ثالثا اعرف يهن. من عرف قدر الجزاء صبر على طول العناء. ولا عبر احد الى مقر الراحة الا على جسر التعب. فمصالح الدنيا والاخرة منوطة بالتعب. فدون نيل المعالي طول العوالي وما يدرك منصب الا بنصب. وعلى قدر التعب تكون الراحة. ومن طلب الراحة بالراحة حرم الراحة. فيطول راحة المتعبين. هذا في الدنيا بحساب البشر. فكيف بالراحة الابدية في الجنة وبحساب اكرم الاكرمين. فاذا اردت الا تتعب اتعب. وتشقى الاجساد في خدمة النفوس الابية. نحن في الحياة نرى الكادحين في اعمالهم الناجحين فيها يسهرون الساعات الطوال اشهر وسنين. طمعا في راتب كبير ينتظرهم اخر فالشهر او ترقية منتظرة مع ما يعانونه من حرمان وفراق الاهل والجهد البدني والعضلي الشاق ففكر في الجنة كما تفكر في الراتب. يقول ابن القيم النعيم لا يدرك بالنعيم وان من اثر الراحة فاتته الراحة. وبحسب ركوب الاهواء واحتمال المشاق تكون الفرحة واللذة فلا فرحة لمن لا هم له ولا لذة لمن لا صبر له. ولا نعيم لمن لا شقاء له. ولا راحة لمن لا تعب له بل اذا تعب العبد قليلا استراح طويلا. واذا تحمل مشقة الصبر ساعة قاده لحياة الابد وكل ما فيه اهل النعيم المقيم فهو صبر ساعة. وهذا ما يحدد لك طريقة التعامل الصحيحة مع التي بين جنبيك. لذا كان من الوصايا الذهبية لابن القيم. احذر نفسك فما اصابك لا قط الا منها ولا تهادنها. فوالله ما اكرمها من لم يهنها. ولا اعزها من لم يذله ولا جبرها من لم يكسرها. ولا اراحها من لم يتعبها. ولا امنها من لم يخوفها ولا فرحها من لم يحزنها. من اجل هذا هان على الصحابي الجليل ابي سفيان بن حرب رضي الله عنه اقدى عينه في في سبيل الجنة. فقد شهدت طائفة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ورمي يوم ذاك فذهبت عينه. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم وقد رأى عينه في يده ايهما احب اليك؟ عين في الجنة او ادعو الله ان يردها عليك. قال ابو سفيان بل عين في الجنة ورمى بها. ولم بذلك بل فقد عينه الثانية في اليرموك. لكمال هذه المعرفة واليقين بها فقد هذا كذلك على عبدالعزيز بن رواد التضحية بما هو اهون وهو فراق فراشه وهجر نومه. فكان اذا جن عليه الليل يأتي فراشه فيمد يده عليه ويقول انك للين. ووالله ان في الجنة لالين منك. وهي الوصية المدهشة التي اوصانا بها ابن الجوزي. لا يصعبن على الخيل تضميرها. فستفرح به يوم السباق