اثنان اثنان السيدة المجيدة اخي ما كان احد ادل بطريق الجنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم. لذا اسمع منه قوله من قرأ اية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة الا ان يموت والسر في هذا الفضل هو المداومة على هذا الذكر خمس مرات كل يوم وعدم الانقطاع عنها. والاهم من ذلك هو عظمة اية الكرسي التي هي اعظم اية القرآن. فعن ابي ابن كعب رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم سأله اي اية من كتاب الله اعظم قال اية الكرسي فضرب النبي صلى الله عليه وسلم في صدره وقال ليهنك العلم ابا المنذر ليهنك العلم وابا المنذر والذي نفسي بيده ان لها لسانا وشفتين تقدسان الملكة عند ساق العرش ومن اسباب عظمتها اشتمالها على اسم الله الاعظم هي وفاتحة ال عمران واية طه لاشتمالهم على صفة كثيب الحي القيوم. قال صلى الله عليه وسلم اسم الله الاعظم في سور من القرآن ثلاث في البقرة وال عمران وطه ومن اسباب عظمتها وتسببها في دخول العبد الجنة انها تطرد الشيطان وتجير منه على مدار اليوم اذا حفظ عليها اذا طرد الشيطان اقبل الملك بالالهام. في الحديث صدق الخبيث يعني الجني في قوله الانس من الجن اية الكرسي. العظمة في جذر قلبك وعلى الرغم من ان عدد كلمات اية الكرسي خمسون كلمة. وجملها تسع جمل فحسب. لكنها اشتملت على ثمانية عشر اسما لله تعالى ما بين ظاهر ومدمر. وكل جملة من جملها تغرس التعظيم والاجلال لله رب العالمين وهو هدف الاية الاسمى على الاجمال. وهو هدف جليل سام لو وصلنا اليه لانحلت كثير من عقدنا اليوم وزالت ذلك ان جل التهاون بالامر هو من قلة تعظيم الامر. ولذلك كان من رحمة الله بنا ان حثنا على قراءتهم ثمان مرات في اليوم والليلة. خمس عقب الصلوات المكتوبات واثنتين في اذكار الصباح والمساء والثامنة عندنا وكانها والله جرعات تعظيم تنسكب في قلوبنا وفيوضات ايمان تغذي عروق ارواحنا ولنتأمل بقلوبنا ملامح عظمة الرب في كل جملة فيها لتقدره قدره. فنعظم امره ونهيه الحي الله لا اله الا هو الحي القيوم. لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الارض الا باذنه يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم. ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء. وسع كرسي السماوات والارض ارض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم الحي الحي الحي كلمة الحي معرفة والحي هو كامل الاتصاف بالحياة. لم يسبق وجوده عدم ولم بقاءه فناء به. ولم يقل حي لانها تفيد انه من جملة الاحياء. فالتعريف دلالة على الكمال والقصر. لان الله له الكمال في الحياة وهو الذي يفيض على الخلق كلهم بالحياة. وقصرا لان كل من عاداه يموت. ولذا خاطب الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وهو حي بقوله انك ميتون قال ابتدى دعا الى نبيه نفسه ونعى اليكم انفسكم. والانسان حين يربط سعادته او اهدافه او بانسان اخر يحتل منصبا راقيا او مكانة مرموقة في المجتمع. يكون قد ارتكب في حق نفسه حماقة لانه ربط سعادته بميت. فاذا عزل او سافر او مات من اعتمد عليه ماتت معه طموحاته واماله اما العاقل فهو من يربط مصيره بالحي الذي لا يموت. فلا يعتمد الا عليه. وتوكل على الخير الذي لا يموت فيكون السعيد حقا ويتفوق ويتميز ويترقى على الدوام دنيا واخرة. اجعل بربك كل عزك يقر ويثبت فاذا اعتززت بمن يموت فان عزك ميت. فنوع من الخبال ان تربط مصيرك بمصير مخلوق يموت وذكاء وفطنة في الحياة هي ان تربط مصيرك بالحي الذي لا يموت حتى لو مت وكنت مع الحي فانت لم تمت على الحقيقة. ولا تخشمن الذين قتلوا في سبيل الله اموات ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون القيظ. وقرأ ابن مسعود وابن عمر وعلقمة. والنخعي والاعنش القيام. وقرأ علقمة ايضا القيم وهي صفة مبالغة من القيام على الشيء ورعايته. ومن معاني القيوم القائم بنفسه مطلقا لا وما منا احد قائم بنفسه الا ما هو قائم بربه وبربه فحسب. لانه مثلا لا يدري ما ينتظره بعد ساعة. بل لا يدري حتى بعد دقيقة يسمح الله له ان يعيش او لا يسمح يمده بالنفس او يقطعه عنه فيموت. او القائم بتدبير امور الخلق من انشائهم ورزقهم وتحديد اجالهم واعمالهم. ولا قيام لاي موجود الا به سبحانه. حتى لا يتصور وجود اي شيء ولا دوامه الا باقامة الله له. فالقيومية هنا مشيرة الى معنى الربوبية. والقيم في اللغة هو السيد الذي يسوس الامور ويدبرها او هو الباقي بكمال صفاته على الدوام دون اي تغيير او تأثر. فقد يكون الحي سميعا بصيرا يضعف سمعه وبصره بمرور الايام. فيلزم لاتصافه بصفة القيوم بقاء السمع والبصر وكمالهما على الدوام لكن لماذا هاتين الصفتين بالذات في الاية؟ الحي القيوم وليس غيرهما. والجواب لان اسمه الحي مشتمل على جميع اسمائه الاخرى. فان من لوازم الحي ان يكون قادرا عالما سميعا بصيرا باقيا الى غير ذلك من صفات الكمال واسمه القيوم دال على افتقار كل الخلق اليه فينكشف للعبد عند تجلي صفة الحي معاني جميع في اسمائه وصفاته وعند تجلي صفة القيوم عجز جميع المخلوقات وافتقارها اليه لا تأخذه سنة. لان النوم اخو الموت والله حي لا يموت. والسنا النعاس الذي يتقدم النوم. اما النوم فهو الاستغراق في السبات. وكلاهما منفي في حق الله. وفائدة التكرار له في لقوله ولا نوم انتفاء كل من السنة والنوم في حق ربنا على كل حال. تقول ما قام زيد وعمرو بل احدهما فان قيل ما قام زيد ولا عمرو فهذا معناه ان ايا منهما لم يقم. لان الانسانة قد تأخذه سنة دون النوم او يأخذه النوم دون السلة. في امثال العوام النوم سلطان. والله لا سلطان لاحد عليه حاشاه واي خلق لو نام كان مغلوبا على امره مقهورا لان النوم غلب النائم وقهره. والله هو القهار كل شيء وهذا تأكيد لاسم القيوم بل ومن لوازم قيوميته. فان من جاز عليه النعاس او النوم استحال ان يكون قيوما لانه لو غفل لحظة لسقطت السماوات على الارض. فكان تدكا. فقيام جميع الخلق بتدبيره وقدرته وحفظه وقيوميته واثر هذه الجملة في النفس ان يستشعر الانسان الطمأنينة في كل حين وحال. لان الله تكفل بامره كل حب فهو في رعاية الله التي لا تغفل عنه لحظة واحدة. فهل رأيت تطمينا اكثر من ذلك؟ وهو ان يقول الخالق للمخلوق والاله للمألوه. نم انت ملء جفنيك واسترح. فان ربك لا ينام نفرها ايضا ان يستحضر العبد مراقبة الله له في السر والعلانية. وفي كل احواله واوقاته خاصة في الخلوات حين يغلق عليه بابه ويغيب عن اعين الخلق فيستحي من رؤية الله له الذي لا يغفل عن دقيق منه ولا جليل ولو للحظة او معشار وفيها كذلك تسلية للمظلوم لان الله يرى الظالم حين يظلمه ويفجر لكنه يمهله لحكمة ويؤخره لاجله. نامت جفونك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم. وليس مجرد الغفلة من سنة او نوم فحسب. بل مع هذا العلم الملك والسيطرة والقدرة. فلا يخرج شيء من خلقه عن سيطرة وتصرفه. حاشاه سبحانه. ولذا اردف الحق بقوله له ما في السماوات وما في الارض هذه الجملة فحسب تجني ثمارا ثلاثة على الاقل. واحد لا معبود غيره. لانه ما لك السماوات والارض بما فيها بغير شريك ولا ند. فلا تنبغي عبادة غيره. لان المملوك طوع يد مالكه. وليس له خدمة الا بامره. اثنان لا ذل لسواه. كيف يسأل غيره؟ كيف تطلب الدنيا من غيره الذي لا يملك شيئا. والله وحده الذي يملك كل شيء. الله ليس على بابه حجاب ولا حرس. والملوك الرؤساء يضعون الحجاب والحرس. الله يقبل منك سؤالك مهما اسأت وهجرت. وهؤلاء البشر ويردون عليك الاساءة بمثلها وبضعفها. واذا سألتهم شيئا بعد اساءتك لهم زجروك واهانوك. فكيف بعد قل لي هذا تذل بسؤالهم ولا تعز بسؤاله. ثلاثة انت خليفة ومالك عارية تعالي قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ما منكم الا ضيف وماله عارية والضيف مرتحل والعارية مؤداة الى اهلها. ومن ثم وجب ان تخضع في خلافتك لشروط المالك المستخلف لك على هذا المال خرجت عن شروطه بطلت ملكيتك لماله. فالله هو المالك على الحقيقة. وانت ليس لك من الملك شيء. بل كل ما في يدك معار لك لامد محدود وعلى سبيل الاختبار. ثم يسترده صاحبه الذي اعاره لك في الاجل المرسوم ليحاسبك عما فعلت فيه. واذا فان النبي صلى الله عليه وسلم اوصى امنا عائشة وصية تضمن لها النجاح في هذا الاختبار. فقال يا عائشة لا تحصي فيحصي الله عليك ولم ينسى مؤذنه بلالا قائلا انفق يا بلال ولا تخشى من ذي العرش اقلالا واذا رسخ هذا الشعور في الوجدان كان له اثر السحر في كسر حدة التكالب المحموم على الدنيا. فلا يتحرك القلب شعار على ملك لا يملكه على الحقيقة وسكن في النفس القناعة والرضا. فلا تذهب نفسك حسرات على ما فاتها من الحطام او ضاع. نظر ابراهيم ابن ادهم الى رجل قد اصيب بمال ومتاع كثير وقع الحريق في دكانه. فاشتد جزعه حتى خولط في عقله فقال يا عبد الله ان المال مال الله متعك به ان شاء واخذه منك انشاء فاصبر لامره ولا تجزع. من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه. ولان له ما في السماوات وما في الارض فان من تمام ملكه الا يشفى عنده احد الا باذنه. فكل الوجهاء والشفعاء عبيد له مماليك لا يقدمون على الشفاعة لاحد حتى يأذن هو له. اشارة الى انه لا احد يستطيع ان يدفع ما يريد الله استكانة وتذللا وسؤالا فضلا عن ان يدفع ذلك معاندة وخصومة. وهي توضح مقام الالوهية ومقام العبودية يوم القيامة. فالعبيد جميعا يقفون في حضرة الالوهية موقف العبودية الخاضعة. لا يتعدون ولا يتجاوزونه ولا يجرؤ احد على الكلام بين يديه او الشفاعة عنده الا من يؤذن له في جو ممتلئ بالجلال والرهبة الذي تفرضه عليك صيغة الاستفهام الاستنكارية. وهي اقوى من مجرد النفي. من ذا الذي يشفع عنده الا لا باذنه لانها توحي بان امر الشفاعة مستنكر ان يكون. فمن هو هذا الذي يشفع عند الله الا باذن الله انه يوم الهول الاعظم. والذي لا يجرؤ احد ولو كان من اتقى العضبان وخلص الانقياء على ان يتقدم الشفاعة او يتكلم فيه وهل اتقى من الانبياء؟ فحين يستشفع الناس الى ادم عليه السلام ابي البشر الذي خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه يقول لست هناك فيفزعون الى نوح اول رسول بعث الى اهل الارض ثم الى ابراهيم خليل الرحمن ثم الى موسى كليم الله ثم الى عيسى كلمة الله وروحه ليجد الكل يردد نفس الكلمات لست هناك وما هذا الا من الخوف الشديد والهول الاعظم. والحق انه لا احد يشفع عند الله بحق واستحقاق. لان المخلوقات كل اهى ملك له لكن يشفع عنده من اراد الله ان يظهر كرامته عندهم فحسب. فيأذن له بان يشفع فيمن اراد هو عفوي عنه كما يسند الى الكبراء بعض المكرمات. ولدبغاء التلاميذ بعض المهمات. وهذا الاستثناء راجع الى النبي صلى الله عليه وسلم فانه مأذون في الشفاعة موعود بها. ولذا اعده الله لهذه المهمة الجليلة اعدادا من نوع خاص وهو هو لا يزال بعده في دار الدنيا. قال البيناوي من الحكم والفوائد التي اشتمل عليها رؤية المصطفى صلى الله عليه وسلم الجنة والنار الانس باهوال القيامة ليتفرغ فيه لشفاعة امته. ويقول امتي امتي حين يقول غيره من عظيم الهول نفسي نفسي. وقد يختص بالشفاعة بعض صفوة المؤمنين كالصحابة رضوان الله عليهم وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض هؤلاء تكريما وتشريفا فقال ليدخلن الجنة بشفاعة رجل ليس بنبي مثل الحيين. ربيعة ومضر ومضر قال في موضع اخر ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من امتي اكثر من بني تميم قالوا يا رسول الله سواك قال سواي سواي ورسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك يثير غيرة كل مسلم ان الفضل وشرف الشفاعة ليس حكرا على الانبياء وحدهم. كما توهم بعض الصحابة كما في حديث بني تميم بل يمتد ليشمل الصحابة وقد يصل ابعد من ذلك ليشمل غير الصحابة اذا علا ايمانهم وعظمت تضحياتهم كما يشفع الشهيد في سبعين من اهله او غيره ممن يشاء الله كرامته من المؤمنين. لذا قال بعض والسلف استكثروا من الاخوان فان لكل مؤمن شفاعة فلعلك تدخل في شفاعة اخيك. يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم وما خلفهم. وهذه الجملة تقرير وتكميل لما تضمنته جملة الحي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم فانهما دلتا على علمه سبحانه بما كان وقوله يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم دل على علمه بما سيكون فالمراد بما بين الايدي العالم المشهود وما خلفهم يراد به الغيب. فالله لعظمته يستوي عنده المشهد وهذا من شأنه ان يحدث في النفس هزة عميقة حين تحس انها تقف عارية امام بارئها الذي يعلم عنها كل شيء ولا يخفى عليه منها شيء. وفيها لمسة خوف من الغيب الذي قد يحوي الفتن. وتقلب القلوب عن الهدى فلا احد يعلم على اي حال يموت ويختم له. ولا ما يخفيه له الغيب الذي لا يعلمه احد الا الله. وعلاقتها بالجملة التي من ذا الذي يشفع ان الله يعلم احوال الشافع الذي يشفع ودافعه ولماذا طلب الشفاعة ويعلم كذلك المشفوع له وهل يستحق الشفاعة ام لا؟ ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء انت لا تقدر على ان تحيط بعلم الله بعضه او كله. ذلك ان معنى الاحاطة ان تعرف كل شيء مثل محيط الدائرة. لكن ذلك يمنع ان يسمح الله لك ان تعلم جزئية ما. وهو ما توحي به كلمة شيء. والتي تعني اقل القليل. فهو سبحانه يكشف للعباد عن شيء من علمه الذي يريد وبالمقدار الذي يريد. لكنهم ينسون هذه الحقيقة فيفتنهم ما اذن الله لهم بعلمه. فلا يذكرون ولا يشكرون بل يتبجحون ويكفون لما اذن الله للانسان في العلم بقدر ما زوى عنه اسرارا اخرى كثيرة. منها سر الحياة وسر لحظة الموت القادم وزوا عنه او سر الساعة وكافة مشاهد الغيب. ليعلم الانسان قصور علمه مهما بلغ. لذا كلما زاد علم العلماء ادركوا انهم جهلاء واعترفوا بان ما وصلوا اليه انما هو قطرة في خضم بحر عظيم ليورثهم ذلك الايمان بالله اي والخشية منه ولابد انما يخشى الله من عباده العلماء. وفي هذه الجملة القرآنية واضح للجميع. فلو اجتمع البشر كل البشر فلن يحيطوا بشيء من علمه الا ما اذن لهم به. وقد يكون هذا اكتشاف عن مهد صدفة او بعد بحث طويل وجهد جهيد وكلاهما لا يتم الا بقدر الله. وسعته السماوات والارض. والكرسي خلق من خلق الله يقع بين يدي العرش شرفه سميت به الاية. وقد قال صلى الله عليه وسلم ما السماوات السبع؟ في الكرسي الا كحلقة بارض الفلاح وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة اما العرش فخلق عظيم جدا اعظم من الكرسي بكثير. كما دلت الايات القرآنية والاحاديث النبوية اذا لما نزلت اية الكرسي تعجب الصحابة غاية التعجب. فعن الربيع ابن انس رضي الله عنه قال لما نزعت وسع كرسيه السماوات والارض قالوا يا رسول الله هذا الكرسي هكذا فكيف بالعرش؟ فانزل الله وما قنوا الله حق قدره ولعظمة العرش فقد اضافه تعالى الى نفسه في قوله ذو العرش. ومن اوصافه في القرآن ويحمل عن شربك فوقهم يومئذ فما هي. وفي الصحيح ان احد حملة العرش ما بين شحمة اذنيه وعاتقه خفقان الطير سبعمائة عام. والغرض من هذه الجملة ان تستشعر عظمة الله من خلال التعرف على عظمة بعض مخلوقاته. ولنتذكر ان هذا هو الهدف الذي تبنيه في النفس الجملة تلو الجملة في هذه الاية. والتعبير بصيغة الماضي وسع تدل على انه وسعهما بالفعل. بعكس صيغة المضارع التي تعني اخبارا ليس بالضرورة ان يكون قد حصل. ولا يؤدهما. ولا يشق عليه ولا يجهده حفظ السماوات والارض. اشارة الى صفة القدرة وكمالها وتنزيهها عن اي ضعف او نقصان. وهو العلي العظيم. وهي خاتمة الصفات في الاية تقرر حقيقة تفرد الله سبحانه بالعلو والعظمة. فالتعبير على هذا النحو مرة ثانية معنى القصر والحصر. فلم يقل وهو علي عظيم ليثبت الصفة مجرد اثبات ولكنه قال وهو العليم العظيم ليقصرها عليه سبحانه بلا شيء. اي لا علي ولا عظيم غيره. لان من عاداه مفتقر اليه فلا علو له ولا عظمة. العلي في ذاته وصفاته لا يشاركه فيها احد. العلي فوق الاشباه والانداد. العلي علو وقهر لجميع مخلوقاته ذلت له الرقاب ولانت له الصعاب. قال الماوردي وفي الفرق بين العلي والعالي وجه احدهما ان العالي هو الموجود في مكان العلو وان لم يكن مستحقا للعلو. والعلي هو المستحق للعلو. الثاني ان العالي هو الذي يجوز ان يشارك. والعلي هو الذي لا يجوز ان يشارك. العظيم وهو الاسم الذي يوجز لك اية الكرسي في كلمة واحدة. لتقطع بك الخطوة الاخيرة الى هدفك النهائي عظيم وذلك انها تلخص ملامح العظمة الالهية التي وردت في الاية فهو سبحانه العظيم في وجوده. الحي. العظيم في فاد حكمه وسيطرته القيوم العظيم في قدرته. لا تأخذه سنة ولا نوم. العظيم في سلطانه له ما في السماء وما في الارض العظيم في هيبته. من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه. العظيم في علمه يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم اضف الى ذلك ما يميز العظمة الالهية الحقيقية عن العظمة البشرية الزائفة. ان الله ليس لعظمته على مستوى البشر يقولون فلان هذا كان لا يملك شيئا. وهو الان عظيم بماله. وفلان ملك عظيم وقد كان جنديا في بداية حياته وفلان عالم جليل مع انه كان جاهلا في مقتبل عمره. فالعظمة البشرية لها بداية. اما العظمة الالهية فلا ابتداء لها. ولا لعظمته حدود او نهاية. فانك ان قلت فلان عالم عظيم فقد حصرت عظمته فيما وصل اليه من علم. او هذا مربي عظيم حصرت عظمته في التربية. او طبيب عظيم فعظمته في طبه فالعظمة البشرية تظل محصورة في جانب من جوانب التفوق المحدودة. اما العظمة الالهية فلا حدود لها ولا حصر لجوانبها ولا يعلم كرهها الا الله. قال ذو النون من اراد التواضع فليوجه نفسه الى عظمة فانها تذوب وتصفو. ومن نظر الى سلطان الله ذهب سلطان نفسه. لان النفوس كلها قيرة عند هيبته