البائع الخامس. النمام. قال صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة نمام وفي رواية اخرى قد تأتي لكن ما النميمة؟ النميمة نقل كلام الناس بعضهم الى بعض على جهة بينهم والنمام معناه في كلام العرب الذي لا يمسك الاحاديث ولم يحفظها. من قولهم جلود نمت اذا كانت لا تمسك الماء يقال نم فلان اذا ضيع الاحاديث ولم يحفظها ويقال للنمام القتات اذا مشى بالنميمة. قتات هو الذي يجمع القتل وهو ما يوقد به النار من حشيش وصغار الحطب. وزاد ابو حامد الغزالي. حد كشف ما يكره كشفه. سواء كرهه المنقول عنه او المنقول اليه او طرف ثالث. وسواء كان الكشف وبالكناية او بالرمز او بالايماء فحقيقة النميمة افشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه. فلو رآه يخفي مالا لنفسه فذكره فهو نميمة. وهي تنبعث من نفسية مريضة لا تقع الا لا على الخبيث. كما وصف ابن زنجي البغدادي نفرا يمشون في الناس يبغون العيوب لمن لا عيب فيه لكي تشرف العطب ان يعلم الخير يخفوه وان علموا شرا اذاعوا وان لم يعلموا كذبا. وصفا بعض الزهاد النمام بصاحب الجرائم الثلاثة. حيث جاء رجل الى حاتم الزاهد بنميمة فقال يا هذا ابطأ تعني وجئت بثلاث جنايات ضغطت الي الحبيب وشغلت قلبي الفارغ والبست نفسك التهمة عندي انت امن فكم دم اراقه سعي ساعدك؟ وكم من صفيين تباعدا؟ وكم من متواصلين تقاطعا؟ وكم من محبين تفرقا. وكم من الفين تهاجرا؟ وكم من زوجين تطالقا. فالنمامون لصوص المودات. اذا سرق اللصوص المتاع سرقوهم المودة. لذا كرههم الله اكثر من كره من خلقه. فقد وجد في حكم القدماء ابغض الناس الى الله المثلث. قال الاصمعي هو الرجل يسعى باخيه الى الامام فيهلك نفسه واخاه وامامه. اي يهلك نفسه عند الله بوشايته. ويهلك اخاه في الدنيا ببطش الامام به ويهلك الامام في الاخرة بدفعه نحو الظلم. من نم في الناس لم تؤمن عقاربه على الصديق ولم تؤمن من افاعيه كالسيل بالليل لا يدري به احد من اين جاء ولا من اين يأتيه فالويل للعهد منه كيف ينقضه والويل للود منه كيف يفتيه. ولذا ولكي يحبط كيد النمام في مهده. نصح ابو حامد قائم كل من حملت اليه نميمة وقيل له فلان يقول فيك او يفعل فيك كذا فعليه ستة امور. الاول الا يصدقه لان النمام فاسق. وهو مردود الشهادة. قال تعالى فاسقون بنبأ فتبينوا فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين. ولذا كان خالد بن صفوان يقول قبول قول النمام شر من النميمة لان النميمة دلالة والقبول اجازة وليس من دل على شيء كمن قبل واجاز. الثاني ان ينهاه عن ذلك وينصحه ويقبح له فعله. الثالث ان يبغضه في الله تعالى. فانه بغيض عند الله تعالى ويجب بغض من ابغضه الله تعالى. الرابع الا يظن باخيه الغائب السوء الا يحمله ما حكي اليه على التجسس والبحث عن ذلك. السادس الا يرضى لنفسه ما نهى النمام عنه فلا يحكي نميمته عنه فيقول فلان حكى كذا وكذا فيصير به نماما ويكون اتيا ما نهى عنه واذا سمعت نميمة فتعدها وتحفظن من الذي انباكها وذري النميمة لا تكن من اهلها جنب من صاغها او حاكها