رابعا الانفاق في سبيل الله. والعلاقة بين الجنة والانفاق واضحة جدا. لان الله رأى من كل واحد منا نفسه وماله وجعل ثمنهما الجنة. فالمنفق في سبيل الله وجد في الجنة ما قدم وتعوض فيها ما انفق وخسر ما خلف. عتب سهل بن عبدالله المروزي في كثرة الصدقة فضرب لنا مثلا واقعيا جميلا به الممسكين واغرى به البخلاء الماديين فقال لو ان رجلا اراد ان ينتقل من دار الى دار. اكان يبقي في الاولى شيئا؟ لا والله. لكنه والله ليس دخول الجنة بل تنافس كل حجبة الجنة على نيل شرف استقبالك. كلهم يريدك ان تدخل من بابه. ففي الحديث ما من مسلم ينفق من كل مال له زوجين في سبيل الله الا استقبلته حجبة الجنة كلهم يدعوه الى ما عنده والمراد بالزوجين انفاق شيئين من اي صنف كان من اصناف المال. كما قال الحسن في معنى زوجين درهمين دينارين عبدين من كل شيء اثنين. وطبق الصحابة الوصية وتنافسوا على الهدية. فقد روي عن صعصعة قال رأيت ابا ذر بالربذة وهو يسوق بعيرا له عليه ما زالتان. قائلا سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما من مسلم ينفق زوجين من ماله في سبيل الله الا استقبلته حجبة الجنة كلهم يدعوه الى ما عنده قال ان كان صاحب خيل ففرسيه. وان كان صاحب ابل فبعيرين. وان كان صاحب بقر فبقرتيه. حتى اصلاف المالية كلنا نحب الجنة. وكلنا يطلب القرب والوصال. لكن اينا دفع المهر وكم من اناس صدق فيهم تعيير الشاعر ومن الناس من يحبك حبا ظاهر الحب ليس بالتقصير فاذا اما سألته عشر فلس الحق الحب باللطيف الخبير. ومن ادعى حب الجنة من غير انفاق ما فهو كذاب وهو اتهام اطلقه عليه حاتم الاصم. فالبينة على من ادعى. وادعاء المحبة يحتاج الى بينة الانفاق. لذا روي عن حاتم الاصمي انه قال من ادعى اربعا من غير اربع فهو مكذب ومنها ها ومن ادعى حب الجنة من غير انفاق ما له في طاعة الله تعالى. نعم قد يكون المؤمن بخيلا لكن من تعلق قلبه بالفردوس ووضع الجنة نصب عينيه فهذا يهتز عند المكارم كالغسل الرطيب لينفق ما قدامه ووراءه في سبيل الفوز بمحبوبته والظفر بغايته. والبخلاء يمتنعون بان لغة العشاق لا يفهمها والاحساس قليل الذوق ومن قدر عليه رزق فلينفق مما اتاه الله قال علي ابن ابي طالب رضي الله عنه ان الجنة لتساق الى من سعى لاخيه المؤمن في قضاء حوائجه ليصلح شأنه على فاستبقوا النعم بذلك. فان الله الكريم يسأل الرجل عن جاهه وما بذله كما يسأله عن ما له فيما انفق وعندما يعاين العبد ما اشتراه في الجنة يتحسر انه لم يبذل في دنياه كل ما لديه. حتى يعود كل مفروغ به في الدنيا محزونا عليه في الاخرة. وترجع اللذة مصدرا للاسف. وبالعكس بقدر عداء يطيب الغناء. يستبدلون في الجنة. اسماء بنت ابي بكر تشق نطاقها في الهجرة لتحمي قيل فيه الزاد وهو مجرد قطعة قماش. فيبشرها النبي صلى الله عليه وسلم بالعوض في الجنة قائلا ابدلك الله بنطافك هذا نطاقين في الجنة حكيم بن حزام رضي الله عنه كان بيده حين اسلم دار الندوة فباعها بمائة الف دينار وفي رواية باربعين الف فقط قال له ابن الزبيص بعت مكرمة قريش فقال له حكيم ابن اخي ذهبت المكارم فلا كرم الا التقوى يا ابن اخي ان اشتريتها في الجاهلية بزق تمر ولاشترين بها دارا في الجنة. اشهدك ان قد جعلتها في سبيل الله. عثمان بن عفان رضي الله عنه لما قدم المهاجرون المدينة احتاجوا الى الماء. وكان لرجل من بني غفار عين يقال لها روما وكان يبيع منها القربة بمدة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم تبيعها بعين في الجنة فقال ليس لي يا رسول الله عين غيرها لا استطيع ذلك. فبالغ ذلك عثمان فاشتراها بخمسة وثلاثين الف درهم ثم اتى النبي صلى الله عليه وسلم. فقال اتجعل لي مثل الذي جعلت له عينا في التي ان اشتريتها؟ قال نعم. قال قد اشتريتها وجعلتها للمسلمين. ويذوق عثمان حلاوة الاجر يطمع في المزيد ولا اروع وذلك حين يضيق المسجد بالمسلمين ويحث النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه على شراء بقعة بجوار المسجد تزيد رقعته معلنا عن عقد المبادلة المغري. من يشتري بقعة ال فلان فيزيدها في المسجد بخير منها في الجنة فاشتراها عثمان رضي الله عنه من صلب ماله. عبدالله بن جحش رضي الله عنه لما خرج بنو جحش من دارهم مهاجرين عدا عليها ابو سفيان بن حرب فباعها. فلما بلغ بني جحش ما صنع ابو سفيان بدارهم ذكر ذلك عبدالله بن جحش لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ترضى يا عبد الله ان يعطيك الله بها دارا خيرا منها في الجنة؟ قال بلى. قال فذلك لك. ابو الدحد رضي الله عنه قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم كم من عفق معلق لابي الدحداح في الجنة؟ وفي رواية ان النبي صلى الله عليه وسلم كرر مرارا كم من عفق دواح لابي الدحداح في الجنة؟ والقصة كما اوردها الامام البخاري. حصلت بين يتيم وبين ابي لبابة على نخلة. حيث كان هناك بستان لهذا الصحابي. وبستان اخر لليتيم. وبين ما دخله فتنازع عن النخلة. فذهب اليتيم فاشتكى ابا لبابة الى النبي صلى الله عليه وسلم. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وعاين البساتين تواضعا منه صلى الله عليه وسلم. وتحريا للعدل. فاذا بالنخلة في بستان الصحابي فحكم بها بابي لبابة فذرفت دموع اليتيم على خديه. فاراد النبي ان يجبر كسر قلبه. فقال لابي لبابة اتعطيه هذه النخلة؟ ولك بها رزق في الجنة. لكن الصحابي كان في وقت غضبه. اذ كيف تشكو هو الحق له فابى ذلك. وكان في المجلس رجل يتحين الفرص الايمانية. هو ابو الدحداح رضي الله عنه قال يا رسول الله ان اشتريت هذه النخلة واعطيتها هذا اليتيم. الهذا العذق في الجنة؟ قال لك ذلك فلحق بابي لبابة قال اتبيعني هذه النخلة ببستان كله فباعه النخلة ببستانه كله ثم ذهب الى اهله ونادى فيهم يا ام الدحداح ويا ابناء ابي الدحداح قد بعناها من اه فاخرجوا منها. فقالت امرأته على الفور ربح البيع. فخرجوا من البستان ومعه اطفاله ومعهم بعض الرطب فقام يأخذه ويرميه فيها ويقول قد بعناها من الله جل وعلا لا تخرج منها لا بشيء