ثلاثة التحذير العملي الذهاب المطروح رأى النبي صلى الله عليه وسلم خاتمة من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه ثم قال يعمد احدكم الى جمرة من نار فيجعلها في يده فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ خاتمك وانتفع به قال لا والله لا اخذه ابدا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم في ربط المعصية بالنار ربطا مباشرا ابلغ التحذير للعسرة ونفاذ لبصيرة النبي صلى الله عليه وسلم. الذي رأى ما وراء الحدث حيث طوى الله له حدود الزمان والمكان كما لم يفعل لاحد قبله وكم يعمد الناس اليوم الى جمرات النار يلبسونها او يأكلونها وما زال صدى التحذير النبوي يتردد في الاذى واما قول صاحب هذا الخاتم حين قالوا له خذه لا اخذه وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففيه المبالغة في امتثال امر رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتناب نهيه وعدم التهاون في تنفيذه والترخص فيه بالتأويلات الضعيفة وقد تكرر هذا الموقف بحذافيره لما قدم رجل من نجران الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من ذهب فاعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا انك جئتني وفي يدك جمرة من نار الحق المحرق قال صلى الله عليه وسلم وقد جاءه اثنان يختصمان انما انا بشر. انما انا بشر. وانكم تختصمون الي. فلعل بعضكم ان يكون الحن بحجته من بعض. فاقضي له وعلى نحو ما اسمع. فمن قضيت له بحق مسلم. فانما هي قطعة من النار فليأخذها يأخزها او ليتركها او ليترك قوله قطعة من النار تمثيل يفهم منه شدة التعذيب فهو من مجاز التشبيه لقوله تعالى انما يأكلون في بطونهم نارا وقوله فليأخذها او ليتركها للتهديد لا للتخيير فقوله تعالى فمن شاء فليؤمن ومن شاء. فليكفر وفي هذا الحديث من الفوائد اثم من خاصم غيره بالباطل لينال به حراما. فمن ادعى مالا وحلف عليه ثم حكم له به فلا يبرأ عند الله. وفيه ان فصاحة اللسان وروعة البيان قد تكون ثمن العذاب في النار والهوان وان اي ربح وان علا واي كسب وان غلا لا قيمة له اذا كبث النهاية له جهنم وان من احتال بباطل بوجه من الوجوه حتى ناله فلا يحل له اخذه ولا يرتفع عنه اثمه. والقاضي بشر والبشر لا يعلمون الغيب. ولا ما استتر من ضمائر الناس وانما يقضي القاضي بما سمع من اقرار وانكار او بينة ليس غير اذا كان بعض الناس ادرى بمواضع الحجة ولحن القول ربما فازوا ببعض المتاع في الدنيا لكنهم اشتروا به شقاء الاخرة كل هذه المعاني ثارت في قلب الصحابيين من قول النبي صلى الله عليه وسلم فارتعد خوفا ووجلا وبكى الرجلان. وقال كل منهما للاخر حقي لك فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم اما اذا فعلتما فاقتسما وتوخيا الحق. ثم استهم ثم تحاللا انا لا ولو ان كل اخوين في سوق او شريكين في تجارة او متنازعين على تركة استضاء بانوار هذا حديث لاختفت كثير من نزاعات اليوم وقضاياه. ولكن عمت البصائر وماتت الضمائر الجمر المتقد قال صلى الله عليه وسلم من سأل الناس اموالهم تكثرا فانما يسأل جمر جهنم فليستقل منه او ليستفر والمعنى انه سأل ليجمع الكثير من غير احتياج له وانما عوقب بهذه العقوبة لانه اخذ ما لا يحل له. او لانه كتب نعمة الله عليه وذلك جحود للنعمة وكفران وفي الحديث تربية الامة على عزة النفس والتعفف وترك المسألة من غير حاجة وعدم اراقة ماء الوجه والسعي على الرزق والحافز والقوة المحركة لذلك كله الخوف من جمر في صورة مال يأخذه المرء في الدنيا ويعذب به في الاخرة وزجر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالسلطان من لم ينزجر بتحذير اللسان. فقد سمع سائلا يسأل بعد المغرب فقال لواحد من قومه عش الرجل فعشاه ثم سمعه ثانيا يسأل. فقال له الم اقل لك عش الرجل؟ قال قد عشيته فنظر عمر فاذا تحت يده مخلاة مملوءة خبزا فقال لست سائلا ولكنك تاجر ثم اخذ المخلاة ونثرها بين يدي ابل الصدقة وضربه بالدرة وقال لا تعد الشملة المسروقة وهنا قصة غلامين اسودين خدما رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومع ذلك دخل النار من جراء سقطة بسيطة. الغلام الاول في صحيح البخاري انه كان على فقر النبي صلى الله عليه وسلم. رجل يقال له كركرة فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو في النار فذهبوا ينظرون اليه فوجدوا عباءة قد غلها. وكان كالكرة اسودا يمسك دابة رسول الله في القتال وكان نوبيا اهداه له هوزة بن علي الحنفي صاحب اليمامة فاعتقه والثقل هو المتاع المحمول في السفر مما يستعمله المسافر الغلام الثاني وهو الذي اهداه له رفاعة بن زيد واسمه مدعم وكان هذا عام خيبر وبينما كان الجيش بوادي القرى وبينما مدعم يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ جاءه سهم للطعائر فاصابه فقتله فقال الناس هنيئا له الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده. ان الشملة التي اصابها يوم خيبر من الغنائم لن تصيبها المقاسم. لتشتعل عليه نارا عليه نارا فلما سمع الناس ذلك جاء رجل بشراك او شراكين اصابهما من الغنائم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم شراك شراك او شراكان من نار وهذا اشارة الى انه لا يسير من الاثم وانه لا تمييز بين القليل من الغلول والكثير فهو من الكبائر ولذا اعلن القرآن عن الفضيحة الكبرى تكون على رؤوس الاشهاد يوم القيامة. ومن يأت بما يوم القيامة