الفصل السادس قيادة النفس الى الجنة. الجنة اولا الاب ويفقد الليثي رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والناس حوله اذ اقبل ثلاثة نفر فاقبل اثنان الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد. فلما وقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمه. فاما احدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها. واما الاخر فجلس خلفهم. واما الثالث فادبر ذاهبا. فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الا اخبركم عن النفر الثلاثة؟ قالوا بلى يا رسول الله. قال اما احدهم فاوى الى الله فاواه الله واما الاخر فاستحيا فاستحيا الله منه. واما الاخر فاعرض فاعرض الله عنه الله عنه. هذا الحديث يلخص على نحو موجز ورائع موقف الناس من الله والسير اليه. وكيف ان جزاء كل واحد منهم كان من جنس عمله. الاول اوى الى الله فاواه الله. وفيه المسابقة الى سد الفرج. بمعنى تقدمي الى مواطن البذل والخيرات قبل الغيث. والسبق اليها. ثوابها الرائع. ايواء الله الخالق العظيم الذي لا يقيد كرمه شيء ولا تضيق به حدود الجزاء الاحسان الا الاحسان سد الفرج فيه معنى سدي الثغرات التي لا تسد الا بك. فاذا كنت في مكان لا ينصر فيه الاسلام او يؤمر او ينهى عن منكر او ترد غيبة مسلم او يغض بصره او يمسك لسانه غيرك حيث تكون الفضيلة متوقفة عليك والا ماتت والخير نابع من وجودك والا انعدم فعندها ضاعف ثوابك وتنال اجر السابقين. واما الاخر فاستحيا فاستحيا الله منه. اي ترك المزاحمة وتخطي الرقاب حياء من الله تعالى. ومن النبي صلى الله عليه وسلم والحضور. او استحياء منهم ان تأخر ولم يدرك الحلقة او استحى ان يعرض ذاهبا كما فعل الاول. فاستحيا الله منه فرحمه ولم يعذبه. وقيل جازاه بعظيم الثواب لكنه مع ذلك لم يلحق بدرجة صاحبه الاول في الفضل والرتبة الذي اواه الله واكرمه بلطفه فشتان ما بين الدرجتين. واما الثالث فاعرض فاعرض الله عنه. وفي رواية في انس رضي الله عنه فاستغنى فاستغنى الله عنه. اي لم يرحمه وسخط عليه. وفي هذا اشارة الى ان هذا الرجل ذهب معرضا عن الخير لا لعذر وضرورة. وفيه ذم من زهد في الخير واعرض. وهذا حال اكثر الخلق كما ناجى بعض الصالحين ربهم فقال الهي ما اكثر المعترضين عليك والمعرضين عنك وما اقل لك وان المرء تتعدد اهدافه في الحياة على حسب مراحل حياته ومسؤولياته التي تتراكم عليه كلما تقدم في العمر فهل تبقى الجنة في سلم الاولويات؟ ام تتراجع في ظل الضغوط والمغريات؟ هذا هو السؤال الذي يحتاج من كل منا الى اجابة. وبسبب نسيان الانسان وغفلته وجد عبدالقادر الجيلاني نفسه مضطر رضينا ان يقول اجعل اخرتك رأس ما لك ودنياك ربحه. واصرف زمانك اولا في تحصيل اخرتك اما ان فضل من زمانك شيء اصرفه في دنياك وفي طلب معاشك. ولا تجعل دنياك رأس مالك واخرتك ربحه ثم ان فضل من الزمان فضلة صرفتها في اخرتك. وطمأن الحسن البصري جموع الخائفين عموم الحريصين على دنياهم والباذلين في سبيلها كل ما يملكون. فقال موجها خطابه الى الشباب خاصة يا معشر الشباب عليكم بالاخرة فاطلبوها. فكثيرا رأينا من طلب الاخرة فادركها مع الدنيا. وما رأينا احدا طلبا الدنيا فادرك الاخرة مع الدنيا