ما القرآن نحيا بالخير والسرور في حفظه النجاة اصادوا تدبر الجزء السابع والعشرين من سورة الذاريات الاية الواحدة والثلاثين الى سورة الحديد الاية التاسعة والعشرين ففروا الى الله اني لكم منه نذير مبين. فرار السعداء اليه وفرار الاشقياء منه ففروا الى الله. قال السعدي سمى الله الرجوع اليه فرارا. لان في الرجوع لغيره انواع المخاوف والمكاره وفي الرجوع اليه انواع المحاب والامن ففروا الى الله. لما امرنا بالفرار لان المخاوف كثيرة اهواء وشهوات وفتن ومغريات وشياطين انس وجن. وصوارف عن الله وعقبات فكلما تكالبت علينا وجب الاسراع بالفرار اليه اتواصوا به بل هم قوم طاعون. تآخي المنافقين على اختلاف مواقعهم في الدول المختلفة مذهل وتطابق مواقفهم عجيب. وكأنهم يستقون من نبع واحد واردهم الشيطان وبضاعتهم العصيان اتواصوا به وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين. الانتفاع بالتذكرة مؤشر على قوة ايمانك. وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. اعرف رسالتك في الحياة. والمهمة التي خلقك الله من اجلها. بل وخلق لك ما يعينك عليها. في الحديث ان الله قال انا انزلنا المال لاقام الصلاة وايتاء الزكاة ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعمون في الاية نفيان متدرجان يفيدان تمام غناه عز وجل كأنه قال لا اطلب منهم رزقا ولا ما هو دون ذلك هو تقديم الطعام بين يدي السيد في رق منشور. والرق ما يكتب فيه. وهو جلد رقيق. فليس المهم فخامة الاوراق بل فيها من كلمات في رق منشور. هل ساهمت في نشره لتنال هذا الشرف والبيت المعمور في الحديث الصحيح البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون الف ملك ثم لا يعودون اليه حتى تقوم الساعة ان عذاب ربك لواقع سمع عمر يقرأ والطور الى قوله ان عذاب ربك لواقع فاستند الى جدار ثم عاد الى بيته يعود الناس شهرا مما الم به ما له من دافع. قال جبير بن مطعم رضي الله عنه قدمت المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ليكلمه في اسارى بدر وكان كافرا. فجئت اليه وهو يصلي باصحابه صلاة المغرب فسمعته يقرأ والطور الى ان عذاب ربك لواقع. ما له من دافع فكأنما صدع قلبي فاسلمت خوفا من نزول العذاب. يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا احداث هائلة واهوال مفزعة حركت هذه الاجرام العظيمة من مكانها فكيف باثرها على الانسان الضعيف السماء مهرا وتسير الجبال سيرا. والاتيان بالمصدرين هدفه توضيح غرابتهما وخروجهما عن الحدود المعروفة اي نورا عجيبا وسيرا غريبا لا يعرف احد كونهما فاكهين بما اتاهم ربهم اي متلذذين بما في ايدينا من خيرات مأخوذ من الفكاهة وهي طيب العيش والسرور مع النشاط. وسميت الفاكهة بهذا الاسم لتلذذ الانسان بها. متكئين على ان مصفوفة. الراحة بعد التعب. والنعيم بعد الشقاء وانتهاء التعب والشقاء الى غير رجعة والذين امنوا واتبعتهم ذريتهم ايمانا الحقنا بهم ذريتهم. عاطفة الممتدة. قال الامام الرازي شفقة الابوة كما هي في الدنيا متوفرة كذلك في الاخرة. ولهذا طيب الله تعالى عباده بانه لا يولههم باولادهم بل يجمع بينهم. والذين امنوا واتبعتهم ذريتهم ايمان الحقنا بهم ذريتهم وما من عملهم من شيء قال ابن عباس رضي الله عنه ان الله يرفع ذرية المؤمن معه في درجته في الجنة وان كانوا دونه في العمل ثم قرأ والذين امنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان الحقنا بهم ذريتهم وما التناهم. يقول وما نقصناهم كل امرء بما كسب رهين. قال الزمخشي كأن نفس العبد رهن عند الله بالعمل الصالح الذي هو مطالب به كما يرهن الرجل عبده بدين عليه. فان عمل صالحا فكها وخلصها. والا اوبقها يتنازعون فيها كأسا اي يتناولها بعضهم من بعض وهو المؤمن وزوجاته وخدمه في الجنة. والكأس اناء الخمر وكل اناء مملوء من شراب وغيره. فاذا فرغ لم يسمى كأسا لا اله فيها ولا تافين. قال ابن عطاء اي لغو يكون في مجلس محله جنة عدن. وسقاتهم الملائكة وشربهم على ذكر الله وريحانهم وتحيتهم من عند الله والقوم اضياف الله. ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لو امك نون. اذا كان الخادم كاللؤلؤ فكيف يكون المخضوع من قبل ندعوه. دعاؤهم كان سببا في نجاتهم من كربات يوم القيامة فكيف لا يكون سببا في كشف كربات الدنيا؟ انا كنا من قبل ندعوه انه هو البر الرحيم. استرجاع ذكرياتنا مع الصالحين في الدنيا هي بعض نعيم الجنة. انه هو البر الرحيم. قال ابن عباس الصادق فيما وعد وهذا لائق بما دعا به اهل الجنة. فقد نادوا الله بهذا الاسم بعد ان رأوا ما وعدهم الله به واقعا في الجنة كنا قبل فيه اهلنا مشفقين. الخوف الذي يعتلي قلبك في الدنيا هو سبب نجاتك ففي الاخرة عذاب النار النافذة في المسام نفوذ السموم وهي الريح الحارة المعروفة وهو ابلغ في الالم لان كل خلية في الجسد ستتعذب انا كنا قبل في اهلنا مشفقين. قال ابراهيم التيمي ينبغي لمن لا يشفق ان يخاف الا يكون من اهل الجنة لانهم قالوا انا كنا قبل في اهلنا مشفقين. ام يقولون شاعر به ريم المنون كل ريب في القرآن فهو شك الا مكانا واحدا في سورة الطور وهو ريب المنون يعني حوادث الدهر. واصمي لحكم لربك فانك باعيننا قال ابن عطية هذه الاية يجب ان يقررها كل مؤمن في نفسه فانها تفسح مضايق الدنيا انت بمرأى ومسمع منا فنحن نرى ونسمع كل ما نزل بك لست وحدك وقالوا في جمع العين هدى وافراده في سورة طه ولتصنع على عيني مع موسى عليه السلام الى ان فائدة الجمع الدلالة على المبالغة في الحفظ. كأن معه من الله تعالى احفاظا يكلأونه باعينهم وذلك لتصبير الحبيب على المكائد ومشاق التكاليف والطاعات. فناسب الجمع لانها افعال فيرا كل منها يحتاج الى حراسة منه عز وجل ذب الله عن نبيه فمتى نذب عنه نحن ما ضل صاحبكم وما غوى. قال ابن عطية والضلال ابدا يكون من غير قصد من الانسان اليه. والغي كان انه شيء يكتسبه الانسان ويريده. نفى الله تعالى عن نبيه هذين الحالين. وما ينطق عن الهوى اتهم عقلك قبل ان تعترض على نص شرعي قطعي ان هو الا وحي يوحى علمه شديد القوى. تعريف الهوى باختصار هو مخالفة الوحي. ذو مرض فاستوى. هي صفة من صفات جبريل عليه السلام والمرة تطلق على قوة الذات وحصافة العقل ورجاحته وهذه لابد ان تكون من صفات كل داعية. الذي دنا وتدلى هو جبريل. اي اقترب من صلى الله عليه وسلم ليوحي اليه. ثم كن الله عن قرب جبريل من نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله فكان قاب قوسين او ادنى ولقد رآه نزلة اخرى رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام على صورته الملائكية التي خلقه الله عليها في رحلة الاسراء والمعراج. عند سدرة المنتهى رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عند هذا المكان المسمى سدرة المنتهى لانتهاء علوم الخلائق عنده. وهو مكان في السماء السابعة لا اعلموا ما وراءه الا الله. تلك اذا قسمة اي جائرة وكلمة اغرب كلمة في القرآن. وجاءت غريبة لتعبر عن القسمة الغريبة التي قسمها الكفار بينهم وبين من الله في شأن الملائكة الكم الذكر وله الانثى وهذا تناظر جميل في اللغة. كما قال الرافعي في اعجاز القرآن هذه الكلمة غريبة في لفظها وغريبة في معناها وغريبة في نطقها وغريبة في صوتها فجمعت اربع غرائب في باربعة حروف ان هي الا اسماء سميتموها انتم ابائكم انزل الله بها من سلطان. الاسماء والاوصاف والالقاب الكاذبة لا تغير الحقائق ولا اجعلوا الحرام حلالا. وفي الحديث ليشربن اناس من امتي الخمر يسمونها بغير اسمها فلله الاخرة والاولى. اذا تمنيت شيئا من خيري الدنيا والاخرة فسل الذي يملكهما اغتنمون كبائر الاثم والفواحش الا اللمم. قال ابن عباس هو الرجل يلم بذنب ثم يتوب. الم تسمع النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ان يغفر الله يغفر جمه واي يعدل لك ما الم الذين تنمون كما ارى الاثم والفواحش الا اللمم. ليس المقصود هنا فتح الباب لارتكاب الصغائر بل فتح باب التوبة منها حتى لا ييأس مرتكب الصغائر من رحمة الله فيمضي قدما في ارتكابها فتجره الى كبائر وحتى لا يعامل مرتكب الصغيرة معاملة مرتكبي الكبائر. فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى. لا تتكلم عن نفسك فليست العبرة بما تقول وانما بما تعمل فلا تزكون انفسكم هو اعلم بمن اتقى. في الحديث لا تزكوا انفسكم الله اعلم باهل البر منكم سموها زينب قال ذلك ينهى عن اسمي برة واوصى ان تسمى بدلا منه باسم زينب. افرأيت الذي ولى واعطى قليلا واكدى. نزلت في الوليد بن المغيرة كان قد سمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم. فهم ان يسلم كتبه رجل من المشركين وقال اتترك ملة ابائك؟ ارجع الى دينك. وانا اتحمل عنك كل شيء تخافه في الاخرة لكن على ان تعطيني كذا وكذا من المال. فوافقه الوليد على ذلك ورجع عن الاسلام واعطى بعض ما له لذلك الرجل ثم امسك عن الباقي وبخل به فانزل الله تعالى هذه الايات. واعطى قليلا واكدا قال ابن عباس واكد اي كدره بمنه. وابراهيم الذي وفاه. من الذي يمدح هنا ومن يطيق هذا المدح وفى في كل ما امره الله به. فابراهيم عليه السلام قدوتنا في اتقان العمل واتمامه على اكمل وجه حتى يمدحه الله عليه الا تزن وازرة وزر اخرى. القرآن يعلمنا الانصاف اخرى دخل رجل على الحجاج مقيدا يشكو انه يعاقب بعصيان عاص من عشيرته فاجابه الحجاج مبررا الفعل شعرا ولرب مأخوذ بذنب عشيرة ومجى المقارف صاحب الذنب. فقال الرجل اصلح الله الامير لكني سمعت الله عز وجل يقول قال معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده انا اذا لظالمون. فقال الحجاج فكوا قيده واعيدوا له ما اخذتموه ومنه ومر مناديا ينادي صدق الله وكذب الشاعر. وان سعيه سوف يرى. سعيك سوف فيرى في الغد فما الداعي للرياء اليوم؟ الضحك والبكاء مسائل قسرية لا اخم لاحد من البشر فيها. هم فقط اسباب والله هو مسبب الاسباب وسيهلك عالم الثانية والثالثة وكل من سلك سلوك عاد في الظلم والاجرام سيهلكه الله كما اهلك عادا وانتم سامدون. قال ابن عباس السمود اللهو والباطل. وقيل السمود الغناء لغة حمير ومنه قول بعضهم لجاريته اسم ديننا اي غني لنا. الرحمن علم قرآن الى كل مرب او معلم لن تكون ناجحا حتى تكون رحيما. وتأمل كيف قدم الله الرحمة على التعليم. علم القرآن. خلق النعم قسمان. نعمة خلق وايجاد ونعمة هداية وارشاد ونعمة الهداية والارشاد اعظم من نعمة الخلق والايجاد لذا بدأ بها. الا او في الميزان. ثم قال ولا تخسروا الميزان. والطغيان الزيادة اذا كان الكيل لهم النقصان اذا كان الكيل لغيرهم عدالة الاسلام مطلقة تكرارها احدى وثلاثين مرة في السورة نفسها من باب تقرير النعم والتذكير بها. قال صلى الله عليه وسلم لقد قرأت يعني سورة الرحمن على الجن ليلة الجن فكانوا احسن مردودا منكم كنت كلما اتيت على قوله فباي ربكما تكذبان قالوا ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد. كل يوم هو في شأن يوم شأن وغدا شأن اخر. كل يوم هو في شأن. قال عبيد بن عمير يجيب داعيا ويعطي سائلا او يفك عاليا او يشفي سقيما. سين الفراغ لا يكون الا عن شغل والله تعالى لا يشغله شأن عن شأن. جيم هذا وعيد من الله لعباده. وليس بالله شغل يشغله حاشاه ترسل عليكم اشواه من نار ونحاس فلا تنتصرا هو اللهب الذي لا يخالطه دخان. والنحاس هو الدخان الذي لا لهب معه. والمعنى انتم لا تستطيعون الهرب من قبضتنا بحال من الاحوال ولو حاولتم الهروب لارسلنا عليكم لهبا يحرقكم ودخانا يخنقكم. وفي هذه الحالة لا تنتصران. فيومئذ ايسأل عن عذابه انس ولا وقال في موضع اخر وقفوهم انهم كيف نفى السؤال واثبته؟ والجواب السؤال قسمان قسم اثبته الله وقسم نفاه الله. فالذي اثبته الله هو سؤال التقريع والتوبيخ. اي لما فعلتم هذا والذي نفاه كما في سورة الرحمن هو سؤال الاستعلام والاستفهام. يعرف المجرمون بسيماهم المجرم يعرفه كل كل احد يوم القيامة بسيماه فلا يحتاج الى تمييز او تعريف. فيؤخذ من نواصي والاقدام. قال ابن بس تأخذ الزبانية بناصيته وقدميه ويجمع فيكسر كما يكسر الحطب في التنور. ولمن خاف ما قام ربه جنتان. قال سهل الدستوري هم بمعصية ثم ذكر مقامه بين يدي الله تعالى يوم الحساب فانتهى عنها ولمن خاف مقام ربه جنتان. قال النبي صلى الله عليه وسلم جنتان من ذهب انيتهما وما فيهما. وجنتان من فضة انيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين ان ينظروا الى الله الا رداء الكبرياء على وجهه سبحانه وتعالى متكئين على فرش بقاء ومن استبرق وجد الجنتين دان. اتكاء اهل الجنة لا يباعدهم عن ثمري شجر هدان اليهم ليلتقطوه بافواههم دون الحاجة الى الاعتدال من جلستهم. فيهن ان قاصرات الطرف لم يطمثهن انس قبلهم ولام الى ان قال قدم العفاف على صفة الجمال فلا قيمة لجمال المرأة بغير عفاف. فيهن قاصرات الطرف اي غاضات الابصار عن غير ازواجهن. فمن قصر طرفه في الدنيا عن الحرام اعطاه الله قاصرات الطرف كما وعد في الجنان ومن دونهما جنتان. تتفاوت درجات العباد في الجنة بحسب تفاوت هممهم في الدنيا ما دونهما جنتان. يعني اقل منهما. لكن لانه ليس في الجنة ما يسمى اقل. فاستعاظ بذلك بقوله ومن دونهما. في الاولى قال فيهما من كل فاكهة زوجان وفي الثانية قال فيهما فاكهة ونخل ورمان في الاولى اطلق خيالك وفي الثانية قيده وبينهما من فارق النعيم ما لا يخفى اذا وقعت الواقعة قال النبي صلى الله عليه وسلم شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعما يتساءلون واذا الشمس كورت قال جابر بن عبدالله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصلوات كنحو من صلاتكم التي تصلون اليوم ولكنه كان يخفف كانت صلاته اخف من صلاتكم. وكان يقرأ في الفجر الواقعة ونحوها من السور. خافضة الرافعة. قال محمد بن كعب تخفض رجالا كانوا في الدنيا مرتفعين. وترفع رجالا كانوا في الدنيا مخفوضين اولئك المقربون. ولم يقل المتقربين. حتى يفهم فما هم فيه من فضل من الله تعالى وليس شيئا حصلوا عليه بانفسهم. والسابقون السابقون اولئك اي السابقون للخيرات مقربون في الدرجات. السرعة هنا ارتقاء هناك هربا اترابا عربا اي محببات الى ازواجهن. قال المبرد هي العاشقة لزوجها واترابا يعني كلهن ان على سن واحدة وظل من يحموم. غاية البشاعة والرعب ان يكون الظل الذي يأوي اليه المتعبون لهيبا يشوي الوجوه اجانبون شرب الهيم. الهيم الابل تصاب بداء تشرب منه فلا ترتوي. وتتعذب فلا تموت ولا تستريح شبه اهل النار بها وهو احط تشبيه لو نشاء جعلناه جاجا فلولا تشكرون. كان بعض الصالحين يدعو مع شرب الماء العذب. الحمد الله الذي جعله عذبا فراتا برحمته ولم يجعله ملحا اجاجا بذنوبنا افرأيتم النار التي تورون. ما اسهل تحويل الاستمتاع بالدفء الى عبادة بنية صالحة ومتاعا للمقوين للمقوين اي للمسافرين قال ابن القيم وخص المقوين بالذكر وان كانت منفعتها عامة للمسافرين والمقيمين تنبيها لعباده والله اعلم بمراده من كلامه على انهم كلهم مسافرون. وانهم في هذه الدار على جناح سفر ليسوا هم مقيمين ولا مستوطنين وانهم عابروا سبيل وابناء سفر نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقويين. قال الرازي قدم كونها تذكرة على كونها متاعا ليعلم ان الفائدة الاخروية اتم وبالذكر اهم فلا اقسم بمواقع نجوم فلا اقسم بمعنى اقسم ولا للتأكيد على عادة العرب في كلامهم انهم اذا اقسموا على اثبات امر واضح قالوا لا اقسم اي لا يحتاج الى قسم. لا يمسهم مطهرون. قال ابن تيمية فاذا كان ورقه لا يمسه الا المطهرون فمعانيه لا يهتدي بها الا القلوب الطاهرة لا يمسه الا المطهرون اكثرنا فهما لكلام الله اطهرنا قلبا وريحان وجنة نعيم. قال ابو العالية لم يكن احد من المقربين يفارق الدنيا حتى بغصن من ريحان الجنة فيشمه ثم يقبض. سبح لله ما في السماوات والارض كل ما حولك من الجمادات ومن حولك من الاحياء يسبح تناغم مع الكون وسبح سبح لله ما في السماوات والارض. خمس سور في القرآن بدأت بتسبيح الجمادات. تعظيما لله. فاذا كان في حق الجمادات ولا تكليف فكيف بالاحياء المكلفين ماذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله اجر كريم قال ابن القيم وحيث جاء هذا القرض في القرآن قيده بكونه حسنا وذلك يجمع امورا ثلاثة. احدها ان يكون من طيب ما له لا من رديئه وخبيثه. الثاني ان يخرجه طيبة به نفسه ثابتة عند بذله ابتغاء مرضات الله. الثالث الا يمن به ولا ذي احدا. فالاول يتعلق بالمال والثاني يتعلق بالمنفق بينه وبين الله. والثالث بينه وبين الاخذ والمؤمنات يسعى نورهم بين ايديهم وبأيمانهم. قال ابن مسعود يؤتون نورهم على قدر اعمالهم فمنهم ومن يؤتى نوره كالنخلة ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم. ومنهم ادناهم نورا من نوره اعلى ابهامه فيطفئ مرة ويوقد مرة ينادونهم الم نكن معكم فتنتم وانفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الاماني حتى حتى جاء امر وغركم بالله الغرور. قال ابن عاشور وذكروا لهم اصول اربعة هي اسباب الخسران وهي فتنة انفسهم والتربص بالمؤمنين والارتياب في صدق الرسول صلى الله عليه وسلم والاغترار ما زينته اليهم انفسهم. فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا كل شيء يمكن تعويضه اذا فات الايمان وصدق من قال اليوم يقبل منك مثقال ذرة. وغدا لن يقبل منك ملء الارض ذهبا. فطال عليهم امل فقست قلوبهم. كلما قال البعد عن القرآن قسى قلب العبد. ولين القلب بكثرة تعاهد القرآن. اعلموا وان الله يحيي الارض بعد موتها. هذا تمثيل رائع. فالقلوب التي ماتت بسبب القساوة ممكن احياؤها بالمواظبة على الذكر كما يحيي الله تعالى الارض بالمطر. اعلموا انما الحياة الدنيا وله وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر. قال ابن عاشور وقد ذكر هنا من شؤون الحياة ما هو الغالب على الناس وهي اصول احوال المجتمع في الحياة. وهي ايضا اصول اطوار احاد الناس في تطور كل واحد منهم فان اللعب طور سن الطفولة والصلة. واللهو طور الشباب والزينة طور الفتوة والتفاخر طور الكهولة والتكاثر طور الشيخوخة وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور. قال القشيري الدنيا حقيرة واحقر منها قدرا طالبها واقل منه خطرا المزاحم فيها. فما هي الا جيفة. وطالب الجيفة ليس له خطر. واخس اهل دنيا من بخل بها وهذه الدنيا المذمومة هي التي تشغل العبد عن الاخرة اعجب الكفار نباته. الكفار هنا الزراع الذين يزرعون الارض. ويبذرون فيها البذور وشموا كفارا من الكفر معنى الستر والاخفاء لانهم يخفون البذور في باطن الارض. ما اصاب من مصيبة في الارض في انفسكم الا في كتاب. قال ابن عباس لما خلق الله القلم قال له اكتب فكتب ما هو كائن الى يوم القيامة كلمة لوم ليس لها وجود في قاموس المؤمن لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما اتاكم تساؤل مشروع. قال ابن جزي فان قيل ان الانسان لا يملك نفسه ان يفرح بالخير ويحزن للشر. فالجواب ان النهي عن الفرح انما هو الذي ان يقودوا الى الكبر والطغيان وعن الحزن الذي يخرج عن الصبر والتسليم. وانزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس. قال ابن كثير وجعلنا الحديد رادعا لمن ابى الحق. وعانده بعد قيام الحجة عليه. ولهذا اقام الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث عشرة سنة. تنزل عليه السور المكية لبيان ان دين الله حق. فلما قامت الحجة على من خالف شرع الله القتال بعد الهجرة حماية للحق للناس قال الامام الفخر الرازي ثم ان الحديد لما كانت الحاجة اليه شديدة جعله الله سهل الوجدان كثير الوجود والذهب لما حاجة الناس اليه قليلة جعله الله تعالى عزيز الوجود وبهذا تتجلى رحمة الله على عباده فان كل شيء كانت حاجتهم اليه اكثر جعل الحصول عليه ايسر. وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب. المراد به علم الظهور الذي يترتب عليه الثواب او العقاب. اما علم انه سيكون فهذا معلوم منذ الازل. هذا من تمام عدل الله الا يعاقب عباده الا بما ظهر منهم ما كتبناها عليهم الا بابتغاء رضوان الله. قال الامام الالوسي وقوله الا ابتغاء رضوان الله ثناء منقطع اي ما فرضناها نحن عليهم رأسا ولكن ابتدعوها والزموا بها انفسهم ابتغاء رضوان الله فما رأوها حق رعايتها ابتدعوها من اجل ان يرضى الله عنهم. ولكن بمرور الايام لم يحافظ كثير من انهم على ما تقتضيه هذه الرهبانية من زهد وتقى بل صارت طقوسا خالية من الروح يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وامنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته. ذكر ابن كثير انه لما افتخر اهل الكتاب بانهم يؤتون اجرهم مرتين. انزل الله هذه الاية في حق هذه الامة. واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم انما اجلكم فيما خلا من الامم كما بين صلاة العصر الى مغارب الشمس. وانما مثلكم ومثل اليهود والنصارى كمثل رجل استأجر اجراء فقال من يعمل من غدوة الى نصف النهار على قيراط قيراط. فعملت اليهود ثم قال من يعمل الو من نصف النهار الى صلاة العصر على قيراط قيراط عملت النصارى. ثم قال من يعمل من العصر الى ان تغيب الشمس على قيراطين قيراطين فانتم هم فغضبت اليهود والنصارى وقالوا ما لنا اكثر عملا واقل عطاء قال هل ظلمتكم من حقكم شيئا؟ قالوا لا. قال فذلك فضلي اوتيه من اشاء تكم كفلين من رحمته ثمرة التقوى رائعة. قال القرطبي واصل الكفر كساء يكتفل به الراكب فيحفظه من السقوط اي يؤتكم نصيبين يحفظانكم من هلكة المعاصي كما يحفظ الكفل الراكب من السقوط ما القرآن نحيا بالخير والسرور في حفظه وايوم العظيم شفاء