والله ما في هذه الدنيا لك من اشتياق العبد للرحمن هم يسمعون كلامهم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الحمد لله الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم واصلي واسلم على نبينا وحبيبنا وقرة اعيننا محمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم حياكم الله ايها الاحبة في مجلس جديد من مدارس رسالة المسترشدين لكل من يطلب سبيل الرشاد الى رب العالمين للامام الحارث ابن المحاسبي رحمه الله تعالى وموعدنا اليوم مع منازل جديدة من منازل هذا الطريق الذي نسلكه الى الله سبحانه وتعالى اسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يعيننا على رعايته بعد درايته انه ولي ذلك والقادر عليه. يقول الامام الحارث ابن المحاسبي رحمه الله تعالى وراعي همك واشتغل باصلاح نفسك عن عيب غيرك فانه كان يقال كفى بالمرء ان يستبين له من الناس ما يخفى عليه من نفسه. او يمقت الناس فيما يأتي مثله. او يؤذي جليسه او يقول في الناس ما لا يعنيه واستعمل لله عقلك بترك التدبير. واستعن بالله على صرف المقادير. قال علي رضي الله عنه يا ابن ادم لا تفرح بالغناء ولا تقنط بالفقر ولا تحزن بالبلاء ولا تفرح بالرخاء فان الذهب يجرب بالنار وان العبد الصالح يجرب بالبلاء وانك لا تنال ما تريد الا بترك ما تشتهي. ولن تبلغ ما تامل الا بالصبر على ما تكره. وابذل جهدك لرعاية افترض عليك وارض بما ارادك الله له. قال ابن مسعود رضي الله عنه ارض بما قسم الله لك تكن من اغنى الناس. واجتنب ما حرم الله عليك تكن من اورع الناس وادي ما افترض الله عليك تكن من اعبد الناس. ولا تشكو من هو ارحم بك الى من لا يرحمك. واستعن بالله تكن من اهل خاصته. قال عبادة ابن الصامت رضي الله عنه في وصيته لابنه اظهر اليأس مما في ايدي الناس فانه الغنى اياك والطمع وطلب الحاجات فانه الفقر. واذا صليت فصل صلاة مودع. واعلم انك لن تجد طعم الايمان حتى تؤمن بالقدر كله خيره وشره. بدأ رسالته او بدأ هذه الفقرة بقوله رحمه الله تعالى وراعي همك. وراعي همك واشتغل تلاحي عيبك عن عيوب الاخرين وعن عيوب غيرك. اعلم ايها الحبيب ان العبد اذا رزقه الله سبحانه وتعالى بصيرة اشغله بمراعاة همومه وما يعود على قلبه بالصلاح في الدنيا وبالاخرة. فصاحب البصيرة النافذة هو الذي يرى عيوب نفسه اشتغلوا باصلاحها فلا تخفى عنه عيوبه. لان الانسان اذا ادرك عيوب نفسه عرف بوجودها فاشتغل باصلاحها ولكن اكثر الناس للاسف ايها الاحبة منشغلون بعيوب الاخرين عن عيوبهم. يرى القذاة في عين اخيه وينسى الجدعان في عينه. يقول عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه انتهى عجبي الى ثلاث. انتهى عجبي الى ثلاث. قال المرء يفر من القدر وهو لاقيه. ويرى في عين اخيه القداة فيعيبها ويكون في عينه مثل الجذع فلا يعيبه هذا الفقر او معنى هذا النص ان الانسان يرى في عين اخيه عيبا صغيرا عبر عنه بالقدى عبر عنه بالقذى يرى في في اخيه عيبا صغيرا فيذمه عليه ويجتهد في التثريب عليه. ويكون في عينه جذع كبير. ويكون في عينه جذع وهو لا يراه لماذا لا يراه؟ لانه اشتغل بعيب اخيه عن عيبه نفسه وقال ويكون في دابته الطفر فيقومها جهده ويكون في نفسه الظفر فلا يقومها اي يكون فيها التغير والفساد في الدابة فيسعى الى تقويم دابته ويكون في نفسه من الفساد الشيء الكثيف لا يسعى الى تقويمه. لذلك قال سفيان بن الحسين ذكرت رجلا عند اياس القاضي اياس القرني رحمه الله تعالى ذكرت رجلا عنده بسوء. فقال لي اياس آآ هل غزوت الروم؟ فقلت لا. طيب. فقال اياس هل غزوت السند والهند والترك؟ قال لا. قال افسلم منك الهند والسند والترك؟ ولم يسلم منك اخوك المسلم؟ قال فانكففت عن ذكر الناس معايبهم. لذلك ايها الاحبة يعني كما يقول الشاعر لسانك لا تذكر به عورة امرئ. فكلك عورات وللناس السن والانسان لا يغفل عن عوراته الا اذا غفل عنه التفتيش عنها. وانما يغفل الانسان عن التفتيش عن عيوب نفسه اذا رضي عنها. فالرضا عن النفس هو الذي يسبب غفلة الانسان عن التفتيش عن عيوبه. لذلك يقول السكندري رحمه الله تعالى قتل كل معصية وشهوة الرضا عن النفس. واصل كل طاعة ويقظة وعفة عدم الرضا منك عنها فاصل عيوب النفس من المعاصي والشهوات ان يرضى الانسان عن نفسه. اذا رضي الانسان عن نفسه فانه يرى كل ما يصدر من هذا النفس مستحسن ويحاول ان يخبئ جميع العيوب. اما الانسان الذي ينظر الى نفسه بعين التقصير ويعلم ان هذه النفس من العورات وانها مذنبة ومفرطة فانه ينكب على نفسها في تفتيشها. ينظر يحاول ان يستخلص العورات الموجودة يبرزها لنفسه ليسعى بعد ذلك في علاجها. اذا اصل الرضا عن النفس هو اصل للمعاصي والشهوات. واصل عدم الرضا عن النفس هو اصل الايه؟ انتقاد النفس ولبيان عوراتها. لذلك ايها الاحبة يعني يأتي سؤال عملي كيف اكتشف العيوب في نفسي. هذا السؤال الذي نريد ان نجاوبه في هذه الفقرة. كيف اكتشف العيوب في نفسي؟ علماء السلوك رحمهم الله تعالى كورونا طرقا يكتشف بها الانسان ويستخلص بها الانسان العيوب المركوزة في النفس. الطريقة الاولى وهي اسمى الطرق ان يذهب الانسان الى اني من بصير بافات النفوس بصير بمداخل الشيطان الى القلوب يحكمه في نفسه. يطرح عليه الخلجات والخواطر القلبية التي يفكر بها ويعرضها عليه فيقوم هذا المعلم البصير بتشخيص هذا المرض وبتقديم العلاج المناسب لهذا المريض. الانسان ايها احبة اذا اصابه افة في البدن اين يذهب؟ الا يذهب الى اطباء الدنيا؟ في ذكر لهم الاعراض التي تعرض على بدنه فيأتي هذا الطبيب يبين له اهذا المرض يشخص له المرض ويعطيه العلاج المناسب. افلست قلوبنا باحق من ان نعرضها على اطبائها. هناك دعاء ومعلمون اهتموا باعمال القلوب واهتموا بادراك مداخل الشيطان وافات النفوس. فهؤلاء يقصدهم الانسان اذا وجد في خلجات ووجد خواطر يخشى ان تكون عيبة. يقصدهم اذا وجد في تصرفاته عيبا لا يستطيع ان ينفك عنه. لعلهم يقدمون له الدواء الناجح في هذه الحالة. وهذا كان دأب اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. كان احدهم اذا شعر بعيب يعني في اذا شعر بخطرات يخشى ان تكون مخالفة لمراد الله سبحانه وتعالى. اذا توهم ان شيئا او ان تصرفا من تصرفاته في النقص يذهب مباشرة الى المربي المعلم صلى الله عليه وسلم يعرض عليه حاله. والنبي صلى الله عليه وسلم الرؤوف الرحيم كما الله سبحانه وتعالى بالمؤمنين رؤوف رحيم يقدم لهم العلاج لهذه الامراض القلبية التي يعانونها. فهذا حنظلة رضي الله تعالى عنه يلقى ابا بكر الصديق في الطريق. فيقول له ابو بكر الصديق كيف يا حنظلة؟ اي كيف حالك يا حنظلة؟ فيقول له نافق حنظلة. يقول لابي بكر الصديق نافق حنظلة. فيقول ابو بكر سبحان الله ما تقول ما هذا الذي تقول؟ تتهم نفسك فيقول له حنظلة نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا الجنة والنار كأن رأي العين. فاذا ذهبنا حسن الازواج والذرية والضيعات نسينا كثيرا. يعني نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالجنة ويعظنا ويخوفنا من النار فنكأنا نراها رأي العين امامنا. ثم اذا عدنا الى منازلنا عند ازواجنا وذرياتنا والى مشاغلنا في الضيعات نسينا كثيرا فقال ابو بكر الصديق والله اني لاجد مثل ذلك. فانطلقت يقول حنظلة فانطلقت انا وابو بكر الصديق الى النبي صلى الله عليه وسلم. فدخلنا عليه فقلت يا رسول الله نافق حنظلة. يا رسول الله نافق حنظلة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم وما ذاك؟ ما الذي حدث؟ فقال يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالجنة والنار كأن رأي العين. فاذا خرجنا من عندك عافسنا الازواج والاولاد والضيعات نسينا كثيرا فقال صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده انظروا هنا الطبيب كيف يقدم لهم ويبين لهم ان ما وقعتم فيه ليس من قبيل العيوب لان هذا امر جبلت عليه النفس البشرية انها ساعة فساعة. فقال صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لو تدومون كما عندي لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم. ولكن يا حنظلة ساعة وساعة. انا يعني انا اريد ان ارسخ المنهج الذي كان يعيشه الصحابة رضوان الله تعالى عليهم. ما الهم الذي كانوا يحيون به؟ الانسان منهم لا يراقب تجاراته الدنيوية فقط. لا يراد اعماله في هذه الحياة وينسى قلبه وينسى عيوبه ولا يفتش عنها. انظر الى هم حنظلة. همه هل نافق حنظلة؟ يذهب الى والى المعلم والى الطبيب صلى الله عليه وسلم يبين له حالته هل هي فعلا حالة صحيحة تحتاج الى علاج؟ ام هو ليس بعيب ولكنه الله توهمه عيب لذلك ايها الاحبة يقولون ان كثيرا يعني يعني افات التي تمر بالانسان كثيرة جدا. على الانسان ان يحاول ويذهب في معالجتها قبل ان تتفشى في الانسان ولا يستطيع بعد ذلك الخروج منها. لذلك اغلب الناس اذا حاولوا ان يعالجوا هذه القضايا بانفسهم ربما وقعوا في النقيض. يعني تجد انسانا من يريد ان يعالج افة في قلبه. فلا يذهب الى معلم يسترشده وانما يحاول ان يعالجها بنفسه. فيقع في اثناء المعالجة في خطأ اكبر. لذلك عثمان ابن مظعون رضي الله تعالى عنه اراد ان ينقطع للعبادة. فاراد ان يخشي نفسه. فجاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم هذا وبين له انه ليس هذا هو المسلك الذي يرضاه الله سبحانه وتعالى. كذلك ايها الاحبة ابن عمرو ابن العاص عبدالله ابن عمرو ابن العاص كان يختم القرآن في كل ليلة وكان يقوم الليل حتى يصبح وكان يصوم النهار. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فاتاه ونصحه وارشده الى ما يصلحه. واخبره ان لنفسك عليك حقا ولجسدك عليك حقا ولعينك عليك حقا ولزوجك عليك حقا ولزورك عليك حق الزائر. فبين له النبي صلى الله عليه وسلم المنهج الذي ينبغي ان يقود به نفسه في هذه الحياة لذلك ابن عمرو لما كبر في السن اجهدته العبادة اصر على البقاء على العبادة الشديدة. فلما كبر في السن اجهدته العبادة فلم يستطع ان يقوم بها فكان يقول ليتني اخذت بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم. لان منهج محمد صلى الله عليه وسلم هو المنهج الوسط. الذي لا افراط فيه ولا تفريط فمن سلكه واعتمده في حياته رزقه الله عز وجل الوصول اليه. واما من فرط او كان عنده غلونا وافراط فيه فهذا الرجل سيضيع في بنيات الطريق. اذا هذا هو المنهج الاول وهذا افضل السلك لان يبين للانسان عيوب نفسه المنهج الثاني ايها الاحبة هو الطريق الثاني الذي ينبغي عليه ان يسلكه اذا لم يتأتى له المسلك الاول ان يذهب الى صديق صدوق ناصح هذا الصديق الناصح ايها الاحبة يوقفه على اعماله وعلى اقواله يقول له اذا رأيت من تصرفات ما يعجبك اخبرني ان هذا تصرف جيد. واذا رأيت من تصرفات ما يشيب وما يعيب امام الناس فبصرني بعيوب نفسي. وهذا كان ايضا دأب السلف رحمهم الله تعالى فعمر ابن الخطاب يقول رحم الله امرأ اهدى الي عيوبي رضي الله تعالى عنه عمر ابن الخطاب سلمان فقال له يا سلمان ما الذي بلغك عني؟ لقي سلمان الفارسي فقال له يا سلمان ما الذي بلغك عني؟ فقال له سلمان اعفي يعني لا اريد الجواب لا يريد ان يتكلم امير المؤمنين في عيوبه هذا امير المؤمنين. فعمر ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه اصر ان بين له عيوبه. فقال له سلمان انظروا ما العيب الذي وجده سلمان على عمر ابن الخطاب؟ او ما الذي كانوا يعدونه عيبا؟ يقول له يعني بلغني انك جمعت بين ادامين كنت تأكل ايدام واحد فقط. بلغني انك جمعت بين ايدامين مثلا كان يأكل زيت وحده جمع معه شيئا اخر بلغني انك جمعت بين ادامين يعني طعام مع طعام اخر وبلغني ان لك حلتين وبلغني ان لك حلتين حلة تلبسها في النهار وحلة تلبسها في الليل. يعني عندك ثوب زيادة عن الحاجة. فعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقول اما هذان فقد كفيتهما خلاص. اذا هذا هو العيب ان يكفيك اياه. انظروا كيف كانوا رحمهم الله تعالى يحيون في حياتهم وما الذي كانوا يعدونه عيبا. لذلك يقولون كل من كان عقلا واعلى منصبا كان اقل اعجابا واعظم اتهاما لنفسه. لكن في الحقيقة ايها الاحبة اين الصديق؟ الذي بين للانسان عيوب نفسه. اكثر الاصدقاء في هذا الزمن اما صديق مداهن يخشى ان يبين لك عيوب نفسك حتى لا تهجره. واما حسود يخبرك بما ليس فيك واما حسود يخبرك بما ليس فيك هذان هم الاصدقاء هذا في جانب الصداقة اما في جانبنا وفي انفسنا اذا ادنى صديقا يبين لنا عيوبنا فاننا نهجره. فاننا سرعان ما نهجره ونقول فلان مباشرة نتهمه بانه حاسد او حاقد او عند له شيء يريده او هناك شيء في القلب. لذلك ايها الاحبة في الحقيقة لو ان انسان اخبرك ان تحت ثيابك عقارب تريد ان تلدغك وهناك حيات تحت هذه الثياب ستصل اليك. الانسان العاقل ايها الاحبة هل ينشغل بازالة هذه العقارب وهذه الحيات التي تسعى لان تنال من هذا الشخص ام يشتغل بالشخص الذي نصحه وبين له وجود هذه العقارب؟ فيقول له وانت كذلك فيك كيت وكيت وكيت وفيك عقارب اذا اشتغل بالاخرين وغفل عن هذه العقارب ستلدغه هذه العقارب وينتهي. فهذا انسان جاهل الانسان العاقل ايها الاحبة اذا عرف بوجود عيب في نفسه حتى لو كان من صديقه حتى ولو كان من عدوه كما سيأتي معنا فانه ينشغل بازالة هذه العقارب حتى لا تصل اليه لذلك يقولون الانسان الذي يشتغل بعيوب الاخرين هذا عنده قسوة قلب. سببها كثرة المعاصي وهي امارة على ضعف الايمان الذي يشتغل بعيوب الاخرين ما السبب ان الانسان لا يحب ان يبحث عن عيوبه ويحب ان يبحث عن عيوب الاخرين. النتيجة لا يصل اليها الانسان الا اذا قسى قلبه. وقسوة القلب سببها كثرة الذنوب وذلك ينبئ عن ضعف الايمان. نسأل الله السلامة والعافية اذا هذا هو الطريق الثاني الذي تكتشف به عيوب نفسك ان توقف صديقا يبين لك هذه العيوب. الان اذا لم تجد هذا الصديق فلك الطريق وهو ان تنظر في كلام اعدائك. الانسان في هذه الدنيا له خصوم. وخصومه يسعون لالتقاط اي عيب من عيوبه ليشهروا به الانسان الموفق ايها الاحبة لا ينشغل بالنظر الى ان هؤلاء خصوم ويريدون ان يعيبوني لا ينظر الى الجانب المشرق كما يقولون فعلا قد يكون الذي ذكروه عيبا موجودا فينبغي علي ان اشتغل باصلاح نفسي. طبعا هذه المرتبة لا يصلها الا اصحاب المقامات العالية ان الانسان جبل على محبة المداهن وعلى بغض العدو. فان يتقبل الانسان من عدوه هذا امر ربما يكون فيه نوع صعوبة ولكنه لا يوفق اليه الا من وفقه الله سبحانه وتعالى. وقد ينتفع الانسان في الحقيقة من عدوه اكثر من انتفائه من صديقه. يعني ايهما افضل؟ عدوا يبين لك العيوب ام صديق يداهنك؟ في الحقيقة الافضل والاصلح في الاخرة عدوا يبين لك عيوب نفسك. هذا افضل من صديق يداهنك عنك العيوب حتى تتفشى في جسدك. اذا هذا هو المسلك الثالث. المسلك الرابع والاخير لبيان عيوب النفس ايها الاحبة هو ان ينظر في مجتمعه ان ينظر الانسان في المجتمع فينظر في الاخلاق المذمومة عند الناس ما الذي يبغضه الناس ويكرهونه وينصرفون عن صاحبه فيراه امرا مذموما فيبتعده عنه وما يراه عند الناس مقبولا ومحبوبا ومرغوبا فانه يقبل عليه. فهذه هي الطرق التي يمكن للانسان ان تخلص منها العيوب. افضل الطرق واكملها هو ان يتخذ معلما كما قلنا عارفا باعمال القلوب وعارفا بالخبايا والافات. ان لم يجده ينطلق الى صديق نصوح صادق يبين له عيوب نفسه. اذا فقده ينظر في كلام خصومه وعدوه ثم بعد ذلك نهاية المطاف ان ينظر في فما وجده مقبولا ومحبوبا رغب فيه وما وجده مذموما انصرف عنه. اذا هذا هو العيوب او هذه منزلة العيوب التي يتكلم عنها الحارث المحاسبي رحمه الله تعالى ثم بعد ذلك انتقل الى امر اخر مهم للسالكين فقال رحمه الله واستعمل عقلك بترك التدبير واستعن بالله على صرف المقادير. يتكلم رحمه الله تعالى الحارث المحاسبي في هذه الفقرة ان الانسان العاقل الذي يستعمل عقله حق الاستعمال هو الانسان الذي يسلم ويفوض تدبير شؤون حياته ومصالحه الى الله سبحانه وتعالى ويستعين بالخالق عز وجل مولاه على تدبير هذه الامور وعلى جلب المقادير الخيرة وعلى صرف المقادير السيئة ولكن منزلة التفويض والتسليم لله سبحانه وتعالى او ما يسميه الحارث المحاسبي ترك التدبير. يعني التفويض المطلق لله سبحانه تعالى يشترط معه شرط مهم ما هو؟ ان يبذل الانسان الاسباب الشرعية. يعني هل يعقل للانسان ان يترك التدبير مطلقا؟ بمعنى ان انه لا يأخذ بالاسباب التي خلقها الله سبحانه وتعالى فلا يسعى في رزقه ولا يتداوى عند الاطباء ولا يأخذ بطلب العلم وما شابه ذلك يظن ان ان كل هذه الامور ستأتيه وحدها هذا لا يعقل. لذلك فقوله رحمه الله تعالى واستعمل لله اقلق بترك التدبير. نقول ترك التدبير هذه المرتبة ايها الاحبة انما تكون بعد الاخذ بالاسباب الشرعية التي اوجدها الله سبحانه وتعالى. لان الناس في هذه الحياة الدنيا على ثلاثة اصناف او والفرق التي خرجت في الاسلام على ثلاثة اصناف. فرقة ايها الاحبة تركت الاسباب مطلقا. فرقة هناك فرق تترك الاسباب مطلقة وتفوض او ما تسميه التفويض المطلق لله سبحانه وتعالى وهو في الحقيقة العجز. يسمون العجز تفويضا لله عز وجل التواكل توكلا وهو في الحقيقة عجز وتواكل بترك الاسباب كليا والاعتماد على الله سبحانه وتعالى وهذا سلكه غلاة صوفية المتأخرين عندما من يقرأ كتب هذه الطائفة تجدهم يسلمون مطلقا للاقدار ولا ينازعونها. الان سنتكلم بعد قليل ان الاقدار سار على نوعين هناك اقدار ينبغي للانسان ان ينازعها مثلا فالجوع قدر. ينبغي للانسان ان ينازعه بماذا؟ بتناول الطعام. كذلك العطش كذلك الشهوة ينبغي للانسان ان ينازعها بالنكاح وعلى ذلك فقس. قلنا هناك طائفة من غلاة المتأخرين من الصوفية يفهمون التفويض وترك على معناه السلبي ان الانسان يترك جميع التحكمات اذا حل به قدر فانه يستسلم له استسلاما كليا من دون الاخذ اسباب حتى وصل الحال في بعضهم انه قال يجب علينا الا ندعوا الله سبحانه وتعالى اذا حل بنا شر ان يدفعه. لماذا؟ لان هذا الشر هذا قدر من الله فلا ننازع الله عز وجل فيه. بل شيخ الاسلام ابن تيمية يقول لما حل التتار ببلاد الاسلام وفي بلاد العراق والشام كان هناك طائفة من هؤلاء متصوفة يقولون التتار هؤلاء قدر من الله سبحانه وتعالى. يجب علينا الا ندافعهم. حتى ولو هتكوا الاعراب وسفكوا الدماء. انظروا الى هذه النظرة السلبية في التعامل مع القضاء والقدر واثرها على دمار المجتمعات. هل يعقل في الانسان ان يترك الاقدار التي يستطيع ان يدافعها ولا يبذل الاسباب في مدافعتها هذا لا يقوله عاقل. اذا هذا المنهج كما قلنا منهج مخالف اه لما يرضاه الله سبحانه وتعالى ولما يرضاه نبيه صلى الله عليه وسلم ولما سلكه ائمة السلف وعلماء التزكية الذين كانوا على المنهج الصحيح. هناك نظرة اخرى مقابلة النظرة الاولى هناك من يترك الاسباب تماما ويقول ويدعي انه يفوض امره لله تفويضا كليا. وفي الحقيقة توكله تواكل وتسليمه عجز ولا يسمى يعني لا يسمى استسلاما لله سبحانه وتعالى بالمعنى الصحيح الشرعي. النوع الثاني ايها الاحبة وهم اغلب الناس هم الذين يعتمدون على الاسباب اعتمادا كليا. فتجدهم غافلون او تجدهم غافلين عن الله سبحانه وتعالى فاذا نظرت في احوالهم في السعي في الرزق رأيتهم يظنون ان اعمالهم هي التي بذاتها تجلب لهم الارزاق. اذا رأيتهم في حال مرض تجدهم ينظرون الى ان الطبيب او ان الدواء هو بذاته وان لم يصرح بهذا الكلام من ينظر في تصرفه وفي جزعه وفي وزعه يعلم ان هذا الرجل يثق بالدواء وبالطبيب اكثر من ثقته بالله سبحانه وتعالى. اذا فالطائفة الثانية طائفة اعتمدت على الاسباب الارضية اعتمادا كليا وتركت الاعتماد على الله سبحانه وتعالى او تناست ذلك او اغفلته. لذلك ايها الاحبة هذه الطائفة ايضا مذمومة. وكما قلنا اغلب الناس هم من هذه الطائفة عندما تنظر في احوالهم في معاشهم وعندما ينهمكون في المعاملات المحرمة تعلم انهم يشعرون ان هذه المعاملات هي مصدر الرزق. وكأنهم يرزقون انفسهم بانفسهم. وغفلوا عن قول الله سبحانه وتعالى وفي السماء رزقكم وما توعدون. اذا استيقظوا في الحسابات المالية. اذا ناموا في الحسابات المالية. اذا صلوا تجدهم في الحسابات المالية. وبعد الصلاة تخرج الحسابات جاهزة. الان هذا الانسان هل هذا فعلا يعني عنده اعتماد على الله سبحانه وتعالى؟ الانسان الذي يفكر في الاسباب الارضية بحيث تشغله في اغلب وقته عليه ان يراجع نفسه. هذا الانسان عليه ان يراجع نفسه. اذا وجد نفسه في الصلاة لا يستحضر الوقوف بين يدي الله بسبب تجارتهم وامواله عليه ان يراجع نفسه. اذا وجد نفسه وهو يذهب ويأتي دائم التفكير بالمال عليه ان يراجع نفسه. هل فعلا انا اعتمد على الله سبحانه وتعالى هل عندي تفويض حقيقي لله عز وجل؟ كذلك هذا ليس فقط في جانب المعاش كذلك اذا نزل بالانسان مرض. هل الانسان تيدان اذا مرض يقبل على الله عز وجل يسجد بين يديه يدعوه ان يرفع عنه هذا المرض ام يقبل مباشرة على الدواء او يقبل على الطبيب يطلب منه ان يحل هذا الاشكال تجده فزعا جزعا. كذلك الانسان مثلا اذا حل به بلاء وتسلط عليه ظالم. هل تجده مباشرة يبحث الى من يستشفع له ويرفع عنه هذا الظلم ام تجده فعلا في الحقيقة يلتجأ ويطرق باب الرجاء لله سبحانه وتعالى قبل ان يلتفت الى الاسباب الارضية هذا هو محك النظر. اذا الطائفة الثانية ايها الاحبة كما قلنا طائفة اعتمدت على الاسباب الارضية اعتمادا كليا واغفلت التسليم لله عز وجل والتفويض اليه فانشغالهم بتدبير شؤون حياتهم اوقعهم في التقصير في حق الله سبحانه وتعالى. لذلك اه ابن عطاء الله السكندري يقول جهادك فيما ضمن لك وتقصيرك فيما طلب منك دليل على انتماص البصيرة عنك. يعني الانسان الذي يجتهد اجتهادا في الاشياء التي ضمنها الله عز وجل له. فانت الرزق في النهاية مكتوب. والسعادة في الحياة الدنيا مكتوب لك فيها نصيب محدد. وكذلك كالبلاء مكتوب لك فيها نصيب محدد. فالذي يجتهد في الاشياء التي ضمنت له. بحيث يخرجه ذلك الاجتهاد ويجعله مقصرا في بحق الله عز وجل وفي اداء العبادات المفروضة هذا انسان مطموس البصيرة. لماذا؟ لانه لو نظر بعين قلبه لرأى الله سبحانه وتعالى هو المدبر وهو الباسط وهو المعطي وهو المانع وهو الخافض وهو الرافع. عين القلب هي التي تري الانسان عظمة الله عز وجل التدبير المطلق لله في هذا الكون وان كل شيء في هذه الحياة مهما بذل الانسان من الاسباب للوصول اليه اذا لم يكن هناك توفيق من الله سبحانه وتعالى واذا لم يكن هناك ارادة الهية فان هذه الاسباب لن تؤتيه اكلها لان من الذي يعني خلق الاسباب الله سبحانه وتعالى فهو الذي يستطيع ان يسلبها في لحظة ويجعلها غير مؤثرة. فالانسان يعني المنهج الثالث او المسلك الثالث ندخل اليه هم اهل السنة والجماعة واصحاب السلوك الشرعي الذين اخذوا الامور بالمرتبة الوسط. فلا هم فوضوا لله التفويض السلبي بمعنى التعاجز وبمعنى الكسل وبمعنى ترك الاخذ بالاسباب ولا هم كذلك في نفس الوقت اعتمدوا على الاسباب اعتمادا كليا مغفلين النظر عن الله سبحانه وتعالى يعني هنا ايها الاحبة اهل السنة والجماعة لا يلقون انفسهم يعني في بحور الاقدار من دون منازعة ومن دون مدافعة بل يركبون السفينة التي تقيهم من الاخطار. فالانسان لا يلقي نفسه في بحور الاقدار كما يقول الصوفية يكون كالريشة مع الهواء ويكون الميت بين يدي مغسله. هذه الكلمات لها معنى سلبي عندهم. وهي ان الانسان كما قلنا ينبغي ان يكون عنده مع الاقدار المسلمة للتسليم مطلق من دون مدافعة لا. انسان المؤمن ايها الاحبة الذي يسلك الطريق السني عليه ان يركب السفينة في بحر الاقدار. هذه السفينة باذن الله من الاخطار التي يمكن ان تحل به ولكن اذا انكسرت هذه السفينة ووقع في البحر في النهاية هذا قدر الله سبحانه وتعالى لذلك الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله تعالى وهو من ائمة الحنابلة ورجل يعني معروف عند الصوفية له مرتبة عالية عندهم ولكنه صاحب سلوك شرعيا صحيح يقول رحمه الله تعالى كثير من الرجال اذا دخلوا الى القضاء والقدر امسكوا. وانا انفتحت لي فيه روزنة فنازعت واقدار الحق. يبين رحمه الله تعالى المنهج الذي ينبغي ان يسلكه المؤمن مع اقدار الله سبحانه وتعالى. يقول له فنازعت اقدار الحق حقي للحق يعني نزعت اقدار الحق يعني نزعت اقدار الله سبحانه وتعالى بالحق اي بالاسباب الحق الشرعية التي اوجدها الله وتعالى للحق اي ابتغاء لمرضاة الله سبحانه وتعالى. لذلك يكمل رحمه الله فيقول قال والولي يعني الولي لله سبحانه وتعالى من يكون منازعا للقدر لا من يكون موافقا له. ولاة الصوفية يرون ان الولي الحقيقي هو الذي كما قلنا يكون كالريشة في الهواء وكالميت بين يدي مغسله. هذا الامام السني صاحب السلوك الصحيح يبين له ان هذه الفكرة خاطئة. ليس الولي هو الذي يسلم للاقدار التسليم السلبي بل الولي هو الذي ينازع الاقدار ويدافع الاقدار بالاقدار ما وجد لذلك سبيلا اذا انتهى الامر وما هناك مجال للمدافعة نعم في هذه الحالة يسلم لله سبحانه وتعالى. لذلك يقول ابن تيمية معلقا على كلام الشيخ عبد القادر قال وهذا الذي قاله الشيخ تكلم به على لسان المحمدية يعني اي على منهج محمد صلى الله عليه وسلم. اي ان المسلم مأمور ان يفعل ما امره الله به ويدفع ما نهى الله عنه فيدفع قدر الله بقدر الله كما جاء في الحديث عند الترمذي. قيل يا رسول الله ارأيت رقى نسترقيها ودواء نتداوى به وتقاة نتقيها؟ هل ترد من قدر الله شيئا؟ فقال صلى الله عليه وسلم هي من قدر الله جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم يسألوه يعني هل الدواء وهل الرقية التي نفعلها ترد اقدار الله عز وجل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم يعني هل في رد لاقدار الله فقال بل هي من ايش؟ من اقدار الله. هي نفس الدواء والتداوي والاخذ بالاسباب الشرعية هو من اقدار الله سبحانه وتعالى التي اوجدها. فالولي الحقيقي المؤمن الحقيقي يدافع القدر بالقدر. يقول ابن القيم رحمه الله تعالى ولا تتم مصالح العباد في معاشهم الا بدفع الاقدار بعضها ببعض. هذه سنة الله سبحانه وتعالى ان مصالح الدنيا لا تتم الا بان يدافع الانسان الاقدار بالاقدار فالفقر انت تدافعه بالسعي في الرزق والجوع تدافعه بالاكل وتناول الطعام وشهوة النكاح تدفعها عن نفسك بالنكاح وعلى ذلك فقس قال فكيف في معادهم؟ يعني كذلك في امور الاخرة. يعني في الدنيا تدفع الاقدار بالاقدار. وكذلك في امور المعاد. فالله سبحانه وتعالى امر ان تدفع السيئة وهي من قدره. الله عز وجل ماذا قال؟ وان تصبت حسنة يقول هذه من عند الله. وان تصبهم سيئة يقول هذه من عندك. قل كل من عند الله. فالسيئة هذا قدر قدره الله عز وجل على العبد. لكن هل يستسلم العبد لها؟ وهل يبقى معها؟ لا. يقول لك السيئة تدفعها بماذا؟ بالحسنة امر ان تدفع السيئة وهي من قدره بالحسنة وهي من قدره. وكذلك الجوع من قدره. وامر بدفعه بالاكل الذي هو من قدره ولو استسلم عبد لقدر الجوع مع قدرته على دفعه بقدر الاكل حتى مات مات عاصيا اثما. يعني الانسان الذي يقول انا اريد ان استسلم للاقدار وافوض لله فلا اكل شيئا والله عز وجل سيشبعني. قال اذا مات هذا الانسان مات اثما. لان هذا الانسان غير عاقل. الله عز وجل هو الذي خلق الاسباب حتى نوظفها وحتى فترك هذه الاسباب كما سيأتي هو اخلال بالعقل. قال وكذلك البرد والحر والعطش كلها من اقداره وامر بدفعها باقدار ردها والدافع والمدفوع والدفع من قدره. قال رحمه الله فهذا شأن العارفين. وشأن الاقدار لا الاستسلام لها وترك الحركة والحيلة فانه عجز يعني انظر تعبير ابن القيم. يقول الاستسلام للاقدار التي يمكن للانسان ان يدافعها ماذا؟ قال هذا عجز. قال فانه عجز والله سبحانه تعالى يلوم على العجز. فاذا غلب العبد وضاقت به الحيل ولم يبقى له مجال، فهنالك الاستسلام للقدر والانطراح كالميت بين يدي المغسل الذي يقوله علماء التصوف. لذلك ايها الاحبة يعني نستطيع ان نستخلص من كلام ابن القيم ان القدر على نوعين. هناك قدر لا يستطيع الانسان ان يدفعه عن نفسه ولا ان ينازعه. كالمصائب التي يوقعها الله عز وجل بعبيده من فقد حبيب من حادث في الطريق من في تجارة او ما شابه ذلك فاذا كانت الاقدار لا يستطيع الانسان ان يدفعها ولا ان ينازعها مثل هذه المصائب فان فرض ابدي معها ماذا؟ التسليم المطلق لله سبحانه وتعالى وهي التي يقول فيها المحاسبي رحمه الله تعالى وارض بما ارادك الله له وقال واعلم انك لن تجد طعم الايمان حتى تؤمن بالقدر كله خيره وشره. هو يتكلم اذا عن هذه المرتبة. فمن رضي بما قسمه الله عز وجل له في هذه الحياة الدنيا رزقه الله هدوء البال ورزقه الله الطمأنينة في القلب ورزقه الله كذلك الغناء عن كل للمخلوقين فهو يعلم ايها الاحبة ان ما اصابه لم يكن ليخطئه وان ما اخطأه لم يكن ليصيبه ويعلم ان الامة لو اجتمعت على ان ينفعوه بشيء لم ينفعوه الا بشيء قد كتبه الله له. ولو اجتمعوا على ان يضروه بشيء لم يضروه الا بشيء قد كتبه الله جفت الاقلام ورفعت الصحف. لذلك هنا يعني قصة يذكرها الحميدي رحمه الله تعالى في جدوة المقتبس يقول ان الوزير ابا عمر هذه قصة تدل على ان الانسان ايها الاحبة يعني الاقدار بيد الله سبحانه وتعالى. فاذا الله عز وجل اذا اراد الله عز وجل ان يصرف عنك قدر من الاقدار فانه سيصرفه ولو اجتمعت كل الامة على ان يقع بك. ولو اراد الله عز وجل الا يقع بك لو اجتمعت الامة باسرها ان يقع بك فانه لن يقع يذكر الحميدي في كتاب جدوة المقتبس ان الوزير ابا عمر احمد بن سعيد كان جالسا بين يدي الامير المنصور ابي عامر محمد بن ابي عامر. يعني احمد بن سعيد كان وزيرا لمن؟ لهذا الامير الاندلسي ابي عامر. قال فرفعت اليه الى هذا الامير رقعة استعطاف لام لرجل مسجون كان المنصور اعتقله. كان هناك رجل مسجون عند هذا الامير. فجاءت هذه الام بورقة تستعطف بها الامير ان يطلق سراح ابنها كان المنصور اعتقله حنقا عليه يعني كان المنصور هذا حقد علي ابو عامر حقد على هذا الشاب فسجنه استعظمه منه فلما قرأها اشتد غضبه لما قرأ هذا الاستعطاف زاد حقنه على حنقه على هذا الشاب وقال ذكرتني يعني انت ذكرتيني بالفتاة اريد ان اكمل عليه. واخذ القلم واراد ان يكتب يسلب. الان المنصور اراد ان يكتب ماذا ان هذا الفتى يسلب كان هذه المرأة اجت تستعطف المنصور حتى يخرج ابنها فارادت ان تقضي على ابنها بفعل المنصور. فجاء المنصور كما قلنا ابو عامر وكتب على الورقة يسلب. فبدل ان نكتب يسلب اكتبه الله سبحانه وتعالى يطلق. الان رمى الورقة الى وزيره المذكور الذي كان بجانبه احمد بن سعيد. اخذ الوزير القلم وتناول الورقة وجعل يكتب بمقتضى التوقيع الى صاحب الشرطة. الان الوزير الامير اخذ هذه الورقة نظر فيها ماذا كتب فيها؟ يطلق. فكتب اذا الى صاحب الشرطة المسؤول عن السجن انا فلان الفلاني يطلق الان يقول المنصور نظر في هذا الكتاب الذي يكتبه الوزير قال له ماذا كتبت؟ قلت كتبت لصاحب الشرطة ان يطلق فلان فلان كما كتبت لي. فغضب شد غضبه. قال انا كتبت لك يسلب ولم اكتب لك يطلق. فاراه الورقة. فنظر فيها فوجد فيها يطلق فعلا. فاخذ الورقة مرة ثانية وكتب فيها اراد ان يكتب فيها يصلب. حذف الكلمات يطلق واراد ان يكتب يصلب. الان دفع الورقة الى هذا الوزير الوزير اخذ الورقة رادر فيها وجده يطلق مرة اخرى. فاخذ هذه الورقة واراد ان يكتب الى صاحب الشرف ان فلان الفلاني يطلق. الان نظرة المنصور قالوا ماذا كتبت؟ قلت كتبت له يطلق كما امرتني. فقال انا كتبت لك يطلق. انا كتبت لك يصلب. فقال له انظر في الورقة فاخذ الورقة فنظر فيها فاذا فيها يطلق. اخذ الورقة المرة الثالثة قال هذه المرة الثالثة والاخيرة. اخذها ونظر حذف الكلمة يطلق وكتب يسلب. دفعها الى الوزير فالوزير نظر في المرة الثالثة فوجدها يطلق قال له ماذا وجدت في؟ قال وجدت فيها يطلق. قال اذا سيطلق على رغم ان في اراد الله عز وجل ان يطلقه انظروا ايها الاحبة كيف الله عز وجل هذا الرجل اراد الامير ان يصلبه واراد الله سبحانه وتعالى ان يطلقه. فاي الارادتين نفذت؟ ارادة الله سبحانه وتعالى لذلك يقول الامام ابراهيم الحربي رحمه الله اجمع عقلاء كل امة ان من لم يجري مع القدر لم يهنأ بعيش. هذا كما قلنا كله في النوع الاول من انواع الاقدار وهي الاقدار التي لا يستطيع الانسان ان ينازعها ولا ان يدافعها فليس هناك حيلة للانسان الا ان يرضى ويرضى بما قسمه الله عز وجل له وبما اعطاه في هذه الدنيا. النوع الثاني كما قلنا هي الاقدار التي اوتي العبد قدرة على منازعتها وعلى مدافعتها. فكيف يتصرف العبد معها؟ وكيف يكون موقفه معها؟ كما ذكرنا قبل قليل فرضه ان يبذل الاسباب الظاهرة ويعتمد على الله سبحانه وتعالى في الامور الباطنة. هذا فرضه معها. الاخذ بالاسباب الظاهرة والاعتماد على الله سبحانه وتعالى في الباطن ثم بعد ذلك ما تؤول اليه الامور فهو يرضى بما قسمه الله سبحانه وتعالى له. لذلك ايها الاحبة من القواعد في باب القضاء والقدر يقولون ترك الاسباب هذا فيه قدح في العقل. اذا ترك الانسان الاخذ بالاسباب كما يقول غلاة التصوف هذا فيه قطع في العقل. لان الانسان اذا وجد جوعا يأكل واذا وجد عطشا يشرب. فالانسان العاقل لا يترك الاسباب. فترك الاسباب بالكلية والاعتماد فقط او ما اما اعتمادا على الله وان لم يكن في الحقيقة اعتمادا على الله هذا قدح في العقل. والاعتماد على الاسباب بالكلية واغفال الانسان النظر الى الله سبحانه وتعالى هذا فيه قدح في الشرع. لان الانسان اذا اعتمده من نظر الى الاسباب انها المؤثرة في هذا الكون اذا انت تغفل وجود الله سبحانه وتعالى. لذلك جاء في الحديث المتفق عليه ان الصحابة استيقظوا في ليلة ذات مطر. فالنبي صلى الله عليه وسلم بعد ان صلى الصبح باصحابه التفت اليهم وقال هل تدرون ماذا قال ربكم قالوا والله ورسوله اعلم. فقال قال اصبح من عبادي مؤمن بي وكافر. فاما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته. وفي رواية وبرزق الله فذلك مؤمن كافر بالكوكب. واما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا. انظر الاحالة الى الاسباب لان هذه الانواع هي التي امطرتنا. وبسببها مطرنا وليس الله فقال ذلك كافر بي مؤمن بالكوكب. فالانسان الذي يقف مع الاسباب ولا يلتفت الى من اوجدها وخلقها وهو الله سبحانه وتعالى هذا يقدح في الشرع والانسان الصحيح والمسلم السوي هو الذي يجمع بين الاخذ بالاسباب وبين الاعتماد على الله سبحانه وتعالى فيجمع بين العقل والشرط. بعد ذلك ذكر المحاسب رحمه الله تعالى قول علي رضي الله عنه يا ابن ادم لا تفرح بالغنى ولا تقنط الفقر ولا تحزن بالبلاء ولا تفرح بالرخاء فان الذهب يجرب بالنار وان العبد الصالح يجرب بالبلاء وانك لا تنال ما تريد الا تركي ما تشتهي ولن تبلغ ما تأمل الا بالصبر على ما تكره وابذل جهدك لرعاية ما افترض عليك. هذا المقطع لسيدنا علي بن ابي طالب الذي نقله المحاسبي رحمه الله تعالى بحروفه يخبرنا عن حقيقة هذه الحياة الدنيا ايها الاحبة انها دار ابتلاء بل الله سبحانه وتعالى انما اوجدنا في هذه الحياة ليبتلينا. فقال سبحانه وتعالى الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا وقال سبحانه وتعالى ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو اخباركم. اذا هذه هي حقيقة الحياة الدنيا انها دار ابتلاء. هذه الحقيقة ايها الاحبة ربما تكون مرة على النفس. ولكن في النهاية يجب علينا ان نؤمن بها. وان ترسخها في وجداننا كما اننا في نفس الوقت نحسن الظن بالله سبحانه وتعالى انه لا يبتلينا الا من اجل ان يرفع درجات وليطهرنا من ذنوبنا وخطايانا. كما ان الثوب الدنس القذر يطهر بالحت والقرص من الخبث. كذلك هذه القلوب وهذه الابدان انما تطهر من الخطايا والذنوب بماذا؟ بالبلاء. لذلك يقولون ثمانية امور لابد وان تجري عليك ايها العبد وفي هذه الحياة الدنيا لا ينفك انسان عنها لان الله فطر هذه الدنيا عليها. ثمانية تجري على الناس كلهم ولابد يلقى ثمانية سرورا وحزن واجتماع وفرقة وعسر ويسر ثم سقم وعافية هذه الامور الثمانية لابد للانسان وان يمر في شيء منها. فلابد للانسان ان يسر. ثم بعد ذلك يحزن كما قال ابن مسعود ما ملئت دار افراحا الا ملئت اطراحها هذه سنة الله. اذا لابد من سرور ولابد من حزن. ولابد من اجتماع مع الاهل والخلان والاحباب. ثم لابد بعد ذلك من وكذلك ايام هناك فيها عسر وضيق على الانسان وايام فيها يسر ورخاء وايام فيها سقم وامراض وايام فيها عافية. هل يوجد انسان انفك عن هذا في حياته؟ لا يوجد انسان انفك عن هذه الامور الثمانية في حياته. ومن ظن ايها الاحبة ان البلاء في هذه الدنيا هو فقط بالمكروهات فهذا اخطأ الفهم. الله سبحانه وتعالى كما يبطل العبد بالحزن يبتليه بالسرور. وكما يبتليه بالفرقة يبتليه بالاجتماع وكما يبتليه باليسر يبتليه بالعسر وكما يبتليه السقم يبتليه بالمعافاة. فكلاهما بلاء كلاهما بلى. الله سبحانه وتعالى يبتلي العبد بالمنح ويبتليه بالمحن. لماذا يبتلي الله عز وجل العبد بالمنح؟ بالخيرات ينظر ما الذي سيقوم به العبد مع هذه المنح وهذه النعم التي انعمها الله عز وجل عليه؟ هل سيؤدي وظائفها الحقيقية؟ هل سيصرف هذه المنح الى ما يرضي الله عز وجل من الاقوال والافعال. وكذلك كما قلنا يبتليه بالبلايا لينظر كيف سيقوم العبد مع هذا هل سيصبر ويفوض لله سبحانه وتعالى؟ وهل سيرضى بما قسمه الله عز وجل له؟ اذا فمقام المنح ومقام المحن كل واحد له عبودية تتعلق به. فالمنح مقامها في العبودية الشكر. والتصرف فيها وفق ما يرضي الله سبحانه وتعالى. والمحن مقامها في العبودية الصبر وان يرضى الانسان بما قسمه الله عز وجل له في هذه الدنيا. قال سبحانه وتعالى ونبلوكم بالشر والخير فتنة. لم يقل الله عز وجل ونبلوكم بالشر فتنة. لا. قال ونبلوكم بالشر والخير فتنة. اذا البلاء كما يكون في الاشياء المبغضة المكروهة للنفس كذلك يكون في الامور المحبوبة للنفس. بل ذكر ائمة السالكين ان البلاء في المنح اشد من البلاء في المحن. البلاء في المنح اشد من البلاء في المحن. يقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ابتلينا بالضراء فصبرنا وابتلينا بالسراء فلم نصبر. هذا عمر ابن الخطاب يقول لما كان في الضيق والضنك في اول البعثة وفي اول ابتلينا بالضراء فصبرنا لما انفتحت علينا الدنيا واقبلت علينا بحذافيرها ابتلينا بالسراء فلم نصبر. لذلك يقول علي رضي الله تعالى عنه قال من وسع في دنياه فلم يعلم انه فلم يعلم انه مستدرج فهو مخدوع. من وسع عليه في دنياه فلم يعلم انه مستدرج او قال مكر به فهو مخدوع. فالانسان ايها الاحبة لا يظن ان الامداد الكثير من الله سبحانه وتعالى دليل على الرضا بعض الناس يفهم السراء ان الله عز وجل راضي عني تمام الامور. واذا ابتلي معناته ان هنا في اشكال. لا. احيانا الله عز وجل يعطي الانسان من الخير والنعم يكون هذا باب استدراج له والذين كذبوا باياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون. هنا اذكر حديثا ذكره آآ الائمة الكبار الطبراني والبيهقي رحمهم الله تعالى عن ابي امامة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله ليجرب احدكم بالبلاء. هذه الكلمة موجودة في كلام علي ابن ابي طالب وهي ثابتة في الطبراني والبيهقي من حديث ابي امامة. قال صلى الله عليه وسلم ان الله احدكم بالبلاء وهو اعلم به. اذا الله عز وجل يجرب عبده بالبلاء. هل الله عز وجل يجربه لانه يجهل حاله؟ حاشاه سبحانه لكن ليظهر له حاله اي ليظهر للعبد حاله. فالله سبحانه وتعالى لا يحاسبنا على علمه الازلي السابق. وانما يحاسبنا على ما يظهر منا. لذلك قال صلى الله عليه وسلم ان الله ليجرب عبده بالبلاء وهو اعلم. اي وهو اعلم به. كما يجرب احدكم الذهب بالنار. قال فمنهم من يخرج كالذهب الابريز يعني الذهب الصافي. فمنهم من يخرج كالذهب الابري من هذا البلاء فذلك الذي نجاه الله من السيئات. الان الذهب ايها الاحبة عندما يعرض على النار فانه يخلص من الشوائب. كذلك العبد المؤمن عندما يعرض على البلاء فان الله سبحانه وتعالى يخلصه من الشوائب ولكن بالشروط. وهي ان يسلم العبد لله سبحانه وتعالى وان يرضى بما قسمه الله عز وجل له. قال فمنهم من يخرج كالذهب لابريز. فذلك الذي نجاه الله من السيئات. ومنهم من يخرج كالذهب دون ذلك. يعني المرتبة الثانية يخرج انسان ليس ذهبا صافيا ولكن يخرج ذهبا فيه نوع دخن وفيه نوع شوائب. فذلك الذي يشك بعض الشك ومن منهم من يخرج كالذهب الاسود هذا اسوأ انواع الذهب. قال فذلك الذي قد افتتن رواه الطبراني والبيهقي وصححه الامام الذهبي رحمه الله تعالى. وهنا السؤال ايها الاحبة الذي ربما يدور في كثير من الناس. لماذا يبتلي الله عز وجل عباده المؤمنين؟ ولماذا يمهل للكافرين في هذه الدنيا. الانسان ربما يعني يكلم نفسه ويحدثها. اني انا اخترت طاعة الله سبحانه وتعالى واخترت الايمان واخترت التوحيد. لماذا يبتليني الله سبحانه وتعالى بينما ذاك الكافر ذلك الذي اعرض عن الله سبحانه وتعالى تجده منعما في خيرات هذه الحياة الدنيا. يجيب ابن تيمية رحمه الله تعالى فيقول من تمام نعمة الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين ان ينزل بهم من الشدة والضرر ما يلجئهم الى توحيده. انظروا كيف يتكلم ابن تيمية عن البلاء من تمام النعمة. الانسان المؤمن لا ينظر الى البلاء كانه عقوبة. نعم قد يكون عقوبة بسبب المعاصي لكن الانسان العاقل يحاول ان يفهم عن الله سبحانه وتعالى مراده في البلاء. يقول من تمام على عباده المؤمنين ان ينزل بهم من الشدة والضرر ما يلجئهم الى توحيده فيدعونه مخلصين له الدين ويرجونه لا يرجون احدا سواه وتتعلق قلوبهم به لا بغيره فيحصل لهم من التوكل عليه والانابة اليه وحلاوة الايمان وذوق طعمه والبراءة من الشرك ما هو اعظم نعمة عليهم من زوال المرض اللي هي البلاء. من زوال المرض والخوف والجد او حصول اليسر او زوال العسر في المعيشة. فالله سبحانه وتعالى ايها الاحبة يحب ان يظهر على عباده المؤمنين اعمال القلوب. الان اعمال القلوب التوكل والرجاء والاستغفار في الاسحار وان يقرع الانسان باب الله عز وجل وان يرجو مولاه. اعمال القلوب لن تظهر على الانسان ان وعد المؤمنين الا بان ينزل بهم الامور التي توجب فعلها. يعني كيف الانسان سيقرع باب الرجاء ويرجو الله عز وجل ان يفك عنه الكروب وهو لم يقع في كرب. فالله سبحانه وتعالى يحب ان يظهر على عباده المؤمنين اعمال القلوب. فيوقعهم في نوع بلاء حتى تظهر هذه الاعمال. لذلك يقول تتعلق قلوبهم به لا بغيره سبحانه وتعالى. فيحصل لهم من التوكل عليه والانابة اليه وحلاوة الايمان وذوق طعمه والبراءة من الشرك ما هو اعظم نعمة من زوال نفس البلاء. قال فان ذلك لذة بدنية اي زوال البلاء عنك ايها العبد انما هو لذة بدنية زال عنك المرض زال عنك الخوف زال عنك الضيق في المعيشة فان ذلك لذة بدنية ونعمة دنيوية قد يحصل منها للكافر اعظم مما يحصل للمؤمن. الامور الدنيوية من الاموال والارزاق والمعايش الزوجة والذرية هذه يحصل عليها الكافر احيانا اكثر مما يحصل عليه المؤمن. قال واما ما يحصل لاهل التوحيد المخلصين لله والدين فاعظم من ان يعبر عنه بمقال. انظروا كيف كان رحمهم الله تعالى يتعاملون مع البلاء. المؤمن الذي يقع في البلاء فيتعامل معه بهذه الروح الذي يستطيع ان يتجاوز البلاء. اما المؤمن الذي يتعامل مع البلاء باليأس والقنوط من رحمة الله سبحانه وتعالى. مع انه لابد له منه. يعني البلاء سنقع كيف سنقع فيه؟ هي سنة الله سبحانه وتعالى. فانظر كيف يفهم ابن تيمية وكيف يفهم السلف رحمهم الله تعالى البلاء وينظرون اليه. بهذه النظرة الايجابية وكيف يفهم الانسان البعيد عن الله سبحانه وتعالى؟ البعيد عن تعقل هذه المعاني البلاء وكيف ينظر اليه. لذلك يقول واما ما يحصل لاهل التوحيد المخلصين لله والدين فاعظم من ان يعبر عنه بما قال او يستحضر تفصيله بال ولا ولكل مؤمن من ذلك نصيب بقدر ايمانه. ولهذا قال بعض السلف يا ابن ادم لقد بورك لك في حاجة اكثرت فيها من قرع باب سيدك. وقال بعض الشيوخ انه ليكون لي الى الله الحاجة يدعو فيفتح لي من لذيذ معرفته وحلاوة مناجاته ما لا احب معه ان يعجل قضاء حاجتي او ان يعجل قضاء حاجتي خشية ان تنصرف نفسي عن ذلك. يعني انسان كان في بلاء فقرع باب الرجاء لله سبحانه وتعالى. فالله عز وجل عندما رأى هذا العبد في البلاء التفت اليه وقرع بابه وانكسر بين يدي مولاه يعطيه الله عز وجل من لذة المناجاة ومن حلاوة القلب ومن حلاوة الايمان ما يتمنى به العبد بقاء هذا البلاء فترة قصيرة زيادة حتى تبقى هذه اللذة موجودة معه. هذا من نعم الله سبحانه وتعالى التي ينعم بها على عباده ومن المنح التي تكون في ضمن المحن. وفي بعض الاثار الاسرائيلية يقولون يا ابن ادم البلاء يجمع بيني وبينك والعافية تجمع بينك وبين نفسك. البلاء يجمع بينك وبين الله. لانك اذا وقعت في بلاء ستفزع الى الله سبحانه وتعالى اما العافية فالانسان في العادة وكثير منا ينسى الله سبحانه وتعالى ويقبل على نفسه وعلى الاهتمام بشؤونها. اذا البلاء ايها احب للمؤمن ينبغي علينا ان نعرف اذا ابتلانا الله عز وجل ليس هذا عذاب. لا يريد الله عز وجل ان يشقي عباده المؤمنين ولكنه يريد ان يقرب بعيدهم وان يمحص ذنوبهم وان يظهر معادنهم معادن التقوى. اذا البلاء كذلك يعني كما يقول اهل اهل العلم لم يأتي ليفزع ليفزع الانسان منه الى المخلوقين كذلك. يعني هذه نظرة اخرى. يعني بعض الناس ايها الاحبة اذا وقع في البلاء تجده ابتداء يفزع الى المخلوقين ويلتجئ اليهم يشكو اليهم ضيق العيش ويشكو اليهم المرض الذي حل به ويشكو اليهم الخوف الذي اوقعه به غيره. هل تصرف الصحيح انت عندما تشكو البلاء الى غير الله سبحانه وتعالى. انت من تشكو؟ انت تشكو الله سبحانه وتعالى الى غيره. لذلك فقال احدهم واذا اعترتك مصيبة فاصبر لها صبر الكريم فانه بك اكرم. واذا شكوت الى ابن ادم انما تشكو الرحيم الى الذي لا يرحمه. فالانسان ايها المؤمن اذا ايها الاحبة اذا وقع به البلاء هل الصحيح ان يفزع الى المخلوقين يشكو اليهم ضيق الدنيا ويترك الالتجاء الى الله سبحانه وتعالى هل هذا هو الايمان الذي يريده الله عز وجل من العبد له؟ الله عز وجل نعم اذا وقع فيك بلاء يأمرك بان تأخذ الاسباب ولكن ان تشكو الى المخلوقين شكاء الانسان الذي يريد منهم او شكوى الانسان الذي يريد منهم ان يلقوا اليه فتاة من فتاة هذه الحياة ولا يبدو الانسان الاسباب الشرعية في الالتجاء الى الله سبحانه وتعالى اولا وقرع باب الرجاء والفزع الى الله عز وجل. هذا انسان مذموم غير محبوب الى الله سبحانه وتعالى. لذلك ماذا يقول ابن مسعود رضي الله تعالى عنه كما ذكر ذلك المحاسب ارض بما قسم الله لك تكن من الناس واجتنب ما حرم الله عليك تكن من اورع الناس وادي ما افترض عليك تكن من اعبد الناس. وكذلك نقل الحاضر المحاسبي رحمه الله تعالى وصية عبادة بن الصامت لابنه يا بني اظهر اليأس مما في ايدي الناس. يعني لا يكن همك ما في ايدي الناس. دائما تتطلب اليه وترغب فيه اذا وقعت في بلية تفزع الى ما في ايديهم وتنسى ان تطلب ممن بيده ملكوت كل شيء سبحانه وتعالى يا اظهر اليأس مما في ايدي الناس فانه الغنى. واياك والطمع وطلب الحاجات منهم. فانه الفقر. واذا صليت فصل صلاة مودع انظر هذه الوصية من الاب المشفق لابنه يعني يعطيه خير الدنيا والاخرة. ان يترك الاعتماد على الناس والالتفات اليهم والطمع بما بين ايديهم ويأمره بان يصلي صلاة مودع. لان الانسان اذا صلى صلاة مودع هذه الصلاة يكون فيها من الخشوع والاستحضار. ما لو دعا فيه الانسان لله سبحانه وتعالى بكشف كربته لانكشفت كربته. لان صلاة المودة ايها الاحبة صلاة لا يشعر الانسان انه سيحيا بعدها ابدا صلى الانسان صلاة المودع كيف سيكون استحضاره لله سبحانه وتعالى؟ سيكون اعلى درجات الاستحضار. فاذا دعا الله عز وجل في هذه الصلاة في الحاجات فانه قريب ما يستجاب له. لان الانسان كلما كان قلبه اجمع على الله سبحانه وتعالى في الدعاء كلما اقتربت الاجابة. لذلك كانت هذه الوصية من عبادة ابن الصامت رضي الله تعالى عنه لابنه. والانسان ايها الاحبة في الحقيقة كلما ازداد بلاؤك كلما ازداد ايمانه وكلما ازداد رسوخا في مقام العبودية كلما ازداد بلاؤه. هذه قاعدة ينبغي عليك ان تعرفها. كل من ازداد ايمانه وكل من ازدادت قدمه في العبودية رسوخا لابد وان يزداد بلاؤه. لذلك ايها الاحبة من اكثر الناس بلاء الانبياء ثم الامثل فالامثل الله سبحانه وتعالى يبتلي العبد بقدر ايمانه. فاذا كانت قدمه في مقام العبودية راسخة ثابتة فالله سبحانه وتعالى يجربه بلاء اشد ممن سواه. لذلك هي حكمة الله سبحانه وتعالى. حكمة الله ايها الاحبة انه يسلط على عباده الابرار الاتقياء ثلة من الفجار الاشقياء. يستخرج به معادن البلاء من قلوب احبابه. هؤلاء العباد الذين يختارون الصبر على اقدار الله سبحانه وتعالى طوعا باختيارهم هؤلاء يباهي بهم الله سبحانه وتعالى ملائكته. هم صبروا اياما قليلة لعقبة طويلة عند الله سبحانه وتعالى. فاذا عرف الانسان سنة الله عز وجل فانه لن يفزع. اذا سلك طريق المسترشدين. هو يسلك هذا الطريق ويتوقع البلاء. لكن ما الذي يصبره؟ يصبره الشوق الى الله سبحانه وتعالى والعشق لجنات الله عز وجل. ومن يقرأ في قصص العشاق الذين يعشقون لقاء الله سبحانه وتعالى ويعشقون الرحيل الى الدار الاخرة يجد العجب العجاب. جاء في صحيح مسلم من حديث صهيب الروبي رضي الله تعالى عنه قال قال صلى الله عليه وسلم كان ملك في من كان قبلكم. كان ملك في من كان قبلكم وكان له ساحر. كبر هذا الساحر فجاء الى الملك فقال له قد كبرت. فابعث لي غلاما اعلمه السحر. فبعث اليه فبعث اليه هذا الملك غلاما ليعلمه السحر هذا الغلام كان عندما يأتي الى الساحر يمر في طريقه على راهب. هذا الراهب كان متعبدا لله سبحانه وتعالى ولم يكن مشركا به جلس الغلام عند هذا الراهب فسمع كلامه فاعجبه فكان كلما ذهب الى طريقه الى الساحر ليتعلم منه يمر على الراهب يجلس معه يسمع كلامه ثم بعد ذلك يذهب الى الساحر. فاذا قدم الى الساحر عنفه وضربه وقال له ما الذي اخرك عني؟ فالغلام الراهب بهذا الامر قال له اذا تأخرت عن الساحر نهرني وضربني. واذا تأخرت عن اهلي نهروني وضربوني. فقال له الراهب اذا اتيت الساحر فقل له حبسني اهلي. واذا اتيت اهلك فقل لهم حبسني الساحر وانتهى الموضوع. الغلام كان يجلس فترات طويلة عند الراهب. الان الغلام في احد الايام وهو ذاهب الى الساحر مر او اتى على دابة قد حبست الناس دابة كبيرة اغلقت طريق الناس. فقال اليوم اعلم الساحر افضل ام الراهب افضل؟ يعني هذا الغلام ما زال يريد ان يصل الى اليقين. هل فعلا الساحر هو الذي عدا الحق ام الراهب؟ الذي هو على الحق. فاخذ حجرا وقال اللهم ان كان امر الساحر او اللهم ان كان امر الراهب احب اليك من امر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس. فرمى الغلام الحجر فوقع على الدابة فقتلها ومضى الناس فعرف هذا الغلام ان الطريقة التي يرضاها الله سبحانه وتعالى هي طريقة الراهب. فجاء الى الراهب الخبر فالراهب عندما عرف ما فعله هذا الغلام وعرف منزلته من الايمان وكيف ان الله استجاب دعاءه قال له يا بني انت اليوم خير مني وانك ستبتلى. الان عرف الراهب الطريق قال هذا الغلام اذا بقي يذهب الى الساحر والى الملك واصبح يعني يمتثل الامور التي له لابد وان يبتلى. قال له وانك ستبتلى. فان ابتليت فلا تخبر عني. استر علي ستر الله عليك الغلام ايها الاحبة كان يبرئ الاكمه والابرص ويداوي الناس من الامراض باذن الله سبحانه وتعالى. فكان هناك جليس للملك احد اعوان الملك كان قد عمي فسمع ان هذا الغلام يبرئ الاكمه والابرص. فجاء اليه وجمع له هدايا وقال له يا غلام ما ها هنا لك ان انت شفيتني فقال له الغلام اني لا اشفي احدا وانما يشفي الله سبحانه وتعالى. فاذا انت امنت بالله دعوت الله فشفاك فقام هذا الرجل فاسلم لله ودعا له الغلام فشفاه الله سبحانه وتعالى ورد اليه بصره. فجاء هذا الرجل الذي هو من اعوان الملك جلس عند الملك كما كان يجلس كل يوم فقال له الملك من رد عليك بصرك؟ فقال له ربي. قال اولك رب غيري؟ هنا الرجل يعني انظر الايمان عندما يقارض بشاشة القلوب ربما الانسان يجلس ستين وسبعين سنة يزعم انه يقول لا اله الا الله ولا يستطيع ان يجهر بها. ويستحي من ان يجهر بها وان يظهر وان يجهر دينه والتزامه لله سبحانه وتعالى ابتغاء لمرضاته. هذا الرجل ربما في ايام معدودة يجهر بايمانه امام حاكم ظالم يعلم انه سيستأصله فجاء اليه فقال له ولك رب غيري؟ قال ربي وربك الله. عرف هذا الملك ان هذا الكلام الذي قاله هذا الرجل ليس من عنده ولابد وان هناك من علمه هذا الامر فاخذه فعذبه حتى دل على من؟ على الغلام. فجيء بالغلام. فقال له الملك الملك ابتداء بعد ان يستعطفه فقال له يا بني لقد بلغ من امرك ما تبرئ الاكمه والابرص. يعني تداوي الناس من العمى وتداويهم من البرص وما شابه ذلك فقال له الغلام الان انتهى الامر اريد ان اراد ان يعلنها فقال له انا لا لا اشفي احدا وانما الذي يشفي الله سبحانه وتعالى. قال له انا لا اشف وانما الذي يشفي هو الله سبحانه وتعالى. الملك عرف ان هذا الغلام كذلك لم يأت بهذا الامر من عنده. فاخذه فعذبه حتى دل على الراهب. الراهب قال له اذا ابتليت فلا تخبر عني. لكن الانسان اذا وصل في البلاء الى مرحلة لا يستطيع ان يتحملها رفع عنه هذا الامر الله سبحانه وتعالى يعفو عنه. فاوتي بالراهب فقال له الملك. الان الراهب كان خائفا ان يمسك لكنه مسك في النهاية. الان ماذا يفعل الراهب فليتراجع عن عقيدته هل يقول للملك نعم ماذا تريد؟ نحن نقول لا. الراهب صحيح هو اخذ بالاسباب ولكن عندما حل به القدر ووقع بين يدي الحاكم ثبت على عقيدته. قال له الملك ارجع عن عقيدتك فابى. فاوتي بالمنشار. فوضع على رأسه ففرق نصفين. انظروا وكيف الثبات من اجل فقط ان يداهن نحن الان الله عز وجل قال الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان هذا اشد انواع الاكراه لكن هذا الرجل اخذ بالعزيمة وثبت على دين الله سبحانه وتعالى. فاوتي بالمنشار فوضع على رأسه ففرق نصفين. ثم جيء بمساعد الملك. اتي بهذا الرجل الذي كان يجلس معه الله عليه بصره. فقال له الملك ارجع عن دينك فابى. فوضع المنشار على رأسه ففرق نصفين. ثم اوتي بالغلام. الملك لم يرد ان يعامل غلام لانه صغير بمعاملة هؤلاء الرجال فدفعه الى جماعة من اصحابه وقال لهم اذهبوا اصعدوا به الى جبل فان لم يرجع عن دينه فاطرحوه انطلقوا به الى الجبل لما صعدوا الجبل قال الغلام اللهم اكفنيهم بما شئت. فارتج الجبل فسقطوا وعاد الغلام الى الملك. الملك رأى قال ما ما فعل اصحابك؟ يعني انت رجعت وحدك هي في الجماعة. قال له كفانيهم الله سبحانه وتعالى. فاعاد الملك مرة اخرى. فذهب الى قال دفعه الى جماعة من اصحابه فقالوا لهم احملوه في قرقور اي في قارب صغير واذهبوا به الى وسط البحر. فان عاد عن دينه او رجع عن دينه والا فاطرحوه. فذهبوا به فقال الغلام اللهم اكفنيهم بما شئت. فعندما كانوا في منتصف البحر انقلب او انكفأ القارب او السفينة فغرقوا جميعا الا الغلام وعاد الغلام يمشي الى الملك فقال له ما فعل اصحابك؟ فقال لهم كفانيهم الله سبحانه وتعالى. فالغلام اراد ان يريح الملك من هذا الموضوع. قال له ايها الملك انك لن تقتلني حتى تفعل ما امرك به. قال ما هو؟ قال تسلبني او تجمع الناس ابتداء في صعيد واحد. ثم تصلبني على جذع ثم تأخذ سهما من كنانة فتضع هذا السهم في كبد القوس ثم تقول بسم الله رب الغلام ثم بعد ذلك ترمي فانك ان فعلت ذلك قتلتني. فقال له الملك انعم بي واكرم. يعني الملك يريد ان ينتهي ويخلص من هذا الشاب. الذي عكر عليه صفو حياته فجمع الناس في صعيد واحد وصلب الغلام على الجذع ثم اخذ سهما من كنانة الغلام ثم وضع السهم في كبد القوس ثم رماه على الغلام فوقع السهم وفي صدغ الغلام فمات الغلام. فعندما رأى الناس هذا المشهد العظيم كيف ان هذا الملك بكل جبروته وتسلطه لم يستطع ان يقتل غلاما وهذا الغلام عندما امر الملك ان يقول له بسم الله رب الغلام استطاع ان يقتله عرفوا اذا ان هذا الملك ليس الها حقيقيا لانه لا يستطيع ان ينفذ تصرفاته في هذا الكون وان الاله الحقيقي من هو؟ هو رب الغلام. فقالوا امنا برب الغلام. المشهد في الحقيقة لم ينتهي بعد وهناك مشهد يعني اروع من مشاهد الصبر على البلاء من اجل الله سبحانه وتعالى. الملك ايها الاحبة جاءه حواشيه وملأه قالوا له قد وقع ما حذرت. الملك ماذا كان يحذر؟ هو يخشى ان يؤمن الناس برب الغلام. فقالوا له الامر الذي كنت تريد ان تقتل الغلام من اجله حتى لا يمشوا الايمان قد انتشر وحدث ما يسوؤك. فامر بحفر الاخاديد في الارض وقال من لم يرجع عن دينه فاقحموه فيها. فجاء الناس ينكبون على في هذه الاخاديد ولم يرجعوا عن دينهم. حتى جاءت امرأة ايها الاحبة ومعها صبي لها صغير. الان انظر الى شفقة المرأة والى هذه الام التي معها ابنها الصغير ماذا ستفعل؟ هل ستلقي بنفسها او بابنها في النار؟ ام تتقاعس وتقول للملك وتجهر للملك ما يريده وتذهب هذه المرأة ايها الاحبة عندما جاءت الى النار رأت ان معها ابنها الصغير فاشفقت عليه وارادت ان تتقاعس انطق الله عز وجل ولدها الصغير فقال لها يا اماه اصبري فانك على الحق. انظروا كيف الله عز وجل يثبت عباده الذين امنوا بالقول ثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة. غلام صغير يقول لامه نلقي انفسنا في هذه النار. ولكن اصبري فانك على الحق. هذا خبر من اخبار الذين يريدون اللحاق بالله سبحانه وتعالى وزهدوا في هذه الدنيا. خبر اخر ننهي به هو ماشطة ابنة فرعون النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الاسراء والمعراج ايها الاحبة يعني وجد رائحة طيبة في السماء. فقال لجبريل ما هذه الرائحة الطيبة فقال له هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون. فقال له وما خبرها؟ فقال له جبريل هذه ماشطة ابنة فرعون كانت تمشط شعرها ابنتي فرعون فوقع منها المدرى اي المشط. فلما اخذت او نزلت لتتناوله قالت بسم الله. فسمعتها الفتاة الصغيرة فقالت لها تقصدين ابي يعني فرعون؟ يعني بسم الله يعني باسم فرعون؟ قالت لا انما ربي ورب ابيك هو الله سبحانه وتعالى. فقالت الصغيرة اذا ساخبر ابي فقالت لها اخبري. فذهبت هذه الصغيرة الى والدها فرعون المتجبر فاخبرته بالخبر. ففرعون هنا اشتد غضبه واتى بهذه المرأة وكان هذه المرأة لها اطفال. فاتى بها وقال لها من ربك؟ فقالت ربي وربك الله. فهنا قال فرعون او امر فرعون بان يؤتى بقدر كبير من نحاس ثم حمي هذا القدر ووضعت فيه المرأة واراد ان يضع فيه هذه المرأة بابنائها قالت المرأة لفرعون اريد منك حاجة قبل ان تضعني في هذا القدر. قال وما هي؟ قال اريد منك ان تجمع عظامي مع عظام ابنائي في قبر واحد انظروا في ماذا تفكر؟ لا انتهت الحياة الدنيا وهي مقبلة الى من تشتاقه والى من بذلت روحه من او بذلت روحها من اجله سبحانه وتعالى. فقالت له امنية الاخيرة ان تجمع وفاتي معروفات ابنائي في هذا القبر الذي ستدفننا فيه. فقال لها فرعون يعني هذا من حاجتك. يعني سأقضي لك هذه الحاجة وبدأ يضع ابناءها امامها واحدا تلو الاخر. حتى بقي طفل في المهد. فنفس الشيء نفس شعور تلك الام. ارادت ان تتقاعس وبدأت هنا المشاعر الامومة يعني تغلب على الانسان في هذا الامر. هناك انسان تغلب عليه هذه المشاعر من دون امومة. فما بالك في مشاعر الامومة ام ترى ابناءها يلقون امامها واحدا تلو الاخر وما الذي يصبره على هذا البلاء في الحقيقة الذي يصبرها الله سبحانه وتعالى حتى تبقى هذه القصص عبرة خالدة في ذاكرة التاريخ عندما يقوم الناس الى رب العالمين سيباهي بهؤلاء البشر ملائكته هذا صنف مميز من البشر ايها الاحبة ليس ككل البشر هذا صنف مميز اختارهم الله سبحانه وتعالى ابتلاهم ببلاء شديد. يريد ان يظهر فضلهم على العبيد. فعندما جاء فرعون ليأخذ طفلها الصغير تشبثت به وتعلقت به. ثم بعد ذلك انطقه الله سبحانه وتعالى فقال لها هذا من الاطفال الذين تكلموا في المهد يعني الصبي الصبي في قصة اصحاب البروج او قصة الاخدود فيما يظهر انه لم يكن في المهد وانما كان صغيرا لكن انطقه الله بالحكمة. هذا الصبي صبي امرأة او ماشطة فرعون كان في المهد كان مرضعا ما زال. انطقه الله سبحانه وتعالى الذي ينطق كل شيء. فقال لها يا اماه اصبري فان عذاب الدنيا اهون من عذاب الاخرة. انظروا الى هذه القصص ايها الاحبة التي يخلدها الله سبحانه وتعالى لعباده حتى يعرفوا ان ما يصيبنا من البلاء ما زال قليلا ويسيرا في ذات الله سبحانه وتعالى. ويعني وكما قال الشاعر اوما رأيتم عين المهى فيها علم قمرا اراها انها بدر اذا ما البدر تم. كم كم عاشق في دربها يهوى والالم عجبا لهم من اجلها تركوا المفارش والنعم. عجبا لهم من اجلها تركوا المفارش والنعم تلك العقيدة مقصدي هلا وعيتم من ارم يا سائلي عن مصعب سيجيب عن سؤل علم. يا سائلي عن مصعب ما النقصد بمصعب مصعب بن عمير يا سائلي عن مصعب سيجيب عن سؤل علم ترك الغنى مصعب بن عمير كان من اغنى الناس. ترك الغنى ولنفسه اغنى من البحر الخضم من اجل عشق عقيدة. وبنصف ثوب قد دفن. قل لي بربك يا اخي ممن قريش تنتقم هذه سمية مزقت وبحربة الباغي الاثم هزئت بفرعون الذي قد حار واستعصى الكلم ما اعجب العشق الذي جعل المعذب يبتسم. اذا هذا هو العشق الحقيقي. هو ان يعشق الانسان لقاء الله سبحانه وتعالى. ويكون عاشقا الجنان عاشقا للمكوث بين يدي ربه سبحانه وتعالى زاهدا في هذه الدنيا فمهما بلغ به البلاء ومهما حاول خصومه ان يسلبوا منه نعمة الايمان يتشبث بها ويقبض على الجمر حتى يصل الى الله سبحانه وتعالى. اذا ايها الاحبة كما قال علي ابن ابي طالب وان العبد الصالح ليجرب بالبلاء وانك لا تنال ما تريد الا بترك ما تشتهي ولن تبلغ ما تامل الا بالصبر على ما تكره وابذل جهدك لرعاية ما افترض عليك. هذه هي طريقة السعادة لمن اراد ان يطرقها ان يصبر الانسان على ما يبتليه الله عز وجل به في الايمان ويصبر على المكروهات ويصبر على الشهوات ويؤدي ما افترض الله سبحانه وتعالى عليه حتى ينال الدرجة الرفيعة والمنزلة السامية عند الله سبحانه وتعالى. نسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان ينفعنا بما سمعنا وان يعيننا على الثبات في هذه الدنيا. وان ندعوه يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك انه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم