ثلاثة سيء الكلام. سيء الكلام. سيء الكلام عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفع الله وبهذا رجعت وان العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم وفي حديث معاذ رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ان ذكر كثيرا من العبادات قال له الا اخبرك بملاك كله كف عليك هذا واشار الى لسانه قال يا نبي الله وانا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال ثكلتك امك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم الا حصائد السنتهم وزاد الطبراني والبيهقي انك لن تزال سالما مسكت. فاذا تكلمت كتب لك او عليك والملاك ما به احكام اي شيء وتقويته وذلك اشارة الى ما ذكر من اول الحديث الى هنا من العبادات المختلفة من الصلاة والصيام والصدقة والجهاد. واكده صلى الله عليه وسلم بقوله كله اشارة الى شمول امساك اللسان لما تقوم به تلك العبادات جميعا. وانما اشار النبي صلى الله عليه وسلم الى لسانه من غير اكتفاء بالقول تنبيها على ان معالجة اللسان مهمة شاقة قال المباركفوري مبينا دقة التشبيه النبوي وفصاحته حصائد السنتهم اي محسوداتها. شبه ما يتكلم به بالزرع المحسود بالمنجل. وهو من بلاغة النبوة. فكما ان المنجل يقطع ولا يميز بين الرطب واليابس والجيد والرديء فكذلك لسان بعض الناس يتكلم بكل نوع من الكلام حسنا وقبيحا ويخرج ابن رجب بنتيجة صاعقة وحقيقة مؤلمة لكثير ممن استسهل الكلام من غير نظر منه للعاقبة. وظاهر حديث معاذ يدل على ان اكثر ما يدخل الناس النار النطق بالسنتهم. فان معصية النطق يدخل فيها الشرك وهو اعظم الذنوب عند الله عز وجل. ويدخل فيها القول على الله بغير علم وهو قرين الشرك. ويدخل فيها شهادة الزور التي عدلت الاشراك بالله عز وجل. ويدخل فيها السحر والقذف وغير ذلك من الكبائر والصغائر كالكذب الغيبة والنميمة وسائر المعاصي الفعلية لا يخلو غالبها من قول يقترن بها يكون معينا عليها وما كان ابن رجب الا متابعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين سئل ما اكثر ما يدخل النار؟ فاجاب في ايجاز الاجوفات. الفم والفرج اما مسقط هذا العبد من جهنم ومساحة رقعته التي حجزها فيها من واقع عثرات لسانه فنعرفها من ابي هريرة رضي الله عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها. يزل بها في النار ابعد ما بين المشرق والمغرب هذا عن المكان الذي يلقى فيه والمساحة المحجوزة له في النار. اما كم من الاعوام يقضيها بسبب هذا العضو المحتقر. ومن جراء تلك الكلمات المستصغرة فنجده كذلك في حديث لابي هريرة. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا. يهوي بها سبعين خريفا في النار كل هذا من وراء اللسان ومن جراء كلمة واحدة فحسب فكيف بالاف الكلمات من وراء الالاف؟ كيف تكون العاقبة احبتاه؟ وتوضيحا لكثرة معايب اللسان وشدة بعثراته ان كنت لم تلمحها من قبل ولم تحس بنفسك وانت تنزلق نحوها باستمرار اشار صاحب كتاب التسلية اللسان لا تؤمن غائلته. وخطؤه عظيم. ولسهولة حركته وسرعة اطلاقه قد بلي اكثر الناس في زماننا بافاته التي هي فاكهة وسرور مجالسهم كالغيبة والنميمة والكذب والمراء والجدال والخوض في الباطل والخصومات وفضول الكلام والتحريف والزيادة والنقص قال وتزكية النفس تصريحا وتعريضا وحكاية كلام الناس والطعن على ما يبغضه وتزكية من يحبه وهتك المستورات ونحو ذلك فيتفق قوة الداعي وسرعة حركة اللسان فيضعف الصبر. ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ امسك عليك لسانك ولعلك تكون مواظبا على صيام النهار وقيام الليل. وغير ذلك من القربات. لكن لا يمضي عليك يوم الا ويجري على لسانك من افات اللسان ما يستوفي جميع حسناتك فكيف بباقي سيئاتك فاللسان اذا هو الجارحة الاهم لديك. ومن ملكها ملك جسده كله. فلا تشتت جهدك من اليوم بين الجوارح كلها تحاول كبح جماح كل منها على حدة. بل املك لسانك وبعدها يفتح الله عليك بالبقية وهو ما لمحه وارشدك اليه المؤمن الفطن الزاهد الورع يونس بن عبيد حين درس اعمال الجوارح وحلل ثم خرج لنا بهذه النتيجة الهامة لا تجد شيئا من البر واحدا يتبعه البر كله غير اللسان فانك تجد الرجل يصوم النهار ويفطر على حرام ويقوم الليل ويشهد الزور بالنهار وذكر اشياء نحو هذا ولكن لا تجده لا يتكلم الا بحق فيخالف ذلك عمله ابدا