ما القرآن نحيا بالخير والسرور. في حفظه النجاة امين عودا ونورا. حصاد تدبر الجزء السادس والعشرين سورة الاحقاف الاية الاولى الى سورة الذاريات الاية الثلاثين. ان الله لا يهدي القوم الظالمين تكررت هذه العبارة في القرآن بهذه الصيغة المؤكدة اربع مرات فالظالم محروم من الهداية الربانية كعقوبة مستحقة على ظلمه وهي اشد العقوبات. في القرآن كره هن بالضم واحيانا بالفتح كرهة والنطق بالضم اقوى واشد لذا جاء مع الثقل النفسي والبدني مثل كتب عليكم القتال وهو كره لكم واما الفتح فمع الثقل النفسي فحسب مثل قل انفقوا طوعا او كرها فجاء التعبير الاثقل مع الاثقل والاخف مع الاخف واصلح لي ذريتي اني تبت اليك واني من المسلمين. التوبة ما يتقدم الدعاء، ومن اراد صلاح ذريته فليتب من ذنوبه اولا. قال ربي اوزاني ان اشكر نعم اي الهمني ووفقني فلولا توفيق الله ما شكره احد. ولولا عونه ما اطاعه منهم احد قال رب اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي. من بر الوالدين ان اذكر الله على النعم التي انعم بها على والديك. قال رب اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي. قال ما لك بن مغول اشتكى ابو معشر ابنه الى طلحة ابن مصرف فقال استعن عليه بهذه الاية وتلا قال رب اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي. تدمر كل شيء بامر ربك فاصبحوا لا يرى الا مساكنهم كذلك ليز القوم المجرمين. دمرتهم لاجرامهم وتدمر من ورائهم كل مجرم. فسبب التدمير وهو تحذير باق لاصحاب العقول والافهام وان صرفنا اليك نفرا من الجن يستمعون القرآن. جلسة قرآنية واحدة مع اصغاء كانت سبب تحطيم سنوات طويلة من الضلالة والاغواء فعليكم بمجالس القرآن قالوا انصتوا فلما قضي ولوا الى قومهم منذرين. حين تأدبوا مع كلام ربهم بالانصات كافئهم بان وفقهم لاشرف المهام وهي الدعوة الى الله لان الحسنات ولود. فلما قالوا انصتوا. فيه فضل التذكير بالخير والتواصي بالحق بين الاخوان منذرين. اولى الناس بدعوتك هم اهلك وعشيرتك. ولو الى قومهم منذرين زكاة العلم تبليغه. وشكر نعمة الهداية ان تهدي منها الى غيرك. فلما قضي ولوا لا تأخير في البلاغ ولا كسل في نشر الخير. الا تغار من الجن ايها الانسي فلما قضي ولوا الى قومهم منذرين. هل انتفعت بما سمعت اليوم من كتاب الله؟ من علامات انتفاعك ابتداؤك فورا في تبليغ ما سمعت فاصبر كما صبر اولو العزم من الرسل. نحتاج دائما الى مثال للاقتداء. ولذا فحين امر الله رسوله بالصبر ارشده ان يصبر كما صبر هؤلاء العظماء. فاصبر كما صبر اولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم الصبر ضد الاستعجال فبالصبر تتحقق الغايات وبالاستعجال تيأس القلوب وتنقطع عن المواصلة فاما من بعد واما فداء. قدم المن على الفداء اشارة الى حرمة النفس على طلب المال. فالمجاهد في سبيل الله يقاتل لاعلاء كلمة الله. لا لمغنم دنيوي ذلك ولو يشاء الله منهم ولكن ليبل وبعضكم ببعض ظالمين دور مرسوم يختبر الله به المظلوم ليرى صبره فان نجح في الاختبار كافأه الله على صبره بالنصر المحتوم ويصلح بالهم راحة بالشهداء. قال الامام البقاعي اي موضع فكرهم فيجعله مهيأ لكل خير اذا عن كل شر امنا من المخاوف مطمئنا بالايمان بما فيه من السكينة. فاذا قتل احد في سبيله تولى سبحانه وتعالى ورثته باحسن من تولي المقتول لو كان حيا ويدخلهم الجنة عرفها لهم. في صحيح البخاري. فوالذي نفس محمد بيده. لاحدهم اهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان له في الدنيا. ويدخلهم الجنة عرفها لهم. قال مجاهد يمشي اهل الى بيوتهم ومساكنهم وما قسم الله عز وجل لهم فيها. لا يخطئون شيئا منها كانهم ساكنوها منذ لا يستدلون عليها احدا ينصركم ويثبت اقدامكم لا يتأخر نصر الله الا ان تأخر نصر العبد لربه على نفسه وذلك بطاعة اوامره واجتناب نواهيه ذلك بانهم كرهوا ما انزل الله فاحبط اعمالهم. كراهية بعض ما انزل الله من كامل كفيل باحباط الاعمال. وهنا تبرز خطورة عمل القلب افلم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم. قال ابن القيم وكذلك كل موضع امر والله سبحانه فيه بالسير في الارض. سواء كان السير الحسي على الاقدام والدواب او السير المعنوي بالتفكر والاعتبار ان الله يدخل الذين امنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الانهار قال البقاعي فانساهم دخولهم الجنة غصص ما كانوا فيه في الدنيا من نكد العيش ومعاناة الشدائد وضمنوا نعيمها الى ما كانوا فيه في الدنيا من نعيم الوصلة بالله. ثم لا يحصر لهم كدر ما اصلا. وهي مأواهم لا يبغون عنها وله وهذا في نظير ما زوي عنه من الدنيا وضيق فيه عيشهم نفاسة منهم عنها حتى فرغهم لخدمته الزمهم حضرته حبا لهم وتشريفا لمقادرهم. والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الانعام النار مثوى لهم لما كان الكفار اسوأ حالا من الانعام؟ لانهم تساووا مع الانعام في الطعام لكن زادوا عليهم في العذاب فان الانعام غدا تتحول الى تراب وهم يعذبون والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الانعام. قال الشيخ عبدالقادر الجيلاني لغلامه يا غلام غلام لا يكن همك ما تأكل وما تشرب وما تلبس وما تنكح وما تسكن وما تجمع كل هذا هم النفس بالطبع. فاين هم القلب؟ همك ما اهمك. فليكن همك ربك عز وجل وما عنده. والذين زادهم هدى من ثواب الهدى الهدى بعده. ولذا جاء في بعض الاثار من عمل بما علم اورثه الله علم ما لم يعلم على والذين اهتدوا زادهم هدى. الرب شكور. طلب الهدى فاعطاهم الله ما طلبوا وزيادة فاعلم انه لا اله الا الله واستغفر ذلك وللمؤمنين والمؤمنات سئل سفيان بن عيينة عن فضل العلم فقال الم تسمع قوله حين بدأ به فاعلم انه لا اله الا الله واستغفر لذنبك فامر بالعمل بعد العلم. وقال اعلموا انما الحياة الدنيا لعب ولهو الى قوله سابقوا الى مغفرة من ربكم وجنة وقال واعلموا ان ما اموالكم واولادكم فتنة؟ ثم قال بعدها فاحذروهم وقال واعلموا انما غنمتم من شيء فان لله خمسه ثم امر بالعمل بعده واستغفر لبابك. ذكر القرطبي وجوها خمسة في استغفار النبي صلى الله عليه وسلم. الاول يعني استغفر الله ان يقع منك ذنب. الثاني استغفر الله ليعصمك من الذنوب. الثالث امره بالثبات على الايمان. اي يثبت على ما انت عليه من التوحيد والاخلاص والحذر عما تحتاج معه الى استغفار الرابع الخطاب له والمراد به الامة. الخامس كان عليه السلام يضيق صدره من كفر الكفار والمنافقين فنزل هذه الاية فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم. الصدق لا يأتي الا بخير فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم. قال ابن القيم رحمه الله ومن صدق الله في جميع اموره صنع الله له فوق ما يصنع لغيره فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض وتقطعون ارحامكم قال ابن عاشور وفي الاية اشعار بان الفساد في الارض وقطيعة الرحم من شعار اهل الكفر فهما جرمان كبيران يجب على المؤمنين اجتنابهما فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض وتقطعوا ارحامكم. ان توليتم عن جهاد ولن تقوموا به عم الفساد الارض وقطعت الارحام. فهل عسيتم ان توليتم ان افسدوا في الارض وتقطعوا ارحامكم. قال قتادة كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله؟ الم يسفكوا الدم الحرام وقاطعوا الارحام وعصوا الرحمن. فهل عسيتم ان تعليتم ان تفسدوا في الارض مقطعوا ارحامكم. قال البقاعي وقد علم من هذا ان من امر بالمعروف وجاهد اهل المنكر امن الافساد في الارض وقطيعة الرحم. ومن تركه وقع فيهما. فهلاسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض وتقطعوا ارحامكم. الخطاب هنا للمنافقين. ان كنتم توليتم عن الجهاد بذريعة ان فيه افسادا وقطع ارحام لكون الكفار اقاربكم فلا يتوقع منكم الا ان تفسدوا في الارض بعدم معونة اهل الاسلام لم تعينوهم قطعتم ما بينكم وبينهم من ارحام. افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها قال ابن القيم فلو رفعت الاقفال عن القلوب لباشرتها حقائق القرآن واستنارت فيها مصابيح الايمان افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها؟ كان ابن مسعود يقول ثوروا القرآن اي استخرجوا منه كنوزه بالتدبر افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها. قرأها قارئ عند عمر رضي الله عنه. فقال تاب عنده اللهم عليها اقفالها وبيدك مفاتيحها لا يفتحها سواك فاعجب به عمر انا به اما على قلوب اقفالها. ولم يقل ام على قلوبهم واراد بذلك العموم والمعنى اي قلوب هؤلاء اولاء وقلوب امثالهم فاي قلب لا يستمع لكتاب الله ولا يعيه ولا يتدبره فعلى قلبه قفل ام على قلوب اقفالها؟ ولم يقل اقفال وكأن كل قلب من قلوب هؤلاء المنافقين عليه طفل اصل يناسبه ويحكم اغلاقه اما على قلوب اقفالها قيل لحكيم الا تعظ فلانا؟ فقال ذلك على قلبه قفل ضاع مفتاحه فلا سبيل الى معالجة فتحه اما لا اقول من اقفالها ما الفارق بين الران والطبع والقفل؟ قال مجاهد الران وايسر من الطبع والطبع ايسر ومن الاقفال والاقفال اشد ذلك كله. ذلك بانهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الامر والله يعلم اصرارهم قال المنافقون ذلك لليهود فالمنافقون دائما طابور خامس لاعداء الله ومنهم اليهود ويطيعون اوامر اليهود في الكيد والتآمر على الاسلام واهله فكيف اذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وادبارهم. قال ابن عباس لا يتوفى احد على معصية الا بضرب شديد لوجهه وقفاه ام حسم الذين في قلوبهم مرض الا يخرج الله اضغانهم. قال عثمان بن عفان ما اسر احد سريرة الا اظهرها الله عز وجل على صفحات وجهه وفلتات لسانه. وقال ابن عقيل في الفنون وقل ان يضمر مضمر شيئا الا وظهر مع الزمان على فلتات لسانه وصفحات وجهه. ام حسب الذين في قلوبهم مرض لئيم اخرج الله اضغانهم. قال عثمان بن عفان لو ان عبدا دخل بيتا في جوف بيت فادمن هناك عملا او شكى الناس ان يتحدثوا به. وما من عامل يعمل الا كساه الله رداء عمله ان خيرا فخير. وان شرا فشر ولتعرفنهم في محي القول المنافق مفضوح بفلتات لسانه وزلات قلمه ولا نبلونكم حتى نعلم المجاهدين معكم والصابرين ونب واخباركم قال ابراهيم ابن الاشعث كان الفضيل ابن عياض اذا قرأ هذه الاية بكى وقال اللهم لا تفتلينا فانك اذا بلوتنا فضحتنا وهتكت استارنا ولنبلونكم لابد للمحبوب من اختبار المحب ولابد مع كل قول من تمحيص الصدق والا كثر المدعون وتزاحم على الغنيمة المنافقون انا فتحنا لك فتحا مبينا. قال الزهري لم يكن فتح اعظم من صلح الحديبية وذلك ان المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم فتمكن الاسلام في قلوبهم اسلم في ثلاث سنين خلق كثير بهم سواد الاسلام هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين. قال الرزي والسكينة الثقة بوعد الله والصبر على حكم الله بل السكينة معين يجمع فوزا وقوة وروحا يسكن اليه الخائف ويتسلى به حزين واثر هذه السكينة الوقار والخشوع وظهور الحزم في الامور ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم. اخذ العلماء من هذه الاية وامثالها ان الايمان يزيد وينقص قال الامام النووي وغيره ان الايمان بمعنى التصديق القلبي. يزيد وينقص ايضا بكثرة النظر ووضوح الادلة ويعظم المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات. قال ابن عاشور والابتداء بذكر المنافقين في قبل المشركين لتنبيه المسلمين بان كفر المنافقين خفي. فربما غفل المسلمون عن هذا الفريق او نسوه الضالين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء. من ظن ان الله الله لن ينصر دينه ولن يكتب لجنده العاقبة وانهم يستأصلون فهو داخل تحت مظلة هذه الاية. وقد توعده الله ان ما ظن وقوعه بالمؤمنين سيقع به ودائر عليه. الظانين بالله ظن السوء عليهم وهذا عكس حال المؤمن. قال سيد قطب فالقلب المؤمن حسن الظن بربه. يتوقع ومنه الخير دائما يتوقع منه الخير في السراء والضراء ويؤمن بان الله يريد به الخير في الحالين. وتعزروا قال سهل الدستوري اي تعظموه غاية التعظيم في قلوبكم. وتطيعوه بابدانكم. ولهذا سمي التعزير تعزيرا لانه اكبر التأديب ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم. محظوظ ومحروم واحد. روى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله انه سئل كم كان عددكم يوم الحديبية؟ قال كنا اربع عشرة مئة فبايعنا الرسول صلى الله عليه وسلم على الا نفر سوى الجد ابن قيس فانه اختفى تحت بطن بعيره ولن يسرع مع القوم سيكون لك المخلفون من الاعراب شغلتنا اموالنا واهلنا فاستغفر لنا. مهما كانت ارتباطاتك فلا يشغلك عن ذكر الله شيء فان هذا علامة شؤم وحرمان وطرد وخذلان سيكون المخلفون اذا انفلقتم الى مغانم لتأخذوا هذا رونا نتبعكم يريدون ان يبدلون كلام الله. قال ابن جزي اي يريدون ان يبدلوا وعد الله لاهل الحديبية. وذلك ان الله وعدهم ان تعوضهم من غنيمة مكة غنيمة خيبر وفتحها وان يكون ذلك مختصا بهم دون غيرهم. واراد المخلفون ان يشاركوهم في ذلك فهذا هو ما ارادوه من التبديل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون الا قليلا. فسيقولون بعد ان منعتهم من الخروج معك الى خيبر تنفيذا لحكم الله انما تمنعوننا من الخروج لانكم تحشدوننا وتريدون حرماننا من نصيبنا في الغنيمة والله لم يأمركم بهذا. قل للمخلفين من الاعرام ستدعون الى قوم اولي بأس شديد تقاتلونهم او يسلمون والقوم هم قبائل هواز وثقيف الذين التقى بهم المسلمون في حنين بعد فتح مكة وهذه الاية طمأنة للمخلفين بانهم سينالون مغانم في غزوات اتية. ليعلموا ان حرمانهم من الخروج الى خيبر حرمان خاص بواقعة معينة ووعدهم الله بالعوض ليزيل عنهم الام الانكسار من جراء الحرمان. وقد تحقق ذلك العوض حين خرجوا الى حنين. وحسن اسلام كثير منهم فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة عليهم. لو علم الله في قلبك رضا ويقينا لافاض عليك من وابل سكينته ما يكفيك. ويفيض على من حولك. واثابهم فتحا قريبا. قال ابن جزي يعني فتح خيبر وقيل فتح مكة والاول اشهر. اي جعل الله ذلك وثوابا لهم على بيعة الرضوان زيادة على ثواب الاخرة وكف ايدي الناس عنكم. كف عنكم مشركي قريش ومنعهم من حربكم بان قذف في قلوبهم الرعب منك وكان هذا نصرا وفتحا بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم اي والذي نفسي بيده انه لفتح واخرى لم تقدروا عليها قد احاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا. ارجح الاقوال انه فتح مكة. لانه ترتب على نقض المشركين لصلح الحديبية. وتم دون قتال يذكر وسلم الله مكة للمسلمين باقل انواع القتال. وهذا دليل قدرته سبحانه والهدي مع كوفا ان يبلغ محله. اي الهدي محبوسا ان يبلغ مكان نحره. وكان الهدي سبعين بدنة. وجعل الله حديبية محل النحر في صحيح مسلم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدن عن سبعة والبقرة عن سبعة. ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم ان انتقوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم. كانوا تسعة نفر سبعة رجال وامرأتين. كانوا في مكة بين كفارها يكتمون اسلامهم والوطء الدوس والمراد به الاهلاك. والمعرة هي المكروه والاذى. والمراد بالمعرة هنا تعيير الكفار للمسلمين بقولهم لقد قتلتم من على دينكم والمعنى لولا كراهة ان تقتلوا اناسا مؤمنين موجودين في مكة بين كفارها لسلطكم الله على مشركي مكة فقتلتهم لو تزينون عنا من الذين كفروا منهم عذابا اليما. اي. لو تميز هؤلاء المؤمنون والمؤمنات الذين يعيشون في مكة عن كفارها وفارقوهم وخرجوا منها لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا اليما. فالمؤمنون هم سبب وقاية اهل مكة من العذاب. لتدخلن المسجد الحرام ان شاء الله. قال الالوشي وفيه تعريض بان وقوع الدخول من مشيئته تعالى لا من جلادتهم وتدبيرهم. سيماهم في وجوههم من اثر السجود السيما العلامة فاثر الخشوع واضح في نور الوجه وحسن السمت. وهذا لا يكون الا بالاخلاص والمداومة والكثرة محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم. قال ابو عروة كنا عند ما لك فذكروا رجلا ينتقص اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ مالك هذه الاية محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم حتى بلغ يعجب الزراع يغيظ بهم الكفار فقال ما لك من اصبح في قلبه غيظ على احد من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد اصابته الاية يا ايها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله. قال السعدي وفي هذا النهي الشديد عن تقديم قول غير الرسول صلى الله عليه وسلم على قوله فانه متى استبانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب اتباعها تقديمها على غيرها كائنا ما كان. لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط ان تحبط اعمالكم وانتم لا تشعرون قدم ركب من بني تميم على النبي صلى الله عليه وسلم. فقال ابو بكر الصديق امر القعقاع بن معبد. وقال عمر بل امر الاقرع ابن حابس فقال ابو بكر ما اردت الا خلافي. فقال عمر ما اردت خلافك فتمارايا حتى ارتفعت اصواتهما فانزل الله هذه الاية يعني ان تحبط اعمالكم وانتم لا تشعرون. نزلت في ابي بكر وعمر وهما المبشران بالجنة فكيف بمن سواهما لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي. لما نزلت هذه الاية بكى ثابت ابن قيس فقيل له ما يبكيك؟ قال انا صيت واتخوف ان تكون هذه الاية نزلت في. قال له صلى الله عليه وسلم اما ترضى ان تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة. قال رضيت ولا ارفع صوتي ابدا على صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومات بعدها شهيدا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت نبي. قيل نزلت في الاقرع بن حابس. حين نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من وراء الحجرات فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الاقرأ ان حمدي زين وان ذمي شين. فقال صلى الله عليه وسلم ذاك الله عز وجل. وفي رواية كذبت ذاك الله اي هو سبحانه الذي مدحه جميل وذمه قبيح. فاذا مدحك الله ارتفع قدرك ولو سخط عليك الناس واذا ذمك فلست جميلا ولو اثنى عليك كل الخلق. اولئك الذين امتحن الله وقلوبهم للتقوى عن التجربة والاختبار اي مرن الله قلوبهم للتقوى. وهي كناية عن صبرهم على التقوى وثباتهم عليها اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى. قال الانوسي اي المراد ضرب الله تعالى قلوبهم بانواع المحن والتكاليف الشاقة لاجل التقوى. اي لتظهر ويعلم انهم متقون. اذ لا تعلم التقوى الا عند المحن والاصطبار عليها وعلى هذا فالاتحاد هو الضرب بالمحن. ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لا يعقلون. قال السعدي ادب العبد عنوان عقله. وان مريد به خيرا ثقوا بنبيا فتبينوا فتبينوا ان تصيبوا قوما فتصبحوا على ما فعلتم نادمين نزلت في الوليد بن عقبة ابن ابي معيط بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ليقبض الزكاة من الحارث ابن ابي ذر الخزاعي فرجع من منتصف الطريق واتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا له ان الحارث منعني الزكاة واراد قتلي وكان كاذبا نزل قول الله تعالى يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق فتبينوا وفي قراءة فتثبتوا فلا يترك احد التثبت من الاخبار الا دتب فتبينوا في صحيح مسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كفى بالمرء كذبا ان يحدث بكل ما سمع وفي حديث المغيرة بن شعبة المتفق عليه وكره لكم قيل وقال انما المؤمنون اخوة على قدر الايمان ان تكون الاخوة. ولذا قال صلى الله عليه وسلم ما تحاب اثنان في الله تعالى الا كان افضلهما اشدهما حبا لصاحبه يا ايها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم قال عبدالله بن مسعود البلاء موكل بالقول. لو سخرت من كلب لخشيت ان احول كلبة الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ابن زيد لا يسخر من ستر الله عليه ذنوبه ممن كشفه الله فلعل اظهار ذنوبه في الدنيا خير له في الاخرة ومن لم يتب فاولئك هم الظالمون. الناس بموجب هذه الاية فريقان تائب خالد ولا ثالث لهما. ولا تنابزوا بالالقاب. قال ابن عباس التنابز بالالقاب ان يكون الرجل عمل سيئات ثم تاب منها وراجع الحق فنهى الله تعالى ان يعير بما سلف من عمله قال الالوسي ويشترط في حرمة هذا ان يكون المظنون به ممن شوهد منه التستر والصلاح واونست منه الامانة واما من يتعاطى الريب والمجاهرة بالخبائث كالدخول والخروج الى حنات الخمر وصحبة الغواني الفاجرات وادمان النظر الى البرج فلا يحرم ظن السوء فيه ولا يتجسسوا وقرأ الحسن وابن سيرين ولا تحسسوا. قيل التجسس بالجيم تتبع الظواهر وبالحاء تتبع البواطن. ولا وقال صلى الله عليه وسلم اتدرون ما الغيبة؟ قالوا الله ورسوله اعلم. قال ذكرك اخاك بما يكره. قيل افرأيت لو وكان في اخي ما اقول قال ان كان فيه ما تقول فقد اغتبته وان لم يكن فيه ما تقول فقد بهته. ولا يعتب بعضكم بعضا مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال انهما ليعذبان وما يعذبان في كبير. اما احدهما فيعذب في البول واما الاخر فيعذب في الغيبة. ولذا قال قتادة ذكر لنا ان عذاب القبر ثلاثة اثلاث ثلث من الغيبة وثلث من النميمة وثلث من البول ولا يتبعكم بعضا. قال الغزالي والغيبة هي الصاعقة المهلكة للطاعات ومثل من يغتاب كمن ينصب منجنيقا فهو يرمي به حسناته شرقا وغربا ويمينا وشمالا. ولا يهتم كان عمر بن عبدالعزيز اذا ذكر عنده رجل بفضل او صلاح قال كيف هو اذا ذكر عنده فان قالوا انه يتنقصهم وينال منهم. قال عمر ليس هو كما تقولون عن عائشة رضي الله عنها قالت قلت للنبي صلى الله عليه وسلم حسبك من صفية كذا وكذا. فقال صلى الله عليه وسلم لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته اعداء مزجته اي خالطته مخالطة يتغير بها طعم البحر كله او ريحه لشدة قبحها اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم. ولا تنسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا. قال جاء الامر اولا باجتناب الطريق التي لا تؤدي الى العلم وهو الظن ثم نهى ثانيا عن طلب تحقيق ذلك الظن ليصير علما بقوله ولا تجسسوا. ثم نهى ثالثا عن ذكر ذلك اذا فهذه الامور الثلاثة مترتبة. ظن فعلم بالتجسس فاغتياب ان بعض الظن اثم. قال مقاتل فيه وجهان. احدهما يعني ظن السوء. الثاني ان يتكلم بما ظن فيكون اثما فان لم يتكلم به لم يكن اثما. قال والقرآن المجيد ايه ده عن ام هشام بنت حارثة قالت ما اخذت قاف والقرآن المجيد الا على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان يقرأها كل اليوم جمعة اذا خطب الناس قال ابن كثير والقصد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهذه السورة في المجامع الكبار كالعيد والجمع لاشتمالها على ارتداء الخلق والبعث والنشور والمعادي والقيام والحساب والجنة والنار والثواب والعقاب. والترغيب والترهيب قاف والقرآن المجيد قال الرزي هذه السورة تقرأ في صلاة العيد لقوله تعالى فيها ذلك يوم الخروج. وقوله تعالى كذلك الخروج. وقوله تعالى ذلك حشر علينا يسير. فان عيد يوم الزنا فينبغي الا ينسى الانسان خروجه الى عرصات الحساب ولا يكون في ذلك اليوم فخورا فرحا ولا يرتكب فسقا ولا فجورا. اإذا متنا وكنا تراما ذلك رجل بعيد. من الغباء ان يقال احد عجزه بالعظمة الالهية. قال قتادة في هذه الاية من ترك الحق مرج عليه امره والتبس عليه دينه. من خشي الرحمن بالغيب. لا تر بسعة رحمة الله واجمع في قلبك مع رجاء الرحمة جرعة خشية خطيب عتيد. قال ابن عمر رضي الله عنه ان احق ما طهر الرجل لسانه الا لديه رقيب عتيد. قال ابن القيم وفي اللسان افتان عظيمتان ان خرس العبد من احداهما لم يخرس من الأخرى افة الكلام وآفة السكوت. وقد يكون كل منهما اعظم اثما من الاخرى في وقتها. فالساكنة عن الحق شيطان اخرس عاص لله مرائد مداهد اذا لم يخف على نفسه والمتكلم بالباطل طعن ناطق عاص لله. وجاءت سكرة الموت بالحق. ذلك ما كنت منه تحيد في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم لما تغشاه الموت كان يمسح العرق عن جبينه صلى الله عليه وسلم قل ان للموت لسكرات. وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيدا والصديق رضي الله عنه لما رأت عائشة سكرات الموت عليه ارادت ان تسليه فامتثلت قول حاتم لعمرك ما يؤذي فرأوا عن الفتى اذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر فقال لها الصديق وهو في السكرات يا بنية لا تقولي هذا ولكن قولي كما قال الله وجاءت سكرة الموت بالحق. ذلك ما كنت منه تحيد استعيرت السكرة للشدة ووجه الشبه بينهما ان كلاهما يذهب العقل ويجوز ان يشبه الموت بالشراب كما قال الشاعر الموت كأس وكل الناس شاربه. وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ايه ده! قال ابن كثير ملك يسوقه الى المحشر وملك يشهد عليه باعماله. هذا ما توعدون بكل اوى من حفيظ من خشي الرحمن من الريب وجاء بقلب مدين ما الفارق بين التائب والمنيب والاواب. قال ابن علان من رجا عن المخالفات خوفا من عذاب الله فهو تائب. ومن رجع حياء فهو منيب ومن رجع تعظيما لجلال الله سبحانه فهو اواب. يخفف عنه من افك اي يصرف عن القرآن من صرفه الله عقوبة له على ذنوبه. وبسبب اعراضه عن ربه. كانوا قليلا من بما يهجعون. قال الحسن كابدوا قيام الليل لا ينامون منه الا قليلا. وعن عبد الله ابن رواحة هجعوا قليلا ثم قاموا. كانوا قليلا من الليل ما ارجعون قال الامام الرازي سيرة كريم ان يأتي بابلغ وجوه الكرم ويستقله ويعتذر من التقصير. واللئيم يأتي بالقليل ويستكفره ويمن به. كانوا قليلا من الليل ما يهجعون. لما مدحهم بقلة الهجوع؟ مع ان السهر هو الاجتهاد. قال الامام الرازي وهذا اشارة الى ان نومهم عبادة حيث مدحهم الله بكونهم راجعين قليلا. وذلك الهجوم اورثه الاشتغال بعبادة اخرى. والاستغفار بالاسحار ومنعهم من الاعجاب بانفسهم. وفي السماء اي رزقكم اي لا يشغلكم طلب الرزق عن عبادتي. في الحديث القدسي يقول الله تعالى يا ابن ادم تفرغ لعبادة ام لا صدرك غنى واشد فقرك. وان لم تفعل ملأت صدرك شغلا ولم اسد فقرك انه لحق مثل ما انكم تنطقون قال البغوي كما ان كل انسان ينطق بلسان نفسه لا يمكنه ان ينطق بلسان غيره فكذلك كل انسان يأكل رزق نفسه الذي قسم له ولا يقدر ان يأكل رزق غيره. فاخذناه وجنوده فنبذناهم في قال ابن عباس المنيب هو المسيء المذنب واستشهد بقول امية ابن ابي الصلت بريء من الافات ليس لها باهل ولكن المسيء هو الموليم. فاخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وهو مليم. قال صاحب الكشاف فان قلت كيف وصف نبي الله يونس بما وصف به فرعون في قوله فالتقمه الحوت وهو مليم قلت موجبات اللوم تختلف. وعلى حسب اختلافها تختلف مقادير لو فراتب الكبيرة ملوم على مقدارها. وكذلك مقترف الصغيرة. الا ترى الى قوله تعالى وعصوا رسوله؟ وقوله ادم ربه فغوى لان الكبيرة والصغيرة يجمعهما اسم العصيان كما يجمعهما اسم القبيح والسيئة مال القرآن نحياه بالخير والسرور في حفظه النجاة امين شفاء