واليك بعضا من هذا اللون من النعيم. واحد وداع الحزن. قال تعالى على لسان اهل الجنة وقال الحمد لله الحمد لله الذي اما معا الحزن ان ربنا لغفور شكور قال الزجاج اذهب الله عن اهل الجنة كل الاحزان ما كان منها لمعاش او معاد. ما كان من الحزن معاش مثل حمل هم الرزق ومقاساة الفقر ومعاناة المصائب والبلايا والاسقام. ومن الحزن للميعاد خوف دخول النار والجزع من الموت وخشية عدم القبول. او المؤاخذة بالسيئات. والوجل من سوء الخاتمة ولم يخصص الله في هذه الاية نوعا دون نوع اذ اخبر عن اهل الجنة انهم جمعوا جميع الوان الحزن بقولهم هذا وفيه اشارة الى ان اهل الجنة هم اهل حزن وبلاءات في الدنيا. حتى قال ابراهيم التيمي لمن لم يحزن ان يخاف ان يكون من اهل النار. لان اهل الجنة قالوا الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن وينبغي لمن لم يشفق ان يخاف الا يكون من اهل الجنة. لانهم قالوا انا كنا قبلوا في اهلنا مشفقين لكن ذلك كله يضمحل يوم القيامة. بل يورث غاية النعيم ومنتهى السرور في الاخرة. كما في بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى باشد الناس بؤسا في الدنيا من اهل الجنة. فيصبغ صبغة في الجنة. فيقال له يا ابن ادم يا ابن ادم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك من شدة قط؟ فيقول لا والله يا رب. ما مر بي بسوق ولا رأيت شدة قط اثنان وداع الغل والحسد. قال تعالى حاكيا عن اهل الجنة ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا. اخواننا على سور امنين ونزع الغل في الجنة هو ان يطهر الله نفوس اهل الجنة من الانفعال بخواطر الشر التي يدخل من ضمنها وغل والتعبير عن المستقبل بلفظ الماضي ونزعنا للتنبيه على تحقق وقوعه. فما انزلهم الله دار كرامته الا بعد ان نزغ الغل والحسد من قلوبهم. فتمتعوا بالجنة وقابلوا اخوانهم هناك على السرر متلذذين بالنظر اليه وفي مقابلة وجوههم لوجوه بعض كانت سلامة صدورهم ونزع الغل من قلوبهم ولو لم يفعل ذلك لفقدوا لذة الجنة. اذ يرى المظلوم ظالمه سارحا في الجنة مستمتعا بها فيبقى في نفسه شيء ليتدابروا ويتقاطعوا؟ وهل في الجنة قطيعة؟ قد فضل الله عز وجل بين اهل الجنة في المنازل ورفع بعضهم فوق بعض درجات. لكنه لما نزع الحسد من قلوبهم ظن ادناهم منزلة في واقربهم عهدا بدخول الجنة انه افضلهم منزلة واكرمهم درجة. واوسعهم دارا فقرت عينه وطاب عيشه وذهب غمه وهل يتصور اصلا وجود هم هناك. قال قال صلى الله عليه وسلم في وصف اهل الجنة قلوبهم على قلب رجل واحد لا اختلاف بينهم ولا تباغت ولا تحاسد لكن متى واين تتم عملية تطهير هذه؟ يتم عند القنطرة التي بين الجنة والنار وهو جسر يسميه بعض العلماء بالصراط الثاني. وهي المرحلة الاخيرة قبل دخول الجنة. قال صلى الله عليه وسلم يخلص المؤمنون من النار يحبسون على قنطرة بين الجنة والنار. فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا. حتى اذا هذبوا اذن لهم في دخول الجنة. ثلاثة وداع الفزع. قال تعالى وهم فزعين يومئذ امنون. فان سألتها كيف نفى الفزع عنهم هنا وقد قال قبلها بايتين ففزع من في السماوات ومن في الارض الا من شاء الله اجيب على ذلك بجوابين. الاول الفزع هو الرعب الحاصل ابتداء من نفخة الصور من معاناة اهوال القيامة ولا يكاد يخلو منه احد بحكم الفطرة البشرية. وان كان المحسن يأمن وصول اي ضرر منه اليه. الثاني ان هذا الرعب لا يحصل للمؤمنين الفائزين لقول الله تعالى الا من شاء الله. ومن هؤلاء المؤمنون الذين لن يحدث لهم اي فزع او اضطراب ويشهد لهذا قول الله تعالى ولا هم يحزنون. وهي اية جامعة مانعة لان الرجل اذا علم انه لا يمسه السوء كان فارغ البال. واذا لم يحزن بسبب فوات الماضي كان في احسن حال. فحينئذ يكون قد سلم من كل الافات. ولا يكون ذلك في مكان الا في الجنة. اربعة وداع السخط قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى يقول لاهل الجنة يا اهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك والخير في يدك فيقول هل رضيتم؟ فيقولون وما لنا لا نرضى. وقد اعطيتنا ما لم تعطي احدا من خلقك فيقول الا اعطيكم افضل من ذلك؟ فيقولون يا رب واي شيء افضل من ذلك؟ فيقول احل عليكم رضواني فلا اسخط عليكم بعده ابدا وهو قول الله تعالى بعد ان ذكر نعيم الجنة الفوز العظيم قال ابن عباس اكبر مما يوصف. واتت به الاية منكرا غير معرف بمعنى ان اي شيء من رضاه عن عبده هو اكبر من الجنة وما فيها. كما قيل قليل منك يكفيني ولكن قليلك لا يقال له قريب. وفي التنكير شعار بالتعظيم. ولهذا جيء باسم الاشارة البعيد ذلك لكون المشار اليه بعيد المكانة ومرتفعة عن الدفاع عن مجازيا كناية عن الشرف والعظم والفخامة. وقد سمى الله كبير خزنة الجنة رضوان وهو اسم مشتق من الرضا ليكون اول ما يستقبل اهل الجنة الرضا الفياض. بكل صورة ومعده. وهو ما ذهب اليه الامام الرازي عند تفسيره لقول الله تعالى والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار. والذين اتبعوا باحسان رضي الله عنه ورضوا عنه واعد لهم جنات ان تجري تحت الانهار خالدين فيها ابدا. ذلك الفوز العظيم فقال رحمه الله واما عند اصحاب الارواح المشرقة بانوار جلال الله تعالى فتحت قوله رضي الله عنهم ورضوا عنه اسرار عجيبة لا تسمح الاقلام بمثلها. جعلنا الله من اهلها. وقوله ذلك الفوز العظيم فالجمهور على ان قوله ذلك عائد الى جملة ما تقدم من قوله لهم تجري الى قوله ورضوا عنه. وعندي انه يحتمل ان يكون ذلك مختصا بقوله رضي الله عنهم ورضوا عنه فانه ثبت عند ارباب الالباب ان جملة الجنة بما فيها بالنسبة الى رضوان الله كالعدم بالنسبة الى الوجود لكن ما هو طعم هذا الرضوان؟ وما مذاقه في القلب؟ وكيف ستشعر النفس به؟ والجواب لا احد اعلى يعني ولا احد يستطيع ان يتخيله. لكن ما نعلمه اكيدا من هذه الاية ان المتعة الروحية في الجنة وعلى قمتها رضوان الله اعلى واشرف من المتع الحسية ولا مقارنة. قال احمد بن حرب احدنا يؤثر الظل على الشمس ثم لا يؤثر الجنة على النار