تسعة اخاف عليك انك لا تخاف وهي تغليب نظرية الخوف الاحتياطي والحذر الوقائي. الذي ان لم ينفع لم يضر. مع انه والله نافع غاية النفع وهي مدرسة كثير من السلف ومنهم الحسن البصري قام المغيرة بن مخادش ذات يوم الى الحسد فقال كيف نصنع باقوام يخوفوننا حتى تكاد قلوبنا تطير. فقال الحسن والله لان تصحب اقواما يخوفونك حتى يدركك الامن خير لك من ان تصحب اقواما يؤمنونك حتى يلحقك الخوف. وخذ هذا المثل لو ان رجلا عرض عليه ان يقضي ليلة من احلى الليالي. يأكل فيها اشهى طعام في افخم قصر. وينام مع اجمل امرأة على ان يحرق من الغد في فرن كبير. فماذا يكون رده بمثل هذا المثل تعرف ان استحضار العقوبة عند المعصية نجاة وان سبب الوقوع في المعصية هو الغفلة عن عقوبتها واستبطاء الجزاء كالطالب الذي يطلب منه ان يذاكر ولا يفعل حتى يحين موعد الامتحان وعندها يشحذ كل ذهنه ويركز بؤرة شعوره على التحصيل والمذاكرة. ولو فعل ذلك من البداية لكان خيرا له انه المنهج الاحوط. الذي لا بد ان يقدمه كل لبيب ويسير عليه. فهذا عامر بن عبد قيس يقول لاجتهدن فان نجوت فبرحمة الله. وان دخلت النار فلبعدي جني وكان زياد مولى بن عياش يقول لابن المنكدر ولصفوان بن سليم الجد الجد والحذر الحذر فان يكن الامر على ما نرجو كان ما عملتما فضلا. والا لم تلوما انفسكما وكان مطرف بن عبدالله يقول اجتهدوا في العمل. فان يكن الامر كما نرجو من رحمة الله وعفوه كانت لنا درجات في الجنة وان يكن الامر شديدا كما نخاف ونحاذره. لم نقلنا نعمل صالحا والذي غير الذي كنا نعمل نقول قد عملنا فلم ينفعنا ذلك خوف ينبع من يقين وينبغي ان نتعامل مع ديننا بروح اليقين لا بنظرية الاحتمالات ونتقبله بالجزم الذي يتغنغن في الجذور والاعماق فلا يخالطنا ادنى شك في وعد الله لنا بالبعث والحساب وهذه من اهم صفات المؤمنين الذين اليه راجعون وظنوا في هذه الاية هو اليقين. والحق سبحانه وتعالى يخاطبك. ما دمت جئت بك الى الدنيا مخلوقا فانت راجع الي لا محالة محاسبا مسئولا كان ابو العلاء المعري يقول في اواخر حياته زعم المنجم والطبيب كلاهما. لا تحشر الاجساد قلت اليكما. ان صح قولكما فلست بخاسر او فقولي فالخسار عليكما ابو العلاء يرى ان كل مكذب بالاخرة خاسر والنفس الذكية ولو لم تكن مؤمنة تحتاط لهذا اللقاء. فهب احدا اعتقد ان لا بعث واخر امن بالبعث. فالمعري يخاطبه هنا بمنطق العقل يقول اذا لم يأتي البعث فما الذي ضر من امن به واذا جاء البعث فمن الخاسر؟ لا شك ان الخاسر هو من انكر. وما عليك لو حملت بندقية في طريق اشتهر بكثرة السباع والاخطار ثم لم تجد فيه شيئا من ذلك. من ذلك من ذلك