اثنان اثنان النظر الى وجه الله. خلق الله الخلق في الدنيا على هيئة لا تطيق رؤيته سبحانه واذا كانت الجبال الشامخات عجزت عن ذلك فكيف بالانسان الضعيف؟ قال عز وجل الجبل جعله دكا. لذا جاء في الصحيح ان الله جل جلاله حجابه النور ولو كشفه لاحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه. لكن الله يعطي اهل الجنة خارقة ويغير خلقهم بالكلية. ليتحملوا رؤيته سبحانه. بل يلتذون بالنظر الى وجه الله عز وجل فانه اعلى نعيم اهل الجنة واعظم لذة لهم. وهي الزيارة الواردة في قوله تعالى للذين احسنوا الحسنى وزيادة وهذه هي اية المزيد المبشرة بيوم المزيد. وزيارة العزيز الحميد. وهو اليوم الاعظم اجلوا على الاطلاق والذي تنتظره قلوب المؤمنين بكل لهفة وشوق. ففيه ترى الرب سبحانه وتعالى كما ترى شمس الظهيرة والقمر ليلة البدر. ولان كل شيء في الجنة يختلف عن الدنيا فزيادة الجنة تختلف خلافا جذريا عن زيادة الاخرة. زيادة الدنيا. دوما تكون اقل من الاصل فاذا اعطاك البائع مثلا زيادة على ما اشتريت شكرت له حسن صنيعه وكرمه لانه منحك ما لم فيه شيئا وان كان شيئا لا يذكر. لكن زيادة الاخرة اكبر من الاصل ولا مقارنة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا دخل اهل الجنة الجنة واهل النار النار نادى مناد يا اهل الجنة ان لكم عند الله موعدا يريد ان ينجزكم فيقولون وما هو؟ الم يثقل الله موازيننا؟ ويبيض وجوهنا ان الجنة وينجنا من النار فيكشف الحجاب فينظرون اليه فوالله ما اعطاهم الله شيئا احب اليهم من من النظر اليه ولا اقر باعينه قال الحسن اذا تجلى لاهل الجنة نسوا كل نعيم الجنة. واذا اردنا ان نعلم قيمة النظر الى وجه الله ونقارنه بسائر نعيم الجنة فاسمعوا قول ابي حامد الغزالي. ولا تظنن ان اهل الجنة عند النظر الى وجه الله تعالى يبقى للذة الحور والقصور متسع في قلوبهم. بل تلك اللذة بالاضافة الى لذة نعيم اهل الجنة كلذة ملك الدنيا والاستيلاء على اطراف الارض ورقاب الخلق بالاضافة الى لذة الاستيلاء على عصفور واللعب به. الطالبون لنعيم عند اهل المعرفة وارباب القلوب كالصبي الطالب للعب بالعصفور التارك للذة الملك وذلك لقصوره يعني ادراك لذة الملك. لكن يبادرنا سؤال سئل عنه عبدالله بن عباس رضي الله عنه حين لا له. كل من دخل الجنة يرى الله عز وجل؟ قال نعم. وان كان الامر كذلك فان التفاوت بين العباد اذا. وما الفارق بين السابق بالخيرات والمقتصد. وبين من يدخل الجنة بغير حساب ومن يدخلها بعد الف عام من العذاب والجواب كلهم ينظرون اليه. ولن يحرم احد لكن ما بين لذة نظر احدهم واخيه كما بين السماء والارض لان لذة النظر الى وجه الله يوم القيامة تابعة للذة معرفته ومحبته في الدنيا فان اللذة تتبع الشعور والمحبة. فكلما كان المحب اعرف بالمحبوب واشد محبة له كان التذاذه بقربه ورؤيته ووصوله اليه اعظم. وتفاوت اخر بين اهل الجنة. هو في معدل النظر كما يقول ابن سعد في قوله تعالى قال اي تنظر الى ربها. حسب مراتبهم. منهم من ينظر كل يوم بكرة وعشيا. ومنهم من ينظر كل مرة واحدة فيتمتعون بالنظر الى وجهه الكريم وجماله الباهر الذي ليس كمثله شيء. وقد الله لاوليائه نوعي النعيم نعيم التمتع بما في الجنة ونعيم التمتع برؤيته. وذكر سبحانه هذين النوعين في سورة المطففين فقال في حق الابرار في نعيم قال ابن القيم ولقد هضم معنى الاية من قال ينظرون الى اعدائهم يعذبون. او ينظرون الى قصورهم وبساتينهم او او ينظر بعضهم الى بعض وكل هذا عدول عن المقصود الى غيره. وانما المعنى ينظرون الى وجه ربهم ضد حال الكفار الذين هم عن ربهم محجوبون ثم انهم لصالوا الجحيم. ولهذا لما قارن ما لك بن انس بين عقوبة الحرمان ومكافأة قال لما حجب اعداءه فلم يروه تجلى لاوليائه حتى رأوه. وقال الامام الشافعي لما حجب قوما بالسخط دل على ان قوما يرونه بالرضا. ثم قال اما والله لو لم يوقن محمد بن ادريس انه يرى ربه في الميعاد لما عبده في الدنيا. والصمد المدفوع غض البصر عن المحرمات ومنع النفس من تناول الشهوات والخلوة بخدمة الله في الليالي المظلمات