ثالثا الصيام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ختم له بصيام يوم دخل الجنة ومعنى الحديث ان من مات وهو صائم او بعد فطره من صومه دخل الجنة. وعندما يدخل الصائم الجنة يوفى هو واخوانه اجرهم بغير حساب. لقول الله عز وجل الصوم لي وانا اجزي به. فلم يذكر الله ثوابا في الصيام كما لم يذكره في الصبر. ولهذا يقال عن شهر الصيام انه شهر الصبر. ووالله لولا صبري الفرس المدمر على قلة العلف ما قيل سباق. ولما حظي بالجائزة. وكذلك المؤمن والجنة فصيام اليوم الدنيوي وحرمان العبد الوقتي فيه من الطعام والشراب يورثه الري والشبع الكاملين والدين الرائعين في الجنة. وعليك ان تقارن وتختار كما فعل ذلك التابعي الثقة مسروق ابن الاجدع فعن الامام الشعبي قال غشي على مسروق في يوم صائف وهو صائم فقالت له ابنته افطر قال ما اردتي بي؟ قالت الرفق. قال يا بني انما اطلب الرفق لنفسي في يوم كان مقدار خمسين الف سنة. ولذا ربط كثير من المفسرين اية هنيئا لمن اسلفتم في ايام الخالية بالصيام. فالاكل هناك كان مقابل حرمان النفس منه طواعية هنا. لان الجزاء من جنس العمل الا ان دافع الاكل والشرب في الجنة مختلف. فهو ليس عن جوع وعطش بل عن رغبة منهم في التلذذ فحسب. ويقال لهم هذا الكلام من قبل الله عز وجل. تعظيما لشأن الصائمين وليزدادوا سرورا فوق سرورهم فانك ان قلت لصاحب الفوز والجائزة هذا بطاعتك كان هذا سببا في مضاعفة سروره. والايام هي الايام الماضية من الدنيا. وهي ايام ثانية لكنها تؤدي الى ايام باقية. لذا فهؤلاء كانوا سادة العقلاء وقمة في الذكاء اذ بذلوا في زمن محدود ما اورثهم نعيما غير محدود. وترك الله ذكر المأكول والمشروب دلالة على تنويعهما وكثرتهما فلا حصر لهما. واسمعوا وصفا تفصيليا لمشهد من مشاهد مكافأة الصائمين في الجنة وقد ذكره الحسن البصري في موعظة تشويقية تقول الحوراء لولي الله وهو متكئ معها على نهر العسل تعاطيه الكأس. ان الله نظر اليك في يوم صائف بعيد ما بين الطرفين وانت في ظمأ هاجرة من جهد العطش فباهى بك الملائكة وقال انظروا الى عبدي ترك زوجته وشهوته ولذته وطعامه وشرابه من اجلي. رغبة فيما عندي. اشهدوا اني قد غفرت له. فغفر لك يومئذ وزوجنيك