقول فبعلم الكتاب وتعليمه والعمل به يكون الانسان ربانيا مرضيا عند الله تعالى. فالكتاب هو واسطة القرب من الله سبحانه وتعالى نعم وغيرهم من العلماء يؤكدون يعني ما قلناه الان من ان التدارس طريق للربانية. الرباني عالم عامل معلم وهذا العامل المعلم العالم لن يصل الى الى ذلك بمجرد العناية بالمباني بل هو يعتني بالمعاني كما يعتني المباني بل يعتني بالمعاني كغاية ويعتني بالمباني كوسيلة. نعم وهناك كثير من الايات التي جاءت فيها لفظة التدارس في القرآن الكريم. لكن دعونا نطوي تلك الايات وننتقل الى بعض الاحاديث التي جاء فيها لفظ التدارس من اشهر تلك الاحاديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وفي رواية تنزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله عز وجل فيمن عنده فمن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه. وفي رواية ما من قوم يجتمعون في بيت من بيوت الله عز وجل يقرأون ويتعلمون كتاب الله عز وجل يتدارسونه بينهم بهذه العبارة وقد اسلفنا ان التعلم للمعاني وللمباني وللعمل فهذا يؤكد ان التدارس هو تعلم تدارس للمعاني وتدارس للمباني شيخ العثيمين رحمه الله رحمة واسعة يقول السكينة تنزل عند قراءة القرآن اذا قرأه الانسان بتمهل وتدبر فان السكينة تصل تنزل وحتى تصل الى قلب القارئ فينزل الله عز وجل السكينة في قلبه. فالشيخ رحمه الله رحمة واسعة يشترط هنا التمهل والتدبر لنزول اكمل سورة من تلك السكينة على قلب الانسان. الشيخ العباد حفظه الله يقول يقرأون كتاب الله سواء اكانت هذه القراءة بان يقوم شخص ويقرأ ويفسر او غيره يفسر ام انهم يجتمعون بحيث يقرأ وواحد منهم مقدارا من القرآن ويستمع الباقون. ويكون هناك شخص يصوب قراءته ويبين ما عليه من ملاحظات. كل ذلك يدخل تحت التدارس. وكذلك تأمل ما فيه ومعرفة ما فيه وتدبر ما فيه فانا يعني فقط اريد ان اشير الى ان حصر مفهوم التدارس في تدارس المباني فقط هذه جناية على هذا المفهوم يعني انا لا اقول دعونا من تدارس المباني او اهملوا تدارس المباني. لكن سبحان الملك اولى بلفظة التدارس اولى بكل ما جاء في فضل التدارم تدارس المعاني بالاساس فانا اؤكد لكم من خلال ذلك العرض الذي مضى ان التدارس ليس في المباني فحسب وانما هو في المباني وفي المعاني بل في المعاني اهم من المباني. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال ما اجتمع قوم في في بيت من بيوت الله يتذاكرون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا اظلتهم الملائكة باجنحتها حتى يخوضوا في حديث غيره. والحديث في الدارمي وصححه المحقق القاضي اياض يقول قد يكون هذا الاجتماع للتعلم بعضهم من بعض بدليل قوله يتدارسونه بينهم ويقول ومثل هذا لم ينه لم ينه عنه مالك ولا غيره من الايه؟ من العلماء وابن عباس رضي الله عنه يحكي لنا عن حال النبي صلى الله عليه وسلم لما كان يأتيه جبريل صلى الله عليه وسلم في رمضان وهذا لنا او وقفة مهمة يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اجود الناس. وكان اجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل. وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم اجود بالخير من الريح المرسلة. نعم انظروا الى ما كان عليه صلى الله عليه وسلم كان يأتيه جبريل فيدارسه القرآن سبحان الله في كل ليلة من ليالي رمضان يأتيه جبريل فيدارسه القرآن. وانظروا الى اثر تلك المدارسة على النبي صلى الله عليه وسلم. تلك المدارسة تورث النبي صلى الله عليه وسلم دافعية اكبر لعمل الخير وتورثه بذلا اكثر في ابواب الخير لا شك ان تلك المدارسة لم تكن على مستوى عقله فقط وانما كانت على مستوى قلبه ايضا لان القلب هو الملك. فاذا تحمس اذا تحفز ازا تحرك تحركت الجوارح فما الذي يمنع ان تكون هذه المدارسة للمعاني؟ بل انا يعني اعتقد انها كانت للمعاني اكثر مما كانت للمباني وما الذي يمنع؟ والدليل ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يكون بعدها يجد اثرا لذلك التدارس. وهذا ولا شك يحصل اكمل ما يكون اذا تدارس العبد المعاني نعم والمباني لقد قال الله ان علينا جمعه وقرآنه فاذا قرأناه فاتبع قرآنا. فقد تكفل الله عز وجل بامر المباني بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم. قال ثمان علينا بيانه لكن امر المعاني النبي صلى الله عليه وسلم يحتاج لتدارسه. لذلك انا اقول رمضان ليس طهر القرآن رمضان شهر وتدارس القرآن. تدارس معاني القرآن الكريم. ومن توفيق الملك ان يوافق ما ذهبنا اليه في يعني في كلامنا كلام لفضيلة العالم الرباني الراحل الشيخ ابن باز رحمه الله. فيقول معلقنا الحديث يستفاد منه المدارسة وانه يستحب للمؤمن ان يدرس القرآن او ان يدارس القرآن من يفيده وينفعه. فجبرائيل صلى الله عليه وسلم لابد ان يفيد النبي صلى الله عليه وسلم اشياء من جهة حروف القرآن. ومن جهة معاني التي ارادها الله. فاذا دارس الانسان من يعينه على فهم القرآن ومن يعينه على اقامة حروفه فهو المطلوب. وليس المقصود ان جبرائيل افضل من النبي صلى الله عليه وسلم لكن جبرائيل هو الرسول الذي اتى من عند الله فيبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم ما امره الله به من جهة القرآن ومن جهة الفاظه ومن جهة معانيه. فالرسول يستفيد من جبرائيل من هذه الحيثية وفيه فائدة اخرى. وهي ان مدارسة الليل افضل من مدارسة النهار. وفيه ايضا من الفوائد هيئة المدارسة وانها عمل صالح ولو في غير رمضان ولو كانوا اكثر من اثنين. كل ذلك فيه خير كثير فالنبي صلى الله عليه وسلم لما كان يدارس جبريل صلى الله عليه وسلم القرآن كان يدارسه معانيه ويدارسه مبانيه فالله عز وجل قد تكفل النبي صلى الله عليه وسلم بالمباني فلا شك انه في مثل هذه المجالس كانت العناية بالمعاني اكثر من العناية بالمباني. وفي كل خير في العناية بالمباني وفي العناية بالمعاني لكن لا يعني لا تحصر هذه اللفظة ولا تظلم هذه اللفظة فتصرف للمباني فحسب ونصيب المعاني منها اكبر ولا شك من نصيب المباني واريد ان الخص لكم ما اردناه في حلقة اليوم نريد ان نقول ان التدارس عبادة عظيمة مهجورة للاسف وللاسف كل الجهد منصب على تدارس المباني رغم ان تدارس المعاني اهم ولا شك تدارس المباني وفي كل خير لكن لا نهمل هذه العبادة مجالس التدارس. بل اننا لما نتابع اه مجالس القرآن التي كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم نجد تلك المجالس كانت مجالس لتدارس معاني القرآن الكريم بالاساس ويتدارس المباني الذي كان يتم فيها كوسيلة لتحقيق الغاية. يعني كما يقول بعض الباحثين اغلب المجالس التي كانت في مجتمع النبي صلى الله عليه وسلم مجالس العلم انما كانت مجالس تعلم القرآن الكريم نعم كانت هذه مجالس الصحابة عمر يجلس مع الصحابة كما في صحيح البخاري يقول لهم ما تقولون في قول الله عز وجل اذا جاء نصر الله والفتح هذا تدارس للمعاني. هناك الكثير والكثير من الادلة التي تشهد لان الصحابة كانوا يعيشون مع هذه العبادة العظيمة عبادة تدارس المعاني. نسأل الله عز جل ان يجعلنا واياكم من اهل القرآن الذين هم اهله وخاصته. وان يعيننا واياكم على تدارس معاني القرآن الكريم. وتدارس مباني القرآن الكريم. وان يجعل التدارس طريقنا الى الربانية ان شاء الله. ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون. انه ولي ذلك والقادر عليه. سبحانك اللهم رب ربنا وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك