ما الخوف العاشر وهذا النوع من الخوف وحده هو الذي يؤثر وترجمة كلمة التأثير في العبارة السابقة قام بها باقتدار ابو حامد الغزالي حين قال ولست اعني بالخوف رقة كرقة نساء تدمع عينك ويرق قلبك حال السماع ثم تنساه على القرب. وتعود الى لهوك ولعبك. فليس هذا من الخوف في شيء بل من خاف شيئا هرب منه ومن رجا شيئا طلبه. فلا ينجيك الا خوف يمنعك عن معاصي الله تعالى. ويحثك على الطاعة وابعد من رقة النساء خوف الحمقى اذا سمعوا الاهوال سبق الى السنتهم الاستعاذة فقال احدهم استعنت بالله نعوذ بالله اللهم سلم اللهم سلم وهم مع ذلك مصرون على المعاصي التي هي سبب هلاكهم فالشيطان يضحك من استعاذتهم كما يضحك على من يقصده سبع ضار في الصحراء. ووراءه حصن. فاذا رأى انياب السبع وصولته من بعد قال بلسانه اعوذ بهذا الحصن الحصين واستعين بشدة بنيانه واحكام اركانه. فيقول ذلك بلسانه وهو قاعد في مكانه فانى يغني عنه ذلك من السبع وكذلك اهوال الاخرة ليس لها حصن الا قول لا اله الا الله صادقا. ومعنى صدقه الا يكون له مقصود سوى الله تعالى لا معبود غيره خوف لا ينقطع وهذا الخوف مستمر لا ينقطع عن قلب المؤمن ابدا حتى يوصله الى بر الامان. كما نفخ بذلك الصحابي الجليل الفقيه معاذ بن رضي الله عنه ان المؤمن لا يسكن روعه حتى يترك جسر جهنم وراءه. لا يهدأ بل يظل في الحياة ساعيا وكأنه في مهمة لابد له ان يدركها. راكضا وراء هدف حتى يلحق به. لا يستريح ابدا بل يظل لاهثا من التعب وابواب بذله متنوعة قد يكون ذلك بصدقة كما اشترى بعض السلف نفسه من الله ثلاث مرار او اربعا يتصدق كل مرة بوزن نفسه فضة. واشترى عامر بن عبدالله بن الزبير نفسه من الله بدية ست مرات ان تصدق بها واشترى حبيب الفارسي نفسه من الله باربعين الف درهم تصدق بها او يكون ذلك بذكر كما كان ابو هريرة رضي الله عنه يسبح كل يوم اثني عشر الف تسبيحة قدر ديته يفتدي بذلك نفسه. وقد يكون بحركة دؤوب في الدعوة الى الله تعالى. وحث الناس على الخير حتى الطرقات وقلة ساعات مس الفراش على صدق نيته وشدة عزيمته. او يكون بتعفف عن الحرام وجهد في متاع وايثار للاخرة على الدنيا. كل هذه الاعمال يصاحبها ويحوطها رعاية للاوقات على اقتناص فوائدها وعدم تضييع اي فرصة فيها تلوح. واسمع على ما كانوا يتحسرون؟ وماذا كانوا يحصون عن سفيان قال سمعت ابن ابجر يقول ذهب من عمرنا ساعة في الحمام. مثل نبوي للتوضيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خاف ادلج. ومن ادلج بلغ المنزل. الا ان سلعة الله غالية. الا ان سلعة الله الجنة اهل الجنة من خاف ادلج اي من خاف المبيت في مكان ما لان لا ينزل به عدو او خاف الا يصل الى وجهة سفره في الموعد المحدد فانه لا ينام بالليل. بل يبادر الى السير اول الليل وهو الادلاج ويمنعه خوفه من نومه. لذا يقطع طريق السفر بسرعة. ومن ادلج بلغ المنزل. بلغ المنزل الذي يأمن فيه ولا تناله فيه المخاوف. وخوف اليوم يدفع خوف الغد. وتعب اليوم ينفي تعب الغد والمقصود ان الخائف بحق عامل لا خامل وليس عامله اي عمل بل بكل جد واجتهاد فلا يتوانى او يتراخى او يسوف المهام من اجل الوصول الى مطلوبه وشاطئ امانه وهو الجنة وكلما زاد خوف العبد زاد عمله. وكلما زاد عمله ازداد بعدا عن الاخطار. ووقاية من عذاب النار لان من تفكر في احوال الاخرة طار كسله وحسن عمله وقوي عزمه. كما قال فاولس ان ذكر جهنم طير نوم العابدين