ما القرآن نحيا بالخير والسرور في حفظه النجاة امين ونور. حصاد تدبر الجزء السابع عشر. من اول سورة الانبياء الى اخر سورة الحج اقترم للناس حسابهم. احذر الموت يقترب والغفلة كما هي لقد انزلنا اليكم كتابا فيه ذكركم اي شرفكم وعزكم يعلمنا الله ان العز الحقيقي بالقرآن والايمان لا بالاموال والتطاول في البنيان والعمران لقد انزلنا اليكم كتابا فيه ذكركم بقدر عنايتك بالقرآن زادوا عزا وشرفا عند الله وعند الناس بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق. الحق قذيفة تمزق الباطل وتجهز عليه بشرط ان يكون الحق حقا كاملا. والباطل باطلا كاملا قل من يكلأكم بالليل والنهار من الرحمن من هم عن ذكر ربهم معرضون ذكر الله هو الذي يحفظك ومن اعرض عن الذكر فقد نزع حماية الله عنه مسني الضر تعلم ادب الطلب وفن الخطاب. وكأنه قال لربه علمه بحالي يغنيه عن سؤالي دور فنسب الضر والمرض للمجهول تأدبا مع الله عز وجل ولما اراد الخير نسبه الى رحمة الله وانت ارحم الراحمين. اني مسني الضر وانت ارحم راحمين. قال ابن القيم جمع في هذا الدعاء بين حقيقة التوحيد واظهار الفقر والفاقة الى ربه. ووجود ضعف المحبة في المتملق له والاقرار له بصفة الرحمة. وانه ارحم الراحمين والتوسل اليه بصفاته سبحانه وشدة حاجته وهو فقره. ومتى وجد المبتلى هذا كشف الله عنه بلواه وقد جرب انه من قالها سبع مرات ولا سيما مع هذه المعرفة كشف الله ضره قال النبي صلى الله عليه وسلم الا اخبركم بشيء اذا نزل برجل منكم كرب او بلاء من امر الدنيا دعا به ففرج عنه دعاء ذي النون لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين فنادى في الظلمات في ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل ومع هذا فاستجبنا له. لا مستحيل مع الله. ليست ليونس وحده بل لكل مؤمن دعا بدعاء يونس وافتقر افتقار يونس. ليس الدعاء كلاما باللسان بل حالا بالجنان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين صحح الحذيفة رضي الله عنه موقوفا عليه يأتي عليكم زمان لا ينجو فيه الا من دعا دعاء الغريق. قال الله عن اهل الجنة لا يسمعون حسيسها فلا كدر للمؤمن في الجنة بادنى صوت. فالجنة انتهاء الالم وانتهاء الحزن انتهاء الهم وانتهاء كل ما يمس راحتك ونابلوكم بالشر والخير فتنة قال ابن زيد نبلوهم بما يحبون وبما يكرهون. نختبرهم بذلك لننظر كيف شكرهم فيما يحبون وكيف صبرهم فيما يكرهون البلاء ليس بالضرورة ان يكون شرا البلاء امتحان فان نجحت فيه كان خيرا وان لم تنجح كان شرا ولما نجح ابراهيم في الامتحان كافأه الله بالامامة واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات قال اني جاعل كالناس اماما ولا يسمع الصم الدعاء اذا ما ينذرون. قال قتادة ان الكافر قد صم عن بالله لا يسمعه ولا ينتفع به ولا يعقله كما يسمعه المؤمن واهل الايمان ووهبنا له اسحاق يعقوب نافلة. قال القرطبي اي زيادة. لانه دعا في اسحاق وزيد يعقوب قوموا من غير دعاء فكان ذلك نافلة اي زيادة على ما سأل فاصدق مع الله في الطلب وسيعطيك فوق ما تتمنى ففهمناها سليمان. كان بعض الصالحين يدعو يا معلم ابراهيم علمني ويا مفهم سليمان فهمني وذكران العابدين لما خص العابدين بالذكر؟ قال ابن كثير وجعلناه في ذلك قدوة لان لا يظن اهل البلاء انما فعلنا بهم ذلك لهوانهم علينا وليتأسوا به في الصبر على مقدورات الله وابتلائه لعباده بما يشاء وله الحكمة البالغة في ذلك وذكران العابدين. قال القرطبي ابتليناه ليعظم ثوابه غدا وذكرى للعابدين اي وتذكيرا للعباد لانهم اذا رأوا بلاء يعقوب وصبره عليه ومحنته له وهو افضل اهل زمانه وانفسهم على الصبر على شدائد الدنيا نحو ما فعل ايوب فيكون هذا تنبيها لهم على ادامة العبادة واحتمال الضرر انكم وما تعبدون من دون الله حصبوا جهنم انتم لها واردون قال السعدي والحكمة في دخول الاصنام النار وهي جماد لا تعقل وليس عليها ذنب بيان كذب من اتخذها الهة وليزداد عذابه لا يحزنهم الفزع الاكبر. المؤمنون غدا في امان وبلا احزان. قال ابن عباس الفزع الاكبر اهوال يوم القيامة والبعث. وقال الحسن ووقت يؤمر بالعباد الى النار وقال سعيد بن جبير والضحاك هو اذا اطبقت النار على اهلها وذبح الموت بين الجنة والنار عن ابن عباس رضي الله عنه قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا بموعظة فقال يا ايها الناس انكم تحشرون الى الله حفاة عراة غرلا كما بدأنا اول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين وما ارسلناك الا رحمة للعالمين تمت الرحمة لمن امن به في الدنيا والاخرة ومن لم يؤمن به عوفي مما اصاب قبله وما يأتيهم من ذكر اتاك الذكر دون ان تتعب في الوصول اليه وصلك وانت متكئ على سريرك او مستريح على اريكتك مع انه الذي ينبغي ان يؤتى وتقطع اليه المسافات فاي تدليل واي عناية ما امنت قبلهم من قرية اهلكناها فهم يؤمنون طلبوا منه اية كونية كالتي جاء بها الانبياء الذين سبقوه ولما لم يؤمن بها اقوامهم اهلكناهم. ولو اعطيناك نفس الايات ولم يؤمن بها قومك لاهلكناهم كما اهلكنا السابقين لذا اقتضت حكمتنا ورحمتنا ان نمنع عنهم ما طلبوه والا هلكوه افهم يؤمنون للانكار اي ان الكافرين من امتك يا محمد لن يؤمنوا بالخوارق التي طلبوها متى جاءتهم لانهم لا يقلون عتوا وعنادا عن الذين سبقوهم فاهلكهم الله. بل نقذف بالحق على الباطل فادمعوا فاذا هو زاهق. الباطل يحمل بذور فدائه. قال الالوسي وفي اذا فاذا هو زاهق الفجائية والجملة الاسمية هو زاهق من الدلالة على كمال المسارعة في الذهاب والبطلان ما لا يخفى فكأنه زاهق من الاصل وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد. قال القرطبي نزلت حين قالوا نتربص بمحمد ريب المنون وذلك ان المشركين كانوا يدفعون نبوته ويقولون شاعر نتربص به ريب المنون لعله يموت كما مات شاعر بني فلان فقال الله تعالى قد مات الانبياء قبلك يا محمد وتولى الله نصر دينه وحياطته. نحفظ دينك وشرعك افإن مت فهم الخالدون. للانكار والنفي. ورحم الله الامام الشافعي. حين قال تمنى اناس ان وان امت فتلك سبيل لست فيها باوحدي. فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى تهيأ لاخرى مثلها وكأن قد بالشر والخير فتنة قال سيد قطب ان الابتلاء بالخير اشد وطأة فكثيرون يصمدون امام الابتلاء بالشر. ولكن القلة القليلة هي التي تصمد تلاقي الخير كثيرون يصبرون على الابتلاء بالمرض والضعف وقليلون هم الذين يصبرون على الابتلاء بالصحة والقدرة. كثيرون يصبرون على قوى الحرمان فلا تتهاوى نفوسهم ولا تذل وقليلون هم الذين يصبرون على الثراء ومغرياته وما يثيره من اطماع كثيرون يصبرون على الكفاح والجراح وقليلون هم الذين يصبرون على الدعة ولا يصابون بالحرص الذي يذل اعناق الرجال لما ذكر الله المستهزئين برسوله صلى الله عليه وسلم وقع في نفوس الصحابة سرعة انتقام الله من المستهزئين. فاخبرهم الله بسنته في الامهال وانه سيريهم ايات انتقامه وعلامات اقتداره على من خالف امره وعصاه ساريكم اياتي فلا تستعجلون ونضع الموازين القسط ليوم القيامة. قال القرطبي يدل بظاهره على ان لكل مكلف ميزانا توزن به اعماله قالوا فتوضع الحسنات في كفة والسيئات في كفة. وقيل يجوز ان يكون هناك موازين للعمل الواحد يوزن بكل ميزان منها صنف من اعماله اتى جبريل عليه السلام الى ابراهيم فقال له الك حاجة قال اما اليك فلا واما الى الله فنعم. قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم قال كعب ما احرقت النار من ابراهيم الا وثاقه قال ابن عطاء وكن ايها الاخ ابراهيميا اذا زج به في المنجنيق فتعرض له جبريل فقال الك حاجة قال اما اليك فلا واما الى ربي فبلى قال فسأله قال حسبي من سؤالي علمه بحالي فانظر كيف رفع همته عن الخلق ووجهها الى الملك الحق فلم يستغن بجبريل ولا احتال على السؤال بل رأى ربه تعالى اقرب اليه من جبريل ومن سؤاله. فلذلك سلمه من نمرود ونكاله وانعم عليه بنواله وافضاله وداوود وسليمان اذ يحكمان في الحرث ذكر المفسرون رجلين دخل على داوود عليه السلام احدهما صاحب زرع والاخر صاحب غنم. فقال صاحب الزرع لداوود ان غنم هذا قد نفشت في حرثي فلم تبق منه شيئا. فحكى داوود لصاحب الزرع ان يأخذ غنم خصمه في مقابل اتلافها لزرعه ثم التقيا بسليمان عليه السلام فاخبراه بحكم ابيه فدخل سليمان على ابيه فقال له يا نبي الله ان القضاء غير ما قضيت ادفع الغنم الى صاحب الزرع لينتفع بها وادفع الزرع الى صاحب الغنم ليقوم عليها حتى يعود كما كان ثم يعيد كل منهما الى صاحبه ما تحت يده. فيأخذ صاحب الزرع زرعه وصاحب الغنم غنمه. فقال داوود القضاء اقضيت يا سليمان؟ ففهمناها سليمان هو صاحب الحكم الانسب في هذه القضية. لان داوود اتجه في حكمه الى مجرد التعويض لصاحب الحرف وهذا عدل فحسب. اما حكم سليمان فقد تضمن مع العدل البناء والتعمير وهذا هو العدل الايجابي في صورته الهادفة البانية مر النبي صلى الله عليه وسلم على ابي موسى الاشعري وهو يتلو القرآن من الليل فوقف واستمع اليه وقال لقد اوجيت مزمارا من مزامير داوود وفي رواية قال ابو موسى اما اني لو علمت بمكانك لحضرته لك تحبيرا. والتحبير التحسين والتزيين وفي هذا جواز تحسين الصوت وتجويد التلاوة لاجل انتفاع السامعين. وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطيب قال صاحب الكشاف فان قلت لما قدم الجبال على الطيف قلت لان تسخيرها اعجب وتسبيحها اعجب وادل على القدرة وادخل في الاعجاز لانها جماد والطير الا انه غير ناطق روي انه كان يمر بالجبال مسبحا وهي تجاوبه وقيل كانت تسير معه حيث سار قال صاحب الكشاف الطف ايوب في السؤال. حيث ذكر نفسه بما يوجب الرحمة. وذكر ربه بغاية الرحمة الم يصرح بالمطلوب ويحكى ان عجوزا تعرض لسليمان بن عبدالملك فقالت يا امير المؤمنين مشت جرذان اي فئران بيتي على العصا. فقال لها الطفت في السؤال لا جرم لاجعلنها تثب واثبل شهود وملأ بيتها حبا. وذكرى للعابدين. وخص سبحانه العابدين بالذكرى لانهم اكثر الناس بلاء امتحانا ففي الحديث الشريف اشد الناس بلاء الانبياء ثم الصالحون ثم الامثل فالامثل وفي حديث اخر يبتلى الرجل على قدر دينه. فان كان في دينه صلابة زيد له في بلائه وحرام على قرية اهلكناها انهم لا يرجعون. الكل سيرجع الى الله تعالى ليجازيه بما يستحق يوم القيامة. وقد نفت الاية عن الاذهان ما قد يتبادر من ان هلاك الكافرين بالعذاب في الدنيا قد ينجيه من عذاب يوم القيامة وما تعبدون من دون الله حصم جهنم. وفي القاء اصنامهم معهم في النار مع انها لا تعقل زيادة في حسرتهم وتبكيتهم حيث رأوا باعينهم مصير ما كانوا يتوهمون من ورائه المنفعة. فهو عذاب نفسي مع العذاب البدني الحسي وهم فيها لا يسمعون. اي وهم في جهنم لا يسمعون ما يريحهم. وانما يسمعوه ما فيه توبيخهم وعذابهم او لم يروا انا نأتي الارض ننقصها من اطرافها. اخرج مسلم وابو داوود والترمذي عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله زوى لي الارض فرأيت مشارقها ومغاربها وان امتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها وتتلقاهم الملائكة حفل استقبال الملائكي يليق باهل الجنة. جاري الاعداد له من الان. لا يحزنهم الفزع الاكبر. تنمحي كلمة الحزن من قاموس اهل الجنة. ابتداء من يوم قيامة ووصولا الى حياة الابد في الجنة وما ارسلناك الا رحمة للعالمين قال ابن القيم عموم العالمين حصل لهم النفع برسالته. اما اتباعه فنالوا بها كرامة الدنيا والاخرة. واما اعداؤه المحاربون له الذين عجل قتلهم وموتهم خير لهم لان حياتهم زيادة لهم في تغليظ العذاب عليهم في الاخرة. واما المعاهدون فعاشوا في الدنيا تحت ظله وعهده وذمته. واما المنافقون فحصل لهم باظهار الايمان به حقن دمائهم واموالهم واهليهم واحترامها وجريان احكام المسلمين عليهم. واما الامم النائية عنه فان الله سبحانه رفع في العذاب العام عن اهل الارض. فاصاب كل العالمين النفع برسالته يا ايها الناس اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شيء عظيم. بدأت سورة الحج بذكر يوم القيامة لان الحج اشبه ما يكون بيوم الحشر يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما ارضعت. قال صاحب الكشاف فان قلت لما قيل مرضعة دون مرضع قلت المرضعة التي هي في حال ارضاعي ملقمة ثديها الصبي والمرضع التي من شأنها ان ترضع وان لم تباشر الرضاعة في حال وصفها به. فقيل مرضعة ليدل على ان ذلك الهول اذا فوجئت به هذه وقد القمت الرضيع ثديها عتهعا فيه لما يلحقها من الدهشة عن ارضاعها ومن الناس من يجادل في الله بغير علم. هناك ارتباط عكسي بين العلم والجدال. كلما قل العلم زاد الجدال ومن الناس من يعبد الله على حرف. الى ان قال خسر الدنيا والاخرة حرف اي على حال واحدة. فاذا تغيرت ترك ما كان عليه من عبادة ربه يدعو لمن ضره اقرب من نفعه. قال ابن القيم اذا تعلق بغير الله وكله الله الى ما تعلق به وخذله من جهة ما تعلق به وفاته تحصيل مقصوده من الله عز وجل بتعلقه بغيره والتفاته الى سواه فلا على نصيبه من الله حصل ولا الى ما امله ممن تعلق به وصل كلما ارادوا ان يخرجوا منها اعيدوا فيها. قرأها الفضيل بن عياض فبكى وقال والله ما طمعوا في الخروج. وان الايدي لموثوقة والارجل لمقيدة. وكلما رفعهم لهيبها يصيرون في اعلاها فردهم الزبانية بمقام من حديد الى اسفلها ايه ده واذنا في الناس بالحج يأتوك رجالا. رجالا اي على اقدامهم بمعنى مشاة وليس مراد الذكور قال ابن عباس ما اسى على شيء فاتني الا الا اكون حججت ماشيا فاني سمعت الله تعالى يقول يأتون رجالا ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب. ومن شعائر المصحف فلا تضعه على الارض ولا خلف ظهرك ولا تضع فوقه كتابا ولا تضع فيه ورقة هامة فليس اهم من فاذا وجبت جنوبها ليس الوجوب الذي بمعنى الالزام. بل المعنى سقطت جنوبها بعد نحرها اي الابل اطعموا القانع والمعتر. القانع هو الفقير المتعفف الذي لا يعلم حاله. فمن اعمال الاتقياء البحث عن الفقراء ان الله يدافع عن الذين امنوا. الله معك بقدر ايمانك. فالايمان صمام امان ان الله يدافع عن الذين امنوا عندما يدافع الله عنك فما مصير من يعاديك من يعبد الله على حرف. قال ابن جزي نزلت في قوم من الاعراب. كان احدهم اذا اسلم فاتفق له ما يعجبه في ماله وولده قال هذا دين الحسن وان اتفق له خلاف ذلك تشاءم به وارتد عن الاسلام يدعو لما ضره اقرب من نفعه قال ابن جزي فيها اشكال كونه وصف الاصنام بانها لا تضر ولا تنفع ثم وصفها بان ضرها اقرب من نفعها فدفى الضر ثم اثبته. فالجواب ان الضر المنفي اولا يراد به ما يكون من فعلها وهي لا تفعل شيئا. والضر الثاني يراد به ما يكون بسببها من العذاب وغيره يوم القيامة والشمس والقمر والنجوم. لما ذكر هذه الثلاثة قال ابن كثير انما ذكر هذه على التنصيص. لانها قد عبدت من دون الله فبين انها تسجد لخالقها وانها مربوبة مسخرة بالبيت العتيق. قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وقتادة سمي عتيقا لان الله اعتقه من اي الجبابرة ان يصلوا الى تخريبه فلم يظهر عليه جبار قط من اليم يفيد ان من اراد سيئة في مكة ولم يعملها يحاسب على مجرد الارادة وهو قول ابن مسعود وعكرمة سئل ابن عمر رضي الله عنه وكان منزله في الحل ومسجده في الحرم. لم تفعل هذا؟ فقال لان العمل في الحرم بافضل والخطيئة فيه اعظم. وبشر المخبتين. قال ابن عاشور وقد اتبع صفة المخبتين باربع فات وهي وجل القلوب عند ذكر الله. والصبر على الاذى في سبيله. واقامة الصلاة والانفاق. وكل هذه الصفات الاربع مظاهر التواضع. فليس المقصود من جمع تلك الصفات لان بعض المؤمنين لا يجد ما ينفق منه. وانما المقصود من لم يخل بواحدة منها عند امكانها ويمسك السماء جمع بين الرجاء في ويمسك السماء ان تقع والخوف في قوله الا باذنه. وان جادلوك فخذ الله اعلم بما تعملون. قال القرطبي في هذه الاية ادب حسن علمه الله عباده في الرد على من جادل تعنتا ومراءا الا يجاب ولا يناظر ويدفع بهذا القول الذي علمه الله لنبيه. من كان يظن ان لن ينصره الله في الدنيا والاخرة فليمننني بسبب الى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيدهما يغيظ. المعنى ان الله ناصر رسوله في الدنيا والاخرة. فمن كان يظن من اعاديه ان الله لا يفعل فليستفرغ جهده في ازالة غيظه بان يفعل فعل من بلغ به الغيظ منتهاه حتى مد حبلا الى سماء بيته فشنق به نفسه فلينظر ان فعل ذلك هل يذهب غيظ قلبه كلا فان ما فعله بنفسه من الاختناق والغيظ لن يغير شيئا من نصر الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم فليمت بغيظه وكبده. قطعت لهم ثياب من نار. قال الالوسي انه شبه اعداد النار المحيطة بهم بتقطيع ثياب وتفصيلها لهم على قدر جثثهم. ففي الكلام استعارة تمثيلية حكومية وليس هناك تقطيع ثياب ولا ثياب حقيقة. وكأن جمع الثياب للايذان بتراكم النار المحيطة بهم وكون بعضها فوق بعض وعبر بالماضي قطعت لان الاعداد قد وقع وذو قوا عذاب الحريق. جواب لقول محذوف تقديره اعيدوا فيها وقيل لهم على لسان خزنة النار ذوقوا العذاب المحرق لابدانكم. ولباسهم فيها حرير لبسوا الحرير في الجنة بشرط. قال صلى الله عليه وسلم من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الاخرة الا هم جاء لفظ منافع بصيغة التنكير للتعميم والتعظيم والتكفير. اي منافع عظيمة شاملة لامور الدنيا والدين فمن مظاهر منافعهم الدينية غفران ذنوبهم واجابة دعائهم ورضا الله عنهم ومن مظاهر منافعهم الدنيوية اجتماعهم في هذا المكان الطاهر وتعارفهم وتعاونهم على البر والتقوى وتبادلهم المنافع فيما بينهم عن طريق البيع والشراء فكلوا منها. قال الالوسي والامر في قوله فكلوا منها للاباحة. بناء على ان الاكل كان منهيا عنه شرعا. بقوله صلى الله عليه وسلم اني نهيتكم عن اكل للحوم الاضاحي بعد ثلاث فكلوا وادخروا. وقيل لان اهل الجاهلية كانوا يتحرجون فيه او للندب على مواساة فقراء ومساواتهم في الاكل منها. فاجتنبوا من الاوثان واجتنبوا قول الزور. لم يعطف قولا الزوري على الرجس بل اعاد النهي فقال واجتنبوا لمزيد العناية والتحذير من قول الزور ثم محلها الى البيت العتيق. المعنى ان شعائر الحج كلها من الوقوف بعرفة ورمي الجمار والسعي ينتهي الى طواف الافاضة بالبيت العتيق. فقوله محلها مأخوذ من تحلل المحرم من احرامه فامكم اسم الله عليها صواب اي قائمات قد صففن ايديهن وارجلهن استعدادا للذبح. اي اذا ما هيأتم هذه الابر للذبح فاذكروا اسم الله عليها عند نحرها. وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان قال الالوسي القى الشيطان الشبه والتخيلات فيما يقرؤه على اوليائه ليجادلوه بالباطل وهذا كقولهم عند سماع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم. حرمت عليكم الميتة والدم ان محمدا يحل ذبيحة نفسه ويحرم ما ذبحه الله اه وقولهم عند سماع قراءته لقوله تعالى انكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم عيسى قد عبد من دون الله. وكذلك الملائكة قد عبدوا من دون الله. ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم. الحكمة من القاء الشيطان لهذه الشبهات هو امتحان الناس. يلقي الشيطان من تلك الشبهات في القلوب ما يعد فتنة واختبارا وامتحانا للذين في قلوبهم مرض وهم المنافقون وللذين قست قلوبهم وهم الكافرون المجاهرون بالجحود والعناد. ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله سبب النزول قال مقاتل نزلت هذه الاية في قوم من مشركي مكة لقوا قوما من المسلمين بليلتين بقيتا من المحرم فقالوا ان اصحاب محمد يكرهون القتال في الشهر الحرام. فاحملوا عليهم فناشدهم المسلمون الا يقاتلوهم في الشهر الحرام المشركون الا القتال فحملوا عليهم فثبت المسلمون ونصرهم الله على المشركين وحصل في انفس المسلمين شيء من القتال في الشهر الحرام فانزل الله هذه الاية وان يسلبهم الذباب شيئا لا منه. قال القرطبي وخص الذبابة باربعة امور تخصهم لمهانته وضعفه والاستقذاره وكثرته. فاذا كان هذا الذي هو اضعف الحيوان واحقره لا يقدر من عبدوه من دون الله تعالى على خلق مثله ودفع اذيته فكيف يجوز ان يكون الهة معبودين واربابا مطاعين وهذا من اقوى حجة واوضح برهان وما جعل عليكم في الدين من حرج. رحم الله الامام القرطبي حين قال رفع الحرج انما هو لمن استقام على منهاج الشرع واما السراق واصحاب الحدود فعليهم الحرج. وهم جاعلوه على انفسهم بمفارقتهم الدين مع القرآن نحيا بالخير والسرور في حفظه شفاء العصور