اعوذ اعوذ استلام الفقر وقال الملك ائتوني به يستخلص لنفسي كان ظهور براءة يوسف سببا في نيل الحظوة عند الملك. فطلب استخلاصه لنفسه وليس مجرد الاتيان به كما فعل في المرة الاولى مع امر الرؤية فالسلامة من الجريرة وحسن السيرة سبب علو المكانة فلما كلم قال انك اليوم نادينا مكين امين الدعاة والمصلحون شخصيات مخلصة ومبهرة ومقنعة لذا يحرص المفسدون في كل عصر على ان يحولوا بينهم وبين صناع القرار فلما كلم قال انك اليوم لدينا مكين امين تكلم موسى بالحجة والبيان فابهر الملك بكلامه ومنطقه. فولاه هذا المنصب العظيم. وهذا تحقيق الكلمة السائرة المرء مخبوء تحت لسانها قال جعلني على خزائن الارض اني حفيظ عليم قال الامام السمعاني فان قال قائل ايجوز للانسان ان يزكي نفسه وقد قال يوسف عليه السلام اني حفيظ عليم قيل يجوز اذا كان في ذلك مصلحة عامة. وقيل انه يجوز اذا عرف انه لا يلحقه بذلك افة وامن العجبى على نفسه. وعن الائمة لا يضر من عرف نفسه. وقد قال عليه السلام انا سيد ولد ادم ولا فخر قال جعلني على خزائن الارض اني حفيظ عليم قال القرطبي قال بعض اهل العلم في هذه الاية ما يبيح للرجل الفاضل ان يعمل للرجل الفاجر والسلطان الكافر بشرط ان اعلم انه يفوض اليه في فعل لا يعارضه فيه فيصلح منه ما شاء. واما اذا كان عمله بحسب اختيار الفاجر وشهواته وفجوره فلا ايجوز ذلك؟ اني حفيظ عليم هنا يتقدم يوسف بمسوغات تعيينه في هذه الوظيفة الخطيرة. والتي لا تحتمل التجربة والخطأ. ولانه من يقوم بهذه المهمة فقد اعلن عن مؤهلين اساسيين. حفظ ما يليه وعلمه بتدبير ما يتولاه. قال السمخشري وصف نفسه بالامانة والكفاية اللتين هما طلبة الملوك ممن يولونه اني حفيظ عليم وهدف يوسف ومن هذا الاعلان تعريف الناس بفضله ليكون ذلك ادعى الى اتباعهم لامره في المستقبل اني حفيظ عليم حفيظ اشارة الى الامانة وعليم اشارة الى القوة وهو مكافئ لقوله تعالى ان خير من استأجرت القوي الامين والقوة بحسبها فقوة الطبيب في قدرته على تشخيص المرض وعلاجه. وقوة المدرس في علمه وقدرته على توصيل المعلومة الى طلابه العالم في حفظه ومعرفته باحوال الناس. وقد يكون الشخص امينا في دينه لكنه ضعيف في علمه وادارته. فلا يصلح لتولي امر المسلمين. كان ابو ذر رضي الله عنه امينا في دينه. وكان اقدم اسلاما من خالد بن الوليد رضي الله عنه. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه ما اقلت الغبراء اي الارض. ولا اظلت الخضراء من رجل اصدق لهجة من ابي ذر لكنه ضعيف عند الامارة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا ابا ذر اني اراك ضعيفا واني احب لك ما احب لنفسي. لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم عزل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عمار ابن ياسر عن ولاية الكوفة. واستعمل بدلا منه ابا موسى الاشعري ان اشتكى منه اهل الكوفة فعزله عمر سنة اثنتين وعشرين من الهجرة وقال عمر لعمار عندها قد علمت ما انت بصاحب عمل ولكني تأولت قول الله تعالى ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض. ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين وانسانا طريق وهو الشفيع هو الرفيق. يا هل تستفيد وترى السعادة والنجاح عن طريق وهو الشفيع هو الرفيع يا ايمان هل تستفيد وترى السعادة والنجاح وكذلك من كنا ليوسف في الارض ذكر الامام الرازي ان الكمالات الحقيقية في القدرة والعلم. وان الله سبحانه اعلى شأن يوسف بهاتين الصفتين. فاما اكمله في صفة القدرة فاشار اليه بقوله وكذلك مكنا ليوسف في الارض. واما تكميله في صفة العلم فاشار اليه بقوله علمه من تأويل الاحاديث وكذلك مكنا ليوسف في الارض طلب يوسف من الملك ان يجعله على خزائن الارض ولم يذكر الله اجابة الملك. بل قال وكذلك مكنا ليوسف في الارض ان الفاعل الحقيقي هو الله. وقبول الملك لطلب يوسف لان الله خلق في قلبه القبول. ولذا حذفت اجابة الملك اقتصرت الاية على ذكر التمكين الالهي. يتبوأ منها حيث يشاء كناية عن اطلاق يد يوسف في جميع ارض مصر. فله مطلق الحرية وكامل السلطة في التنقل والنزول في اي مكان شاء فلا ينازعه احد في سلطانه ولا يعارضه في قراراته. اي ان الامر استتب له بشرى للمحسنين. قال الامام الرازي وذلك لان اضاعة الاجر اما ان يكون للعجز او للجهل او للبخل الكل ممتنع في حق الله تعالى. فكمت الاضاعة ممتنعة اي مستحيلة. ولا نضيع اجر المحسنين هذه شهادة من الله ليوسف عليه السلام وهي تبرئة جديدة له من تهمة الهم بامرأة العزيز. فكيف لمحسن شهد الله الله له ان يقع في مثل هذا الخطأ وانا ادعو الاخرة خير للذين امنوا وكانوا يتقون تنبيه رباني بعد وصول يوسف الى شدة الحكم على ان اقل نعيم الاخرة خير من كل ما تبوأ الناس من نعيم الدنيا ولا ادعو الاخرة خير للذين امنوا وكانوا يتقون لفتة لطيفة قال الطاهر بن عاشور والتعبير في جانب الايمان بصيغة الماضي الذين امنوا وفي جانب التقوى بصيغة المضارع وكانوا يتقون لان الايمان عقد القلب الجازم. فهو حاصل دفعة واحدة. واما التقوى فهي متشددة لاسباب الامر والنهي واختلاف الاعمال والازمان ولا ادعو الاخرة خير للذين امنوا وكانوا يتقون قال سفيان بن عيينة المؤمن يثاب على حسناته في الدنيا والاخرة. والفاجر يعجل له الخير في الدنيا وما له في في الاخرة من خلاق وتلا هذه الاية ولا يدعو الاخرة خير للذين امنوا وكانوا يتقون اشارة الى ان ما اعد الله ليوسف عليه السلام في الجنة لا يقارن بحالته العظيمة وملكه الكبير الذي حصله في الدنيا يا رب